تعليقات قضائية حول قانون المخدرات الجديد – العراق

لقي قانون المخدرات الجديد الذي شرعه مجلس النواب ونفذ مؤخراً إشادة قضائية، فيما لفت متخصصون إلى أن القانون متكامل لا يكتفي بالعقوبات فقط إنما بتنظيم آلية لجميع مؤسسات الدولة من أجل مكافحة المخدرات، فيما أبدوا قلقهم من أن يبقى القانون “حبراً على ورق”.

وقال القاضي حسين مبدر إن “الواقع العملي غالبا ما يفرز وقائع جديدة تحتاج إلى تحديثات في القوانين، لأن القانون ثابت والجرائم متغيرة تبعاً للزمن”.

وأضاف القاضي مبدر في مقابلة نشرتها صحيفة “القضاء” في عددها الأخير أن “التشريعات العراقية عالجت ظاهرة المخدرات قبل أكثر من نصف قرن وذلك من خلال إقرار قانون المخدرات العراقي رقم (68) لسنة 1956 وعاقب هذا القانون على الاتجار والتعاطي”، لافتاً إلى أنه “نظم المواد المخدرة في جداول خاصة لغرض حصرها، إذ يتم الكشف الطبي عليها وكذلك للمتعاطين وفرض العقوبة بموجب ذلك”.

وتابع مبدر أن “الأعوام التي أعقبت صدور هذا القانون أفرزت وجود مواد وعقاقير جديدة خارج تلك الجداول، بعدها أخذت المحاكم تحقق وتحاسب بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (39) لسنة 1994 الذي اعتبر المتاجرة بالمواد الطبية تخريبا اقتصادياً”.

وتأتي الغاية من تشريع قانون جديد لمكافحة المخدرات كما يرى مبدر لـ”جمع القوانين السابقة وتحديثها وتنظيم آلية لمكافحة ظاهرة المخدرات وكذلك تنظيم المتاجرة بالأدوية، كما أفصحت تسميته الجديدة بذلك وهي (قانون المخدرات والمؤثرات العقلية)”، لافتاً إلى أن “عبارة المؤثرات العقلية دقيقة كي تشمل المواد الطبية التي لا تدخل ضمن المخدرات لكنها تمارس مفعولها على متعاطيها كحبوب الفاليوم مثلاً وغيرها من العقاقير التي توصف لأصحاب الأمراض النفسية”.

وعن الإضافات التي أحدثها القانون الجديد تحدث مبدر عن “ميزات عديدة جاء بها القانون منها أنه ركز على طرق الوقاية وكذلك تنظيم آلية لعلاج المدمنين حتى انه في إحدى مواده أعطى للقاضي سلطة أن يلزم المدمن على مراجعة عيادة نفسية”.

وعن العقوبات التي فرضها القانون الجديد، أضاف مبدر أن “المواد العقابية في القانون قاسية تصل إلى الإعدام، كي تتناسب مع حجم ظاهرة المخدرات التي أصبحت آفة تفتك بالمجتمع”.

لكنه استدرك أن “القانون جعل العقوبة تتناسب مع المتاجرين وكمية المخدرات التي يحوزونها، فمن غير المعقول أن يعاقب من يتاجر بحبتي هلوسة بالعقوبة نفسها التي تفرض على من يتاجر بكيلوغرامات من مادة الكريستال”.

ومن الإضافات التي خرج بها القانون الجديد هي “منح حماية لأفراد الأمن المكلفين بمكافحة المخدرات ممن يتعرضون للاعتداءات إذ أوصل عقوبة الاعتداء عليهم إلى الجناية بعد إن كانت جنحة في ما سبق”، كما يؤكد مبدر الذي يرى أن “في ذلك تشجيع للأجهزة الأمنية حتى أن القانون الجديد منح مكافآت مجزية لقاء ضبط مواد مخدرة أو إلقاء القبض على المجرمين”.

وتذكر المادة (44) من القانون “تمنح الجهة الضابطة للمواد المخدرة بأنواعها مبلغ مليون دينار لكل كيلو غرام مصادر، ويضاعف هذا المبلغ في حالة إلقاء القبض على المتهم المهرب وبحوزته المواد المخدرة”، وجاء في المادة أيضاً “يمنح المخبرون عن جرائم الاتجار بالمخدرات مكافأة بنسبة 40% من قيمة هذه المكافآت إذا ما ترتب القبض على المجرمين عن ذلك الإخبار”.

وذهب قاضي التحقيق إلى أن “القانون أيضاً نظم عملية المتاجرة بهذه المواد ومنح الإجازات للمسموح لهم بتداولها”، فيما لفت إلى “تشديد القانون العقوبة على الكوادر الصحية المخالفة وحظر العمل على من يثبت تورطه منهم بمخالفات تخص المخدرات”.

وخلص القاضي مبدر إلى الإشادة بالتشريع الجديد، لكنه نبه إلى “ضرورة تطبيقه وأن لا يبقى حبرا على ورق لاسيما أن ظاهرة المخدرات تطورت بشكل كبير وتحتاج إلى إمكانات اكبر ووقفة جادة من كافة مؤسسات الدولة لمكافحتها”.

إلى ذلك، يؤيد مراد عدنان، محامٍ وباحث قانوني ما ذهب إلى القاضي مبدر في أن “ظاهرة المخدرات تطورت بشكل كبير خلال الأعوام الأخيرة ونلحظ ذلك من خلال ما يرد إلى المحاكم من دعاوى باستمرار”، مشيرا إلى أن “بعض الدعاوى تتركز على وجود تلك المواد في المقاهي وهذا الخطر الذي ينبغي الإشارة إليه”.

وعن قراءته للقانون الجديد أفاد عدنان بأن “القانون يضاهي القوانين العالمية من جهة مكافحته للظاهرة فهو لم يكتف بإيراد العقوبات للمجرمين فحسب، إنما يقدم حلولا وطرق وقاية ونظاما متكاملاً لتداول الأدوية الطبية التي تدخل في باب المخدرات”.

وقال عدنان في حديث إلى “القضاء” إن “القانون ألزم الدولة بتشكيل هيئة برئاسة وزير الصحة وعضوية مؤسسات الدولة لمكافحة المخدرات ومعالجة المدمنين”.

لكنه أكد أن “القانون ما لم تتحرك الدولة لتطبيقه بشكل كامل سيبقى حبرا على ورق وتنعدم الفائدة منه”.