الطعن لمصلحة القانون لتصحيح الخطأ وتلافي الخروقات وتحقيق العدالة

القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
من المبادئ الأساسية في إقامة العدالة هو إن المشرع يحدد طرقا للطعن في الأحكام الصادرة من القضاء وفي هذا الإطار كان المشرع العراقي قد رسم سلطة القضاء ثم عمد إلى تنظيم إجراءات التقاضي والاختصام، فكان لزاما تحديد طرق الطعن في الإحكام والقرارات، فحدد قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 تقسيما لهذه الطرق حددها في المادة 68 من قانون المرافعات المدنية ويلاحظ على هذا القانون ان بعض قواعده من النظام العام ومع ذلك لم يكن للادعاء العام إي دور يذكر في الدعاوى المدنية ومراقبة نظام المرافعات المدنية ولكن بعد صدور قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 الملغي وصدور قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 ،

فقد اخذ المشرع بمبدأ تدخل الادعاء العام في الدعوى المدنية التي تتضمن حقوقا للدولة ولكن قد يحدث أن يصدر من المحكمة قرار أو حكم و تمر المدة القانونية للطعن ولا يطعن به الأطراف وقد تكون في الحكم أخطاء قانونية، ففي هذه الحالة ليس من السهل تصحيح الخطأ أو تلافي خرق القانون، لذلك عمدت بعض التشريعات إلى إيجاد طريق قانوني جديد لإزالة الخطأ القانوني أو الخرق للقانون وهذا الجديد الذي جاء به المشرع العراقي في قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 في المادة 7 والتي نصت على ان يتولى رئيس الادعاء العام اتخاذ الإجراءات التي تكفل تلافي خرق القانون أو انتهاكه وفقا للقانون و إذا تبين لرئيس الادعاء العام حصول خرق للقانون في حكم أو قرار صادر عن اي محكمة عدا المحاكم الجزائية أو في قرار صادر عن لجنة قضائية أو عن مدير عام رعاية القاصرين أو مدير رعاية القاصرين المختص أو المنفذ العدل من شأنه الإضرار بمصلحة الدولة أو القاصر أو أموال إي منهما أو مخالفة النظام العام يتولى عندها الطعن في الحكم إذا لم يكن احد من ذوي العلاقة قد طعن فيه أو تم الطعن فيه ورد الطعن من الناحية الشكلية و لا يجوز الطعن لمصلحة القانون وفق إحكام الفقرة (أ) من هذا البند إذا مضت خمس سنوات على اكتساب الحكم أو القرار الدرجة القطعية والمقصود بالحكم أو القرار المشوب بخرق القانون هو صدوره مقترنا بأخطاء فادحة تنم عن مجانبة جدية للمبادئ و القواعد القانونية بكل وضوح و خرق القانون هو المخالفة للقانون التي ينتج عنه ضرر جسيم يمس المصلحة العامة مثل الإضرار بأموال الدولة كمخالفة قانون الأحوال الشخصية،

فيما يتعلق بالحل والحرمة ومن هذا يتضح إن الطعن لمصلحة القانون لا يقتصر على الدعاوى التي تتعلق بأموال الدولة بل يجوز كذلك إذا كان هناك خرق للقانون أو للنظام العام أو الشريعة الإسلامية بالنسبة لدعاوى الأحوال الشخصية التي تتعلق بمصلحة المجتمع أكثر من تعلقه بحقوق الأفراد وإن الغاية الأساسية لمبدأ الطعن لمصلحة القانون هي توفير ضمانة تشريعية لتدارك ماقد يحيق من اضرار بالمصلحة العامة أو بمصالح أخرى للدولة وتداركا من المشرع العراقي لمقاصد أخرى من بينها رعاية حقوق القاصرين ومن في حكمهم والطعن لمصلحة القانون ليس من الطرق القانونية المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية وأن يتضمن الحكم أو القرار المطعون فيه حالة مخالفة أو خرقا للقانون و الاضرار بمصلحة الدولة وبأموالها وأن يقتصر الطعن لمصلحة القانون على الأحكام والقرارات التي تصدرها أية محكمة عدا المحاكم الجزائية

ويترتب على ذلك عدم شمول الاحكام الصادرة من المحاكم الجزائية وأن يكون الحكم أو القرار المطعون فيه لمصلحة القانون قد اكتسب الدرجة النهائية بمضي المدة القانونية للطعن دون أن يقع عليه طعن ممن له مصلحة فيه ولقد حددت التشريعات العراقية المتعاقبة والتي أخذت بنظام أو بمبدأ الطعن بالأحكام والقرارات لمصلحة القانون الإجراءات التي ينبغي على الادعاء العام إتباعها من اجل رفع الطعن لمصلحة القانون وكان قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 الملغي ينص على أن الطعن لمصلحة القانون يتم من قبل رئيس الادعاء العام امام محكمة التمييز ويتم النظر بالطعن من قبل هيئة خماسية في محكمة التمييز الاتحادية وفقا للقانون الملغي إلا إن القانون الجديد لم يبين الجهة التي يقدم إليها الطعن لمصلحة القانون على خلاف القانون الملغي، لاسيما ان المشرع العراقي في المادة 17 من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017

تنص على أن يلغى قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 وتبقى التعليمات الصادرة بموجبه نافذة إلى حين صدور مايحل محلها أو يلغيها وعدم ذكر الجهة التي يقدم إليها الطعن لمصلحة القانون وهذا نقص تشريعي يجب تداركه من قبل المشرع العراقي كما إن المشرع العراقي قد أورد مصطلحا عاما لخرق القانون و لم يحدد حالات الطعن لمصلحة القانون ولم يحصرها وهذا التوجه من قبله موفق لان تحديده سيصطدم بالواقع العملي في العمل القضائي ومن جهة أخرى لا يستقيم مع المنطق، إذ لا يمكن ادارج تلك الحالات في التشريع على سبيل أمثلة و نرى ان يصار إلى تعديل قانون الادعاء العام لبيان الجهة التي يقدم إليها الطعن لمصلحة القانون.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت