ما الأحكام القانونية لاستقالة الموظف الحكومي؟
أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي

كثيراً ما تبدو للموظفين فرص عمل أخرى غير الوظائف التي يشغلونها سواءً في القطاع الخاص أو في القطاع الحكومي، وعند رغبة هذا الموظف بإنهاء العلاقة الوظيفية مع الإدارة التي يعمل بها يطلب منه تقديم استقالته، فما هو مفهوم هذه الاستقالة؟ وهل لها شكل معين تقدم فيه؟ وهل يصح أن تكون الاستقالة بمجرد الأقوال الصادرة من الموظف المستقيل؟ وما أثر الشرط أو القيد في الاستقالة؟ كل هذه الأسئلة نجد إجابتها عبر زاويتنا القانونية في “أثير”.

إن المادة (140/ج) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (120/2004) تنص على أنه:(تنتهي خدمة الموظف لأحد الأسباب الآتية: أـ… ب ـ … جـ الاستقالة…) وتنص المادة (142) من ذات القانون على أنه:( للموظف أن يقدم استقالته من وظيفته كتابة دون أن تكون مقيدة بشرط ولا تكون الاستقالة مقبولة إلا بموافقة رئيس الوحدة. ويجب البت في طلب الاستقالة بالقبول أو الرفض خلال ثلاثين يوما من تاريخ تقديمها وإلا اعتبرت مقبولة بحكم القانون. ويجوز خلال هذه المدة إرجاء قبول الاستقالة لموعد آخر لأسباب تتعلق بمصلحة العمل).وتنص المادة(143) من ذات المرسوم على أنه:(إذا قدم الموظف استقالته وكان محالاً إلى المساءلة الإدارية فلا تقبل إلا بعد انتهاء المساءلة بغير عقوبة الإحالة إلى التقاعد أو الفصل من الخدمة).وتنص المادة (44) من ذات القانون على أنه:(يجب على الموظف أن يستمر في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول الاستقالة أو إلى أن ينقضي الميعاد المنصوص عليه في المادة (142)).

ومفاد النصوص أعلاه أن الاستقالة هي تصرف قانوني أوجب المشرع أن تصدر عن إرادة صحيحة خالية من عيوب الرضا فإذا شابها عيب من العيوب بطل الطلب ويبطل بالتالي قبول الاستقالة التي تبنى عليه، كما يجب أن تكون الاستقالة مكتوبة حتى يعطى الموظف فرصة للتفكير والتروي على أن يظل طلب الاستقالة قائما لحين صدور القرار، عليه لا يعتد بالاستقالة الشفهية باعتبار الكتابة شرط صحة لا شرط إثبات، كما اشترط المشرع أن تكون الاستقالة خالية من أي قيد أو شرط حيث إن تقديمها بهذا القيد يثير اللبس في جدية الطلب فقد يقصد الموظف من طلب الاستقالة ليس ذاتها وإنما حث الجهة الإدارية على إجابة طلبه في شأن وظيفي آخر، كما أن وضع قيد أو شرط في طلب الاستقالة قد ينشأ عنه نزاع في تحقق الشرط من عدمه ورغبة من المشرع تجنب تعليقها على شرط أو قيد تحاشياً لهذا المنزلق ، كما أنه يستلزم أن يصدر قبول الاستقالة بالبت في طلب الاستقالة خلال ثلاثين يوما من تأريخ تقديمها بالقبول أو الرفض وإلا عد انقضاء الثلاثين يوما مقبولة حكما.

ومن المقرر قانوناً أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة لذا قرر المشرع ولمصلحة العمل لضمان سيره بانتظام واضطراد إرجاء قبول الاستقالة بشرط عدم الإساءة من قبل الجهة الإدارية في استعمال السلطة، ولقد استقر القضاء الإداري بأن عدول الموظف عن طلب الاستقالة بتقديم طلب سحبها لدى الجهة المختصة قانونا يحول دون جواز إنهاء خدمة الموظف طالما أن الإدارة لم تقبل الاستقالة بعد بحيث يصل عدول الموظف إلى علم الجهة الإدارية قبل قبولها وإلا عد فصلاً بغير الطريق التأديبي وليس قراراً بقبول الاستقالة، وقد استقر القضاء الإداري في السلطنة أن القرارات الإدارية السليمة والتي ترتب مراكز قانونية لأصحاب الشأن تتحصن منذ صدورها، فلا يجوز للإدارة سحبها، فإذا ما خالفت الإدارة هذه القاعدة وقامت بسحب القرار السليم ولو خلال الستين يوما التالية لصدوره فإن قرارها الساحب يكون قد جاء على خلاف المبادئ القانونية المقررة مشوبا بالبطلان، ومع هذا الأصل يجوز استثناءً للجهة الإدارية مصدرة القرار السليم ولمقتضيات مصلحة العمل أن تسحب القرار بشرط ألا تنشئ مزايا أو مراكز أو أوضاعاً قانونية لصاحب الشأن أو للغير. وللحديث بقية…

إعادة نشر بواسطة محاماة نت