الحالات الجنائية لهروب الفتيات في المملكة السعودية

مقال حول: الحالات الجنائية لهروب الفتيات في المملكة السعودية

«هروب الفتيات»
منصور الزغيبي
بين فترة وأخرى تحصل حادثة «هروب فتاة» وهي من الحالات الجنائية الجديدة والطارئة على المجتمع وغير المألوفة، وهي لا تصل إلى وصف الظاهرة، لكن يستوجب تناولها ومعالجتها من جميع الزوايا، وبالذات من الزاوية القانونية، لأن الزوايا الأخرى أخذت جزءاً من حقها، ولا يعني من ذلك الاكتفاء، بل يحتاج الموضوع من جميع الجوانب مراجعة المنظومة التربوية والأخلاقية وتحصين المجتمع ضد الانفتاح غير الصحي الذي يخترق المجتمع في قيمه ومفاهيمه الأساسية، ونعاني جزء من أضراره، لأنه لم يستغل الانفتاح كما يجب.

هناك مصطلحات تتداولها الأقلام والألسن في الفترة الأخيرة، وهي تحتاج إلى تحرير وتفريق لكي لا يقع الخلط واللبس بينها، مثل «التغيب والاصطحاب»، وهي ناشئة من كامل الإرادة، و«تغيب من دون اصطحاب» و«الهروب» وهي جريمة لكن ليس على الإطلاق، لأنه ربما يكون نتيجة قهر أو اغتصاب أو غير ذلك.

في العقد الأخير بحكم الانفتاح الفضائي المفاجئ الذي طرأ على المجتمع وجاء بعد عزل وانقطاع في التواصل بين المجتمعات باختلاف الثقافات والخلفيات الفكرية والقناعات والظروف ظهرت حالة جديدة، وهي ازدواجية المفاهيم والنفس الصدامي الذي يلبس ثوب التمرد الإيجابي عند البعض من الجيل الجديد، وعلى وجه الخصوص وسط المجتمع النسائي، الذي أصبح البعض منه يتعامل مع المجتمع بنفس فيه تصفية وروح عدائية عالية ضد الرجل، على رغم ما تتنعم به المرأة من ظروف ربما لا تتوافر في مجتمعات أخرى، قطعاً هناك قصور، لكن حتى الرجل لم يسلم منه كذلك، فالشاهد من ذلك أنه أصبح منهن من تحاول أن تتجاوز القواعد الشرعية والنصوص النظامية، على رغم أن الكثير منها في صالح المرأة قبل الرجل، ونظام الحماية من الإيذاء أقرب مثال على ذلك، فمضمونه حماية وانتصار للمرأة من الإيذاء المعنوي والجسدي، على خلاف الرجل الذي لا يدخل تحت النظام إذا تجاوز السن الـ18 بحسب المادة «الثامنة» فقرة (6) و(8) من اللائحة.

كذلك يحتم الموضوع مساءلة الآباء والأمهات في حال ثبوت الإهمال، وأن لهم دور واضح في هروب الفتاة، والغالب لا شك أنه إذا تأملنا وجدنا أن الهروب غالباً دافعه الأول الإهمال والنزاعات الأسرية التي تجعل الحياة جحيماً لا يطاق، كما أن ذلك يخلق دافعاً للهروب عند الفتاة، ولكن ليس على الإطلاق، وهناك حالات ربما تكون تعاني الهاربة من أزمة نفسية، أو معطوبة كما يطلق عليها الفقهاء.

خلاصة القول، إن هذا الملف الكبير يحتاج معالجة وتعزيزاً للقيم، وتجديداً داخل المنظومة التربوية، وتحصين الأبناء، والقضاء على الفجوة بين الوالدين والأبناء، وحل الموضوع كذلك من الناحية القانونية، وتوضيح الإجراءات، وسد الفراغات، لكي لا تفسر الإجراءات بالمزاج والاجتهادات الإدارية، والفتاة الهاربة تعد مكلفة ومسؤولة مسؤولية جنائية كاملة عن كل ما يصدر منها، وهذا الذي يجب أن تشعر به الفتاة، من أجل معرفة تبعات هروبها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.