بحث قانوني و دراسة عن الوضع القانوني للمرأة في التشريعات العربية

دراسة حول الظلم القانوني الواقع على المرأة في تشريعات
الدول العربية بشكل خاص والعالم الثالث بشكل عام *
*إعداد الباحث / لؤى ديب

مقدمة :

مما لا شك فيه أن الغور في غياهب قوانين الأحوال الشخصية والقوانين والمواد الدستورية الناظمة للأحوال الإنسانية لهو أكثر صعوبة مما نتصور وذلك لقلة تدول تلك القوانين بين الأيدي بالإضافة إلى تخلف معظم تلك القوانين عن الركب السريع للعالم الجديد حيث لا زالت الكثير من تلك المواد القانونية التي تظلم المرأة تحت لوائها سارية المفعول وخاصة في الدول العربية ودول العالم الثالث وتأبى الكثير من تلك الدول حتى ولو طرحها للنقاش والتعديل.
لا شك أن الشرائع السماوية في مجملها، وكذلك تاريخ الفكر البشري الضارب بجذوره منذ بدء الخليقة، قد جعلت الإنسان هدفا مباشراً لرسالتها، وموضوعا محوريا لخطابها العام؛ وفي ذلك حرصت على إعلاء شأنه وسموه ورفعته كأفضل من خطا على هذه البسيطة.

وإذا كان الخالق قد شاء أن يكون هذا الإنسان اجتماعياً بطبعه ، حيث تطلب ذلك أن يتكون الجنس البشري من نوعين متكاملين متلازمين في الإنسانية هما الرجل والمرأة .
وإذا كان العديد من الدراسات والبحوث قد تناولت المركز القانوني للإنسان بنوعيه وذلك فيما يتصل بما كفلته له المواثيق والإعلانات والمعاهدات الدولية من حقوق وضمانات تحول دون إهدار أدميته ، فإن الدراسات و البحوث التي تناولت أوضاع المرأة تكاد تندر إذا ما قورنت بتلك التي تناولت الرجل, فإذا ما توجهنا تلقاء المرأة يكاد يصدمنا ذلك العدم البحثي الذي نعيشه و تعيشه تلك المرأة خلف تلك الجدران القانونية و ما يرتبط بها من أزمات تتصل اتصالا مباشرا بالمجتمع .
من هنا كانت أهمية تناول أحوال المرأة وفق القوانين والدساتير بالدارسة و البحث ، حتى نقف على أبعاد ما قررته المعاهدات و المواثيق الدولية و القوانين الوطنية من حقوق و ضمانات للمرأة كإنسان مثلها مثل الرجل و ذلك في ضوء الواقع العملي ومن خلال دراسة بعض قوانين الأحوال الشخصية العربية وتسليط ضوء خافت علنا نبصر النور مع غد جديد للإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص لأنها أكثر إنسان مظلوم وخاصة في مجتمعاتنا الشرقية.

** المرأة عبر التاريخ:
مرت المرأة عبر التاريخ بمحطات مختلفة وتنوعت تلك المحطات بالإمبراطوريات والقوى الحاكمة واختلفت تلك المكانة من منطقة إلى أخرى ومن حضارة إلى أخرى وسنعرض هنا قليلاً من تلك المكانة في بعض المجتمعات القديمة بالإضافة إلى مكانة المرأة عند العرب قبل الإسلام.

المرأة عند اليونان : كانت المرأة في المجتمع اليوناني أول عهده محصنة عفيفة , لا تغادر البيت , ولا تسهم في الحياة العامة لا بقليل ولا بكثير ، وكانت محتقرة حتى سموها رجساً ، وكانت مستعبدة تباع وتشترى مسلوبة الإرادة والحرية لا تستطيع التصرف بما تملك حتى زواجها كان موكولاً للرجل , وعندما بدت مظاهر الحضارة اليونانية ابتذلت المرأة وأصبحت سلعة خاصة بالرجال في الأندية والمجتمعات فأصبح الظلم الواقع عليها آنذاك مضاعفاً.

أما المرأة عند الرومان فقد كان رب الأسرة هو المسيطر على الأبناء ذكوراً وإناثاً فكل ما يملكه الأبناء هو ملك للأب، والبنت ليس لها حق التصرف فيما تملك, وهي ليست مؤهلة للتصرف في أي شيء. وعندما فكروا بتعديل القانون قرروا إعطاء البنت حق ملكية ما تكسبه بسبب عملها، وكذلك أعطوها حق بيع نفسها لمن تريد بعد وفاة وليها وكان عندهم في عقد الزواج صك اسمه حق سيادة الرجل عليها, وتوقع عليه المرأة ويسمى ” اتفاق السيادة “.

أما المرأة عند الهنود : لم يكن للمرأة في شريعة “مانو” حق في الاستقلال عن أبيها أو أخيها أو زوجها ، ولم يكن لها حق الحياة بعد وفاة زوجها ، بل يجب أن تموت يوم موته وأن تحرق معه وهي حية على موقد واحد ، وكانت تقدم قرباناً للآلهة لترضى ، ولكثرة احتقارهم لها فقد جاء في شرائعهم ( ليس الصبر المقدر والريح والموت والجحيم والسم والأفاعي والنار أسوأ من المرأة ) .
أما المرأة عند قدامى اليهود: هي في مرتبة الخادم محرومة من الميراث، وإذا ملكته لعدم وجود إخوة لها يحرم عليها الزواج من عائلة غريبة. وهي عندهم لعنة لأنها أغوت آدم فأخرجته من الجنة ، وكانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يشاربوها وهجروها ، فقد جاء عندهم في التوراة 🙁 المرأة أمرّ من الموت ، إن الصالح أمام الله من ينجو منها ، رجلاً واحداً بين هؤلاء وجدت أما امرأة واحدة بين كل أولئك لم أجد( .

أما عند حكم الكنيسة : لقد هال رجال الحكم الكنسي ذات التعصب الأعمى ما آل إليه المجتمع الروماني من انحلال أخلاقي شنيع ، فاعتبروا المرأة مسئولة عن هذا كله ، فقرروا أن الزواج دنس يجب الابتعاد عنه ، وأعلنوا أنها باب الشيطان وهي سلاح إبليس للفتنة والإغراء . فهي كما يقول القديس تروتوليان :(( إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان ناقضة لنواميس الله مشوهة لصورة الله – الرجل ).
وقد عقد مؤتمر في فرنسا عام 586 للميلاد كان موضوعه الجواب عن السؤال التالي: هل تعد المرأة إنساناً أم غير إنسان ؟ وأخيراً قرروا أنها خلقت لخدمة الرجل فحسب، وهي قاصر لا يحق لها أن تتصرف بأموالها دون إذن زوجها أو وليها. وقد كان القانون الإنجليزي يبيح للرجل أن يبيع زوجته. ولما قامت الثورة الفرنسية وأعلنت تحرير الإنسان من العبودية والمهانة لم تشمل المرأة بحنوها، ونص القانون الفرنسي على أنها ليست أهلاً للتعاقد دون رضي وليها إن كانت غير متزوجة .
أما المرأة عند العرب قبل الإسلام : كانت المرأة مهضومة الحقوق لا ميراث لها ، وليس لها أي حق على زوجها ، فهو يطلقها متى يشاء ويتزوج من غيرها بلا حدود ، وكان العرب في الجاهلية يتشاءمون من ولادة الأنثى حتى وصل الأمر بهم إلى وأد البنات وهن أحياء خشية الفقر والعار.

مكانة المرأة في الإسلام: بقيت المرأة مستضعفة مهـضـومة الـحقوق , مسلوبة الإرادة حتى جاء الإسلام ووضع الميزان الحق في إقراره لكرامة المرأة وإنسانيتها وأهليتها لأداء رسالة سامية في المجتمع , و أعطاها مكانة عالية لتجد ممن حولها التقدير والاحترام اللائق بها كأم مربية للأجيال , وزوجة لها حقوق وعليها واجبات , وشابة يصان عرضها من عبث العابثين وأصحاب الشهوات .
فأعطاها الإسلام الكثير من الحقوق مثلاً:1- حق الحياة . 2- حق الملكية والتصرف بأموالها فلها أن تبيع وتشتري وتتصدق من أموالها كما تشاء ، فهي كاملة الأهلية . وإذا كانت عاملة فهي تستطيع أن تتصرف بمالها وتنفق منه بالطريقة التي تريد وفق الأحكام الشرعية.3- حق الموافقة على الخاطب أو رفضه. 4-حق العلم والتعلم.5- حق مفارقة الزوج .6- حق المشاركة السياسية . إلى أخره من الحقوق ويعتبر الدين الإسلامي أكثر الأديان أعطى المرأة حقوقاً ولكن لا ينفي ذلك ما تعرضت له المرأة من ظلم ادعى أصحابه أنه من واقع الدين الإسلامي وهو في حقيقة الأمر ليس إلا بدع وتواصل لتقاليد عربية كانت متأصلة ما قبل الإسلام وقد بدأ هذا الظلم بالتجسد والتطور عملياً وتدريجياً منذ نهايات الدولة الأموية وصولا إلى ما نعيشه اليوم من تشريعات أو أعراف يتعامل معها أصحابها على أنها أشد من القوانين لعدم الدخول في أي سجال قد يظهر حقيقة الأمر والحقوق التي منحها الإسلام للمرأة .

حقوق المرأة في تشريعات الأمم المتحدة

صدر ميثاق الأمم المتحدة في 26/6/1945 بسان فرانسيسكو لحفظ السلم والأمن الدوليين ولمنع قيام حروب عالمية أخرى. فأصبح لهيئة الأمم المتحدة شخصية اعتبارية مستقلة تمتعت باعتراف دول العالم. وتوزعت الوكالات والمنظمات التابعة لها في الكرة الأرضية وحظيت بتسهيلات خاصة على أراضي الدول.. وصدر استنادا عليه الكثير من التشريعات والإعلانات العالمية التي تهتم بحقوق الإنسان وإنماء العلاقات الدولية الودية. وإن كان هناك بعض الملاحظات إلا أنه يبقى صرخة إنسانية باتجاه السلم العالمي وحقوق الإنسان بشكل عام دون تمييز بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة أو الدين أو الموطن أو الثروة. واعتبر أن حصول المرأة على حقوقها من أساسيات استقرار المجتمعات الذي له دور إيجابي في استقرار السلم والأمن العالمي من حيث النتيجة. فأكد على تساوي المرأة مع الرجل لجهة الحقوق باعتبار أن المرأة إنسان كامل لها كافة حقوق الإنسان فجاء في مذكرته الإيضاحية (.. وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق المتساوية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيره من حقوق متساوية ) وتبع ذلك صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 والذي اعتبر أن حصول الإنسان على حقوقه ضرورة للاستقرار والأمن العالمي وجاء في ديباجته (.. لما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة… وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية.. ) ونصت المادة /16/ منه (( 1- للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق تأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله -2- لا يبرم عقد الزواج إلا برضي الطرفين الراغبين في الزواج رضي كاملا لا إكراه فيه -3- الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة. )). وكما أكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على حقوق الإنسان دون تمييز بين الرجل والمرأة أو أي تمييز آخر على اعتبار أن الكرامة أصيلة في الإنسان.

فلا بد من أن يطمأن كل إنسان على حقوقه كي يعم العدل والسلام. والمجتمع الذي يمارس العنف ضد المرأة فهو بشكل أو بآخر مجتمعا عنيفا يهدر حقوق كل أفراده. فالإنسان محور هذه الحقوق وصاحبها رجلا كان أو امرأة وأصبح من الظلم تصنيف فئة من المجتمع على أن إنسانيتها ناقصة ولا تتسع لحقوق الإنسان بحجج عفي عنها الزمن وأصبحت غير مقبولة ومؤشرا خطيرا على انحطاط المجتمع سيما إذا كان الأمر يتعلق بنصف المجتمع من جهة أولى ومن جهة ثانية إذا كان هذا النصف هو المرأة التي هي أم وأخت وزوجة وحبيبة ورفيقة وملهمة وشريكة وحلم… ومن جهة ثالثة وهي الأهم أن المرأة ضعيفة جسديا ومشاعرها مرهفة ولا تميل إلى العنف بل مسالمة وكل همها أن تنشئ الرجل (ابنها ) وعندما يقوى ساعده يجد رجولته بمواجهة حقيقية ومباشرة مع حقوقها ومن جهة رابعة ليست هذه الفئة نصف المجتمع فقط بل إنها التي تنتج النصف الآخر..فالمشكلة تكمن بحالة المجتمع الحضارية فكلما كان هناك مدنية وحضارة ازداد احترام الحقوق ووضحت المراكز القانونية للمرأة والرجل وتساويا فيها. فمن الأنسب تحرير الرجل من المفاهيم المتخلفة عن المرأة لينزل الأنثى من إيقونتها المصلوبة في ذهنه إلى حقيقة إنسانيتها وشراكتها التامة له في المجتمع. وتطور المجتمع يحل هذا الإشكال عموما.
فأصدرت الأمم المتحدة عددا لا بأس به من الاتفاقات والبروتوكولات والإعلانات لمعالجة حقوق المرأة، وسنعرض بشكل موجز بعض هذه التشريعات حسب تاريخ صدورها:

أولاً: اتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة ( اعتمدت وعرضت للتوقيع والانضمام بموجب بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 64.(د-7) تاريخ 20/12/1952 تاريخ بدء النفاذ 7/8/1954.والتي جاءت ب/11/ مادة ومقدمة تقول ( إن الأطراف المتعاقدة رغبة منها في إعمال مبدأ تساوي الرجال والنساء في الحقوق الواردة في ميثاق الأمم المتحدة. واعترافا منها بأن لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشئون العامة لبلده…ورغبة منها في جعل الرجال والنساء يتساوون في التمتع بالحقوق السياسية وفي ممارستها طبقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ) ونصت هذه المعاهدة على حق النساء في التصويت في جميع الانتخابات مادة /1/ وأن لهن الأهلية في أن ينتخبن /الترشيح / مادة/2/ ولهن أهلية تقليد الناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامة المنشأة بمقتضى التشريع الوطني مادة /3/ وكل ذلك مشروط بالتساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز.
أما بقية مواد المعاهدة تتعلق بالتوقيع وفتح باب الانضمام إلى هذه المعاهدة وتاريخ النفاذ والإيداع والانسحاب والتحفظ على بعض المواد والاعتراض على هذا التحفظ وتفسير الاتفاقية.
ثانياً: إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة. اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2263 (د-22) تاريخ 7/11/ 1967.
وأيضا يتألف من /11/ مادة ومقدمة وما يميز هذا الإعلان أنه شدد على القضاء على التمييز ضد المرأة، وجاء فيه إن الشعوب تؤكد على إيمانها بالحقوق الأساسية وبكرامة الشخص الإنساني وتساوي الرجل والمرأة في الحقوق وأن البشر جميعا يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق كما يرى هذا الإعلان أن التمييز ضد المرأة يتنافى مع كرامة الإنسان وخير الأسرة والمجتمع وأكد على أن إسهام المرأة لابد منه للتنمية الكاملة لكل بلد في جميع الميادين ولخير العالم ولقضية السلام.
وأن التمييز ضد المرأة بإنكاره حقوقها أو تقييد تساويها في الحقوق مع الرجل يمثل إجحافا أساسيا ويكون إهانة للكرامة الإنسانية، مادة /1/ وأكد على إلغاء القوانين والأعراف والأنظمة والممارسات القائمة التي تميز ضد المرأة مادة /2/ وعلى ضرورة اتخاذ كافة التدابير المناسبة لتوعية الرأي العام لإلغاء الممارسات التي تقوم على نقص المرأة مادة /3/ مؤكدا في باقي مواده على ضرورة كفالة هذه الحقوق في الدساتير والقوانين الوطنية.
ونصت المادة /11/

(1- يتوجب وضع مبدأ تساوي حقوق الرجل والمرأة موضع التنفيذ في جميع الدول وفقا لمبادئ ميثاق الأمم والإعلان العالمي لحقوق الإنسان

2- وتحقيقا لذلك تحث الحكومات والمنظمات غير الحكومية والأفراد على بذل أقصى الوسع للعمل على تنفيذ المبادئ الواردة في هذا الإعلان)

ثالثاً: إعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة. أعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3318 (د- 29) تاريخ 14/12/1974 وضم عدد من التوصيات والإدانات للأعمال العدوان على النساء والأطفال بسبب قلة مناعتهم وضرورة حمايتهم وجاء فيه أن الجمعية العامة إذ يساورها القلق الشديد لاستمرار قوى الاستعمار والعنصرية والسيطرة الخارجية والأجنبية رغم الإدانة العامة القاطعة في إخضاع كثير من الشعوب لنيرها وقمعها لحركات التحرر القومي بوحشية وفي إلحاق الخسائر الكبيرة والآلام التي لا تحصى بالسكان الخاضعين لسيطرتها وخصوصا النساء والأطفال وإذ تشير إلى الأحكام المتصلة بالموضوع في صكوك القانون الإنساني الدولي المتعلقة بحماية النساء والأطفال في أيام الحرب والسلم، واعتبر هذا الإعلان أن أعمال القمع والمعاملة القاسية واللا إنسانية للنساء والأطفال أعمالا إجرامية، أي يمكن محاكمتهم أمام محكمة الجنايات الدولية ( نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ) .
رابعاً: اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة 34/18. تاريخ 18/12/1979 تاريخ بدء النفاذ 3/ أيلول / 1981. و تنوه هذه المعاهدة بأنه لا بد من استئصال شأفة الفصل العنصري وجميع أشكال العنصرية والتمييز العنصري والاستعمار والاستعمار الجديد والعدوان والاحتلال الأجنبي والسيطرة الأجنبية والتدخل في الشئون الداخلية للدول إذا أريد للرجال والنساء أن يتمتعوا بحقوقهم تمتعا كاملا واحترام السيادة الوطنية والسلامة الإقليمية وإذ تضع نصب عينيها دور المرأة العظيم في رفاه الأسرة وتنمية المجتمع قررت اتخاذ التدابير التي يتطلبها القضاء على هذا التمييز بجميع أشكاله وجاءت هذه الاتفاقية على مدى /3./مادة في ستة أجزاء تؤكد على المساواة الكاملة وحماية هذه الحقوق في الدساتير والقوانين وتذهب إلى اعتبار التمييز ضد المرأة جريمة قانونية، ونصت المادة /18/ بأن تتعهد الدولة الطرف بأن تقدم للأمين العام تقريرا عما اتخذته من تدابير تشريعية وقضائية وإدارية من أجل إنفاذ هذه الاتفاقية وعن التقدم المحرز في هذا الصدد.

خامساً: البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، اعتمد وعرض على التوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة الدورة الرابعة والخمسين بتاريخ 9/1. /1999تاريخ بدء النفاذ 22/12/2000 . وهذا البروتوكول اختياري أي يحق للدولة الانضمام إليه أم لا وهذا مرهون بمدى تطور المؤسسة الاجتماعية لديها. وهذا يؤكد على كافة الحقوق الأساسية للمرأة ومساواتها بالرجل وجاء ب/21/ مادة والذي شكل في المادة /1/ منه لجنة خاصة بالقضاء على التمييز ضد المرأة وهذه اللجنة تتلقى التبليغات الخطية من الأفراد الذين يزعمون أنهم ضحايا لانتهاك أي من حقوقهم… وجاءت المادة /10/ منه لتقول بأنه يحق للدولة عند التوقيع أو الانضمام أو المصادقة على البروتوكول أن لا تعترف بهذه اللجنة. و المادة /17/ لا تسمح بإبداء أي تحفظات على هذا البروتوكول كما أن المادة /19/ أعطت الحق لأي دولة أن تبدي رغبتها في نبذ هذا البروتوكول.
وهناك إعلان عالمي شديد اللهجة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة ( 1993 ) سواء في الأسرة أو المجتمع.
والمهم أن هذه المعاهدات والإعلانات لا يمكن تنفيذها إلا عن طريق حكومات الدول الأطراف بالنص عليها في تشريعاتها الداخلية والتأكيد على تطبيقها. كما أن الدولة الطرف عليها تقديم تقارير مفصلة عن تطور هذه التشريعات والمعوقات الناشئة عن ذلك إلى هيئة الأمم المتحدة والحقيقة أن مصدر حقوق المرأة هو كونها إنسان وليس هناك مبرر لأن يسلبها أحد هذا الحق اللصيق بإنسانيتها وبوصول الحق إلى أصحابه رجلا وامرأة تصبح الحياة أسهل وأجمل. وليس هناك أجمل وأرق وأروع من المشاعر الإنسانية فكيف إذا كان هذا الإنسان امرأة. فهي تنتج الطفل ويتوقف عليها مستقبل المجتمع. والحضارة هي في احترام حقوق الآخر وعدم التمييز بين الناس تحت أي مسمى ولأي سبب.

المرأة العربية في ظل إسرائيل وقوانينها

تمارس إسرائيل ومنذ إعلانها عام 1948م، سياسة عنصرية ضد الأقلية العربية في إسرائيل. وهذا بالطبع منافي للديمقراطية التي تدعي إسرائيل انتهاجها، فهي تعتبر نفسها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمارس الديمقراطية وتعتبرها نهج حياتها.
وهذا غير دقيق إطلاقا خاصة وان معاملتها لبعض فئات سكانها تمتاز غالباً بالعنصرية، والعرب في إسرائيل هم جزء من هذه الفئات، فمع نشوب حرب 1948 طرد الكثير من الفلسطينيين والفلسطينيات من أراضيهم وديارهم ولم يبقى في الأراضي الفلسطينية إلا (150) ألف عربي من مجموع ما يقارب المليون، كانوا يعيشون في أراضيهم التي أحتلها اليهود في تلك العام. وبهذه الحرب فقد تحطم الوجود العربي الفلسطيني خاصة في المدن، ومن هذا نستنتج أن العرب الذين بقوا داخل أراضيهم هم من سكان القرى، حيث كانت حياة هؤلاء السكان تمتاز بضعف الروابط الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وحتى السياسية، وذلك لأنهم ومنذ 1948 وحتى عام 1966 كانوا تحت نظام الحكم العسكري، الذي نجح في عزل الأقلية العربية عن أي نشاط اقتصادي، اجتماعي، سياسي…الخ، ولكن على الرغم من هذه الفترة القاسية، وعلى الرغم من النجاح في عزلهم إلا أنها لم تنجح في دفع العرب إلى ترك أراضيهم واللجوء للدول العربية المجاورة أسوة بسابقيهم، بل العكس ازداد العرب تشبثا بأرضهم وبدأوا بعد العام 1967 بالعمل على خلق هوية مستقلة لهم مما أدى بالحكومة الإسرائيلية آنذاك إعطائهم بعض الاهتمام خوفا من أن يتم تطورهم بمعزل عن المصلحة الإسرائيلية.
وبهذا بدأ العرب بأخذ بعض حقوقهم التي لم تصل إلى حد المساواة مع اليهود حتى الآن، وفي منتصف السبعينات بدأ العرب بالمطالبة بحقوقهم، وتجلى ذلك بوضوح من خلال احتجاجاتهم، كما حدث في مظاهرات 30/3/1976، والتي أصبحت تعرف فيما بعد بيوم “الأرض”، ولكن وعلى الرغم من هذه الاحتجاجات إلا أن حقوقهم بقيت منقوصة حتى يومنا هذا، وبالطبع المرأة العربية في إسرائيل عانت كما عانى الرجال من هذه السياسات العنصرية والتي امتدت منذ نشوء إسرائيل وحتى وقتنا الحاضر، ويتضح هذا من خلال التقارير التي صدرت عن المنظمات غير الحكومية في إسرائيل وغيرها من مراكز الأبحاث، والتي تدور حول تطبيق إسرائيل لميثاق الأمم المتحدة والمتعلقة بإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة على الرغم من مصادقة إسرائيل عليها (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1991). حيث إن هذه الاتفاقية تنص على أعطاء المرأة حقوقها كاملة أسوة بالرجل، وعدم التمييز بينها وبين الرجل في أي مجال، وذلك لأن وجود مثل هذا التمييز يعتبر بحد ذاته انتهاكا لمبدأي المساواة وكرامة الإنسان، ولكن في إسرائيل الوضع يختلف كثيرا عن الدول الأخرى، ويظهر هذا الاختلاف بوجود هوة كبيرة بين وضعية النساء اليهوديات وبين النساء الفلسطينيات في إسرائيل في كافة المجالات، ولعل السبب الرئيسي في ذلك يكمن في عدم وجود قانون، دستور ينص بشكل واضح على حقوق المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، وبالطبع هذا الشيء يحول دون إعطاء المرأة العربية حقوقها أسوة بالمرأة اليهودية.
فعلى الرغم من أن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل يشكلون نحو 20% من سكان الدولة، إلا أنهم لا يشكلون إلا 5.5% فقط من القوى العاملة في خدمات الدولة حسب إحصائيات العام 2003. هذا وقد هبطت نسبة النساء الفلسطينيات العاملات في خدمات الدولة من 2% إلى 1.7% في العام 2004، ووصلت نسبتهن في العام 2005 كأعضاء في مجالس الإدارة في الشركات الحكومية إلى 1.3% فقط. ويتضح من هذا أن مشاركة المرأة العربية بالقوى العاملة في إسرائيل قليلة مقارنة بالمرأة اليهودية، وذلك حسب الإحصائيات الرسمية، وبالتالي فأن هذا يعني وجود فوارق عميقة بين النساء اليهوديات والنساء العربيات في شتى المجالات.

فمثلاً تزيد نسبة النساء العربيات العاملات في مجال التعليم عن النساء اليهوديات 38%للنساء العربيات مقابل 19% لليهوديات) ولكن هذا على العكس من مجال الخدمات المالية والتجارية، والتي تبلغ 7% للعربيات مقابل 17% لليهوديات. والسبب في ذلك يعود إلى أن النساء العربيات في إسرائيل يواجهن تحديا كبيرا ينجم عن كونهن أقلية في إسرائيل هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هو كونهن نساء في المجتمع العربي التقليدي. وبالطبع هذا الشيء مكن أصحاب العمل في إسرائيل من التمييز في الاختيار، ليس هذا فحسب، بل فرضوا على العاملات أجور قليلة وشروط سيئة دون مستوى المعايير التي حددتها الدولة في القانون الخاص بالعمل و حقوق الإنسان.

ولعل التمييز بين النساء العربيات والنساء اليهوديات في مجال العمل يظهر بوضوح من خلال عملهن في مجال الخدمات الحكومية، حيث تبلغ نسبتهن في هذا المجال 97.3%، تعمل 82% منهن في وزارة الصحة، هذا ولا تعمل أي أمراة عربية في الوزارات التالية: العلوم، الخارجية، الأمن الداخلي، الموصلات، البني التحتية، البناء والإسكان، السياحة والإعلام. فقط تعمل موظفة عربية واحدة في كل من وزارة الأديان ووزارة جودة البيئة، وهنالك عربيتان فقط تعملن في وزارة الصناعة والتجارة.
وأما بالنسبة لعمل النساء في الجهاز القضائي، فأن إحصائيات العام 2003 تشير إلى أن نسبة العاملات في هذا المجال وصلت إلى 40.9%، بينهن 198 امرأة يهودية (80.2%)، وست نساء عربيات فقط (2.4%). وأما في المجال التعليمي في إسرائيل، فأننا نرى أن هنالك فارق كبير بين تعليم النساء العربيات ونظيراتهن اليهوديات. فمثلاً تبلغ نسبة الأمية بين النساء العربيات 14.7%، في حين لا تتجاوز 4.5% بين النساء اليهوديات حسب إحصائيات العام 2003. وأما التعليم الجامعي، فأننا نلاحظ أن نسبتهن أقل مما هو عليه لدى مجموعات السكان الأخرى، فمثلاً 7.1% من العربيات تلقين 16 سنة من الدراسة أو أكثر، أما اليهوديات اللواتي تلقين نفس الفترة من الدراسة فتبلغ نسبتهن 19%.

وأما في المجال الصحي، فنرى أن نسبة متوسط أعمار النساء العربيات يقل بأربع سنوات عن النساء اليهوديات، وبالطبع هذا نتيجة عدم حصولهن على الفحوص التشخيصية الملائمة المتعلقة بقضايا الصحة النسائية والتي هي أقل من نظيراتهن اليهوديات، فقد أظهر استطلاع للرأي أجري من قبل الاتحاد الأوروبي وبمساعدة وزارة الصحة الإسرائيلية، أن 31% من النساء العربيات الفلسطينيات في إسرائيل اجرين فحصا للكشف عن سرطان الثدي مرة واحدة على الأقل مقارنة بـ 49.5% من النساء اليهوديات. هذا عدا عن التقصيرات الصحية في القرى غير المعترف بها من قبل الحكومة حتى العام 2003، والتي تم فيها افتتاح 6 عيادات للأم والطفل في كل واحدة فيها طبيب وممرضة، وذلك بعد الدعوى القضائية المرفوعة من قبل هذه القرى لمحكمة العدل العليا في إسرائيل.

وأخيراً نستطيع القول ومن خلال هذه الإحصائيات بأن إسرائيل تمييز بين مواطنيها على أساس القومية، وعليه فأنها تمييز بين المرأة العربية والمرأة اليهودية، وذلك لأن علاقتها بالمواطنين العرب لديها هي علاقة إحتلالية، خاصةً وأنها ترى أن مشاعرهم وأحاسيسهم تختلف كثيراً عن مشاعر وأحاسيس اليهود. لذا فأن قطاعات كبيرة في إسرائيل تدعو إلى عدم تطوير أوضاعهم، وقد أيد هذا موشيه آرنس “أحد أقطاب الليكود ووزير الدفاع السابق” حين أكد أن اندماج العرب في إسرائيل يعني أن عليهم الشعور بالانتماء للدولة ولطابعها اليهودي، وكذلك الشعور بأهمية التجربة اليهودية زمن الاضطهاد النازي. “البلاغ”
* جميع الإحصائيات أعلاه مأخوذة من مصادر البحث الخاصية بجريدة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية .

نماذج من الظلم القانوني للمرأة العربية

على الرغم من أن الدستور السوري حمى الحياة الزوجية وتكفل بإتاحة جميع الفرص للمرأة وذلك وفق المادة /44/ من الدستور ونصها:1-الأسرة هي خلية المجتمع الأساسية وتحميها الدولة.2- تحمي الدولة الزواج وتشجع عليه وتعمل على إزالة العقبات المادية والاجتماعية التي تعوقه وتحمي الأمومة والطفولة وترعى النشء والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم.

أما المادة /45/ : تكفل الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع العربي الاشتراكي.
إلا أنه تتساءل المرأة السورية عن الأسباب الوجيهة لمنع أبنائها من حمل جنسيتها وانطلقت في سورية حملة نسائية من أجل تعديل قانون الجنسية السورية بما يسمح للمرأة السورية منح جنسيتها لأبنائها حتى لو كان أبوهم غير سوري.

وقد نشرت ناشطات سوريات عريضة في مختلف المحافظات السورية، طالبة من النساء والرجال على السواء بالتوقيع عليها، دعماً لحق المرأة السورية في أن يحمل أبناؤها جنسيتها بغض النظر عن جنسية الأب. ويتطلب هذا تعديل قانون الجنسية السورية الذي يعطي الرجل فقط حق منح الجنسية لأبنائه، حتى لو كانت زوجته غير سورية. أما النساء السوريات المتزوجات من رجال غير سوريين، فإن القانون السوري يعتبر أبناءهن ملحقين بآبائهم ويحملون جنسيتهم، وبالتالي يُعامَلون في سورية معاملة العرب غير السوريين أو الأجانب، من حيث أحكام الإقامة وغيرها.

وأصدرت “اللجنة الوطنية لرابطة النساء السوريات” (أهلية) بياناً وُزع على وسائل الإعلام، جاء فيه طلب “النساء السوريات مساواتهن بالرجال لحصول أولادهن على الجنسية السورية أسوة بالرجال”.
ودعت الرابطة “أبناء وبنات سورية” إلى المشاركة في حملة التواقيع التي بدأتها نهاية العام الماضي،وطالبت خاصة النساء السوريات المتزوجات من غير السوريين بالمساهمة في حملة التواقيع.

و حصلت على تواقيع 35 نائباً في مجلس الشعب (البرلمان) السوري اقترحوا وقدموا مذكرة في جلسة لمجلس الشعب تطالب بتعديل قانون الجنسية السورية. إلا أنه ليس هناك في الأفق ما يشير إلى احتمال تعديل قانون الجنسية السوري.
وينص الدستور السوري على مساواة الرجل بالمرأة، والمساواة بين كل المواطنين نساء ورجالاً، كما صادقت سورية على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإلغاء كل أشكال التمييز في عام 1977 بمرسوم سنة 2002. وتتحفظ سورية عند توقيعها المعاهدات الدولية على أجزاء من هذه المعاهدات تخالف أحكام الشريعة الإسلامية، على الرغم من أن الدستور السوري واللبناني هما الدستوران الوحيدان في العالم العربي اللذان لا ينصان على أن الدستور والقانون يستمد تشريعاته من الشريعة الإسلامية وهذا تناقض واضح بين المواقف المعلنة وما يجرى على أرض الواقع .

وتطالب الحركة النسائية السورية بتعديل القوانين التي تميز الرجل عن المرأة في البلاد. وتدعى الحكومة السورية أن هذه المطالب تثير حفيظة العلماء المسلمين حين تتعلق بقضايا نصت عليها أحكام الشريعة الإسلامية.
إلا أن قانونيين سوريين أكدوا أن القانون السوري ينطوي على بعض التمييز ضد المرأة في قضايا لا تتعلق بالأحكام الشرعية، ومنها قانون الجنسية السوري “الذي لا يُعرَف أصل شرعي لتمييز الرجل عن المرأة فيه”، وأكد أحد المحامين أن تعديل هذا القانون بالذات لا يصطدم بالشريعة، بل يكرس العدل الذي دعا إليه الإسلام. بل وحث العلماء المسلمين في سورية على دعم الحملة المطالِبة بتعديل قانون الجنسية في البلاد. وأشار المحامين إلى “مفارقة أن المرأة السورية لو كانت تحمل جنسية أجنبية، فإنها تملك غالباً نقل جنسيتها الأجنبية إلى أبنائها”. وأكد المحامي أنور البني الناشط في حقوق الإنسان تأكيده أن “التمييز بين الرجل والمرأة حول منح الجنسية للأبناء واضح في القانون السوري”.

يذكر أنه هناك حالات شاذة في هذه النقطة حيث لا تمنح الجنسية السورية لأبناء المواطنات السوريات اللائي يتزوجن من أكراد سوريين معروفون بتسمية ( أجانب أو مكتومين ) بل تكتب في إخراج القيد أو الثبوتيات الأخرى وتحديداً في خانة الأم بأنها عازية رغم أنها متزوجة ولها أبناء.

أما وضع المرأة العراقية فقد تدهور بصورة خطيرة وخاصة بعد ثورة تموز 1968 وما يزال يتدهور بصورة تنذر بالخطر وبخاصة بعد العدوان على دولة الكويت واشتعال الحرب الثانية في الخليج عام 1991. وانهيار نظام صدام حسين وممارسات الحكومة المؤقتة والانتهاكات الأمريكية الخطيرة في السجون ضد المرأة وتكرار حوادث الاغتصاب واستخدام المرأة كوسيلة ضغط لانتزاع اعترافات من الرجال بإحضارهن إلى ساحات التحقيق وكذلك التصرفات العشوائية للجماعات المسلحة في العراق وقد تأشر ذلك التدهور والانتهاكات لحقوق المرأة من خلال المئات من الأدلة ومنها ما وثقته منظمة العفو الدولية والمنظمات غير الحكومية المحايدة.وهذه الانتهاكات مخالفة صريحة للدستور والقوانين والالتزامات الدولية يتحمل المسؤولية فيها جميع الأطراف التي تناوبت على تطبيق القانون في العراق .

ففي الدستور العراقي المؤقت لعام 1970 ورد في المادة 11 على أن الأسرة نواة المجتمع وتكفل الدولة حمايتها ودعمها وترعى الأمومة والطفولة (7 ),كما نصت المادة 19 على ما يلي: ( أ- المواطنون سواسية أمام القانون , دون تفريق بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الدين . ب – تكافؤ الفرص لجميع المواطنين مضمون في حدود القانون ).كما تأكدت هذه المبادئ في دستور عام 1990 الذي حذفت منه عبارة مؤقت. غير أن هذه النصوص وغيرها من نصوص الدستور العراقي ذات الصلة ليست إلا حبرا على ورق , لا بل جرى مخالفتها وخرقها بصورة خطيرة من الناحتين التشريعية والواقعية حيث لم تتحقق أية مساواة بين الجنسين في المجتمع واستمرت سياسة العنف والاضطهاد ضد المرأة العراقية بصورة منتظمة تستدعي تدخل المنظمة الدولية لوقف هذه الانتهاكات التي فاقت في بعض جوانبها القاسية سياسة حكومة طالبان الأفغانية البدائية في إلغاء حقوق المرأة كبشر له حقوق إنسانية كما سنبين ذلك.هذا فضلا عن عدم وجود التناسق والتوافق بين نصوص الدستور والتشريعات النافذة .

ولهذا سوف أعرض إلى جانب من بعض هذه التشريعات التي تكشف عن إهدار حقوق المرأة العراقية فمثلا في عهد صدام : منع المرأة من السفر ( مخالفة دستورية وقانونية ) وحقوق المرأة المهدرة في القانون المدني العراقي احترام حقوق المرأة والرجل في الولاية والوصاية. وهناك نصوص أخرى مهمة تحتاج للتعديل أو الحذف لكي تنسجم مع الدستور ومع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, وحقوق المرأة المهدرة في قانون الأحوال الشخصية العراقي ,وحقوق المرأة المهدرة في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنه 1969 وردت العديد من النصوص القانونية في قانون العقوبات العراقي التي تكشف عن انتهاكات خطيرة لحقوق المرأة هذا إلى جانب عشرات القرارات التي أصدرها صدام والحكومة المؤقتة والحاكم العسكري والتي اعتبرت بمثابة قوانين والمخالفة بأغلبها للدستور وللالتزامات الدولية ولعل أهم هذه الانتهاكات هي:

1/عقوبة الإعدام للمرأة في قانون العقوبات وخارج نطاق القضاء حيث تجري عملية الإعدام للمرأة حسب قانون العقوبات العراقي نظرا لطبيعة الموقف والحالة .كما جرت عمليات الإعدام بصورة خطيرة بدون محاكمة و كانت تنفذ من قبل أشخاص غير معروفين بوسيلة السيف حيث يقطع الرأس والجسد بكل وحشية وهي جريمة خطيرة ضد حقوق الإنسان ارتكبت من قبل مجموعات عشوائية ورجال يمثلون السلطة هناك .
و لا يجوز القيام بهذه الأعمال الهمجية مهما كانت الذرائع .هذا إلى جانب عمليات القتل والاغتصاب والتعذيب المستمرة ضد المرأة في السجون الأمر الذي حذا بالعديد من المنظمات الدولية للمطالبة بإرسال فرق للتفتيش لفحص واقع حقوق الإنسان في العراق وتقديم الفاعلين إلى القضاء الوطني أو الدولي.

2/جريمة الزنا والقتل بدافع الشرف وتفاوت الحماية القانونية بين الرجل والمرأة .لا توجد إحصائية دقيقة عن الوضع في العراق والبلدان الأخرى إلا أن هذه الجريمة انتشرت حتى إلى المهجر فقد حصلت جرائم متعددة في السويد وفي بلدان أخرى غيرها بدافع غسل العار العائلي مما يزيد من خطورة هذه الجريمة.

3/ النصوص المتعلقة بتأديب الزوجة فقد جاء في المادة/ 41/ من قانون العقوبات العراقي ما يلي :لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالا للحق 1- تأديب الزوج زوجته ….) على أساس أن التأديب من الزوج للزوجة هو استعمال لحق مقرر قانونا للزوج فقط دون الزوجة وله أن يضربها كجزء من التأديب ويهجرها كذلك وهو ما يتنافى وحقوق الإنسان والآدمية والقيم الإنسانية.فالضرب هو سوء معاملة ولا يجوز اللجوء إلى هذه الوسيلة من أي طرف ولأي سبب كان وهو يعد جريمة يستحق الفاعل العقاب إذا ثبت ارتكابها.
وأصدر صدام قانوناً في نوفمبر 2001 في إيقاع عقوبة الإعدام ضد المرأة المشتبه في سلوكها وضد من تدير محلا للدعارة أو من تسهل ذلك, و تعذيب النساء وإساءة معاملتهن خلال فترة الاعتقال السابق للمحاكمة وعادة كان يتم إيداع النساء في سجون الأجهزة الأمنية بمعزل عن العالم الخارجي ويرغمن على الاعتراف من خلال استخدام التعذيب والعنف وسوء المعاملة أو القتل خارج إطار المحاكمة إذا كانت التهمة سياسية . أما الأشخاص الذين يقومون بالاستجواب للنساء فهم غالبا كانوا من الرجال ممن لا يحملون شهادة العلم بالقانون وهو ما يشكل مخالفة واضحة للدستور العراقي والقوانين النافذة ولكل الالتزامات الدولية .كما لم يسمح لأي جهة قانونية ولا للمنظمات النشطة في ميدان حقوق الإنسان للتثبت من مدى الالتزام بالقواعد الأساسية لحقوق الإنسان ولم يجر تفعيل القرار رقم 688 لحماية الحقوق من خلال إرسال فرق التفتيش لفحص واقع حقوق الإنسان في العراق , وحقوق المرأة المهدرة في قانون الوظيفة العامة وقانون المعهد القضائي” منع المرأة من تولي منصب القضاء مخالفة دستورية وقانونية ودولية”.

وهنا لابد من نشير إلى أن حكومة إقليم كردستان أصدرت سلسلة من القوانين والقرارات المهمة التي تعدل من وضع المرأة الحقوقي سواء على صعيد العمل الوظيفي للمرأة والمساواة في فرص العمل ورفع مكانه المرأة أم بالنسبة لما يسمى بجرائم غسل العار والقتل بدافع الشرف أو حماية حقوق الإنسان ومنها حقوق المرأة إلا انه ما يزال هناك خطوات كبيرة في هذا الميدان لابد من القيام بها وتعديل القوانين بما يحقق المساواة في الحقوق والواجبات.
أما في مصر فالحال ليس بأحسن من مثيلاته في الدول العربية الأخرى حيث في الوقت الذي تبذل فيه الحكومة المصرية جهود مضنية للقضاء علي تكدس القضايا في المحاكم، وسد الثغرات الموجودة في بعض القوانين الحالية، وعلي الرغم من إنشاء محكمة الأسرة لسرعة الفصل في قضايا الأحوال الشخصية، إلا أن قضايا المرأة ما زالت تقف حجر عثرة في طريق المشرع حيث ارتفعت الأصوات المنادية بضرورة إحداث تغيير جذري في قانون الأحوال الشخصية، والذي صدر أبان الحكم العثماني في مصر، وأصبح لا يتناسب مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية للعصر الحديث بمشكلاته المعقدة.. ورغم العمل بقانون الخلع الذي أثار الجدل من قبل إلا أن المرأة لازالت تعانى من القلق والاضطراب على حقوقها وحقوق أبنائها لدى زوجها وهى قضايا النفقة والتطليق للضرر والتي تقطع شوطا طويلا في دهاليز المحاكم.

عرفة عرابي المحامى ” ماجستير في الشريعة الإسلامية ” أكد قائلا: لا اعتقد أن الشريعة الإسلامية الغراء بنصوصها الرائعة تعرف معاني التعقيد وهي التي قام علي مبادئها قانون الأحوال الشخصية الذي نتعامل به حتى الآن.. ومن أهم مبادئ الشريعة الإسلامية أنه لا ضرر ولا ضرار، إلا أن القانون الحالي يبتعد كثيرا عن الشريعة حيث تظل الزوجة معلقة في المحكمة تسعى للحصول على حقها المشروع دون جدوى ، مما يضطرها إلي أن تمضى في طريق الشيطان الذي يفتح لها الباب على مصراعيه بحجة الإنفاق على أبنائها ، والسبب في ذلك تعنت القانون وإطالة أمد التقاضي.. ويجب على الدولة أن تنظر بعين الشفقة والرحمة للمرأة باعتبارها كائن ضعيف لا تستطيع الصمود أمام عقبات الدهر.. ولعل الشريعة للإسلامية أكدت مرارا وتكرارا على حقوق المرأة حفاظا على بيتها وأسرتها وأبنائها وذلك عرفانا بدورها في المجتمع، وأنه أساس التنشئة، لهذا يجب أن تعي الدولة جيدا أن قانون الأحوال الشخصية وطول التقاضي تدفع ثمنه المرأة المتضررة وحدها دون غيرها.أما المحامي صلاح خليل بالنقض وعضو رابطة المحامين العرب فيؤكد أنه حينما يصدر حكم نفقة للزوجة فلا تستطيع تنفيذ الحكم ضد الزوج الذي يمارس مهنة حرة لا سيما إذا كانت لا تعرف محل إقامة ثابت له ، فتلجأ الزوجة إلى بنك ناصر لتنفيذ حكم النفقة إلا أنها تصطدم بالواقع المرير حيث أن البنك لا ينفذ الأحكام إلا على الأشخاص الذين يعملون بالحكومة أو القطاع العام وبذلك تصبح الزوجة في مهب الريح هي وأولادها فلا تجد من ينفق عليهم ولابد أن يتدخل المشرع في مثل هذه الحالات حتى تستطيع الزوجة أن تكون آمنة على نفسها وأولادها من الانزلاق.

ويشير مركز ابن خلدون للدراسات إلى خطورة قانون الأحوال الشخصية وعدم ملاءمته لتطورات العصر الحديث، لا سيما بعد أن طغت المادة علي الحياة ، في ظل موجة الغلاء التي تشهدها البلاد والمبالغة في أسعار السلع ، مما تضطر المرأة المعلقة في المحاكم أن تعرض جسدها سلعة لمن يدفع أكثر بعد أن تركها زوجها دون أن يمنحها نفقة المتعة أو نفقة للأبناء الصغار وإذا كانت نسبة المنحرفات تزداد يوما بعد يوم ، فان العامل الأساسي لذلك هو طول أمد التقاضي في الأحوال الشخصية.. فكم من قضايا تستمر أكثر من أربع سنوات سواء لعدم الفصل فيها أو لعدم اهتمام السلطات المختصة بتنفيذ الأحكام الخاصة بذلك. من هذا المنطلق يرتفع مؤشر الجريمة في المجتمع المصري، سواء المخلة بالآداب أو التسول، بالإضافة إلي انتشار ظاهرة أطفال الشوارع.

ويرى المستشار مرسي الشيخ – رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق أن كل القوانين تتطور في الدول وفقا للظروف والآليات التي تتغير.. ويجب على المشرع المصري أن يعيد النظر في القوانين التي عفي عليها الزمن والتي باتت تشكل عبئا كبيرا على المجتمع.. والتي تخلف وراءها ضحايا أبرياء يدفعون الثمن من قوت أبنائهم ومن ابرز القوانين التي تحتاج إلى تقنين وإعادة النظر في نصوصها.. قوانين الأحوال الشخصية باعتبارها تحكم الجوانب الشخصية والاجتماعية للناس.. ولعل قوانين الأحوال الشخصية التي تستمر في تقاضيها سنوات طويلة تشجع على استمرار العداوة بين الأهل والأقارب.. خاصة الزوج و زوجته وغالبا ما يكون بينهما أطفال صغار هم ضحية هذا العداء. يتحدث الدكتور طارق أسعد- أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس قائلا: لاشك أن الزوجة المطلقة أو التي تقضي وقتا طويلا في المحكمة كي تحصل على مستحقاتها لدى زوجها ويستمر ذلك سنوات طويلة يولد لديها الإحساس بالكراهية والحقد على المجتمع.. وقد يولد لديها أيضا عقدة نفسية من أي رجل في المجتمع.. مما قد يؤدى بها أحيانا إلي الانحراف بدافع الانتقام من هذا المجتمع الذي خذلها فلم يعط لها حقها.. ويجب على المشرع أن يتنبه لمثل هذه الأشياء قبل أن يستفحل خطرها .

مما تقدم نجد أن المرأة العربية هي أكثر نساء العالم ظلماً وفقاً لمواد قانونية صادرة عن الهيئات المختصة ولطالما تردك هذه الهيئات انتهاء مدة صلاحية تلك القوانين والأنظمة ولكنها مصرة على إبقائها إلى أجل غير مسمى الخاسر الوحيد في هذا التأخير هي المرأة التي لا حول لها ولا قوة.
وتختلف أوضاع المرأة من قطر لآخر في المغرب العربي. ففي تونس تعتبر الأوساط الرسمية، مجلة الأحوال الشخصية الصادرة في 13/ 8/ 1956 مكسباً ثورياً بالنسبة للمرأة، مقارنة بالتشريع الإسلامي الذي كان مطبقاً آنذاك، إلا أن المجلة تحوي العديد من التناقضات، بالإضافة إلى القوانين التي صدرت بعد عام 1956 والتي تحد من التحرر الفعلي للمرأة، وفي الجزائر لم توجد بعد مجلة الأحوال الشخصية. فلقد توالت ثلاثة مشاريع قوانين في هذا المجال، دون أن تقع الموافقة عليها (1963 ـ 1969 ـ 1972وبسبب عدم إقرار المشاريع المذكورة، تبقى المراسيم الصادرة في عام 1959 ـ الخاصة بالأحوال الشخصية ـ نافذة المفعول، وفقاً للقانون الصادر في 31 / 12 / 1962 تحت رقم 62 ـ 157. أما في المغرب الأقصى فتوجد المدونة الصادرة في 1958 التي تقنن التشريعات الخاصة بالمرأة والتي اعتمدت على الانتقائية مما ورد في المذهب المالكي، ومن هذه الحالات الثلاث، يمكننا أن نستخلص ثابتين اثنين: عدم المساواة بين المرأة والرجل، وبقاء المرأة عديمة المسؤولية، (حريتها بالتصرف مقيدة) واعتبارها قاصرة.

** العلاقات قبل الزواج تطغى عليها اللا مساواة

إن المرأة المغربية وحسب منطق القوانين الجارية (المعمول بها) تجد نفسها مقيدة بالمحيط الاجتماعي والديني الذي تعيش فيه، والذي يصعب فيه عليها أن تتعدى حدوده. وهكذا، فإذا كان القانون يمنحها بعض الحقوق، فإنها تكون تارة مقيدة (في اختيار شريك حياتها وفي الموافقة على الزواج) وتارة تكون مكانتها مستضعفة بسبب المهر.

1/إختيار الزوج
تضع تشريعات البلدان الثلاثة شروطاً خاصة فيما يتعلق باختيار الزوج:

أ – سن الزواج
ففي المغرب الأقصى، تكمل أهلية النكاح في الفتى بتمام الثامنة عشرة، وفي الفتاة بتمام الخامسة عشرة، وفي القطر الجزائري، هناك سن قصوى يحددها القانون: فالرجل يتزوج ابتداء من سن الثامنة عشرة كاملة، والمرأة عند تمام السادسة عشرة، أما في تونس، فإن الفصل الخاص من مجلة الأحوال الشخصية، يمنع الزواج على الرجل ما لم يبلغ عشرين سنة كاملة وعلى المرأة ما لم تبلغ السابعة عشرة كاملة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أمرين: أولهما: أن كل طفل قاصر لا يستطيع أن يتزوج إلا بموافقة ولي أمره، (سن الرشد 20 سنة بالنسبة لتونس و 21 سنة بالنسبة للجزائر والمغرب)، وثانيهما: انه من كانت سنه دون السن القانونية للزواج، فإن تشريعات البلدان الثلاثة تفترض ترخيصاً خاصاً من القاضي الذي لا يسند هذا الترخيص إلا لأسباب خطيرة، يجب فيها الأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة والمصلحة الخاصة للزوجين، ولا أدل على ذلك من زواج الفتيات اللواتي دون سن البلوغ، وهو أمر تترتب عنه عواقب مضرة من الناحيتين الجسمية والنفسانية.

ب – الموافقة على الزواج
تعتبر الموافقة على الزواج في البلدان الثلاثة، شرطاً أساسياً لإبرام عقد الزواج، على أن هذه الموافقة لا تكون حاصلة إلا بكتاب قانوني، وهو عقد الزواج، فالموافقة تكون شفهية، علانية وبحضور شاهدين، كما يلزم فقه القضاء الجزائري بأن تتم هذه الموافقة أمام ضابط الحالة المدنية، وأن هذه الموافقة لا تكون مرتبطة بوقوع حدث محتمل في المستقبل أو بعدم وقوعه، ففي الجزائر وتونس، تعتبر الموافقة أمراً شخصياً بالنسبة لكلا الزوجين على أنه يسمح للزوجين التونسيين بأن يبرما عقد زواج عن طريق التوكيل، وقد يحصل ذلك في صورة ما، إذا كان أحد الزوجين موجوداً بالخارج، أو أنه كان مريضاً، ومن هنا ترى أن الزوجين يكونان متساويين من الناحية القانونية على شرط أن يكونا قد أدركا سن الرشد، وأن يبرما عقد الزواج بحضور شاهدين من أهل الثقة، ولو كان ذلك في غياب عائلتيهما وبقطع النظر عن موافقتهما.

إن الأمور لا تتم بهذه الصفة في المغرب الأقصى، إذ أن الزوجين لا يكونان متساويين في هذه المرحلة، فإذا كان بإمكان الزوج أن يبرم عقد الزواج بصفة شخصية، أو عن طريق نائبه، فإن المرأة لا يمكنها أن تقوم بذلك إلا بواسطة ولي من جنس الذكور، فالمرأة في هذه الصورة لا يمكنها أن تعبر عن موافقتها بصفة مباشرة، فهي مجبرة بأن تفوض هذه الإرادة إلى وليها الذي يعبر عنها عند إبرام العقد رغم أن الإسلام أعطاها الحق بولاية نفسها ما دامت راشدة وبالغة ، وأسوأ ما في ذلك، أنه عندما تكون المرأة قاصراً، يشترط حضور ولي زواجها وولي أمرها، ولا تخلو هذه الوضعية من مشاكل، لأن اختيار المرأة لزوجها، يكون محدوداً، كما يحصل أن يقع اختيار هذا الزوج من طرف الولي، الذي يرغمها في بعض الأحيان على الزواج بمن لا ترغب فيه.
وبالنظر للتشريعات المغربية الثلاثة نلاحظ أن الموافقة المباشرة أو غير المباشرة للزوجين تضع حداً للممارسة التعسفية التي كانت سائدة من قبل، وهي ما يسمى بحق الجبر، فحق الجبر هذا حسب المذهب المالكي، يستعمل من طرف الأب بالنسبة لبناته الأبكار، وهذا الحق قد ألغي ولم يعد معمولاً به، إلا في المغرب الأقصى، وفي صورة ما إذا كانت سيرة المرأة فاسدة لا يتسوغ للولي لو كان أباً أن يجبر ابنته البالغ ولو بكراً على النكاح إلا بإذنها ورضاها إلا إذا خيف على المرأة من الفساد، فللقاضي الحق في إجبارها حتى تكون في عصمة زوج كفء يقوم عليها.

وهكذا يخول القاضي حق جبر المرأة على الزواج، وبطبيعة الحال، يقدر القاضي حسب ما يقتضيه الحال ما إذا كانت سيرة المرأة حسنة أو سيئة، وهذا الأمر يفتح المجال إلى تجاوزات تلحق ضرراً بالمرأة المغربية بلا ريب،
أما في الخليج العربي وان كان هناك بعض التقدم والمشاريع إلا أن المرأة حقوقها القانونية منتقصة بشكل خطير جدا ويتعارض مع ابسط ما نصت عليه الشريعة الإسلامية .

محاولات للتغير

لا تقتصر العوامل الحاسمة في التغيير والإصلاح على نصوص القانون المتطور فقط -بالرغم من أهمية وضرورة وجود هذه النصوص- ولكن الإرادة السياسية الراعية لهذه القوانين والعاملة على إيجاد الآليات الرسمية الملزمة لتطبيقها من أجل مصالح الضعفاء الذين يعيشون على هامش الحياة الاجتماعية وربما خارج الحياة المدنية.
وتعتبر التعديلات التي طرأت منذ عام 2000 على قوانين الأحوال الشخصية، وعدد من القوانين الأخرى المتعلقة بأوضاع المرأة العربية لم تأت من فراغ، ومن غير الموضوعي أن ننسبها إلى عوامل داخلية مستقلة عن العوامل الخارجية، أو العكس وربما كان الاستعراض الملخص فيما يلي يكشف بصورة أوضح عن طبيعة هذه التطورات وأهميتها وعلاقتها بعوامل الدفع الداخلية والخارجية.

** قوانين 2003

1/دولة قطر: صدر في نهاية نيسان عام 2003 الدستور الوطني لدولة قطر الذي يتضمن نصوصا حول المساواة بين الجنسين والعدالة في توزيع الحقوق. وهكذا أضيفت قطر إلى 14 دولة عربية لها دساتير وطنية تنظم علاقة الحاكم بالمحكوم. وإذا ما رجعنا قليلاً إلى الوراء نجد أن هناك خطوات رسمية أخرى تتعلق بالانتخابات البلدية ثم التشريعية حيث صدر قانون يعطي المرأة حق الترشيح والانتخاب في أوائل 2001.
على أي حال فإن المنحى العام للسياسة الرسمية القطرية يتجه نحو الانفتاح الاجتماعي والاقتصادي، ولا بد في هذه الحالة من وجود تشريعات خاصة لاحتضان هذا التوجه والدفع به خطوات إلى الأمام.
2/الأردن: شهد الأردن عددا من التطورات المهمة بخصوص القوانين المتعلقة بالمرأة؛ فقد جرت انتخابات البرلمان في حزيران عام 2003 على أساس إعطاء المرأة الأردنية حصة بعدد 6 مقاعد في البرلمان، وفي قانون الأحوال الشخصية صدر في هذا العام أيضا قانون يعطي المرأة حق الانفصال عن زوجها بشروط “الخلع”، كما ألغيت المادة التي تفرض على المرأة المتزوجة شرط موافقة زوجها في إصدار جواز سفر.

كما تدرس اللجنة الوطنية للمرأة منذ 3 سنوات التعديلات الخاصة على قوانين الأحوال الشخصية بما يتناسب ودرجة التحولات الاجتماعية والشريعة الإسلامية بالطبع، كما نشأت حاجات اجتماعية عديدة تتطلب بالضرورة إجراء تعديلات ضرورية بما يسمح بالتخفيف من الأعباء الهائلة على أوضاع المرأة الأردنية.
ومن ناحية أخرى، فقد كافحت أحزاب المعارضة الوطنية وكل القوى الاجتماعية منذ 5 سنوات من أجل قانون انتخاب ديمقراطي وعصري، بديلاً للقانون المتخلف المعمول به حاليًا، واللافت للنظر أن من بين مجموع التعديلات الواسعة والجوهرية التي طالبت بها القوى الاجتماعية لم يطرأ سوى تعديل واحد متعلق بتخصيص “كوتا” للمرأة في البرلمان. حتى هذه الإشارة نحو التحديث فقد فرغت من مضمونها بسبب طريقة احتساب الأصوات وخلو القانون برمته من أي عنصر ديمقراطي. والنتيجة أن فازت 6 نساء أردنيات لا خبرة سابقة لهن بالعمل السياسي والجماهيري.
3/ المملكة المغربية: تقول الصحفية المغربية “مريم التيجي”، في تحقيقها عن قانون الأسرة المغربي الجديد الذي نشره موقع “إسلام أون لاين.نت”إنه في سابقة هي الأولى في تاريخ المغرب قرر الملك محمد السادس عرض نص المدونة الجديدة على البرلمان المغربي لمناقشتها والمصادقة عليها، في خطوة رأى المحللون فيها محاولة لإضفاء المشروعية البرلمانية على نص ظل لعقود مجالاً يدخل ضمن الاختصاص الخاص للملك الذي يحمل صفة أمير المؤمنين، هذا بالرغم من أن دور البرلمان لن يكون إلا شكليا لكونه لن يصل حد المساس بالتعديلات التي وردت في المشروع”.
والحق يجب أن يقال، فقد ناضلت القوى الديمقراطية النسائية وغير النسائية المغربية طويلاً منذ عام 1957 عندما صدرت المدونة الأولى في قانون الأحوال الشخصية، حتى خضعت لتعديلات عام 1993 التي لم ترض القوى النسائية ولا لبّت الحاجات الاجتماعية المطلوبة؛ لذلك فالتعديلات التي أعلنها الملك محمد السادس مؤخرا في أكتوبر 2003 كانت واسعة وتفصيلية، ولا شك أنها تمس أوجاع كثير من العائلات المغربية، والنساء فيها بشكل خاص.

ومن أبرز التعديلات حول قانون جديد للأسرة المغربية:
– جعل الولاية في الزواج حق للمرأة الرشيدة
– تقييد حق تعدد الزوجات
– مساواة المرأة والرجل في سن الزواج المحددة في 18 سنة
– جعل الطلاق حقا للزوجة والزوج تحت مراقبة القضاء وتوسيع حق المرأة في طلب التطليق للضرر.
– تخويل الحفيد والحفيدة من جهة الأم حقهما في إرث الجد أسوة بالحفيد والحفيدة من جهة الأب.
وتعديلات واسعة تفصيلية أخرى تتعلق بالمحاور الرئيسية أعلاه.

4/ الإمارات العربية المتحدة: أقرت دولة الإمارات العربية المتحدة مسودة قانون أحوال شخصية جديد. ورفع وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف المسودة النهائية لمشروع قانون الأحوال الشخصية إلى الجهات العليا في الدولة لإبداء الرأي النهائي حوله.
وتتكون مسودة القانون من “358” مادة من ضمن “11” فصلا، وحسب ما أوردت جريدة “الرياض” السعودية؛ فإنها تتعلق بشئون الزواج والطلاق والحقوق والنفقة والأهلية والوصاية والتركات وتسوية الديون… وغيرها.
وقد ورد في مقدمة القانون أن تسري أحكام هذا القانون على جميع الدعاوى التي لم يتم الفصل فيها ابتدائيا وقت العمل به، ويرجع فهم النصوص التشريعية في هذا القانون، وتفسيرها، وتأويلها، إلى أصول الفقه الإسلامي وقواعده، وتطبق نصوص هذا القانون بحكم مقتضى المشهود من مذهب مالك ثم مذهب أحمد ثم مذهب الشافعي ثم مذهب أبي حنيفة حسبما تقتضيه المصلحة. ويعتمد الحساب القمري في المدد الواردة في هذا القانون. ومن ضمن الفقرات الواردة فيه أنه لا يجوز زواج المجنون والمعتوه إلا بإذن القاضي وشرط قبول الطرف الآخر. كما أوضح أنه يحق للطرفين العدول عن الخطبة، وللمتضرر المطالبة بتعويض، ولا تقبل الدعاوى أمام المحكمة إلا بعد عرضها على لجنة التوجيه الأسري.

وينص القانون الجديد على أن المهر ملك للزوجة، تتصرف فيه كيفما شاءت، ولا يحق للزوج أن يُسكن مع زوجته ضرة إلا إذا رضيت ذلك ويحق لها العدول.
وعرف القانون الزواج بأنه نوعان: صحيح وغير صحيح، ويشمل الأخير الفاسد والباطل، وأقل مدة للحمل هي 180 يوما وأكثرها 365 يوما، ويقع الطلاق باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة عند العجز، والخلع طلقة بائنة يتراضى فيه الزوجان على إنهاء العقد، وينفى نسب الولد باللعان خلال 7 أيام، شريطة ألا يكون قد اعترف بأبوته صراحة أو ضمنا، ويحق للزوجين طلب الفسخ إذا حكم على أحدهما بالزنا أو ثبتت إصابته بمرض مهلك مثل “الإيدز” ويحق للقاضي التفريق بينهما، ولزوجة المحبوس 3 سنوات وأكثر أن تطلب الطلاق بعد مضي سنة من حبسه.

وذكر في مسودة القانون الجديد أنه يجوز للزوجة أن تخرج من البيت بمقتضى الضرورة، ولا يعتبر إخلالا بالطاعة الواجبة خروجها للعمل إذا تزوجها وهي عاملة، ويجوز إعلان المدعى عليه بالفاكس أو بالبريد الإلكتروني أو المسجل أو بالنشر في صحيفة.
4/ الكويت : للمرة الأولى أصبح من حق المرأة في الكويت الترشح للانتخابات البلدية رغم فشلها في دخول البرلمان .
5/ السعودية أصبح من حق المرأة التقدم للحصول على رخصة القيادة.
6/ فلسطين وهى تعتبر الثانية عربيا بعد لبنان من حيث تمتع المرأة فيها بحقوق قانونية واجتماعية برغم الظلم الواقع على المرأة نتاج الاحتلال وتبعاته إلا انه رغم ذلك دخلت المرأة للبرلمان حتى في عهد حماس وتولت مناصب عليا وهناك جمعيات نسائية فلسطينية نشطة جدا وذات تأثير على القرار الوطني العام

** دلالات التغيير

فما هي دلالات هذا التغيير الذي وقع على القوانين المتعلقة بالمرأة وتحديدا فيما يتعلق بالأحوال الشخصية:
1/تزدحم مجتمعاتنا العربية بكم هائل من المشكلات الداخلية، بسبب سيادة العادات والتقاليد على حساب سيادة القانون، بغض النظر عن كونه متقدمًا أم متخلفًا.. وتجد هذه المشكلات تعبيراتها في النسبة المرتفعة من الطلاق في الأسرة العربية، وآلام الاضطهاد وتبعاته التي تعاني منها المرأة، وتحديدا تلك التي تنتمي إلى الفئات الاجتماعية المهمشة ومظاهر الجهل المتعددة.
لقد تناولت القوى الاجتماعية المنظمة هذه المسائل جميعا منذ عشرات السنين -وفي البلدان العربية التي يسمح فيها بحرية نسبية للعمل الحزبي والمؤسسي- وناضلت من أجل التغيير، واشتبكت مع القوى الاجتماعية المهيمنة والحاكمة: المغرب، مصر، لبنان، في كثير من المحطات، ولكن النتائج “لم تكن بالمستوى المطلوب…”، بل إن الملاحظ أن التغيير يمكن أن يشمل قوانين سياسية وبرلمانية تتعلق بالحياة العامة، أما ذلك التغيير المطلوب من أجل الارتقاء بالعلاقات الاجتماعية، وحل المشكلات بصورة مؤسسية وعلى أسس حضارية، فقد تأخرت كثيرا ولم تول الاهتمام المطلوب من الجهات الحاكمة.
وهكذا فقد اختزنت مجتمعاتنا آلامها ومشكلاتها الحياتية؛ الأمر الذي أدى إلى تفاقمها وبروزها إلى السطح، حيث نقرأ نتائجها بالأرقام والنسب في تقارير عالمية صادرة عن الأمم المتحدة. وتصدمنا اللوحة تحديدا في النسب المرتفعة للأميات، واللاتي لا يساهمن في أي نشاط اقتصادي في بلدانهن.

2/ نتيجة التطورات العالمية المتسارعة ودخول اقتصاديات الدول العربية إلى المنظومة الاقتصادية العالمية، فقد فرضت الاشتراطات الدولية نفسها، بما في ذلك الثقافية منها، والتقاليد الديمقراطية. إن مطالبة ساسة الولايات المتحدة بتطبيق هذه الاشتراطات الديمقراطية لا تنم عن نوايا إنسانية مجانية بالطبع وإنما تأتي في سياق توفير ظروف اجتماعية عربية مناسبة لاستقبال كل ما يترتب على سياسة عولمة الاقتصاد ونهب الثروات بأقل قدر ممكن من الضجيج والاحتقان.
ومهما كانت نوايا سادة العالم في عصرنا فإن الديمقراطية الداخلية الاجتماعية والسياسية هي استحقاق سياسي ودستوري وإنساني يجب عدم تجاوزه وغض النظر عنه بما يتناسب وأوضاعنا الثقافية والحضارية، وبدون قفزات بهلوانية إلى الأمام.

3/الذي حصل في بلداننا التي طلب منها هذه الاشتراطات الديمقراطية أنها استقبلت هذا الموضوع بمستويات مختلفة ونسبية، حسب الوضع الداخلي في هذا البلد أو ذاك؛ فالأردن مثلاً مهيأ أكثر من دول الخليج لإحداث تعديلات ديمقراطية على اعتبار أن التعددية السياسية قائمة منذ أوائل التسعينيات ويوجد برلمان منتخب ومؤسسات مجتمع مدني… الخ. كذلك الأمر بالنسبة للمغرب الذي يشهد حياة سياسية ديناميكية إلى حد بعيد وتعددية حزبية عريقة، في هذه الحال يمكن الاستفادة إلى حدود كبيرة جدا من هذه التعديلات لصالح المرأة والأسرة العربية، حيث تتفاعل معها جميع مؤسسات المجتمع المدني وتعمل على مراقبتها وتضغط باتجاه تنفيذها لصالح الفئات الأشد فقرًا.

أما التعديلات التي طرأت في الدول العربية حيث لا وجود لمؤسسات مجتمع مدني فالأغلب إنها ستبقى على السطح، وستستفيد منها شريحة ضيقة، مع التأكيد على أهميتها وضرورتها حتى ضمن هذا التوصيف.

4/ التعديلات التي طرأت أو التي يمكن أن تقع هي جزء عضوي من العملية الصراعية السلمية في مجتمعاتنا وليست جزءًا منفصلاً عنها ويجب ألا تكون، ولكن القوانين وحدها ليست ضمانة مطلقة للمساواة والعدالة، كما أن غيابها يفقد العدالة الاجتماعية بُعدها القانوني الضروري؛ لذلك تبقى القوانين المتقدمة سلاحًا هاما يمكن أن يكون حاسما عندما تنضم له جهود مؤسسات المجتمع المدني، وتتضافر القوى الاجتماعية من أجل مزيد من التقدم.
انتهى البحث

أرشيف ومراجع:

1/ دستور الجمهورية العربية السورية.
2/قانون الجنسية العربية السورية.
3/انتهاكات حقوق المرأة في العراق والحماية القانونية لحقوقها في المجتمع المدني – الدكتور منذر الفضل.
4/ تقارير مراقبة حقوق الإنسان بشأن البلدان العربية.
5/- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو CEDAW ).
6/- الدكتور عبد الكريم علوان – موقف القانون الدولي المعاصر من حقوق الإنسان و مساواتها بالرجل –.
7/الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948.
8/ نصوص الدستور العراقي المؤقت لعام 1970.