حكم تمييز (نفقة)

محكمة التمييز
دائرة الأحوال الشخصية
جلسة 23/ 10/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ راشد يعقوب الشراح – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ حامد عبد الله، ومحمد مصباح، وعبد المنعم الشهاوي، ود. فتحي المصري.
(45)
الطعن رقم 477/ 2004 أحوال شخصية
1 – إثبات (بوجه عام) – أحوال شخصية (نفقة) – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير النفقة) – محكمة الاستئناف (سلطتها في إعادة تقدير النفقة).

– فهم الواقع وتقدير الأدلة المقدمة في الدعوى وفرض النفقة بأنواعها – من سلطة محكمة الموضوع – شرط ذلك.
– محكمة الاستئناف – حقها في مخالفة تقدير محكمة الموضوع للنفقة – شرط ذلك.
2 – إجراءات التقاضي – حكم (تفسيره) – تفسير (تفسير الأحكام) – تمييز (مالا يصلح سبباً للطعن).
– غموض الحكم – السبيل لإزالته هو تفسيره باللجوء للمحكمة المختصة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى.
– غموض الحكم – لا يصلح سبباً للطعن بالتمييز.

1 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع وتقدير الأدلة المقدمة في الدعوى وفرض النفقة بأنواعها التي تراها ملائمة ليسار الملزم بها وحاجة من تجب له،

ولا معقب عليها في ذلك ما دامت قد أقامت قضاءها على ما استنبطته من أدلة لها معينها من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه قضاؤها، ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم وترد عليها استقلالاً ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لما يخالفها، كما أن لمحكمة الاستئناف أن تذهب في تقدير النفقة مذهباً مخالفاً لمحكمة أول درجة وليس عليها في هذه الحالة أن تفند ما استخلصته تلك المحكمة من الأدلة التي عرضت عليها وإنما يكفي أن تكون لوجهة نظرها أصل ثابت في الأوراق وقائمة على ما يبررها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تعديل الحكم المستأنف بتخفيض مقدار نفقة العدة والمتعة على ما أورده بأسبابه من أنه تعرف على حالة الطاعن ووقف على يساره المتمثل في تقاضيه راتباً شهرياً قدره أربعمائة وسبعة دنانير وهذه أسباب سائغة لها سندها من الأوراق وفي نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وتكفي لحمل قضاء الحكم وفيها الرد الضمني المسقط لما يخالفها ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها مما لا يجوز إثارته لدى محكمة التمييز.

2 – النص في الفقرة الأولى من المادة (125) من قانون المرافعات على أن (إذا وقع في منطوق الحكم غموض أو لبس جاز لأي من الخصوم أن يطلب إلي المحكمة التي أصدرته تفسيره، ويقدم الطلب بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى (مفاده أن وقوع غموض في الحكم لا يصلح سبباً للطعن فيه بطريق التمييز وإنما السبيل إلى بيان ما غمض في منطوقة أو إزالة أبهامه هو الرجوع إلي المحكمة التي أصدرته لتفسير هذا الغموض أو إزالة ذلك اللبس، فتلك المحكمة هي المختصة وحدها بذلك نوعياً ومحلياً دون إيه محكمة أخرى أعلى درجة منها أو أدني من درجتها وهذه القاعدة من النظام العام وعلى المحكمة أن تلتزم بها من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكان ما إثارته الطاعنة بوجه النعي بشأن غموض الحكم المطعون فيه لا يصلح سبباً للطعن بالتمييز في هذا الحكم وإنما السبيل إلي إزالة هذا الغموض أو ذلك اللبس هو الرجوع إلي ذات المحكمة التي أصدرته ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالغموض – أياً كان وجه الرأي فيه يكون غير مقبول.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم (2814) لسنة 2003 أحوال شخصية على المطعون ضده بطلب الحكم – وفقاً لطلباتها الختامية – بإلزامه أن يؤدي إليها نفقة زوجية بأنواعها الثلاثة اعتباراً من 1/ 4/ 2003 حتى 23/ 9/ 2003، ونفقة عدة اعتباراً من تاريخ طلاقه إياها في 24/ 9/ 2003 حتى انقضائها في 24/ 12/ 2003 ومتعة سنة من تاريخ 25/ 12/ 2003. وقالت بياناً للدعوى إن المطعون ضده تزوجها بالعقد الشرعي المؤرخ 26/ 2/ 2003 ودخل بها إلا أنه امتنع عن الإنفاق عليها من 1/ 4/ 2003 رغم يساره إذ يتقاضى راتباً شهرياً يتجاوز سبعمائة دينار وأنه طلقها بإرادته المنفردة ولأسباب ترجع إليه وحده ومن ثم أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت لشهود الطرفين حكمت بتاريخ 4/ 5/ 2004 بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي إلى الطاعنة ستين ديناراً شهرياً نفقة زوجية من 1/ 4/ 2003 حتى 23/ 9/ 2003 وثلاثمائة كامل نفقة عدتها وألفين وأربعمائة دينار متعة لمدة سنة على أقساط شهرية متساوية من تاريخ هذا الحكم، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم (1561) لسنة 2004 أحوال شخصية، وبتاريخ 21/ 7/ 2004 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف، بجعل كامل نفقة العدة مائتي وعشرة دنانير وبجعل المتعة سبعين ديناراً شهرياً وبتأييده فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز, وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, عُرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بأولهما والوجه الثاني من ثانيهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أن الحكم خفض مقدار نفقة العدة والمتعة الذي فرضه لها الحكم المستأنف دون أن يورد سنداً لقضائه ورغم أنها قدمت للمحكمة شهادة تفيد يسار المطعون ضده وتقاضيه راتباً شهرياً سبعمائة دينار ومن ثم يكون الحكم معيباً بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع وتقدير الأدلة المقدمة في الدعوى وفرض النفقة بأنواعها التي تراها ملائمة ليسار الملزم بها وحاجة من تجب له، ولا معقب عليها في ذلك ما دامت قد أقامت قضاءها على ما استنبطته من أدلة لها معينها من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه قضاؤها، ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم وترد عليها استقلالاً ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لما يخالفها، كما أن لمحكمة الاستئناف أن تذهب في تقدير النفقة مذهباً مخالفاً لمحكمة أول درجة وليس عليها في هذه الحالة أن تفند ما استخلصته تلك المحكمة من الأدلة التي عرضت عليها وإنما يكفي أن تكون لوجهة نظرها أصل ثابت في الأوراق وقائمة على ما يبررها.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تعديل الحكم المستأنف بتخفيض مقدار نفقة العدة والمتعة على ما أورده بأسبابه من أنه تعرف على حالة الطاعن ووقف على يساره المتمثل في تقاضيه راتباً شهرياً قدره أربعمائة وسبعة دنانير وهذه أسباب سائغة لها سندها من الأوراق وفي نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وتكفي لحمل قضاء الحكم وفيها الرد الضمني المسقط لما يخالفها ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها مما لا يجوز إثارته لدى محكمة التمييز.

وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم قضى بتخفيض القسط الشهري من المتعة بجعله سبعين ديناراً بدلاً من مائتي دينار دون أن يبين القدر الكامل للمتعة المحكوم به وما إذا كان التعديل قد اقتصر على مقدار القسط أم امتد إلى مقدار المبلغ الإجمالي للمتعة الذي فرضه الحكم المستأنف ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مشوباً بالغموض بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة (125) من قانون المرافعات على أن (وإذا وقع في منطوق الحكم غموض أو لبس جاز لأي من الخصوم أن يطلب إلي المحكمة التي أصدرته تفسيره، ويقدم الطلب بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى (مفاده أن وقوع غموض في الحكم لا يصلح سبباً للطعن فيه بطريق التمييز وإنما السبيل إلي بيان ما غمض في منطوقة أو إزالة إبهامة هو الرجوع إلي المحكمة التي أصدرته لتفسير هذا الغموض أو إزالة ذلك اللبس، فتلك المحكمة هي المختصة وحدها بذلك نوعياً ومحلياً دون أية محكمة أخرى أعلى درجة منها أو أدني من درجتها وهذه القاعدة من النظام العام وعلى المحكمة أن تلتزم بها من تلقاء نفسها.

لما كان ذلك، وكان ما إثارته الطاعنة بوجه النعي بشأن غموض الحكم المطعون فيه لا يصلح سبباً للطعن بالتمييز في هذا الحكم وإنها السبيل إلي إزالة هذا الغموض أو ذلك اللبس هو الرجوع إلي ذات المحكمة التي أصدرته ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالغموض – أياً كان وجه الرأي فيه يكون غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.