التمييز بين قواعد القانون الدولي وغيرها من القواعد الدولية

المقصود بقواعد القانون الدولي تلك الأحكام المستقرة في العلاقات الدولية، والتي يترتب على مخالفتها قيام مسئولية قانونية دولية، ومن هذه القاعدة تختلف قواعد القانون الدولي عن القواعد التي سندرسها حيث لا تثير مخالفة الأخيرة المسئولية القانونية الدولية.

أولاً- قواعد المجاملات الدولية:
وهي القواعد غير الملزمة التي درجت الدول على إتباعها في علاقاتها الدولية انطلاقاً من اعتبارات اللياقة والمجاملة دون أي التزام قانوني أو أخلاقي ومخالفتها لا يرتب أي جزاء، ولكن قد تتحول قواعد المجاملات إلى قواعد قانونية ملزمة عبر تنظيمها بمعاهدة أو من خلال تواتر العمل الدولي عيها مع الشعور بنها ذات صفة ملزمة مثال ذلك ما حدث بالنسبة لقواعد امتيازات وحصانات المبعوثين الدبلوماسيين، وبالعكس فقد تتحول القاعدة القانونية إلى قاعدة من قواعد المجاملات إذا فقدت وصف الالتزام القانوني واتجهت الدول إلى عدم التمسك بصفة الملزمة وهو ما حدث بالنسبة لمراسم استقبال السفن الحربية في الموانئ الأجنبية التي كانت قديماً من القواعد القانونية الملزمة.

ثانياً- قواعد الأخلاق الدولية:
وهي مجموعة المبادئ والمثل العليا التي تتبعها الدول استناداً إلى معايير الشهامة والمروءة والضمير، ويتعين على الدول مراعاتها حفاظاً على مصالحها العامة والمشتركة رغم عدم وجود أي التزام قانوني بها، وتقع في مركز وسط بين القاعدة القانونية الدولية وقواعد المجاملات الدولية، فهي مثل قواعد المجاملات التي تتمتع بصفة الإلزام ولا ترتب مخالفتها أي جزاء إلا المعاملة بالمثل وهو جزاء أخلاقي، كما أنها تقترب من قواعد القانون الدولي من أن عدم مراعاتها يعرض الدولة لاستهجان الرأي العام العالمي كما يعرض مصالحها للخطر. ومن أمثلة قواعد الأخلاق الدولية: استعمال الرأفة في الحرب وتقديم المساعدات للدول التي تتعرض لكوارث، وقد تتحول هذه القواعد إلى قواعد ملزمة إذا أحست الدول بضرورتها وتم الاتفاق عليها بموجب اتفاقية دولية أو بتحولها القاعدة عرفية مثل تحول قواعد الأخلاق المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب إلى قواعد قانونية بعد النص عليه في اتفاقيات جنيف عام 1949.

ثالثاً- قواعد القانون الدولي الطبيعي:
هي القواعد التي تعتبر مثالاً لما يجب أن يكون عليه المجتمع الدولي، وهي لا تنشأ بفعل الإرادة وإنما يفرضها العقل والمنطق لتحقيق العدالة المطلقة باعتبارها الوضع المنطقي الذي يتعين أن تكون عليه العلاقات بين أفراد المجتمع. ووجه الخلاف بين القانون “الطبيعي” والقانون الدولي “الوضعي” أن الأول يعتبر تعبيراً عن المثالية الدولية التي يجب أن تكون عليها علاقات المجتمع الدولي، أما الثاني فهو تعبير عن واقع الحياة الدولية بصرف النظر عن مدى تطابق هذه الواقعية مع اعتبارات العدالة، وقواعد القانون الدولي الوضعي لها الأولوية لأنها تتمتع بصفة الإلزام ويترتب على مخالفتها جزاء، في حين لا يجوز تطبيق قواعد القانون الدولي الطبيعي إلا عند الاتفاق بين الأطراف على ذلك

اعادة نشر بواسطة محاماة نت