نظام التأديب داخل المؤسسات السجنية

يونس الصالحي باحث بسلك الدكتوراة

لا يجادل أحد في كون المرحلة اللاحقة على الحكم هي الاكثر حساسية نظرا لما يعتري نظامها من اختلالات لذا وجب التعامل معها في إطار قانوني يضبط العلاقة بين الإدارة المشرفة على التنفيذ والمحكوم عليه الخاضع لهذا الإجراء[1] امام هذا الواقع كانت ضرورة التدخل القانوني بمقارنة شمولية واقعية لمعاجلة الوضع الأمني والحقوقي داخل الفضاء السجني والبحث عن ملائمة جديدة وجدية لقانون المؤسسات السجنية مع القواعد والمعايير النموذجية لمعاملة السجناء قواعد نيلسون مانديلا، ومع كل المواثيق الدولية، كإتفاقية منع التعذيب ناهيكم عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يظل متين الصلة بالفرد سواء كان سجينا أم حرا، فالعدالة لا تتوقف عند مؤسسة القضاء وإصدار الحكم بل يتوجب إسقاطها على مرحلة التنفيذ خصوصا فيما يتعلق بسلب الحرية أي داخل السجون.

من هنا كان من الضروري مراجعة الإطار القانوني المنظم لهذه المؤسسة لتجسيد الالتزام والإرادة في تكريس حقوق السجناء وفرض احترامها ومراعاتها والعمل على تحسين ظروف عيش النزلاء والارتقاء بنمط التعامل معهم، إلى المستوى الذي يليق بإنسانيتهم ويحفظ كرامتهم بشكل يفضي إلى معالم سياسة سجنية إصلاحية حقيقية.

وفي هذا السياق يظل موضوع التأديب داخل المؤسسات السجنية من المواضيع التي تكتسي أهمية خاصة لدى السجناء لأنه يتعلق بمادة جزائية، وهو جزاء فوق الجزاء الذي ينفذونه وهو يطرح العديد من الإشكالات القانونية.

فإذا كانت الشرعية الجنائية ضرورة ملحة سواء في مرحلة التحقيق والمحاكمة فإن دورها لا يقتصر على هذه المرحلة فحسب وإنما يمتد إلى مرحلة التنفيذ نظرا لما لهذه المرحلة من أهمية على حياة السجين، وهذا ما أكدته القوانين المقارنة والقانون 98-23 المتعلق بتنظيم وتسير المؤسسات السجنية، الذي أرسى مبادئ وقواعد يمكن اعتبارها إيذانا بالدخول في عصر جديد، يقوم على احترام الإنسان والحفاظ على كرامته داخل السجن ويتجلى ذلك بوضوح في حصر الاخطاء التأديبية والتدابير المقررة لها كل ذلك وفق المعايير والقواعد الدولية.

فما هو موقف التشريعات المقارنة من هذه الاخطاء والتدابير التأديبية وكيف عالج المشرع المغربي هذه المسألة.

هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين سنتطرق في المبحث الأول إلى الأخطاء التأديبية وموقف التشريعات المقارنة منها وكيف تطرق المشرع المغربي لهذه الأخطاء في حين سنتطرق في المبحث الثاني إلى موضوع التدابير التأديبية.

المبحث الأول: العناصر التكوينية للمخالفة التأديبية:

منذ ظهور العقوبات السالبة للحرية وحلولها محل العقوبات البدنية، والسجين لا يعدو عن كونه مجرد رقم من أرقام السجن، يضاف إلى سجلات، والسبب في ذلك نظرة المجتمع إليه بأنه إنسان شرير وخطير ومنبوذ يجب التحرز منه وإبعاد المجتمع عن شروره وحرمانه من كل حق يتمتع به أفراد المجتمع[2].

وبالمقابل كانت النظرة إلى عقوبة السجن بأنها عذاب للسجين وإيلام وانتقام منه لذلك فإن السجن في ظل ذلك لا يعدو عنه كونه واقعة مادية متمثلة في مجموعة من وسائل القهر والإذلال للسجين تستخدمها سلطة التنفيذ[3].

لكن مع تعالي دعوات الفلاسفة والمصلحين، بضرورة تغير النظرة إلى السجن والسجناء تغيرت نظرة المجتمع إلى السجين من إنسان منبوذ وخطر على المجتمع إلى إنسان أخطاء بحق نفسه، وبحق المجتمع وأضحى محتاجا إلى مساعدة هذا المجتمع، لإعادة إصلاحه وتأهيله ليعود فردا سويا مرة أخرى الأمر الذي رتب له حقوق وواجبات باعتباره إنسانا.

ورغم التطور الذي شهدته المعاملة العقابية للسجين، إلا أن هناك آثار للقسوة والشدة بقيت مائلة تشوب هذه المعاملة وتلقي بظلالها على المبدأ الاهم الذي يجب أن يحكم المعاملة العقابية للسجين وهو أنه لا يجوز إخضاعه لأي شكل من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية أو المهنية التي تخدش كرامة الإنسان وتحط من آدميته فالسجين وإن فقد حقه في الحرية إلا أنه لا يفقد حقه في السلامة الجسدية ومعاملته كإنسان.

وتأسيسا على ما سبق ذكره، ورغم النص الدستوري فإن الشرعية الجنائية في مجال تأديب السجناء لا تزال شرعية منقوصة[4] فجميع القوانين المنظمة للسجون العربية منها أم الأجنبية لم تنص على صور الاخطاء التأديبية، وفي هذا الصدد لابد من التنويه بالمشرع المغربي الذي قام بحصر هذه الأخطاء والتدابير فما هو موقف التشريعات المقارنة سواء العربية أم الأجنبية من هذا التعداد الحصري.

المطلب الأول: نماذج من القانون المقارن

سنتناول في هذا المطلب نماذج من التشريعات الغربية (فرع أول) والعربية (فرع الثاني).

الفرع الأول: التشريعات الغربية:

يعد المشرع الفرنسي من بين أهم التشريعات المقارنة التي تهتم بحقوق السجين[5] إذ تحدث عن الجرائم التأديبية وقسمها إلى ثلاث درجات:

جرائم تأديبية من الدرجة الأولى وتضم:

العنف الجسدي ضد أي موظف أو زائر
العمل الجماعي الذي يعرض خطر المؤسسة
حيازة أو الاتجار في المخدرات
التهديد بالعنف
المشاركة أو محاولة الهروب
الإضرار في المباني والمعدات
تعرض سلامة الآخرين للخطر
جرائم تأديبية من الدرجة الثانية وفيها:

كل الشتائم والتهديد لكن ضد موظف أو زائر
العمل على زعزعة النظام بالمؤسسة
السرقة أو محاولتها
أي فعل يحتمل أن يسيء إلى الآداب العامة
القيام بالضوضاء لزعزعة النظام
أي عمل من شانه تعريض خطر سلامة الآخرين باللامبالاة والإهمال
جرائم تأديبية من الدرجة الثالثة:

الشتائم والتهديدات موجهة إلى الغدارة والجهة القضائية المختصة.
الشتائم الموجهة ضد أي شخص في السلطة
الشتائم والتهديدات ضد زميل سجين
رفض الإنصياع لتعليمات الموظفين
إهمال صيانة الغرفة
عرقلة أنشطة المؤسسة
رمي النفايات أو غيرها من النوافذ

يتضح من خلال سرد هذه الجرائم التأديبية إنها تحتوي على عشرون جريمة مقسمة إلى ثلاثة فئات، الفئة الأولى تعتبر جرائم خطيرة والفئة الثانية متوسطة في حين أن الفئة الثالثة مخصصة للشتائم سواء الموجهة للسجناء فيما بينهم أو للجهات القضائية.

كذلك يمكن القول أن المشرع الفرنسي استعمل مصطلح جرائم عوض أخطاء تأديبية أو مخالفات تأديبية فهذه الجرائم التي تحدث عنها المشرع الفرنسي في قانون المسطرة الجنائية تحاول فرض الامن والإنضباط داخل الفضاء السجني إن بكثرة تعداد هذه الجرائم نجدها مختزلة في جريمة العمل على زعزعة النظام بالمؤسسة فالنظام داخل المؤسسة يعتبر خط أحمر يعرض المخالف للعقوبات التأديبية.

أما المشرع الأمريكي[6] فقد وضع منظومة أمنية خاصة بالتأديب وهي قواعد متعلقة بالسلوك وتكون مكتوبة يتم التوقيع عليها، من طرف الموظفين كدليل على التزامهم بها خلال أداء عملهم اليومي، وأيضا يتم الرجوع إلى هذه القواعد كسند قانوني عند كل مخالفة يرتكبها السجناء الذين من حقهم الاطلاع على هذه القواعد.

فكيف يعرف السجناء قواعد السلوك؟ لدى دخول السجين إلى المؤسسة، يسلم له دليل مدونة السلوك، يتضمن كمجموعة من القواعد تتعلق بالنظام الداخلي لمؤسسة التي يتعين عليها الالتزام بها والإجراءات التأديبية التي تتخذ في حقه في حال مخالفتها ويتم تحيين هذا الدليل على الأقل مرة كل سنتين باستشارة قضاة المحاكم ومحامون استنادا إلى الملاحظات المثارة من طرفهم خلال البث في الطعون المقدمة من طرف السجناء ضد العقوبات الصادرة في حقهم من طرف لجنة التأديب، وهذا الدليل يتم تغير لون غلافه كلما وقع تعديله حتى لا يختلط الأمر على السجناء علما أن هذا الدليل قد عين ثماني (8) مرات منذ سنة 2004.

فلجنة التأديب تتألف من ضابط التأديب وضابط الجلسة كما يتم اختيار أعضاءها لعدة اعتبارات أمدها الكفاءة المهنية والتجربة التي لا تقل عن 5 سنوات بحيث تصنف المخالفات المرتكبة من طرف السجناء داخل المؤسسة إلى مخالفات بسيطة أو مخالفات تستوجب تحريك متابعة بشأنها فبخصوص الأولى يتم البث فيها مباشرة وبصفة تلقائية، الموظف الذي ضبطها مثل حرمان السجين من الخروج إلى الفسحة إذا لم يقم بتنظيف وترتيب غرفته.

أما الثانية، فهي مخالفات تستوجب تحريك مسطرة المتابعة التأديبية في حق مرتكبيها وفي هذه الحالة يقوم ضابط التأديب بعد تسلمه تقرير الموظف الذي ضبط المخالفة بإجراء بحث في شأنها والإعلان عن المتابعة في حق السجين وإشعاره بها وعرض الملف على أنظار ضابط الجلسة الذي يلعب دور القاضي ويصدر العقوبة بناء على قانون العقوبات التأديبية الذي يحدد نوع المخالفة والعقوبة المناسبة لها.

ويبقى من حق السجين الذي صدرت في حقه العقوبة أن يستأنفها داخل أجل غشرة (10)أيام للطعن في هذا القرار امام ضابط الاستئناف وهو موظف معين لهذه المهمة وقد يحل محله مدير المؤسسة الذي يتأكد من احترام المساطر وفيما إذا كان الحكم الصادر منصفا وعادلا[7].

أما التشريع البلجيكي فإن النظام التأديبي تؤطره لائحة عامة لا يتم استخدامها إلا في الحالات التي يكون فيها تطبيق القانون أمرا ضروريا لضمان النظام والسلامة داخل المؤسسة السجنية، كما يمكن استخدام وسائل أخرى كتطبيق مبادئ عامة للقانون الجنائية حيث يختص مدير المؤسسة بتطبيق الإجراءات التأديبية وتقسم المخالفات التأديبية بحسب شدتها[8] فما هو حال التشريعات العربية؟

الفرع الثاني: نماذج من التشريعات العربية

لم ينص المشرع المصري في القانون رقم 396 لسنة 1956 والمعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2009 على الاخطاء التأديبية وإنما قرر وضع العقوبات والتي تتمحور حول الإنذار والحرمان من بعض الإمتيازات والحبس لمدة لا تزيد عن أسبوع بحيث يتم توقيع هذه العقوبات بعد الاستماع إلى المسجون وتحقيق دفاعه.

ويلاحظ أن المشرع المصري سوى بين المحكوم نهائيا والمعتقل احتياطيا حين نص في المادة 48 على أنه يعامل المحبوسين احتياطيا فيما يتعلق بالنظام التأديبي معاملة المحكوم عليهم بالحبس أو بالسجن ومع ذلك لا توقع عليهم عقوبة النقل إلى الليمان.

أما المشرع التونسي فقد نص في القانون عدد 52 لسنة 2001 في الفصل 20 من هذا القانون على أن من واجبات السجين:

التقيد بالتنظيم الداخلي للسجين واحترام التراتيب
الامتثال لأوامر الأعوان تطبيقا للتراتيب الجاري بها العمل
الوقوف أثناء التعداد اليومي
عدم الامتناع عن الخروج للفسحة اليومية
ارتداء الزي الخاص بالنسبة إلى المحكوم عليه
تنظيف ثيابه وما بعهدته من فراش وغطاء والمحافظة عليه
تنظيف غرفة الإيداع والورشة
عدم الإضرار بمشكلات السجن
احترام الانظمة الإدارية عند توجيه أو تلقي المراسلات
الإمساك عن الاحتفاظ بالأشياء غير المرخص فيها طبقا للتراتيب الجاري بها العمل.
الإحجام عن تحرير العرائض الجماعية أو التحريض على ذلك
عدم المساس بسلامته البدنية أو سلامة غيره
الامتناع عن لعب القمار

من خلال هذا الفصل يتضح أن المشرع التونسي ينص على ثلاثة عشر (13)خطأ في حالة ارتكابها أحدها يتم توقيع العقوبات تأديبية على المخالف وكل هذه الأخطاء استعملت عبارات فضفاضة تتيح لمسؤولي المؤسسات السجنية إعمال سلطتهم التقديرية في توقيع العقاب.

أما المشرع القطري، فقد نص في القانون رقم 3 لسنة 2009 المتعلق بتنظيم المؤسسات العقابية والإصلاحية المادة 51 على ان كل محبوس يخالف القوانين أو اللوائح او النظم المعمول بها في المؤسسة يجازي تأديبيا ودون أن يخل ذلك بمسؤولية الجنائية .

أما المادة 52 فقد منحت للضابط أن يأمر باتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة ضد المحبوسين الذي يخشى هربه أو يحاول الهرب أو يصدر منه هياج أو تعد شديد أو إذ خيف أن يلحق بنفسه أو بغيره ضررا، وتحدد الائحة التنفيذية لهذا القانون الإجراءات التحفظية المشار إليها.

أما المشرع اللبناني[9] فقد تطرق لمسألة التأديب في المواد من 10 إلى 104.

بحيث تنص المادة 102 على الذنوب التأديبية التالية:

المشاجرات والتضارب بين المسجونين
المخالفات لقواعد حفظ الصحة والنظافة رفض العمل
تعطيل المعدات والمباني
محاولة الفرار
التمرد والعصيان
وبصورة عامة مخالفة أحكام هذا النظام .

أما القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون والذي اعتمده وزراء العدل العرب كقانون استرشادي في دورته السادسة عشر بالقرار رقم 365-160-6-1-2000 فقد نص في الفصل التاسع حول تأديب المسجونين في المادة 51 على أن كل سجين يخالف القوانين أو اللوائح أو النظم المعمول بها في السجن يعاقب تأديبيا وذلك دون الإخلال بالمسؤولية الجنائية.

المادة 52 يجب على مدير السجن إعلام كل مسجون بالواجبات الرئيسية التي يجب أن يلتزم بها في السجن وكذلك المحظورات الرئيسية التي ينبغي أن يتجنبها.

وعليه يمكن القول أن القانون النموذجي العربي الموحد لتنظيم السجون لم يقم بإعطاء لائحة حصرية أو على سبيل المثال للأخطاء التأديبية وإنما اكتفى بالقول بمخالفة القوانين أو اللوائح التنظيمية مكتفيا بالتوجه السائد لكن غالبية الدول العربية التي اكتفت بسرد مجموعة من العقوبات التأديبية التي يجب توقيعها للتأديب السجناء وبالتالي فالشرعية الجزائية في مجال تأديب السجناء لا تزال شرعية منقوصة لأن الإدارة العقابية تتمتع بسلطة تقديرية كبيرة قد يشوبها الكثير من التحكم والاستبداد اتجاه السجناء.

فما هو موقف المشرع المغربي في هذا المجال؟

المطلب الثاني: موقف المشرع المغربي:

لا ينكر أحد ما تلعبه العقوبات التأديبية من دور هام في حفظ النظام واستباب الأمن داخل المؤسسات السجنية، ولكن لا يكفي أن نقرر نظاما للتأديب فحسب، بل لابد من النص فيه على ضمانات تكفل حقوق السجين، وسلامة النظام العقابي نفسه من حيث أداء العقوبة التأديبية لمهمتها ومن أولى هذه الضمانات التعريف بالأنظمة المتعلقة بحقوق السجناء وواجباتهم النافذة ومراعاة مبدأ الشرعية القانونية، وذلك بتحديد المخالفات التأديبية سلفا وحصرها ما امكن وتعيين الجزاءات التأديبية التي يجوز إنزالها بالسجين.

وهو ما تؤكده القواعد الدولية الخاصة بحماية السجناء والتي تنص على عدم جواز معاقبة أي مسجون، إلا بعد أن يكون قد سبق إخطاره بالتهمة الموجهة ضده والنظم المقررة لمعاملة السجناء والقواعد التأديبية المعمول بها في حالة مخالفة القوانين[10].

فما هو موقف المشرع المغربي؟

نص المشرع المغربي في المادة 54 من قانون 98/23 المتعلق بتنظيم وتسير المؤسسات السجنية على الأخطاء التأديبية[11] وذلك في 15 فقرة حيث نصت هذه المادة يعتبر خطأ تأديبيا:

ممارسة عنف أو إيذاء ضد أحد العاملين بالمؤسسة أو الزائرين لها أو المعتقلين وكذا تعمد تعريضهم للمخاطر
حيازة أو ترويج الأدوات والمعدات التي تشكل خطرا على أمن المؤسسة وسلامة الأشخاص.
المساهمة في كل حركة جماعية من شأنها الإخلال بأمن المؤسسة وبالنظام داخلها.
حيازة أو تناول أو ترويج المخدرات أو المسكرات أو أي مادة من شانها أن تحدث اضطرابا في سلوك المعتقل.
السرقة او الاستحواذ على أشياء مملوكة للغير أو الحصول على تعهدات أو تنازلات وذلك بكل الوسائل
تعمد إحداث خسائر في بناية المؤسسة أو تجهيزاتها
التهديد أو القذف أو السب الموجه للسلطات الإدارية والقضائية او للموظفين أو الزوار أو المعتقلين.
حيازة أشياء غير مسموح بها بمقتضى القانون الداخلي وكذا ترويجها أو التعامل بها.
القيام بأفعال من شأنها الإخلال بالحياء
إحداث الضوضاء
عدم المحافظة على نظافة المؤسسة
عرقلة الأنشطة التي تزاول بالمؤسسة
الهروب أو محاولته
عدم احترام القانون الداخلي
التحريض على القيام بأحد الأفعال المنصوص عليها أعلاه.

ومن خلال قراءتنا لهذه المادة يتبين لنا أن المشرع المغربي أورد هذه الأخطاء على سبيل الحصر لا المثال، والهدف من وراء ذلك هو الحد من السلطة التقديرية لمدير المؤسسات السجنية حتى لا يلجأ إلى إضافة أخطاء أخرى يكون الهدف منها النيل مما تبقى للسجناء من حقوق إذ أن التقييد بمبدأ شرعية الأخطاء والتدابير يقتضي ورودها على سبيل الحصر، والقول عكس هذا فيه نوع من المساس بهذا المبدأ[12] ويتنافى وغاية المشرع من سلوك تقنية التعداد.

رغم هذا التعداد الذي اجتهد فيه المشرع المغربي، والذي كان يهدف من ورائه الحد من تحكم مديري السجون فإن الصياغة التي جاءت بها هذه المادة صيغت بعبارات عامة وفضفاضة وخير مثال على ذلك إحداث الضوضاء إذ أن المادة 30 من المرسوم التطبيقي للقانون 88/23 الصادر في نونبر 2000 لم تعرف لنا مصطلح الضوضاء وبالتالي هل يمكن اعتبار تجمع شخصين أو اكثر بمثابة ضوضاء وبلبلة.

هذا من جهة أخرى، وبالرجوع إلى المادة 31 من المرسوم التطبيقي لهذا القانون تنص على أنه يمنع على المعتقلين كل تعامل مريب وكل مراهنة وجميع الاتصالات السرية أو استعمال مصطلحات متفق عليها.

كذلك الدورية رقم 157 وتاريخ 15 أكتوبر 2010 حول ضبط الممنوعات في قفة المؤونة، المذكرة 137 وتاريخ 1/09/2000 حول الهاتف النقال.

فمن خلال على هذه الدوريات والمذكرات يلاحظ أن إضافة بعض الأخطاء التأديبية إلى المادة 54 من قانون 98-23 بحيث أنه إذا تم ضبط ممنوعات في فقه المدونة فإن العقوبة يمكن أن تصل إلى المنع من التوصل بالمؤونة لمدة 45 يوميا وهذا فيه اجحاف سواء بالنسبة للسجين أو عائلته كل ذلك بسبب المحافظة على النظام داخل المؤسسة السجنية فمصطلح النظام، يقضي على ما تبقى للسجين من حقوق وبالتالي لا يمكن الحديث عن شرعية كاملة وإنما شرعية ناقصة تعطي لمدير المؤسسة السلطة التقديرية في إضافة بعض الأخطاء التأديبية.

بالإضافة إلى ما سبق ذكره يلاحظ أن المشرع المغربي ومن خلال المادة السابق ذكرها قام بخلط ما هو جريمة بما هو خطأ كالسرقة التي يجرمها القانون الجنائي في حين اعتبرت خطأ تأديبيا إذا ارتكبت داخل المؤسسة السجنية (الهروب، الاتجار في المخدرات، القذف) وهذا ما يتعارض مع القاعدة 30 من القواعد الدولية المهتمة بالسجناء.

فالمادة 54 يمكن القول أنها جمعت بين 4 أنواع متن المخالفات :

ما يتعلق بالمعتقلين فيما بينهم
ما يهم المعتقلين والموظفين
ما يتعلق بالترويج للمسائل المحظورة
ما يهم عصيان الإدارة.

المبحث الثاني: أحكام التدابير التأديبية

تتخذ العقوبة التأديبية صورة إيلام ينزل بالمحكوم عليه، ويضاف إلى إيلام العقوبة، ويجعل لمن نزل به وضعا دون سائر المحكوم عليهم، ويمكن تعريفها بأنها فرض نظام للحياة داخل المؤسسة السجنية أكثر مشقة داخل مدة معينة من الزمن[13].

من كل ما تقدم يتضح لنا أن العقوبة/ التدابير التأديبية هي فرض نظام من الحياة على السجين داخل المؤسسة السجنية، يختلف عن باقي السجناء بسبب خطأ ارتكبه نتيجة مخالفة الأنظمة والتعليمات داخل المؤسسة.

ولم تدرج القوانين الخاصة بالتنفيذ العقابي العربية منها أم الأجنبية على إعطاء تعريف للتدابير التأديبية وإنما عمدت إلى الاكتفاء ببيان صورها وتطورت التدابير التأديبية من حيث معالمها ودورها في النظم العقابية فخفت قسوتها على نحو ملحوظ، فثمة عقوبات تأديبية جسمية كانت معروفة في النظام العقابية القديمة وقد ألغيت غالبا و يعلل هذا التطور بالحرص على صيانة آدمية السجين وكرامته لإعادة إدماجه داخل المجتمع.

بل أن التدابير التأديبية قد تحولت إلى نظام عقابي بتجرد من الطابع الانتقامي ويستهدف المساهمة في تهذيب السجين تمهيدا لإعادته فردا سويا إلى المجتمع مرة أخرى[14].

فما هو موقف التشريعات المقارنة من هذه التدابير؟

المطلب الأول: نماذج من التشريعات المقارنة:

أشار المشرع الفرنسي إلى العقوبات التأديبية التي توقع على السجين في قانون المسطرة الجنائية رقم 31-2000 والتي تتراوح ما بين الإنذار والوضع في العزلة والتسريح من العمل[15].

أما المشرع العراقي، فقد أشار إلى العقوبات التأديبية التي توقع على السجين في الفصل الثالث من قانون المؤسسة العامة صلاح النزلاء والمودعين المرقم (104) لسنة 1981 المعدل في الفقرة الأولى من المادة 43 منه والتي تتراوح بين الحرمان من المشاركة في الفعاليات الرياضية والترفيهية والحجز الانفرادي لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.

وقد أشار المشرع المصري في المادة 43 من قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956 المعدل بقانون 152 لسنة 2001 إلى هذه العقوبات والتي تتراوح بين الإنذار والحبس الانفرادي لمدة لا تزيد عن أسبوع.

أما المشرع التونسي فقد أشار إلى هذه العقوبات في الفصل 22 في الفقرات من 1 إلى 7 من القانون المنظم للسجون ذي الرقم 52 لسنة 2001 والتي تتراوح بين الحرمان من تلقي المؤونة والطرود لمدة معينة على ألا تتجاوز خمسة عشر يوما إلى الإيداع في غرفة انفرادية تتوافر فيها المرافق الصحية وذلك لمدة أقصاها عشرة أيام.

المطلب الثاني: موقف المشرع المغربي

المشرع المغربي تطرق للتدابير التأديبية في المادة 55 من القانون المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية[16] ونص على سبعة تدابير تأديبية إذ يشكل التدبير التأديبي العنصر الثابت في مبدأ الشرعية وعلى غرار التعداد الحصري للأخطاء التأديبية فقد حدد المشرع المغربي بدقة هذه التدابير فالمشعر استعمل مصطلح التدابير عوض العقوبات التأديبية ويرجع السبب في ذلك إلى:

تحاشي التساؤل الذي يثيره الفقه بين الجريمة الجنائية والجريمة التأديبية من جهة وبين العقوبات الجنائية والتأديبية من جهة أخرى
تجاوز المطالبة بالطعن في هذه العقوبات[17]
ومن خلال قراءتنا للتدابير التأديبية الواردة في المادة 55 يتضح أنها تتضمن لائحة مليئة بأشكال الحرمان التي تنضاف إلى الحرمان الاساسي من الحرية فالتدبير التأديبي، ويهدف إلى ايلام من نوع خاص، وذلك عن طريق الزيادة في مظاهر التقييد الحرية المسلوبة أصلا حيث تكون ظروف اعتقال المخالف أكثر مشقة وأشد ألما من ظروف اعتقال باقي المحكوم عليهم[18].

ويجب التنويه هنا بالمشرع المغربي الذي منع تطبيق هذا التدبير على الأحداث مطابقا بذلك ما جاء في القاعدة 67 من قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم.

كذلك يستخلص من خلال القراءة الأولية لهاته التدابير أنها جاءت بصفة تسلسلية تزيد حدة الخطورة فيها من نوع إلى آخر وبصفة تدريجية وتبعية والهدف من ذلك إشعار المعتقل المتخذ في حقه القرار التأديبي بخطورة الأفعال التي قام بها وفي نفس الوقت بمثابة تدابير احترازية وتكون رادعة للجميع حفاظا على النظام داخل المؤسسة السجنية.

يتضح أيضا أن المشرع رفض فرض الغرامة المالية كتدبير تأديبي وإن كان بالإمكان إصدار الأمر باقتطاع قيمة الأضرار المترتبة عن عمل المعتقل المقرر في حقه تدبير تأديبي من رصيده وذلك بقصد إصلاح هاته الأضرار.

بخصوص شخصية المخالف فإن لجنة التأديب قبل إقرار الحكم فهي تتأكد من شخصية هذا النزيل وذلك من العقوبة المحكوم بها ومدتها ونهايتها كما تعمل على وضع تقييم علاقة السجين مع الوسط الأسري وعلاقته مع الموظفين والنزلاء وحالته النفسية والصحية وهل هذا السجين يشارك في العمل الترفيهي والتربوية داحل المؤسسة وعدد المخالفات المتواخد من أجلها بالإضافة إلى سلوكه داخل المؤسسة.

أن شخصية المخالف تحظى بالاهتمام من لدن مختلف الفاعلين في المؤسسة السجنية فكل من رئيس كتابة الضبط ورئيس مصلحة الأمن والإنضباط و طبيب المؤسسة والمشرف الاجتماعي يبديان رأيهما كل فيما يخصه قبل اتخاذ التدابير التأديبية، وهذا كله يعطي مزيد من الضمانات القانونية للمخالف قبل اتخاذ التدابير.

فإذا وضع طبيب المؤسسة ملاحظة يقول فيها أن حالة السجين الصحية لا تسمح بوضعه في زنزانة التأديب فإن مدير المؤسسة يأخذ برأي هذا الأخير.

وبخصوص الخطورة الإجرامية[19] فقد نص المشرع المغربي في المادة 55 من قانون 91/23 في الفقرة ما قبل الأخير على انه يجب أن تكون التدابير التأديبية من جنس المخالفة وملاءمته لخطورة الأفعال وشخصية المعتقل.

فالمشرع هنا لم يعط تعريفا لخطورة الافعال والفقه المغربي لم يولي هذه الفكرة ما تستحقه من الاهتمام ورغم هذا كله فقد وحد في الفقه المغربي[20] رأي أثار بصورة عارضة إلى وجود ثلاث معايير للاعتماد عليها في استخلاص خطورة الأفعال:

جسامة الاعتداء على الحق
اسلوب تنفيذ الفعل
العلاقة بين المتهم والمجيز عليه
الجانب النفسي الذي له دور حاسم في استخلاص خطورة الجاني
مفهوم خطورة الافعال أو الخطورة الإجرامية له أهمية بالغة في النظام القانوني المعاصر بوصفه مفترضا للجزاء ذلك أن الخطورة هي الضابط الذي يستند إليه ال**** لتحديد نوع ومقدرا الجزاء التدبير أكثر من ذلك فالمشرع يجيز لمدير المؤسسة عند انتفاء الخطورة العدول عن تطبيق التدبير وهو ما يسمى بالإصلاح القانوني بوقف التنفيذ إما كليا أو جزئيا.

وعليه يمكن القول أن صورة الافعال هي الاعمال التي تهدد السير العادي داخل المؤسسة وتخترق بذلك النظم والقوانين الجارية داخل المؤسسة السجنية.

وهذا وتتميز التدابير المنصوص عليها في المادة 55 من القانون 23/98 بمجموعة من الخصائص أهما الشرعية، الشخصية والنفيعة وذلك حسب منطوق الفقرة الأخيرة من هذه المادة يجب أن تكون التدابير التأديبية من جنس المخالفة، تكون التدابير التأديب شخصية ولا يمكن إصدار تدابير تأديبية جماعية”.

فالغاية من التدابير التأديبية هي إصلاح المحكوم عليه وإعادة إدماجه لذا وجب مراعاة شخصيته وخطورته الإجرامية عند اختيار التدبير الملائم وقد نصت على خاصية النفعية الفقرة العاشرة من المادة 55.

فالمعيار المعتمد في تحديد التدبير هو شخصية المخالف وخطورته الإجرامية إن المعيار المعتمد في تحديد كون العقوبة التأديبية للسجين قاسية من عدمه هو معيار موضوعي يحتكم فيه وليس لجنة التأديب إلى الشعور الإنساني العام، فإذا كانت العقوبة أو معاملة السجين تصدم المشاعر الإنسانية، فإن العقوبة تعتبر قاسية وإذا لم يكن الأمر كذلك فإن العقوبة لا تكتب هذا الوصف.

وتصدم العقوبات التأديبية مشاعر الإنسانية في الأحوال الآتية:

إذا كانت تضر بالصحة النفسية أو الجسمانية للسجين، إضرارا واضحا
إذا كانت تحط من كرامة وآدمية السجين
إذا كانت غير متناسبة مع خطأ السجين وبشكل واضح أو مع هدف الحفاظ على النظام والامن في حياة مجتمع السجن، فتصبح هذه العقوبات مغالى بها.

وغني عن البيان من أن المقصود بالأضرار التي تلحق بالصحة الجسمانية والنفسية للسجين هو ذلك القدر الزائد عما تتضمنه العقوبة السالبة للحرية نفسها، إذ لاشك من أن دخول السجن في حدة ذاته يتضمن إضرارا تلحق بالصحة الجسمانية والنفسية للسجين ولكن المقصود بالمعنى المذكور هو تلك الأضرار الزائدة عن هذا المقدار[21].

وقد تكون العقوبة التأديبية قاسية في حد ذاتها ولكنها تشكل معاملة غير إنسانية متى كانت غير مناسبة مع الخطأ الذي صدر ضد السجين كأن تعاقبه الإدارة بحبسه انفراديا بسبب عدم امتثاله لأوامرها بحلاقة ذقنه أو بسبب تكاسله في العمل، فإن ذلك يعد غير مناسب مع خطأ السجين لذلك فغنه يشكل معاملة غير إنسانية[22].

من كل ما تقدم يتضح أن المشرع المغربي عمل على مواكبة المستجدات التشريعية وملاءمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية ومن بين هذه القوانين نجد قانون السجون لأن الإصلاح وإعادة إدماج النزلاء والاعتراف لهم بأدق الحقوق قد أصبح قدرا وليس خيارا، وانطلاقا من الرغبة في توفير بعض الضمانات القانونية للسجناء وحماية ما تبقى لهم من حقوق وفي إطار الحفاظ على الأمن العام المؤسسة السجنية فقد وضع المشرع المغربي ضوابط قانونية تساهم في خلق توافق بين المقاربة الأمنية وضمان حقوق هذه الفئة واضعا بذلك حد للعشوائية في إصدار العقوبات تحت مبرر الحفاظ على الأمن وفرض الانضباط وأصبح النظام التأديبي يكتسي الشرعية اللازمة على الرغم من أنها شرعية منقوصة.

وهكذا فقد تم سرد أنواع الاخطاء التأديبية التي كما قلنا وصل عددها خمسة عشر نوعا وكذا التدابير التأديبية الممكن اتخاذها وتم حصرها في سبعة أنواع لتتلاءم مع خطورة الخطأ المرتكب كما منع هذا القانون تطبيق الوضع في زنزانة التأديب على الأحداث مراعاة لخصوصياتهم.

[1] لطيفة المهداتي” الشرعية في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية” م س ص: 117

مولاي ادريس أكلمام” المحافظة على الأمن داخل المؤسسات السجنية وحماية حقوق السجناء منشورات المجلس الوطني لحقوق الإنسان الطبعة الرابعة 2014، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ص: 46 وما بعدها.
Mohamed Jaouhar: Norme pénal et norme constitutionnelle in constitution de droit pénal collectif S/d de M. AMZAZI imprimerie oumnia Rabat 1195/P :91
[2] حسن مينة: حقوق السجناء الضمانات والآليات م س ص: 40

[3] سعد طاعة” ممارسة التعذيب في سجون ومعتقلات منطقة معسكر من خلال الشهادات السنوية للمجاهدين، 1954-1962 م س ص: 44 وما بعدها

[4] لطيفة المهداتي” الشرعية في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية” م س ص:116، بحيث تجد أن السلطة التأديبية توجد بين منطق الحفاظ على الأمن و حماية ما تبقى للسجين من حقوق إلا أن النظام الداخلي يعطي لمدير المؤسسة سلطة تقديرية في إقرار بعض الأخطاء التأديبية بمبرر الحفاظ على الأمن.

[5] L’article 726 du code de procédure pénal les articles D.L 49, DL49-1-D249, 2 et D.249 3énuméret les fautes disciplinaires classé suivant leur gravité en bois degrés

Jean Paul celer, droit disciplinaire en prison collection sciences criminelles le Harmattan, Paris 2001,P

[6] تقرير حول الدورة التدريبية بالمركز للتكوين في ميدان السجون بولاية كولورادو بالولايات المتحدة الامريكية، ص: 22

[7] تقرير حول الدورة التدريبية في موضوع التدقيق الأمني بولاية كولورادو

[8] أنظر المادة 44 من هذه القانون

[9] مرسوم رقم 14310/5 الصادر في 11/2/1949 والمعدل بتاريخ 2/5/1997

[10] انظر قواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء 29

قواعد نيلسون مانديلا: من القاعدة 30 إلى القاعدة 46.
قواعد بانكوك
[11]بالرجوع إلى ظهير 1915 نجد ينص في الفصل العشرون أن كل مسجون ارتكب جريمة أو جناية تحرى عليه الأحكام الاعتبارية، وإذا خالف أهم القوانين التأديبية بداخل السجن، يعاقبه مدير السجن أو قايد الحراس بالعقوبات الآتية:

أولا: كل من لم يحترم المستخدمين أو فرط في خدمة مأموريها وأنشأ هرجا او مشاجرة يمنع من جميع المأكولات ما عدا الخبز والماء لمدة تتراوح من يوم واحد غلى ثمانية أيام.

ثانيا: كل من وقع منع امتناع أو سب حارس يعاقب بالإنفراد في بيت التأديب من يوم واحد إلى ثمانية أيام

ثالثا: كل من ضرب مسجونا أو جرحه جرحا حقيقيا..يعاقب بالانفراد في بيت التأديب من يوم واحد إلى ثمانية أيام.

رابعا: كل نت ضرب حارسا أو ضرب مسجونا.. يعقل بقيود من حديد في بيت التأديب لمدة يعينها المدير أو قائد الحراس.

من خلال هذه المادة يتضح أن المستعمر الفرنسي عمل على وضع الأخطار التأديبية والتي توجت تدابير تأديبية، إذا كل مخالفة لها تدبيرها الخاص بها وتزيد خطورتها حسب الفعل المرتكب.

كما عملت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة إدماج على إعداد مسودة قانون السجون ونظمت من أجل مواكبة التطورات والإصلاحات الكبرى التي يشهدها المغرب وتعزيز للآمن وله الحق والقانون والمؤسسات فهذه المسودة تحتوي على 330 مادة وتضع ديباجة وتسعة أبواب ومن بني هذه الأبواب نجد باب السادس الذي خصص للأمن والسلامة العامة وقسم إلى أربعة فروع نجد الفرع الرابع يتحدث عن التأديب والذي تم تنظيمه في خمسة عشر مادة. من المادة 256 إلى 271 وأول ما يلاحظ على هذه المواد أن المندوبية عملت إلى تقسيم الأخطاء المرتكبة إلى ثلاث درجات بسبب الخطورة المرتكبة إذ نجد مخالفات من الدرجة الأولى ومخالفات من الدرجة الثانية والدرجة الثالثة كما خولت هذه المواد سلطة البت في الطعون إلى المدير الجهوي وقاضي تنفيذ العقوبة مما يطرح شكل تعدد الطعون بحيث لم تبين الطريقة التي يجب سلكها. أولا هل المدير الجهوي بصفة المسؤول عن السجون التي توجد بدائرته وذلك في إطار سياسة اللامركزية التي اعتمدتها المندوبية وملاءمة توزيع المديريات الجهوية مع التقييم الجغرافي الجديد بحيث أصبحت المندوبية تتوفر على عشر مديريات جهوية.

أم إلى قاضي تنفيذ العقوبة باعتباره الساهر على مراعاة تطبيق القانون داخل الفضاء السجن حسب الاختصاصات الموكولة له في قانون المسطرة الجنائية.

[12] عبد العالي حفيظ: صلاحيات قاضي تطبيق في التشريع المغربي 2004، مطبعة الورقة الوطنية، ص: 75

[13] محمود نجيب حسني، علم العقاب طبعة 2 دار النهضة العربية القاهرة، 1973، ص: 486

[14] محمود نجيب حسني المرجع السابق، ص: 487

[15] تنص عليه الفقرة الاولى من المادة 43 من قانون المؤسسة العامة لإصلاح النزلاء

المشرع القطري، نص في المادة 53 من قانون رقم 3 لسنة 2009 المتعلق بتنظيم المؤسسات العقابية والإصلاحية على خمسة تدابير تأديبية وهي الإنذار والحرمان من كل بعض الامتيازات المقررة لمدة لا تزيد على شهر ، الخصم من المكافأة لمدة لا تتجاوز سبعة أيام، تنزيل المحبوس قضائيا لدرجة أقل من درجته والحجز الانفرادي لمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما.
اما المشرع اللبناني، فقد نص في المادة 103 من قانون تنظيم السجون على ستة عقوبات وهي:
تسخير المسجون في غير نوبته
المنع من التنزه
المنع من الزيارة أو المخابرة
المنع من حق قبول نقود أو مساعدات ** أطعمة من الخارج
المكوث في غرفة منفردة
المكوث في غرفة منفردة مع منع تقديم الأكل
المشرع الفرنسي في حين نجد المشرع نص في المادة 251 تنص على العقوبات التالية/
الحرمان والمنع من التوصل بالمؤونة خلال شهرين
المنع لمدة أقصاها شهرين من إمكانية القيام بمشتريات من مقتصدية المؤسسة
الوضع بزنزانة الانفرادية العادية لا تتعدى 20 يوما هذه المدة قد تصل 30 يوما إذ كان إيذاء جسدي ضد الأشخاص
[16] انظر المادة 55

[17] لطيفة المهداتي” الشرعية في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، م س ص:

انظر القسم الثاني من هذا المبحث.

[18] وهي نفس التدابير المنصوص عليها في مسودة قانون السجون المتداولة حاليا بحيث عملت المندوبية على إضافة تدبير الحرمان من التدابير التشجيعية والتقليص من بعض العدد كتقليص من مدة الزيارة بدون فاصل إلى مدة شهر عوض ثلاثة أشهر التي كان معمول بها وكذلك الوضع بزنزانة التأديبية لمدة خمشة عشر يوما قابل للتمديد عوض خمسة وأربعين يوما.

[19] لطيفة المهداتي:” حدود سلطة القاضي التقديرية في تفريد الجزاء، طبعة 2007، طوب بريس، الرباط ص: 123 وما بعدها.

[20] لطيفة المهداتي:” حدود سلطة القاضي التقديرية في تفريد الجزاء/ مرجع سابق، ص: 147

[21] هبة عبد العزيز المدور: ” الصدور لحماية من التعذيب في إطار الاتفاقيات الدولية، والإقليمية ط 1، منشورات الحلبي الحقوقية لبنان 2009، ص: 102-204- وما بعدها.

[22] غنام محمد غنام: حق المسجون في الكرامة الإنسانية بحث منشور ضمن دراسات حول الوثائق العالمية والإقليمية لحقوق الإنسان إعداد محمود شرين بسيوني، ومحمد سعيد الدقاق، وعبد العظيم وزير المجلد الثاني ط 1، دار العلم للملايين بيروت 1989، ص: 219
إعادة نشر بواسطة محاماة نت