تمت إعادة النشر بواسطة محاماة نت

تفاصيل قانونية حول اللامبالاة بتسجيل الأبناء

يهمل بعض الآباء قيد ابنائهم بسجلات الأحوال المدنية ، ولا مبرر لمسلكهم الذي ينبئ عن إهمال جسيم علاوة على ما يلحقه بالطفل من إضرار لحرمانه من أهم حقوقه لإكتساب الشخصية القانونية ألا وهي الأسم والهوية وما يرتبط بهما من حقوق مدنية ، خاصة عند البلوغ وهو أذي جسيم لايمكن تقديره من وجهة نظري ؛ فهذه فتاة أو فتي يريدا استكمال إجراءات الزواج أو استخراج جواز سفر أوإجراء غير ذلك من المعاملات والتصرفات المالية التي لن ترتب التزاما بالذمة المالية إلا إذا كان للشخص هوية ؛ فلم يعد ممكنا أن يكون الإنسان مجرد كائن دون إثبات رسمي ، لأننا لانعيش فى عصر الغاب الذي تجاوزه الزمن رغم أن البعض ممن يرتكبون هذه السلوكيات لازالوا يعيشون في ذلك العصر ، ولقد فوجئت بسيدة تقول بأن زوجها الذي حرم إبنيهما الحق فى القيد بالسجلات الرسمية ؛ وهما من صلبه قد توفاه الأجل ، ولم يعد له مبرر للتهرب منهم كما كان يفعل فى حياته ، وسوف أذكر بأثار أعمالنا اللانسانية من الوجهة القانونية وتحديدا جنائيا ، إلا أن الأثار الاجتماعية والاخلاقية أشد وطأة فما ذنب هذه الفتاة التي ارتكبت والدتها خطيئة كانت ثمرتها ولم تكتفِ بمافعلت بل استمرت فى الاعتداء على حقوقها بحرمانها من القيد بالسجلات الرسمية وتحديدا السجل الخاص بفئة الأبناء غير الشرعيين ، مما حرمها من الحق فى التعليم ومن الحق فى الهوية فهي تعمل عاملة نظافة بمساعدة صاحب العمل الذي يخشى مخالفته للقوانين إلا أن إنسانيته تفوقت عليها ، فى حين تواجه الفتاة غضب والدتها لرفضها ارتكاب الفاحشة بحجة انها ابنة غير شرعية ، ولقد أستفز حرص الفتاة ومطالبتها بحقوقها الأم ودفعها للاعتداء عليها بالضرب وطردها من المنزل ، مما يشكك فى المعايير التي اعتمدها علماء الاجتماع وعلماء النفس للأمومة لان الحيوانات أكرمكم الله تعتني باطفالها وتقاتل من يحاول الاقتراب منهم ؛ أما بنوا البشر فلا يتواني بعضهم عن الاساءة لاطفاله بقصد او دون قصد ، لان الجهل أو الرغبة فى الانتقام من الام يلحق ضررا مباشرا بالطفل ، وهو ما يدعونى إلى القول بأن أمثال هؤلاء لايستحقون الأمومة أو الأبوة ، وهي قسوة مبررة يستحقها من حرم الطفلة أو الطفل حقها فى تعليم يحصنها ، ويمكنها من الحياة بكرامة ، ومن الحصول على هوية ، وللأسف أن تشدد قانون العقوبات فى مواجهة هذه السلوكيات حيث جرمت المادة 404 فعل إخفاء وليد أوعدم قيده أو تحريف البيانات المتعلقة بوثيقة ولادة ، وأضفت وصف الجناية عليها وعقوبة السجن مدة لاتزيد عن خمس سنوات لم يجد طريقه للتطبيق ولم يشكل رادعا يمنع البعض من انتهاكه ، ويصدق ذلك على جريمة إخفاء حالة طفل شرعي أو طبيعي معترف به فى ملجأ لقطاء أو مكان آخر من مؤسسات البر مخفيا البيانات الحقيقية عنه ، مما يدعونا للتسأول بشأن جدوى الجزاء الجنائي ؟ لأن الواقع يثبت فشله وعدم قدرته على استيعاب العديد من السلوكيات اللاخلاقية التي تلحق ضررا بالغا بالأطفال على وجه الخصوص ، ولايشعر المتسبب فيه بالألم بل لايجد من يحاسبه إلى أن يسبق السيف العذل ؛ لأن البلوغ والمعرفة التي تتاح للمتضرر فى سن الرشد سوف تمكنه من استيفاء جزء يسير من حقه ، إلا أنه لن يعوضه عما فقده جراء لامبالاة الأهل وغياب الدور الرقابي للمجتمع ، الذي قد لايقبل الزج بالأم أو الأب المهمل فى السجن ؟ بحجة أن معاقبتهما جنائيا لن تحقق له الأمن الاجتماعي المرجو ؟ كما لم يبالِ بمحدودية دور المؤسسات الاجتماعية خاصة التربوية والتعليمية الرصينة ناهيك عن المؤسسة الثقافية ، إذ تسبب عدم استقرار كل تلك المؤسسات وغيرها فى انهيار المنظومة القيمية ، لفشلنا فى تجاوز الشخصنة وتمحور اهتمامنا بالبحث الدؤوب عن الاعمال ذات المردود المادي لا الانساني ، وقد يرفض البعض القبول بكشف ما نعانيه من أمراض اجتماعية ويجادل بالباطل ، لخشيته مما قد يفرض عليه من التزامات كمواطن يقع عليه عبء الابلاغ عما قد يعانيه بعض الأطفال من إهمال بسبب سوء سلوك الوالدين كلاهما أو أحدهما ، ومتابعته لابنائه الطلاب داخل المدرسة وعدم الاكتفاء بالدور التلقيني الأجوف ، كما يفرض على المسئول إعادة تقييم دور مؤسساتنا التربوية والتعليمية والاجتماعية فى هذا الخصوص وكذلك الثقافية بفرض تدابير قد يعتقد البعض بعدم جدواها كتلك التي توجب استلام المجتمع للطفل المهمل أو من تثبت تقصير الوالدين فى تربيته أو فشلهما فى الاضطلاع بدورهما ولننبذ الفكرة التقليدية التي تعتقد بأن الأسرة الطبيعية هي الخلية الاولي للتربية السليمة فى ظل ظروف يثبت فيها العكس ، والاضطلاع بدور فاعل لخلق أجيال تتمتع بالصحة النفسية والجسدية