اسس الدستور السعودي

التاريخ الدستوري

القرآن الكريم هو دستور المملكة العربية السعودية. ولكن بما أن قواعده السلوكية لا تحدد كيف تدير الحكومة شؤونها اليومية، شعر الحكام السعوديون بالحاجة إلى إصدار لوائح تطبق على الإدارة الحكومية.

جمع الملك فهد لأول مرة هذه اللوائح والأنظمة سنة 1992 في وثيقة واحدة تدعى “النظام الأساسي”. ولأنه سلسلة من المراسيم الملكية، يقنن “النظام” الإجراءات والوظائف البيروقراطية كقانون للحقوق يحدد حقوق الحكومة ومسؤولياتها، ويمنع الأجهزة الحكومية من اعتقال المواطنين اعتباطا، ومن انتهاك خصوصيتهم، ويمنح السلطات المحلية سلطات أكبر. كما نص هذا القانون على إنشاء مجلس للشورى لإسداء النصح للملك. وعلى الرغم من أن “النظام الأساسي” ليس دستورا، إلا أنه يؤدي بعض أغراض الدستور. ولكنه لا يحوي ضمانات صريحة للحقوق الأساسية مثل حرية المعتقد والتعبير والاجتماع أو المشاركة السياسية.

الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية

يجمع الملك بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. كما أنه المصدر النهائي للسلطة القضائية في البلاد. ولكن حرية الملك في ممارسة هذه السلطات تحد منها الشريعة الإسلامية وإجماع العائلة الحاكمة وتقليد الشورى. ويسعى الملك في المسائل المهمة المتعقلة بسياسة المملكة، إلى الحصول على موافقة كبار الأمراء وكبار رجال الدين والنخبة السياسية، بمن فيهم زعماء العائلات القبلية المهمة. ويجيز مرسوم ملكي صادر في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2003 لـ “مجلس الشورى” اقتراح تشريع ما من دون موافقة الملك، لكن يجب أن يوافق مجلس الوزراء على التشريع المقترح لينال موافقة الملك.

الديوان الملكي هو المكتب التنفيذي الرئيسي الذي يعقد فيه الملك مجلسه دوريا. والهدف من وراء المجلس تمكين المواطنين السعوديين من مقابلة الملك لعرض التماساتهم الشخصية عليه. وعموما يطلب المتقدمون بالشكاوى طالبين مساعدة الملك لهم لدى الدوائر الحكومية. ويعد الملك اللوائح والأنظمة ويصدر المراسيم الملكية من ديوانه.

كرئيس للحكومة ورأس للدولة، يشغل الملك أيضا منصب رئيس الوزراء. ويساعده في ذلك نائبان لرئيس الوزراء والوزراء الذين يعينون جميعا بقرار منه. وللملك الحق في دعوة مجلس الشورى ومجلس الوزراء للاجتماع أو حلهما أو إعادة تشكيلهما. النظام القضائي مستقل، ولكن على المحاكم تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية.

الأحكام الأساسية

يربط “النظام” وجود المملكة العربية السعودية ذاته بالإسلام. ويلقب الملك بـ “خادم الحرمين الشريفين”. والدولة مسؤولة عن حماية الأماكن المقدسة. ومسؤولية القوات المسلحة لا تقتصر على الدفاع عن البلاد، بل تشمل الدفاع عن الدين الإسلامي أيضا. وتقوم الحكومة على العدل والشورى والمساواة، وهي المبادئ الرئيسية للشريعة الإسلامية. ويشكل “مجلس كبار العلماء” هيئة استشارية مهمة للملك ولمجلس الوزراء.

يعدّل الملك ويصدق جميع القوانين المحلية والمعاهدات الدولية والاتفاقيات واللوائح والامتيازات. وإذا تهدد أي خطر سلامة المملكة ووحدة أراضيها أو أمن شعبها ومصالحه أو سير عمل مؤسسات الدولة، يستطيع الملك اتخاذ إجراءات طارئة.

تتألف “هيئة البيعة” التي تأسست بموجب مرسوم ملكي صادر في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2006 من أبناء الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الأحياء ومن أحفاد أبنائه المتوفين أو العاجزين “المشهود لهم بالكفاءة والاستقامة” والذين يتم تعيينهم من جانب الملك. كما يعين الملك أحد أبنائه وأحد أبناء ولي العهد الذين يتمتعون بالصفات نفسها. وتتولى “هيئة البيعة” مبايعة ملوك المملكة العربية السعودية مستقبلا وتسمية أولياء العهد بالاقتراع السري. ويجيز نظام “قانون هيئة البيعة” لهذه الهيئة إدارة البلاد بصفة “مجلس حكم انتقالي” لمدة لا تزيد على 7 أيام. كما يخولها القانون الإشراف على لجنة طبية مؤلفة من المسؤول الطبي عن العيادات الملكية، والمدير الطبي لمستشفى الملك فيصل التخصصي، وثلاثة من عمداء كليات الطب في المملكة تختارهم هيئة البيعة. وتتولى اللجنة الطبية إصدار التقارير التي تؤكد قدرة أوعدم قدرة الملك و/أو ولي العهد على ممارسة سلطاتهما. ولا بدّ من موافقة “هيئة البيعة” على أي مرسوم ملكي بتعديل النظام الأساسي الجديد.

ينص “النظام” على تأسيس “هيئات رقابة” لمراقبة مجلس الوزراء وللتحقيق في المخالفات المالية والإدارية. ويحدد القانون تشكيل هذه اللجان ووظائفها.

الدولة مسؤولة عن حماية الأسرة، وعن تعزيز الوحدة الوطنية، وعن منع أي أمر يؤدي إلى الفرقة والى التحريض على العصيان أو الانفصال. والدولة مسؤولة أيضا عن غرس الإيمان بمبادئ الإسلام في نفوس الأجيال الناشئة، وعن حماية حقوق الإنسان وفقا للشريعة الإسلامية. وتكفل الدولة نظاما للضمان الاجتماعي، وتوفر فرص العمل، وتجيز القوانين التي تحمي الموظفين وأرباب العمل. كما تعنى الدولة بالصحة والتعليم والبيئة.

التعديلات والإجراءات الدستورية

تنص المادة رقم 83 من “النظام” على عدم جواز إدخال أي تعديلات على تلك القواعد إلا “بالشكل الذي صدرت فيه”، أي بمرسوم ملكي.