الأمر بحفظ الدعوى .. و البلاغ الكاذب

دراسة قانونية مقارنة

قد يتقدم المدعي بشكواه وينتهي التحقيق إلى صدور الأمر بحفظ الدعوى لعدم كفاية الأدلة أو لعدم صحة الواقعة أو لعدم معرفة الفاعل , وعلى اثر ذلك قد يتقدم المتهم مستنداً إلى ما تضمنه الأمر بحفظ الدعوى بدعوى البلاغ الكاذب ضد المدعي , فما أثر الأمر بحفظ الدعوى على دعوى البلاغ الكاذب ؟
سنبحث ذلك بشكل موجز في فرعين:
الفرع الأول: التعريف بجريمة البلاغ الكاذب وبيان أركانها .
الفرع الثاني: أثر الأمر بحفظ الدعوى على جريمة البلاغ الكاذب .
الفرع الأول
التعريف بجريمة البلاغ الكاذب وبيان أركانها
تعريف جريمة البلاغ الكاذب :
لم يتضمن نظام الإجراءات الجزائية السعودي تعريفاً لدعوى البلاغ الكاذب شأنه في ذلك شأن قوانين الإجراءات الجنائية المقارنة.
ومصطلح البلاغ الكاذب استخدمه القانون المصري وكذلك القانون الجزائري وكثير من القوانين العربية الإجرائية(1), بينما يستخدم قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري واللبناني والأردني مصطلح( جريمة الافتراء) واستخدم قانون المسطرة الجنائية المغربي مصطلح( الوشاية الكاذبة).
وقد ورد النص على جريمة البلاغ الكاذب في قانون العقوبات السوري , وذلك في مادته (393) التي جاء فيها (1ـ من قدم شكاية أو إخباراً إلى السلطة القضائية أو إلى سلطة يجب عليها إبلاغ السلطة القضائية فعزا إلى أحد الناس جنحة أو مخالفة يعرف براءته منها أو اختلق عليه أدلة مادية على وقوع مثل هذا الجرم عوقب بالحبس. 2ـ وإذا كان الفعل المعزو يؤلف جناية عوقب المفتري بالأشغال الشاقة الموقنة عشر سنوات على الأكثر).(2)
وقد اخذ نظام الإجراءات الجزائية السعودي باصطلاح (الإدعاء الكيدي) للدلالة على جريمة البلاغ الكاذب حيث نص في مادته (217) على أنه (…ولكل من أصابه ضرر نتيجة اتهامه كيداً، أو نتيجة إطالة مدة سجنه أو توقيفه أكثر من المدة المقررة الحق في طلب التعويض)
ويمكن تعريف البلاغ الكاذب بأنه إخبار كاذب من شخص أو أكثر إلى السلطة المختصة عن قيام شخص معين بالذات بارتكاب جريمة أو فعل موجب للعقوبة بقصد الإضرار به.
أركان جريمة البلاغ الكاذب :
إن قيام جريمة البلاغ الكاذب تستلزم :
ـ الركن المادي : والذي يتضمن إخبار السلطة المختصة شفاهة أو كتابةً بأمر جريمة لم تقع أصلاً ونسبة تلك الجريمة المزعومة إلى أحد من أفراد الناس أو جماعة .
ـ الركن المعنوي ( أو القصد الجنائي ) : وهو أن يتجه قصد المخبر إلى إلحاق الضرر بمن نسب إليه إرتكاب الجريمة المزعومة .
وفي أركان جريمة البلاغ الكاذب قضت محكمة النقض المصرية بأنه (من المقرر قانوناً أنه يشترط لتحقيق جريمة البلاغ الكاذب توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها ، وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه ، وأن يكون الأمر المخبر به مما يستوجب عقوبة فاعله ولو لم تقم دعوى بما أخبر به).(3)
ولقد استقر القضاء السوري على أنه ( لابد لقيام جريمة الافتراء من العلم ببراءة المفترى عليه، وإقامة الدليل عليه ، وهي من الجرائم المقصودة فلا بد من توافر القصد الجرمي لدى المفتري).(4)
والقضاء السعودي لا يذهب بعيداً عما استقر عليه الفقه والقضاء العربيين و ما تنص عليه غالبية القوانين العربية الإجرائية فهو يقرر أن عدم قدرة المدعي أو المخبر على إثبات صحة دعواه لا يترتب عليه قيام جريمة البلاغ الكاذب في حقه , يظهر ذلك من قرار الهيئة القضائية الذي صدر في قضية تتلخص في وقائعها أن امرأة أخبرت رجال الحسبة عن وجود رجال ونساء مختلين في أحد المنازل فتمت مداهمة المنزل فلم يتم القبض إلا على رجل ووالدته فصدر الحكم بتعزير المرأة المخبرة لقاء إخبارية كاذبة فقررت الهيئة بأن (الحكم الذي قرره القاضي بحق المخبرة في غير محله لأن القرائن تحف بصحة إخباريتها , ولم يظهر للهيئة القضائية العليا وجه لتعزيرها ) وقد قررت الهيئة في ذلك القرار أن العجز عن الإثبات لا يعد كذباً).(5)
الفرع الثاني
أثر الأمر بحفظ الدعوى على دعوى البلاغ الكاذب
إذا انتهت هيئة التحقيق والإدعاء العام من تحقيقاتها في الدعوى إلى إصدار الأمر بحفظ الدعوى , فهل يجوز تحريك دعوى البلاغ الكاذب ضد المدعي في القضية التي صدر بشأنها الأمر بحفظ الدعوى , وهل ذلك الأمر يُلزم المحكمة فيما لو أقيمت دعوى البلاغ الكاذب من قبل الهيئة , أو تقدم المتهم الصادر بشأنه الأمر بحفظ الدعوى بدعواه أمام المحكمة؟
تكاد تجمع القوانين الإجرائية العربية على حق المتهم (في الدعوى الأساسية ) في إقامة دعوى البلاغ الكاذب ضد المدعي في تلك القضية التي صدر فيها الأمر بحفظ الدعوى , إضافة إلى إقامة الدعوى العامة من قبل النيابة , فقانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني نص صراحة في مادته (62) على أنه (1ـ إذا كان التحقيق قد جرى بحق شخص معين بناء على اتخاذ المشتكي صفة المدعي الشخصي وفقاً للمادة (52) وانتهى بقرار منع المحاكمة فللمشتكي عليه أن يطالب الشخص المدعي بالتعويض أمام المرجع المختص. 2ـ ولا يحول ذلك دون إقامة دعوى الحق العام بجريمة الافتراء المنصوص عليها في قانون العقوبات ) وهذا النص مطابق لنص المادة (68) من قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري.
فالقانون الأردني وكذلك السوري وفقاً للنص السابق يمنحان المتهم الذي يصدر بحقه أمر بمنع المحاكمة أن يطالب بالتعويض أمام المحكمة المختصة , كما يمكن إقامة الدعوى العامة ضده في جريمة الافتراء , ولكن لا يعني ذلك أن قرار منع المحاكمة يترتب عليه تقيد المحكمة به عند نظرها لدعوى الافتراء التي قد تقيمها النيابة العامة.
وقد أضاف قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي إلى الإدعاء الكيدي كواقعة تمنح المتهم الحق في طلب تعويضه بسبب ما أصابه من ضرر نتيجة ذلك الإدعاء ؛ واقعة الإدعاء الذي يكون مشوب بخطأ المدعي أو المبلغ في شخص الفاعل أو في وصف الفعل الذي قد نسبه إليه , كأن يتعرض المدعي إلى سرقة منزله فيدعي ضد الساكن بجواره , فمثل هذا الإدعاء إنما مبني على الخفة والتهور(6), فلا يشترط في القانون الكويتي قصد الإضرار في الإدعاء بل يكفي الخطأ فيه طالما قد الحق الضرر بالمتهم ولكن بالتأكيد فهذا يخرج عن جريمة البلاغ الكاذب إلى الخطأ المدني , ومن المؤكد أن ذلك يستند على القاعدة العامة التي تقضي بأن كل خطأ سبب ضرر للغير يلتزم مرتكبه بالتعويض وهذا يدخل في الدعوى المدنية لا الجزائية .
وقد خالف قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني شأنه في ذلك شأن القانون الأردني والسوري النهج الذي سار عليه المقنن الكويتي , فالمقنن الفلسطيني اشترط صراحة أن يقصد المدعي بالحق الخاص إلحاق الضرر بالمدعى عليه إذ نص في مادته (200) على أنه ( إذا صدر قرار بحفظ التهمة أو صدر حكم بالبراءة فللمتهم أن يطالب المدعي بالحق المدني بالتعويض أمام المحكمة المختصة إلا إذا كان الأخير حسن النية ) , فيستفاد من هذا النص أن المدعي بالحق الخاص إذا كان حسن النية فلا يسأل عن دعواه ضد المتهم حتى وإن ثبت عدم صحتها , ومن ثم يتعين على المحكمة وهي تنظر في طلب المتهم للتعويض في مواجهة المدعي بالحق الخاص أن تثبت سوء النية أي قصد الإضرار لدى المدعي بالحق الخاص. وهو ما نصت عليه المادة (25 ) من قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي من أنه ( للمتهم أن يطلب من المحكمة أن تقضى له بتعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب توجيه اتهام كيدي من جانب المبلغ أو المجني عليه وللمحكمة الجزائية أن تقضي بالتعويض للمتهم على من تحكم بإدانته في جريمة شهادة الزور والبلاغ الكاذب بناء على طلب المتهم) .
ومن ثم فإن كان من المستقر عليه أن للمتهم الذي يصدر بحقه أمر بحفظ الدعوى مطالبة المدعي بالحق الخاص إلا أن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال هذا إلزامية القول بثبوت جريمة البلاغ الكاذب (الافتراء).
ولقد انقسم الفقه المصري في أثر الأمر الصادر بألا وجه لإقامة الدعوى على دعوى البلاغ الكاذب إلى اتجاهين:
الاتجاه الأول: و يذهب أنصاره إلى أن الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى لا يقيّد المحكمة ” فإذا أقيمت دعوى البلاغ الكاذب على المبلغ عن الواقعة التي صدر في شانها الأمر بأ لا وجه , فلا تتقيد المحكمة التي تنظر دعوى البلاغ الكاذب بأسباب هذا الأمر سواء أكانت قانونية أم موضوعية , ولو وصلت إلى حد تقرير كذب البلاغ صراحة , بل إن المحكمة التي تنظر دعوى البلاغ الكاذب عليها أن تعيد تحقيق الوقائع المبلغ عنها لتستخلص منها ما تطمئن إليه فتحكم به”(7) فالأمر بألا وجه وفقاً لهذا الاتجاه ” لا يحوز أي حجية أمام المحكمة التي تفصل في موضوع دعوى البلاغ الكاذب , وأنه في ذلك يشبه الأمر بحفظ الأوراق تماما , كما أن الأمر بألا وجه ليس حكماً نهائياً حتى يحوز الحجية في موضوع الواقعة محل التحقيق, وإنما له حجية مؤقتة بشان عدم العودة إلى التحقيق , وعلى ذلك فلا يجوز أن تستند دعوى البلاغ الكاذب إلى الأمر بحفظ الأوراق أو الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى”(8)
الاتجاه الثاني: و يذهب أنصاره إلى ” أن الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى باعتباره يحوز حجية الشيء المقضي فيه يصلح أن يكون أساساً لدعوى البلاغ الكاذب , فإذا صدر الأمر في جناية مثلاً مستنداً لعدم صحة الواقعة , فإن المحكمة الجنائية التي تنظر دعوى البلاغ الكاذب عليها أن تتقيد به , ويرى أنصار هذا الاتجاه أن الواقعة التي يصدر فيها أمر النيابة بحفظ الأوراق ولأن هذا الأمر صدر منها بوصفها سلطة إدارية وليست سلطة قضائية , فليس له أي حجية , بالتالي فهو لا يقيد المحكمة التي تنظر دعوى البلاغ الكاذب والتي يقع على عاتقها استظهار كذب أو صدق هذا البلاغ , وأكثر من هذا فيرى أنصار هذا الرأي أن القرار النهائي من الجهة الإدارية يصلح أساساً لدعوى البلاغ الكاذب ” (9)
وقد حسمت محكمة النقض المصرية هذه المسألة حيث قضت بأن ( قرار الحفظ الصادر من النيابة العامة أو قرار الجهة الإدارية كلجنة الكسب غير المشروع , لا يقيّد محكمة الموضوع عند نظر دعوى البلاغ الكاذب , إنما على محكمة الموضوع أن تعيد تحقيق الوقائع بحرفيتها, وتستوفي كل ما تراه نقصاً في التحقيق لتستخلص ما تطمئن إليه فتحكم به ) (10) , وبخصوص الأمر بالا وجه لإقامة الدعوى فقد قضت بأن ( قوة الأمر المقضي به لا تكون إلا للأحكام الباتة, وليس للأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى في الجريمة المبلغ عنها حجية أمام المحكمة الجنائية في دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة). (11)
وموقف القضاء المصري متمثلاً في محكمة النقض في قضائها القديم والحديث استقر على أن أحكام البراءة والأمر بحفظ الأوراق , والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى لا تقيد قاضي الموضوع عند نظر دعوى البلاغ الكاذب , فقد قضت أنه ( لا يشترط في ثبوت كذب البلاغ ضرورة صدور حكم بالبراءة أو أمر الحفظ في موضوعه , بل أن للمحكمة أن تقول بكذب البلاغ المرفوع به الدعوى أمامها بناءً على ما تستخلصه هي من التحقيقات المطروحة عليها أو التي أجرتها , وهي إذ تفعل ذلك وتورد الأسباب المؤدية إلى كذب البلاغ يكون حكمها صحيحاً )(12) , كما قضت كذلك بأن( الأمر الذي تصدره النيابة بحفظ البلاغ قطعيا لعدم الصحة لا تكون له حجية على المحكمة عند نظرها الدعوى التي ترفع عن كذب البلاغ فلها أن تقول بصحة الواقعة التي صدر عنها الأمر إذا ما اقتنعت به هي بذلك ) (13) , كذلك قضت بأن ( المحكمة في نظرها لدعوى البلاغ الكاذب لا تتقيد بأمر الحفظ الصادر لعدم معرفة الفاعل , بل إن عليها أن تفصل في الواقعة المطروحة أمامها حسبما ينتهي تحقيقها له)(14) , كذلك قضت بأن( تقدير صحة التبليغ من كذبه أمر متروك لمحكمة الموضوع التي تنظر دعوى البلاغ الكاذب , وهي لا تتقيد في هذا الشأن بقرار الحفظ الذي تصدره النيابة العامة أو الهيئات الأخرى , بل إن عليها أن تفصل في الواقعة المطروحة أمامها حسبما ينتهي إليه تحقيقها ).(15)
ويرى البعض من الفقه المصري ـ ” إن الأحكام السابقة من محكمة النقض محل نظر فهي تتعارض مع حجية الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى والتي استقر عليها قضاء تلك المحكمة وأن الأمر يتطلب تعديل نص المادة (305) من قانون العقوبات ـ المصري ـ بشان البلاغ الكاذب وذلك بالنص صراحة على وقف الدعوى الجنائية بالبلاغ الكاذب وذلك لحين الفصل في الواقعة المبلغ بها بحكم قضائي أو الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى متى كانت محلاً للتحقيق أو بالأمر بألا وجه الصادر عن لجنة الكسب غير المشروع متى كانت الواقعة محلاً للتحقيق, على ألا يشمل النص الأمر بحفظ الأوراق وذلك لأن الأمر المذكور لا يقيد النيابة العامة أو المدعي بالحق المدني من إعادة تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر أياً كانت الجريمة التي صدر فيها هذا الأمر على أن يكون النص كالآتي( أما من اخبر بأمر كاذب مع سوء القصد فيستحق العقوبة ولو لم يحصل منه إشاعة غير الإخبار المذكور, و لو لم تقم دعوى بما اخبر به , أو أقيمت الدعوى وصدر فيها حكم أو أمر بألا وجه لإقامة الدعوى , أو صدر قرار نهائي بالحفظ من الجهة الإدارية ذات الاختصاص القضائي , فيجب وقف دعوى البلاغ الكاذب مؤقتاً لحين صدور الحكم النهائي أو الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى أو أمر بالحفظ من الجهات المذكورة”(16)
والذي نراه بأنه وإن كان من المتعين وقف المحاكمة في دعوى البلاغ الكاذب لحين انتهاء سلطة التحقيق وإصدار قرار إما بالإحالة إلى المحكمة أو حفظ الدعوى , إلا أن الأمر بحفظ الدعوى في كافة الأحوال لا يقيد المحكمة عند نظرها لدعوى البلاغ الكاذب أياً كان سبب ذلك الأمر , فلا علاقة بين دعوى البلاغ الكاذب وبين طبيعة الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى , فصدور هذا الأمر لا يعني بأي حال من الأحوال كذب البلاغ المقدم من المدعي , فسلطة التحقيق يقع عليها عبء إثبات ارتكاب المتهم للجريمة المنسوبة إليه فإن قصرت تحقيقاتها عن بلوغ تلك الأدلة أو القرائن ما كان لها أو للمتهم الرجوع على المدعي وتحريك دعوى البلاغ الكاذب ضده , ومن ثم فمن الطبيعي ألا تتقيد المحكمة بالأمر بحفظ الدعوى عند نظرها لدعوى البلاغ الكاذب في حالة تقدم المتهم في الدعوى التي تصدر فيها الأمر.
ومن ثم فإن كان الأمر بحفظ الدعوى لعدم صحة الواقعة المدعى بها , يمكن أن تؤسس عليه هيئة التحقيق في اتهام المذكور بجريمة البلاغ الكاذب إلا أن ذلك لا يلزم محكمة الموضوع عند نظرها للدعوى , فهي قد تحكم ببراءة المتهم أو قد تحكم بإدانته , ومناط ذلك هو ما تستخلصه من أدلة وقرائن عندما تفحص ظروف وملابسات البلاغ أو الإخبارية التي تقدم بها المتهم بجريمة البلاغ الكاذب ومدى توافر ما يثبت سوء القصد لدى ذلك المتهم عندما تقدم ببلاغه , وهذا هو ما يتفق وقواعد العدالة .
وبالله التوفيق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)تنص المادة ( 78) من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على أنه ( وإذا صدر بعد إجراء تحقيق مفتوح بناء على ادعاء مدني قرار بألا وجه لمتابعة المتهم ولكل من الأشخاص المنوه عنهم بالشكوى –
(2)كما نص على تلك الجريمة قانون الجزاء الكويتي في مادته(145) التي جاء فيها (كل من قدم إلى موظف عام مختص باتخاذ الإجراءات الناشئة عن ارتكاب الجرائم ، بلاغا كتابيا أو شفويا متضمنا إسناد واقعة تستوجب العقاب إلى شخص لم تصدر منه ، وهو عالم بعدم صحة هذا البلاغ ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تجاوز ألفي روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين. توقع العقوبات السابقة ولو كان الموظف الذي تلقى البلاغ لا يختص باتخاذ الإجراءات الناشئة عن الوقعة المبلغ عنها بالذات ، أو كانت الإجراءات لم تتخذ فعلا على البلاغ) .
كذلك ورد النص على جريمة البلاغ الكاذب في القانون الجنائي المغربي رقم413/59/1 لسنة1382هـ ( تحت مصطلح الوشاية الكاذبة) حيث نص في الفصل (445) على أنه (من أبلغ بأية وسيلة كانت، وشاية كاذبة ضد شخص أو أكثر إلى النيابة العامة أو إلى الضابطة القضائية أو الإدارة أو إلى هيئات مختصة باتخاذ إجراءات بشأنها أو تقديمها إلى السلطة المختصة ، وكذلك من أبلغ الوشاية إلى رؤساء المبلغ به أو أصحاب العمل الذين يعمل لديهم، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات، وغرامة مالية من مائة وعشرين إلى ألف درهم ، ويجوز للمحكمة أن تأمر علاوة على ذلك بنشر حكمها كله أو بعضه في صحيفة أو أكثر على نفقة المحكوم عليه.وإذا كانت الوقائع المبلغ بها تستوجب زجرا جزافيا أو إداريا، فإن المتابعة عن الوشاية الكاذبة تطبيقا لهذا النص ، يمكن الشروع فيها ، إما عقب الحكم النهائي ببراءة المبلغ ضده ، أو عقب صدور أمر إقرار بعدم متابعته أو عقب حفظ الشكاية بأمر من أحد رجال القضاء أو الموظف أو رئيس المبلغ ضده أو مستخدمه المختص بالبت في الشكاية . وعلى المحكمة التي ترفع لها الدعوى بمقتضى هذا الفصل، أن تأمر بوقف نظر دعوى البلاغ الكاذب، إذا كانت المتابعة عن الواقعة المبلغ بها لازالت جارية ) .
(3) الطعن رقم 47377 لسنة 59 ق, جلسة13/10/ 1998م,س 49 ,ص 1069, متاح علىhttp://www.arablegalportal.org/تاريخ الدخول3/9/1430هـ
(4) أحداث أساس 414 قرار 569 تاريخ 17/6/1982,قاعدة 128 مشار إليه (أديب استانبولي , قانون أصول المحاكمات الجزائية (ج1) , ط2( دمشق : المكتبة القانونية, 1994م) , 139, قاعدة 129 .
(5) قرار الهيئة القضائية 169 وتاريخ25/6/1392هـ , مشار إليه في (الإدارة العامة لتدوين ونشر الأحكام بوزارة العدل (1428هـ) , مدونة الأحكام القضائية , الإصدار الثاني) .
(6) تنص المادة(116) من قانون أصول الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي على أنه( للمتهم أن يطلب من المحكمة أن تقضي له بتعويض مدني عن الضرر الذي أصابه بسبب توجيه اتهام كيدي أو اتهام مبني على خفة وتهور من جانب المبلغ أو المجني عليه , ويقدم هذا الطلب بإعلان رسمي أو بتوجيهه في الجلسة. ويجوز للمحكمة أن تفصل فيه في نفس الحكم الصادر في الدعوى الجزائية الأصلية ، كما يجوز لها ، إذا وجدت انه يستلزم تحقيقات خاصة قد تؤخر الفصل في الدعوى الجزائية ، أن تؤجل الحكم فيه إلى جلسة أخرى . وللمحكمة الجزائية أن تقضي بالتعويض للمتهم على من تحكم بإدانته في جريمة شهادة الزور أو البلاغ الكاذب ، بناء على طلب المتهم أو بدون طلب منه، ويحب أن يكون ذلك مع الحكم الجزائي) .
(7) رءوف عبيد , مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري , المرجع السابق , 540ـ541. , وحسن بن صادق المرصفاوي , المرصفاوي في أصول قانون الإجراءات الجزائية بالجمهورية العربية اليمنية (1997 ) , ص432.
(8) عمر السعيد رمضان , مبادئ قانون الإجراءات الجنائية , ط2( القاهرة: دار النهضة العربية ,1989) ,291 , رءوف عبيد , المشكلات العملية الهامة في الإجراءات الجنائية , ط3(القاهرة: دار الفكر العربي,1980م),777 , مشار إليهما لدى( عبدالفتاح بيومي حجازي, سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية , المرجع السابق , 358 ).
(9) فوزيه عبدالستار, شرح قانون العقوبات , القسم الخاص (القاهرة: دار النهضة العربية,1998م) ,606 ومابعدها , و محمد نجيب حسني , شرح قانون العقوبات , القسم الخاص( القاهرة : دار النهضة العربية ,1981م) ,600 ومابعدها , و عوض محمد, قانون الإجراءات الجنائية ,ج1(الاسكندرية : دار المطبوعات الحكومية, 1990م ) , 570 و ما بعدها , مشار إليهم لدى( عبدالفتاح بيومي حجازي , سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية , المرجع السابق ,358)
(10) نقض جنائي مصري ,نقض30 ديسمبر 1958م ,مجموعة أحكام النقض , س 9, رقم 273 , ص1126 مشار إليه لدى ( عبدالفتاح بيومي حجازي , سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية , المرجع السابق , 361ـ362) .
(11) نقض جنائي مصري, نقض 2 يناير 1980م , مجموعة أحكام النقض , س 9, رقم273 , ص1126, مشار إليه لدى (عبدالفتاح بيومي حجازي , سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية , المرجع السابق , 362) .
(12) نقض جنائي مصري, نقض 6 يونيه 1928م , طعن رقم 2167 لسنة 8 ق , مشار إليه لدى (عبدالفتاح بيومي حجازي , سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية , المرجع السابق, 372) .
(13) نقض جنائي مصري , نقض22 ديسمبر1940م , مجموعة القواعد القانونية , ج 5 , رقم 176, ص328 , مشار إليه لدى (عبدالفتاح بيومي حجازي , سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية , المرجع السابق,372) .
(14) نقض جنائي مصري , نقض 29 فبراير 1952م, مجموعة أحكام النقض , س 3, رقم 319, ص850 , مشار إليه لدى (عبدالفتاح بيومي حجازي , سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية , المرجع السابق, 373) .
(15) نقض جنائي مصري, نقض 11 مايو 1964, مجموعة أحكام النقض , س15, رقم 68, ص 343, مشار إليه لدى (عبدالفتاح بيومي حجازي , سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية , المرجع السابق, 372) .
(16) عبدالفتاح بيومي حجازي , سلطة النيابة العامة في حفظ الأوراق والأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية , المرجع السابق , 374

اعادة نشر بواسطة محاماة نت