بحث قانوني هام عن حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة

د. محمد يوسف علوان*

*أستاذ القانون الدولي – جامعة اليرموك

كلما تعمقنا في القانون الدولي الإنساني كلما وجدنا أن هناك شوطاً كبيراً يفصلنا عن الحماية المتكاملة لكرامة الإنسان، لذا ارتأى الاختصاصيون إنشاء محكمة جنائية دولية لتكون جزء لا يتجزأ من القانون الدولي الإنساني ولتكون القوة الدافعة للحد من انتهاكاته، لقد نصت ديباجة نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأنها إذ تدرك أن ثمة روابط مشتركة توحد جميع الشعوب وأن ثقافات الشعوب تشكل معاً تراثاً مشتركاً وإذ تضع في اعتبارها أن ملايين الأطفال والنساء والرجال قد وقعوا خلال القرن الحالي ضحايا فظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة، وإذ تسلم بأن هذه الجرائم الخطيرة تهدد السلم والأمن والرفاه في العالم، وإذ تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي يجب أن لا تمر دون عقاب.. فقد وضعت حداً لمرتكبي الجرائم كما عقدت العزم أيضاً على إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة مستقلة.

الفصل الأول: تعريف المدني

البحث الأول: التمييز بين المدنيين والمقاتلين

القواعد الأساسية:

*القاعدة (1) الأولى: على كل طرف في النزاع أن يُفرق في جميع الأحوال بين المدنيين والمقاتلين، والمقاتلون فقط يمكن أن يكونوا هدفاً للهجوم، أما السكان المدنيون فلا يجوز أن يكونوا محلاً للهجوم.

*القاعدة (2): تحظر أعمال العنف والتهديد الرامية إلى بث الذعر في صفوف السكان المدنيين.

قواعد خاصة بالنزاعات المسلحة الدولية فقط:

*القاعدة (3): كافة أفراد القوات المسلحة لأطراف النزاع هم مقاتلون عدا أفراد الخدمات الطبية والوعاظ.

*القاعدة (4): تكون القوات المسلحة لطرف في النزاع من المجموعات النظامية التي تكون تحت قيادة مسؤولة عن سلوك مرؤوسيها، وتخضع لنظام داخلي يكفل فيها يكفل تنفيذ القانون الدولي الإنساني.

*القاعدة (5): المدنيون هم الأشخاص الذين ليسوا أفراداً في القوات المسلحة.

*القاعدة (6): يفقد المدنيون حمايتهم من الهجوم حينما يقومون بدور مباشر في الأعمال العدائية وعلى مدى الوقت الذي يقومون خلاله بهذا الدور.

*القاعدة (7): الأشخاص الذين يشتركون بصفة مباشرة في الأعمال العدائية يعتبرون مقاتلين يمكن أن يكونوا محلاً للهجوم أما الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية فهم يعدون مدنيين محميين من الهجوم.

الأشخاص العاملون في عمليات حفظ السلام:

*القاعدة (8): الأشخاص العاملون في مهمات حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة يعدون مدنيين طالما لم يشاركوا بشكل مباشر في الأعمال العدائية.

الصحفيون المدنيون:

*القاعدة (9): الصحفيون المدنيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق النزاعات المسلحة يجب احترامهم وحمايتهم طالما أنهم لا يقوموا بدور مباشر في الأعمال العدائية.

المبحث الثاني: التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية

القاعدة الأساسية:

*القاعدة (10): على كل طرف في النزاع أن يميز في كل الأوقات بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية والأهداف العسكرية فقط هي التي يمكن أن تكون محلاً للهجوم، أما الأعيان المدنية فلا يجوز أن تكون محلاً للهجوم.

تعريفات

*القاعدة (11): تنحصر الأهداف العسكرية بالأهداف التي تسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري سواءً كان ذلك بطبيعتها أم بموقعها أو بغايتها أم باستخدامها والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزة عسكرية أكيدة.

*القاعدة (12): الأعيان المدنية هي كافة الأعيان التي ليست أهدافاً عسكرية.

فقدان الحماية:

*القاعدة (13): تفقد الأعيان المدنية الحماية من الهجوم حينما تصبح أهدافاً عسكرية.

المبحث الثالث: الهجمات العشوائية

قاعدة أساسية:

*القاعدة (14): الهجمات العشوائية محظورة.

*القاعدة (15): تعتبر هجمات عشوائية:

1- تلك التي توجه إلى هدف عسكري محدد.

2- تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن أن توجه إلى هدف عسكري محدد.

3- تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلبه القانون الدولي الإنساني.

المبحث الرابع: التناسب في الهجوم

*القاعدة (16): يحظر توجيه هجوم يمكن أن يتوقع منه أن يسبب خسارة في أرواح المدنيين أو إصابة بهم أو أضراراً بالأعيان المدنية، أو أن يحدث خلطاً من هذه الخسائر أو الأضرار، يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.

المبحث الخامس: الاحتياطات أثناء الهجوم

قاعدة أساسية:

*القاعدة (17): تبذل رعاية متواصلة في إدارة العمليات العسكرية من أجل تفادي السكان المدنيين والأشخاص والأعيان المدنية لمخاطر النزاع المسلح، كما أن جميع الاحتياطات الممكنة يجب أن تتخذ لتفادي، وفي كل الأحوال لتقليل الخسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق الإصابة بهم.

قاعدة خاصة:

*القاعدة (18): على كل طرف في النزاع أن يتخذ الاحتياطات الممكنة عند تخير وسائل وأساليب الهجوم من أجل تجنب إحداث خسائر في أرواح المدنيين، أو إلحاق الإصابة بهم أو الإضرار بالأعيان المدنية، وذلك بصفة عرضية، وعلى أي الأحوال حصر ذلك في أضيق نطاق.

*القاعدة (19): على كل طرف في النزاع أن يبذل ما في وسعه عملياً للتحقق من أن الأهداف المقرر مهاجمتها ليست أشخاصاً مدنيين أو أعيان مدنية وأنها غير مشمولة بحماية خاصة.

*القاعدة (20): على كل طرف في النزاع أن يفعل كل شيء ممكن لإلغاء أو تعليق الهجوم إذا تبين أن:

1- الهدف ليس هدفاً عسكرياً.

2- أو أنه مشمولة بحماية خاصة.

3- أو أن الهجوم قد يتوقع منه أن يُحدث خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق الإصابة بهم، أو الإضرار بالأعيان المدنية، أو أن يحدث خلطاً من هذه الخسائر والأضرار، وذلك بصفة عرضية، تفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.

*القاعدة (21): على كل طرف في النزاع أن يوجه إنذاراً مسبقاً وبوسائل مجدية في حالة الهجمات التي قد تمس السكان المدنيين، ما لم تحل الظروف دون ذلك.

المبحث السادس: الاحتياطات ضد آثار الهجوم

قاعدة أساسية:

*القاعدة (22): على كل طرف في النزاع اتخاذ الاحتياطات الممكنة لحماية السكان المدنيين والأهداف المدنية الذين هم تحت سيطرتها من آثار الهجوم.

قواعد خاصة

*القاعدة (23): على كل طرف في النزاع، قدر المستطاع تجنب إقامة أهداف عسكرية داخل المناطق المكتظة بالسكان أو بالقرب منها أو بالقرب من الأهداف ذات الحماية الخاصة.

*القاعدة (24): على كل طرف في النزاع، قدر المستطاع نقل ما تحت سيطرته من سكان مدنيين وأفراد مدنيين وأعيان مدنية بعيداً عن المناطق المجاورة للأهداف العسكرية.

الفصل الثاني: معاملة المدنيين

(والمقاتلين الذين كفوا عن القتال أو لم يعودوا قادرين على القتال).

المبحث الأول والوحيد

الضمانات الأساسية:

*القاعدة (1): يحظر حرمان أحد من حياته تعسفاً، ويجب احترام حياة المدني الذي يقع في قبضة الخصم وحياة أي مقاتل كيف عن القتال أو لم يعد قادراً على القتال.

*القاعدة (2): يحظر التمييز في تطبيق القانون الدولي الإنساني على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الآراء السياسية أو غيرها من الآراء أو الانتماء القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر أو على أساس أي معايير أخرى مماثلة.

*القاعدة (3): يجب معاملة أي مدني وأي مقاتل كف عن القتال أو لم يعد قادراً على القتال بإنسانية.

*القاعدة (4): يحظر التعذيب والمعاملة المهينة أو اللاإنسانية والعقوبات المهينة أو اللاإنسانية.

*القاعدة (5): لا يجوز تعريض الصحة الجسدية أو العقلية للمدنيين والمقاتلين الذين كفوا عن القتال أو لم يعودوا قادرين على القتال للخطر عن طريق أي تصرف أو تقصير لا مبرر له، ولا يجوز إخضاعهم – ولو برضاهم – للتشويه أو للتجارب الطبية أو لأي إجراء طبي لا تقتضيه حالتهم الصحية ولا يتفق مع المعايير الطبية المقبولة عموما.

*القاعدة (6): العنف الجنسي محظور.

*القاعدة (7): العبودية والعمل الجبري محظوران.

*القاعدة (8): أخذ الرهائن والعمل الجبري محظوران.

*القاعدة (9): يحظر استخدام المدنيين والمقاتلين الذين كفوا عن القتال أو لم يعودوا قادرين على القتال للتستر على عمليات عسكرية.

*القاعدة (10): الاختفاء القسري محظور.

*القاعدة (11): الحرمان التعسفي من الحرية محظور.

*القاعدة (12): لا يجوز إصدار أي حكم أو تنفيذ أي عقوبة حيال أي شخص تثبت إدانته في جريمة مرتبطة بالنزاع المسلح إلا بناءً على محاكمة عادلة توفر الضمانات القضائية الأساسية.

*القاعدة (13): لا يجوز أن يتهم أي شخص أو يُدان بجريمة على أساس إيتانه فعلاً أو تقصيراً لم يكن يشكل جريمة طبقاً للقانون الوطني أو القانون الدولي الذي كان يخضع له وقت اقترافه للفعل، كما لا يجوز توقيع أية عقوبة أشد من العقوبة السارية وقت ارتكاب الجريمة.

*القاعدة (14): لا يُدان شخص بجريمة إلا على أساس المسؤولية الجنائية الفردية، والعقوبة الجماعية محظورة.

*القاعدة (15): لكل شخص الحق في احترام دينه ومعتقداته الشخصية، ومن حقه ممارسة شعائره الدينية ومعتقداته بشرط عدم تعارض ذلك مع السلامة العامة والنظام العام وحقوق وحريات الآخرين.

*القاعدة (16): تحمى الحياة العائلية من أي تدخل تعسفي، ويحافظ قدر الإمكان على وحدة العائلة أو إعادة لم شملها، وعلى السلطات إعلام العائلات عن مصير وعن مكان وجود أفراد عائلاتهم في حال توفر هذه المعلومات، وفي حال عدم توفرها فعليها أن تبذل أقصى الجهود لمعرفة هذا المصير وإعلام العائلات به.