نبحث في هذا الموضوع للبحث في حجز الأموال غير المنقولة غير المسجلة في دائرة الأراضي، ويقسم إلى فرعين نتناول في الفرع الأول طلب الحجز الذي يقدمه الدائن لقاضي التنفيذ المختص قبل الحجز، وفي وجوب أن يتم تبليغه للمدين. أما في الفرع الثاني فنتناول إيقاع الحجز على المال غير المنقول غير المسجل في دائرة الأراضي باسم المدين.

الفرع الأول: طلب الحجز والتبليغ عنه

أن أول إجراءات الحجز هو تقديم الدائن لطلب الحجز لقاضي التنفيذ المختص؛ حيث إن وضع المال غير المنقول تحت يد القضاء بالحجز عليه لا تقوم به دائرة التنفيذ من تلقاء نفسها حتى ولو امتنع المدين عن الوفاء بالتزامه، وإنما يجب أن يقدم الدائن طلب . لقاضي التنفيذ بالحجز على أموال المدين غير المنقولة (1). يتم تقديم الدائن لطلب الحجز على أموال المدين غير المنقولة غير المسجلة، بنفس الإجراءات المتبعة عند تقديمه له في حالة الحجز على أموال المدين غير المنقولة المسجلة. ويتم تبليغه للمدين أيضا مع وجود بعض الاختلافات التي سأوضحها في الفرع الثاني.

الفرع الثاني: إيقاع الحجز

يلاحظ أن المادة ( 111 ) من قانون التنفيذ الفلسطيني قد أجازت الحجز على الأموال غير المنقولة ولو لم تكن مسجلة في دوائر التسجيل، وفي هذه الحالة فإن قاضي التنفيذ يصدر قرار يطلب فيه اعتبار الدائن صاحب مصلحة للمباشرة في إجراء معاملات التسجيل الجديد المعروفة(بمعاملات التسجيل المجدد)، وتسجيل الأموال غير المنقولة تلك على إسم المدين بعد أن يقوم الدائن بدفع الرسوم عنها، وبعد أن تتحقق دائرة التسجيل ولجنة التسجيل المجدد من تصرف المدين في قطعة الأرض حسب القوانين والأنظمة الواجب مراعاتها عند إجراء معاملات التسجيل المجدد، وبعد تمام عملية التسجيل يصبح لدينا قطعة أرض لها قيود في سلطة ترخيص الأراضي؛ عندئذ يتم وضع إشارة الحجز عليها والمباشرة في إجراءات التنفيذ الجبري (2) تتم معاملة التسجيل المجدد -والتي تعرف” المعاملات المتعلقة بتسجيل الأموال التي لم يسبق تسجيلها في دوائر التسجيل” (3) عادة بقيام الدائن مصطحبا معه كتاب من القاضي؛ بتقديم طلب تسجيل لقطعة الأرض المسجلة(ماليا) تسجيلا مجددا، مرفقا معه مخطط مساحة، وشهادة من مختار البلد، وحلف يمين من المحكمة أن المدين متصرف بها، ومن المؤكد أن إجراء معاملات التسجيل المجدد يحتاج إلى مصاريف عالية ووقت طويل يبدأ من وقت تقديم الطلب لمدير دائرة تسجيل الأراضي، وتقرير المساح، وخرائط المساحة، وتوقيع الجوار، والنشر في ساحة البلد وفي الصحف المحلية، واستكمال معاملة التسجيل لدى دائرة المساحة، ومن ثم عرض معاملة التسجيل على لجنة التسجيل المجدد التي تشكل برئاسة قاضي وعضوية مدير دائرة تسجيل الأراضي ومدير دائرة ضريبة الأملاك، وبعد أن تتحقق هذه اللجنة من تقديم كافة المستندات التي تؤيد تصرف المدين في الأرض غير المسجلة دون منازعة أو معارضة من أحد تقرر تسجيلها، فإذا ظهر أي شخص ادعى المعارضة أو المنازعة؛ فإن لجنة التسجيل المجدد تقرر تكليف الأطراف بمراجعة المحكمة المختصة، وعندئذ تبدأ مدة جديدة للتقاض بين الأطراف . مما يزيد من أمد تحصيل الدائن لحقه (4)

إلا أنه يلاحظ أن المشرع الفلسطيني وبنص المادة (111/1/ب) من قانون التنفيذ الفلسطيني، تعامل مع طلب الدائن في تسجيل الأموال غير المنقولة غير المسجلة باسم المدين لدى دائرة الأراضي المختصة بخصوصية، حيث إنه نص في هذه الفقرة على أن تقيد دائرة تسجيل الأراضي الطلب المقدم من الدائن في سجل خاص، مما يعني أن هذه المعاملة لا تعامل معاملة التسجيل المجدد التي تقدم من قبل شخص ما لتسجيل أمواله باسمه في الدائرة المختصة، إنما تعامل معاملة خاصة، من حيث أنها عادة لا تحتاج إلى ذات الوقت التي تحتاجه المعاملات الصادرة من أصحاب الأموال غير المسجلة لتسجيلها بأسمائهم؛ مما يعني أن المشرع قد منحها عامل السرعة. وأرى في ذلك أن قانون التنفيذ الفلسطيني قد منح الدائن ميزة في قيامه بتمام معاملة التسجيل لأموال مدينه غير المنقولة غير المسجلة، إذ إنه من المعروف أن صاحب هذه . الأموال هو من يقوم بتسجيلها(5) يجوز التنفيذ على أموال المدين غير المنقولة غير المسجلة في سجل دائرة الأراضي باسمه، كما لو تملكها عن طريق الميراث أو بعقد تمليك غير مسجل بعد حتى تم الحجز على هذا المال غير المنقول، ونلاحظ هنا أن المشرع الفلسطيني نص على الشروط والإجراءات الواجبة الإتباع في مثل هذه الحالة في المادة ( 111 ) من قانون التنفيذ الفلسطيني والتي تنص على أن

-1 يجوز حجز وبيع أموال المدين غير المنقولة الجائز حجزها قانونا وفاء لدين محكوم به، أو مربوط بسند واجب التنفيذ ولو لم تكن مسجلة في دوائر التسجيل على أن تراعى الشروط الآتية:

أ- أن يطلب الدائن إلى دائرة الأراضي تسجيل الأموال غير المنقولة باسم المدين.

ب- أن تقيد دائرة تسجيل الأراضي الطلب في سجل خاص بعد أن يقدم لها الدائن صورة

مصدقة من الحكم أو السند الذي بيده وأي أوراق أو سندات أخرى يطلبها مدير الأراضي مع دفع الرسوم الواجبة.

ج – يجري التحقيق في تصرفات المدين المراد التنفيذ عليه على الوجه المحدد في القوانين والأنظمة المتعلقة بمعاملات التسجيل الجديدة.

-2 يباشر بعد ذلك التنفيذ على هذه الأموال وفقا للإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتخصم دائرة التنفيذ من ثمنها ما أنفقه الدائن على معاملات التسجيل وتقوم بسداده له”. يقصد بعبارة التحقيق في تصرفات المدين الواردة في الفقرة (ج) من المادة سالفة الذكر، “الإجراءات المتبعة أمام لجنة التسجيل المجدد؛ إذ إن لجنة التسجيل المجدد عندما يقدم لها الدائن طلب التسجيل تتحقق من أنه يتصرف في هذه الأرض المطلوب تسجيلها تسجيلا مجددا للحجز عليها، وذلك خوفا من استعمال هذه المادة كوسيلة سريعة لتسجيل أموال غير منقولة غير مسجلة بالسابق استنادا لهذه المادة بطريقة صورية، أي أن إجراءات التسجيل المجدد المتبعة بالعادة يجب أن تتبع عند تطبيق هذه المادة” (6) نلاحظ بأن حجز المال غير المنقول المسجل في دائرة الأراضي وغير المسجل في دائرة الأراضي وتم تسجيله، يتم وفقا لعملية قانونية مركبة من ثلاثة عناصر على النحو التالي:

أولا: صدور قرار من قاضي التنفيذ بالحجز على أموال المدين غير المنقولة، وبهذا القرار يبدأ التنفيذ على هذه الأموال المادة (110/4) من قانون التنفيذ

ثانيا: قيام دائرة التنفيذ بإخطار دائرة تسجيل الأراضي، أو أية جهة أخرى ذات شأن بهذا القرار حتى تقوم بوضع إشارة الحجز على قيد أموال المدين غير المنقولة في صحيفة تسجيلها، منعا لإفراغها ببيعها إلى آخر، وعلى دائرة التسجيل أن توضح في جوابها طبيعة القيود التملكية الواردة على الأموال غير المنقولة، وهذا الإخطار يتم فورا ولا توجد أية مهلة بين تبليغ هذا . الإخطار لدائرة التسجيل وبين وضع إشارة الحجز على صحيفة الأموال غير المنقولة(7) .

ثالثا: الإخطار بالبيع ويتم هذا الإخطار بتبليغ المدين بورقة إخبار بالمعاملات الواقعة استنادا للمادتين ( 110 و 112 ) من قانون التنفيذ الفلسطيني، وورقة الإخبار هي ورقة من أوراق المحضرين المنصوص عليها في المادة ( 9) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني (8) حيث تشتمل هذه الورقة إضافة للبيانات المنصوص عليها في هذه المادة على البيانات التالية:

(1) بيان نوع السند التنفيذي الذي ينفذ الدائن بموجبه، وتاريخه والتاريخ الذي بلغ فيه السند . للمدين، ولا يغني عن بيان هذا التاريخ علم المدين به عن طريق آخر غير ورقة التنبيه (9)

2) )وصف دقيق للمال غير المنقول الذي ينوي الدائن حجزه فيبين هل هو أرض مباني أم أرض زراعية، ويبين موقعه، وأرقام القطع والأحواض ومساحته وحدوده، وغير ذلك مما يفيد في تعيينه تعيينا نافيا للجهالة، وإذا تعلق الأمر بأرض عليها بناء فإنه يجب بيان هذا البناء وإذا لم  يذكر البناء في الإخطار فإن الحجز يقتصر على الأرض دون البناء(10)

( 3) يبلغ المدين إذا كان المال غير المنقول مسجلا بالمعاملات الواقعة عليه استنادا للمادة (111) من قانون التنفيذ الفلسطيني.

4) ) إخطار المدين بأنه إذا لم يبادر لسداد دينه خلال شهر من تاريخ تبليغه الإخطار، فإن دائرة التنفيذ سوف تباشر بالتنفيذ لبيع أمواله غير المنقولة المحددة بورقة الإخطار.

وهذا ما تنص عليه المادة ( 112 ) من قانون التنفيذ الفلسطيني(11) تظهر احتياجات هذه المادة في كون الغالبية العظمى من أراضي فلسطين غير مسجلة، والمشرع يسعى إلى تسجيل هذه الأراضي، وبعد تمام البيع يتم حسم المصاريف؛ حيث إنه بإمكان الدائن أن يعود على المدين في كافة ما أنفقه من مصاريف لدى المحكمة المختصة، استنادا إلى نظرية الإثراء بلا سبب، أو جبر الضرر حسب واقع الحال، أو حسب التكييف القانوني الصحيح والذي يعود لمحكمة الموضوع تقريره، ومن ثم الحصول على سند تنفيذي ينفذ على وجه الاستقلال (12) تكمن الغاية من معاملة وضع اليد في تعيين العقارات المسجلة وغير المسجلة والحقوق المتعلقة به عند وضع اليد عليه، وفي معرفة كل من يرغب في شرائه فيما له من تأثير على قيمة العقار بمجرد اطلاعه على محضر وضع اليد، وتكمن كذلك في تعيين حقوق الغير لغرض مراعاة الحالة التي كان عليها العقار عند وضع اليد عليه في حل المنازعات التي قد تحدث بشأنه، وفي حالة مضي مدة طويلة على معاملة وضع اليد والمزايدة فمن الأفضل إجراء معاملة وضع يد جديدة لتثبيت التغييرات الجارية خلال تلك المدة، خاصة في حالة وقوع اعتراضات بشأن هذه التغييرات أو بشأن ما تم إدراجه في محضر وضع اليد، إذ إنه لا يوجد أي مانع قانوني من إجراء معاملة وضع يد جديدة على أن تبقى المعاملة الأولى هي الأساس في حل المنازعات التي تحصل عند التسليم تجاه المدين أو الغير، حتى لا يتخذ المدين من تجديد معاملة وضع اليد وسيلة لإضرار بحقوق الدائنين أو المشتري(13) يتبين مما سبق أن دور دائرة الأراضي يبدأ عند تقديم الدائن طلب الحجز على أموال مدينه غير المنقولة، حيث تقوم الدائرة بوضع إشارة الحجز على صحيفة تسجيل هذه الأموال بناء على الكتاب الذي يصلها من قاضي التنفيذ، ويستمر دورها طيلة السير في إجراءات الحجز إلى أن ينتهي بتمام عملية البيع بالمزاد العلني (14) نلخص ما جاء في هذا المبحث في إجراءات الحجز على الأموال غير المنقولة المسجلة في دائرة الأراضي، وفي إجراءات الحجز على الأموال غير المنقولة غير المسجلة في دائرة الأراضي. حيث بينا أن إجراءات الحجز على الأموال غير المنقولة المملوكة للمدين سواء كانت مسجلة في دائرة الأراضي أو غير مسجلة، إنما هي إجراءات تبدأ من طلب الحجز الذي يقدمه

_________________

1- راجع الفرع الأول من المطلب الأول من المصدر نفسة .

2- مقابلة مع القاضي رائد عساف، رئيس دائرة التنفيذ في محكمة بداية رام الله، بتاريخ

.2013/2/16.

3- نص المادة ( 2) من قانون تسجيل الأموال التي لم يسبق تسجيلها رقم ( 6) لسنة 1964 . نشر هذا القانون في العدد 1743 من الجريدة الرسمية على الصفحة 199 بتاريخ 1/3/1964.

4- من مقابلة مع القاضي رائد عساف، مرجع سابق. للمزيد أنظر فقها، رجاء كمال: رسالة ماجستير غير منشورة بعنوان

40 . أنظر أيضا عجوة، سائدة – (التنظيم القانوني للأراضي الأميرية)، جامعة النجاح الوطنية، فلسطين، 2012 ، ص 37 أحمد سليمان: رسالة ماجستير غير منشورة بعنوان( آلية انتقال الملكية في الأراضي غير المسجلة في فلسطين”دراسة مقارنة جامعة النجاح الوطنية، فلسطين، 2011 ، ص 65-68.

5- من مقابلة مع المحامي عدلي العفوري، مختص بقضايا الأراضي، بتاريخ 24/2/2013

6- من مقابلة مع القاضي رائد عساف، مرجع سابق.

7- الكيلاني، أسامة: أحكام التنفيذ في المواد المدينة والتجارية بمقتضى قانون التنفيذ الفلسطيني( دراسة مقارنة)، الطبعة الثانية، الإصدار الأول، بدون ذكر دار نشر، بدون ذكر بلد نشر، .2008 ص 323-324.

8- تنص المادة ( 9) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني على أن”يجب أن تشتمل ورقة التبليغ على

البيانات الآتية: 1 إسم المحكمة ورقم الدعوى والطلب. 2 إسم طالب التبليغ وعنوانه وصفته ومن يمثله إن وجد. 3 اسم المراد تبليغه وعنوانه وصفته. 4 موضوع التبليغ. 5 يوم التبليغ وتاريخه وساعة حصوله. 6 اسم من يقوم بالتبليغ وتوقيعه. 7 اسم وصفة من سلم إليه التبليغ وتوقيعه على النسخة المعادة إلى المحكمة”.

9- وذلك وفق ما تنص علية المادة (110/2) من قانون التنفيذ الفلسطيني التي تنص على أن” يجب أن يتضمن طلب الدائن بيان نوع السند التنفيذي وتاريخه ومقدار الدين المطلوب الوفاء به وتاريخ تبليغ السند للمدين، وبيان وصف الأموال غير المنقولة المراد حجزها بذكر موقعها ومساحتها وحدودها وأرقامها وغير ذلك مما يفيد في تعيينها وفقا للقوانين الساري ة”.

. الكيلاني، أسامة، مرجع سابق، ص 324

10- المرجع السابق، ص 325

11- حيث تنص المادة ( 112 ) على أن” تبلغ دائرة التنفيذ المدين بورقة إخبار بالمعاملات الواقعة استنادا إلى المادتين السابقتين وتخطره بأنه إذا لم يبادر إلى سداد دينه خلال شهر من تاريخ تبليغه بورقة الإخطار، فإنها ستباشر بالتنفيذ لبيع أمواله غير المنقولة المحددة بورقة الإخطار”.

12- من مقابلة مع القاضي رائد عساف، مرجع سابق 194-195.

13- شوشاري، صلاح الدين محمد: الوافي في شرح قانون التنفيذ رقم( 36 ) لسنة 2002 المعدل . بالقانون رقم( 20 ) لسنة 2003 ، الطبعة الأولى، دار وائل، عمان، 2003، ص 194

14- من مقابلة مع رجاء فقها باحثة قانونية في دائرة الأراضي برام الله، بتاريخ 4/3/2013.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .