المعلومات والتنظيم القانوني للمساهمات العقارية
د. محمد عرفة
لقد ظلت المساهمات العقارية في السعودية فترة طويلة تتم دون ضوابط نظامية محددة حتى صدر قرار مجلس الوزراء السعودي رقم 220 وتاريخ 22/8/1426هـ فوضع تنظيما قانونيا لها يتضمن اشتراطات محددة وآليات تجيز للشركات الراغبة في العمل في تلك المساهمات, وتحدد العقوبات التي يتم توقيعها على الشركات المتعثرة. فلم يجز هذا القرار طرح أي مساهمة عقارية من أي نوع، أو جمع أموال لها، أو الإعلان عنها، أو الموافقة عليها، إلا بعد استيفاء الإجراءات والشروط الواردة في هذه الضوابط, واشترط موافقة وزارة التجارة والصناعة ـ من حيث المبدأ ـ على المساهمة العقارية، بعد التحقق من توافر شروط محددة هي: أن تكون أرض المساهمة مملوكة بصك شرعي ساري المفعول, ثابتة سلامته وما بني عليه وفقا للمقتضى الشرعي والنظامي، وذلك بموجب إفادة رسمية صادرة من الجهة التي أصدرته؛ وأن يكون هذا الصك باسم المتقدم بطلب طرح المساهمة، وألا تقل ملكيته في المساهمة عن 20 في المائة من قيمتها, وأن تكون الأرض موافقا على تخطيطها بإفادة رسمية من الأمانة أو البلدية المختصة، على أن تشتمل الإفادة على رقم قرار الموافقة على الاعتماد وتاريخه؛

وأن يتم تشكيل لجنة من أصحاب الخبرة والاختصاص في شأن تقدير قيمة الأرض, وتقوم بتقويمها وتصدر التوصية المناسبة وأن توافق عليها وزارة التجارة والصناعة؛ وأن يكون للوحدات العقارية المطروحة للمساهمة رخصة بناء سارية المفعول صادرة من الأمانة أو البلدية المختصة، ودراسة من مكتب استشاري معتمد تبين فيها تكلفة البناء ومدته والخدمات المتعلقة به, وأن يتقدم من صدر في شأن مساهمته موافقة من وزارة التجارة والصناعة – قبل الإعلان عنها – إلى هيئة السوق المالية بطلب فتح صندوق استثماري باسم المساهمة، وفقا لنظام السوق المالية ولوائحها؛ كما يجب على مالك الأرض ـ قبل فتح الصندوق المشار إليه والإعلان عن المساهمة التهميش على الصك وتسجيله في كتابة العدل أو المحكمة المعنية – بحسب الأحوال ـ بما يفيد أن الأرض تحت المساهمة، وذلك وفق آلية تتفق عليها وزارة العدل وهيئة السوق المالية، تضمن عدم التصرف في الأرض خلال مدة المساهمة وإذا توفي مالك الأرض أو زالت أهليته الشرعية بحكم من المحكمة المختصة فإن مدير إدارة الصندوق الاستثماري يقوم مقامه فيما يتعلق ببيع الأرض وإفراغها ونحو ذلك، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتصفية المساهمة؛ ويجب أن يتضمن الإعلان عن المساهمة رقم موافقة وزارة التجارة والصناعة وتاريخها، ورقم الترخيص من هيئة السوق المالية وتاريخه، ورقم الموافقة على اعتماد المخطط وتاريخه.

وفرض هذا القرار على وزارة التجارة والصناعة التزاماَ بأن تقوم بمراقبة المساهمات العقارية القائمة حالياَ ومتابعتها حتى تتم تصفيتها بما يحفظ حقوق المساهمين، وذلك بالتعاون مع الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين لاختيار مراجعي حسابات لتدقيق كل مساهمة.

وصدر قرار وزير التجارة والصناعة رقم 1-66 وتاريخ 7/6/1427هـ الذي حدد إجراءات الموافقة المبدئية لطرح المساهمات في الأراضي, فاشترط أن تقدم طلبات الموافقة على طرحها للإدارة العامة للتجارة الداخلية, وتتضمن الطلبات استيفاء النموذج المعتمد لطلب الموافقة المبدئية لطرح المساهمة العقارية, وتقديم صورة من صك الأرض مع الأصل للمطابقة, وأن يكون صك الأرض باسم المتقدم بطرح المساهمة وألا تقل ملكيته في المساهمة عن 20 في المائة من قيمتها ثم تتولى الإدارة العامة للتجارة الداخلية مخاطبة الإدارة العامة للمتابعة في وزارة العدل للإفادة عن سلامة الصك الشرعي، وما بني عليه وفقا للمقتضى الشرعي والنظامي, ثم تخاطب الأمانة أو البلدية المختصة للإفادة عن موافقتها على تخطيط الأرض على أن تتضمن الإفادة رقم الموافقة على اعتماد مخطط الأرض وتاريخه, ثم يعرض الطلب بعد استكمال الإفادات الرسمية من الجهات على اللجنة المشكلة في شأن تقدير قيمة الأرض، وتصدر اللجنة المشكلة توصية تعرض على وزير التجارة والصناعة للموافقة عليها.

ويتقدم صاحب الطلب لهيئة السوق المالية في مدة لا تتجاوز 60 يوما من صدور الموافقة المبدئية, ولا يجوز الإعلان عن المساهمة إلا بعد الحصول على الترخيص اللازم من هيئة السوق المالية على أن يشتمل الإعلان على رقم موافقة الوزارة المبدئية وتاريخها ورقم الترخيص من هيئة السوق المالية وتاريخه ورقم الموافقة على اعتماد المخطط. ويتطلب قرار مجلس الوزراء ضرورة التأكيد على الجهات المختصة بألا توقف صكا لعقار تحت المساهمة إلا في حالة دعوى يترتب عليها بطلان الصك، وعلى مجلس القضاء الأعلى مخاطبة المحاكم في هذا الشأن. ومن الملاحظ أن هذا التنظيم الجديد قد اشترط ضرورة تحديد حجم المساهمة العقارية ومدتها وحقوق المساهمين الذين يمثلون صغار المستثمرين في المملكة, ووضع ضوابط للإعلان عن المساهمات العقارية في الصحف إلا أننا نرى أن الأمر يتطلب ـ حتى تكتمل الإجراءات التنظيمية وتؤتي ثمارها في حفظ حقوق المساهمين ـ أن يتم إنشاء مركز وطني عقاري لإمداد المستثمرين بالمعلومات اللازمة عن السوق العقارية, ويتضمن قائمة بالمساهمات المعلن عنها والتي تم طرحها للمساهمين في السوق, وذلك حتى تُتاح للراغبين في الاستثمار فرصة الاطلاع على تلك المعلومات, وتقدير مدى جدوى الاشتراك فيها من عدمه, وحتى تكون هناك شفافية في التعامل تكفل حماية حقوق المساهمين, وعدم التغرير بهم, وهذا يقتضي وضع ضوابط قانونية لحماية المعلومات العقارية, كما أن الأمر يستلزم صدور القرارات اللازمة من هيئة السوق المالية لاستكمال مقومات تنفيذ هذا التنظيم على أكمل وجه.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت