المشاكل المترتبة عن شرط الاستئثار الجغرافي

هذه المشاكل تتجلى في غياب شرط الاستئثار الجغرافي التبادلي (أولا) والبيع عن بعد وشرط الاستئثار الجغرافي (ثانيا) وشرط الاستئثار الجغرافي وتعديل المنطقة المحددة في العقد (ثالثا).

أولا- غياب شرط الاستئثار الجغرافي التبادلي
أمام ما يمكن أن يحصل للمرخص له من أضرار ومشاكل إزاء غياب هذا الشرط التبادلي لا يبقى معه إلا الإلحاح على ضرورة النص عليه ضمن مقتضيات العقد، إذ من غير المعقول أن يفرض على المرخص له تقييد ممارسته داخل حدود معينة ثم تمنح تراخيص أخرى داخل نفس المنطقة تزيد من حدة المنافسة التي قد تصبح شرسة، والتي ستعصف لا محالة بالهدف الأساسي للترخيص التجاري المتمثل في تحقيق التعاون والانسجام بين أعضاء الشبكة والذي لا يمكنه أن ينمو أبدا في جو مشحون بالصراع والمنافسة القوية.

ولعل هذا السبب هو الذي جعل القضاء الفرنسي يتجه في إحدى قراراته إلى منع المرخص من منح ترخيص جديد في نفس منطقة المرخص له الأول رغم غياب شرط الاستئثار الجغرافي في العقد، وذلك تطبيقا لمبدأ حسن النية الذي ينبغي أن يسود العقود ومن أجل ضمان نجاح المرخص له[1].

إلا أنه مع ذلك فالمرخص يحتفظ لنفسه بالحق في القيام ببيع السلع والبضائع المتعلقة بنشاط الترخيص التجاري بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ذلك بالاعتماد على أساليب متعددة[2]، وعلى الرغم من تضمين بعض العقود لالتزام المرخص بعدم منح ترخيص إلى الغير في المنطقة المحددة للمرخص له، أو فتح مؤسسات أو فروع مستقلة، فإنه مع ذلك يحتفظ لنفسه بالحق في القيام ببيع السلع والبضائع المتعلقة بنشاط الترخيص التجاري بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
إذن كيف يمكن للمرخص له أن يمارس نشاطه في ظل هذه الأساليب ومدى تأثيرها عليه؟.

ثانيا- البيع عن بعد وشرط الاستئثار الجغرافي
ترتب عن تطور وسائل وتقنيات البيع عن بعد بشتى أشكاله سواء عن طريق الهاتف أو وسائل الإشهار المختلفة، قيام الشركات المرخصة بتخصيص عروض من أجل جلب الزبناء، كما تقوم بذلك شبكة yves rocher بفرنسا[3]، عن طريق البيع بالمراسلة وبأثمنة جد مناسبة على خلاف ما هو عليه الأمر في المغرب. وهذا يؤثر سلبا على المرخص له، إذ أن الزبون سيفضل التعامل مع الشركة المرخصة عن طريق المراسلة والاستفادة من سياسة التحفيضات، التي تقدمها دوريا وكل ما يتعلق بالامتيازات الإضافية كالحصول على الهدايا وغيرها، أكثر من ذلك فإن المرخص له إذا ما أراد جلب الزبناء، فإنه يجد نفسه مقيدا بضرورة الحصول على إذن مسبق من المرخص مع تقييده بفترة زمنية محددة من قبل هذا الأخير. وللحد من المشاكل المترتبة عن وسائل البيع عن بعد، وتلك المتعلقة بتزاحم عدد من المرخص لهم في نفس المنطقة الجغرافية، يجب النص ضمن العقد على شرط الاستئثار الجغرافي المتبادل.

ثالثا- شرط الاستئثار الجغرافي وتعديل المنطقة المحددة في العقد
نظرا للتطور السريع الذي يعرفه ميدان المعاملات الاقتصادية بصفة عامة والتجارية بصفة خاصة، وبفعل تزايد سكان منطقة معينة تزداد الحاجة إلى السلع والخدمات، بالتالي يجد المرخص له نفسه غير قادر على تلبية جميع حاجيات وطلبات الزبناء، إذ يجب عليه فتح نقط جديدة للبيع مع الزيادة في وحدات البيع التابعة له، وتمديدها على صعيد المنطقة المحددة في العقد، حتى يتمكن من تلبية حاجات الزبناء، ذلك في الحالة التي يرى نفسه أنه سيحقق النجاح في خلق استثمارات إضافية. لكن التساؤل المطروح هو في الحالة التي لا يستطيع فيها المرخص له بالقيام باستثمارات إضافية[4]، فهل يمكن للمرخص منح ترخيص جديد إلى الغير في نفس المنطقة؟ أيضا هل يجوز تعديل شروط العقد؟ في هذا الإطار ليس أمام المرخص له إلا هذا الحل الأخير، لكن شريطة أن لا يستغله المرخص بشكل تعسفي يضر بالمرخص له، كما يجب أن تكون هناك حاجة فعلية لوجود مرخص له آخر، أيضا ضرورة إعلام المرخص له قبل منح الترخيص الجديد بمدة معقولة، مع إمكانية تعويض أو تخفيض ثمن الإتاوة المفروضة عليه، نظرا لما يمكن أن يترتب عن إدخال مرخص له جديد من انخفاض في مداخيل المرخص له الأول نتيجة انخفاض عدد الزبناء بسبب إعادة تقسيم المنطقة.

بناءا على ذلك فشرط الاستئثار الجغرافي إذا كان تبادليا فسيؤدي إلى تنفيذ عقد الترخيص التجاري في جو من الهدوء والطمأنينة.

[1]- C.A. Paris, 7 juin 1990, Dalloz, Inf. Rap, p.174.
[2] – من هذه الأساليب، البيع عن طريق المراسلة أو القيام بمعارضة وغيرها كما هو وارد في م2 من عقد شركة Yves Rocher.
[3] – حنان البكوري، “عقد الترخيص التجاري بالمغرب”، م.س، ص 206.
[4] – ذلك بفعل تزايد والإقبال على السلع أو الخدمات محدد الأمر الذي يتطلب فتح نقط جديدة للبيع.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت