ايجار الأموال المملوكة للدولة – اجتهادات قضائية مصرية

الطعن 2180 لسنة 60 ق جلسة 26 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ج 1 ق 140 ص 708

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري نواب رئيس المحكمة وعلي جمجوم.
———–
– 1 دعوى ” الصفة في الدعوى “. اختصاص . إيجار .
رئيس المدينة هو صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية قبل الغير ولدى القضاء فيما يدخل في نطاق اختصاصه .
النص في المادتين 52، 53 من القانون المدني – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – يدل على أنه متى اكتسبت إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وإرادة يعبر عنها نائبها وأهلية لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات فضلاً عن أهليتها للتقاضي وذلك وفقاً للقواعد وفي الحدود المقررة لسند إنشائها ويتعين بالتالي أن تكون مخاطبة الشخص الاعتباري في مواجهة النائب القانوني عنه الذي يحدده سند إنشائه بحث لا يحاج بأية إجراءات أو تصرفات قانونية توجه إلى غيره وإذ كان القانون رقم 43/1979 بنظام الحكم المحلي نص في المادة الأولى على أن وحدات الحكم المحلي هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية وأن النص في المادة الرابعة من ذات القانون على أن يمثل المحافظة محافظها كما يمثل كل وحدة من وحدات الحكم المحلي الأخرى رئيسها وذلك أمام القضاء وفي مواجهة الغير، فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة أن المشرع قد جعل لكل وحدة من وحدات الحكم المحلي شخصية اعتبارية مستقلة عن باقي الوحدات ولكل منها ذمة مالية خاصة بها، وحدد الممثل القانوني لها الذي له حق التعامل مع الغير وتمثل الوحدة المحلية أمام القضاء مما مقتضاه أن رئيس الوحدة المحلية يكون هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية قبل الغير ولدى القضاء فيما يدخل في نطاق اختصاصه طبقا لأحكام القانون.
– 2 أموال ” استغلالها والتصرف فيها”. دعوى ” شروط قبول الدعوى . الصفة في الدعوى”.
رئيس المدينة هو صاحب الصفة في استغلال الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة والواقعة في نطاق الوحدة المحلية التابعة له .وإذ كان النزاع المطروح ناشئا عن استغلال أرض مملوكة للدولة ملكية خاصة وكانت تقع في نطاق الوحدة المحلية لنبروه فإن الطاعن الأول بصفته وحده يكون هو صاحب الصفة في تمثيل وحدته قبل الغير وأمام القضاء.
– 3 أموال ” الأموال المملوكة للدولة “. إيجار ” إيجار الأموال المملوكة للدولة”. عقد ” التراضي . الإيجاب والقبول”.
العقد . تمامه بتطابق الإيجاب والقبول المعتبر قانوناً . م 89 مدنى . عقود الإيجار التي تبرمها المجالس المحلية للمدن والمراكز عن الأموال المملوكة للدولة . انعقادها بتمام التصديق عليها من المجلس المحلى للمحافظة واعتمادها وفقاً للقانون . المواد 28 ، 33/هـ و 8/51 من القانون رقم 43 لسنة 1979 . تحصيل الجهة الإدارية مقابل انتفاع من واضع اليد لا يصلح سنداً لقيام علاقة إيجارية .
مفاد المادة 89 من القانون المدني أن العقد لا يتم إلا بتطابق الإيجاب مع قبول معتبر قانوناً وكان المناط في انعقاد عقود الإيجار التي تبرمها الوحدات المحلية عن الأموال المملوكة للدولة وعلى ما يبين من نصوص المواد 28، 33/هـ و51/8 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 بإصدار اللائحة التنفيذية لذات القانون هي بتمام التصديق عليها من الوحدة المحلية واعتمادها وفقاً للقانون ولا يعتد بما تكون قد حصلته الجهة الإدارية من مقابل انتفاع من واضع اليد على الأرض كسند لقيام عقد إيجار عنها مع هذه الجهة.
———–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 6918 لسنة 1986 مدني كلي المنصورة بطلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 1015.488 جنيه وقال بيانا لها إنه يضع اليد على قطعة أرض فضاء موضحة بالصحيفة استأجرها من الطاعن الأول وأقام عليها منزلا واستمر تعاملهما على أساس العلاقة الإيجارية والأجرة المتفق عليها بواقع قرش صاغ للمتر المربع وفي غضون شهر أغسطس 1986 فوجئ بالطاعن الأول يخطره بضرورة سداد مبلغ 1015.488 جنيه بزعم إنها الأجرة المتأخرة في ذمته عن الفترة من 81 حتى عام 1984 وإذ كان المبلغ يزيد عن حقيقة الإيجار المتفق عليه فتضحى ذمته بريئة منه، فقد أقام الدعوى، ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره قضت ببراءة ذمة المطعون ضده فيما زاد على مبلغ 133.190 جنيه، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 1427 لسنة 41 ق المنصورة وبتاريخ 8/3/1990 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث بصفتيهما لرفعه من غير ذي صفة وأبدت الرأي في الموضوع برفضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة في محله، ذلك أن النص في المادتين 52، 53 من القانون المدني – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – يدل على أنه متى اكتسبت إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وإرادة يعبر عنها نائبها وأهلية لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات فضلا عن أهليتها للتقاضي وذلك وفقا للقواعد وفي الحدود المقررة لسند إنشائها ويتعين بالتالي أن تكون مخاطبة الشخص الاعتباري في مواجهة النائب القانوني عنه الذي يحدده سند إنشائه بحيث لا يحاج بأية إجراءات أو تصرفات قانونية توجه إلى غيره وإذ كان القانون رقم 43/1979 بنظام الحكم المحلي نص في المادة الأولى على أن وحدات الحكم المحلي هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية وأن النص في المادة الرابعة من ذات القانون على أن يمثل المحافظة محافظها كما يمثل كل وحدة من وحدات الحكم المحلي الأخرى رئيسها وذلك أمام القضاء وفي مواجهة الغير، فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة أن المشرع قد جعل لكل وحدة من وحدات الحكم المحلي شخصية اعتبارية مستقلة عن باقي الوحدات ولكل منها ذمة مالية خاصة بها، وحدد الممثل القانوني لها الذي له حق التعامل مع الغير وتمثيل الوحدة المحلية أمام القضاء مما مقتضاه أن رئيس الوحدة المحلية يكون هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية قبل الغير ولدى القضاء فيما يدخل في نطاق اختصاصه طبقا لأحكام القانون. لما كان ذلك وكان النزاع المطروح ناشئا عن استغلال أرض مملوكة للدولة ملكية خاصة وكانت تقع في نطاق الوحدة المحلية لنبروه فإن الطاعن الأول بصفته وحده يكون هو صاحب الصفة في تمثيل وحدته قبل الغير وأمام القضاء ويضحى الطعن بالنسبة للطاعن الثاني والثالث بصفتيهما غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إن الطعن – بالنسبة للطاعن الأول – استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن الأول بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيانهما يقول إنه تمسك في دفاعه في مرحلتي التقاضي بأن الأرض موضوع النزاع من أملاك الدولة الخاصة وتخضع في تأجيرها لقواعد خاصة وإجراءات معينة انتظمها قانون إيجارات أملاك الميري الحرة الصادر في سنة 1900 والمعدل في 1901 فتخرج بذلك عن نطاق تطبيق قواعد الإثبات العامة في هذا الخصوص، وإن المطعون ضده وضع اليد عليها كأرض فضاء يؤدى عنها مقابل انتفاع ثم أقام عليها مسكنا له مما غل يد الجهة المالكة لها عدا استغلالها فيما تراه مستقبلا بشأنها مما حق لها إعادة تقدير مقابل الانتفاع نتيجة ما طرأ على الأرض من تغيير وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على ما أثبته الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة من أنه اطلع على سجلات الوحدة المحلية بناحية نبروه وتبين أن الأرض من أملاك الدولة الخاصة ويضع المطعون ضده اليد عليها منذ عام 1979 وأنه مدون قرين المساحة أنها مربوطة عليها مبلغ 150 مليم للمتر سنويا مقابل إيجار واستخلص من ذلك قيام علاقة إيجاريه بين الطاعن والمطعون ضده الأول على الرغم من أن الأخير مدرج اسمه بكشوف واضعي اليد على أملاك الدولة بتلك الوحدة ودون أن تكون هناك مستندات أخرى تدعم هذا الاستخلاص ولم يعرض لدفاع الطاعن بصفته فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مفاد المادة 89 من القانون المدني أن العقد لا يتم إلا بتطابق الإيجاب مع قبول معتبر قانونا، وكان المناط في انعقاد عقود الإيجار التي تبرمها الوحدات المحلية عن الأموال المملوكة للدولة وعلى ما يبين من نصوص المواد 28 و33/هـ، 51 فقرة ثامنا من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 بإصدار اللائحة التنفيذية لذات القانون هي بتمام التصديق عليها من الوحدة المحلية واعتمادها وفقا للقانون ولا يعتد بما تكون قد حصلته الجهة الإدارية من مقابل انتفاع من واضع اليد على الأرض كسند لقيام عقد إيجار عنها مع هذه الجهة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه ببراءة ذمة المطعون ضده فيما زاد على مبلغ 133.190 ج على ما خلص إليه الخبير المنتدب في الدعوى أمام محكمة أول درجة من قيام علاقة إيجارية بين الطاعن بصفته والمطعون ضده لوجود اسم المطعون ضده بسجلات الوحدة قرين المساحة ومربوط عليها مبلغ 150 مليم للمتر المربع سنويا مقابل إيجار واعتد الحكم المطعون فيه بما ورد في هذه السجلات باعتبار أن لها حجية على الطاعن، فإنه يكون قد أهدر ما تطلبه القانون رقم 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية من أوضاع وإجراءات لا يتم عقد الإيجار بدونها ولا يجوز إثباته إلا بالكتابة أو إقرار المدعى عليه كما لا يجوز الاعتماد في إثباته على القرائن المستنتجة من وقائع الدعوى ولا يعتد بما يكون قد حصله الطاعن من مقابل انتفاع المطعون ضده بقطعة الأرض كسند لقيام عقد الإيجار وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .