الموضوعات القانونية التي لم تتطرق لها مدونة الأسرة المغربية

غياب وثغرات قانونية بمدونة الأسرة المغربية

أهم ما جاءت به مدونة الأسرة المغربية, حماية المرأة والمساواة بينها وبين الرجل ضمان حقوق الطفل لكن و رغم مرور عدة سنوات على إقرار مدونة الأسرة بالمغرب إلا انه مازالت هناك بعض الممارسات التي ترتكب لوجود بعض الثغرات القانونية مثل الاستمرار في الزواج المبكر قبل بلوغ السن القانوني الذي حددته المدونة في 18 سنة ولهده الظاهرة عدة أسباب اجتماعية وثقافية أهمها زواج الفاتحة الذي ينتشر في الأرياف المغربية والدي يتم بين الأهل وحضور الشهود فقط دون عقد رسمي .

غياب صندوق النفقة لحماية الأسرة :

من بين النقط التي جاءت بها المدونة تسريع مسطرة النفقة في حالة الطلاق وهي نقطة ايجابية ومهمة توفر لزوجة والأبناء حقهم في العيش الكريم, لكن المشكلة التي تمخضت عن هدا القانون انه لم يفعل له صندوق نفقة ولا نعلم السبب في عدم تفعيله رغم مرور عدة سنوات على إقرار المدونة ورغم الحاجة الملحة له لان بإمكانه حل عدة مشاكل اجتماعية خاصة أن هناك دول عربية مثل مصر تونس فلسطين وغيرها تعمل بنظام صندوق النفقة ويمكن للمغرب الاستفادة من تجاربهم .

إن نسبة الطلاق تعتبر مرتفعة جدا في الوسط الاجتماعي الذي يعاني من الفقر والهشاشة وربما اغلب حالات الطلاق يكون سببها مادي وبالتالي طفت على السطح ممارسات كثيرة, القانون في باب النفقة واضح على الزوج إعطاء المال لزوجته وأبناءه في حالة الطلاق والمحكمة تعطيه اجل حوالي 30 يوم أو يسجن وهده أحكام صدرت بعدة قضايا , مثلا في مدة سنتين من الفراق وحتى لو الزوج كان ينفق مما قدره الله وهناك فراق وأرادت الزوجة رفع قضية نفقة وكان هناك طفل واحد فان الزوج عليه دفع تقريبا 30 ألف درهم أي ما يعادل 3000 أورو.

هدا شيء يمكن أن يكون منطقي وعادل جدا, لكنه بالنسبة لشخص غير مستقر في عمله أو لا يعمل أو حتى موظف بسيط فالمبلغ يعتبر ضربا من الخيال وحتى الأسرة المستقرة من أبناء وزوجة يعيشون في هناء ومحبة لا ينفق عليهم هدا المبلغ مرة واحدة لأنه مرتفع جدا بالنسبة للناس البسطاء والفقراء والدي تتكون منهم شريحة مهمة من المجتمع المغربي , وقد أثارتني قضية مرت بأمواج الإذاعة الوطنية مؤخرا لرجل شاب يعاني من مرض السكري فقد إحدى رجليه بنفس المرض لا يجد ما يأكله ولا يجد حتى ثمن إبرة الأنسولين ويعيش على صدقات المحسنين محكوم عليه بالنفقة بمبلغ مرتفع جدا يصل إلى آلاف الدراهم أو السجن, والحالات المشابهة كثيرة جدا في هدا الباب, وهدا ينتج لنا مشاكل اجتماعية أخرى وتشتت اكبر للأسرة المغربية لهدا أصبح من الضروري إنشاء” صندوق النفقة” لينهي مشكلة العديد من الأسر وخاصة المعوزة منها ويضمن حق المرأة وأبناءها, لان دخول الزوج إلى السجن لعدم قدرته على دفع النفقة, لن يفيد احد لا الأسرة ولا المجتمع وبالتالي هدا يولد مزيد من الحقد والعنف الأسري أو حتى الإجرام في بعض الحالات والتشرد الذي ترجع سلبياته بالدرجة الأولى على نفسية الأطفال, وقد وصلت نسبة امتناع الطليق عن دفع النفقة 57.9% على حسب ”مركز اناروز” .

غياب قانون لحماية المرأة من العنف :

العنف ضد النساء ظاهرة استفحلت للأسف في المجتمع المغربي توجد إحصائيات مخيفة لعشرات النساء ينتحرن سنويا بالمغرب وأخريات يجهضن و يعشن بعاهات مستديمة بسبب العنف. ومدونة الأسرة لم تتطرق لها وتكاد تكون عندنا فراغات قانونية في هدا المجال, والعنف على المرأة لا يكون بالضرورة من الزوج لأنه يمارس من طرف الأب والأخ والأقارب ورب العمل وغيره, كما أن العنف لا يكون جسدي فقط أو لفظي ونفسي واقتصادي بل هناك عنف جنسي وهدا الأخير يمكنه أن يمارس من قبل الزوج وهدا يعد اغتصابا في قوانين الكثير من الدول المتقدمة ديمقراطيا لما له من عواقب جسيمة على نفسية المرأة, لان أي علاقة جنسية لا يكون فيها الرضا المتبادل والتي تتم بممارسات شاذة ضد رغبة المرأة وتحت التهديد تعتبر اغتصابا حتى لو كانت من طرف الزوج وهدا ما لتعرفه الكثير من النساء وعليه يجب استحداث قوانين في هدا الباب للحد من هده الممارسات لأنها أصبحت منتشرة جدا ولا توجد إحصائيات دقيقة لان اغلب النساء لا يبحن بها لأسباب اجتماعية أو يعتبرنها حق طبيعي لزوج.

وعلى حسب التقرير الذي قدمته الشبكة الوطنية لمراكز الاستماع والمساعدة القانونية للنساء ضحايا العنف (أناروز) لشهر مارس/ آذار من السنة الحالية, العنف الاقتصادي والعنف الجسدي هما الغالبان (37.6% و 32.7%)، يأتي العنف الجنسي في المركز الثالث بـ 10.7%، يليه العنف القانوني والنفسي بـ 10.1% و 8.8% على التوالي. هذا العنف يحدث أساسا في إطار العلاقة الزوجية (87%)، وما تبقى من العنف يتوزع بين العنف الاجتماعي (5.5%)، والعنف العائلي (4.1%) والعنف خارج إطار الحياة الزوجية (3، 4%) والعنف يحدث غالبا ببيت الزوجية (83.9%). ويتسم هذ العنف بالديمومة (84.1%) والتكرار (85.9%).

إن مدونة الأسرة جاءت لضمان بناء أسرة مغربية مستقرة ولتساوي بين الجنسين لما يضمن لهما حقهما الإنساني والقانوني سواء الرجل أو المرأة, لكن الثغرات القانونية والحالات الاجتماعية والموروث الثقافي حين وغياب بعض المساطر القانونية و تعقيدها حينا آخر كل هده العناصر تقف حجر عثر أمام طموحات المجتمع المغربي الذي يسعى إلى السير نحو بناء منظومة اجتماعية متقدمة وديمقراطية , لهدا علينا كمجتمع مدني وحكومة مغربية كل على حسب اختصاصه التفكير بجدية في استحداث قوانين وتبسيط مساطرها لتسير والتغيير الحاصل في المجتمع والاهم أن يكون هناك وعي وإرشاد للفرد المواطن وعلى هدا أن يبدأ من التلميذ في المدرسة مرورا بخلق دورات تدريبية للعمال والموظفين والفلاحين وغيرهم وصولا إلى وسائل الإعلام باختلاف أنواعها حتى يعرف كل مواطن واجباته وحقوقه لان القوانين وحدها لن تغير المجتمع بل نحن في حاجة إلى نشر الوعي لأنه ورغم مرور حوالي خمس سنوات هناك من هم في البوادي و الأرياف يجهلون وجود مدونة جديدة لتنظيم الأسرة وهده كارثة, واهم من الوعي تبسيط القوانين لجعلها في متناول جميع أفراد الشعب وهدا دور المشرعين عليهم قبل خلق القوانين أن يدرسوا الحالات الاجتماعية دراسة مستفيضة ولما لا الاستفادة من الشبكة العنكبوتية لخلق استفتاءات غير رسمية لمعرفة آراء الشعب قبل سن القوانين, لأنها موضوعة لشعب ومن حقه الديمقراطي المشاركة وإبداء الرأي بها.