قيود ايقاع الطلاق شرعاً
منها:
– أن يكون الطلاق لحاجة مقبولة شرعاً وعرفاً.
حيث يرى الحنفية في أصل المذهب أن الأصل في الطلاق هو الاباحة لإطلاق الآيات القرآنية الواردة فيه مثل قوله تعالى ( لاجناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ). وقوله ( فطلقوهن لعدتهن ) ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم طلق حفصه وفعله للصحابة ولو كان الطلاق محظوراً لما أقدموا عليه.

أما الآية الأولى فهي لبيان أباحة الطلاق قبل الدخول وقبل تسمية المهر وأما الآية الثانية فبيان وقت الطلاق المفضل شرعاً وهو وقت ابتداء أو استقبال العدة وأما طلاق حفصه وطلاق بعض الصحابة فلم يثبت أنه كان لغير حاجة أو سبب يدعو إليه والظاهر هو أنه لحاجة لأن الطلاق لغير حاجة كفر بنعمة الزواج وايذاء محض بالزوجة وأهلها وأولادها.

– ويرى الجمهور غير الحنفية منهم الكمال بن الهمام وابن عابدين أن الأصل في الطلاق هو الحظر والمنع وخلاف الأولى والأولى أن يكون لحاجة كسوء سلوك الزوجة أو ايذائها أحداً لما فيه قطع الألفة وهدم سنة الاجتماع والتعريض للفساد وقوله تعالى( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ).

ولحديث (أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) وحديث ( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرم عليها راحة الجنة ).

ففيه دليل على أن سؤال المرأة الطلاق من زوجها محرم عليها تحريماً شديداً لأن من لم يرح رائحة الجنة غير داخل لها ابداً وكفى بذنب يبلغ بصاحبه إلى ذلك المبلغ مشيراً إلى فظاعته وشدته كما قال الشوكاني .

وهذا هو الراجح لاتفاقه مع مقاصد الشريعة ولمخاطر الطلاق المتعددة .
قال ابن عابدين الأصل في الطلاق الحظر بمعنى أنه محظور الا لعارض يبيحه والأباحة للحاجة إلى الخلاص فإذا كان بلا سبب أصلا لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص بل يكون حمقاً وسفاهة راي ومجرد كفران النعمة واخلاص الايذاء بها وبأهلها وأولادها.

– وإذا وجدت الحاجة المبيحة وهي أعم من الكبر والريبة ابيح الطلاق وعليها يحمل ما وقع منه صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة وغيرهم من الائمة صونا لهم من العبث والايذاء بلا سبب .

– أثر مخالفة القيد: إذا حدث الطلاق من غير حاجة أو سبب يدعو إليه فإنه يقع بالاتفاق ولكن المطلق يأثم لأن الحاجة قد تكون تقديرية او نفسية لا تخضع للاثبات الظاهر في القضاء وقد تكون مما يجب ستره حفاظاً لسمعة المرأة ومنعاً من التشهير بها لهذا كان الاصح ألا يحكم على الرجل بتعويض مادي للمطلقة بسبب كون الطلاق تعسفا ويكتفي بما يقرره الشرع بدفع مؤخر الصداق ونفقة العدة والمتعة التي هي التعويض عن الضرر الناجم عن الطلاق.(1)

(1) الفقه الإسلامي وأدلته الشامل للأدلة الشرعية والآراء المذهبية وأهم النظريات الفقهية وتحقيق الأحاديث النبوية وتخريجها
تاليف:د. وهبة الزحيلي. ج17 الأحوال الشخصية : صـ 400-401.

المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت