الحيلة غير المشروعة التي يتحقق بموجبها التدليس في التعاقد

الطعن 1196 لسنة 57 ق جلسة 18 / 11 / 1993 مكتب فني 44 ج 3 ق 328 ص 217

برئاسة السيد المستشار/ محمود نبيل البناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد الشافعي، محمد محمد محمود، عبد الملك نصار نواب رئيس المحكمة وعلي شلتوت.
———-
– 1 عقد ” أركان العقد وشروط انعقاده : التراضي ، من عيوب الرضا . التدليس”.
الحيلة غير المشروعة التي يتحقق بها التدليس في التعاقد . ماهيتها . إما أن تكون إيجابية باستعمال طرق احتيالية أو أن تكون سلبية بكتمان المتعاقد أمراً عن المتعاقد الآخر متى كان هذا الأمر يبلغ حداً من الجسامة بحيث لو علمه الأخير لما أقدم على التعاقد بشروطه .
النص في المادة 125 من القانون المدني – يدل على أن الحيلة غير المشروعة التي يتحقق بها التدليس إما أن تكون إيجابية باستعمال طريق احتيالية أو أن تكون سلبية بتعمد المتعاقد كتمان أمر عن المتعاقد الآخر متى كان هذا الأمر يبلغ حداً من الجسامة بحيث لو علمه الطرف الآخر لما أقدم على التعاقد بشروطه.
– 2 بيع ” اركان عقد البيع : التراضي ، من عيوب الرضا في البيع . التدليس”.
تمسك الطاعن بأن الدافع على شرائه العقار بالثمن المتفق عليه هو الانتفاع به خاليا من شاغله وأن المطعون ضده قد دلس عليه بما أثبته بالعقد ـ على خلاف الحقيقة ـ من أن هذا العقار مؤجر مفروشا وكتمانه عنه عند التعاقد سبق صدور حكم نهائي برفض دعوى إخلائه لثبوت استئجاره خاليا وأنه ما كان ليبرم العقد لو علم بأمر هذا الحكم . نفى الحكم المطعون فيه وقوع التدليس لمجرد علم الطاعن أن العقار مؤجر مفروشا وأن هناك دعاوى مرددة بإخلائه . خطأ وقصور .
إذ كان دفاع الطاعن في الدعوى قد قام على أن الدافع على شرائه العقار بالثمن المتفق عليه هو الانتفاع به خاليا من شاغله اعتمادا على ما ورد بالعقد من أن هذا العقار مؤجر مفروشا وهو ما يعنى إمكانية إخلاء مستأجره منه لعدم تمتعه بميزة الامتداد القانوني المقررة في قوانين إيجار الأماكن وأنه – أي الطاعن – قد تبين له بعد التعاقد أن هذا العقار مؤجر خاليا وقد حكم نهائيا برفض دعوى الإخلاء التي أقامها المطعون ضده على المستأجر لثبوت أن العقار مؤجر له خاليا وذلك قبل إبرام العقد بما يجاوز سنة وأن المطعون ضده قد دلس عليه بما أثبته على خلاف الحقيقة في عقد البيع من أن العقار مؤجر مفروشا وبتعمده كتمان سبق صدور حكم نهائي برفض دعوى إخلاء المستأجر لاستئجاره العقار خاليا مع أنه لو علم بهذا الأمر لما أقدم على إبرام العقد بالثمن المتفق عليه فيه، وهو منه دفاع جوهري قد يتغير به-إن صح -وجه الرأي في الدعوى، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل دفاع الطاعن على هذا النحو أورد في خصوص انتفاء التدليس قوله “الواضح من بنود عقد البيع سند التداعي أن المستأنف المشترى- الطاعن- أقر صراحة في البند الثالث أنه عاين العقار المشترى ويعلم أنه مؤجر إلى المرحوم …. وأن قضايا الإخلاء المرفوعة من البائع بإخلاء ورثة المستأجر باعتباره مؤجرا مفروشا وباعتبارهم غير مصريين، وأنه أقر أيضا أنه وشأنه مع المستأجر في موضوع الإخلاء سواء رضاء من ماله الخاص أو قضاء بمعرفته، وهذا الذى أقر به المستأنف صراحة في عقد البيع قاطع الدلالة على أنه إذ عاين العقار المبيع يعرف تماما أنه مؤجر للمرحوم … وأن قضايا إخلاء رفعت على الورثة لا خلائهم وأن من حقه إخلاءهم رضاء من ماله الخاص أو قضاء بمعرفته بما مفاده أن أمر إيجار العقار المبيع وظروف الإيجار كانت مطروحة على بساط البحث وقت تحرير عقد البيع بما يتنافى معه القول بأن البائع قد استعمل طرقا احتيالية معه وأخفى عنه الحقيقة ” وهو ما يبين منه أن الحكم المطعون يه قد استدل على انتفاء التدليس بمجرد علم الطاعن -أخذا بما ورد بالعقد -من أن العقار المبيع مؤجر لآخر وأن هناك قضايا إخلاء رفعت على ورثة المستأجر لإخلائهم من العين، وكان هذا الرأي الذى أورده الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه لا يصلح ردا على ما تمسك به الطاعن من تدليس ذلك أن علمه بتأجير العقار المبيع ويرفع قضايا لإخلاء ورثة المستأجر أو عدم علمه بذلك ليس هو موطن التدليس المدعى به على النحو المتقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعن ببحث دفاع الطاعن على وجهه الصحيح ورتب على ما خلص إليه من انتفاء التدليس قضاءه برفض الدعوى يكون فضلا عن قصوره في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون.
———
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 6861 مدني محكمة الجيزة الابتدائية طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1983/12/20 والمتضمن بيعه له كامل أرض وبناء العقار المبين الحدود والمعالم بالعقد مقابل ثمن جملته 600000 جنيه ستمائة ألف جنيه، وقال بياناً لها في صحيفة الدعوى ومذكرات دفاعه إنه بموجب هذا العقد باع له المطعون ضده كامل أرض وبناء العقار رقم 84 شارع النيل بالقاهرة البالغ مساحته 1062م2 لقاء ثمن مقداره 1800000 جنيه مليون وثمانمائة ألف جنيه وأن القصد من شرائه العقار بهذا الثمن هو إقامة بناء حديث محل ذلك العقار اعتماداً على ما ورد بالعقد من أن العقار مؤجر مفروش بما تقوم معه إمكانية إخلائه من مستأجره وإذ تبين له بعد التعاقد أن العقار مؤجر ومنذ البداية خالياً وأنه قد حكم نهائياً قبل إبرام العقد بما يجاوز سنة برفض دعوى الإخلاء التي أقامها المطعون ضده على المستأجر لثبوت أن العين مؤجرة خالية وكان المطعون ضده قد أخفى هذه الأمور مما يعد من جانبه تدليساً دفعه إلى الشراء بالثمن المسمى بالعقد حال أن ثمن العقار وهو محمل بعبء الاستئجار خالياً لا يجاوز وقت التعاقد 600000 جنيه فقد أقام دعواه بتاريخ 1986/4/6 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافين رقمي 5833، 5906 سنة 103 ق، ضمت المحكمة الاستئناف الأخير للأول وقضت بتاريخ 1987/2/14 بالتأييد، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
———-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن دفاعه في الدعوى أمام محكمة الموضوع بدرجتيها قام على أن المطعون ضده “البائع” دلس عليه وأن هذا التدليس عاب رضاءه بالثمن الباهظ الذي اتفق عليه في العقد ولولاه ما قبل الارتباط به ثمناً للعقار محل النزاع ذلك أن شراءه له بهذا الثمن كان للانتفاع به خالياً من شاغله وأن ما ورد بالعقد من أنه مؤجر مفروش يعني إمكانية إخلاء مستأجره منه لعدم تمتعه بميزة الامتداد القانوني المقررة في قوانين إيجار الأماكن، وأنه قد تبين له بعد التعاقد أن هذا العقار مؤجر خالياً وحكم نهائياً برفض دعوى الإخلاء التي أقامها المطعون ضده على المستأجر لثبوت هذه الإيجار وذلك قبل إبرام العقد بما يجاوز سنة، وبذلك يكون المطعون ضده قد دلس عليه بما أثبته على خلاف الحقيقة في عقد البيع من أن العقار مؤجر مفروشاً مع أنه لو علم بهذا الأمر لما أقدم على إبرام العقد بذات الثمن المتفق عليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعواه على مجرد القول بانتفاء التدليس دون أن يعني ببحث دفاعه والرد عليه بما يواجهه، وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان النص في المادة 125 من القانون المدني على أنه “1- “يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل التي لجأ إليها أحد المتعاقدين، أو نائب عنه، من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد. 2- ويعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة، إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة”. يدل على أن الحيلة غير المشروعة التي يتحقق بها التدليس إما أن تكون إيجابية باستعمال طرق احتيالية أو أن تكون سلبية بتعمد المتعاقد كتمان أمر عن المتعاقد الآخر متى كان هذا الأمر يبلغ حداً من الجسامة بحيث لو علمه الطرف الآخر لما أقدم على التعاقد بشروطه، وكان دفاع الطاعن في الدعوى قد قام على أن الدافع على شرائه العقار بالثمن المتفق عليه هو الانتفاع به خالياً من شاغله اعتماداً على ما ورد بالعقد من أن هذا العقار مؤجر مفروشاً وهو ما يعني إمكانية إخلاء مستأجره منه لعدم تمتعه بميزة الامتداد القانوني المقررة في قوانين إيجار الأماكن، وأنه – أي الطاعن – قد تبين له بعد التعاقد أن هذا العقار مؤجر خالياً وقد حكم نهائياً برفض دعوى الإخلاء التي أقامها المطعون ضده على المستأجر لثبوت أن العقار مؤجر له خالياً وذلك قبل إبرام العقد بما يجاوز سنة وأن المطعون ضده قد دلس عليه بما أثبته على خلاف الحقيقة في عقد البيع من أن العقار مؤجر مفروشاً وبتعمده كتمان سبق صدور حكم نهائي برفض دعوى إخلاء المستأجر لاستئجاره العقار خالياً مع أنه لو علم بهذا الأمر لما أقدم على إبرام العقد بالثمن المتفق عليه فيه، وهو منه دفاع جوهري قد يتغير به – إن صح – وجه الرأي في الدعوى، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل دفاع الطاعن على هذا النحو أورد في خصوص انتفاء التدليس قوله “الواضح من بنود عقد البيع سند التداعي أن المستأنف المشتري – الطاعن – أقر صراحة في البند الثالث أنه عاين العقار المشترى ويعلم أنه مؤجر إلى المرحوم ………. وأن قضايا الإخلاء المرفوعة من البائع بإخلاء ورثة المستأجر باعتباره مؤجراً مفروشاً وباعتبارهم غير مصريين، وأنه أقر أيضاً أنه وشأنه مع المستأجر في موضوع الإخلاء سواء رضاءً من ماله الخاص أو قضاءً بمعرفته، وهذا الذي أقر به المستأنف صراحة في عقد البيع قاطع الدلالة على أنه إذ عاين العقار المبيع يعرف تماماً أنه مؤجر للمرحوم ……… وأن قضايا إخلاء رفعت على الورثة لإخلائهم وأن من حقه إخلاءهم رضاء من ماله الخاص أو قضاءً بمعرفته بما مفاده أن أمر إيجار العقار المبيع وظروف الإيجار كانت مطروحة على بساط البحث وقت تحرير عقد البيع بما يتنافى معه القول بأن البائع قد استعمل طرقاً احتيالية معه وأخفى عنه الحقيقة وهو ما يبين منه أن الحكم المطعون فيه قد استدل على انتفاء التدليس بمجرد علم الطاعن – أخذاً بما ورد بالعقد – من أن العقار المبيع مؤجر لآخر وأن هناك قضايا إخلاء رفعت على ورثة المستأجر لإخلائهم من العين، وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه لا يصلح رداً على ما تمسك به الطاعن من تدليس ذلك أن علمه بتأجير العقار المبيع وبرفع قضايا لإخلاء ورثة المستأجر أو عدم علمه بذلك ليس هو موطن التدليس المدعى به على النحو المتقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعن ببحث دفاع الطاعن على وجهه الصحيح ورتب على ما خلص إليه من انتفاء التدليس قضاءه برفض الدعوى يكون فضلاً عن قصوره في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .