ماهية الحضانة ​

الحضانة ( بفتح الحاء أو كسرها ) تعنى تربية الولد وهى جعل الصغير فى الحضن أي تربيته وتقويمه فى سن مخصوصة وقد عرفها بعض الفقهاء بأنها الضم إلى الجنب فحضانة إلام لولدها هي ضمها إياه إلى جنبها واعتزالها إياه من أبيه لتقوم بحفظه وإمساكه .

الحضانة شرعا – كما عرفتها محكمة التمييز – ​

هي تربية الصغير ورعايته والقيام بجميع شئونه التى بها صلاح أمره فى سن معينة ممن له الحق فى ذلك .

حكم محكمة التمييز فى الطعن رقم 6 /94 جلسة 19/11/1994 والطعن رقم 35/86 جلسة 16/3/1987 ص 1062

فالصغير منذ ولادته يكون فى حاجة إلى من يعتني به ومن يقوم بأمره ، حفظا وتربية وبكل ما يلزمه فى حياته ومعيشته لكونه عاجزا عن ذلك وغير مدرك لمصلحته وقد جعل الشارع ولاية مصالحه إلى أبويه لأنهما اقرب الناس إليه وأكثرهم شفقة عليه ورعاية لمصالحه.

حكم محكمة التميز فى الطعن رقم 18/ 88 جلسة 13/2/1989 ص 259 .

و قد راعى الشارع ما هو الأصلح و الأنفع للصغير في توزيع الحقوق الواجبة له على أبويه حتى يقوم كل منهما بما هو اقدر عليه من الأخر فجعل أمر تربيته و العناية به في المرحلة الأولى من حياته للام و فوض حضانته إليها لأنها أشفق و أرفق به من غيرها و اقدر على تحمل ألمشاق في سبيل حضانته و تربيته و افرغ للقيام بخدمته في هذه المرحلة من حياته و أما ولاية التصرف في نفس الصغير و ماله فقد جعلت للأب لأنه الأصلح لها من الأم ، و من ثم فان الأصل أن الأم أحق النساء بحضانة و لدها مادامت مستوفيه للشروط الواجب توافرها في الحاضنة سواء في حال قيام الزوجية أو بعد الفرقة ، و لا يتوقف ثبوت هذا الحق لها على انفصام رابطة الزوجية بالطلاق . (4)

تعريف الحضانة وفقا لقضاء الدستورية العليا :

فقد جاء قضاء الدستورية العليا فى أصل الحضانة من الجهة التشريعية بأنها ولاية التربية وغايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه فى الفترة الأولى من حياته ، والأصل فيها هي مصلحة الصغير ، فالحضانة حق للحاضن والمحضون وليست حقا خالصا لواحد منهما ، بل إن حق المحضون فيها أقوى من حق الحاضن ، ولذلك فإن الشريعة الإسلامية فى مبادئها – القطعية فى ثبوتها ودلالتها فإنها لا تقيم لسن الحضانة حدودا لا يجوز تجاوزها انطلاقا من أن تربية الصغير مسألة لها عظيم الخطر .

الطعن رقم 9 / 85 جلسة 10 /6 / 1985 – ص 167 .

ولو تطرق الخلل إليها ولو فى بعض جوانبها – لكان ذلك مدعاة لضياع الصغير واعوجاج أمره ، ومن ثم يتعين أن يتحدد مداها بما يكون لازما للقيام على مصلحته ، وذلك لكون مصلحة المحضون أحق بالرعاية ، حتى عند من يقولون بأن الحضانة لا تتمخض عن حق للصغير وإنما يتداخل فيها حق من ترعاه و يعهد إليها بأمره ، ولولى ألأمر أن يقدر ما يراه خيرا للصغير و أصلح له . فإن من المقرر بان الصغير بعد ولأدته يكون أحوج ما يكون لمن يعتني به صحيا و معيشيا لكونه عاجزا عن ذلك و غير مدرك لمصلحته فجعل الشارع هذه المرحلة العمرية من حياة الصغير للام و فوض حضانته إليها لأنها أشفق عليه و أرفق به من غيرها و أقدر على تحمل المشاقة فى سبيل حضانته و تربيته و أفرغ للقيام بخدمته فى هذه المرحلة من حياته و ذلك بسعادة بالغه لا توجد إلا عند الأم ، أما المرحلة التى يستغنى فيها الصغير عن حضانة النساء ، والتى يحتاج فيها إلى الرآى و حسن التصرف ، تدبير شئونه فقد آولى الشارع هذه المرحلة للاب لآنه الاصلح لها لكونه الاقدر على ولاية التصرف فى نفس الصغير و ماله و هو لهذا أقوى و احن اشفق من غيره و لذلك قرر الفقهاء ضم الصغير الى ابيه فى سن أستغنائه عن النساء ، ومن ثم فإن الاصل ان الام أحق الناس بحضانة ولدها مادامت مستوفيه للشروط الواجب توافرها فى الحضانة شرعا .الطعن رقم 92لسنة 96 – احوال – جلسة 3/5/1997 – مجموعة القواعد التى قررتها محكمة التمييز _ القسم الرابع _ ج 1 _ ق80 – ص59

هل الحضانة حقا للحاضن . أم المحضون ؟

فإننا للاجابه عن هذا التساؤل يجب أن نتطرق لما تناولناه في تعريف الحضانة :-

بأنها حفظ الصغير و رعاية شئونه ، وقد ثار الخلاف هل الحضانة حقا للام و حدها أم أنها مقرونة بحقوق الغير..

ولكن ما استقر عليه أهل الراى :-

بان الحضانة تدور مع نفع المحضون – وجودا و عدما – فمتى تحقق نفعه في شيء و جب المسير إليه ، و لو خالف ذلك مصلحه الأب أو الأم لان حق الصغير في الرعاية اقوي و انفع من حقيهما فيقدم دائما

ولذلك نصحوا القاضي بان يتدبر الأمر و يقدر الوقائع و أن يكون بصيرا بطبائع الخصوم ذا خبره بالحوادث و حكيما في تطبيقها حتى لا يضيع الولد بين طالبي الحضانة و بين من يتحقق عنده نفع المحضون .

و انطلاقا من الرآى المتقدم نجد أن :

في مسألة الحضانة ثلاثة حقوق مرتبطة ، حق للصغير و حق الحضانة و حق الأب ، و هذا على التفصيل الاتى .

يرى بعض الفقهاء .

بان الحضانة حق للحاضنة و هي الأم و من يليها في استحقاق الحضانة و ما دام هذا الحق حقا لها فيكون لها أن تمارسه أو لا تمارسه .

و بناء على هذا الرآى ، لو امتنعت الأم عن الحضانة لم تجبر عليها و ذلك لآن شفقتها الزائدة على ولدها تدعوها إلى حضانته فيحتمل إن يكون امتناعها عن حضانته عجزا منها .

ويرى البعض الآخر.

بان الحضانة حق للصغير لأنه محتاج إليها و يتعرض للتلف و الهلاك بدونها ، و على هذا لو امتنعت الأم عن حضانة و لدها أجبرت على ذلك حرصا على عدم ضياع الصغير .

ويذهب البعض إلى القول بان .

الحضانة حق لهما معا فليست حقا خالصا للصغير وحده . ولا حقا خالصا لوالدته وحدها بل هو حق مشترك بينهما و إن كان حق الصغير في ذلك هو الغالب . و هذا الراى الراجح .

فوفقا لما أسلفنا من الوجهة الشرعية انه يتعلق بالحضانة ثلاثة حقوق مجتمعه فانه متى أمكن التوفيق بينهما و جب المسير إليه . وإلا فان تعارضت فحق الصغير مقدم على حقيهما جميعا و ذلك لرعاية الصغير لان مدار الحضانة على نفع المحضون.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .