ميراث المطلقة

{الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} سورة البقرة(229)

من أسباب الإرث عقد الزوجية وإذا حل هذا العقد حلاً كاملاً انتفى الإرث بالجملة ، لأنه إذا انعدم السبب عدم المسبب وحل العقد كاملاً يكون بالطلاق البائن ، إلا أنها تكون هناك ملابسات يختلف بسببها هذا الحكم فلا ينتفي الإرث مع وجود الطلاق البائن ، وأما إذا كان حل عقد النكاح غير كامل وهو ما كان بالطلاق الرجعي فإن التوارث بينهما باقٍ بكل حال ما دامت في العدة ، وهذا يستدعي منا أن نستعرض أنواع المطلقات ومعرفة من ترث ومن لا ترث .

:أنواع المطلقات إجمالاً :

1 – المطلقة الرجعية سواء حصل طلاقها في حال صحة المطلق أو مرضه .

2 – المطلقة البائن التي حصل طلاقها في حال صحة المطلق.

3 – المطلقة البائن التي حصل طلاقها في حال مرض موت المطلق.

كل حكم للزوجة المطلقة الواحدة في هذه المسائل ينطبق على جميع الزوجات سواء كن اثنتين أو ثلاث أو أربع قال ابن المنذر : وأجمعوا أن حكم الأربع من الزوجات حكم الواحدة .

:أحكام توريث المطلقات :

حكم المطلقة الرجعية :

المطلقة الرجعية ترث وفاقاً إذا مات المطلق وهي في العدة لأنها زوجة لها ما للزوجات مادامت في العدة .

قال في الإجماع : وأجمعوا على أن من طلق زوجته، مدخولاً بها، طلاقاً يملك رجعتها، وهو صحيح أو مريض/ فماتت أو مات قبل أن تنقضي عدتها؛ فإنهما يتوارثان.

حكم المطلقة البائن التي حصل طلاقها في حال صحة المطلق :

المطلقة البائن في حال صحة المطلق لا ترث إطلاقاً لانقطاع صلة الزوجية من غير تهمة تلحق الزوج في ذلك وكذا إذا كان الطلاق في غير مرض مخوف .

قال ابن المنذر في كتابه الإجماع : وأجمعوا أن من طلق زوجته ثلاثاً، وهو صحيح، في كل قرء تطليقة، ثم مات أحدهما أن لا ميراث للحي منهما من الميت.

حكم المطلقة البائن التي حصل طلاقها في حال مرض موت المطلق وهو غير متهم بقصد حرمانها من الميراث : لا ترث

حكم المطلقة البائن التي حصل طلاقها في حال مرض موت المطلق المخوف بقصد حرمانها من الميراث

اختلف العلماء على أربعة أقوال :-

الأول عند الحنفية : ترث إذا توفى مطلقها وهي في العدة ولا ترث إذا توفى بعد خروجها من العدة لأن العدة بعض أحكام الزوجية وكأنهم شبهوها بالرجعية .

الثاني عند المالكية :أنها ترثه مطلقاً في العدة وبعدها تزوجت غيره أم لم تتزوج .

الثالث عند الشافعية :اختلف قول الشافعي رحمه الله فيمن بت طلاق امرأته في المرض المخوف واتصل به الموت

فقال في أحد القولين : إنها ترثه لأنه متهم في قطع إرثها فورثت كالقاتل لما كان متهما في استعجال الميراث لم يرث والثاني : أنها لا ترث وهو الصحيح لأنها بينونة قبل الموت فقطعت الإرث كالطلاق في الصحة .

فعلى القول الأول الذي يقول بالتوريث إلى أي وقت ترث فيه ثلاثة أقوال( المهذب ج 2 ص 25 )
أحدها إن مات وهي في العدة ورثت لان حكم الزوجية باق وإن مات وقد انقضت العدة لم ترث لأنه لم يبق حكم الزوجية

والثاني أنها ترث ما لم تتزوج لأنها إذا تزوجت علمنا أنها اختارت ذلك

والثالث أنها ترث أبدا لان توريثها للفرار وذلك لا يزول بالتزويج فلم يبطل حقها.

الرابع عند الحنابلة : أنها ترث سواء توفى وهي في العدة أو بعدها ما لم تتزوج بآخر أو ترتد لأن سبب توريثها فراره من ميراثها وهذا المعنى يزول بانقضاء العدة معاملة له بنقيض قصده .

ورجح فضيلة الشيخ الفوزان قول الحنابلة
وأجاب عن قول الأحناف بحصر ارثها في زمن العدة أنه لا وجه له لأن البينونة حاصلة في العدة وبعدها وإنما توريثها منه معاملة له بنقيض قصده وسداً للذريعة .

وأجاب عن قول المالكية بتوريثها بعد ما تتزوج بآخر يلزم عليه أن ترث من زوجين أو أكثر في آن واحد والمرأة لا ترث من زوجين بالإجماع ( وقد يقال لا مانع من إرثها من زوجين أو أكثر ودعوى الإجماع على منع ذلك ممنوعة في صورة النزاع التي نحن بصددها )

وأجاب عن قول الشافعية بعدم توريثها مطلقاً بأمرين :-

1 – أنه مخالف لما هو كالإجماع من الصحابة حينما قضى عثمان بن عفان رضي الله عنه بتوريث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وقد طلقها في مرض موته فبتها واشتهر هذا القضاء بين الصحابة ولم ينكر.

2 – أن قاعدة سد الذرائع معروفة وهذا المطلق قصد قصداً فاسداً في الميراث فعومل بنقيض قصده .

بعض الفوائد من كتاب المهذب

* وأما إذا طلقها في المرض ومات بسبب آخر لم ترث لأنه بطل حكم المرض وإن سألته الطلاق لم ترث متهم وقال أبو علي بن أبي هريرة ترث لأن عثمان بن عفان رضي الله عنه ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وكانت سألته الطلاق صحيح فإن ابن الزبير خالف عثمان في ذلك .

* وإن علق طلاقها في الصحة على صفة تجوز أن توجد قبل المرض فوجدت الصفة في حال المرض لم ترث متهم في عقد الصفة

* وإن علق طلاقها في المرض على فعل من جهتها فإن كان فعلا يمكنها تركه ففعلت لم ترث متهم في ميراثها وإن كان فعلا لا يمكنها تركه كالصلاة وغيرها فهو على القولين

* وإن قذفها في الصحة ثم لاعنها في المرض لم ترث لأنه مضطر إلى اللعان لدرء الحد فلا تلحقه التهمة

* وإن فسخ نكاحها في مرضه بأحد العيوب ففيه وجهان أحدهما أنه كالطلاق في المرض والثاني أنها لا ترث لأنه يستند إلى معنى من جهتها ولأنه محتاج إلى الفسخ لما عليه من الضرر في المقام معها على العيب

* وإن طلقها في المرض ثم صح ثم مرض ومات أو طلقها في المرض ثم ارتدت ثم عادت إلى الإسلام ثم مات لم ترثه قولا واحدا لأنه أتت عليها حالة لو مات سقط إرثها فلم يعد .
قال في الدرة البيضاء :

ويمـنع الإرث نكاح في المرض
وليس يمنع الطلاق إن عرض

والموت في النكاح بالتفويض لا
يمنع إرثاً والصــداق حظلا

وليس من شـرط التوارث البنا
إذ الوفاة كالدخـــول عندنا

وحيث في فسـخ النكاح خـيرا
فالإرث قبل فسخـه لن يحظرا

ويمـنع الإرث نكاح مجمــع
عن فسخه والعكس ليس يمنع

وحيثما طلقـها في الصــحة
رجعيــة توارثا في العــدة