“الصلح الجزائي”.. مفهوم نوعي لتسوية النزاعات ودياً

ناصر الجابري (أبوظبي)

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

أكد المستشار حسن الحمادي، مدير إدارة النيابات في دائرة القضاء بأبوظبي، أن «الصلح الجزائي» أحد المبادرات المتميزة التي تترجم مناخ التسامح في دولة الإمارات، كما يعكس رؤيتها وما تشمله التشريعات والقوانين في الدولة من دعوة للتسامح، عبر ما تتضمنه من بنود ومواد تتيح المجال للمتخاصمين لإنهاء النزاع بطريقة ودية، والتسوية، سواء من خلال التوصل لذلك عبر درجات التقاضي،

أو في مرحلة ما بعد صدور الحكم، بهدف إتاحة المجال لهم للتوصل للحلول التي تسهم في الحفاظ على النسيج المجتمعي المتوحد دون الإخلال بالحق القانوني.

ولفت إلى أن الصلح الجزائي نجح في إنجاز 4 أهداف رئيسة تتمثل في سرعة البت في الدعاوى الجزائية، وتخفيف العبء على المحاكم، وتبسيط إجراءات التقاضي، واختصار الوقت والجهد والنفقات على أطراف الدعوى الجزائية.

وقال الحمادي: جاء المرسوم بقانون رقم 17 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجزائية رقم 35 لسنة 1992 وتعديلاته. ليضيف إجراءات جديدة تحت مسمى «الصلح الجزائي»، حيث يجيز للنيابة العامة أو المحكمة المختصة بحسب الأحوال، اتخاذ إجراءات الصلح الجزائي.

وأضاف: تأتي الإجراءات بموجب اتفاق بين المجني عليه أو وكيله أو ورثته أو وكيلهم الخاص وبين المتهم لإنهاء النزاع في المسائل الجزائية بصورة ودية، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجزائية أو وقف تنفيذ الحكم الصادر فيها، كما يجوز الصلح في أي حالة كانت عليها الدعوى، ولو بعد صدور الحكم باتاً.

وأشار إلى أنه يجوز للمجني عليه أو وكيله أو ورثته أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال، وذلك في الجنح والمخالفات المنصوص عليها في مواد قانون العقوبات الاتحادي، وعددها 28 مادة، وفي الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون.
ولفت إلى أنه للنيابة العامة وفقاً للمادة 349، إذا لم يبادر المجني عليه أو ورثته بالصلح مع المتهم قبل تقديم المتهم إلى المحاكمة الجزائية، أن تعرض الصلح على المتهم والمجني عليه، وذلك بعد إحاطة المتهم علماً بجريمته وأدلتها وعقوبتها، وبجبر الأضرار التي لحقت بالمجني عليه، وتكون مدة التوصل للصلح المشار إليها 15 يوماً، ويجوز مدها إلى مدة مماثلة.

وبين أنه في حال باءت جهود الصلح بالفشل، يتم التصرف في الدعوى الجزائية وفقاً للقانون والإجراءات المتبعة بإحالة الدعوى، وإذا قبل المجني عليه أو وكيله الصلح مع المتهم، يحرر محضراً بالصلح يثبت فيه مضمون اتفاق الطرفين، ويعتمد من عضو النيابة العامة، وذلك بعد التوقيع عليه من أطرافه.

قضايا ليوم واحد
وأوضح أن استحداث الصلح الجزائي يعتبر تغييراً نوعياً في العمل القضائي، حيث تنقضي الدعوى الجزائية على إثر ذلك في جرائم منها الاعتداء بالضرب والتهديد والقذف والسب والاعتداء على الخصوصية والشيك من دون رصيد، وإتلاف مال الغير، وانتهاك حرمة ملك الغير، وغيرها من القضايا.

وأشار إلى أن بعض القضايا تنتهي في النيابة خلال يوم بغرامة تفرض على المتهم، بدلاً من أن تحال إلى المحكمة، وتعقد من أجلها عدة جلسات، وقد ترفع إلى محكمة الاستئناف والمزيد من الجلسات والوقت والجهد والنفقات.

وشدد أن النيابة العامة تدرك دورها الوقائي نحو المجتمع، ومن هذا المنطلق حرصت على إبراز جانب الوعي القانوني بشتى الوسائل، حيث اهتمت بنشر المفاهيم والمعرفة القانونية والتسامح مع مكونات المجتمع، كما تقوم النيابة في بعض القضايا وخاصة التي يجوز فيها التصالح قانوناً، بعرض التصالح على الأطراف من خلال أعضاء النيابة العامة.