ان السوق المالي يستمد مفهومه من مفهوم السوق بشكل عام والاسواق ظاهرة قديمة موجودة منذ القدم فهي ليست وليدة العصر الراهن ولكن الذي يتغير فيها هو السلع المتداولة ووسائل الاتصال ، وقد تطور مفهوم السوق في العصر الحديث فلم يعد محصورا في مكان محدد اذ ان المكان ليس شرطا اساسيا لوجوده وان كان يزيد من كفاءة وفعالية هذا السوق اذ يكفي مجرد وجود وسائل اتصال فعالة بين البائع والمشتري وتميل الاسواق في الوقت الحاضر الى طابع التخصص من حيث انواع السلع المتداولة فيها اذ اصبح امراً مألوفاً ان نجد سوقاً كبيراً متخصصاً في بيع سلعة معينة مثل سوق الاوراق المالية (1).

وهذه الاسواق قد تكون اسواقا حرة لاتتدخل الدولة في تنظيمها من حيث تحديد من له حق ارتياده من البائعين والمشترين والوسطاء او من حيث مكان الانعقاد وميعاده او من حيث الاسعار السائدة فيه ، وقد تكون اسواقا منظمة تتدخل فيها الدولة بصورة او بأخرى بفرض الرسوم على دخول السوق وتنظيم مواعيده والرقابة على ما يجري فيه من تعامل (2). والاسواق المالية (البورصة ) هي من النوع الثاني من هذه الاسواق أي الاسواق المنظمة التي تتدخل الدولة في تنظيمها من كل الجوانب ، والبورصة (3).بشكل عام سوق مستمرة ثابتة المكان تقام في مراكز التجارة والمال للتعامل بالصكوك او حاصلات معينة غير منظورة تصلح للمبادلات الواسعة النطاق وذلك بموجب قوانين منظمة لقواعد المعاملات وللشروط التي يجب توافرها في المتعاملين وفي الصكوك والحاصلات موضوع التعامل (4).

اما سوق الاوراق المالية فقد عرفت بانها (( سوق منظمة للاتجار في الاوراق المالية من اسهم وسندات وصكوك مالية بأنواعها على ان تكون قابلة للتداول وتتحكم فيها قوانين ولوائح ونظم معينة تتولى ادارتها هيئة تشرف على تطبيق هذه التشريعات)) (5). ويوضح هذا التعريف شخصية السوق ومهامها والقوانين التي تحكم عملها والاوراق المقبولة فيها ، وقد عرف هذا السوق ايضا بانه (( السوق الذي تتيسر فيه تجميع الاموال وتشكيلها من خلال استقطاب المدخرات المحلية وتحقيق التدفقات الاجنبية وتحريكها نحو الاستثمار في الادوات والاصول المالية الصادرة عن الشركات والمؤسسات والهيئات والحكومات لتمويل مشاريعها تمويلا متوسطا وطويل الاجل ))(6).

ويوضح التعريف هدف سوق الاوراق المالية والغاية التي نظم من اجلها واستنادا الى هذا التعريف فإن ( البورصة ) بحكم طبيعتها الاقتصادية تعتبر حلقة وصل بين مشروعات التنمية وادخارات الافراد اذ تعتبر السوق الصيغة التي تروج فيها مصلحة المستثمرين الذين يسعون وراء رأس المال لتطوير مشروعاتهم كما تعتبر المكان الملائم لادخارات الافراد بهدف جني الفائدة وتنمية رأس المال (7).

____________________

[1]- ينظر : د. عبدالله مهنا سالم ، ود. محمد عطية مطر ، مبادئ الاستثمار ، طبعة ثانية ، مطابع الوزان العالمية ، الكويت ، ص 89 .

2- ينظر : د. علي العريف ، القانون التجاري ، جزء اول طبعة ثانية ، ص 372 ، -374 ، .

3-لم يتفق الباحثون على اصل كلمة (البورصة) فيقول البعض ان التجار كانوا يجتمعون امام منزل عائلة (vander burse) في مدينة (Bruges) ويقول البعض الاخر ان هذه العائلة كان لها فندق اشتهر باسمها كان يجتمع فيه التجار ويقول البعض الاخر ان اجتماعات التجار كانت تحصل في منزل احد صيرفي تلك المدينة وكان يعلق على جملون المنزل ثلاثة اكياس ومعلوم ان كلمة بورص معناها كيس ( ينظر: د.محمد صالح ، شرح القانون التجاري ، ج1 ط3 ، مطبعة الاعتماد ، مصر ، ص291) .

4-ينظر : صادق حنين ، بحوث في اعمال البورصات ، بورصات الاوراق المالية ، منشور في مجلة الاقتصاد والقانون ، العدد الاول ، سنة ثامنة ، 1938 ، ص 499 .

5- ينظر : د. محمد عساف ، ادارة المنشات المالية ، طبعة ثانية ، مكتبة عين الشمس ، القاهرة ، 1976 ، ص 365 .

6- هاشم الصباغ ، بحث طبيعة وهيكل سوق الاوراق المالية ،اشار اليه طه احمد عبدالسلام ، الاستثمارات المالية في سوق الاوراق المالية مع اشارة خاصة الى سوق بغداد للاوراق المالية ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية الادارة والاقتصاد ، جامعة بغداد 1991 ، ص 19 .

7- ينظر : حسن النجفي ، سوق الاوراق المالية البورصة ، اصدارات مصرف بغداد ، بغداد ، 1992 ، ص 20 .

المؤلف : رائد احمد خليل القرغولي
الكتاب أو المصدر : عقد الوساطة التجارية
الجزء والصفحة : ص121-123

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .