تحليل قانوني للحقوق والواجبات العامة في الدستور الكويتي

مقال حول: تحليل قانوني للحقوق والواجبات العامة في الدستور الكويتي

الحقوق والواجبات العامة في الدستور الكويتي
كتبه: محمد نجيب

إن الدساتير هى التي تحدد شكل الحياة في المجتمعات وطريقة تنظيمها وتكشف عن التوجه نحو الأخذ بالأساليب الديمقراطية من حيث مدى المساحة والمجال أمام الأفراد لمباشرة الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو التضييق عليهم وذلك بالنسبة للتوجه الذي يعكس السير نحو الأخذ بالأساليب غير الديمقراطية. والدساتير وهي تحرص على تحديد أو تقرير الحقوق والحريات للمواطنين فأنها في ذات الوقت تفرض عليهم في مقابل ذلك أعباء وإلتزامات فأنه وإن كان من البديهي أن المواطن يحرص على ان يعيش حرا في وطنه فلابد في نفس الوقت ان يدافع عن سلامة هذا الوطن حتى تتحقق له حريته وحقوقه وإذا كانت الدولة مطالبة بالرعاية والتكفل بالمواطن فإنه أيضا على المواطن ان يتحمل بنصيب قل او كثر في الاعباء العامة من اجل الوطن ومن هنا، فإننا يجب أن نعرض لاحقا للحقوق والحريات ثم يعقبها عرض للواجبات وهى التي تمثل الإلتزامات على التي تقع على المواطن.

الحقوق والحريات العامة
كان الدستور الكويتي حريصا وصريحا نحو التأكيد على حقوق المواطنين وحرياتهم حيث تناولت المواد 27 إلى 41 وغيرها من المواد الاخرى المتناثرة في مواد الدستور والتي تعني بالحقوق والحريات العامة.

وهذه الحقوق والحريات تشمل تلك المرتبطة بالحقوق والحريات التقليدية المتمثلة بالحريات الشخصية والفكرية والسياسية والاقتصادية ولعل الحريات المتصلة بشخص الانسان فهي اللصيقة به ولا يمكن فصلها باى حال من الاحوال مثل الحق في الامان وحرية الانتقال واختيار محل الاقامة.

وحق المواطن في الامان، من الحقوق الاساسية التي حرص الدستور الكويتي على حمايتها لأنها تمثل اهم عوامل استقرار المجتمع ولقد كان للدين الاسلامي الحنيف السبق، في هذا الشأن فقد قال سبحانه لقريش {فليعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}. كما قال سبحانه في سورة القصص {اولم نمكن لهم حرما امنا يجبى اليه ثمرات كل شئ رزقا من لدنا ولكن اكثرهم لا يعلمون}.

ولقد ضرب الله مثلا بالقرية التي تكفر بأنعم الله حيث قال سبحانه {وضرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة يأتيها رزقها من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون}.

والحق في الأمان يندرج تحته العديد من المبادئ التي تؤكده وتحرص على صونه وعدم المساس به على اي وجه ، وأول مبدأ من هذه المبادئ مبدأ شرعية التجريم والعقاب، ومفاد ذلك أنه لا يتم توقيع عقوبة على الفرد ما لم يكن هناك نص يؤثم أو يجرم الفعل حيث نصت المادة «32» من الدستور بقولها «لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على القانون».

والمبدأ الثاني هو مبدأ عدم رجعية القوانين الجنائية حيث نصت المادة «79» من الدستور على انه «لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها اثر فيما وقع قبل هذا التاريخ ويجوز في غير المواد الجزائية النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية الأعضاء الذي يتألف منهم مجلس الامة» ويلاحظ على هذا النص التالي:
1- انه قد اخرج القوانين الجنائية من الرجعية إلا اذا كانت في مصلحة المتهم .
2- انه بالنسبة لرجعية القوانين فيما عدا المواد الجزائية النص على رجعية القوانين شريطة موافقة Bغلبية الاعضاء الذي يتألف منهم مجلس الامة، وهذه اغلبية خاصة حيث انه لم يشترط موافقة اغلبية الحضور بل اغلبية الاعضاء الذين يتكون منهم المجلس.

كما نجد ان المادة «32» من الدستور تؤكد على هذا المبدأ حيث قررت القول لا عقاب إلا على الافعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها.

كما اكد الدستور على مبدأ شخصية العقوبة فكل انسان مسؤول عن فعله ولا علاقة للأقارب او الاسرة بأفعال الفرد حيث أرست هذا المبدأ المادة «33» من الدستور التي قررت «العقوبة شخصية» وهذا المبدأ قد جاء ترديدا لقوله تعالى في سورة الاسراء {وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا}.

كما أرسى الدستور مبدأ عدم تقييد حرية الانسان إلا بقانون حيث نصت المادة «1 3» على انه «لا يجوز القبض على انسان او حبسه او تفتيشه او تقييد حريته.. إلا وفق احكام القانون» كما قررت المادة «34» على ان المتهم برئ حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع ويحظر إيذاء المتهم جسمانيا او معنويا، ودائما، نجد هنا ايضا الى ان الشريعة الاسلامية قد سبقت وكعهدها في سبق كافة التشريعات البشرية في هذا الشأن حيث قال تعالى {ولا تزر وازرة وزر اخرى}.

تأتي بعد ذلك، حرية الإنتقال واختيار مكان الاقامة والمقصود بهذه الحرية ان يكون للفرد حرية الحركة والتنقل داخل وطنه وكذلك السفر الى خارج الديار والعودة في اي وقت دون تقييد عليه وكذلك حقه في اختيار محل الاقامة، دون إرغامه على جهة محددة إلا في الاحوال التي يحددها القانون، ولقد اكدت ذلك المادة «28» والتي نصت على انه (لا يجوز ابعاد كويتي عن الكويت او منعه من العودة اليها) . وأيضا المادة «31» من الدستور التي تنص على انه (لا يجوز القبض على انسان او تحديد اقامته او تقييد حريته في الاقامة او التنقل إلا وفق احكام القانون)، إلا اننا ومن خلال التأمل في الفقرة الاخيرة من المادة «31» سالف الاشارة اليها انها قد نصت على عبارة…. إلا وفق احكام القانون، لأنه وان كان الأصل العام هو عدم تقييد حرية الانتقال واختيار مكان الاقامة، إلا ان المصلحة العليا او العامة قد تستدعي احيانا وضع بعض القيود على السفر الى الخارج من اجل سلامة الوطن، ولكن لا يكون هذا الامر مطلقا من كل قيد بل لابد وان يكون وفق القانون وليس مجالا للاجتهاد او تركه للأهواء الشخصية تتحكم فيه.

وأيضا نجد في ديننا الاسلامي المثل الطيب بالنسبة للتنقل او الاقامة فمنها اذا ما حدث افة من الافات او مرض او فتنة، فمن الاولى عدم الخروج من هذه الديار حتى لا يصاب الاخرون بأي داء قد يكون منتشرا في الديار التي يحرم منها الهجرة، كما ان الخروج احيانا قد يكون واجبا اذا انتشرت الفتنة فالخروج يكون الى الديار اكثر امنا ولقد ظهر ذلك في حالة ظهور الطاعون فقد قال الرسول الكريم [ ( اذا ظهر الطاعون في بلد انتم فيه فلا تخرجوا منه وإذا سمعتم به وانتم خارجه فلا تدخلوه).

ولعل من اهم الحريات التي كفلها الدستور، هي حرية المسكن وحرمته فلا شك في ان المسكن هو المكان الذي يجد فيه الانسان راحته وسكينته مع اهله اسرته وهذه الحرية تمتد لتشمل الحق في استخدام المسكن وفي تغييره في اي وقت يريده.
غير انه وان كان هذا هو الاصل العام الا ان هذه الحرية قد يرد عليها بعض القيود فمثلا على الزوجة ان تسكن مع زوجها وكذلك الاولاد القصر والمستخدمون مع ارباب اعمالهم.

ولقد اكدت على تلك الحرية المادة «38» من الدستور والتي نصت علي انه للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها بغير اذن اهلها الا في الاحوال التي يعينها القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه.

ومن هنا فلقد راعى قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتية حرمة المسكن بأنها تشمل كل سور او محاط باى حاجز مستعمل او معد للاستعمال كمأوى وذلك حسبما اشارت اليه المادة «78» كما ان المادة «79» من ذات القانون قد ذهبت الى عدم جواز تفتيش الاشياء ذات الحرمة دون موافقة صاحب الشأن إلا في الاحوال التي ينص عليها القانون وبالشروط المقررة فيه.

وفي الحقيقة فأن ما كفله الدستور الكويتي والقوانين الصادرة له قد وجدت سندها في ذلك في الشريعة الاسلامية التي كان لها السبق دائما في تقرير الحريات ومنها حرمة المسكن حيث قال سبحانه في سورة النور {يا ايها الذين امنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على اهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون. فان لم تجدوا فيها احد فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وان قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو اذكى لكم والله بما تعلمون عليم}.

حتى ان داخل المسكن ذاته قد قررت اداب الاسلام ضرورة الالتزام بسلوكيات من احسن وأروع الخلق والآداب العامة حيث قال سبحانه وتعالى ايضا في سورة النور {يا ايها الذين امنوا ليستأذنكم الذين ملكت ايمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات، من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم}…

وفي هذا تقييد من أجل حرية الاخرين.
فرغنا في العدد السابق من تناول الحقوق والحريات المرتبطة بالشخصية في الدستور الكويتي.. ونعرض هنا، ومن خلال الجزء الثاني إلى الحريات الفكرية، والتي تعد من أهم الحريات بالنسبة للإنسان في حياته لكونها تمثل الجانب الفكري المعنوي له، وهي تعد دعامة أساسية لبناء الشخصية المتكاملة حيث إنها تؤدي إلى توفير المناخ العملي الذي ينتج وينمى التحرر التدريجي من التخلف والجهل وإعطاء الفكر والعقل القدرة على الانطلاق والإبداع.

-الحريات الفكرية تتعد على الوجه التالي :..
1- حرية الإعتقاد:
حرية الإعتقاد تعني أن الشخص يكون حرا في اعتناق الدين أو المبدأ الذي يعتقده ويشمل ذلك أيضا حق الفرد في ممارسة شعائر دينية طبقا لعقيدته علنا وجهرا ويتعدى ذلك في حريته في عدم التعبد أو ممارسة اي نشاط ديني.

وكثيرا ما يتم النص في الدساتير على اعتناق الدولة لدين معين بحيث يكون الدين الرسمي لها، إلا ان ذلك لا يمثل عائقا او مانعا من اصحاب الديانات الاخرى في ممارسة شعائرهم الدينية.

غير ان هذه الحرية لا تمنع او تحول دون حق الدولة في تنظيم هذه الحرية للعقائد الاخرى وكل في حدود الصالح العام والنظام والآداب العامة، فانه لا يجوز ان يتعرض الاشخاص في ممارسة شعائرهم الدينية بالنقد او التجريح لأي ديانة اخرى كما ينبغي في ذات الوقت عدم إحداث قلاقل او إثارة اي فتنة طائفية او خلافات مذهبية.

ولقد اكد الدستور الكويتي على حرية الاعتقاد حيث نصت المادة 35 منه على التالي... حرية الاعتقاد مطلقة وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الاديان طبقا للعادات المرعية على ألا يخل ذلك بالنظام العام او ينافي الآداب، فهذه المادة ترسي ان حرية الاعتقاد مطلقة، طالما انها في نطاق الاعتقاد اما بالنسبة للسرائر فان مردها يرجع الى الله سبحانه وتعالى، ويجب ان تكون الشعائر طبقا للعادات المرعية وألا تخل بالنظام العام او تتعارض مع الاداب.

مصطلح الاديان هنا، يعني الديانات السماوية الثلاث الاسلام، المسيحية، اليهودية، ولكن ليس معنى هذا المنع المطلق للأديان الأخرى من ممارسة شعائرها كليا او جزئيا، فان الامر في هذه الحالة يرجع الى تقدير الدولة دون ان يكون لتلك الاديان ان تتخذ من المادة 35 من الدستور سندا لها في تبرير ذلك.

ولقد كان الاسلام ومنذ بداياته، سباقا في إرساء حرية العقيدة ولم يجبر أحد على الدخول في الاسلام بل ترك الحرية في إعتناق دين من عدمه، فقد قال سبحانه وتعالى {لا اكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي فمن كفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعدوة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم}.

كما قال سبحانه {افآنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين}.
ولقد قال الرسول الكريم (من أذى ذميا فقد اذاني).
وأحل الله تعالى لنا طعام أولى الكتاب، فأن الاسلام قد اعطى لأصحاب الديانات الاخرى حقهم في ممارسة شعائرهم وان يتعبدوا حسب طقوسهم دون اكراه ومنع التعرض لهم او ايذائهم، وهذا هو الاسلام القائم على العدل حتى مع اصحاب الملل الاخرى.
2- حرية التعليم والتعلم:
التعليم حق للكويتيين، وتكفله الدولة للمواطنين، و في حدود النظام العام والآداب. ولقد نصت المادة «40» من الدستور على ان (التعليم حق للكويتيين تكفله الدولة وفقا للقانون و في حدود النظام العام والآداب والتعليم الزامي مجاني في مراحله الاولى وفقا للقانون).

ويتضح من هذه المادة ان التعليم حق للمواطن تكفله الدولة وهو مرتبط بكل من النظام العام والآداب وإمكانيات الدولة، كما يلاحظ ان مجانية التعليم وإلزاميته يكون في مراحل التعليم الاولى ويقصد بها نهاية المرحلة المتوسطة، حيث يجب عدم تجاوز الإلزام هنا الى مراحل اخرى متقدمة لان في ذلك تأثير ومساس بحرية الوالدين في تحمل أعباء بالنسبة لهما.

ولقد كان للإسلام دائما الريادة في الحث على طلب العلم وتكريم العلماء فلقد قال الله تعالى {يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات} كما قال تعالى {هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} كما قال تعالى {الرحمن علم القران خلق الانسان علمه البيان} وقال الرسول الكريم العلماء ورثه الانبياء.
3- حرية الرأى:
ان حرية الرأى، هى من الحريات الاساسية التي كفلها الدستور وارسى قواعدها ومبادئها من حيث تمكين الفرد من التعبير عن ارائه بحرية ودون قيود بالوسائل المتاحة والمشروعة سواء بالقول او الكتابة وفي كافة وسائل الاعلام المختلفة من اذاعة وصحافة وتلفزيون وغيرها من وسائل التقنية الحديثة مثل وسائل التعبير خلال النت وغيرها.

ولقد اكدت كل ذلك المادة 36 من الدستور والتي جاء فيها (حرية الرأى والبحث العلمي مكفولة ولكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول او الكتابة او غيرها وفقا للشروط والأوضاع التي بينها القانون).

ولعلنا دائما ما نستشهد على هذه الحرية وغيرها من الحريات الاخرى، بتعاليم الدين الاسلامي الحنيف الذي دائما ما نجد فيه المثل والقدوة، فقد قال تعالى {أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير} ولقد كان في العديد من المواقف لسيدنا عمر بن الخطاب اراء في بعض الاحداث فأيد وحى السماء عمر فيها ومنها رأيه بالنسبة لأسرى بدر، فان حرية الرأى من ثوابت الشريعة الاسلامية.

ولقد امرنا الله سبحانه في القران الكريم بأعمال العقل والتدبر.. أفلا تعقلون.. أفلا يعقلون.. يتذكرون… يفقهون.. إن في ذلك لآيات لأولى الالباب..
ولقد كان في مواقف الصحابة رضي الله عنهم سيدنا ابو بكر وعمر وعثمان وعلى ما يحقق احترام الرأى والأخذ به طالما انه قائم على حقائق الشرع.
4- حرية الصحافة:
اقر الدستور الكويتي المادة ” 37 ” والتي نصت على ان «حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي بينها القانون» فالصحافة تعد صرحا هاما في المجتمع لكونها منبر من منابر الرأى الذي يعبر عن نبض المواطنين وتمثل عنصر إرشاد ونوعية لبناء المجتمع ونهضته، والصحافة تشمل كل وسائل التعبيرعن الرأى المكتوبة من صحف ومجلات وكتب وذلك وفق الضوابط القانونية التي حددها القانون.

والصحافة، وهي صرح لا غنى عنه في المجتمع وتحظى بحماية الدستور، إلا ان هذه الحرية يجب أن تكون حرية مسؤولة، تراعي مصلحة الوطن فيتعين عليها ان تكون وسيلة بناء وتنمية وتنشد المصلحة العليا للوطن فلا ينبغي باسم الحرية ان تكون آداة هدم من خلال نشر أي افكار او مبادئ منافية لقيم المجتمع وعاداته وتقاليده او تتعارض مع النظام العام والآداب او تكون آداة في أيادي اعداء الوطن ومعول هدم لبنيانه واستقراره وسلامه الاجتماعي القائم على اساس التآلف والتكاتف والعدالة.

5- حق الاجتماع وتكوين الجمعيات:
لقد قرر الدستور الحق للأفراد في الاجتماع وكذلك الحق في تكوين الجمعيات، فنجد ان الحق في الاجتماع يقصد به تبادل الافكار والآراء بينما الحق في تكوين الجمعيات فيقصد به تكوين جماعة معينة تهدف الى تحقيق اغراض وأهداف محدودة تعمل على انجازها.
ولقد نصت المادة (44) من الدستور على التالي: ان للأفراد حق الاجتماع دون الحاجة لإذن او اخطار سابق ولا يجوز لأحد من قوات الامن حضور اجتماعاتهم الخاصة والاجتماعات العامة والمواكب.التجمعات مباحة وفقا للشروط والأوضاع التي بينها القانون على ان تكون اغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الاداب.

ومن خلال النص السابق، يتبين لنا ان الدستور قد تكفل بحفظ الاجتماعات الخاصة وأعطى لها الحرية، فلا يجوز لأي جهة ان تشترط الحصول على اذن بهذه الاجتماعات او الاخطار عنها مقدما وان هذه الاجتماعات لا يجوز لأي جهة اقتحامها بما فيها الامن، الا بناء على طلب من الافراد في حالة الحاجة للاستعانة بالأمن حسب الاجراءات والنظام المتبع، وانه وان كانت هنا الحرية مقررة للاجتماعات الخاصة، فهذا ليس معناه ان تخوض فيما تراه دون قيد او شرط، بل انها مقيدة في ذلك بالنظام العام والآداب وكذلك الالتزام بالقانون ولا يجوز بتاتا استغلالها في الخروج عن القانون بما يهدد سلامة وامن المجتمع وسلامة الناس وهنا وفي حالة الخروج عن القانون، فلابد من تطبيق احكام القانون الجزائي وقانون الاجراءات الجزائية وتتبع الخارجين عن القانون من اجل سلامة الوطن والمواطنين والناس بصفة عامة.

اما بالنسبة للاجتماعات العامة، سواء كانت في صورة تجمعات في موقع محدد او من خلال مواكب تسير في موكب عام، فانه في هذه الحالة، تخضع للشروط والأوضاع التي قررها القانون، وفي كل الاحوال فيجب ان تكون سلمية وتحافظ على النظام العام.
اما فيما يتعلق بالحق في تكوين الجمعيات فقد نصت المادة (43) من الدستور على ان «حرية تكوين الجمعيات والنقابات على اسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي بينها القانون ولا يجوز اجبار احد على الانضمام الى جمعية او نقابة».

فهذه المادة بمدلولها، تقصر الحق على تكوين الجمعيات او النقابات دون ان تشمل أي هيئات بما فيها الاحزاب السياسية، غير انه ليس معنى ذلك، ان هذا النص قد حظر تأسيس الاحزاب بل انه قد جاء مجردا لم يتعرض لإقرار او حظر تأسيس الاحزاب، ولقد جاء الباب الخامس الفصل الاول الخاص بمنظمات العمال وأصحاب العمل والحق النقابي من القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الاهلي متفقا مع ما جاء بالمادة (43) من الدستور حيث نصت كل من المادة (98) على التالي «حق تكوين اتحادات لأصحاب الاعمال وحق التنظيم النقابي للعمال مكفول وفقا لأحكام هذا القانون وتسري احكام هذا الباب على العاملين في القطاع الاهلي وتطبيق احكامه على العاملين في القطاع الحكومي والنفطي فيما لا يتعارض مع القوانين التي تنظم شؤنهم».

وكذلك المادة (99) نصت على الاتي «لجميع العمال الكويتيين الحق في ان يكونوا فيما بينهم نقابات ترعى مصالحهم وتعمل على تحسين حالتهم المادية والاجتماعية وتمثيلهم في جميع الامور الخاصة بهم ولأصحاب الاعمال حق تكوين اتحادات لهم لذات الاهداف».

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.