من المعروف بان أي شخص يرتكب خطأ عند قيامة بممارسة نشاط معين وسبب ضرراً للغير قامت مسؤولية عن ذلك وفقاً لقواعد المسؤولية التقصيرية ، كما يمكن أن تتحقق مسؤولية الشخص عن الأفعال التي يرتكبها ممثلوهُ أو الأشخاص التابعونَ له ونتج عنها ضرراً أصاب الغير وفقاً لقواعد مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه . لذلك فان المسؤولية القانونية للمستحوذ وفقاً لقواعد المسؤولية التقصيرية تنشأ عن كل تصرف غير مشروع ينسب إليه سواء من خلال ما يصدر عنه من أخطاء شخصية أو من الأخطاء التي تصدر عن تابعيه والممثلين له في الشركة المستحوذ عليها . ولتطبيق إحكام المسؤولية التقصيرية على المستحوذ على الشركة المساهمة لا بد من بيان أسباب تحقق هذه المسؤولية والآثار التي تترتب عليها . لذا سنتناول هذا الموضوع من خلال مطلبين ، سنتناول في المطلب الأول أسباب تحقق المسؤولية التقصيرية للمستحوذ وفي الثاني آثار المسؤولية التقصيرية للمستحوذ .

المطلب الأول : أسباب تحقق المسؤولية التقصيرية للمستحوذ

إنّ أسباب تحقق المسؤولية التقصيرية للمستحوذ على الشركة المساهمة يمكن أنْ تجد لها أساساً في النصوص القانونية التي تحكم هذه المسؤولية بشكل عام سواء ما كان يتعلق بالمسؤولية عن التصرفات الشخصية التي تصدر من المستحوذ نفسه أو المسؤولية عن تصرفات الأشخاص التابعين له أو ممثليه في الشركة المستحوذ عليها . ولما كانت المسؤولية التقصيرية بصورة عامة تقوم على أساس الخطأ سواء كان خطأً شخصياً أم خطأ التابعين له والضرر والعلاقة السببية بينهما فإن أسباب تحقق المسؤولية التقصيرية للمستحوذ هي الخطأ والضرر والعلاقة السببية . لذا سنتناول هذا المطلب من خلال فرعين ، سنبحث في الفرع الأول خطأ المستحوذ وفي الثاني الضرر والعلاقة السببية بينهما .

الفرع الأول : خطأ المستحوذ

إنَّ خطأ المستحوذ يُعَدُّ من أهم أركان أو أسباب تحقق المسؤولية التقصيرية إذ بغير تحقق الخطأ لا يمكن القول بوجود المسؤولية التقصيرية . وقد قيل في الخطأ التقصيري تعاريف متعددة حيث عرف هو إخلال بالتزام قانوني ، والإخلال هو تجاوز الحدود التي يجب على الشخص الالتزام بها في سلوكه أي انحراف في السلوك سواء كان متعمداً أم غير متعمدٍ (1). كما قيل في الخطأ التقصيري هو مخالفة لواجب قانوني مفروض على الكافة ، مضمونه احترام حقوق الأفراد وعدم الإضرار بهم ، وهو ما يعبر عنه ارتكاب فعل غير مشروع ينتج عنه ضرر يجب تعويضه من جانب مقترف الخطأ (2). وإن أساس المسؤولية التقصيرية هذه يختلف باختلاف مصدر الخطأ فإما أن تكون مسؤولية شخصية للمستحوذ ، أو مسؤولية عن أخطاء الغير التابعين له ، ولبيان ذلك سنحاول الإحاطة بركن الخطأ التقصيري للمستحوذ عن الأفعال الشخصية أولاً ومن ثم بيان مسؤولية المستحوذ عن أفعال التابعين له ثانياً .

أولاً :مسؤولية المستحوذ عن أفعاله الشخصية

إنَّ مسؤولية المستحوذ التقصيرية عن الأفعال الشخصية تقوم على الخطأ الواجب الإثبات ، فالخطأ هنا لا يفترض وإنما على المدعي أثباته (3). أي أن خطأ المستحوذ هنا هو الأساس الذي تقوم عليه المسؤولية الشخصية إذ لا يمكن القول بتحقق المسؤولية التقصيرية للشخص بدون صدور خطأ منه ، وهذا ما أكده المشرع العراقي في المادة (186) من القانون المدني حيث نص (1- إذا أتلف أحد مال غيره أو نقص قيمته مباشرة أو تسببا يكون ضامناً ، أذا كان في أحداثه هذا الضرر قد تعمد أو تعدى ) وكذلك المشرع المصري في المادة (163) من القانون المدني (كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من مرتكبه بالتعويض ) وهذا ما ذهب إليه المشرع الفرنسي أيضاً في المادة (1382) من القانون المدني الذي نص (كل فعل يحدث ضرراً للغير يلزم من وقع الضرر بخطئه بتعويضه )(4). وإن الخطأ بصورة عامة يقوم على ركنين الأول مادي يتمثل في الإخلال أو التعدي سواء كان صادراً عن عمد أم عن غير عمد والركن الثاني معنوي يتمثل في الإدراك و التمييز ، إلا أن الفقه أختلف حوله مدى اشتراط هذا الركن الثاني لتقرير المسؤولية التقصيرية (5) . وفي مجال دراستنا فبالإمكان تصور انطباق ركني الخطأ التقصيري على المستحوذ ، حيث يتمثل الركن المادي بالانحراف في السلوك سواء كان متعمداً أم غير متعمداً أو تعسف المستحوذ في الإدارة بإحداث ضرراً للغير ، إلا أن إثبات هذا الركن يثير بعض الصعوبات لان المستحوذ هو الذي يمثل الأغلبية في الجمعية العامة ، وأن قانون الأغلبية يعني إن الأغلبية هذه هي صاحبة الاختصاص في تقرير مصالح الشركة ، ولتحقيق هذا الركن لابد من إقامة الدليل على إن المستحوذ وهو الذي يمثل الأغلبية قد انحرف عن الطريق المعتاد للإدارة وهو يتصرف باسم الشركة هادفاً من وراء ذلك تحقيق مصلحة خاصة (6) . أما الركن المعنوي فقد تضاءَلتْ أهميته في الكثير من التشريعات (7)، ألا أنه من الصعب تصور أن يكون المستحوذ ناقص الأهلية لان مصدر الاستحواذ هو تداول الأوراق المالية والذي يجب أن يكون المتعامل بها كامل الأهلية . كما إنَّ الشخص المعنوي المستحوذ والذي تطبق في شأنه قواعد المسؤولية التقصيرية كما في الشخص الطبيعي فقد أنتقد على أساس أنْ ليس للشخص المعنوي إرادة لذا أتفق الفقه في مصر وفرنسا على اعتبار أن الشخص المعنوي مسؤول مسؤولية أصلية عن أخطائه الشخصية ويكتفي لتقرير هذه المسؤولية بالركن المادي دون الركن المعنوي (8). وأن الأخطاء الشخصية التي تترتب عليها المسؤولية التقصيرية تتعدد وتتنوع من أخطاء ايجابية تتمثل في القيام بعمل يحرمه القانون وأخطاء سلبية تتمثل في الامتناع عن عمل يوجبه القانون (9). وفي مجال الاستحواذ على الشركات يمكن تصور وقوع هذه الأخطاء بنوعيها من جانب المستحوذ ، فعلى سبيل المثال يمكن أن تتحقق مسؤولية المستحوذ القانونية إذا تصرف بشكل يخالف حسن النية ولا تتطابق تصرفاته مع الأمانة الواجب توفرها في المعاملات بما يترتب عليها ضرر بمصلحة الشركة المستحوذ عليها ، فالمستحوذ ملزم بان يراعي مصلحة الشركة عند إصدار قرارات والتعليمات المنظمة لها بكونهِ يمثل الأغلبية في الجمعية العامة وإذا ثبت أن المستحوذ كان يهدف إلى تحقيق مصالحة الشخصية يكون مسؤولاً عن جميع الإضرار التي نتجت عن هكذا تصرفات (10). كما يمكن أن تتحقق مسؤولية المستحوذ عند الامتناع عن اتخاذ القرارات التي تصب في مصلحة الشركة والتي تفرض عليه ضرورات الواقع اتخاذها وبقي متمسك بموقفه السلبي ولم يتصرف بما له من سلطة إدارية لدفع الضرر .

ثانياً : مسؤولية المستحوذ عن أخطاء تابعية

يمكن أن تثار مسؤولية المستحوذ عن أخطاء التابعين له في حالة كون المستحوذ على الشركة المساهمة شخصاً معنوياً (شركة ) فالشخص المعنوي لا يستطيع مباشرة أعمال الإدارة في الجمعية العامة للشركة المستحوذ عليها أو المشاركة في عضوية مجلس الإدارة بنفسه وإنما من خلال أشخاص طبيعيين تابعين له والذين يمثلونه في الشركة المستحوذ عليها ، كما أن الشركة المستحوذ عليها نفسها تابعه للمستحوذ ، فوجود هذه العلاقة التبعية بين المستحوذ والشركة المستحوذ عليها تمنح المتضرر من تصرفات التابع أقامة الدعوى مباشرةً على المتبوع (المستحوذ) وهذا يكون مسؤول عن الضرر الذي سببه التابع له لان هذا الأخير تصرف باسم ولحساب المستحوذ ( المتبوع ) أو لأنه خاضع لسيطرة المستحوذ . إلا أنه لا توجد نصوص قانونية خاصة تحكم مسؤولية الشركة المستحوذة عن أخطاء التابعين لها لذلك اختلف الفقه حوله تقرير هذه المسؤولية ، ألا أن الرأي الراجح ذهب إلى تقرير مسؤولية الشركة المستحوذة عن تصرفات التابع لها في الشركة المستحوذ عليها ، وبذلك تسأل عن جميع الإضرار الناتجة عن تصرفات التابع استناداً إلى أنها تكون قد أخطأت بإساءة اختيار هذا الشخص التابع لها وأن المنطق يقتضي تحميلها نتائج هذا الاختيار (11) . ويرجع في تقرير هذه المسؤولية إلى النصوص القانونية المنظمة إلى مسؤولية المتبوع عن أخطاء التابع بصورة عامة ، حيث نص المشرع العراقي في المادة (219) من القانون المدني على (1- الحكومة والبلديات والمؤسسات الأخرى التي تقوم بخدمة عامة ، وكل شخص يستغل أحد المؤسسات الصناعية أو التجارية ، مسؤولون عن الضرر الذي يحدثه مستخدموهم ، أذا كان الضرر ناشئاً عن تعدّ وقع منهم أثناء قيامهم بخدماتهم) وما ذهب إليه المشرع المصري في المادة (174) من القانون المدني الذي نص ( 1- يكون المتبوع مسؤولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعة بعمل غير مشروع متى كان واقعاً منه في حالة تأديته وضيفه أو بسببها ) وما ذهب إليه المشرع الفرنسي أيضا في المادة (1384/1) من القانون المدني التي نصت (لا يسأل المرء عن الضرر الذي تسبب بفعلة الشخصي فحسب وإنما يسأل أيضاً عن الضرر المتسبب عن فعل الأشخاص المسؤول عن رقابتهم 000)(12) ومن خلال مراجعة هذه النصوص يتبين إنها تشترط لتحقيق مسؤولية المتبوع عن أخطاء التابع الشروط التالية :-

1 – وجود العلاقة التبعية

تقوم هذه العلاقة على السلطة الفعلية في الرقابة والتوجيه التي تثبت للمتبوع على التابع (13)، حيث أن مسؤولية المتبوع عن تصرفات التابع لا تقوم بمجرد الاختيار الذي يقوم به المستحوذ للشخص الممثل له في الشركة المستحوذ عليها وإنما يجب أن تكون هناك علاقة بينهما تجعل المتبوع (المستحوذ) يسيطر على أعمال التابع ويسيرها كيفما يشاء بما يصدره إليه من أوامر وتعليمات ، أي أن العلاقة التبعية بينهما تقوم على الرقابة والتوجيه بحيث تكون للمتبوع سلطة بإصدار الأوامر إلى التابع التي تتعلق بالكيفية التي يؤدي بها عملة ، والرقابة على تنفيذ تلك الأوامر (14). وفي مجال مجموعة الشركات المستحوذة أو المسيطرة على شركات تابعة لها يعد هذا الشرط متحققاً حيث تتولى الشركة المستحوذة رقابة وتوجيه الشركة المستحوذ عليها ، إذ تختص الشركة المستحوذة بإصدار القرارات الرئيسية أو الهامة التي تتعلق بالسياسة العامة للشركة المستحوذ عليها ، مثل القرارات المتعلقة بوضع السياسات الاستثمارية والتسويق والتشغيل وإعداد الميزانية العامة وغيرها وبالتالي تكون الشركة المستحوذة مسؤولة عن أخطاء الشركة المستحوذ عليها (15).

2 – خطأ التابع أثناء خدمة المتبوع

إنَّ أساس قيام مسؤولية المتبوع هو تحقق مسؤولية التابع ، لذلك يجب لقيام مسؤولية المتبوع تحقق مسؤولية التابع ، ولا تتحقق مسؤولية التابع إلا عند ارتكابه عملا غير مشروعٍ سبب ضرراً للغير ، فان لم يصدر من التابع هذا الخطأ فلا يمكن القول بتحقق مسؤولية المتبوع أي أن مسؤولية المتبوع تدور وجوداً وعدماً مع مسؤولية التابع ، وهذا ما هو متفق عليه في مختلف التشريعات(16). كما يجب أن يكون خطأ التابع قد أرتكب أثناء تأدية الوظيفة أو كانت الوظيفة هي التي ساعدته على ارتكابه أو هيئة الظروف له ، إما أذا وقع خطأ التابع في خارج حدود الوظيفة فيكون وحده المسؤول عن ذالك الخطأ لانتفاء الأساس الذي تقوم عليه مسؤولية المتبوع وهو افتراض الإخلال بواجب الرقابة والتوجيه على التابع (17). ونرى أنَّ المستحوذ يتحمل الأخطاء التي يرتكبها الشخص المدير أو عضو مجلس الإدارة الممثل له في الشركة المستحوذ عليها عند وقوع هذا الخطأ أثناء تأدية أعمالهم لوجود العلاقة التبعية بينهما ، وفي مجال الشركات القابضة المستحوذة على شركات أخرى تابعة لها فان الشركة القابضة تتحمل مسؤولية الشركات التابعة لها ، لان الشركة التابعة تنفذ سياسة الشركة القابضة وتخضع إلى سيطرة وهيمنة الشركة القابضة ، حيث تمتلك الشركة القابضة سلطة الرقابة والتوجيه على الشركة التابعة (المستحوذ عليها) ، إما إذا تخلصت الشركة المستحوذ عليها من سيطرة وهيمنة الشركة المستحوذة وأصبحت مستقلة في اتخاذ قراراتها وممارسة نشاطها بدون رقابة الشركة المستحوذة فعندئذ لا تسأل الشركة المستحوذة عن أخطاء الشركة المستحوذ عليها . أما عن أساس مسؤولية المتبوع عن أخطاء التابع فقد أختلف الفقه حول أساس هذه المسؤولية (18)، ألا أن التشريعات ذهبت إلى اتجاهين ، هما الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس والخطأ المفترض الغير قابل لإثبات العكس ، فقد ذهب التشريع العراقي إلى إن أساس مسؤولية المتبوع هو الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس ، حيث يستطيع المتبوع التخلص من المسؤولية بنفي قرينة الخطأ بإثبات أنه بذل العناية المطلوبة لمنع وقوع الضرر (19). أما التشريع المصري والفرنسي فقد اعتبرا أساس مسؤولية المتبوع هو الخطأ المفترض الغير قابل لإثبات العكس فلا يجوز الإفلات من المسؤولية بإثبات أنه بذل العناية المطلوبة لمنع وقوع الضرر (20). وعلى هذا فان المستحوذ يستطيع التخلص من المسؤولية وفقاً للتشريع العراقي بإثبات أنه بذل عناية الرجل المعتاد في اختيار الممثل له في الشركة المستحوذ عليها أو بنفي العلاقة السببية بين خطأ التابع له وبين الضرر الذي أصاب الغير ، بينما لا يستطيع المستحوذ أن يتخلص من المسؤولية في التشريعات المقارنة إلا بنفي العلاقة السببية بين خطأ التابع والضرر الذي أصاب الغير .

الفرع الثاني : الضرر والعلاقة السببية

لكي تتحقق المسؤولية التقصيرية للمستحوذ لابد من تحقق الضرر الناتج عن خطأ المستحوذ أو التابعين له ، إذ ليس الخطأ هو الركن الوحيد لقيام المسؤولية التقصيرية للمستحوذ بل يجب أن يجتمع معه الأركان الأخرى من الضرر والعلاقة السببية ، وهذا ما سنتناوله فيما يلي :-

أولاً : الضرر

يمكن تعريف الضرر بأنه أذى يصيب الشخص في حق أو مصلحة مشروعة له ، وهو ركن من أركان المسؤولية التقصيرية بحيث إذا انتفى الضرر لا يمكن القول بتحقق المسؤولية التقصيرية للمستحوذ (21)، ويشترط في الضرر لكي يستطيع المتضرر المطالبة عنه بالتعويض ما يلي :-

1 – أن يكون الضرر محققاً :

الضرر المحقق هو المؤكد الحدوث سواء كان حالاً أو مؤكد الوقوع في المستقبل (22)، كما لو تعهد المستحوذ بتزويد مصنع تابع إلى الشركة المستحوذ عليها بالمواد الأولية للإنتاج في فترات متعاقبة فعند توقف المستحوذ عن التزويد بصورة مفاجئة ، فان الضرر يكون محققاً وان وقع في المستقبل إذا كان لدى المصنع بعض المواد الأولية ما يكفيه في الحال ما دام المصنع سوف يضطر إلى التوقف عن الإنتاج لمدة ما ، وأن هذا التوقف يكون قد سبب له خسارة فيكون المستحوذ ملزماً بالتعويض عن هذه الخسارة ، أما الضرر المحتمل الذي لم يحدث ولا يوجد ما يؤكد حدوثه فلا يجوز المطالبة بالتعويض عنه .

2 – أن يكون الضرر مباشراً :

المقصود بالضرر المباشر هو الذي يكون نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو التأخر عن الوفاء به (23).

3 – أن يكون الضرر أصابةَ حقٍّ أو مصلحةٍ مشروعةٍ (24) :

يشترط في الضرر أن يصيب حقاً أو مصلحةً مشروعة كاستعمال الشركة العلامة التجارية المملوكة والمسجلة للغير فيحق لمالك العلامة التجارية المطالبة بالتعويض ، إما إذا كانت المصلحة غير مشروعة فلا تعويض عنها فلا يحكم لسارق براءة الاختراع بالتعويض إذا انتزعت منه . ويختلف الضرر الذي ينتج عن خطأ المستحوذ أو احد التابعين له من حالة إلى أخرى ، كما يمكن أن يتنوع هذا الضرر إلى ضرر مادي وضرر أدبي وهذا بخلاف الضرر في دعوى تكملة الدين الذي يقتصر فيه الضرر على الضرر المادي فقط ، فالمدعي في دعوى تكملة الدين لا يستطيع أن يطالب إلا بالتعويض عن الضرر المادي دون الضرر الأدبي في حين وفق المسؤولية التقصيرية يستطيع المدعي أن يطالب بالتعويض عن الضرر المادي والأدبي .

ثانياً : العلاقة السببية

تعني العلاقة السببية هو أن يكون الضرر ناتجاً عن الخطأ الذي أرتكبه المستحوذ أو خطأ أحد التابعينَ له (25). حيث إنَّ العلاقة السببية بين الخطأ والضرر هو ركن من أركان المسؤولية التقصيرية ، فوجود الخطأ والضرر لا يكفيان لتحقق المسؤولية التقصيرية للمستحوذ وإنما يجب أن يكون الضرر ناتجاً عن الخطأ ، أي أن العلاقة السببية تتحقق متى تبين أن الخطأ هو علة الضرر وأن الضرر ما كان ليحدث لولا ارتكاب الخطأ (26). ويجب على مدعي الضرر إثبات العلاقة السببية لقيام المسؤولية التقصيرية للمستحوذ ، ألا أن إثبات هذه العلاقة تعتريها بعض الصعوبات في حالات معينة كما لو تعددت الأسباب ألتي ساهمت في أحداث الضرر ودون أن يستغرقها احدهما ، حيث يندر أن يكون سبب واحد أدى إلى أحداث الضرر ، كما من المتصور أن يكون المتضرر نفسه قد ساهم في أحداث الضرر ، ومن اجل مواجهة صعوبات تعدد الأسباب طرح الفقه نظريتين لإثبات العلاقة السببية هما :-

1 – نظرية تعادل الأسباب :

قال بهذه النظرية الفقيه الألماني (von Buri ) وبموجب هذه النظرية إنَّ كل سبب ساهم في إحداث الضرر تعتبر العلاقة السببية بينه وبين الضرر متوافرة ، فجميع الأسباب التي تدخلت في إحداث الضرر متكافئة وكل واحد منها يعتبر سبباً ، أي أن كل سبب ساهم في وقوع الضرر بحيث لولاه ما وقع الضرر يعد سبباً ، فإذا كان يمكن اعتبار خطأ المستحوذ ضمن هذه الأسباب يمكن القول بان العلاقة السببية متوافرة بينة وبين الضرر .

2 – نظرية السبب الفعال أو المنتج :

قال بهذه النظرية الفقيه الألماني (von Kries) وبموجب هذه النظرية يجب البحث عن جميع الأسباب والتمييز بين السبب الفعال أو المنتج الذي يكون وحدة كافياً لأحداث الضرر وبين السبب الثانوي ، حيث تعتبر العلاقة السببية متوافرة بين السبب الفعال أو المنتج وبين الضرر دون الأسباب الأخرى الثانوية (27)، وعليه وفقاً لهذه النظرية إذا كان خطأ المستحوذ يعتبر سبب فعّالاً أو منتجاً فان العلاقة السببية بينه وبين الضرر تعد متوافرة .

وهذه النظرية تمثل اتجاه الفقه الإسلامي ويعول عليها القضاء العراقي والتي أخذ بها القضاء المصري والفرنسي (28).

المطلب الثاني : آثار المسؤولية التقصيرية للمستحوذ

إذا توافرت أركان المسؤولية التقصيرية من خطأ المستحوذ والضرر والعلاقة السببية بينهما قامت مسؤولية المستحوذ التقصيرية وبالتالي يلتزم بتعويض كل من أصابه ضرر من جراء التصرفات الغير مشروعة التي ارتكبها المستحوذ أو احد التابعين له في الشركة المستحوذ عليها ، أي أن المتضرر من أخطاء المستحوذ أو التابعين له يستطيع أن يطالب بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من وراء ذلك سواء كانت الإضرار ماديةً أم معنويةً ، وذلك من خلال دعوى المسؤولية التقصيرية التي يقيمها على المستحوذ ( مسبب الضرر) . لذا سنتناول هذا المطلب من خلال فرعين سنبحث في الأول دعوى مسؤولية المستحوذ التقصييرية وفي الثاني سنبحث التعويض الذي يستحقه المتضرر .

الفرع الأول : دعوى مسؤولية المستحوذ التقصيرية

تُعَدُّ هذه الدعوى هي الوسيلة التي من خلالها يستطيع الشخص أصلاح ما نشأ من أضرار عن التصرفات الغير مشروعة الصادرة من المستحوذ أو أحد التابعين له ، وعليه فلا بد من الوقوف على أهم أحكام هذه الدعوى كما يلي :-

أولاً : صاحب الصفة في تحريك دعوى المسؤولية التقصيرية

إنَّ دعوى المسؤولية التقصيرية تقام على المستحوذ من قبل كل من أصابه ضرر من العمل الغير مشروع الصادر من المستحوذ أو من تابعية وسواء كان الضرر مادياً أم أدبياً ، أو من قبل من ينوب عن المتضرر قانوناً كالولي أو الوصي أو الوكيل ، فإذا كان المتضرر من تصرفات المستحوذ شركة كقيام المستحوذ بالتشهير بمنتجات الشركة المنافسة ، فان مدير هذه الشركة المتضررة هو من يطالب بالتعويض عن الأضرار التي أصابتها من جراء هذه المنافسة الغير مشروعة بكونهِ نائباً عن الشركة المتضررة (29). وإذا تعدد الأشخاص المتضررون من تصرفات المستحوذ أو التابعين له جاز لأي منهم إقامة دعوى مستقلة للمطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر ، كما يجوز لهم جميعاً رفع دعوى مشتركة على المستحوذ لمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي إصابتهم (30). وعليه فأن الحق في المطالبة بالتعويض وفقاً إلى قواعد المسؤولية التقصيرية تمنح إلى كل شخص متضرر حق أقامَ دعوى المسؤولية التقصيرية على المستحوذ مسبب الضرر ، وهذا بخلاف ما رأيناه في دعوى تكملة الدين ودعوى الشركة الذي يكون حق أقامتها محصوراً بأشخاص محددين ، ففي دعوى تكملة الدين فقد رأينا أن المشرع العراقي حدد حق أقامتها بقاضي التفليسة بناءً على طلب من له مصلحة في ذلك ، بينما المشرع المصري فقد حدد أقامتها بمحكمة التفليسة بناءً على طلب قاضي التفليسة ، كما أن المشرع الفرنسي حصر حق أقامتها بكل من وكيل التفليسة ووكيل الدائنين والمصفي والنائب العام ، أما دعوى الشركة فان حق أقامتها محصوراً بالشركة المتضررة في الأصل وبالمساهمين بصورة استثنائية . وعليه فإن دعوى الشركة ودعوى تكملة الدين محصور حق أقامتها بأشخاص محددين في حين دعوى المسؤولية التقصيرية غير محصور حق أقامتها بشخص معين بل كل من أصابه ضرر له حق إقامة دعوى المسؤولية التقصيرية بنفسه .

ثانياً : المدعى عليه في دعوى المسؤولية التقصيرية

إنَّ هذه الدعوى تقام على مرتكب الخطأ ، فإذا كان المستحوذ شخصاً طبيعياً وصدره منه عمل غير مشروع ترتب عليه ضرر للغير فان دعوى المسؤولية التقصيرية تقام عليه مباشرةً . أما إذا كان المستحوذ شخصاً معنوياً (شركة) فإذا كان الخطأ صادراً من الشركة المستحوذة نفسها كما لو أصدر تعليمات أو قرارات خاطئة إلى ممثلها في الشركة المستحوذ عليها وترتب عليها ضرر أصابه الغير فان دعوى المسؤولية التقصيرية تقام على الشركة المستحوذة ذاتها لا على ممثلها في الشركة المستحوذ عليها ، أما إذا كان الخطأ صادراً من الممثل للشركة المستحوذة بصفته الشخصية أي خارج نطاق عمله فان الدعوى تقام على الشخص الممثل للشركة المستحوذة ولا تقام على الشركة المستحوذة لانتفاء مسؤوليتها ، وأما إذا أرتكب الممثل أو المدير الخطأ بكونه تابعاً للشركة المستحوذة فان دعوى المسؤولية التقصيرية تقام على الشركة المستحوذة استناداً إلى أحكام مسؤولية المتبوع عن أخطاء التابع (31).

ثالثاً : الإثبات في دعوى المسؤولية التقصيرية

إنَّ عِبء الإثبات في دعوى المسؤولية التقصيرية يقع على عاتق المدعي ، الذي عليه إثبات العمل الغير مشروع الصادر من المستحوذ وإثبات الضرر الناشئ عنه ، وذلك طبقاً للقواعد العامة التي تقضي البينة على من ادعى لان المسؤولية التقصيرية عن الأخطاء الشخصية تقام على الخطأ الواجب الإثبات (32). ففي هذه الحالة يجب على المتضرر إثبات الخطأ الذي أرتكبه المستحوذ ، حيث يمكن إثبات الخطأ بطرق الإثبات كافة وبشتى الأساليب ، كما يمكن للمدعي إثبات خطأ المستحوذ من خلال إثبات التدخلات الغير مشروعه التي يمارسها في حياة الشركة المستحوذ عليها التي تساعد على أثبات خطأ المستحوذ . أما الخطأ المفترض فأنه يظهر في حالة المسؤولية عن أخطأ التابع ، حيث تقوم مسؤولية المستحوذ في هذه الحالة على أساس افتراض الخطأ من جانب المتبوع الذي يتمثل في التقصير بواجب الرقابة والتوجيه وهذا الخطأ قابل لإثبات العكس في التشريع العراقي والغير قابل لإثبات العكس في التشريعات المقارنة . حيث بموجب هذه النظرية أي افتراض الخطأ من جانب المتبوع يمكن مقاضاة المتبوع عند إثبات خطأ التابع وفقاً لإحكام مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه ، أي هنا المتضرر لا يحتاج لإثبات خطأ المتبوع وإنما يجب أثبات خطأ التابع لمقاضاة المتبوع . ومن الجدير بالذكر هنا هو فضلاً عن كون خطأ المستحوذ مفترضاً استناداً إلى أحكام مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه ، فان دعوى تكملة الديون أيضاً تقوم على الخطأ المفترض من جانب المستحوذ عند عدم كفاية موجودات الشركة المستحوذ عليها لوفاء 20% من ديونها ، ألا إن الفارق بينهما هو أن الخطأ المفترض في حالة المسؤولية التقصيرية يكون في جميع حالات التي يترتب عليها ضرر من جراء تصرفات المستحوذ ومهما كانت نسبة العجز في موجودات الشركة ، كما يمكن أن تتحقق هذه القرينة في حالة المسؤولية التقصيرية عن الضرر الأدبي الذي نشأ عن تصرفات التابعين للمستحوذ ، أما في حالة ألزام المستحوذ بدفع ديون الشركة المستحوذ عليها فيكون خطأ المستحوذ مفترضاً في حالة إفلاس الشركة المستحوذ عليها إلى الحد الذي لا تكفي موجوداتها لوفاء 20% من ديونها ، أي إذا كانت موجودات الشركة تكفي لوفاء أكثر من 20% من ديونها فلا مجال لافتراض خطأ المستحوذ بل يجب إثباته لقيام مسؤولية المستحوذ عن أخطاء التابعين له في الشركة المستحوذ عليها (33). وعند تحقق هذه القرينة وقيام مسؤولية المستحوذ فأنه يستطيع أن يدفع بعدم المسؤولية أما بنفي قيام مسؤولية التابع ذاتها بإثبات إن الضرر راجع إلى سبب أجنبي أو خطأ المتضرر نفسه (34)، أو يدفع بانقضاء المسؤولية التقصيرية بالوفاء أو المقاصة أو بالتقادم ، حيث تتقادم المسؤولية التقصيرية بانقضاء ثلاث سنوات من يوم علم المتضرر بوقوع الضرر أو بانقضاء خمسَ عشرة سنة في جميع الأحوال (35).

الفرع الثاني : التعويض الذي يستحقه المتضرر

إذا تحققت أركان المسؤولية التقصيرية للمستحوذ وقام المتضرر الدعوى على المستحوذ مسبب الضرر فان ذلك يؤدي إلى ترتيب حكمها ، وحكم المسؤولية التقصيرية هو التعويض ، حيث يعدٌّ التعويض الوسيلة القضائية لجبر الضرر ، وهو يدور وجوداً وعدماً مع الضرر ، إذ ليس لجسامة الخطأ أي أثر في تحديد مقدار التعويض ، وإنما يجب أن يتناسب مقدار التعويض مع حجم الضرر الناتج عن خطأ المستحوذ لكي لا يكون مصدر أثراء للمتضرر (36). وللبحث في هذا الموضوع يتطلب منا الأمر الوقوف على صور التعويض ونطاقه وكيفية تقديره وهذا ما سنتناوله فيما يلي :-

أولا : صور التعويض

إنَّ التعويض الذي يستحقه المتضرر من جراء تحقق المسؤولية التقصيرية للمستحوذ ، يمكن أن يكون بصورة تعويض عيني أو نقدي أو بصورة تعويض معنوي .

1 – التعويض العيني

يتحقق التعويض العيني بالوفاء بالالتزام عيناً أو بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر (37)، إلا أن التعويض العيني في نطاق المسؤولية التقصيرية قليل الوقوع ، لكن يمكن تصوره في نطاق المسؤولية التقصيرية للمستحوذ ، فإذا قام المستحوذ بتصرف أخل بالتزام مفروض عليه قانوناً وهو عدم الأضرار بالغير دون حق فان التعويض العيني يكون بصورة قيام المستحوذ الذي أخل بالتزامه بعمل من أجل أزالت الضرر المترتب على هذا الإخلال ومحو أثرة (38)، فمثال إذا قامت الشركة المستحوذ عليها برمي المخلفات في الأرض المجاورة دون حق مسبباً في ذلك ضرراً لصاحب الأرض فان التعويض العيني هنا يكون بإلزام المستحوذ على أساس مسؤولية المتبوع عن أخطاء تابعيه بأزالت جميع مخلفات الشركة المستحوذ عليها وإعادة الأرض إلى الحال الذي كانت عليه قبل وقوع الضرر.

2 – التعويض النقدي :

المقصود بالتعويض النقدي هو الذي يقوم بالنقد ، وهذا النوع من التعويض هو الغالب في نطاق المسؤولية التقصيرية سواء كان الضرر مادياً أم أدبياً (39)، فالقاضي يحكم بالتعويض النقدي في جميع الأحوال التي يتعذر فيها الحكم بالتعويض العيني ، فالتعويض النقدي في المسؤولية التقصيرية هو الأصل وهذا ما أشارة له المادة (209) من القانون المدني العراقي (2 – ويقدر التعويض بالنقد 000) كما إن الأصل في التعويض النقدي الذي يحكم به على المستحوذ أن يكون مبلغ من النقود يعطى دفعة واحدة للمتضرر ، إلا إنه يمكن للقاضي أن يحكم بتعويض نقدي مقسط أو أيراد مرتب مدى الحياة ، والفارق بين هذين الحالتين أن التعويض المقسط يدفع على شكل أقساط خلال مدة محددة ويتم استيفائه بدفع أخر قسط منها ، أما الإيراد المرتب مدى الحياة فيدفع مدى الحياة ، والقاضي يحكم بهذا التعويض إذا رأى ذلك مناسباً للمتضرر ، كما لو أصيب المتضرر الذي يعمل في الشركة المستحوذ عليها بعجز كلي أو جزئي أقعده عن العمل فيحكم له القاضي بتعويض على شكل أيراد مدى حياته عن العجز الذي أصابه ، وبما أن هذا التعويض غير محدد المدة إذ قد يبقَ مدة تطول لذا جاز للقاضي أن يلزم المدين بتقديم تأمينات (40).

3 – التعويض المعنوي

يمكن أن يتخذ التعويض صورة تعويض أدبي أو معنوي عن الإضرار الأدبية كنشر الحكم الصادر بإدانة المستحوذ الذي أساء إلى سمعة المنافس أو نشر اعتذار المستحوذ من المنافس في الصحف ، وهذا ما قصده المشرع من عبارة (أن تحكم بأداء أمر معين) من نص المادة (209/2) من القانون المدني العراقي ومن نص المادة (171/2) من القانون المدني المصري .

ثانياً : نطاق التعويض

إنَّ التعويض هو مبلغ من النقود أو أي ترضية من جنس الضرر تعادل ما لحق المتضرر من خسارة وما فاته من كسب كانا نتيجة للفعل الضار ، أي التعويض الذي يحكم به على المستحوذ وفقاً لقواعد المسؤولية التقصيرية هو التعويض الكامل الذي يجبر كل عناصر الضرر فيشمل ما لحق المتضرر من خسارة وما فاته من كسب ، وهذا ما نصت عليه المادة (207) من القانون المدني العراقي بقولها ( 1 – تقدر المحكمة التعويض في جميع الأحوال بقدر ما لحقه المتضرر من ضرر وما فاته من كسب 000)(41) وبهذا فان التعويض وفقاً إلى قواعد المسؤولية التقصيرية يشمل التعويض عن كل الإضرار المادية والأدبية التي لحقت بالمدين فضلاً عن التعويض عن الكسب الذي كان يتوقع حصول المتضرر عليه لولى العمل الغير مشروع الصادر من المستحوذ . ويلاحظ إنَّ التعويض هنا هو أعم واشمل من التعويض في دعوى تكملة الدين الذي يكون فيها التعويض لكل عناصر الضرر مستبعداً حيث يقتصر فقط على الضرر المادي المتمثل بالنقص في موجودات الشركة ، وعليه فإذا كان بإمكان المتضرر تحريك دعوى تكملة الدين ودعوى المسؤولية التقصيرية في آن واحد اتجاه المستحوذ فان الأفضل له أن يقيم دعوى المسؤولية التقصيرية لان نطاق التعويض فيها اعم وأشمل من التعويض في دعوى تكملة الدين وان كان الإثبات أصعب في دعوى المسؤولية التقصيرية .

ثالثاً : وقت تقدير التعويض

الأصل إنَّ وقت تقدير التعويض يكون وقتَ وقوع الضرر لان الغرض من التعويض هو الرد إلى الحالة التي يمكن أن يكون عليها المتضرر قبل وقوع الضرر لو لم يخل المستحوذ بالتزامه القانوني الذي ترتب عليه ضرر للغير ، وهذا إذا لم يتغير الضرر من وقت وقوعه إلى وقت النطق بالحكم (42). إلا أنه من الممكن تصور تغير الضرر من وقت وقوعه إلى وقت صدور الحكم فعندئذ يقدر القاضي التعويض وفقاً للحالة التي يكون عليها المتضرر وقت صدور الحكم وهذا ما استقر عليه الفقه والقضاء (43).أما إذا تعذر على القاضي تقدير التعويض تقديراً نهائياً وقت صدور الحكم جاز له أن يترك للمتضرر الحق في المطالبة بإعادة النظر في تقدير مقدار التعويض خلال مدة معقولة (44). أما إذا كان الضرر لم يتغير وإنما الذي تغير هو السعر النقدي الذي يقدر به التعويض أو الأسعار في السوق بصورة عامة ، فالعبرة بالسعر يوم صدور الحكم سواء أرتفع هذا السعر أم أنخفض ، على إنه إذا كان المتضرر من تصرفات المستحوذ قد أصلح من ماله فيرجع على المستحوذ بما دفعة فعلاً مهما كان تغير السعر وقت صدور الحكم (45).

__________________

1- د- عبد المجيد الحكيم و ود- عبد الباقي البكري ود- محمد طه البشير ، نظرية الالتزام في القانون العراقي ، ج1 ، مصادر الالتزام ، بدون مطبعة ، 1986 ، ص215 .

2- أكرم محمد حسين ، التنظيم القانوني للمهني ، دراسة مقارنة في نطاق الأعمال التجارية ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق جامعة النهرين ، 2008 ، ص143 .

3- د- حسن عكوش ،المسؤولية المدنية ،مكتبة القاهرة ،1957، ص24 .

4- نقلاً عن علي فوزي إبراهيم ، العقود التجارية للطاقة الكهربائية ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة بغداد ، 2004 ، ص153 .

5- راجع في تفصيل ذلك د- عبد المجيد الحكيم وآخرون ،مصدر سابق،ص215 وما بعدها

6- د- عبد الفضيل محمد ، حماية الأقلية من القرارات التعسفية الصادرة عن الجمعية العامة للمساهمين ، دراسة مقارنة ، بحث منشور في مجلة البحوث القانونية والاقتصادية ، العدد الأول ، السنة الأولى ، 1986 ، ص43

7- حيث لم نجد لركن الإدراك والتمييز أهميه في التشريع العراقي الذي أقر بالمسؤولية التقصيرية للصبي الغير مميز معتمدا على ركن الإخلال فقط ، وهذا ما نصت عليه المادة (191) من القانون المدني العراقي ( 1 – إذا أتلف الصبي مميز أو غير مميز أو من في حكمهما مال غيره لزم الضمان من ماله) .

8- د- عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ،الجزء الأول ، مصادر الالتزام ، منشأة المعارف ، السكندرية ،2004 ،ص668 .

9- د-عبد المجيد الحكيم وآخرون ، مصدر سابق ، ص220 .

10- د- – شريف محمد غنام ، مدى مسؤولية الشركة الأم عن ديون شركاتها الوليدة المصرية ( دراسة في بعض جوانب الإفلاس الدولي لمجموعة الشركات متعددة الجنسية ) بحث منشور في مجلة الحقوق ، العدد الأول السنة السابعة والعشرين ، 2003 ،ص 423 .

11- د- مصطفى طه ، القانون التجاري ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 1982 ، ص206 ، و كذلك نواف علي خليف ، مسؤولية الشركة الأم عن ديون شركاتها الوليدة ، دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية القانون جامعة بابل ،2009،ص114 ، Barry Jones ، Christopher Hibbert ، op.cit ، p.171 .

12- نقلاً عن علي فوزي إبراهيم ، العقود التجارية للطاقة الكهربائية ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة بغداد ، 2004، ص159 .

13- د حسن عكوش ،المسؤولية المدنية ،مكتبة القاهرة ،1957،ص254 .

14- د- سامي النصراوي والقاضي قيس سلمان السالم ، ضمان المسؤولية المدنية عن فعل الغير ،دار الطباعة الحديث ، عشار ، البصرة ، بدون سنة .ص22 .

15- نواف علي خليف ، مصدر سابق ، ص115 .

16- أحمد نعمة العادلي ، وسائل دفع المسؤولية المدنية في القانون الخاص ، دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية الحقوق جامعة النهرين ،2008 ،ص82 .

17- د- عبد المجيد الحكيم وآخرون ، مصدر سابق ، ص264 .

18- راجع في ذلك د – عبد المجيد الحكيم وآخرون ،المصدر السابق ، ص266 .

19- المادة (219)من القانون المدني العراقي التي نصت على(يستطيع المخدوم أن يتخلص من المسؤولية إذا ثبت انه بذل ما ينبغي من العناية لمنع وقوع الضرر)

20- عبد المجيد الحكيم وآخرون ، مصدر سابق ،ص266 .

21- د- عبد المجيد الحكيم وآخرون ، المصدر السابق ، ص212 .

22- د – عبد الرزاق السنهوري ، ج1 ، مصدر سابق ،ص717 .

23- المادة (207) من قانون المدني العراقي التي نصت (1- تقدر المحكمة التعويض في جميع الاحوال بقدر ما لحق المتضرر من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية للعمل الغير مشروع )

24- د- السنهوري ، ج1 ، مصدر سابق ، ص714 .

25- د – عبد المجيد الحكيم وآخرون ،مصدر سابق ، ص236 .

26- د – حسن عكوش ،المسؤولية المدنية ،مكتبة القاهرة ،1957،ص 115 .

27- راجع في ذلك د- السنهوري ،ج1 ، مصدر سابق ، ص761 .

28- د- عبد المجيد الحكيم وآخرون ، مصدر سابق ، ص240 .

29- د- أحمد عبد الرزاق السنهوري ، ج1 ، مصدر سابق ،ص771 .

30- د- عبد المجيد الحكيم وآخرون ، مصدر سابق ، ص243 .

31- د – عبد الرزاق السنهوري ، ج1 ، مصدر سابق ، ص784 ،785 .

32- د- عبد المجيد الحكيم وآخرون ، مصدر سابق ، ص 243 .

33- نواف علي خليف ، مصدر سابق ، ص133 .

34- المادة(211) من القانون المدني العراقي التي نصت (أذا ثبت الشخص ان الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كآفة سماوية أو حادث فجائي أو قوة قاهرة أو فعل الغير أو خطأ المتضرر كان غير ملزم بالضمان ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك ) وتقابلها المادة (165)من القانون المدني المصري

35- المادة (232) من القانون المدني العراقي وتقابلها المادة (172) من القانون المدني المصري .

36- د- عبد المجيد الحكيم وآخرون ، مصدر سابق ، ص244 .

37- هذا ما أشار له المشرع العراقي في المادة (209/2) من القانون المدني الذي نص ( 00 يجوز للمحكمة تبعاً للظروف وبناءً على طلب المتضرر أن تأمر بإعادة الحال إلى ما كان عليه 000 ) وتقابلها المادة(171/2) من القانون المدني المصري .

38- د – عبد الرزاق السنهوري ، ج1 ، مصدر سابق ، ص 816 .

39- د – عبد المجيد الحكيم وآخرون ، مصدر سابق، ص245 .

40- المادة (209/1) من القانون المدني العراقي ( تعين المحكمة طريقة التعويض تبعاً للظروف ويصح أن يكون التعويض إقساطاً أو إيراداً مرتباً مدى الحياة ويجوز في هذه الحالة إلزام المدين بان يقدم تأمينات ) وتقابلها المادة (171/1) من القانون المدني المصري .

41- وتقابلها المادة (221) من القانون المدني المصري

42- د – عبد المجيد الحكيم وآخرون ، مصدر سابق ، ص249 .

43- د- السنهوري ، ج1، مصدر سابق ، ص825 .

44- المادة (208) من القانون المدني العراقي حيث نصت(إذا لم يتيسر للمحكمة أن تحدد مقدار التعويض تحديداً كافياً فلها أن تحتفظ للمتضرر بالحق في أن يطالب خلال مدة معقولة بإعادة النظر في التقدير ) وتقابلها المادة (170) من القانون المدني المصري .

45- د- السنهوري ، ج 1 ،مصدر سابق ، ص825 .

المؤلف : ابراهيم اسماعيل ابراهيم الربيعي – نوفل رحمن الجبوري
الكتاب أو المصدر : مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية
الجزء والصفحة : ص33-46

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .