1-أن يكون المدين قادرا على الوفاء:

فإذا ثبت إعساره امتنع حبسه لوجوب إنظاره(1)، حسب ما ورد في الفقه الاسلامي، وقد أوجبت المادة (155) من قانون التنفيذ الفلسطيني على قاضي التنفيذ أن يأمر بمثول الطرفين لجلسة لسماع أقوالهما في حالة عدم مراجعة المدين لدائرة التنفيذ أو عرض تسوية مناسبة أو عرض تأمينات أو طلب تقسيط الدين لمدد لم يوافق عليها المحكوم له للتأكد مدن مقدرة المدين على دفع المبالغ المحكوم بها، هذا في الأحوال التي لا يعتبر فيها المدين مقتدرا دون حاجة لإثبات اقتداره.

2-أن يمتنع المدين عن الوفاء بعد أن يأمره القاضي به:

إن امتناع المدين عن الوفاء بعد أمر القاضي به يبين له مطلُه والمطل ظلم، والظالم لابد أن يحبس إلى أن يرجع عن ظلمه بوفاء الحق المترتب عليه(2(، وهو شرط يمكن استنتاجه من نص المادة(155) من قانون التنفيذ الفلسطيني، حيث أوجبت على قاضي التنفيذ تحديد جلسة للتأكد من مقدرة المحكوم عليه على دفع المبالغ المحكوم بها عليه، فإذا تبين لقاضي التنفيذ بناء على التحقيقات التي باشرها من قدرة المحكوم عليه على دفع المبالغ المحكوم بها جاز له أن يأمر بالقبض عليه بناء على طلب المحكوم له، وهو ما أكدت عليه المادة (156) من قانون التنفيذ الفلسطيني.

3- أن يكون المدين ممن يجوز حبسهم:

يجب أن يكون المدين أهلا فلا يجوز حبس الصغير والمجنون ونحوهما، لأن الحبس عقوبة وغير المكلف ليس أهلا للعقوبة لدى الفقه الاسلامي، كما لا يتحقق الهدف من الحبس وهو التضييق على المدين) المجنون( لعدم إداركه لهذا الأمر أصلا ، وعلى الصغير لعدم قدرته على تحمل ما دون طاقته، كما أن المدين غير المكلف لا يطالب بما في ذمته مدن دين، وانما يطالب به وليه أوصيه(3) وعلى ذلك أكدت المادة (163) من قانون التنفيذ حيث لا يجوز حبس المدين الذي لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره والمعتوه والمجنون.

كما يجب أن يكون غير أصل للدائن فلا يحبس الوالدين بدين الولد لقوله تعالى ” وصاحبهما في الدنيا معروفا ” (4) وقوله “وبالوالدين إحسانا ” (5) وحبس الوالد ليس من المصاحبة بالمعروف فلا يجوز حبسه وكذلك ليس من قبيل الإحسان بهما فلا يجوز حبسهما، كما أن الحبس عقوبة فلا يعاقب به الوالد، كما لا يعاقب بالحد والقصاص (6) وقد أكددت المادة(163) مدن قانون التنفيذ الفلسطيني على ذلك حيث لا يصدر قرار الحبس بحق المدين لأجل دين محكوم به للفروع على الأصول، وكذلك الأزواج على دين غير النفقة.

4-أن يكون المدين سليما معافى:

اختلف الفقهاء في مدى جواز حبس المدين المريض فذهب جمهور الفقهاء )المالكية والحنفية( إلى أن المدين حتى لو كان مريضا فانه يسجن حفاظا على حقوق الناس ولكن يفرج عنه إذا فقد الممرض(7) وهو ما أخذ به قانون التنفيذ الفلسطيني في المادة )159) حيث نصت على الآتي: ” لقاضي التنفيذ أن يقرر تأجيل حبس المدين إلى أجل أخر إذا ثبت لديه بتقرير طبي صادر عن لجنة طبية رسمية مختصة أن المدين الذي تقرر حبسه لعدم الوفاء بالدين المحكوم عليه لا يتحمل معه السجن بسبب مرضه”.

يتضح أن المدين المريض يجوز حبسه لكن إذا خشي على حياته فإنه يجوز تأجيل الحبس لحين شفائه لأن الحياة هنا أولى بالرعاية من مصلحة الدائن، وهو ما قضت به محكمة استئناف رام الله في تنفيذ رقم (509/2010) بتاريخ 29 /6/2010 والاستئناف رقم (384/2010) وقد اشترط المشرع منعا للتحايل الذي يمكن أن يلجأ إليه المدين أن تكون الشهادة المرضية التي تؤجل حبس المدين صادرة ومعتمدة من الجهة المختصة بوزارة الصحة، أما مسألة احتمال المدين للسجن من عدمه فإنها تترك لتقدير الأطباء ولجنة القوموسيون يحددون بتقرير طبي أثر الحبس على المدين، وعلى ضوء ذلك يكون لقاضي التنفيذ السلطة التقديرية فدي تأجيل الحبس ومة التأجيل، فله أن يقدر أن بالإمكان علاجه بالسجن مدن عدمه أو نقله إلى المستشفى تحت الحارسة إذا اقتضي الأمر ذلك، خاصة وأن الحبس ليس عقوبة بقدر ما هو وسيلة لإكراه المدين على تنفيذ التزامه، وهو ما قضت به محكمة استئناف رام الله في الاستئناف رقم (665/2010)بتاريخ (10/10/2010) حيث قضت أن ” صلاحية تأخير تنفيذ أمر الحبس هي صلاحية ممنوحة لقاض التنفيذ وفق سلطته التقديرية والتي إن راى استعملها جاز له ذلك تماما إذا رفض استعمال هذا الخيار وبالتالي لا معقب عليه من قبل محكمتنا إن رفض ذلك الطلب “.

وأرى في هذا المقام أن إعطاء سلطة تقديرية لقاضدي التنفيذ في غير محله إذ أنه قد يرفض التأجيل على الرغم من قرار اللجنة الطبية بعدم قدرة المدين على الحبس في ظل أن المسألة طبية مطلقة واللجنة الأكثر علما وقدرة في المجال، لذا نرى ضرورة تعديل المادة 159 من قانون التنفيذ لتصبح “على قاضي التنفيذ تأجيل حبس المدين لأجل آخر…”.

ويكون التأجيل لتنفيذ قرار الحبس مؤقتا لحين شفاؤه، مما يعني بالضرورة عم امكان حبس المدين المريض الذي لا يرجى شفاؤه وكان الحبس مؤثرا في المرض، لكن لو شفى المريض من مرضه فعندئذ يتوجب تنفيذ قرار الحبس ضده، أما اذا مرض المدين أثناء وجوده في السجن بمرض لا يرجى شفاؤه وكان لا يحتمل الحبس بسبب المرض فإن المشرع الفلسطيني لم يعالج هذه المسألة في قانون التنفيذ، وأرى أن يضاف فقرة للمادة 159 ما يلى نصها “إذا مرض المدين أثناء حبسه مرضا لا يحتمل معه السجن توجب بعد عرضه على لجنة طبية رسمية إخلاء سبيله”، وان كان الأحرى به النص على حالة المدين الذي ثبتت بالبينة الطبية أنه مريض مرضا مزمنا لا يرجي شفاءه ولا يتحمل معده السجن ضمن الحالات التي لا يجوز فيها حبس المدين، لأن الأصل أن يكون المرض مانعا للحبس وموقفا له، ذلك أن المشرع جعل للقاضي الحق في البحث عن المقدرة المالية فكيف بالمقدرة الشخصية ذلك أن الالتزام مالي وليس شخصي، فتحقق الغاية في هذه الحالة )8)، كما أن الحبس في مثل هذه الحالة لا يحقق غايته، و لا يتفق مع الاعتبارات الإنسانية والقيم الخلقية وتصبح الغاية من الحبس قليلة الأهمية بالقياس مع الضرر الذي يصاب به المدين بسبب السجن.

___________________

1- محدي الدين يحي بن شرف النووي، روضة الطالبين وعمدة المفتين، الجزء الرابع، المكتب

الاسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1405 ه1985م ،ص136.

2- أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدام المقدسي، المغني، الجزء الرابع،

مكتبة الرياض الحديثة، الرياض،1401-1981م،ص 157.

3- شمس الدين السرخسي، المبسوط، الجزء العشرون، دار المعرفة، بيروت، لبنان، 1406 ه-

1986م،ص91م/حبس المدين في الفقه الاسلامي السعودي ص3.

4- (لقمان اية 15)

5- (الاسراء اية23).

6- علاء الدين ابو بكر بن مسعود الكاساني الحنفي، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الجزء

السابع، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1701 ه- 1982 م،ص173 / كمال الدين محمد بن الواحد المعروف بابن الهمام الحنفي، فتح القدير، الجزء السابع، مطبعة مصطفي البابي الحلبي، مصر، الطبعة الأولى،1389 ه1970 م، ص284.

7-حقوق السجين في الاسلام ص2 مقال منشور على الموقع / الالكتروني :assobol.com/fokohview.php?texfld=310

8- شادي أسامة على محمد، حبس المدين وفقا لقانون التنفيذ الفلسطيني رقم (23) لسنة 2005 رسالة مقدمة لجامعة النجاح الوطنية، نابلس، 2008م، ص91.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .