الطعن 104 لسنة 59 ق جلسة 5 / 2 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 66 ص 398 جلسة 5 من فبراير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة: أحمد نصر الجندي وعضوية السادة المستشارين: حسين محمد حسن عقر نائب رئيس المحكمة، مصطفى حسيب عباس محمود، فتحي محمود يوسف وعبد المنعم محمد الشهاوي.
—————
(66)

الطعن رقم 104 لسنة 59 القضائية “أحوال شخصية”

(1)المسائل الخاصة بالمسلمين “نسب”.
ثبوت النسب حق أصلي للأم والولد. علة ذلك.
(2)دعوى الأحوال الشخصية “الطعن في الحكم: “نقض”.
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. أن يكون للخصم الموجه إليه الطعن مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه. اختصام ورثة المطلوب بثبوت النسب إليها ليكون الحكم حجة عليهم. صحيح.
(3) دعوى الأحوال الشخصية “نظر الدعوى”.
الدعاوى المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية. وجوب نظرها في سرية. علة ذلك. عقد إحدى جلسات الاستئناف في علانية دون تناول المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية بأي من طرفي النزاع. لا خطأ.
(4، (5 دعوى الأحوال الشخصية “سماع الدعوى”.
4 – مدة الخمس عشرة سنة المقررة لسماع الدعوى. م 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. ماهيتها.
5 – بلوغ الولد أو البنت عاقلاً خمس عشرة سنة. أثره زوال الولاية على نفسه. مؤداه. أن يخاصم ويخاصم بشخصه فيما يتعلق بشئون نفسه.

————–
1 – المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ثبوت النسب حق أصلي للأم ليدفع عن نفسها تهمة الزنا أو لأنها تعير بولد ليس له أب معروف وهو في ذات الوقت حقاً أصلياً للولد لأنه يرتب له حقوقاً بينها المشرع والقوانين الوضعية كحق النفقة والرضاع والحضانة والإرث.
2 – يشترط في الخصم الذي يوجه إليه الطعن أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى اختصمت المطعون ضدهم من الثاني للأخيرة بصفتهم ورثة المرحومة…، المطلوب ثبوت النسب إليها وليكون الحكم حجة عليهم ومن ثم يكون لهم صفة في الطعن.
3 – المقرر في قضاء محكمة النقض أن مفاد المادتين 871 و878 من الكتاب الرابع من قانون المرافعات أن المشرع أوجب نظر الدعاوى المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية في غرفة مشورة ومؤدى هذا أن يكون نظر هذه الدعاوى في جلسات سرية لأنها تدور حول حالة الشخص وأهليته ونظام الأسرة وهي كلها مسائل يجب أن تعرض في أضيق نطاق وألا تلوك الألسن ما يدور حولها، لما كان ذلك وكان البين من محاضر جلسات محكمة الاستئناف أن جلسة…. وإن عقدت في علانية إلا أن المرافعة فيها لم تتناول مسائل متعلقة بالأحوال الشخصية الخاصة بأي من طرفي النزاع وكانت بقية محاضر الجلسات التي تداولت فيها الدعوى ودارت فيها المرافعة بينهما قد خلت مما يفيد انعقادها في علانية مما يتحقق معه السرية المطلوب توافرها عند نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف.
4 – نص المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بعدم سماع الدعوى التي مضى عليها خمس عشرة سنة مع تمكن المدعي من رفعها وعدم العذر الشرعي في إقامتها مع إنكار الحق في تلك المدة مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المدة المقررة لسماع الدعوى ليست مدة تقادم وإنما مبناها نهي المشرع للقضاة عن سماع الدعوى بمجرد انقضاء المدة المقررة لسماعها ولا يقف سريانها إلا بقيام عذر شرعي بالمدعي يحول بينه وبين رفع الدعوى ما بقى هذا العذر قائماً.
5 – الراجح في مذهب الإمام أبي حنيفة أن البلوغ بالسن هو خمس عشرة سنة بالنسبة للولد والبنت وأنه متى بلغ الولد ذكراً كان أو أنثى عاقلاً زالت عنه الولاية على النفس يُخَاصِم ويُخَاصَم بشخصه فيما يتعلق بشئون نفسه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 86 لسنة 1980 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة ضد الطاعن والمرحومة… مورثة باقي المطعون ضدهم للحكم بثبوت نسبها إلى الطاعن من المورثة المذكورة وقالت بياناً لدعواها إنه بموجب عقد زواج عرفي مؤرخ 26/ 11/ 1948 تزوج الطاعن بوالدتها المرحومة ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وكانت هي ثمرة لهذه الزيجة فأنجباها وقيدت في 9/ 8/ 1949 بسجل واقعات المواليد وإذ عمد الطاعن إلى إنكار نسبها منه فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق – بعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت بتاريخ 28/ 2/ 1987 بإثبات نسب المطعون ضدها الأولى إلى الطاعن من المرحومة…. مورثة باقي المطعون ضدهم. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 324/ 104 ق وبتاريخ 9/ 3/ 1989 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني للأخيرة وفي الموضوع بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني للأخيرة أنه وإن اختصموا في الطعن إلا أنه لم يحكم عليهم بشيء ولا يتعلق بهم أسباب الطعن.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ثبوت النسب حق أصلى للأم ليدفع عن نفسها تهمة الزنا ولأنها تعير بولد ليس له أب معروف وهو في ذات الوقت حقاً أصلياً للولد لأنه يرتب له حقوقاً بينها المشرع والقوانين الوضعية كحق النفقة والرضاع والحضانة والإرث وأنه يشترط في الخصم الذي يوجه إليه الطعن أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى اختصمت المطعون ضدهم من الثاني للأخيرة بصفتهم ورثة المرحومة… المطلوب ثبوت النسب إليها وليكون الحكم حجة عليهم ومن ثم يكون لهم صفة في الطعن ويكون الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه البطلان – وفي بيان ذلك يقول إن الاستئناف نظر بجلسة 5/ 11/ 88 في علانية بالمخالفة لحكم المادة 871 مرافعات التي توجب نظر الطعن في غرفة مشورة بما يعيب الحكم بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء محكمة النقض أن مفاد المادتين 871 و878 من الكتاب الرابع من قانون المرافعات أن المشرع أوجب نظر الدعاوى المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية في غرفة مشورة ومؤدى هذا أن يكون نظر هذه الدعاوى في جلسات سرية لأنها تدور حول حالة الشخص وأهليته ونظام الأسرة – وهي كلها مسائل يجب أن تعرض في أضيق نطاق وألا تلوك الألسن ما يدور حولها. لما كان ذلك وكان البين من محاضر جلسات محكمة الاستئناف أن جلسة 5/ 11/ 1988 وإن عقدت في علانية إلا أن المرافعة فيها لم تتناول مسائل متعلقة بالأحوال الشخصية الخاصة بأي من طرفي النزاع وكانت بقية محاضر الجلسات التي تداولت فيها الدعوى ودارت فيها المرافعة بينهما قد خلت مما يفيد انعقادها في علانية مما يتحقق معه السرية المطلوب توافرها عند نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي قضى برفض الدفع المبدى منه بعدم سماع الدعوى لمضي أكثر من خمسة عشر عاماً مع تمكن المطعون ضدها الأولى من رفعها دون قيام مانع شرعي في شأنه الحيلولة دون إقامتها وذلك على سند من أن المنع من سماع الدعوى هو مجرد نهي من المشرع للقضاء عن سماعها – ولا يسقط حق صاحب الدعوى في حقه ودون أن يعمل الحكم نص المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على واقعة التداعي وبحث توافر شروط تطبيقها على واقعة النزاع وإذ أيده الحكم المطعون فيه فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان ما تقضي به المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من عدم سماع الدعوى التي مضى عليها خمس عشرة سنة مع تمكن المدعي من رفعها وعدم العذر الشرعي في إقامتها مع إنكار الحق في تلك المدة مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المدة المقررة لسماع الدعوى ليست مدة تقادم وإنما مبناها نهي المشرع للقضاة عن سماع الدعوى بمجرد انقضاء المدة المقررة لسماعها ولا يقف سريانها إلا بقيام عذر شرعي بالمدعي يحول بينه وبين رفع الدعوى ما بقى هذا العذر قائماً. وكان الراجح في مذهب الإمام أبي حنيفة أن البلوغ بالسن هو خمس عشرة سنة بالنسبة للولد والبنت وأنه متى بلغ الولد ذكراً كان أو أنثى عاقلاً زالت عنه الولاية على النفس فيخاصم ويخاصم بشخصه فيما يتعلق بشئون نفسه. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قام بسرد مبادئ وشروح فقهية للرد على الدفع دون أن يقوم بإنزال هذه المبادئ على واقع الدفع أو بيان ما تخلف من شروط تطبيق المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على الثابت – أمام المحكمة – من وقائع الدعوى للحكم برفض الدفع مكتفياً بالقول بأن الدفع على غير أساس وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ويوجب نقضه.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى ولدت في 9/ 8/ 1949 وأقامت دعواها الماثلة في سنة 1980 أي بعد مضي المدة السالفة من سماع الدعوى وخلو الأوراق من العذر المانع من رفضها وإنكار الطاعن للنسب المدعي به وتمسكه بعدم سماع الدعوى. مما يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم سماع دعوى المستأنف ضدها الأولى.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .