محاضرات متميزة في القانون المدني المقارن الأحكام الناقلة للحقوق

تمهيد

الأصل في الأحكام القضائية أنها مقررة للحقوق وليست منشئة لها، فالحكم يصدر في خصومة قضائية، أي في نزاع على حق من الحقوق، وهو إذ يفصل في هذا النزاع لا ينشيء للمحكوم له حقًا لم يكن له من قبل وإنما يقرره. فإذا قضى الحكم للدائن بدينه فهو لا ينشيء له حقًا جديدًا وإنما يقرر له حقًا كان موجودًا من قبل، كذلك إذا قضى الحكم بالملكية للمدعى عليه فهو لا ينشيء له حقًا جديدًا وإنما هو حق الملكية السابق وجوده من قبل.
على خلاف هذا الأصل العام، هناك من الأحكام ما يمكن اعتباره منشئًا لحق لم يكم موجود من قبل أو لحالة قانونية جديدة لم تكن قائمة قبل صدوره؛ مثال ذلك، الحكم بتعيين حارس قضائي، والحكم بالطلاق، والحكم بالخلع، والحكم بالتفريق بين الزوجين، والحكم القاضي بتحديد نفقة مؤقتة لأحد الخصوم لحين الفصل في أصل الحق، والحكم بشهر الإفلاس، وتوقيع الحجر أو سلب الولاية …

مفاد ما تقدم أن الأحكام القضائية إما أن تكون أحكامًا مقررة، وهذا هو الأصل، وإما أن تكون أحكامًا منشئة، وهذا هو الاستثناء،. هذا وقد بذلت محاولات عديدة في الفقه الفرنسي للتفرقة بين أنواع الأحكام السالفة سواء من حيث وضع معيار للتفرقة أو من حيث بيان ثمرة الاختلاف بينهما. وقد لاحظنا أن هناك نوعًا من الأحكام لا يمكن إدراجه في التصنيف السابق. فهو ليس بمقرر أو منشيء، وإنما هو حكم ناقل للحق؛ وهو يختلف مضمونًا وأثرًا عن النوعين السابقين.
وفي دراسة الأحكام الناقلة للحقوق سنعرض أولًا لدراسة تحليلية لبعض حالات الأحكام الناقلة للحقوق ثم نختم هذه الدراسة ببيان خصائص وآثار هذه الأحكام.

دراسة تحليلية لبعض حالات الأحكام الناقلة للملكية

الحكم بالشفعة

وضع المسألة

تقضي المادة 935 من التقنين المدني بأن “الشفعة[1] رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري بالأحوال وبالشروط المنصوص عليها في المواد التالية”
كما تقضي المادة 941/1 بأن: “يحل الشفيع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته”، وتقضي المادة 944 بأن: “الحكم الذي يصدر بثبوت الشفعة يعتبر سندًا لملكية الشفيع، وذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل”
فإذا كان الشفيع طبقًا للنصوص المتقدمة يحل محل المشتري، وأن الحكم النهائي الصادر بثبوت الشفعة يعد سندًا لملكية الشفيع، فما هي طبيعة هذا الحكم؟ هل هو حكم كاشف ومقرر لحق الشفيع، أم أن له طبيعة مغايرة لا تجعله مندرجًا في طائفة الأحكام المقررة أو المنشئة.
من المعلوم أن المشرع المصري قد استقى أحكام الشفعة من الشريعة الإسلامية الغراء، فتعد هذه الشريعة هي المصدر المادي أو الموضوعي للقواعد القانونية الخاصة بالشفعة، ومع ذلك لم تتفق كلمة الفقه حول مسألة وجوب الرجوع للشريعة الإسلامية في شأن تفسير الأحكام الخاصة بالشفعة.
فمن الفقهاء من يرى ضرورة الرجوع إلى الشريعة الإسلامية في تفسير تلك النصوص، بينما ذهب فريق آخر تسنده بعض أحكام المحاكم المصرية إلى وجوب تفسير نصوص الشفعة في القانون المدني بالرجوع إلى المباديء العامة في القانون؛ وذلك على اعتبار أن المشرع المصري وإن أخذ الشفعة عن الشريعة الإسلامية باعتبارها سببًا من أسباب كسب الملكية، إلا أنه وضع لها من الأحكام ما يتناقض مع مباديء الشريعة الإسلامية وما يتلاءم مع الأحكام العامة في القانون المدني، ولذا يجب الرجوع إلى هذه الأحكام عن تفسير نصوص قانون الشفعة.
والواقع أنه لا يمكن إنكار أن المشرع المصري قد نقل أحكام الشفعة من أقوال فقهاء الشريعة الإسلامية، ولذلك يبدو منطقيًا وجوب الرجوع إلى الشريعة الغراء في تفسير ما غمض وفي استكمال ما نقص من أحكام الشفعة في القانون المدني المصري، هذا فضلًا عن أن المادة الأولى من التقنين المدني قد ذكرت مباديء الشريعة الإسلامية ضمن المصادرالتي يتعين على القاضي الرجوع إليها فيما لم يرد فيه نص تشريعي يمكن تطبيقه ولا عرف يمكن تحكيمه؛ فمعنى ذلك أن مباديء الفقه الإسلامي أصبحت بموجب المادة الأولى المشار إليها من بين المصادر التي يستقى منها أحكام القانون الوضعي، وليس أولى من نظام الشفعة بين النظم القانونية التي اشتمل عليها التقنين المدني بالرجوع فيه إلى مباديء الفقه الإسلامي.
غير أن الرجوع إلى مباديء الشريعة الإسلامية لا يعني بالضرورة الرجوع إلى التفصيلات والتفريعات الفقهية التي ذخرت بها كتب الفقه الإسلامي، وإنما يعني الرجوع إلى الكليات والأساسيات لهذه الشريعة السمحاء دون التفصيلات؛ فالمباديء هي التي لا تتغير، أما التفصيلات فمتغيرة بطبيعة الحال حسب ظروف كل مجتمع وشئونه.
إلا أنه ينبغي مراعاة أن الرجوع إلى مباديء الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدرًا رسميًا يجب أن يراعى فيه التنسيق ما بين أحكام الفقه الإسلامي والمباديء العامة التي يقوم عليها التشريع المدني في جملته، وبعبارة أخرى، يجب على القاضي المواءمة بين المباديء الشرعية والمباديء القانونية العامة؛ فيختار من الأولى أكثرها اتساقًا مع مباديء القانون دون حاجة إلى الاستناد إلى مذهب أحد الأئمة الأربعة، بل حسبه أن يكون المبدأ سائدًا عند جمهور الفقهاء.
بناءً على ما تقدم، نعرض أولًا لطبيعة الحكم بالشفعة في الشريعة الإسلامية، وللنتائج التي تترتب على ذلك؛ خاصة، فيما يتعلق بثمار العين المشفوع فيها، وعهدة[2] الشفيع، وفي مطالبة المشتري للشفيع بالثمن. وبعد أن يتم لنا ذلك نعرض لهذه المشاكل في القانون المدني وفي أحكام القضاء المصري

الملك بالشفعة في أحكام الفقه الإسلامي ونتائجه

الملك بالشفعة

الملك بالشفعة في الفقه الحنفي

الثابت في الفقه الحنفي أن المشفوع فيه يُملَك بالأخذ بالتراضي أو قضاء القاضي، أي تُملَك الدار المشفوع فيها لأحد امرين: إما بالأخذ إذا سلمها المشتري برضاه، وإما بحكم الحاكم من غير أخذٍ؛ لأن مِلك المشتري قد تم بالشراء، فلا يخرج عنه إلى الشفيع إلا برضاه أو بحكم الحاكم؛ لأن للحاكم ولاية عامة فيقدر على ذلك.
ونظيره الهبة، فلما تم مِلك الموهوب له لا يخرج عن ملكه إلا بأحد الأمرين المذكورين؛ إلا أن أخذ الشفعة بقضاء القاضي أحوط .. حتى كان للشفيع أن يمتنع عن الأخذ إذا سلّم له المشتري بغير قضاء، لأن في القضاء زيادة فائدة؛ وهي صيرورة الحادثة معلومة للقاضي وتبيُن سبب ملكه له. فإذا كانت المشفوعة تُمَلَك بأحد الأمرين فقبل وجود أحدهم لا يثبت له فيها شيء من أحكام المِلك حتي لا تورث عنه، فإن مات لا تورث عنه، وإن باع الدار التي يشفع بها بطلت شفعته. و لو بيعت دار بجانبها في هذه الحالة لا يستحقها بالشفعة لعدم ملكه فيها.
والشفعة إنما تجب بعقد البيع، فيجعل العقد مضافًا إلى الشفيع قائمًا مع المشتري، كأن البائع باع له وخاطبه بالإيجاب فجعل العقد متحولًا إلى الشفيع، فلم ينفسخ أصله وإنما انفسخت إضافته للمشتري.
إن حق الشفعة عند الأحناف يتأكد ويستقر بالطلب، بمعنى أنه إذا أتى الشفيع المواثبة وبطلب الإشهاد والتقرير صحيحين استقر الحق على وجه لا يبطل بتأخر المطالبة بالأخذ بالشفعة أبدًا حتى يسقطها بلسانه، وهو قول أبو حنيفة وإحدى الروايتين عن أبي يوسف.
وجه قول أبي حنيفة أن الحق للشفيع قد ثبت بالطلبين والأصل أن الحق متى ثبت لإنسان لا يبطل إلا بإبطال، ولم يوجد؛ لأن تأخير المطالبة منه لا يكون إبطالًا كتأخير استيفاء القصاص وسائر الديون.
والتملك بالشفعة يكون بأحد طريقين، إما بتسليم المشتري وإما بقضاء القاضي. أما التملك بالتسليم بالبيع فظاهر، لأن الأخذ بتسليم المشتري برضاه ببدل يبدله الشفيع، وهو الثمن، يفسر الشراء والشراء تملك؛ وإما بقضاء القاضي.
وفي بيان كيفية التملك بالقضاء بالشفعة فإن المبيع لا يخلو إما أن يكون في يد البائع وإما أن يكون في يد المشتري، فإن كان في يد البائع فإن القاضي إذا قضى بالشفعة يبتقل البيع الذي كان بين البائع والمشتري في المشهور من قول الأحناف.
وروي عن أبي يوسف رحمه الله: أنه لا ينقضي واختلف المشايخ في:
قال بعضهم تتحول الصفقة إلى لاشفيع، وقال بعضهم ينتقض البيع الذي جرى بين البائع والمشتري وينعقد للشفيع بيع آخر؛ كأنما كان من البائع إيجابان، أحدهما للمشتري والآخر للشفيع، فإذا قضى القاضي بالشفعة فقد قبل الشفيع بالإيجاب الموجه إليه وانقضى الإيجاب الموجه للمشتري سواء قبل الإيجاب أو لم يقبل.
وجه من قال بالتحول لا بالانتقاض؛ أن البيع لو انتقض لتعذر الأخذ بالشفعة، لأنه من شرائطه، فإن انتقض لم يجب، فتعذر الاخذ بالشفعة.

وجه قول من قال أن ينتقض: نص محمد والمعقول والأحكام:

فقد ذكر محمد رحمه الله وقال انتقض البيع فيما بين البائع والمشتري.
وأما المعقول فمن وجهين، أحدهما أن القاضي إذا قضى بالشفعة قبل القبض (استلام المشتري للعين) فقد عجز المشتري عن قبض المبيع، والعجز عن قبض المبيع يوجب بطلان البيع لخلوه من الفائدة كما إذا هلك المبيع قبل القبض. والمعقول أن الملك قبل الأخذ بالشفعة للمشتري لوجود آثار الملك في حقه ولو تحول الملك إلى الشفيع لم يثبت الملك للمشتري.
وأما الأحكام فإن للشفيع أن يرد الدار على من أخذها منه بخيار الرؤية، وإذا رد عليه لا يعود شراء المشتري، ولو تحولت الصفقة إلى الشفيع، لعاد شراء المشتري؛ لأن التحول كان لضرورة مراعاة حق الشفيع، ولما رد فقد زالت الضرورة، فينبغي أن يعود الشراء؛ ولأنها لو تحولت إليه لضار المشتري وكيلًا للشفيع؛ لأن عقده يقع لع؛ ولو كان كذلك، لما ثبت للشفيع خيار الرؤية إذا كان المشتري رآها قبل ذلك ورضي بها؛ لأن خيار الرؤية يبطل برؤوية الوكيل ورضاه.
من كل ما تقدم نستطيع أن نوجز مذهب الأحناف فيما يلي:
أن الشفيع لا أن يملك العقار المشفوع فيه بمجرد طلب الشفعة، لأن حق الشفعة ضعيف فلا يقوى بمجرد المطالبة على رفع ملك ثابت للمشتري بعقد البيع. لذا فلا يملك الشفيع العقار المشفوع فيه إلا بأحد أمرين: إما بالتراضي مع المشتري وفي هذه الحالة نكون بصدد عقد شراء جديد ولا ينقضي البيع الأول، وإما بحكم القضاء، ويكون الأخذ بحكم القضاء كشراء جديد إذا كان المشتري قد تسلم العقار ، ويكون هذا تقريرًا للبيع، أما إذا كان العقار في يد البائع، فقد رأينا أن هناك من يرى أن البيع ذاته لا ينتقض ولكن تتحول الصفقة من المشتري إلى الشفيع، وإن كان هناك ثمة نقض فهو بالنسبة للمشتري ذاته وليس للعقد حيث يبقى أصله للشفيع.

وطالما أن الأخذ بالشفعة يعد بمثابة الشراء الجديد فإن ملك الشفيع للعقار لا يكون إلا من وقت التراضي بينه وبين المشتري أو من وقت حكم الشفعة، ولا ملك له قبل ذلك؛ بل الملك قبل ذلك للمشتري؛ لأن سببه قائم وهو الشراء، ولا يتنافى طلب الشفعة مع ذلك؛ فالشفعة هي خروج العقار من ملك مالكه ولا يخرج ثانية من غير مالك بل يدخل في ملك المشتري، وإن كل ما للشفيع قبل الحكم له بالحق هو المطالبة بالعقار، وذلك لا يثبت ملكه إلا بعد التراضي أو حكم القاضي؛ فلا ملك للشفيع قبل ذلك.
نخلص من كل ما سبق أنه في الفقه الحنفي لا يمتلك الشفيع العقار المشفوع فيه إلا من وقت الحكم له بالشفعة، أو وقت حصول التراضي.
كما أننا نتخير الرأي السائد في المذهب من أن هذا الحكم قد حوّل أو نقل الصفقة من المشتري إلى الشفيع، ولا يكون ذلك إلا من وقت حصول التراضي أو صدور حكم القاضي.

الملك بالشفعة في الفقة المالكي

الشفعة هي استحقاق شريك أخذ ما عاوض شريكه من عطاء بثمنه أو قيمته، ويملك الشفيع الشقص بأحد أور ثلاثة؛ حكم حاكم له به، أو دفع ثمن من الشفيع للمشتري، أو إشهاد بالأخذ ولو في غيبة المشتري.
معنى ما تقدم، أن الشفيع يمتلك المشفوع فيه بأحد أمور ثلاثة: بحكم الحاكم بعد ثبوت البيع عنده، او دفع ثمن/قيمة المشفوع فيه لمشتريه، أو إشهاد للأخذ بالشفعة ولو في غيبة المشتري، فإذا لم يوجد واحد من هذه الثلاثة لم يدخل الشقص في ملك الشفيع فلا تصرف له فيه بوجه من وجوه الملك.
هذا وقد أجمع مالك وأصحابه أن عهدة الشفيع على المشتري. قال أشهب وإليه يدفع الثمن إن كان المبتاع دفعه إلي البائع، وعلي المشتري قبض الشقص ودفعه إلي الشفيع. فإن كان المشتري حاضرًا ولم يدفع الثمن دفع الشفيع الثمن إلي البائع، وعلى المشتري قبض الشقص للشفيع، وإن شاء الشفيع قبضه من البائع وعهدته في ذلك كله علي المبتاع أي على من أخذ منه.

تلك هي اقوال علماء المالكية في التملك بالشفعة.
فهل يمكن أن نفهم من ذلك أن الشفيع في مذهب مالك يملك العقار المشفوع فيه بكل لفظ يدل على أخذ بأن يقول: أخذته بالثمن، أو تملكته بالثمن إن كان عالمًا بالفقه، ولا يفتقر ذلك إلى قضاء القاضي أو رضا المشتري؟!!
هذا ما يذهب إلى فهمه بعض شراح القانون المدني لدينا.
لقد رأينا إجماعًا في المذهب على أن تملك الشفيع للمشفوع فيه يتم بمقتضى أمر من ثلاثة: قضاء القاضي أو فع الثمن من الشفيع إلى المشتري أو بإشهاد بالأخذ و لو في غيبة المشتري فلا يمكن ان يدخل المشفوع فيه في ملك الشفيع بكل لفظ يدل علي الأخذ مع معرفة الثمن, وإنما الصحيح أنه إذا صدر عن الشفيع لفظ الأخذ بصيغة الماضي مع معرفته بالثمن أو صدر منه إشهاد بالأخذ لزمه هذا الأخذ وهناك فرق بين لزم الأخذ ودخول المشفوع فيه في ملك الشفيع حيث يلزم لهذا الدخول امر من ثلاثة: رضا من المشتري أو حكم من القاضي أو اشهاد مصحوب بدفع الثمن للمشتري إذا قبله أو وضع هذا الثمن تحت تصرفه إن أمكن.
وعلى أية حال إذا تحقق الأمر الأول وصدر حكم القاضي بتملك الشفيع المشفوع فيه فيبدو من أاقوال بعض علماء المذهب أن الشفيع لا يحل محل المشتري في الصفقة وإنما يعد تملكه بمثابة الشراء الجديد من المشتري ودليل ذلك وجوب أن يتم الإشهاد فى حضرة المشترى لأن الشفعة تعد شراء، أما من قال أن الشفعة إستحقاق فالمقصود لديهم حلول الشفيع محل المشتري فى تلك الصفقة.
والراجح فى المذهب هو القول الأول بدليل أن عهدة الشفيع تكون على المشتري وإذا كان الأمر كذلك وكانت الشفعة بمثابة الشراء الجديد فإن حكم القضاء بإثباتها هو الذي يؤدي إلى دخول المشفوع فيه في ملك الشفيع، وبالتالي يمكن اعتبار هذا الحكم أنه قد نقل الصفقة من المشتري إلى الشفيع بذات الثمن الذى صار به المشفوع فيه للمشفوع عليه.

المحاضرة الثالثة 24/10/2010

الملك بالشفعة فى الفقه الشافعى .

☻ . الشفعة فى الفقه الشافعى هى : حق تملك قهرى يثبت للشريك القديم على الحادث فيما ملك بعوض .
& . ويرى علماء الشافعية أنه لا يشترط فى إستحقاق التملك بالشفعة حكم حاكم لثبوتها بالنص وكذلك لا يشترط إحضار الثمن وذلك لأنه تملك بعوض كالبيع وليس بلازم حضور المشترى ولا رضائه .

$ . ويشترط فى حصول الملك بالشفعة وجود لفظ أو نحوه كإشارة الأخرص أو أخذت بالشفعة ونحوها .

♣ . ويشترط مع ذلك إما تسليم العوض إلى المشترى إذا تسلمه أو ألزمه القاضى لإمتناعه عن أخذ العوض ملك الشفيع المشفوع فيه لأن المشترى وصل إلى حقه ومن ثم يكفى وضعه بين يديه بحيث يتمكن من قبضه وقبض الحاكم عن المشترى كافى وأما رضاء المشترى بكون العوض فى ذمته وأما قضاء القاضى له بالشفعة إذا حضر مجلسه وأثبت حقه فى ذلك وطالب به فملكه له يتأكد التملك بحكم الحال ولا يقوم مقامه الإشهاد على الطلب وإختيار الشفعاء .

♫ . يتبين مما تقدم أن الشافعية تفرق بين إستحقاق الملك بالشفعة وبين حصول الملك بالشفعة أو يفرقون بين الطلب والأخذ وتستحق الشفعة بطلبها ولكن التملك بالشفعة لابد فيه من حصول امر من أمور ثلاثة سبق بيانه ، وبعبارة أخرى هناك شروط لثبوت الشفعة وهناك شروط أخرى للملك بالشفعة فبجانب الطلب لابد من حدوث أمر من الأمور الأتية : التسليم أو الرضاء أو الحكم .فيتملك الشفيع المشفوع من تاريخ تحقق أحد الأمور الثلاثة السابقة .

♥ . ولا يؤثر الأخذ بالشفعة فى عقد البيع الموجب لها فهو عقد قائم فالشفيع يملك المشفوع فيه عن المشترى بدليل أنه لو تركه لكان مقراً على ملك المشترى ولو حدث فيه نماء أى ثمار لكان المشترى ، وعلى هذا فالصفقة قد تحولت من المشترى إلى الشفيع بذات الشروط والذى حول الملك الثابت فى الصفقة هو قضاء القاضى عند لزوم هذا القضاء .

رابعاً : الملك بالشفعة فى الفقه الحنبلى .

☻. الشفعة لدى الحنابلة هى : إستحقاق الشريك إنتزاع حصة شريكه المنتقلة عنه من يد من إنتقلت إليه .
& . ويملك الشفيع المشفوع فيه بالمطالبة بالشفعة ولو لم يقبضه مع قدرته على دفع الثمن لأن البيع السابق ثابت فإذا إنضمت إليه المطالبة كان كلإيجاب فى البيع إذا إنضم إليه القبول فيصح تصرفه أى تصرف الشفيع فى المشفوع فيه لإنتقال الملك إليه ويورث المشفوع فيه إذامات الشفيع بعد الطلب كسائر أملاكه ، ولا يشترط لتملك الشفيع رضاء المشترى لأن الشفيع يأخذه منه قهراً والمقهور ليس له رضاء إذن المشترى لا محل له ويأخذ الشفيع المشفوع فيه بلا حكم حاكم لأن حقه ثبت بالإجماع فلم يفتقر إلى حكم الحاكم بمثل الثمن الذى إستقر عليه العقد وقت لزومه .

♣ . كما يذهب الحنابلة إلى أن الشفيع إذا طالب بالشفعة لا يصح تصرف المشترى بعد هذه المطالبة لأن حقه تقرر وثبت وقبل المطالبة إنما كان له أن يتملك والمطالبة إما تملك وإما مؤذنه بالتملك ومانعه للمشترى من التصرف .

♥ . يتبين مما تقدم أن الشفيع فى الفقه الحنبلى لا يتملك بمجرد الطلب فقط وإنما لابد له من الأخذ مضافاً له الطلب فكيف يتحقق هذا الأخذ مضافاً له الطلب ؟
يتحقق هذا الأخذ إذا علم الشفيع بالثمن وبالمبيع وطلب تملك المشفوع فيه المعلوم منه فمنذ هذه اللحظة يتملك المشفوع فيه ولا عبره برضاء المشترى أو عدم رضائه فتزول ملكية المشترى بحيث تنتقل إلى الشفيع بذات الصفقة وشروطها ولكن بأى وسيلة يتم هذا الإنتقال ؟ لقد رئينا أن فى المذهب الحنفى يتم هذا الإنتقال بالرضاء أو بالطلب أما هنا فلا عبره لديه برضاء المشترى ولا يكون الوسيلة سوى قضاء القاضى .

♫ . ومعنى ما تقدم أن الشفعة فى الفقه الحنبلى هى حلول الشفيع محل المشترى فى الصفقه من تاريخ قضاء القاضى أو من تاريخ تسليم المشترى بشفعة الشفيع إذا توافر شرط العلم بالثمن والمبيع كما هو ثابت فى ظاهر المذهب .

$ . وبناء على ما تقدم نفهم عبارة الحنابلة من أن ” حق الشفعة متى ثبت بالنص والإجماع فلم يفتقر إلى حكم الحاكم ” أى عدم لزوم حكم القضاء ويبدوا هذا اللزوم أمر مسلم به فى حالة إمتناع المشفوع منه عن التسليم .

خامساً : الملك بالشفعة فى الفقه الظاهرى .

☻ . الشفعة فى الفقه الظاهرى واجبه فى كل جزء بيع مشاعاً غير مقسوم يبين إثنين فصاعداً من أى شئ كان مما ينقسم وما لا ينقسم بيعاً لا يحل لمن له ذلك الجزء ان يبيعه حتى يعرضه على شريكه أو شركائه فيه فإن أراد أن يشركه فى الأخذ له بما أعطى فيه غيره فالشريك أحق به وإن لم يرد أن يأخذ قفد سقط حقه ولا قيام له بعد ذلك إذا باع ممن باع فإن لم يعرض عليه حتى باعه من غير من يشركه فيه فمن يشركه فيه مخيراً بين أن يمضى ذلك البيع وبين أن يبطله ويأخذ ذلك الجزء لنفسه بما بيع به .

♣ . يتبين مما سبق أن ملكية الشفيع للمشفوع فيه لا تكون من تاريخ الأخذ وإنما من تاريخ عقد البيع الذى أبرم بين الشريك البائع والمشفوع منه فالشريك البائع عليه واجب إعلام شريكه بالبيع فإن أعلمه سقط حق الشفيع فى الصفقه وإن لم يتمكن من إعلامه لعدم إستطاعته سقط حقه فى الشفعه أيضاً .

& . فإذا لم يمكن للبائع إعلام الشريك فإن الله تعالى يقول ” لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ” ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما .أستطعتم ” فصح بلا شك أن من لم يقدر على إعلام الشريك فقد سقط حق الشفيع وحل للبائع البيع لأن” قوله عليه السلام : لا يصلح أن يبيع حتى يأذن شريكه ” يقتضى ضرورة أن يقدر على إيذانه فخرج عن هذا النص حكم من لا يقدر على إيذانه فهو قادر على البيع وعاجز عن الإذان محتاج له ما قدر عليه وساقط عنه ما ليس فى وسعه فهذا إذا طلب الشفيع وأخذ شفعته حينئذن بطل العقد وكان قبل ذلك صحيحاً .

♥ . ويترتب على هذا المذهب أنه على المشترى رد ما إستغل وكل ما نفذه فى المشفوع فيه من هبة أو صدقة أو حبس أو بنيان فهو كله باطل مردود ومفسوخ أبداً وتقلع أنقاضه .

♫ . نخلص مما تقدم أن الشفيع فى هذا المذهب لا يحل محل المشترى فى الصفقة فقد بطلت الصفقه وإنما يأخذ المشفوع فيه بشراء مستقل من الشريك البائع ويدخل المشفوع فيه فى ملكه من تاريخ البيع الحاصل للمشفوع فيه .

سادساً : الملك بالشفعة فى بعض مذاهب الشيعة .

☻ . الشفعة لدى الشيعة هى إستحقاق أحد الشريكين حصة شريكه بسبب إنتقالها بالبيع ، فالمشترى يملك العين من البائع بمجرد تمام البيع من غير توقف على دفع الثمن أما الشفيع فيمتلك بعقد البيع حق التملك ولا يصير مالك إلا بدفع الثمن ويستحق الشفيع الأخذ بالعقد وإنقضاء الخيار لأنه وقت اللزوم وقيل بنفس العقد وإن لم ينقضى الخيار بناء على أن الإنتقال يحصل بالعقد وهو أشمل أما إذا كان الخيار للمشترى خاصة فهو يستحق بذات العقد لتحقق الإنتقال .

♣ . ومفاد ما تقدم أن الشفعة لا تؤثر فى صحة البيع المبرم بين البائع والمشترى بل أن السفعة لا تكون إلا بعد إنتقال الملكية إلى المشترى والأخذ لا يكون إلا من المشترى أى أن الشفعة تحقق إنتقال النشفوع فيه من المشترى إلى الشفيع ♥. وبالرغم أن فقهاء الشيعة لم يتعرضوا لوسيلة هذا الإنتقال إلا أنه يبدوا أنهم متأثرين بفقه الحنفية فى مسائل كثيرة بالشفعة لذلك إذا قلنا أن المشفوع فيه لا ينتقل إلى الشفيع إلا بالتراضى أو بقضاء القاضى فنحن لا نكون قد بعدنا عن المنطق والصواب .
الخلاصة .

نستطيع أن نوجز إتجاهات الفقه الإسلامى فى الملك بالشفعة فيما يلى :

1. المذهب الحنفى : تعد الشفعة بمثابة الشروع الجديد ، ويملك الشفيع العقار المشفوع فيه من وقت التراضى أو من وقت صدور الحكم من القاضى ولا ملك له قبل ذلك إنما الملك للمشترى لأن سبب الملك قائم وهو الشراء ، كما يعد الحكم القضائى أنه حول أو نقل الصفقة من المشترى إلى الشفيع .

2. المذهب المالكى : ترى أن الشفيع لا يحل محل المشترى فى الصفقة من تاريخ إبرامها وإنما يعد تملكه بمثابة الشراء الجديد من المشترى وهذا هو الراجح فى المذهب ، ويتحقق الملك من وقت القضاء أو دفع الثمن أو الإشهاد ولو فى غيبة المشترى ، ويعتبر الحكم القضائى أنه قد نقل الصفقه من المشترى إلى الشفيع بذات الثمن .

3. المذهب الشافعى : يرى أن الشفعة لا تؤثر فى عقد البيع فهو عقد قائم ، ويتملك الشفيع بأمر من ثلاثة تسليم العوض إلى المشترى أو رضاء المشترى أو بقضاء القاضى له بالشفعه ويحدث التملك من هذا الوقت فقط .

4. المذهب الحنبلى : الشفعة هى حلول الشفيع محل المشترى فى الصفقة من تاريخ قضاء القاضى أو من تاريخ تسليم المشترى بشفعة الشفيع إذا توافر العلم بالثمن والمبيع .

5. المذهب الظاهرى : فيرى أن تملك الشفيع للمشفوع فيه يكون من تاريخ عقد البيع الصادر عن الشريك حيث يبطل العقد ويأخذ الشفيع العقار بشراء مستقل من الشريك ويدخل المشفوع فيه فى ملك الشفيع من تاريخ البيع الحاصل للمشفوع منه .

6. بعض مذاهب الشيعة : ترى أن يكون للشخص حق التملك بعقد البيع إلا أنه لا يصير مالك إلا بعد دفع الثمن ، والشفعة لا تؤثر فى صحة العقد ، والشفعة لا تكون إلا بعد إنتقال الملكية إلى المشترى وأن الأخذ لا يكون إلا من المشترى بالتراضى أو بقضاء القاضى .

نقاط الإتفاق والإختلاف بين الفقهاء .

يتبين من العرض المتقدم أن المذاهب الفقهية الإسلامية متفقه فى المسائل الآتية:

  • أولاً : أن عقد البيع هو السبب فى الشفعة ويظل صحيحاً قائماً فى المذاهب المختلفة عدا المذهب الظاهرى .
  • ثانياً : أن الشفيع لا يتملك بمحض طلب الشفعة بل لابد من إجراء أخر .
  • ثالثاُ : ان الشفعة بمنزلة الشراء من المشترى خلافاً للمذهب الظاهرى .
  • رابعاً : أن دخول المشفوع فيه فى ملك الشفيع لا يكون من وقت الطلب وإنما من وقت تحقق الوسيلة المفضية للأخذ وكذلك أن هذا التملك لا يكون من تاريخ عقد البيع خلافاً للظاهرى .
  • خامساً : أنه إذا كان لابد لحدوث التملك صدور حكم من القاضى فإن هذا الحكم يعد أنه قد نقل الصفقة محل عقد البيع من عهدة المشترى إلى الشفيع من تاريخ صدور هذا الحكم خلافا للمذهب الظاهرى .

بعض نتائج التملك بالشفعة .

نعرض الآن لأحكام الفقه الإسلامى فى بعض المسائل المترتبة على تملك الشفيع للعقار المشفوع فيه وهى :

1. عهدة الشفيع أو الرجوع بضمان الإستحقاق .
2. تملك ثمار العين المشفوعة فيها وحكم بناء وغراس المشترى فى المشفوع فيه .
3. دفع الشفيع لثمن العقار المشفوع فيه .

أولاً : عهدة الشفيع أو الرجوع بضمان الإستحقاق .

1 – فى الفقه الحنفى ” المشترى”

☻ . يقول شمس الأئمة السرخسى فى كتابه المبسوط ” أنه إذا أخذ الشفيع الدار من المشترى فعهدته وضمان ماله على المشترى لأنه يتملك الدار عليه ويدفع الثمن إليه فهو فى حقه فى منزلة البائع من المشترى فإن قيل حق الشفيع مقدم على حق المشترى شرعاً فينبغى أن يجعل أخذ الشفيع من يده بمنزلة الإستحقاق عليه لأنه يأخذ بالحق المقدم على حقه “.

♣ . يتبين مما تقدم أن الحنفية تقرر فى شأن عهدة الشفيع أى إذا إستحق العقار المبيع بعد أن قضى به للشفيع فإن أخذ الشفيع للعقار من المشترى وأخذه له من البائع فإذا كان قد أخذه من المشترى بعد أن قبضه الأخير من البائع وأدى إليه الثمن فإن العهدة على المشترى لأنه هو القابض للمبيع ولأن المبيع إنتقل منه إلى الشفيع ،اما إذا كان قد أخذه من البائع وأدى إليه الثمن فالعهدة على البائع لأنه .هو قابض الثمن ولأن المبيع إنتقل منه إلى الشفيع بعد أن إنفسخ البيع بينه وبين المشترى .

2 – الفقه المالكى “المشترى”

☻ . ورد فى المدونه الكبرى أنه قال مالك ” من أخذ شقص من دار بشفعه فإن عهدته على المشترى وليس على البائع “

& . فظاهر المدونة أن عهدة الشفيع على المشترى حتى إذا كان الأخير لم يقبض الدار ولم يدفع الثمن .

♫ . وللبائع أن يمنع الشفيع من قبض الدار طالما أنه لم يحصل على الثمن .

$. ويرى الإمام مالك أن الدار لا تؤخذ من بائعها حتى يقبض الثمن فان أحب الشفيع أن يدفع الثمن إلى البائع دفع وقبض لدار وتكون عهدته على المشترى لأن دفعه الثمن ها هنا إنما هو قضاء عن المشترى .

♥ . معنى ما تقدم ان عهدة الشفيع فى المذهب المالكى دائماً على المشترى سواء حصل الأخذ منه أو من البائع وعمدة مالك فى أن العهدة على المشترى أن الشفعى إنما وجبت للشريك بعد حصول ملك المشترى وصحته فوجبت أن تكون عليه العهدة .

3 – الفقه الشافعى “المشترى “

لم يختلف المذهب الشافعى عن سابقه فى أن شأن عهدة الشفيع فالثابت لدى الشافعية أنه إذا خرج المشفوع فيه مستحقاً رجع الشفيع بالعهدة على المشترى لأنه أخذه منه على أنه ملك المشترى فرجع بالعهدة عليه كما لو كان إشتراه منه فإذا أخذ الشفيع من المشترى فلا إشكال فى الأمر أما إذا لم يقبض المشترى الدار من البائع فإن للشفيع إجبار المشترى على قبض الشقص حتى يأخذه منه وله أخذه من البائع ويكون قبضه مقام قبض المشترى .

4 – الفقه الحنبلى ” المشترى “

يقول بن قدامه فى المغنى أن الشفعة مستحقه بعد الشراء وحصول الملك للمشترى ثم يزول الملك من المشترى إلى الشفيع بالثمن فكانت العهده عليه كما لو أخذه منه فعهدة الشفيع فى الفقه الحنبلى دائما على عاتق المشترى .

5 – الفقه الظاهرى “البائع “

ورغم أن الإمام بن حزم لم يتعرض فى المحلل إلى عهدة الشفيع لكن المتفق مع أصول المذهب أن تكون هذه العهدة على الشريك البائع وليس على المشترى فالشفيع يأخذه من حين البيع ويبطل عقد البيع الصادر للمشفوع منه فإن أخذ الشفيع بالشفعة علم أن البيع وقع باطل ولذلك تكون العهدة على الشريك البائع .

6 – فى فقه الشيعة ” المشترى “

قلنا أن الشفيع إنما يأخذ من المشترى ولذلك تكون عهدة الشفيع عليه فهو لا يأخذ من البائع .
الخلاصة .
يتبين مما سبق أن المذاهب الإسلامية المختلفة عدا المذهب الظاهرى تجعل عهدة الشفيع على عاتق المشترى مع ملاحظة أن أبى حنيفة يجعل هذه العهدة على عاتق البائع إذا أخذ الشفيع الصفقة منه .

المحاضرة الرابعة

ثانيآ:- تملك ثمار المشفوع فية وحكم بناء وغراس المشترى:

1- فى الفقة الحنفى:

☻ . يقول الكاسانى فى البدائع :وأما بيان ما يتملك بالشفعة فالذى يتملكه الشفيع هو الذى ملكه المشترى بالشراء سواء أصلى أو تبعى بعد أن يكون متصلآ وقت التملك بالشفعة وذلك نحو البناء والغراس والزرع والثمار وهذا “أستحسان”

♣ . والقياس: أن لا ياخذ البناء والغراس والزرع والثمر بالشفعة وذلك لان البناء والغرس والزرع منقول والشفعة لاتجوز فى المنقول .

♥. وجة أو حجة القياس : أن الشفيع أنما يتملك ما ثبت له فية حق الشفعة وأنة يثبت فى العقار لا فى المنقول وهذة الاشياء منقولة فلم يثبت فيها الحق فلا تتملك بالشفعة وخاصة الزرع والثمر لانهما مبيعان ومقصود الأ يدخلان فى العقد من غير تسمية .

♫. ولنا “الاحناف ” أن الحق إذا ثبت فى العقار ثبت فيما هو تبعآ له لأنه حكم البيع أى حكم الاصل وهذة الاشياء التابعة للعقار حالة الاتصال ،أما البناء والغرس فظاهران لأن قياسهما بالارض وكذلك الزرع والثمر لان قيام الزرع وقيام الثمر بالشجر وقيام الشجر بالارض فكان تبعآ للارض بواسطة الشجر فيثبت الحق فيهم تبعآ فيملكونها بالشفعة بطريق التبعية الأ أنهم لا يدخلان فى العقد الأ بالتسليم ،أما إذا زال الاتصال ثم حضر الشفيع فلا سبيل للشفيع عليه وأن كان عينة قائمة سواء أكان الزوال بئفة سنوية أو بصنع المشترى لان حق الشفعة فى هذة الاشياء انما ثبت معدولآ به عن القياس معلول بالتبعية بزوال الاتصال فيرد الحكم فية لى أصل القياس .

& . وإن كان الحادث مما لا يثبت فيه حكم البيع لا أصلا ولا تبعاً فإن بنى المشترى بناء أو غرس أو زرع ثم حضر الشفيع يقضى له بشفعة الأرض ويجبر المشترى على على قلع البناء أو الغرس وتسليم المساحة إلى الشفيع إلا إذا كان فى القلع نقصان الأرض فللشفيع خيار إن شاء أخذ الأرض بالثمن والبناء أو الغرس بقيمته مقلوعاً وإن شاء أجبر المشترى على القلع وهذا جواب ظاهر الرواية .

$روى عن أبى يوسف أن لا يجبرالمشترى على قلع البناء والغرس ولكنه يأخذ الأرض بثمنها والغرس والبناء بقيمته قائماً غير مقلوع إن شاء وإن شاء ترك .

♥ . يتبين مما تقدم أن الأحناف يفرقون فى شأن الثمار والغراس والبناء بين أن تكون هذه الأشياء موجودة عند العقد أو وجدت بعد العقد

♣ . فإذا كانت موجودة عند العقد وثبت فيها حكم البيع هنا لا يخلو الأمر من فرضين :

  • الأول : فإذا كانت الثمار مثلاً موجودة عند العقد ودام إتصالها بالأرض وقت التملك بالشفعة وكذلك البناء والغراس فالشفيع يتملكها إستحساناً لا قياساً .
  • الفرض الثانى : أما إذا كانت الثمار غير متصلة بالأرض فلا يتملكها الشفيع وبناءً على ذلك إذا كان فى الأرض شجر فأثمر وأخذ المشترى الثمر أو زرعها فتحصل الزرع فلا يكون للشفيع أن يأخذ شئ من ذلك ، وكذلك إذا كانت الأرض مؤجرة وتسلم المشترى الأجرة المستحقة عن المدة السابقة على تملك الشفيع فإنها تعد خالصه للمشترى لأنها نماء أو غله ملكه .

☻ . أما إذا كانت الثمار والغراس والبناء غير موجوده وقت العقد وإنما وجدت بعد ذلك فالأمر لا يخلو من قرضين :

  • الفرض الأول : فإذا كان الثمر مثلا متصلاً بالأرض فإن الشفيع يأخذه مع الأرض بذات الثمن إستحساناً ويعد أنه بيع تبعاً .
  • الفرض الثانى : أما إذا زرع الإتصال فإنهم يفرقون بين كون الشئ مما يثبت فيه حكم البيع كثمار وبين ما يكون الشئ مما لا يثبت

فيه حكم البيع كبناء وغرس وزرع المشترى فى الأرض:

أ‌- فإذا كان شئ مما يثبت فيه حكم البيع كالثمار فالشفيع إن شاء أخذ الأرض والثمر وإن شاء ترك ولا يسقط شئ من الثمن .

ب‌- أما إذا كان الشئ الحادث مما لا يثبت فيه حكم البيع كالبناء والغرس والزرع هنا تعددت الأراء :-

♫ . الرأى الأول : هو رأى ظاهر الرواية ومفاده أن يجبر المشترى على قلع البناء والغرس إلا إذا كان فى القلع نقصان لقيمة الأرض فللشفيع أن يأخذ الأرض بالثمن والبناء والغرس بقيمته مقلوعاً ” مستحق الإزالة ” إن شاء أو أن يجبر المشترى على القلع.

¥. الرأى الثانى: وهو رأى أبو يوسف ألا يجبر المشترى على قلع البناء والغرس ولكن يأخذ الشفيع الأرض بثمنها والبناء والغرس بقيمته قائماً غير مقلوب إن شاء وإن شاء ترك وهذا هو رأى الأحناف .

2 – فى الفقه المالكى .
♣. يذهب الإمام مالك إلى أن ثمار الشئ هى للمشفوع منه فهى نماء ملكه ويستحقها طالما كانت مستحقة قبل الأخذ بالشفعة وطالما كانت عهدة الشفيع عليه كانت الغلة من حقه وإذا أقام المشترى بناء أو غراس فى الأرض المشفوعه كان له أن يقلع ما بنا أو غرس فإذا تخير الإبقاء فللشفيع الخيار بين ترك الشفعى وبين دفع قيمة البناء أو الغراس فيملكه مع الأرض وبين قلع الغرس والبناء ويضمن المشترى ما نقص بالقلع .

3 – فى الفقه الشافعى .

☻ . ورد فى المهذب أنه وإن إشترى شقص وجدت فيه زيادة قبل أن يأخذ الشفيع فإن كانت زيادته لا تتميز كصغار النخل إذا كبرت فإن الشفيع يأخذها مع زيادتها فإن مالا يتميز يتبع الأصل فى الملك وإن كانت تتميز كالثمره الظاهره لم يكن للشفيع فيها حق لأن الثمرة الظاهرة لا تتبع الأصل وإن كانت غير ظاهره ففيها قولان :

♥ . قال فى القديم : تتبع الأصل كما تتبعه فى البيع .

♫ . وقال فى الجديد : لا تتبعه لأنه إستحقاق بغير تراضى فلا يأخذ به إلا ما دخل بالعقد .

♣ . ومفاد ما تقدم أن ثمار الشئ المشفوع فيه يكون للمشترى إلى حين الأخذ بالشفعه طالما كانت الثمار متميزه عن الأصل سواء أكانت ظاهره أو غير ظاهرة ” فى المذهب الجديد ” .

& . أما إذا بنى المشترى أو غرس فى الأرض محل الشفعة فإن إختار المشترى قلع الغرس والبناء ولم يمنع لأنه ملكه يملك نقله وتلزمه تسوية الأرض لأنه غير متعدى ، وإن لم يختر القلع فالشفيع بالخيار بين أن ياخذ المشفوع فيه بالثمن والغراس والبناء بالقيمه وبين أن يقلع الغراس والبناء ويضمن ما بين قيمته قائماً ومقلوعاً لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ” لا ضرر ولا ضرار ” ولا يزال الضرر عنهما إلا بذلك .

4- فى الفقه الحنبلى .

☻ . فى شأن تملك الثمار يفرق الفقه الحنبلى عند نماء المبيع فى يد المشترى بين حالتين :

  • الحالة الأولى : أن يكون الثمار متصلا كالشجر إذا كبر أو ثمره غير ظاهرة فغن الشفيع يأخذ المشفوع فيه بزيادته لأن هذه الزيادة غير متميزه فتتبع الأصل .
  • الحالة الثانية : أن تكون الزيادة منفصلة كالغلة والأجرة والثمرة الظاهره فهى للمشترى لا حق للشفيع فيها لأنها ثبتت فى ملكه .

♣ . مفاد ما تقدم أن المشترى يتملك الثمار المنفصله المتميزه فهى نماء ملكه أما الثمار التى لازالت متصله بالأصل او كانت غير ظاهره فتأخذ حكم الأصل فيملكها الشفيع .

♥. أما فى شأن البناء والغرس فى الأرض المشفوع فيها فيقول الإمام الخراقى إذا بنى المشترى أعطاه الشفيع قيمة بناؤه إلا أن يشاء المشترى أن يأخذ بناؤه فله ذلك إذ لم يكن فى أخذه ضرر .

5- فى الفقه الظاهرى .

☻ . رأينا أنه إذا إختار الشفيع الأخذ بالشفعه ثبت حقه من يوم البيع لا من وقت الأخذ بالشفعه ولذلك لزم المشترى رد ما إستغل فلا يكون له أى حق فى الثمار كما يبطل بناؤه وغرسه فتقلع أنقاضه ليس له غير ذلك .

♣. فإن هذا المشترى يعد غاصباً طالما كان متعدياً لحق غيره فإن ترك الشفيع الأخذ بالشفعة نفذ كل ذلك وصح ولم يرد شئ ً منه وكانت العلة له .

6– فى فقه الشيعه .

♥ . النماء على نوعان : نماء متصل : كضخامة الشجرة وزيادة فروعها وأغصانها ، ونماء منفصل كالثمرة على الشجره او سكنى الدار .

♫ . فإذا تحدد الأول بعد البيع فهو للمشترى ، أما الثانى فهو ما يتحدد منه بعد البيع وقبل الأخذ بالشفعة فهو للشفيع .

& . وفى شان بناء وغراس المشترى فى العين المشفوع فيها فإنه لو غرس المشترى أو بنى فطالب الشفيع بحقه فإن رضى المشترى يقلع غراسه او بناؤه فله ذلك ولا يجب إصلاح الأرض .

¥. وللشفيع ان يأخذ بكل الثمن او يدع إن إمتنع المشترى عن الإزالة وكان الشفيع مخيرأ بين إزالته ودفع الفرق أو التعويض وبين دفع قيمته ويكون له مع رضاء المشترى وبين النزول عن الشفعه .
الخلاصه .

♣ . تتفق المذاهب السابقة عدا المذهب الظاهرى على أن ثمار المشفوع فيه يكون حقاً للمشترى إلى حين الأخذ بالشفعة مع ملاحظة أن الغالبية تفرق بين الثمار المتصلة والثمار المنفصلة .

¶ . فالثمار المتصله إعتبرت تابعه للشئ المشفوع فيه فتأخذ حكمه ويملكها الشفيع .

¥ . أما الثمار المنفصله فقد تملكها المشترى بالقبض فلم تأخذ حكم المشفوع فيه وخرجت عن سلطان الشفيع .

☻ . وفى شأن بناء وغراس المشترى فى الأرض المشفوعه ( المالكية والحنابلة والشافعية والشيعة )تذهب إلى ان للمشترى أن يقلع ما بنى أو غرس فإن تخير الإبقاء فالشفيع مخير بين أمور ثلاثه إما أن يترك الشفعه وإما أن يدفع قيمة البناء والغراس فيملكه مع الأرض وإما أن يطلب قلع الغرس والبناء ويضمن المشترى ما نقص بالقلع .

♣ . أما الحنفية فلديهم قولان ظاهر الرواية وفيه : يجبر المشترى على قلع البناء والغرس إلا إذا كان فى القلع نقصان لقيمة الرض فللشفيع أن ياخذ الأرض بالثمن والبناء والغراس بقيمته مقلوعاً وإن شاء أجبر المسترى على القلع .

أما القول الثانى : فلأبى يوسف وفيه : ألا يجبر المشترى على القلع ولكن يأخذ الشفيع الأرض بقيمتها والبناء والغراس بقيمته قائماً غير مقلوع إن شاء وإن شاء ترك .

♫ . وتذهب الظاهرية إلى وجوب القلع لعدم أحقية المشترى فى البناء والغراس فهو مقصر ومتعديا على حق غيره وهو الشفيع .

ثالثاً : دفع الشفيع لثمن العقار المشفوع .

& . نعرض لمسألة دفع الشفيع لثمن المشفوع فيه وبخاصة نجيب عن سؤالين : بماذا يأخذ الشفيع ؟ ولمن يدفع الشفيع الثمن ؟ وذلك فى المذاهب الفقهية المختلفة :

1. فى الفقه الحنفى.

☻ . يتملك الشفيع العقار المشفوع فيه بمثل ما تملك به المشترى إن كان البدل مثلياً وقيمته إن كان قيمياً ، فثمن المشترى لا يخلو إما أن يكون مما له مثل كالمكيا ل والميزان وإما ان يكون مما لا مثل له كالمزروعات والمعدات المتفاوته كالثوب والعبد ونحو ذلك .

♣ . فإن كان مما له مثل فالشفيع يأخذ بمثله ولابد فيه من تحقيق معنى الأخذ بالشفعه إذ هى تملك بمثل ما تملك به المشترى وإن كان مما لا مثل له يأخذ بقيمته عند عامة العلماء .

♥ . ومفاد ما تقدم أن الثمن الذى يجب على الشفيع فى الشفعه هو مثل الثمن الواجب على المشترى فإن كان الثمن مثلياً وجب مثله وإن كان الثمن قيمياً وجبت قيمته لأن الواجب هو المثل فإن أمكن المثل بالصورة والمالية وجب هو وذلك يكون فى المثل وإذا تعرض المثل فى الصوره كما فى القيمى وجب المثل فى المالية وهو القيمى .

& . وبناء على ذلك إذا تقايض شخصان فأعطى كل واحد عقاره فى نصيب عقار صاحبه فإن الشفعه تثبت لشفعاء العقارين ويكون الواجب على الشفيع في العقار الذى إختيرت قيمته ثمناً بالنسبه له .

♣ . أما عن حكم زيادة المشترى للبائع فى الثمن فيلاحظ أن لو زاد المشترى البائع فى الثمن فالزيادة لا تلزم الشفيع لأن الشفيع إنما يأخذ بما وجب بالعقد والزيادة ما وجبت بالعقد فى حق الشفيع لا تعد لها وقت فى العقد .

♫ . أما عن حكم حط البائع لجزء من الثمن عن عاتق المشترى وأثر ذلك فى مواجهة الشفيع .

♥ . فيقول شمس الأئمة السرخسى إذا كان البيع بألف درهم فحط البائع عن المشترى تسعمائة درهم فللشفيع أن ياخذ بمائة درهم وأصل المسالة فى كتاب البيوع أما الزيادة والحط فى بعض الثمن ثبت على سبيل الإلتحاق بأصل العقد فإذا كان الحط يتحقق باصل العقد فالمحطوط خرج من أن يكون ثمن وإنما ثمن الدار ما بقى فيأخذه الشفيع بذلك ، ولو كان الشفيع أخذه بألف ثم حط البائع عن المشترى تسعمائة فإنه ينحط بذلك القدر عن الشفيع أيضاً حتى يرجع بذلك القدر على المشترى لأنه ظهر منه أنه أخذ منه فوق حقه وعلى هذا قال : لو أخبر أن الثمن ألف درهم فسلم الشفعة ثم حط البائع عن المشترى مائة فهو على شفعته لأن المحطوط خرج من أن يكوم ثمناً فهو بمنولة ما لو تبين أن الثمن كان أقل من ألف ولو وهب البائع الثمن كله للمشترى قبل قبضه أو بعده لم يحط المشترى عن الشفيع شئً لأن هبة جميع الثمن لا تلتحق باصل العقد .

$ . مفاد ما تقدم : أنه إذا حط البائع جزء من الثمن عن المشترى فإن ذلك الجزء ينقص ايضاً من الجزء الواجب على الشفيع دفعه لأن الجزء الباقى يكون ناقصاً ولكن إذا وهب البائع الثمن فإن الشفيع لا يسقط عنه الثمن لأنه لم يبقى شئ يصلح ثمناً مستقبلاً .

& . وإذا كان الثمن مؤجلاً فهل يستفيد الشفيع من الأجل ؟

☻ . يقول الإمام الزيلعى فى تتميم العقائد : إذا كان الثمن مؤجلاً فللشفيع أن يأخذه بثمن حال أو يصبر حتى يقضى الأجل فيأخذه عند ذلك وليس له أن يأخذه فى الحال بثمن مؤجل ذلك لأن الأجل يثبت بالشرط وليس من لوازم العقد فإشتراطه فى حق المشترى لا يكون إشتراط فى حق الشفيع ورضائه به فى حق المشترى لا يدل على رضائه به فى حق الشفيع لتفاوت الناس ، ولا نسلم أنه وصف للدين لأن الأجل حق المطلوب والدين حق الطالب ولو كان وصفاً لأستحقه الطالب .

♣. مفاد ما تقدم أن الأجل لم يثبت وصفاً للثمن ولكن ثبت شرطاً فى العقد بين البائع والمشترى والشروط التى تكون بين البائع والمشترى لا تثبت فى حق الشفيع والأخير يكون مخيراً بين أخذ المشفوع فيه بثمن الحال قبل نهاية الأجل وإما تأجيل الأخذ حتى ينتهى الأجل ، ولكن لا يجب أن يفهم من ذلك أن يؤجل طلب الأخذ بالشفعة حتى ينتهى الأجل بل يطالب به فى المواعيد المقرره والثابته ولكن لا يأخذ العقار إلا بعد أن ينتهى الأجل وتسليم الثمن .

المحاضرة الخامسة

باقى المذهب الحنفى

☻. أما لمن يدفع الشفيع الثمن فنرى أن المبيع لا يخلو إما أن يكون فى يد البائع وإما أن يكون فى يد المشترى .
♣ . وأن كان فى يد المشترى أى ” العقار ” وأخذه منه أى ” الشفيع ” ودفع الثمن غلى المشترى والبيع الأول صحيح وأن التملك وقع على المشترى فيكون كأنه إشترى منه.

& . ثم إذا أخذ الدار من يد البائع يدفع ثمنها إلى البائع وكانت العهده عليه ويسترد المشترى الثمن من البائع وإن كان قد نقده .
وإن أخذه من المشترى دفع الثمن إلى المشترى وكانت العهده عليه لأن العهده هى حق الرجوع بالثمن عند الإستحقاق .

$. والملاحظ أنه يجوز المنازعه فى الشفعه إذ لم يحضر الشفيع الثمن إلى مجلس القاضى فإذا قضى قاضى بالشفعه ألزمه بإحضار الثمن وهذا ظاهر برواية الأصل وهو كتاب محمد بن الحسن الشيبانى .

♥ . وعن محمد بن الحسن أنه لايقضى القاضى حتى يحضر الشفيع الثمن وهو رواية الحسن عن أبى حنيفة رحمه الله لأن الشفيع عساه أن يكون مفلساً فيتوقف القضاء على إحضار الثمن وللمشترى ان يحبس الدار حتى يستوفى الثمن من الشفيع لأن التملك بالشفعة بمنزلة الشراء من المشترى وللبائع حق حبس المبيع لإستيفاء الثمن وإن أبى ان يدفع حبسه القاضى لأنه ظهر ظلمه بإجماع من إيفائه ما هو واجب عليه ولا ينقد الشفعه فالمشترى إذ إمتنع عن إيفاء الثمن فإنه يحبس ولا ينقض البيع .

♫ . وإن طلب أجلاً لنقد الثمن أجله يوم أو يومين أو ثلاثة أيام لأنه لا يمكنه النقد الحالى فيحتاج إلى مده يحتاج فيها للنقد فيمهله ولا يحبسه لأن الحبس جزاء الظلم ولم يظهر ظلمه فإن إنقضى الأجل ولم ينقد حبسه .

ثانياً : الفقه المالكى .

☻. من المتفق عليه فى المذهب أن الشفيع يأخذ بمثل الثمن أو بالقيمه وتعتبر القيمه يوم البيع وليس يوم الأخذ بالشفعه ، فالشفيع لا يأخذ الشقص المشفوع فيه إلا بعد أن يدفع لمشترىه مثلما دفع فيه من الثمن لبائعه إن كان مثلياً ووجد ،أو قيمياً ، وياخد الشفيع بمثل الثمن ولو كان الثمن المأخوذ به ديناً فى ذمة بائعه .

♣ . أما عن حكم زيادة المشترى للبائع فى الثمن فالشفيع لا يلتزم بهذه الزيادة وإنما يأخذ بالثمن الأول لكن إذا أخذ الشفيع الشقص بالشفعه فإنه يحط من الثمن الذى دفعه المشترى للبائع مقدار ما حطه البائع عن المشترى من الثمن من أجل العيب الذى إطلع عليه المشترى فى الشقص .

& . وكذلك يحط عن الشفيع ما حطه البائع عن المشترى مما جرت العاده عن حطه من الثمن بين الناس ، وكذلك إذا قام البائع بحطه عن المشترى ضماناً للعيوب الخفيه . وكذلك ماحطه البائع عن المشترى تبرعاً من غير عاده إذا كان الباقى بعد الحطيه يشبه أن يكون ثمناً للشقص فلو لم يشبه الباقى ثمناً له فلا يحط شئ .

$ . إذا كان الثمن مؤجلاً فيرى الإمام مالك فى رجل إشترى شقصاً فى أرض مشتركه بثمن إلى أجل فأراد الشريك أن يأخذه بالشفعه فقال الإمام مالك إذا كان مليئاً فله الشفعه بذلك الثمن إلى ذلك الأجل وإن كان مخوفاً ألا يؤدى الثمن إلى ذلك الأجل فإذا جائهم بحميل ” كفيل ” ملئ ثقه مثل الذى غشترى منه الشقص فى الأرض المشتركه فذلك له .

♥ . ومعنى ذلك أنه إذا إشترى الشقص بثمن معلوم إلى أجل معلوم ثم أراد الشفيع أن يأخذ الشقص بالشفعه فإنه يأخذه بنصف الثمن إلى أجله إن كان موسراً أو لم يكن موسراً ولكن ضمنه سخص ملىء فإن لم يكن الشفيع ولا ضامنه ملئ فإنه لا شفعه له إلا أن يعجل الثمن إلا أن يكون الشفيع مثل المشترى فى العتم فإنه يأخذ الشقص بالشفعه إلى ذلك الأجل .

♫ . أما فى خصوص مسألة لمن يدفع الشفيع الثمن فقد رئينا من قبل أن الشفيع يملك الشقص من المشترى بأحد الأمور الثلاثة ” بحكم ، دفع الثمن ، إشهاد ” .

فالدفع يكون إلى المشترى والأمر لا يخلو من أحوال ثلاثه :

  • اولاً : إن قال الشفيع أخذت وعرفت الثمن وسلم المشترى وفى هذه الحاله إن لم يأتى بالثمن فإن الحكم يؤجله ثم يبيع من ماله بقدر الثمن وينبغى على الحاكم أن يبيع من متاع الشفيع ما هو أولى بالبيع .
  • ثانياً : أن يقول الشفيع أخذت ويسكت المشترى وفى هذه الحالة إن لم يأت الشفيع بالثمن فإن الحاكم يؤجله بإجتهاده وإذا مضى الأجل ولم يأتى بالثمن فله أن يبقى على طلب الثمن فيباع له من مال الشفيع بقدرة وله أن يبطل أخذ الشفيع .
  • ثالثاً : أن يقول الشفيع أخذت ويرفض المشترى ذلك فإن عجل له الثمن أجبر على أخذه وإن لم يعجل له ذلك فإن الحاكم يبطل شفعته حيث أراد المشترى ذلك .

ثالثاً : – فى الفقه الشافعى .

☻. فى المذهب الشافعى ياخذ الشفيع الشقص من المشترى بالثمن المعلوم الذى وقع عليه غقد البيع أو غيره فيأخذه بثمن مثله وإلا بقيمته وتعتبر قيمته وقت العقد لأنه وقت ثبوت الشفعه ولا يلتزم الشفيع بأى زياده فى عقد البيع فمثل هذه الزيادة لا يلتزم بها الشفيع .

♣. وإن حط البائع عن المشترى جزء من الثمن إنحط عن الشفيع هذا الجزء أيضا وأما إن حط الثمن كله فلا شفعه لإنتفاء البيع .

& . أما إذا كان الثمن مؤجلاً فقد ورد فى المهذب ” للإمام الشيرازى ” وإن إشترى الشقص بمائه مؤجله ففيه ثلاثة أقوال .

  • القول الأول : أنه يأخذ بمائه مؤجله لأن الشفيع تابع للمشترى فى قدر الثمن فكان تبعاً له فى التأجيل .
  • القول الثانى : أنه ياخذ بسلعه تساوى مائه إلى الأجل لأنه لا يمكنه أن يطالب بمائه حال لأن ذلك أكثر مما لزم المشترى ، ولا يمكن أن يطالب بمائه مؤجله لأن الزمم لا تتماثل فذمة الشفيع ليست مثل زمة المشترى فوجب أن يعدل إلى جنس أخر بقيمته كما يعدل فيما لا مثل له إل جنس أخر بقيمته .
  • القول الثالث : ” وهو الصحيح لدى الإمام الشيرازى ” أنه يخير بين أن يعجل الثمن ويأخذ وبين أن يصبر إلى أن يحل الأجل ويأخذ لأنه لا يمكن أن يطال بمائه حاله ولا بمائه مؤجله لما ذكرناه ولا يمكن أن يأخذ بسلعه لأن الشفيع عندما يأخذ يأخذ بالمثل او بالقيمه والسلع ليست بمثل الثمن ولا هى قيمته فلا يبقى سوى التخير .

$ . وتذهب الشافعيه إلى انه لا يأخذ بالشفعه من لا يقدر على العوض لأنه إذا أخذه ولم يقدر على العوض أضر بالمشترى والضرر لا يزال بالضرر فإن أحضر ضمينأً أو رهناً أو عوضاً عن الثمن لم يلزم قبوله لأن ما إستحقه أخذه بالعرض لم يلزم قبول الرهن والضنين والعوض فيه كالمبيع فى يد البائع هذا وقد رئينا أن الشفيع يملك الشقص الأخذ لأنه تملك مال بالقهر فوقع الملك فيه بالأخذ كتملك المبيحات .
فإذا تملك الشفيع الشقص لم يكن له أن يتسلمه حتى يؤدى الثمن وإن لم يكن الثمن حاضراً بأن غاب ماله أمهل ثلاثة أيام فإذا إنقضت ولم يحضره فسخ القاضى تملكه أى ألغى الحكم .

رابعاً :- الفقه الحنبلى .

☻. ” يقول بن قدامه فى المغنى ” يأخذ الشفيع الشقص من المشترى بالثمن الذى إستقر عليه العقد ، ولأن الشفيع إنما إستحق الشقص بالبيع فكان مستحقاً له بالثمن كالمشترى فإن قيل أن الشفيع إستحق أخذه بغير رضاء مالكه فينبغى ان ياخذه بقيمته كالمضطر يأخذ طعام غيره فإن المضطر إستحق اخذه بسبب حاجه خاصه فكان المرجع فى بدله إلى قيمته والشفيع لإستحقه لأصل البيع ولهذا لو إنتقل بهبه أو ميراث لم يستحق الشفعه ، وإذا إستحق ذلك المبيع وجب أن يكون بالعوض الثابت فى البيع وإذا ثبت هذا فإننا ننظر إلى الثمن فإن كان دنانير أو دراهم أعطاه الشفيه مثلها وإن كان مما لا مثل له كالثياب والحيوان فإن الشفيع يستحق الشقص بقيمه أخرى .

♣. أما عن حكم الزياده والنقصان الذى يحدث فى الثمن فترى الحنابله أن الشفيع يستحق الشقص بالثمن الذى إستقر عليه العقد فلو تبايعا بقدر ثم غيراه فى زمن الخيار بزياده أو نقصان ثبت ذلك التغير فى حق الشفيع لأن حق الشفيع إنما يثبت إذا تم العقد وإنما يستحق بالثمن الذى هو ثابت حال إستحقاقه ولأن زمن الخيار بمنزلة حالة العقد والتغير يلحق بالعقد فيه لأنهما على خيارهم فيه كما لو كان فى حالة العقد فأما إذا إنقضى الخيار وأبرم العقد فزاد أو نقص لم يلحق بالعقد لأن الزيادة بعده هبه ويعتبر لها شروط الهبه والنقص إبراء مبتدأ ولا يثبت ذلك فى حق الشفيع .

& . وإذا كان الثمن مؤجلاً أخذ الشفيع بهذا الثمن المؤجل إذا كان الشفيع ملئ فإن كان معسراً أقام الشفيع كفيلاً ملئً بالثمن وأخذ الشفيع الشقص به ” أى بالثمن المؤجل لأن الشفيع يستحق الأخذ بقدر الثمن وصفته والتأجيل من صفته ويلاحظ أن الشفيع إن أراد أخذ الشقص من يد المشترى أخذها وإن كان فى يد البائع أخذها منه وكأنه أخذها من المشترى ولا يأخذ بالشفعة من لا يقدر على الثمن لأن فى أخذها بدون دفع الثمن إضرار للمشترى ولا يزال الضرر بالضرر فإن أحضر رهناً او ضميناً لم يلزم المشترى قبوله لأن فى تأخير الثمن ضرر كما لو أراد تأخير ثمن حال وإن بذات عوض عن الثمن لم يلزمه قبوله لأنها معاوضه لا يجبر عليها .

خامساً : – فى الفقه الظاهرى .

☻ . يأخذ الشفيع الشقص بالثمن أو بقيمته ” فيقول بن حزم ” فإن باع الشخص بعرض أى منقول أو بعقار لم يجز للشفيع أخذه إلا بمثل ذلك العقار أو بمثل ذلك العرق فإن لم يقدر على ذلك أصلاً فالمطلوب مخير بين أن يلزمه قيمه العرض أو العقار أو مثل ذلك متى قدر عليه لأن البيع لم يقع إلا بذلك العرض أو ذلك العقار وليس أخذ الشقص إلا بما رضى به البائع فلا يجوز إجبار البائع على أخذ غير ما طابت به نفسه .

♣ . وإذا حدث زياده أو نقص بالثمن فللشفيع الإستفادة بهذا التغير الحاصل بالثمن ” لقوله صلى الله عليه وسلم ” فالشريك أحق ” موجب له الأخذ بما يبيع جملة وتفضيله على المشترى وكذلك وللحكمه ذاتها يستفيد الشفيع بالأجل إن وجد .

سادسا :- فى فقه الشيعة .

☻ . إتفق الفقهاء إن كان الثمن مثلياً تثبت الشفعه للشريك ويتملك بمثل الثمن الواقعى الذى جرى عليه عقد البيع بين البائع والمشترى سواء أكان مساوياً لقيمة المبيع السوقيه أو كان دونها أو أكثر منها لأن الشفيع يملك العين من المشترى بمثل ما ملكه هو من البائع .

♣ . وإن كان الثمن قيمياً فقد إختلف الفقهاء على قولين : الأول : أن الشفعه تسقط من الأساس .الثانى : أن الشفعه تثبت لو كان الثمن قيمياً تماماً كما لو كان مثلياً وعلى ذلك أكثر الفقهاء .

& . وإذا حط البائع من الثمن بعد العقد فلا ينتفع الشفيع بالثمن إذا كان هبه من البائع إلى المشترى وينتفع به ويسقط من الثمن حتماً إذا كان تعويضاً عن عيب ظاهر فى المبيع لأن الثمن الحقيقى هو ما تبقى بعد العقد .

♫ . إذا كان عقد البيع ينص على تأجيل الثمن فإن الشفيع يستفيد من ذلك لأن الشفيع يملك كل ما يملكه المشترى وعلى الشفيع تقديم كفيل إذا طلب منه المشترى ذلك حيث لا يجب أن يتحمل إعسار الشفيع ، وإذ أخذ الشفيع بالثمن المؤجل ثم مات المشترى قبل أن يحل الأجل فللبائع أن يطالب ورثة المشترى لأن الميت تحل ديونه المؤجله بالموت وليس لورثة المشترى الرجوع للشفيع إلا بعد حلول الأجل .

$ . إذا مات الشفيع قبل حلول الأجل فللمشترى أن يطالب بالثمن ورثة الشفيع وليس للبائع الرجوع على المشترى إلا بعد مضى الأجل والشفيع كما رئينا يتملك الشقص من المشترى وبعد إنتقاله إلى الأخير بالبيع ولكن لا يلزم المشترى دفع الشقص ما لم يبدل الشفيع الثمن الذى وقع عليه العقد .

الملك بالشفعه فى القانون المدنى ونتائجها

تمهيد وتقسيم :-

☻. حرص المشرع سواء فى قانون الشفعة الملغى أو التقنين المدنى الجديد على إيراد بعض النصوص التى تتكلم عن الملك بالشفعة ونتائجها .

♣ . فالماده 18 من قانون الشفعة الملغى الصادر بالديكريتو 23-3-1901 بالنسبه للمحاكم الوطنيه وبالديكريتو 26-3-1900 بالنسبه للمحاكم المختلطه تقضى بأن ” الحكم الذى يصدر نهائياً بثبوت الشفعه يعتبر سند لملكية الشفيع وعلى المحكمة تسجيله من تلقاء نفسها “

& . كما قضت الماده 13 من هذا القانون بأن “يحل الشفيع بالنسبة إلى البائع محل المشفوع منه فى كافة ما كان وما عليه من حقوق .”

$ . وتقضى الماده 935 من التقنين المدنى الحالى بأن “الشفعه رخصه تجيز فى بيع العقار الحلول محل المشترى فى الأحوال وبالشروط المنصوص عليها بالمواد التاليه “

♥ . كما نصت الماده 944 /1 على أن ” الحكم الذى يصدر نهائيا بثبوت الشفعة يعتبر سند لملكية الشفيع وذلك بدون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل “

♫ . كما حرص المشرع كذلك على إيراد بعض النتائج الخاصه المتصله بحقيقة التملك بالشفعه فتكلم فى الماده 10 من قانون الشفعه الملغى عن البناء والغراس فى الأرض المشفوعه كما تكلم فى الماده 13 من ذات القانون عن عهدة الشفيع ومدى إنتفاعه بتأجيل الثمن .

¥ . وفى القانون المدنى الحالى تحدث المشرع فى المادة 945 /1و2 عن الإنتفاع بالأجل وعن عهدة الشفيع وفى المادة 946 من ذات القانون عن البناء والغراس فى العين المشفوعه .
هذا وقد أثارت المواد السابقه جدلا عنيفا فى الفقه والقضاء المصرى فتباينت الأراء ووجهات النظر إلى حد بعيد ولذلك نعرض :

  • أولاً : لحقيقة الملك بالشفعه فى القانون المدنى الحالى أو لطبيعة الحكم بالشفعة .
  • ثانياً : نعرض للنتائج المترتبه على ذلك خاصة فيما يتعلق بعهدة الشفيع وتملك ثمار العين المشفوعه وفى مطالبة المشترى للشفيع بثمن العقار كل هذا على ضوء أحكام الشريعة الإسلامية التى عرضنا لها من قبل .

طبيعة حكم الشفعه فى القانون المدنى الحالى .

تمهيد :-

☻ . أشرنا منذ قليل أن المادة 944 /1 تقضى بأن ” الحكم الذى يصدر نهائيا بثبوت الشفعة يعتبر سند لملكية الشفيع وذلك بدون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل “وكذلك فعلت المادة 13 من قانون الشفعة الملغى فما هى طبيعة حكم الشفعه فى القانون المدنى على ضوء ما ورد به من نصوص وعلى ضوء الفقه الإسلامى فى هذا الصدد ؟

♣ . نعرض فيما يلى لما ورد للأعمال التحضيرية من القانون المدنى الجديد من فهم لمشكلة التملك بالشفعة ووقت هذا التملك ثم نتلو ذلك بعرض موقف الفقه المدنى وأخيراً نعرض لحقيقة التملك بالشفعة .

أولاً : التملك بالشفعة فى الأعمال التحضيرية فى القانون المدنى الجديد:

☻ . من الملاحظ أن مسألة تحديد الوقت التى يصبح الشفيع إبتداءً منه مالك للعقار المشفوع فيه يعد من المسائل التى ناقشتها لجنة المرحوم ” كامل صدقى ” وبالذات فى جلسة 17 -3 1938 وذلك بمناسبة مناقشة الماده 1394 من المشروع التمهيدى وفى هذه الجلسة طلب الرئيس من الأعضاء تصفية النقطة الباقية فى باب الشفعة وهى تحديد الوقت الذى يصبح الشفيع إبتداء منه مالك للعقار المشفوع فيه .
فهل يصبح الشفيع مالك من يوم حصول البيع أن من يوم إعلان رغبته فى الأخذ بالشفعة أم من تاريخ تسجيل هذه الرغبة أم من يوم موافقة المشفوع ضده على طلب الشفعة أم من تاريخ الحكم الصادر بالأحقيه فى الشفعه ؟

♣ . وفى معرض الإجابه على هذه الأسئله تضمنت عدة أراء لأعضاء اللجنه :

♫ . فذهب رأى الأول : إلى أن الشفيع بالنسبة للغير يصبح مالك من تاريخ أول بيع للعقار الذى أعلن رغبته فى أخذه بالشفعه غير ان هذا الرأى إقترح مع ذلك أن يكون للشفيع الحق فى الثمار كمار يلتزم بفوائد الثمن إبتداء من تاريخ إعلان رغبته فى الشفعه ولهذا إعترض أحد الأعضاء “صليب سامى بيك ” على هذا الإقتراح على أساس أن مقتضى هذا اٌقتراح أن العقار المشفوع فيه سيتداوله ملاك ثلاثة على التوالى هما : البائع والمشترى من تاريخ شراءه والشفيع من تاريخ إعلان رغبته فى الشفعه الأمر الذى يناقض المبادئ المقرره فى الشفعه والتى تقضى أن الشفيع يحل قبل البائع محل المشترى فى جميع حقوقه وإلتزاماته فيما عدا الإنتفاع بالأجل الذى هو معلق على رضاء البائع وأقترح لذلك النص على يكون للشفيع الحق فى الثمار إبتداء من تاريخ البيع .

& . مفاد الرأى الأول : إذن أن الشفيع يتملك العقار المشفوع فيه إبتداء من تاريخ البيع كما له الحق فى ثماره من هذا التاريخ أيضا على أن اللجنه عند أخذ الأصوات لم توافق على هذا الإقتراح ، وقريب من الرأى الأول ما ورد فى مذكرت المشروع التمهيدى .

$ . والرأى فى ذلك أن الشفيع يحل محل المشترى فى السفقه فيملك من وقت البيع الأول ويعتبر المشترى كأنه لم يملك أصلا إلا إذا إستولى على ثمار المبيع إلى إعلان الرغبة فيتملك الثمار بالحيازه إذ هو حسن النيه إلى هذا الوقت .

♥ . غير أن هذا الرأى لا يعبر إلا عن وجهة نظر واضع المذكره الإيضاحية بحيث يقول”الرأى فى ذلك” ومثل هذا الرأى لا يقيد لا المحاكم ولا الشراع خاصة وأنه يتعارض كما سنرى مع نصوص صريحه فى القانون .

محاضرة 21/11/2010

ذهب رأي ثان إلى أن الشفيع يعتبر مالكًا ابتداءً عن إعلان رغبته في أخذ العقار بالشفعة، أي من تاريخ إعلان الرغبة في الشفعة؛ لأن الحكم الذي يصدر نهائيًا إنما يقر للشفيع بحق يرجه إلى اللحظة التي استعمل فيها هذا الحق، ويمكن إدماج هذا المبدأ من خلال تعريف الشفعة في المادة الأولى من مواد الشفعة في القانون المدني المصري.
وأخيرًا رأى أحد الأعضاء أن الشفعة في ذاتها ليست إلا مجرد حق اختياري، وبالأحرى مجرد احتمال لا يمكن أن يوصف بأنه حق بالمعنى القانوني إلا إذا استعمل وفقًا للقانون، فالأمر لا يتعلق إذا بالإقرار بحق قائم بالفعل، وعليه لا محل لترتيب أثر رجعي لحق الشفيع وإسناده لتاريخ البيع أو تاريخ تسجيله، وليس صحيحًا أن يقال أن البيع يزول ويفسخ ويدع مكانه للشفعة التي تحل محل العقد الأول وتبطله. ذلك أن البيع قد تم صحيحًا ولم يكن معلقًا على شرط موقوف أو شرط فاسخ مما يرتب عليه انتقال الملكية انتقالًا صحيحًا من يوم تسجيله __________________________ بحيث يملك المشتري كامل الحرية في التصرف في العقار ببيعه من جديد أو تصرف ________________
فالمشتري يصبح بدوره مالكًا وهو الذي ترفع عليه دعوى الشفعة وله أيضًا أن يرتب للغير حقوقًا هينية على العقار أو أن يقبض ريع هذا العقار وله أن يباشر عليه حقوق الملكية كافة .. لذا يتعذر أن يلغى مثل هذا المركز القانوني

الذي لا يمكن المساس به إلا في المستقبل فقط ابتداء من تاريخ طلب الشفعة بالطريق القانوني وتسجيله فالبحث ينحصر أذن في معرفه ما أذا كانت الملكية تنتقل إلى الشفيع من يوم طلب الشفعة أو من يوم تسجيل هذا الطلب أو ينتقل من يوم قبول المشفوع ضده أو من يوم صدور الحكم بثبوت الحق فيه .

الواقع أننا بصدد مركز غير طبيعي يتعلق بحق أختيارى نتيجة وقائع قانونيه مترتبة بين الغير ولم يشترك فيها ذلك الشخص الذي قد يستفيد منها ولا تتحقق الاستفادة إلا باستعمال هذه الرخصة استعمالا صحيحا إذ تتحول الرخصة إلى حق باتفاق ذو الشأن على الاعتراف بها أو بصدور حكم يؤيده فهذا الاتفاق أو هذا الحكم يجب أن يكون هو الفيصل في تحديد تاريخ انتقال الحقوق .
يتبين مما تقد أن الآراء قد اختلفت في تحديد وقت انتقال ملكيه المشفوع إلى الشفيع فهناك من رأى أن ذلك لا يتم إلا من تاريخ عقد البيع ( السبب في الشفعة ) أما أصحاب الرأي الثاني فيذهبون إلى تحديد هذا الوقت بتاريخ إعلان الرغبة في الشفعة فأخيرا فهناك من حدد هذا الوقت بتاريخ الاتفاق على الاعتراف بحق الشفيع ( التسليم بالشفعة ) أو تاريخ صدور حكم قضائي عند تعذر الاتفاق وبعبارة أخرى فأن ملكيه الشفيع تبدأ من وقت التراضي أو صدور حكم القاضي ومن الملاحظ على أصحاب الآراء المتقدمة وهذا طبيعي لأنهم أجانب أنهم لم يحكموا في هذه المسألة الهامة ففي أراء الفقه الأسلامى فلا نجد أشارة من قريب أو من بعيد للشريعة الاسلاميه وهى المصدر التاريخي والمادي لأحكام الشفعة في القانون المدني .

ثانيا :- التملك بالشفعة في أحكام القضاء المصري :

أشرنا من قبل إلى أن المشرع في خصوص وقت انتقال ملكيه المشفوع فيه قد أورد في القانون المدني الجديد بعض النصوص ( المواد 935 – 944 – 945 فقره أولى )
التي تتفق بل وتتطابق مع نصوص قانون الشفعة السابق المواد (13 -18) ولذلك تبدو أهميه عرض موقف القضاء المصري في ظل أحكام قانون الشفعة الملغى فأحكام هذا القضاء قد صدرت في ظل نصوص مطابقة ومشابهه لنصوص القانون المدني الحالي .
موقف القضاء المصري عدا محكمه النقض :-
يذهب اتجاه أول في قضاء المحاكم المصرية إلى أن الشفيع يحل محل المشترى من وقت تمام البيع المشفوع فيه وقد قالت محكمه الاستئناف الوطنية في 15 مارس 1894 أن القواعد القانونية تقضى بأن الأحكام معلنه ومقرره للحقوق وثبوتها فلا توجدها ابتدءا .

بمعنى أن الحق الذي قضى للشخص به يعتبر أنه مكتسبا له من يوم وجوده لا من يوم القضاء له به .
وعلى هذه القاعدة يكون الشفيع الذي طالب اخذ العقار بالشفعة مالكا لهذا العقار من يوم حصول البيع وهذا ما يوافق ما نص عليه في مذهب الإمامين مالك والشافعي من ثبوت ملك الشفيع من مجرد الطلب بعد معرفه الثمن والمبيع ولو لم يسلمه المشترى أو بتسلم الثمن . وقضت ذات المحكم في 11 مارس 1906 بأن الشفعة تثبت بالطلب المستوفى للشرائط القانونية ومتى ثبتت أنفسخ البيع للمشترى وحل الشفيع محله وأصبح العقار المشفوع فيه ملكا له من يوم البيع ولذلك تسقط جميع الحقوق العينية التي يكون قد قررها عليه المشترى .

وحيث أن الحكم بها للشفيع ليس عبارة إلا عن تقرير صحة الطلب وإلزام المتخاصمين بالنتائج القانونية المترتبة عليها فهو من الأحكام المبينة للحقوق لا المنشئة لها خلافا لما قرره قضاء أول درجه .
بناء على ذلك لا يعتبر العقار المشفوع فيه بعد طلب الشفعة وقبل القضاء فيه من قبيل بيع الآمال .
ولا بيع مالا يملكه الإنسان بل هو من قبيل بيع الحقوق المتنازع فيها وهذا جائز بلا خلاف .
ويذهب اتجاه ثان في قضاء المحاكم المصرية إلى أن الشفيع يتملك العقار المشفوع فيه من وقت الطلب .

فقد قضت محكمه الاستئناف الوطنية في 29 – 12 – 1909 بأن يعتبر الشفيع الذي حكم بأحقيته في الشفعة مالكا للعين المشفوع فيها من يوم طلبه الأخذ بها . فإذا أستمر المشترى واضعا يده عليها بعد الطلب فهو مسئول قبل الشفيع عن ثمرتها من يوم الطلب إلى يوم التسليم مع مراعاة خصم ما يقابل أتعاب ومصاريف الاداره وفوائد ثمن المبيع من يوم طلب الأخذ بالشفعة إلى يوم دفعه .

كما ذهبت بعض الأحكام إلى أن الشفيع يحل محل المشترى من وقت إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة إلى كل من المشترى والبائع فقد قالت محكمه الاستئناف المختلطة في 31-5-1932 ولو أن ملكيه الأعيان المشفوعة لا تنتقل للشفيع إلا من يوم الحكم الصادر بتقديرها للحق فأن الآثار القانونية لهذا الحق نتسحب إلى تاريخ تسجيل طلب الشفعة وان المادة 18 من ديكريتو 26 مارس 1901 الخاص بالشفعة ( وهى المقابلة للمادة 944 من القانون المدني الحالي) لا ترمى إلا لنقل الملكية بالنسبة للغير لا للعلاقة بين الشفيع والمشفوع ضده .

ويذهب اتجاه ثالث إلى أن الشفيع يحل محل المشترى من وقت صدور الحكم له بثبوت حقه في الشفعة أو من وقت التراضي وان هذا الحكم يعد منشئا لحق الشفيع لا كاشف عنه من ذلك ما قالت به محكمه الاستئناف المختلطة بأن المشترى الذي ترفع عليه دعوى شفعه لا تثبت ملكيته للعقار المشفوع إلا بقبول حق الشفعة نهائيا أو بصدور حكم بذلك ويبقى له حتى ذلك الوقت الحق في الانتفاع بالثمار ولكنه ليس له في ذلك الوقت أن يحتفظ بالثمار أو يطالب بفوائد المبالغ التي دفعها .

وقد قضت محكمه الاستئناف بدوائرها المجتمعة في 29 مارس 1923 وحيث أن الشفعة أخذت أصلا من أحكام الشريعة الغراء وقال الفقهاء أنها تمليك بالتراضي أو بقضاء القاضي دفعا لاحتمال الضرر اى أن الشفيع لا يعد مالكا للعقار إلا بناء على طلبه مع المشترى على أن يتنازل له عما أشتراه لما له عليه من حق الشفعة أو بحكم القاضي وحينئذ يتعين عليه دفع الثمن والمصاريف التي يكون قد صرفها في سبيل هذا الشراء وحيث أنه بناء على هذا المبدأ يكون حكم الشفعة ناقلا للحق أو التملك وليس مقررا له وللمشفوع منه الحق في الانتفاع بما أشتراه واستغلاله لنفسه حتى يدفع له الشفيع الثمن والمصاريف بناء على التراضي أو حكم القاضي .وحيث أنه متى سلم بأن العين تعتبر ملكا لمشترى بحكم القاضي فليس من المسلم به إلزام الشفيع بإيداع المبلغ في الخزانة وتعطيه زمنا بغير استغلال وبغير مسئوليه على المشترى الذي له حق الانتفاع بثمرة العين ما دام النزاع دائما قصر أو طال .

كما ذهبت العديد من الأحكام إلى تملك الشفيع للمشفوع فيه من تاريخ الحكم وذلك على أساس اعتبار أن ذلك الحكم بمثابة عقد بيع حقيقي جبري بين الشفيع والمشترى أو بين المشفوع فيه والبائع .ويحل الحكم محل رضاء البائع .
الإجبار القانوني على المعاوضه ( عقد البيع الحقيقي الجبري )
من ذلك مثلا ما قضت به محكمة مصر الأبتدائيه في 22 – 11 – 1927 من أنه لا يجوز للشفيع التنازل عن الشفعة بعد الحكم له بها لأن الشفعة عقد يتم بإيجاب الشفيع وقبول المشفوع منه ويقوم الحكم مقام قبول الأخير أذا كانت الشفعة تتم بالحكم بها فقد أصبحت العين ملكا للشفيع والثمن حق للمشفوع منه فلا يملك الشفيع التنازل عن حكم الشفعة
وأيضا قضت محكمه الاستئناف المختلطة بأن حكم الشفعة هو عقد بيع حقيقي تقوم فيه سلطه القضاء مقام رضاء المتعاقدين وهو لذلك سند واجب التنفيذ لمصلحة الطرفين فالشفيع يمكنه تنفيذه باستلام العين والمشفوع منه يستطيع تنفيذه بالاستيلاء على الثمن .

وقضت محكمة استئناف مصر في 29 – 2 – 1942 بأن الشفيع يتملك العين المشفوع فيها بمقتضى الحكم الذي يصدر نهائيا بثبوت الشفعة وان هذا الحكم يقوم مقام عقد البيع ويترتب عليه نفس ما يترتب علي هذا العقد من حقوق والتزامات .

موقف محكمة النقض :-

أصدرت محكمة النقض حكما أساسيا يفصل في مشكلة وقت تملك الشفيع للعقار المشفوع فيه ولم تعدل بعد ذلك عن موقفها الوارد فيه حتى اليوم .
فقد قضت في 31 – 10 – 1946 (بأنه وحيث أن الشارع إذا كان قد نص في المادة 18 من قانون الشفعة والمطابقة للمادة 944 من القانون المدني الحالي على أن حكم الشفعة يعتبر سندا لملكيه الشفيع) فأنه لم يرد بهذا النص أن يعتبر الحكم المذكور حجه أو دليلا على الملكية التي قضى بها وإلا وكان هذا النص عبثا مع وجود الماده232التى نصت على حجية الأحكام أي أن أرادة المشرع هو اعتبار حكم الشفعة سببا قانونيا لملكيه الشفيع

كما أراد بنص المادة 587 من قانون المرافعات اعتبار حكم البيع سببا قانونيا لملكيه من رسى عليه المزاد وكما أراد بنص المادة 608 من القانون المدني اعتبار مجرد وضع اليد سببا صحيحا لملكيه واضع اليد على المنقول ولكلمه (السند) التي وردت في هذه النصوص كلها أنها جاءت على معنى السبب القانوني المنشئ لحق الملكية ولم تجيء على معنى دليل الملكية أو حجته ومتى كان حكم الشفعة في نظر القانون هو سبب الملكية ومنشئها فأن مقتضى هذا النظر ولازمه ألا يصير المشفوع إلى ملك الشفيع إلا بعد هذا الحكم أما قبله فلا .

لأن السبب لا يوجد قبل وجود مسببه ولان ماجعله الشارع من الأحكام منشأ للحقوق لا ينسحب على الماضي وحيث أن ما جاء في المادة العاشرة من قانون الشفعة مقيدا لحق المشترى في أن يبنى أو يغرس في العين المشفوعة وما جاء في المادة 12 قاضيه بأن لا يسرى على الشفيع كل رهن من المشترى وكل حق اختصاص حصل عليه دائنيه وكل بيع وكل حق عيني قبله المشترى أو أكتسبه الغير ضده بعد تسجيل طلب الشفعة وما جاء من ذلك في قانون الشفعة لايمكن أن يفيد أن الشارع قد أراد أن يجعل قانون الشفعة ذا أثر رجعى لأن هذا الأثر لا يستقيم إلا على تقدير أن مجرد طلب الشفعة يجعل الشفيع مالكا تحت شرط توقيفي ( هو الحكم له بطلبه ) .

بحيث إذا صدر ذلك الحكم وتحقق الشرط الفاسخ لملك المشترى والموقف لملك الشفيع زالت ملكية المشترى واعتبرت كأن لم تكن وأعتبر الشفيع مالكا منذ إعلان الطلب وهذا تقدير غير معقول لأن حق الشفيع الذي سيتولد عند البيع هو حق متعلق بعقار لا حق ملكيه وهو لايخول صاحبه إلا مداعاة المشترى بدعوى شخصيه .

ثم أن الأصل في التصرفات التنجيز والتعليق يثبت بعارض الشرط والتعليق بالشرط لايكون إلا في الالتزامات الاتفاقية ولذلك فلا يمكن أن يثبت للمشترى الذي أشترى بقصد غير مضاف ولا معلق على شرط ولا مقترن به ثم سجل عقده إلا حق ملكيه تامة ناجزه تبقى له إلى أن تزول عنه بسبب من الأسباب التي تؤدى إلى هذا الزوال أما أن تتحول هذه الملكية التامة الناجزه إلى ملكيه معلقه لمجرد أن البيع الذي كان عله لها قد ولد حقا لمن قام به سبب من أسباب الشفعة فذلك لا يتأتى قانونا
هذا كله إذا كان الشارع المصري قد أتى من عنده بجديد فيما أورد من أحكام المادتين العاشرة والثانية عشره من قانون الشفعة ليجوز القول في غمره هذا الخلاف بأنه أراد بها أن يجعل حكم الشفعة ذا أثر رجعى ولكن الواقع أن الشارع أخذ أحكام هاتين المادتين جمله من فقه الحنفية فقد كان الرأي عند أبى يوسف أن الشفيع ليس له حق تكليف المشترى بهدم البناء وقلع الشجر لكن أذا أصر على الأخذ بالشفعة أخذ العقار بثمنه مضاف إليه قيمة البناء أو الشجر باقيين على الأرض .

ووجه هذا الرأي أن المشترى لم يكن في بنائه ولا في غرسه متعديا لأنه أنما غرس وبني في ملكه فإذا أراد الشفيع أخذ ملكه جبرا عنه وجب ألا يترتب على ذلك طلب وليس في أخذه على هذا الوجه ضرر بأحدهما لأن الشفيع يأخذ ما زاد في الأرض بقيمته والمشترى قد عوض عنه بهذه القيمة وإذا كان في إلزام الشفيع بأخذ شيء قد لا يرغب فيه بعض الضرر . فهو أدنى من ضرر المشترى حين يؤخذ منه البناء والشجر بقيمتها مقلوعين وعند تعارض الضرر يحتمل الأقل .

وكان الرأي عند أبى حنيفة أن الشفيع بالخيار أن شاء أخذ الأرض بالثمن والبناء والغرس بقيمته مقلوعا وان شاء أجبر المشترى على القلع ووجه هذا الرأي أن المشترى كان عليه أن يتريث إلى أن يفصل في أمر الشفعة وإذا لم يفعل وبني وغرس في عين تعلق بها حق غيره لزمه أن يتحمل ما يترتب على فعله هذا من ضرر وقد وقف الشارع المصري بين هذين الرأيين فأخذ بالثاني بالحال الذي يكون فيها البناء أو الغراس بعد الطلب لأن المشترى يكون قد أقدم على البناء والغراس وهو يعلم أن العين قد تؤخذ منه فأن كلف القلع أو الهدم وحدث له ضرر فهو الجاني على نفسه .
وأخذ بالرأي الأول أذا كان البناء أو الغراس قبل الطلب لأن عسى أن يكون المشترى غير متوقع الطلب بالشفعة ثم يتصرف في ملكه .

محاضرة 6/12/2010

[1] الشفعة مصطلح ونظام فقهي إسلامي لا وجود له في أي قانون أخر، استقي اسمه من الآية الكريمة “والشفع والوتر” ومعناه اللغوي اقتران الشيء بآخر
[2] الضمان