بحث قانوني قيمة حول الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا

الهَيْئَاتْ الكَفِيلَةْ بِحِمَايَةْ البِيئَة وَتَرْقِيَتِهَا مَيْدَانِيَا ►||

مقدمة :

إن نجاح تطبيق سياسة تتعلق بالإدارة العقلانية بالبيئة مرهون بالقدرات المؤسساتية وفعاليتها ذلك أن النصوص وحدها قاصرة على تنظيم أي مجال من مجالات الحياة العامة للأفراد ما لم يتم تعزيزها بأجهزة ذات فعالية تسهر على التطبيق الأمثل لهذه السياسة المعبرة عنها بالنصوص القانونية، وفيما يخص الهيئات الإدارية المكلفة بحماية البيئة وجب التنويه أن هناك العديد منها سواء كانت مركزية تهتم بالقضايا البيئية ذات البعد الوطني القومي،أو تلك المتواجدة على المستوى المحلي الإقليمي ،إلا أن القضايا البيئية تهم بالدرجة الأولى الجماعات المحلية باعتبارها همزة الوصل الأولى بالمواطن والتي يمكنها عكس ما يعانيه يوميا من مشاكل لا سيما تلك التي لها تأثير سلبي على صحته والمحيط الذي يعيش فيه لذلك خصص هذا الفصل لتبيان دور المؤسسات الإدارية التي لها علاقة مباشرة بميدان حماية البيئة.

ولقد انتهجت الدولة الجزائرية في مجال حماية البيئة منهاجا يهدف إلى تعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي في هذا القطاع وهذا ما يستشف من غزارة التشريع المتعلق به وذلك بسن القوانين التي تنظم مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية بطريقة تتوافق والقواعد العلمية لحماية البيئة وكذا بروز هيئات إدارية مركزية مستقلة وهذا لأول مرة تسهر على تسيير القطاع كما دعمت القاعدة على المستوى المحلي وذلك بالاختصاصات الجديدة التي أضيفت لكل من البلدية والولاية كونهما مؤسستان الرئيسيتان لحماية البيئة خاصة البلدية التي تلعب دورا فعالا في هذا المجال نظرا لقربها من المواطن وإدراكها أكثر من أي جهاز آخر لطبيعة المشاكل البيئية التي يعانيها .

إلا أن الوصول إلى نظام بيئي متزن يحفظ سلامة الفرد والمجتمع والكون لايتأتى بمجرد وجود نظام قانوني ينظم ويهدف إلى حمايته ولا بوجود سلطة تقوم على تجسيده ميدانيا من دون أن يكون وعي بيئي لدى الفرد أو الجماعة بل أكثر من ذلك أن يتيقن الإنسان أنه استخلف في الأرض أن يصلحها وأنه سيد عليها بعقله يستعمرها ويستغلها من أجل تحقيق الرفاهية له ولغيره قال الحق صبحانه وتعالى ” هو الذي جعلكم خلائف الأرض ” صدق الله العظيم وعلى هذا خصصنا المبحث الأخير لهذا الفصل لتبيان دور الجماعة والفرد في مجال حماية البيئة.

المبحث الأول

الهيئات المركزيــة

إن تجسيد النظام القانوني لحماية البيئة وتنفيذه على أرض الواقع يتطلب وجود جهاز تنفيذي فعال من القاعدة إلى القمة يعمل في كنف الشرعية ويسهر على التطبيق السليم للقانون. ولعل النظام الإداري اللامركزي المنتهج من طرف المشرع الجزائري كفيل بذلك فبالإضافة على الهيئات الإدارية المحلية التي تشرف على قطاع البيئة عن كثب باعتبارها الخلية الأساسية للهيكل الإداري وكونها كذلك إدارة ورشات ومشاريع هناك الوزرة المكلفة هنالك وزارة المكلفة بالبيئة باعتبارها السلطة الوصية على القطاع عن طريق تسييره بالرقابة السلمية التي تفرضها على مختلف المديريات الولائية للبيئة وذلك لضمان تطبيق الأهداف المتوخاة من التشريع البيئي ولتحقيق التوازن بين الخصوصيات الجغرافية والبيئية لكل منطقة والقضايا البيئية ذات البعد الوطني ،لكن السؤال الذي يمكن طرحه في هذا المجال ؛ هل الوزارة الوصية قادرة وحدها على الإشراف على هذا المجال الحيوي خاصة مع التغيرات التي تشهدها الساحة الاقتصادية لاسيما الصناعية منها؟

إن هذا السؤال قد أجابته عليه التعديلات الجديدة التي مست قطاع البيئة وذلك من خلال الهيئات المركزية التي استحدثت والتي أنبطت بها مهمة تسيير وتنظيم مجالات بيئية معينة وخففت بذلك الضغط على السلطة الوصية وعلى الهيئات المحلية وفي الحقيقة إن مثل هذه الهيئات المركزية أضحت ضرورة ملحة نظرا لبروز مشاكل بيئية تحتاج إلى عناية خاصة لاسيما تلك المتعلقة بالنفايات والساحل والمجال البحري والجيولوجي وسنتطرق لتبيان هذه الهيئات وتحديد اختصاصاتها على النحو الذي سيأتي.

المطلب الأول

الوكالة الوطنية للنفايات

استحدثت هذه الوكالة بموجب المرسوم التنفيذي 02/175 الذي حدد اختصاصاتها،تشكيلتها وكيفية عملها وقد جاءت هذه الوكالة في ظل التغيرات الذي شهدها المجال الصناعي بالتالي أصبحت قضية النفايات تطرح نفسها بشدة إذ تغير مفهومها من تلك البقايا والفضلات التي يجب التفكير في كيفية التخلص منها إلى مادة أولية خامة لها أهمية كعملية التصنيع وذلك بخضوعها لعمليات الرسكلة .

كما تعتبر هذه الوكالة كضرورة وحتمية فرضها الواقع الدولي الذي أصبح يلح على إيجاد حلول عقلانية لمشكل النفايات وهذا ما يتبين من خلال انضمام الجزائر إلى اتفاقية بازل المنظمة للتحكم في نقل النفايات(1)وكذا الاتفاقية الدوليةلإستعداد والتصدي والتعاون في ميدان التلوث(لندن) (2).

الفرع الأول

عمل وتنظيم الوكالة

عرف المشرع الجزائري الوكالة الوطنية للنفايات في المادة الأولى من المرسوم السالف الذكر بأنها مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري تتمتع بالشخصية المعنوية لاستقلال المالي تخضع للقانون الإداري في علاقاتها مع الدولة وتعد تاجرة في علاقاتها مع الغير ،تسير وفقا لنظام الوصاية الإدارية من طرف الوزير المكلف بالبيئة (3).

تدار الوكالة بمجلس إدارة متكون من وزير الوصي عن قطاع البيئة كرئيس أو ممثل له وأعضاء هم على التوالي : ممثل الوزير المكلف بالجماعات المحلية، ممثل الوزير المكلف بالمالية ،ممثل الوزير المكلف بالصناعة ،ممثل الوزير المكلف بالطاقة والمناجم،ممثل الوزير المكلف بالمؤسسات والصناعات المتوسطة(4)…الخ. يعين هؤلاء الأعضاء لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار من الوزير المكلف بالبيئة بناء على اقتراح السلطة التي ينتمون إليها(5).

ويجتمع بناء على استدعاء من الرئيس في دورة عادية مرتين في السنة على الأقل وله أن يجتمع في دورة غير عادية كلما قضت الضرورة ذلك إما بطلب من رئيس أو ثلتي أعضائه ولا تصح مداولاته إلا بحضور أغلبية الأعضاء وتتخذ القرارات فيه بالأغلبية البسيطة للأصوات وفي حالة التعادل يرجح صوت الرئيس .

الفرع الثاني

اختصاصات الوكالة

تكلف الوكالة بتطوير نشاطات فرز النفايات ومعالجتها وتثمينها (1) كما تكلف في إطار القيام بمهامها المتعلقة بمجال النفايات على الخصوص بما يلي(2):

– تقديم المساعدة للجماعات المحلية في ميدان تسيير النفايات .

– معالجة المعطيات والمعلومات الخاصة بالنفايات وتكوين بنك وطني للمعلومات حول النفايات وتحيينها .

أما فيما يخص نشاطات فرز النفايات وجمعها ونقلها ومعالجتها وتثمينها وإزالتها تكلف الوكالة بما يلي :

– المبادرة بإنجاز الدراسات والأبحاث والمشاريع التجريبية والمشاركة في انجازها.

– نشر المعلومات العلمية والتقنية وتوزيعها .

– المبادرة ببرامج التحسيس والإعلام والمشاركة في تنفيذها.

إن الوكالة بهذه المهام المخولة لها والسلطات الممنوحة لها في مجال النفايات تعتبر بمثابة الجهاز المركزي الراسم للمنهج العام الذي يبين كيفية معالجة النفايات وتثمينها على المستوى الوطني وبالتالي يكون قد خفف من العبئ الذي كان ملقى على عاتق الجماعات المحلية في تسيير هذا المجال وذلك من خلال ترشيده وحثه على التقنيات العلمية الجديدة التي من شأنها أن تعطي النفايات بعدا اقتصاديا وبيئيا في نفس الوقت بحيث تساهم في الحلقة الاقتصادية دون المساس بالمحيط والطبيعة.

المطلب الثاني

المحافظة الوطنية للساحل

تمتد الواجهة البحرية الجزائرية على طول 1200كلم تتميز بتنوع وسطها الجغرافي والطبيعي وتنوع مواردها كما تتكون هذه الواجهة من هضبات كبيرة ومن سهول ساحلية (المتيجة،تلال الساحل) ومن تضاريس مختلفة الارتفاع حيث تدرج فجوات عميقة تشكل جونات واسعة تمركزت فيها المدن الرئيسية والمواقع المنائية للبلاد.

كما تتميز الواجهة البحرية بكثرة السكان وإقامة بشرية كثيفة إذ يقطن بها زهاء 43% من العدد الإجمالي للسكان الجزائريين كما تتمركز معظم المناطق الصناعية على مستوى هذه الواجهة حيث يتموقع أكثر من نصف الوحدات الصناعية للبلاد في هذه المنطقة ، هذه العوامل كلها أدت إلى:

– تدهور المواقع ذات القيمة الإيكولوجية في الكثبان والمناطق الرطبة خاصة منها الواقعة في واجهة عنابة وبجاية وزموري ومزفران.

– تشويه الشواطئ مثل خليج الجزائر والمنطقة الوهرانية .

– تجفف المناطق الرطبة من خلال تصريف المياه والاستغلال المفرط للحقول الباطنية .

– تدهور الأجزاء الحركية لشواطئ بومرداس ، بوسماعيل ،مستغانم…الخ­(1).

هذا الوضع المتردي الذي أصبح يعاني منه الساحل الجزائري أدى إلى ظهور هيئة إدارية مركزية تهتم بهذا القطاع الحساس وتعمل على حمايته من الأخطار الإيكولوجية المحدقة به و تعالج ما أصابه من أضرار ،كما تسعى إلى تثمين الساحل والمنطقة الشاطئية . وقد أنشئت هذه الهيئة بموجب قانون 02/02 المتعلق بحماية الساحل وتثمينه وسميت بالمحافظة الوطنية للساحل (2) والتي سنتطرق إلى تبيان الاختصاصات المنوطة بها في فرع أول ثم نتطرق إلي أدوات تدخلها في فرع ثان.

الفرع الأول

اختصاصات المحافظة الوطنية للساحل

لقد عرف المشرع المحافظة بأنها هيئة عمومية تكلف بتنفيذ السياسة الوطنية لحماية الساحل وتثمينه على العموم والمنطقة الشاطئية على الخصوص (3) كما تضطلع هذه الهيئة بإعداد جرد واف للمناطق الشاطئية سواء تعلق الأمر بالمستوطنات البشرية أم بالفضاءات الطبيعية . وتهدف المحافظة في الجرد المنصوص عليه آنفا لإعداد ما يلي(4) :

– نظام إعلام شامل يستند إلى مقاييس تقييميه تسمح بمتابعة تطور الساحل بصفة دائمة وإعداد تقرير عن وضعية الساحل ينشر كل سنتين.

خريطة للمناطق الشاطئية تتضمن على الخصوص خريطة بيئية وخريطة عقارية.

ويمكن تحديد اختصاصات والتزامات هذه المحافظة حسب ما جاء به القانون 02/02 السالف الذكر على النحو التالي :

– تختص بإنشاء مخطط لتهيئة وتسير المناطق الساحلية وتلك المجاورة للبحر من أجل حماية الفضاءات الساحلية لاسيما الحساسة منها (1).

– تقوم بإجراء تحاليل دورية ومنتضمة لمياه الاستحمام وتقوم بإعلام المستعملين بنتائج التحاليل بصفة دائمة ومنتظمة كذلك.(2)

– يجب إجراء مراقبة منتظمة لجميع النفايات الحضرية والصناعية والزراعية التي من شأنها أن تؤدي إلى تدهور الوسط البيئي أو تلوثه وتبليغ هذه النتائج للجمهور(3) .

– تصنيف الكثبان الرملية كمناطق مهددة أوكمساحات محمية ويمكن إقرار منع الدخول إليها (4)

– تصنيف الأجزاء الشاطئية أين تكون التربة هشة أو معرضة للانجراف كمناطق مهددة .(5)

– تحضى المستنقعات والمواحل والمناطق الرطبة بالحماية ولا يجوز أن تكون موضوع تغيير إلا إذا كان ذلك يخدم البيئة.(6)

الفرع الثاني

أدوات التدخل في الساحل

يقصد بأدوات التدخل تلك الطرق والوسائل التي تستعملها المحافظة لضمان تواجدا ميدانيا أمام كل خطر لاحق بالبيئة يستدعي تدخلها بطرقة أو بأخرى وقد حدد القانون السالف الذكر هذه الأدوات على النحو التالي:

– تنشأ المخططات للتدخل المستعجل في حالة تلوث الساحل أو المنطقة الشاطئية وفي حالة التلوث الأخرى في البحر التي تستدعي تدخل مستعجل وتوضح هذه الكيفيات عن طريق التنظيم (1).

-ينشأ مجلس للتنسيق الشاطئي في المناطق الشاطئية أوالساحلية الحساسة والمعرضة لمخاطر البيئة .(2)

– ينشأ صندوق لتمويل تنفيذ التدابير المتخذة لحماية الساحل في المناطق الشاطئية (3)

– وضع تدابير تحفيزية اقتصادية وجبائية تشجع على تطبيق التكنولوجيات الغير ملوثة ووسائل أخرى تتوافق والأوضاع الإيكولوجية(4).

من خلال ما بيناه سابقا من اختصاصات المحافظة وأدوات تدخلها في الساحل اتضح لنا جليا الدور المزدوج الذي أعطي لهذه الهيئة المركزية إذ تعتبر بموجب اختصاصاتها بمثابة المشرف والمسير عن بعد من خلال وضع سياسة و منهجية لحماية الساحل وتثمينه وذلك بتصنيف المناطق البيئية المختلفة التي تشكل الشريط الساحلي (رمال، أشجار،جزر ،مستنقعات ،وديان …إلخ)

كما تلعب دور المراقب لكل الأخطار التي تهدد البيئة البحرية (مراقبة نوعية مياه الاستحمام ومراقبة النفايات ) كما تعتبر من جهة أخرى هيئة للتدخل الميداني في حالات التلوث في الساحل أو في البحر.

المطلب الثالث

الوكالة الوطنية للجيولوجية والمراقبة المنجمية

أفرز التقدم التقني التكنولوجي في مجال التصنيع ظهور آثار وخيمة على الطبيعة والإطار العام لحياة الأفراد مما مهد إلى تنامي وعي البيئي لدى الأفراد والحكومات واختلف آليات معالجة المشاكل البيئية من بلد إلى آخر بحسب تضرره ومعاناته وبحسب خصوصياته البيئية ، وقد لجأت الجزائر في سياستها المتعلقة بالمحافظة على المجال الجيولوجي والمحافظة على المادة الطبيعية الخام

المتواجدة في باطن الأرض إلى تعزيز القانوني والمؤسساتي وذلك بإخضاع هذا المجال الطبيعي إلى نظام قانوني من شأنه أن يضمن السير الحسن له ويكفل المحافظة عليه كذلك وكذا بإنشاء هيئات إدارية تشرف على تسييره وإدارته بتطبيق التشريع المنظم له.ولعل الوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية المستحدثة بموجب قانون المناجم (1) من أهم الهيئات الإدارية التي تسمح باستغلال الأمثل للموارد الجيولوجية بطريقة تتماشى ومقتضيات حماية البيئة والتي سنتطرق إلى تبيان أحكامها واختصاصاتها على النحو الذي سيأتي .

الفرع الأول

تنظيم وسير الوكالة

تعتبر الوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية سلطة مستقلة تسهر على تسيير وإدارة المجال الجيولوجي والنشاط المنجمي(2) ولها في سبيل تسيير شؤون هذا القطاع أن تتنظم على الشكل التالي(3):

– مجلس للإدارة الذي يتكون من 5 أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من الوزير المكلف بالمناجم .

– أمين عام يعين كذلك من طرف رئيس الجمهورية.

يتمتع مجلس الإدارة بالسلطة الكاملة والصلاحيات الضرورية في أداء المهام المخولة بالجهاز طبقا لأحكام قانون المناجم وتتم المصادقة على المداولات بالأغلبية البسيطة للأعضاء الحاضرين ، وفي حالة تعادل الأصوات يرجح صوت رئيس مجلس الإدارة كما تتمتع الوكالة بنظام داخلي ينشأ بموجب مرسوم يحدد كيفية عملها حقوق أعضاء مجلس الإدارة والأمين العام والقانون الأساسي للمستخدمين.

الفرع الثاني

اختصاصات الوكالة في مجال حماية البيئة

للوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية عدة اختصاصات تهدف إلى التسيير الأمثل للموارد الجيولوجية والمنجمية من جهة وبحماية البيئة من الأخطار التي قد تنجم جراء استغلال هذه المواد الطبيعية الخام من جهة أخرى والتي نذكر من أهمها :

– إنشاء المصلحة الجيولوجية الوطنية التي تهتم بترقية الجانب الجيولوجي من خلال جمع المعلومات المتصلة بعلوم الأرض وإنشاء برامج متعلقة بالمنشئات الجيولوجية وتنفيذه وانجازه كل الدراسات الجيولوجية والجيوعلمية(1) ذات المنفعة العامة.

– مراقبة مدى احترام المؤسسات للفن المنجمي توخيا للاستخراج الأفضل للمواد المعدنية الموافقة لقواعد الصحة .(2)

– مراقبة الأنشطة المنجمية بطريقة تسمح بالحفاظ على البيئة طبقا للمقاييس والأحكام المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما(3).

– مراقبة تسيير واستعمال المواد المتفجرة والمفرقعات(4)­.

– ممارسة مهمة شرطة المناجم وسلطة معاينة المخالفات(5) .

أما عن اختصاصات الوكالة المتعلقة بتنظيم الرقابة الإدارية والتقنية والتي يتولاها مهندسو المناجم التابعون لها(6) فإنها تتم على النحو التالي :

– يسهر المهندسون المذكورون أعلاه بضمان احترام القواعد والمقاييس الخاصة التي تضمن النظافة والأمن ، وشروط الاستغلال حسب القواعد الفنية المنجمية وحماية الموارد المائية والطرق العمومية والبنايات السطحية وحماية البيئة (7).

– يقوم هؤلاء المهندسون بمهام المراقبة وتنفيذ مخططات التسيير البيئي وتطبيق القوانين والنصوص التنظيمية المتعلقة بحماية البيئة في الأنشطة المنجمية.

– يخبر المهندسون الإدارة المكلفة بالبيئة بكل عمل أو حدث مخالف لقواعد حماية البيئة .(1)

وعلى ضوء ما بيناه سابقا من اختصاصات الوكالة وتنظيمها وعملها في المجال الجيولوجي والمنجمي وما استقرئناه من قانون المناجم يمكن أن نخلص إلى أن مثل هذه الوكالة بكل هذا الحجم من السلطات الممنوحة لها في هذا المجال تعتبر بمثابة الضامن الأساسي لتحقيق التوازن للاستغلال الجيولوجي والمنجمي للموارد الطبيعية السطحية منها والباطنية بطريقة تحافظ على البيئة هذه الأخيرة بدورها التي تعتبر عاملا أساسيا في ازدهار هذه الموارد الطبيعية الكامنة في الأرض إذ تنمو وتربو عند وجود نظام بيئي متوازن فالكل يكمل بعضه البعض في هذه الحلقة الطبيعية ذات الروابط المتصلة.

المبحث الثاني

الهيئات المحلــية

لقد تميزت العشرية الأخير في مجال حماية البيئة بتدعيم الجانب المؤسساتي خاصة على مستوى القاعدة ،ذلك أن الجماعات المحلية المتمثلة في الولاية و البلدية تمثلان المؤسستان الرئيسيتان في حماية البيئة نظرا للدور الفعال الذي تؤديه في هذا المجال بحكم قربها من المواطن و إدراكها أكثر من أي جهاز محلي آخر لطبيعة المشاكل التي يعانيها لاسيما البيئية منها و لما لها من إمكانيات و وسائل مادية و إطارات بشرية مؤهلة في هذا المجال و لهذا سنخصص هذا المبحث لتبيان دور كل من الولاية و البلدية في مجال حماية البيئة مستعرضين أهم الاختصاصات التي أنيطت بهم بموجب التعديلات الجديدة .

المطلب الأول

الولايــــــة

تعتبر الولاية هيئة إدارية تتربع على جزء من إقليم الدولة ، وهي تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي ولها أن تتخذ القرارات الخاصة بتدبير شؤونها على مستوى امتدادها الجغرافي ويعتبر الوالي ممثل السلطة التنفيذية على مستوى الولاية وهو الممثل المباشر كذلك لكل وزارة إذ يقوم بتنفيذ القوانين في إطار الامتداد الإقليمي للولاية ، أما المجلس الشعبي الولائي فهو صورة من صور الديمقراطية على مستوى الولاية الذي يتم انتخابه من بين المواطنين وعلى هذا فهو يشركهم في تسيير المرافق العامة .

الفرع الأول

الإطار القانوني لدور الولاية في مجال حماية البيئة

لقد صدر أول ميثاق ينظم الولاية في 26/03/1969 ثم أتبع بقانون الولاية(1) هذا الأخير الذي اعتبر همزة وصل بين الدولة والبلديات . والذي يهمنا في هذا الإطار هي الصلاحيات المتعلقة بمجال حماية البيئة إذ يلاحظ من خلال الظروف التي صدر فيها هذا القانون أنه لم يكن هناك اهتمام بقضايا البيئة بقدر ما كان الاهتمام منصبا بدفع العجلة الاقتصادية ومع ذلك فإننا نلمس من خلال نصوص بعض الاهتمامات المتعلقة بمجال المحافظة على الموارد الطبيعية ومن ذلك :

– القيام بالأنشطة التي تساهم في حماية الأراضي واستصلاحها واستثمارها .

– مكافحة أخطار الفياضات و القيام بكل أشغال الإصلاحات الصحية وتصريف المياه بقصد المساهمة والحماية الاقتصادية للأراضي الزراعية في الولاية وتثمينها.

وفي سنة 1990 صدرت أهم وثيقة تتعلق بقانون الولاية (1)، هذه الأخيرة منحت صلاحيات واسعة للولاية في مجال حماية البيئة على ضوئها سنحاول تحديد دور الولاية في مجال حماية البيئة بالإضافة إلى ذلك لقد تم استحداث جهاز محلي على مستوى كل ولاية يعرف بمفتشية البيئة كما سنتطرق إلى التعديل الأخير الذي جاء به المرسوم التنفيذي 94/269 من خلال المادة 20 منه والذي عدل بالقرار المؤرخ في 06/02/2002 الذي أنشأ لجنة تل البحر.

الفرع الثاني

اختصاصات الوالي في مجال حماية البيئة

إن الوالي في إطار الحدود الجغرافية للولاية، يتولى القيام بالمهام المتعلقة بتنفيذ السياسة القانونية في مجال حماية البيئة التي يمكن تحديدها كما يلي :

– في مجال حماية الموارد المائية : ينص قانون الولاية على أن الوالي يتولى انجاز أشغال التهيئة والتطهير وتنقية مجاري المياه في حدود الإقليم الجغرافي للولاية (1) فالوالي ملزم من اتخاذ كافة الإجراءات الخاصة في حماية الموارد المائية لما هذه الأخيرة من تأثير على صحة المواطنين قصد تفادي أخطار الأمراض المتنقلة عن طريق المياه الذي مرده امتزاج المياه المستعملة مع المياه الصالحة للشرب أو غياب معالجته مياه الأنابيب والآبار في هذا المجال يقضي قانون المياه على أن المياه الموجهة للاستهلاك البشري تخضع للمراقبة وتنشر هذه المراقبة للرأي العام (2). ويتخذ الوالي كذلك كافة الإجراءات اللازمة للوقاية من الكوارث الطبيعية (3) هو ملزم بضبط مخطط تنظيم تدخلات الإسعافات في كل منطقة صناعية تقع في حدود الإقليم الجغرافي للولاية (4).

كما استحدث بموجب آخر تعديل للمرسوم تنفيذي 94/279 (1) الذي ألحق بالقرار المؤرخ في 06/02/2002 لجنة تل البحر الولائية والذي حدد تشكيلتها وكيفية عملها والصلاحيات المنوطة بها إذ أضيفت اختصاصات واسعة للوالي في مجال حماية البيئة من جهة وتهيئة الإقليم من جهة أخرى.

يترأس هذه اللجنة الوالي المختص إقليميا (2).كما تتشكل من عدد من رؤساء الهيئات ومديري مؤسسات عمومية على مستوى الولاية بما فيهم قائد الدرك الوطني ،مفتش البيئة ،مدير النقل مدير الصيد البحري والموارد الصيدية للولاية ،مدير الموانئ…إلخ.

تجتمع هذه الهيئة كل ما دعت الضرورة إلى ذلك بأمر من رئيسها ويمكن أن تستعين بأي شخص بمساعدتها في أعمالها خاصة تلك الآراء العلمية والبحوث المتعلقة بحماية وترقية البيئة . ولقد أعطى المشرع لهذه اللجنة عدة اختصاصات تمارسها قصد المحافظة على البيئة البحرية وترقيتها والحيلولة دون الوقوع أي اعتداء عليها يمكن عدها في النقاط التالية(3):

– إعداد مخطط تل البحر الولائي وفقا للتنظيم.

– اتخاذ التدابير الضرورية لتحسين وتعزيز قدرات التدخل الأجهزة المكلفة بمحاربة التلوث .

– إعطاء الأولوية للمناطق المنكوبة وذلك بإمدادها بالوسائل البشرية والمادية .

– متابعة عملية المكافحة ووضع منظومة للوقاية وللكشف والحراسة ولمراقبة كل أعمال التلوث البحري .

– مبادرة بوضع مخطط تل البحر الولائي حيز التنفيذ .(4)

كما ألزم المشرع لجنة البحر بالقيام بما يلي :

– تقديم تقرير سداسي للجنة البحر الجهوية عن حالة تحضير مخطط تل البحر الولائي.

– إعداد خريطة للمناطق الهشة والمعرضة بالأخطار بحدة على مستوى الواجهة الولائية ومتابعة تقييم الأضرار الناجمة عن الثلوت كما تسجل مداولات اللجنة في سجل خاص يرقم ويوقعه رئيس

واللجنة وكافة أعضائها الذين يجتمعون بدورات مرتين في السنة (1).

الجدير بالذكر أن لجنة تل البحر الولائية تنسق مع مصالح البيئة للولاية هذه الأخيرة التي أسندت إليها مهمة تحضير اجتماعات اللجنة وإعلان أعضائها بكل المعلومات الكفيلة لتحسين مخطط البحر الولائي وإنشاء بنك معلومات للوسائل المتوفرة لمكافحة التلوث البحري على مستوى الولاية (2)

– في مجال التهيئة والتعمير : إن رخصة البناء الخاصة بالبنايات والمنشئات المنجزة لحساب الدولة والولاية وهياكلها العمومية لا يمكن تسليمها إلا من طرف الوالي والتي حددها المشرع الجزائري في المواد 44-45-46 من قانون التهيئة والتعمير (3).

كما ينص هذا القانون كذلك على اختصاص الوالي بمراقبة البنايات وإجراء التحقيقات للتأكد من مدى مطابقتها للتنظيمات السارية المفعول(4) .

– في مجال حماية النظام العام : إن الوالي يعتبر ضابطة إدارية في حلول اختصاصاته الإقليمية وهو مسؤول عن محافظة عن النظام العام بعناصره الثلاث(5) وفي هذا المجال يجوز له تسخير رجال الأمن لغرض حماية النظام العام كما يجوز له سحب رخصة البناء في أي وقت لاحظ خرقها لقانون التهيئة والتعمير

الفرع الثالث

الجهاز المحلي الكفيل لحماية البيئة على مستوى الولاية

حرصا من المشرع على استكمال الجهاز المحلي من أجل تجسيد الحماية القانونية للبيئة وتطبيق الإجراءات الخاصة بذلك قام بإحداث مفتشية البيئة في الولاية (1) ،إلا أن إنشاء هذه الهيئات كان جد متأخر بسبب غياب التسيير وقلة الإمكانيات البشرية والمادية لاسيما المالية منها وقد تم إنشاء عشر مفتشيات على مستوى عشر ولايات فقط(2) ولم يستكمل النصاب إلا في سنة 1998 حيث بلغ عددها 48 مفتش ومفتشية إلا أنهم تلقوا صعوبات كثيرة نظرا لعدم توافر الإمكانيات المادية والبشرية التي تسمح لهم بممارسة مهامهم المخولة لهم بمقتضى المرسوم التنفيذي 96/60 والمتمثلة أساسا في تجسيد مراقبة القوانين والتنظيمات المتعلقة بحماية البيئة وذلك عن طريق :

– تسليم التراخيص المنصوص عليها قانونا على المستوى المحلي.

– اقتراح التدابير الرامية للوقاية من كل أشكال تدهور البيئة ومكافحة التلوث والتصحر وانجراف التربة والحفاظ على التنوع البيولوجي وتنمية وصيانة الثروات.

– تصور وتنفيذ برامج لحماية البيئة على مستوى كامل تراب الولاية.

– ترقية أعمال الإعلام والتربية في مجال البيئة .

– اتخاذ التدابير الرامية إلى تحسين إطار الحياة.

ولتكريس هذه المهام ميدانيا فقد أعطى المشرع الجزائري الأهلية القانونية لتمثيل إدارة البيئة أمام القضاء(3) وتسيير مفتشية البيئة تحت وصاية الوزير المكلف بحماية البيئة.

ولتدعيم هذه الرقابة الميدانية على البيئة أنشأ الصندوق الوطني للبيئة باعتباره أداة محفزة لحماية لبيئة ولكن الدراسة التطبيقية أكدت عدم أخذ المرسوم المنشأ لهذا الصندوق بعين الإعتبار درجة التلوث والأضرار الناجمة عنه بقدر ما ركز على طبيعة الصندوق وبالتالي تبقى مصادر هذا الصندوق

محدودة ولا يمكنها أن ترقى إلى أداة تطبيق عملية محفزة لحماية البيئة.

أما في ميدان مكافحة التلوث الحضري فإن مفتشي البيئة مكلفون بتطبيق السياسة القانونية الخاصة بتخلص من النفايات الحضرية الصلبة إلى جانب رؤساء البلدية وفي هذا المجال تم إنشاء لجان ولائية تتكلف بمعاينة الأماكن المخصصة لإقامة المزابل العمومية على مستوى الولاية باقتراح من مفتشية البيئة تكلف هذه اللجان حسب المادة 02 من المرسوم 96/60 بما يلي:

– اقتراح إجراء دراسة لاختيار موقع المزبلة.

– الوصول إلى إنشاء المزابل المراقبة على مستوى الولايات.

– انجاز مزابل محروسة على مستوى كل البلديات .

– متابعة إزالة المزابل التي تم إنشائها على سطح الأودية والأراضي ذات المردود الفلاحي .

– إحصاء دقيق من كل المزابل الفوضوية المتواجدة في تراب الولاية.

– اقتراح التدابير الخاصة بالمحافظة على الوديان والأراضي الفلاحية في إطار حماية السواحل إذ تعطى الأولوية لمفتشية البيئة لمكافحة الاستغلال الفوضوي لرمال الشواطئ من أجل وضع حد لعملية النهب المتواصل وهذا في الإطار تم تسجيل غلق مجموعة من مناجم الرمل التابعة لكل من ولايات : مستغانم،عين تموشنت،الطارف.(1)

تساهم مفتشية البيئة في تدعيم عملية التحسيس والتوعية ونشر الثقافة البيئية عن طريق إحياء الأيام العالمية التي لها علاقة بحماية البيئة (اليوم العالمي للبيئة ،اليوم العالمي للشجرة)،ذلك أن هذه المهمة تعد وسيلة لتدعيم تطبيق القاعدة القانونية من طرف المجتمع المدني وفتح الأبواب لكل المواطنين من أجل المساهمة في صنع القرارات على المستوى المحلي.

وختاما لهذا المبحث نصل إلى القول أن حماية البيئة ووقايتها أصبحت ضرورة تفرض نفسها إذ لا يستقيم أي نظام قانوني منظم للحياة العامة للأفراد دون وجود نظام متكامل متزن على مستوى كل إقليم مراعي خصوصياته المحلية ولذلك فإن استحداث مثل هذه الهيئات على المستوى المحلي يعتبر مبادرة جد إيجابية من شأنها الحد من التجاوزات والمخالفات الماسة بالبيئة .

المطلب الثاني

البلديـــــة

تعد البلدية بمثابة القاعدة المسؤولة على المستوى المحلي (1) ، و هي المرآة العاكسة للامركزية الإدارية في الدولة ، لما لها من مزايا عديدة تتمثل أساسا في التخفيف من أعباء المركزية الإدارية و التجاوب مع الأفكار الديمقراطية ، و ذلك بإشراك المواطنين في إدارة الشؤون العامة واتخاذ القرارات التي تهدف إلى المحافظة على إطار معيشتهم ­(2) ، و لعل هذا الأسلوب الديمقراطي من شأنه أن يجسد كسب ثقة المواطنين اللذين رغبوا في انتخابهم بكل حرية و إرادة (3) .

الفرع الأول

الإطار القانوني للبلدية في مجال حماية البيئة

إن الاعتراف للبلدية بالشخصية المعنوية تجعل لها جميع الصلاحيات في اتخاذ القرارات النهائية في الشؤون المحلية لاسيما تلك المتعلقة بقضايا البيئة (4) .

فهي تلعب دورا أساسيا في مجال الحفاظ على البيئة و حمايتها من أخطار التلوث و يتمثل هذا في مهمتين رئيسيتين ، فهي من جهة ممثلة للدولة باعتبارها سلطة تنفيذية تسهر على تنفيذ القوانين الوطنية المتعلقة بحماية البيئة (5) ، و على هذا فإن قانون البلدية ألزم رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار التنظيمات و القوانين اتخاذ جميع التدابير اللازمة من شأنها ضمان سلامة الأشخاص والأموال في الأماكن العمومية التي يمكن أن تتعرض لكوارث طبيعية (6) ، أما في حالة الخطر الجسيم فإن البلدية تتدخل عن طريق المجلس الشعبي البلدي الذي يتخذ جميع الإجراءات اللازمة و تدابير الأمن حسب ظروف الحال (7) ، و هذا في مجال حماية النظام العام و حماية البيئة بصفة خاصة .

و على هذا فإن رئيس المجلس الشعبي البلدي يتولى في سبيل هذا الشأن القيام بما يلي :

– المحافظة على النظام العام و سلامة الأشخاص و الأموال .

– المحافظة على حسن النظام في جميع الأماكن العمومية التي يتردد عليها الأشخاص .

– المعاقبة على كل مساس بالراحة العمومية و كل الأعمال المخلة بها .

– اتخاذ الاحتياطات و التدابير الضرورية لمكافحة الأمراض المعدية و الوقاية منها .

– القضاء على الحيوانات المؤذية و المضرة .

– السهر على نظافة المواد الاستهلاكية المعروضة للبيع .

– السهر على احترام المقاييس و التعليمات في مجال التعمير .

فالبلدية تملك من الإمكانات للعمل مع الجماهير و توعيته و ضبط كل الاعتداءات و المخالفات و ذلك بالطرق القانونية التي منحها لها المشرع بوضع حد للتجاوزات الماسة بالمحيط .

فالبلدية في إطار المشروعية و تطبيقا لنصوص القانونية ، لها دور أساسي في حماية البيئة و تأمين سلامتها و تطويرها صحيا و اجتماعيا و هي المكلفة بتنظيف المدن و التخلص من مختلف الفضلات البشرية بالطرق العلمية الصحيحة ، كما تراقب المحلات التي تمارس نشاطات لها اتصال مباشر بالبيئة كالمحلات للمواد الغذائية إذ تفرض رقابتها على السلع المعروضة و على التجار للتطبيق الأمثل لقانون المستهلك و كما تفرض رقابتها على المحلات التي تمارس نشاطها في وسط صخب و ضوضاء مما قد يؤدي إلى تأثيرات نفسية و فزيولوجية .

و كما تلعب البلدية دورا رئيسيا في مراقبة المياه الصالحة للشرب و مدى مطابقتها للمقاييس العلمية و لها بحكم سلطتها العامة غلق المنشآت المنافية لهذه المقاييس .

و الجدير بالذكر أن بعض الدول المتطورة والصناعية بالدرجة الأولى أعطت للبلديات صلاحيات أوسع في مجال مراقبة المنشآت الصناعية و كيفية التخلص من فضلاتها بطرق صحية .(1)

كما أن البلدية معنية أيضا في حدود إقليمها الجغرافي بإنشاء مساحات الخضراء و هذه الأخيرة التي تعتبر مأمنا من التلوث الهوائي و رئة يتنفس بها المواطن (2) .

فمسؤولية البلدية في مجال حماية البيئة تستمد من القوانين النافدة للدولة و الصلاحيات الممنوحة لها و التي تمارسها في إطار مبدأ الشرعية لتنفيذ السياسة الوطنية لحماية البيئة و ترقيتها وضبط طرق تطبيقها ،لكونها المؤسسة الرسمية الضامنة لتطبيق تدابير و إجراءات حماية البيئة و على هذا سيكون قانون البلدية الأساسي في تنظيم صلاحياتها بصفة عامة و خاصة مع وجود قوانين أشارت بهذا الدور ، و من ذلك الوثيقة الدستورية (1) ، و كذلك التشريع الرئيسي لحماية البيئة الصادر سنة 1983 و المعدل بموجب القانون 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة والذي تبعه مجموعة من القوانين لاسيما منها قانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها وإزالتها ، و كذا القانون 01/20 المتعلق بتهيئة الإقليم و التنمية المستدامة و القانون 03/03 المتعلق بمناطق التوسع و المواقع السياحية و القانون 03/01المتعلق بالتنمية المستدامة للسياحة ، و القانون 03/02 المتعلق بالقواعد العامة لاستغلال الشواطئ ، و القانون 01/10 المتعلق بالمناجم ، و أخيرا القانون 01/11 المتعلق بالصيد البحري و تربية المائيات ، و كذا القوانين الخاصة الأخرى كقانون التهيئة و التعمير و قانون المياه و قانون حماية الصحة العمومية و القوانين المتعلقة بحماية المستهلك .

قبل التعرض على هذه القوانين لابد من الإشارة إلى مشاكل البيئة التي تميز الجماعات المحلية في الجزائر كونها تختلف باختلاف الإطار الجغرافي الذي تقع فيه البلدية ، فبعض البلديات الواقعة في الجنوب ينصب اهتمامها حول كيفية جلب المياه الصالحة للشرب و محاربة التصحر، لذلك فليس من السهل تحديد هذه المشاكل إذا نظرنا إلى كل إقليم بلدية على حدا إلا أن النصوص القانونية التي سنها المشرع الجزائر في هذا المجال روعيت فيها كل هذه الخلافات حسب طبيعة المشكل فهناك نصوص تتعلق بمكافحة النفايات الصناعية (2) ، و هناك نصوص تتعلق بمكافحة التصحر وهناك نصوص تتعلق بحماية السواحل .

و إذا تساءلنا عن نوعية المشاكل البيئية التي تميز الجماعات المحلية في الجزائر لكان الجواب معقدا ومتفرعا ، لأن مشاكل البيئة و إن كانت متشابهة في بعض أوجهها فهي تختلف في بعضها الآخر

وذلك تبعا لموقع كل جماعة محلية ، و كثافة سكانها و نوع النشاط السائد بها ، و البلديات الجزائرية صنفان : فمن حيث الموقع فهي بلديات ساحلية و بلديات ريفية و جبلية و بلديات صحراوية أما من حيث نوع النشاط السائد بها فهي بلديات صناعية و بلديات فلاحية و بلديات خدماتية (سياحية ) و على أساس هذا التصنيف فإن المشاكل البيئية تختلف من منطقة إلى أخرى فالمشاكل التي تلاقيها البلديات الساحلية أو الصناعية غير تلك التي تواجهها البلديات الجبلية أوالصحراوية

و على هذا فإن مشاكل البيئة في الجزائر تحتاج إلى الإجراءات القانونية الكفيلة بوقايتها و كذلك النصوص و التنظيمات القادرة على تهذيب هذه الاعتداءات .

و رئيس المجلس الشعبي البلدي حسب المبادئ العامة مكلف بتأمين حفظ النظام العام و الأمن والنظافة فهو يتمتع باختصاص عام في مجال البيئة فأعطيت له سلطة تقديرية واسعة لتحديد و ضبط الاعتداءات التي من شأنها المساس بالبيئة إذ لا يمكن للقانون حصرها بدقة .

و قبل التعرض لصلاحيات البلدية في ميدان حماية البيئة لابد من الإشارة إلى قانون البلدية الصادر سنة 1969 الذي أغفل مسألة البيئة و لعل هذا يعتبر أمرا بديهيا يتماشى مع ظروف السياسة السائدة آنذاك إبان الاستقلال إذ كانت سياسة الجماعات المحلية متجهة إلى التشييد والتصنيع مهملة بذلك إلى حد ما قضايا البيئة­(1).

و قد ظهر الوعي البيئي إلا في بداية السبعينات أي منذ إنشاء أول هيئة لحماية البيئة و هي ما عرف بالمجلس الوطني للبيئة سنة 1974 (2) . في حين نجد أن قانون البلدية الصادر سنة 1981 قد تبنى صراحة مسألة البيئة بإدخال مجموعة من المفاهيم منها توعية الحياة ، التلوث ، النظافة العمومية …إلخ (3) .

الفرع الثاني

اختصاصات البلدية في ميدان النظافة العمومية

إن البلدية ملزمة باتخاذ التدابير المتعلقة بالنظافة العمومية سواء تعلق منها بالنفايات الحضرية أو المياه القذرة أو مكافحة الأمراض المتنقلة عن طريق المياه ، فهذه القضايا تعد من أهم المشاكل التي تتطلب استعمال أساليب الضبط الإداري الخاص بصيانة و حماية النظام العام لكونها لها آثار سيئة على صحة المواطن .

والجدير بالإشارة أن قوانين البلدية اهتمت بهذه المشاكل قبل صدور قانون 1990 ، فبعد ندوة ستوكهولم ظهرت أول وثيقة (1) خولت للمجلس الشعبي البلدي في كل عمل يهدف إلى حماية المحيط و تحسينه عبر تراب البلدية ، ثم جاء المرسوم التطبيقي له (2) قضي بإلزام المجلس الشعبي البلدي باتخاذ الإجراءات التي تخص النظافة و حفظ الصحة العمومية بما في ذلك نظافة المساكن والعمارات و المساحات و البنايات و المؤسسات العمومية (3) و تتجسد هذه النظافة باتخاذ الإجراءات الرامية إلى مكافحة الأمراض الوبائية و حاملات الأمراض المتنقلة عن طريق المياه و كذا التنظيف ، و جمع القمامات و صيانة شبكات التطهير و تصريف المياه القذرة (4) و من جهة أخرى فإن توفير البيئة الصحية تتوقف على نظافة الوسط المحلي الذي تحوزه البلدية في إطار إقليمها و لعل هذا يقتضي قيام مسئوولي البلدية بتنظيم المزابل العمومية (5) .

و في سنة 1984 صدر مرسوم يحدد شروط التنظيف و جمع النفايات الحضرية و معالجتها ويقضي هذا الأخير باختصاص المجلس الشعبي البلدي بجمع هذا النوع من النفايات و نقلها إلى الأماكن المعدة لها (6) .

أما بالنسبة للنفايات التي يتضايق منها المواطنون فإن المجلس الشعبي البلدي يتولى مسؤولية رفعها في حالة معرفة هوية المتسبب فيها فإنه تولى مسؤولية رفعها (1) و هذا فضلا عن النفايات التي تفرزها المؤسسات الاستشفائية غير المتعفنة (2) ، و النفايات الناجمة عن الطرق العمومية (3) أما النفايات الصناعية فإن المجلس الشعبي البلدي ملزم بإعداد جرد لها بعد التصريح بالصناعات التي تقع في إقليمه (4) ، لكن ما يجب التنويه إليه أن أصحاب المؤسسات الصناعية قد يتهربون من الالتزام بالتصريح خصوصا قبل صدور قانون المنشآت المصنفة (5) الذي حدد بدقة شروط التصريح و الملف الواجب تطبيقه .

أما فيما يخص حماية الثروة المائية فإن هذا القانون تضمن أيضا سياسة حمايتها ، و كما تضمنها بصفة أكثر تفصيل القانون الصادر سنة 1983 المتضمن قانون المياه ، فالمجلس الشعبي البلدي حسب قانون 1981 مسؤول عن حماية المياه الصالحة للشرب و اتخاذ الإجراءات الرامية إلى مكافحة الأمراض الوبائية و المعدية ، و هو أيضا مسؤول على تمويل السكان بالمياه بكميات تكفي سد حاجياتهم اليومية ، و كذا ضمان صرف المياه القذرة و صيانة شبكات التطهير (6) .

إلا أنه مع صراحة هذه النصوص و رغم الطابع الإلزامي لقواعدها بالنسبة للسلطات المحلية فالواقع الذي نعيشه يؤكد عدم الصرامة و الجدية في تطبيقها من جهة ، و عدم اكتراث السلطات المحلية بعدم احترامها ، فانتشار الأمراض المعدية و الجرثومية و الحموية التي تسبب الأمراض المتنقلة عن طريق المياه كالإسهال و الكوليرا و التفوئيد و التهاب الكبد و انتشار فيروس السيدا أضحى حتمية على التصريح الإجباري بهذه الأمراض لمعرفة نسبة انتشارها .

أما قانون البلدية الصادر سنة 1990 و الذي جاء في ضمن التغيرات التي تبناها دستور سنة 1989 لذلك فقدكان أكثر تجاوبا مع المعطيات البيئية الجديدة مقارنة مع قانون 1981 ،كما أعطى المشرع صلاحيات واسعة باعتبارها الضابطة الإدارية الرئيسية المتواجدة على المستوى المحلي من جهة ، كما حاول هذا القانون الإجابة على المادة 02 من قانون حماية البيئة لسنة 1989 التي قضت بأن الحماية البيئية تعد مطلبا أساسيا للسياسة التنموية إلا أنه حاول تجسيد إشكالية هذه السياسة على المستوى المحلي و ذلك ضمن ثلاث محاور التهيئة العمرانية و البيئة ، العمران و البيئة النظافة النقاوة والبيئة .

و على غرار المحور الثالث فقانون البلدية الجديد أناط البلدية بالمهام التقليدية المتعلقة بالنظافة العمومية و هي تتجسد في ثلاثة مهام أساسية(1) :

– صرف و معالجة المياه القذرة و النفايات الجامدة الحضرية .

– مكافحة ناقلات الأمراض المعدية .

– نظافة الأرضية و الأماكن و المؤسسات التي تستقبل الجمهور .

و عليه فإن البلدية تحقيقا لهذه المهام ملزمة بإصدار القرارات في هذا المجال .

و الملاحظة من خلال دراسة النصوص المتعلقة بحماية البيئة في ظل قانون 1990 أن صلاحيات البلدية هي نفسها المنصوص عليها بمقتضى قانون 1981 ، إلى أن هناك فروق واضحة تتمثل في الاختيارات السياسية الجديدة التي نلمسها من نصوص القانون الجديد و الذي يجسد أكثر الديمقراطية واللامركزية وسلطة اتخاذ القرار والاستقلالية المعترف بها للبلدية في مجال اتخاذ القرار (2) في قطاع البيئة .

ويعتبر قانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها (3) من أهم القوانين الخاصة الذي وضع الإطار العام لكيفية التعامل مع النفايات بطريقة تتلائم مع حماية البيئة و نص صراحة في فحواه على مبدأ المعالجة البيئية العقلانية للنفايات ،كما ألزم البلدية بضرورة الإعلام و تحسيـس

المواطنين من الأخطار الناجمة عن النفايات و آثارها على الصحة و البيئة و التدابير المتخذة للوقاية منها أو تعويضها (1).

كما أردف هذا التشريع تعريفا قانونيا لمفهوم مصطلح المعالجة البيئية العقلانية للنفايات وتخزينها وإزالتها بطريقة تضمن حماية الصحة العمومية و البيئة من الآثار الضارة التي قد تسببها النفايات ومن هذا يظهر جليا توجه المشرع إلى تغليب كفة حماية البيئة و الصحة العامة على استعمال النفايات و تثمينها إذ لم يترك هذا الاستعمال يجري على منطلقه بل قيده بشرط يتمثل في حماية الصحة العمومية والبيئة و بالنتيجة أصبح لمفهوم استعمال النفايات بصفة عقلانية بعد بيئي صـحي(2) .

على ضوء ما قيل سابقا فإن قانون تسيير النفايات أضحى القانون الأساسي الذي بمقتضاه تحدد اختصاصات أو صلاحيات البلدية في مجال الحفاظ على النظافة العمومية و حماية البيئة وترقيتها و يتجلى ذلك من خلال الأحكام الجديدة المواكبة لسياسة الحفاظ على البيئة و الطابع الجمالي للمحيط التي تهدف جميعا إلى حماية الصحة العمومية و يمكن حصر هذه الاختصاصات في النقاط التالية :

– تنظم البلدية في حدود إقليمها خدمة عمومية و غايتها تلبية الحاجات لمواطنيها في مجال جمع النفايات المنزلية و نقلها و معالجتها عند الاقتضاء (3).

– تتضمن هذه الخدمة العمومية وضع نظام لفرز النفايات المنزلية و ما شبهها بغرض تثمينها و جمع النفايات الخاصة و الضخمة و جثث الحيوانات … الخ (4) .

– وضع جهاز دائم لإعلام السكان و تحسسيهم بآثارالنفايات المضرة بالصحة العمومية أوالبيئة (5)

و خضوع البلدية عند اختيارها عند مواقع إقامة المنشآت لمعالجة النفايات ذات التنظيم المتعلق بدراسات التأثير على البيئة (6).

– اتخاذ الإجراءات الضرورية عندما يؤدي استغلال المنشأة لمعالجة النفايات كأخطار أو عواقب سلبية ذات خطورة على الساحة العمومية أو على البيئة و ذلك بأمر مستغل بإصلاح الأوضاع فوار.

والملاحظة العامة لهذا القانون أنه غلبت عليه النزعة البيئية حيث تضمنت أغلب مواده صراحة أو ضمنا شروط أو قيود على استعمال النفايات و تثمينها إذ يجب أن يتم هذا دون المساس بالبيئة و الصحة العامة وفقا للمبدأين التاليين: (1)

– الحفاظ على صحة الإنسان و الحيوان دون تشكيل أخطار على الموارد المائية و التربة و الهواء وعلى الكائنات الحية الحيوانية و النباتية .

– عدم إحداث أي إزعاج بالضجيج و بالروائح الكريهة .

– دون المساس بالمناظر و المواقع ذات الأهمية القصوى .

إن تحقيق حماية البيئة كما أرادتها السلطات العمومية ، لا يمكن أن تقوم البلدية بدورها في مجال النفايات ، بل يتعين على المواطن أن يلتزم بواجباته إذ يقع عليه واجب احترام النظام الذي وضعته البلدية في هذا الصدد ، كأن يقوم بتجميع النفايات في المكان المخصص بها و وضعها في الأكياس المخصصة لها ، ففي ظل هذه المشاكل التي تعاني منها البلدية يعد من ظلم تحميل البلدية وحدها لمسؤولية الأضرار المترتبة .

الفرع الثاني

صلاحيات البلدية في ميدان التهيئة و التعمير

إن المراحل التي مر بها التسيير العقاري في الجزائر هي التي تحدد لنا اختصاص البلدية في ميدان التهيئة و التعمير ، ففي مرحلة السبعينات خضع تسيير هذا المجال إلى عملية احتكار و البلديات بكل التحولات العقارية في المناطق المعمرة و ذلك في إطار التشريع الذي صدر سنة 1974 (2) حيث ضمت كل الأراضي إلى الاحتياطات العقارية للبلدية عن طريق أبسط مداولة للمجلــس

الشعبي البلدي و بناءا على المخطط الأساســي التوجيهي(PUD) Plan d’urbanisme

إلا أن هذا التطبيق في الواقع أثار عدة مشاكل من بينها :تبديد الأراضي ، كثرة البناءات الفوضوية ، انتشار البيوع العرفية . وتلاه بعد ذلك في بداية التسعينات صدور قانون التوجيه العقاري (1) ، الذي حاول وضع حد لهذه التجاوزات في ميدان التعامل العقاري ، حيث قضى على احتكار البلديات لتلك الأراضي التابعة للخواص لصالح السوق العقارية الحرة و ذلك بإلغاء الصريح للقانون المنظم للاحتياطات العقارية لصالح البلديات .(2)

ثم تلاه بعد ذلك قانون التهيئة و التعمير سنة 1990 المعمول به حاليا (3) ، و التهيئة العمرانية بحكم هدفها المتمثل في اختيار التوزيع في مجال الأنشطة الإقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السكنية ، لها دور استهلاكي للمجال و هذا بخلاف قوانين حماية البيئة التي ينصب اهتمامها حول حماية المجالات الطبيعية .

فهل هذا يعني أن قانون التهيئة و التعمير يتجاهل ضرورة حماية المناطق ذات القيمة الإيكولوجية ؟.

إن النهج الذي تبناه قانون التهيئة و التعمير لا يهمل الجانب الإيكولوجي تماما ، إنما يسعى إلى التوازن بين الوظيفة الاجتماعية و العمرانية للسكن و الفلاحة و الصناعة و أيضا وقاية المحيط والأوساط الطبيعية و المناظر ذات الثراث الثقافي التاريخي (4) .

لقد كان قانون البلدية الصادر سنة 1981 أسبق القوانين الذي تضمنت مجال حماية البيئة و قد أولى المجالس الشعبية اختصاصات واسعة في هذا المجال من جهة و التهيئة العمرانية من جهة أخرى.

و باستقرائنا لقانون البلدية نجد أن دورها في مجال النظافة العمومية أوسع بكثير مقارنة باختصاصاتها المتعلقة بميدان التهيئة و التعمير ، حيث تعرض المشرع فيه إلى رخصة البناء دون إعطاء التفاصيل المتعلقة بها ، فقد أشار فقط إلا أن رئيس المجلس الشعبي يتولى صلاحية تسليم رخصة البناء لكنه لم يحدد أي مقياس أو شروط قانونية التي من شأنها ربط مجال حماية البيئة بتسليم

رخص البناء و مع ذلك فقد تضمنت بعض النصوص التي يفهم من خلالها قصد المشرع المتجه نحو ضرورة حماية البيئة منها التزام البلدية بضرورة مطابقة مخططاتها التنموية مع مخططات التهيئة العمرانية ي أ شسيبلسةبيلوةا الابل تلاامنمنتمنتنمتبلا

بالإضافة إلى ذلك فإن من صلاحيات المجلس الشعبي البلدي و هو وضع مخطط للتهيئة و تحديد مناطق البلدية و وظائفها و حماية الطابع الجمالي و المعماري للتجمعات العمرانية و جميع المنشآت المتواجدة على تراب البلدية .

و في هذا الإطار يرى البعض أن استعمال المشرع لعبارة ” الطابع الجمالي المعماري ” دليل على البحث على نوعية التجمعات العمرانية و جمالها و انسجامها مع المحيط أكثر منها البحث عن الجانب الكمي فقط (1) .

إلى أن صدر قانون سنة 1982 الذي ألزم البلدية بتسليم رخصة البناء معتبرا إياه أمرا إجباريا في كل عملية بناء ، و لابد من الأخذ بعين الإعتبار أثناء تحضير هذه الرخصة لمجموعة من المقاييس التي نصت عليها المادة 15 من المرسوم التطبيقي 82/304 على سبيل الحصر لا على سبيل المثال، مما يجعل سلطة الإدارة اتخاذ القرار في هذا المجال مقيدة لا مطلقة و عليه فإن الإدارة بمراعاة هذه المقاييس يمكنها تسلم الرخصة أو لا تسلم .

أما قانون التهيئة العمرانية الصادر سنة 1987 قد ركز على ضرورة التوازن الجهوي في أغلب مواده من خلال برامج إنمائية تختلف باختلاف المناطق (2) ، أما الاختصاصات البلدية حسب هذا القانون فإن نظام التخطيط الوطني يعتمد على توزيع الصلاحيات بين الدولة و الولاية من جهة و بين مختلف الأجهزة الأخرى المجسدة للامركزية الإدارية (3) ، و ما يعاب على قانون التهيئة الصادر سنة 1987 أنه لم يضع أدوات التهيئة العمرانية الكافية لحماية البيئة بدقة برغم أنه نص على أن التهيئة العمرانية تأخذ بعين الإعتبار حماية البيئة (4) .

وبصدور آخر قانون يتعلق بمجال البناء و التعمير سنة 1990 الذي حدد بدقة الصلاحيات المخولة للبلدية في مجال حماية البيئة و ذلك من خلال وسائل قانونية التي تساهم البلدية في وضعها

المترتبة عن تطبيق المادة الأولى منه في إطار تجسيد الحماية القانونية و بالتالي فقد جعل مقاييس قانونية تتعلق بإنتاج أراضي قابلة للبناء و التعمير التي يجب أن تأخذ في الحسبان ما يلي :

– التراخيص المتعلقة بالبناء و التجزئة و الهدم ، و بمقتضى هذه الأدوات التي تضمنها قانون التهيئة و التعمير فإن البلدية أصبحت تلعب دورا جوهريا في إطار عملية البناء مراعية مقتضيات حماية البيئة و القضاء على التعمير الفوضوي (1) .

أولا : التخطيطات و التنظيمات :

تكمن أهمية هذه المخططات في تحديد التوجيهات الأساسية في تهيئة الأراضي المعنية كما تضبط توقعات التعمير ، و قواعده و الشروط الخاصة به ، إضافة إلى ترشيد استعمال المساحات ووقاية النشاطات الفلاحية و حماية المواقع الحساسة و المناظر و كذا كل ما يتعلق بتحديد شروط التهيئة و البناء للوقاية من جميع أخطار الطبيعة (2) .

وتتمثل هذه المخططات في صنفين ، مخطط التوجيه للتهيئة و التعمير PAUD ، مخطط شغل الأراضي POS فالمخطط الأول يعد أهم أدوات التخطيط الجمالي ولتسيير الحضاري ، و هو يحدد توجيهات أساسية للتهيئة العمرانية للبلدية بأخذ بعين الاعتبار تصاميم التهيئة و مخططات التنمية (3) و ينم إعداد هذا المخطط بمبادرة من المجالس الشعبية البلدية و تتم الموافقة عليه بمداولة المجلس الشعبي البلدي ، ثم تبلغ المداولة للوالي المختص إقليميا كما يلتزم رؤساء المجالس الشعبية البلدية و الهيآت المحلية بتقديم تبليغ كتابي لرؤساء الغرف التجارية (4) .

والجدير بالذكر أن ثمة هيآت يجب استشارتهم بصفة إلزامية و هي كل المصالح المتواجدة على مستوى الولاية و هي :

– التهيئة العمرانية ، الفلاحة ، مصالح معالجة المياه ، مصالح الأشغال العمومية و الآثار التاريخية و مصالح البريد و المواصلات …الخ .

– أما مخطط شغل الأراضي يتعلق بتحديد حقوق استخدام الأراضي و البناء عليها ­(1) ، و الذي يجب أن يكون مطابقا في ظل أحكام المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير .

حتى يمكن اتخاذ الإجراءات الفعالة و القانونية من طرف مخطط شغل الأراضي ، و يتم تحضير هذا المخطط بمبادرة من رئيس المجلس الشعبي البلدي ، و تحت مسؤوليته (2) ، و تتم الموافقة عليه بمبادرة من المجلس الشعبي البلدي أو المجالس الشعبية البلدية إذا كان المخطـط يغطي بلـديتـين أو أكثر (3) ، إذ أن الأهداف التي يرمي إليها هذا المخطط تتمثل فيا يلي (4) :

– ضبط القواعد المتعلقة بالمظهر الخارجي للبنايات

– تحديد المساحات العمومية و المساحات الخضراء و المنشآت العمومية ذات المصلحة العامة وتحديد الأحياء و الشوارع و النصب التذكارية ،و تعيين مواقع الأراضي الفلاحية و تجديدها وإصلاحها .

ثانيا : تسليم رخصة البناء :

لقد حاول المشرع من خلال المرسوم التنفيذي بقانون التهيئة و التعمير التوفيق بين البيئة و التعمير من خلال تحضير رخصة البناء التي يلتزم رئيس المجلس الشعبي البلدي بتسليمها على ضوء اعتبارات متعددة و ذلك باحترام الأحكام التشريعية الخاصة بالنظافة و الأمن و الفن الجمالي و المحافظة على الاقتصاد الوطني.

و نخلص إلى القول أن المشرع أعطى للبلدية صلاحيات واسعة في مجال التهيئة و الاهتمام بمشاكل عمران البيئة و ذلك بتكييف أدوات التعمير مع مقتضيات حماية البيئة و هذا ما تجسده لنا رخصة البناء باعتبارها وسلة فعالة لتحقيق هذا الهدف و التي تعرضنا إليها بالتفصيل من خلال الفصل الأول.

المبحث الثالث

دور الجمعيات والأفراد في حماية البيئة

إن ضمان المشاركة الجماهيرية الفاعلة رهن لتحقيق جملة من الممارسات وصيانة العديد مـن المبادئ ،فالحفاظ على البيئة وترقيتها ومنع تدهورها هي الأهداف الحقيقية من المشاركة،ولا يتم ذلك ما لم تتوافر الهياكل التنظيمية التي تحتوي المواطن وتنظم جهوده لخدمة القضايا البيئية وبنائه فكريا وثقافيا وكذا تمكينه من الإطلاع على المعلومات علاوة على كفالة حقه في التقاضي وتجاوز العقبات التي تقف عائقا أمام تنمية قدراته وتحول دون تفاعله مع المحيط الذي يحي فيه ومساهمته قي عملية التنمية المستدامة بل والبحث عن أفضل الطرق لإشراكه في إدارة الشؤون العامة للدولة وتحميله جانب من مسؤولية صنع القرار التي تتعلق بالبيئة وترقيتها (1) ،ويعد الحق في المشاركة بالانتماء الحر للجمعيات والاجتماعات أفضل الطرق للوصول إلى الأهداف السابقة كما يعتبر صورة من صور تدعيم الديمقراطية التي عكسها الدستور 1989 الذي دعم بكل جدية الحركة الجمعوية .(2)

المطلب الأول

دور الجمعيات في حماية البيئة

كان من أبرز توصيات مؤتمر ستوكهولم المنعقد بالسويد سنة 1973 “أن التكنولوجيات والتنظيمات والتشريعات جميعها يمكن أن تعجز في سبيل تحقيق أهدافها لإرساء سياسة بيئية ذات فعالية لافتقارها الوعي البيئي “(3).

وعلى غرار هذا فإن تنفيذ سياسة تشريعية في مجال حماية البيئة لا تكفي وحدها لإلزام الأفراد بضرورة المحافظة على البيئة ينبغي تعزيز هذه المبادرات التشريعية بأجهزة أكثر فعالية يمكنها الاتصال مباشرة بمختلف الشرائح الاجتماعية في إطار حماية البيئة .

الفرع الأول

الإطار القانوني لجمعيات الدفاع عن البيئة في الجزائر

تزامن ظهور جمعيات حماية البيئة في الجزائر مع المسار الديمقراطي الجديد التي تبناه دستور 1989 والذي عكس بكل جدية تدعيم الدور الجمعوي داخل المجتمع ،مع التنويه إلى أن هذا الحق قد كرسته دساتير الجمهورية السابقة لكن لم يكن بنفس الصورة التي جاء بها دستور 1989.

فالجزائر بعد الاستقلال أعلنت تطبيق القوانين الفرنسية باستثناء ما يتعارض منها مع السيادة الوطنية والقانون الذي كان ينظم الجمعيات آنذاك هو القانون الفرنسي الصادر سنة 1901 ،كما كرس هذا الحق دستور 1996 في مادته 41 بالنص على أن حريات التعبير وإنشاء الجمعيات والاجتماع مضمون للمواطن وكذا في نص المادة 43 بالنص على أن حق إنشاء الجمعيات مضمون وتشجع الدولة ازدهار الحركة الجمعوية .

وتماشيا مع النصوص الدستورية فقد اعترفت النصوص القانونية كذلك بالحق في إنشاء جمعيات للدفاع عن البيئة ومن ذلك قانون البيئة الصادر سنة 1983(1)

الذي أجاز إنشاء جمعيات للمساهمة في حماية البيئة ولكنه لم يعط دورا للتثقيف والتوعية البيئية كما نص قانون حماية المستهلك على حق الجمعيات لحماية المستهلكين في القيام بدراسات وإجراء الخبرات المرتبطة بالاستهلاك معترفا لها بذلك بدورها في مجال حماية الصحة .

وفي سنة 1990 صدر قانون الجمعيات الذي وضع الإطار القانوني للحركة الجمعوية وأصبحت لها مكانة خاصة في المجتمع باعتبارها همزة وصل بين الإدارة والمواطن لاسيما في مجال حماية البيئة .

ويعتبر القانون 03/10 المتضمن حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة من أهم القوانين التي كرست دور الجمعيات في مجال حماية البيئة إذ أعطتها صلاحيات واسعة في هذا المجال الحيوي بالإضافة إلى القوانين الأخرى التي أنشأت بموجبها هيئات إدارية مركزية إذ أعطت صلاحيات جديدة للجمعيات البيئية خاصة المرسوم الذي أنشأ الوكالة الوطنية للنفايات والقانون المتعلق بمناطق التوسع والمواقع السياحية .

الفرع الثاني

صلاحيات الجمعيات البيئية في مجال حماية البيئة

يمكن حصر مجمل الاختصاصات والصلاحيات التي أوكلت للجمعيات البيئية في مجال حماية البيئة من خلال استقراء مختلف القوانين التي نظمت المجال البيئي (قانون البيئة المعدل 03/10،قانون المستهلك ،قانون التهيئة والتعمير،قانون المناجم …الخ)، وذلك على النحو التالي :

– تساهم الجمعيات المعتمدة قانونا والتي تمارس أنشطتها في مجال حماية البيئة وتحسين الإطار المعيشي في عمل الهيئات العمومية بخصوص البيئة وذلك بالمساعدة وإبداء الرأي والمشاركة وفق التشريع المعمول به(1) .

– الحق في التقاضي (الصفة القضائية) وذلك برفع دعاوى أم الجهات القضائية المختصة عن كل مساس بالبيئة ،حتى في الحالات لا تعني الأشخاص المنتسبين لها بانتظام (2).­

– يمكن للجمعيات المعتمدة قانونا ممارسة الحقوق المعترف بها للطرف المدني بخصوص الوقائع التي تلحق ضررا مباشرا أو غير مباشر بالمصالح الجماعية التي تهدف إلى الدفاع عنها وتشكل هذه الوقائع مخالفة للأحكام التشريعية المتعلقة بحماية البيئة وتحسين الإطار المعيشي وحماية الماء والهواء والجو والأرض وباطن الأرض والفضاءات الطبيعية والعمران ومكافحة التلوث .(3)

– عند تعرض أشخاص طبيعية لأضرار فرضية تسبب فيها الشخص نفسه وتعود إلى مصدر مشترك في الميادين المذكورة أعلاه فإنه يمكن لكل جمعية معتمدة بمقتضى المادة 35 من القانون 03/10 ،إذا فوضها على الأقل شخصان طبيعيان معنيان أن ترفع باسمها دعوى التعويض أمام أية جهة قضائية ويجب أن يكون هذا التفويض كتابيا كما يمكن للجمعية التي ترفع دعوى قضائية وفقا للأحكام السابقة الذكرممارسة الحقوق المعترف بها للطرف المدني أمام أي جهة قضائية جزائية(4) .

– حق الدفاع على المحيط العمراني والمطالبة بالحقوق المعترف بها للطرف المدني مما يتعلق بالمخالفات لأحكام التشريع الخاص بحماية المحيط (1).

– كما يمكن لكل جمعية مؤسسة قانونا والتي تبادر وفق قانونها الأساسي بحماية البيئة والعمران والمعالم الثقافية والتاريخية والسياحية أن تؤسس نفسها طرف مدني فيما يخص مخالفات أحكام قانون مناطق التوسع والمواقع السياحية.(2)

– لكل جمعية مؤسسة قانونا تبادر بقوانينها الأساسية على حماية الشواطئ أن تتأسس كطرف مدني فيما يخص مخالفات أحكام القانون المحدد للقواعد العامة لاستغلال والاستعمال السياحي للشواطئ .(3)

– حق جمعيات حماية المستهلكين بالقيام بدراسات و إجراء الخبرات المتعلقة بالاستهلاك.

أما في إطار وظيفة التحسيس والتوعية البيئية قد ظهرت إلى الوجود خاصة في بداية التسعينات عدة جمعيات إيكولوجية وذلك أن هذه الوظيفة اختصاص أصيل بالجمعيات بصفة عامة نظرا لاحتكاكها اليومي بالأفراد وتعتبر جمعية (Aspwit ) لولاية تلمسان التي أنشأت سنة 1977 أقدم جمعية لحماية البيئة في الجزائر ،ظهرت مباشرة بعد صدور دستور 1976 الذي كرس حق إنشاء الجمعيات وتمثل هدفها الرئيسي في محاربة التعمير الفوضوي ومنع إنشاء مركبات صناعية بالقرب من الأراضي الفلاحية الخصبة وقد قامت بعدة ملتقيات رائدة في مجال حماية البيئة وذلك من خلال أيام دراسية أهمها:

– سنة 1980 الملتقى الوطني حول البيئة .

– سنة 1981 ندوة حول العمران في تلمسان .

– سنة 1982 ندوة حول مشاكل المياه.

كانت ترمي هذه الأيام المفتوحة إلى التحسيس وتبيان مشاكل البيئة وكذا التنسيق بين مختلف المرافق المعنية بمجال البيئة ومن بين أعمالها كذلك تحسيس الطفولة بالبيئة من خلال حمــلات

التشجير التي تقوم بها على مستوى مدارس الولاية كما قامت بتسجيل شريط صوتي يتعلق بالشجرة والذي وجد ترحابا كبيرا من طرف وزارة التربية كما قامت الجمعية بمخاصمة عدة أشخاص أمام القضاء قاموا بنزع أشجار بدون تراخيص (حالة مصنع ميتانون الغزوات) كما تأسست كطرف مدني في عدة قضايا متعلقة بالتعدي على المجال البيئي .(1)

المطلب الثاني

دور الأفراد في مجال حماية البيئة

يبدو من الصعب أحيانا فصل الجهد الرسمي للحكومات والمنظمات عن الدور الذي يلعبه الأفراد المجتمعين أو منفردين بسبب تعقد التنظيمات وما تحضى به من دعم وإسناد. وإن الأفراد بكل ما يملكون من مؤسسات ملوثة يحتلون حيزا هاما من الهيكل العام للاقتصاد الوطني ولديهم باع طويل في صنع القرار السياسي للدولة وكذا في توجيه سياسته التشريعية بالشكل الذي يحمي مصالحهم خاصة في البلدان ذات الاقتصاد الحر .

وعلى هذا فالفرد يلعب دورا هاما في مجال حماية البيئة إن لم نقل أنه أهم دور في هذا الميدان باعتباره مصدر التلوث البيئي في كل الحالات بصفة مباشرة وغير مباشرة وكما قلناه آنفا تقديما لهذا الفصل فإن غزارة التشريع البيئي وإحداث أجهزة مكلفة بحماية البيئة وحدهما لا يمكن لهما بلوغ غاية حماية البيئة من دون انتشار الوعي البيئي هذا الأخير لن يتأتى إلا بالعلم الراسخ لأن الكون الذي يحي فيه الإنسان سخر لخدمته وهو سيد عليه وهو مجبر على المحافظة عليه وصيانته لتتم خدمته على أتم وجه وأكمل صورة قال الله تعالى ” هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات”(سورةالبقرة) وقال صلى الله عليه وسلم ” إن الله جميل يحب الجمال”.

ومن خلال استقرائنا وتفحصنا لمختلف النصوص المتعلقة بمجال حماية البيئة فإننا نجد أن المشرع اتجه اتجاه أخلقة القانون (la moralisation de la règle juridique ) فقد ألزم الفردبعدة واجبات تتعلق بحماية البيئة مخاطبا خاصة منتجي وحائزي النفايات وذلك بالقيام بمايلي:

– يلزم كل منتج للنفايات أو حائز لها باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتفادي إنتاج النفايات بأقصى قدر ممكن .(1)

– في حالة عدم مقدرة منتجي النفايات أو الحائز لها على تفادي إنتاج أو تثمين نفاياته فإنه يلزم بضمان أو بالعمل على ضمان إزالة هذه النفايات على حسابه الخاص بطريقة عقلانية بيئيا. (2)

– لا يمكن معالجة النفايات الخاصة الخطرة إلا في المنشآت المرخص لها من قبل الوزير المكلف بالبيئة .(3)

– يحظر خلط النفايات الخاصة الخطرة مع النفايات الأخرى .(4)

– يلزم منتجو ،أو حائزو النفايات الخاصة الخطرة بالتصريح للوزير المكلف بالبيئة بالمعلومات المتعلقة بطبيعة وكمية وخصائص النفايات(5).