ترك العين المؤجرة في القانون المصري – أحكام واجتهادات قضائية

الطعن 676 لسنة 59 ق جلسة 15 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ج 3 ق 334 ص 107 جلسة 15 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة، عزت عمران وعزت البنداري.
————-
(334)
الطعن رقم 676 لسنة 59 القضائية

(1، 2، 3) إيجار “إيجار الأماكن، ترك العين المؤجرة”. محكمة الموضوع “مسائل الواقع”.
(1)الإقامة بالعين المؤجرة. المقصود بها في حكم المادة 29 ق 49 لسنة 1977 – لا يحول دون توافرها الانقطاع عن الإقامة بسبب عارض أو عدم الانتفاع بها ما دام أن المستأجر أو من أمتد إليه العقد قائم بتنفيذ التزاماته قبل المؤجر.
(2)ترك العين المؤجرة. استقلال محكمة الموضوع بتقديره. شرطه. أن يقيم قضاءها على أسباب سائغة.
(3)إقامة المستفيد من امتداد عقد الإيجار بالخارج بسبب العمل. لا ينهض بذاته دليلاً على تخليه عن العين المؤجرة طالما لم يكشف عن إرادته في ترك العين.

—————-
1 – المقصود بالإقامة في حكم المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 هي الإقامة المستقرة مع المستأجر أو مع من أمتد إليه العقد بحكم القانون ولا يحول دون توافرها انقطاع الشخص عن الإقامة بالعين لسبب عارض طالما أنه لا يكشف عن إرادته الصريحة أو الضمنية في تخليه عنهما، ولا تثريب على المستأجر أو من امتد إليه العقد أن هو لم ينتفع بالعين المؤجرة فعلاً ما دام أنه قائماً بتنفيذ التزاماته قبل المؤجر.
2 – لئن كان استخلاص ترك العين – المؤجرة – والتخلي عنها هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضائها على أسباب تكفي لحملة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.
3 – إقامة المستفيد من امتداد العقد بالخارج بسبب العمل لا ينهض بذاته دليلاً على تخليه عن العين المؤجرة مهما استطالت مدة انقطاعه عن الإقامة بها طالما أنه لم يكشف عن إرادته الصريحة أو الضمنية من ترك العين باتخاذه موفقاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على تخليه عن الإقامة بها.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعن الأول الدعوى 1558 لسنة 1983 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 7/ 1962 وإخلاء العين المؤجرة وتسليمها لهم وقالوا بياناً لدعواهم أنه بموجب هذا العقد استأجر الطاعن الأول من مورثهم شقة النزاع ثم تركها وانتقل إلى شقة أخرى وبذلك يكون قد احتجز أكثر من مسكن دون مقتضى ويحق لهم إقامة هذه الدعوى. كما أقام الطاعن الثاني على المطعون ضدهم الدعوى رقم 13718 لسنة 1984 أمام ذات المحكمة طالباً إلزامهم بتحرير عقد إيجار عن العين محل النزاع وقال بياناً لدعواه أن شقيقه الطاعن الأول قد استأجر عين النزاع ليقيم فيها مع والديه وإخوته وهو أحدهم ثم تركها في شهر أغسطس سنة 1974 بمناسبة زواجه واستمر باقي أفراد أسرته في الإقامة بها وإذ توفي والده بعد ذلك وامتد عقد الإيجار لصالحة فقد أقام الدعوى، وبعد أن أمرت المحكمة بضم الدعويين قضت بتاريخ 30/ 1/ 1986 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن الثاني إقامته بشقة النزاع إقامة دائمة ومستقرة حال إقامة شقيقه الطاعن الأول بها وحتى تركه لها، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة بتاريخ 14/ 5/ 1987 برفض دعوى المطعون ضدهم وإلزامهم بأن يحرروا للطاعن الثاني عقد إيجار عن عين النزاع بذات شروط العقد المبرم بين مورثهم المرحوم……. والطاعن الأول المؤرخ أول يوليو سنة 1962. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 8514 لسنة 104 ق القاهرة وبتاريخ 21/ 12/ 1988 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 7/ 1962 وبرفض دعوى الطاعن الأول وإلزامه بإخلاء العين محل النزاع وتسليمها للمطعون ضدهم. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 24/ 5/ 1989 أمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً وحددت جلسة لنظر الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أن الطاعن الثاني تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه كان يقيم مع شقيقه الطاعن الأول (المستأجر الأصلي) ووالديه بعين النزاع منذ تاريخ استئجارها. واستمر في الإقامة بها مع والديه بعد ترك الطاعن الأول لها في سنة 1974 وظل مقيماً معهما حتى وفاتهما في سنة 1983، ولما كان سفره إلى لندن لا يفيد تخليه عن العين المؤجرة وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن إقامته خارج البلاد للعمل يعد تخلياً منه عن الإقامة بعين النزاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن مؤدى نص المادة 29 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي الأماكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضي باستمرار عقد الإيجار وامتداده في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة للزوجة أو لأولاد أو الوالدين الذين يثبت إقامتهم معه قبل الوفاة أو الترك، أما ما عدا هؤلاء من الأقارب حتى الدرجة الثالثة فيشترط لاستفادتهم من استمرار العقد أن تثبت إقامتهم مع المستأجر بالعين المؤجرة مدة سنة سابقة على وفاته أو تركه العين أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل، والمقصود بالإقامة في هذه الحالة هي الإقامة المستقرة مع المستأجر أو مع من امتد إليه العقد بحكم القانون ولا يحول دون توافرها انقطاع الشخص عن الإقامة بالعين لسبب عارض طالما أنه لا يكشف عن إرادته الصريحة أو الضمنية في تخليه عنها، ولا تثريب على المستأجر أو من امتد إليه العقد أن هو لم ينتفع بالعين المؤجرة فعلاً ما دام أنه قائماً بتنفيذ التزاماته قبل المؤجر، وإنه ولئن كان استخلاص ترك العين والتخلي عنها هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإخلاء العين المؤجرة ورفض دعوى الطاعن الثاني على ما أورد بمدوناته من أن “أوراق الدعوى وشهادة الشهود جميعاً قد خلت تماماً مما ينبئ عن إقامة المستأنف عليه الثاني (الطاعن الثاني) مع أخيه المستأنف عليه الأول (الطاعن الأول) مدة سنة سابقة على تركه العين…… وكانت إقامة المستأنف عليه الثاني بالخارج ليست بالإقامة العارضة…….. وليس هذا شأن إقامته بلندن التي اتخذها مقراً له ومسرحاً لنشاطه كرجل أعمال وصاحب شركة بها بما يقطع بأنه لا يمكن ولا يستساغ القول بأنه ما زال محتفظاً بنية العودة إلى شقة النزاع……. وهذه المحكمة تطمئن لأقوال شاهدي المستأنفين (المطعون ضدهم) وهما يقيمان بذات العقار من أن المستأنف عليه الأول قد انتقل إلى شقة أخرى قرب مستشفى الساحل وأن المستأنف عليه الثاني لم يكن له إقامة بالعين موضوع النزاع وأنه لا يحضر إليها حتى حين عودته من الخارج……..” وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم لا يواجه دفاع الطاعن الثاني بأنه لم يتخل عن العين المؤجرة وأنه ظل مقيماً بها مع والديه قبل وبعد ترك شقيقه (المستأجر الأصلي) لها. وإذ نفى الحكم إقامته بالعين الموجودة بالخارج واتخاذه من مدينة لندن مصرحاً لنشاطه كرجل أعمال مقرر أن شهود الطرفين قد أجمعت على نفي إقامته مع المستأجر الأصلي. في حين أن شاهديه أيداه في دفاعه كما شهد…….. (وهو الشاهد الأول للمطعون ضدهم) أن والدي المستأجر الأصلي وإخوته كانوا يقيمون معه بالعين قبل تركه لها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن إقامة المستفيد من امتداد العقد بالخارج بسبب العمل لا ينهض بذاته دليلاً على تخليه عن العين المؤجرة مهما استطالت مدة انقطاعه عن الإقامة بها طالما أنه لم يكشف عن إرادته الصريحة أو الضمنية في ترك العين باتخاذه موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على تخليه عن الإقامة بها.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم لهذا السبب دون حاجه لبحث باقي أوجه الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .