لثقافة القانونية بين الحاجة والإستغناء

الثقافة القانونية حاجة ماسة ام تعتبر من الكماليات

هل الثقافة القانونية مجال أكاديمي تخصصي نتركه لذوي الشأن فقط تحت مقولة (اتركوا الخبز للخباز) أم أنها مجال حيوي مرتبط بمعيشة الناس اليومية و متعلق بشؤونهم الحياتية و شأن له من الخطورة كما هو شأن من يتعامل بالكهرباء مثلا دون دراية أو خبرة فتصعقه الكهرباء .

كثير من الناس يستخف بالقانون فيلقيه جانبا و لا يبحث فيه و يتعامل مع الناس بما يوحي إليه حسن نيته و ثقته اللامحدودة بذكائه و درايته فيقع ضحية لحسن النية و الاعتماد على بعد نظره الوهمي فيطب في إشكال قانوني لا يخرج منه إلا بعد كوارث و مآسي و خسائر مادية فادحة .

نحن لا نطالب أن يتحول جميع الناس إلى طلاب حقوق و لكننا نقول إن أي مواطن مهما كانت ثقافته محدودة و مهما كان نوع عمله و اهتماماته يجب أن يكون ملما و بشكل كاف بشتى أنواع القوانين و مطلعا بشكل معقول على الأساسيات القانونية التي لها مساس يومي بحياة الناس .و إلا فإنه سوف يعيش في حقل ألغام خاصة إذا كانت نشاطاته المهنية لها علاقة بالبيع و الشراء و الإيجار و التعهدات و القبض و الصرف و المصارف و التجارة بشكل عام و ذلك كله على سبيل الأمثلة و ليس الحصر .

و تدليلا على أقوالنا قد يبيع أحد الأشخاص سيارته و يسلمها إلى المشتري بموجب عقد عادي و يتراخى في فراغ هذا المبيع لدى الجهة الإدارية المختصة و يكتفى بعقد البيع العادي انطلاقا من حسن النية و من أن عقد البيع الذي يحمله كافيا لإنهاء أية علاقة تربطه بالسيارة المبيعة مستهترا في أن السيارة لا زالت بملكيته في دوائر المواصلات و أن الحوادث أو الجرائم التي ترتكب بواسطة هذه السيارة ما زال يتحمل هو مسؤوليتها المدنية كمسؤول بالمال ( مخالفة سير … تهريب … تسبب بالوفاة … أضرار مادية .. أضرار جسدية ) )) .

و هناك مثيلات لها ليس لها عد و لا حصر تصادف الإنسان يوميا و يأخذ فيها القرار و يتصرف على أساس معلوماته المتواضعة و غالبا بحسن نية أو تحت تأثير ضغوطات أدبية آنية يود التخلص منها فيقع في المشاكل و يدخل إلى حقل الألغام الذي لا يعرف فيه أين مكان اللغم و متى سينفجر .

من هنا جاءت أهمية الحديث عن الثقافة القانونية فالقانون يتدخل في كل حركة و كل خطوة يقدم عليها الإنسان الأمر الذي يوجب علينا معرفة هذا ( القانون ) و على الأقل عمومياته … عناوينه العريضة … مكامن الخطر فيه و ليس ضروريا أن نغوص في الأعماق أو نبحر في الشروح أو نفهم القانون كما يفهمه المختصون تماما بل أن نثقف أنفسنا بعض الشيء في هذا العلم كما في باقي العلوم و نترك الباقي إلى أرباب الاختصاص إذا تطلب الأمر تدخلهم .