التنحي عن الولاية على مال القاصر – مبادئ وقرارات محكمة النقض المصرية

الطعن 1573 لسنة 49 ق جلسة 24 / 3 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 155 ص 732 جلسة 24 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: عزت حنوره، علي السعدني، محمد مختار منصور، ومحمود نبيل البناوى.
———-
(155)
الطعن رقم 1573 لسنة 49 القضائية

1 – هبة. أحوال شخصية “ولاية على المال”.
صفة الولي لا تزول عنه إلا بإذن من المحكمة. له أن ينوب عن القاصر في قبول الهبة ولو كان هو الواهب. اعتباره قابلاً لها بمجرد التعبير عن إرادته بها.
2 – استئناف “استئناف فرعي”. هبة.
تبعية الاستئناف الفرعي للاستئناف الأصلي. ماهيته. رفض الاستئناف الأصلي لا يستتبع بالضرورة رفض الاستئناف الفرعي. مثال في هبة.

——————–
1 – النص في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 1952 على أن “يجب على الولي أن يقوم بالولاية على مال القاصر ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا بإذن المحكمة” وفي الفقرة الثانية من المادة 487 من القانون المدني على أن “إذا كان الواهب هو ولي الموهوب له ناب عنه في قبول الهبة” يدل على أن صفة الولي لا تزول عنه إلا بإذن من المحكمة ومن تاريخ صدور هذا الإذن، فإذا كان هو الواهب فإنه يعتبر قابلاً للهبة بمجرد التعبير عن إرادته بها.
2 – لئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاستئناف الفرعي يتبع الاستئناف الأصلي ويدور معه وجوداً وعدماً ويزول بزواله في جميع الأحوال بحيث إذا حكم في الأخير ببطلان صحيفته أو اعتباره كأن لم يكن أو ببطلانه أو بسقوط الخصومة فيه أو بقبول تركة ترتب على ذلك انقضاء الخصومة في الاستئناف الفرعي، إلا إن ذلك قاصر على هذا النطاق ولا يترتب عليه بالضرورة ارتباط الاستئناف الفرعي بالاستئناف الأصلي إذا حكم في موضوع الأخير، وإنما يكون له كيانه المستقل وطلبه المنفصل شأنه في ذلك شأن أي استئناف آخر فإذا كان موضوع الاستئناف الفرعي المقام من الطاعنين الأولين هو هبتهما لحصتهما الميراثية من النقود المودعة في البنوك ومكاتب البريد – وتسري عليها أحكام الهبة في المنقول – على خلاف الاستئناف الأصلي الذي يتعلق موضوعه بهبة حصتهما في العقارات الموروثة – وتسري عليها أحكام الهبة في العقار – فإن رفض الاستئناف الأصلي لا يستتبع حتماً رفض الاستئناف الفرعي.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين الأولين أقاما الدعوى رقم 342 لسنة 1973 مدني كلي شبين الكوم على المطعون ضدهما الأولين طالبين الحكم بتثبيت ملكيتهما لنصيبهما في تركة ابنهما المرحوم…. المبينة عناصرها بصحيفة الدعوى وقالا بياناً لدعواهما أنه بتاريخ 23/ 10/ 1970 توفى ابنهما المرحوم…. مخلفاً تركة موضحة عناصرها بالقضية رقم 50 لسنة 1970 حسبي كلي شبين الكوم تضم أرضاً زراعية مساحتها 38 فدان و18 قيراط ومنزلاً والنصف في منزلين ونقوداً مودعة في البنوك وكاتب البريد وتقدر جميعها بمبلغ 135 مليم و20715 جنيه وانحصر إرثه فيهما وفي زوجته المطعون ضدها الأولى وأولاده منها القصر المشمولين بوصايتهما والرشيد المطعون ضده الثاني. وإذ يخص كلاً منهما السدس في هذه التركة فقد أقاما الدعوى للحكم لهما بطلباتهما كما أقام الطاعنون من الثالث إلى الخامس الدعوى رقم 471 لسنة 1973 مدني كلي شبين الكوم على الطاعنين الأول والثانية طالبين الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 3/ 1/ 1971 المتضمن بيعهما لهم أرضاً زراعية مساحتها 12 فدان 22 قيراط وحصة قدرها الثلث في منزلين وأخرى قدرها السدس في منزلين آخرين موضحة جميعها بصحيفة الدعوى نظير ثمن مقداره عشرة آلاف جنيه والتسليم وقالوا بياناً لها أنه بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 3/ 1/ 1971 باعهم الطاعنان الأول والثانية أرضاً زراعية مساحتها 12 فدان و22 قيراط شائعة في مساحة 38 فدان و18 قيراط ونصيباً قدره الثلث في منزلين ونصيباً قدره السدس في منزلين آخرين نظير ثمن مقداره عشرة آلاف جنيه. وإذ كان من حقهم الحصول على حكم بصحة هذا العقد فقد أقاموا الدعوى للحكم لهم بطلباتهم قدم الطرفان في الدعوى الأخيرة عقد صلح مؤرخ 18/ 4/ 1973 وطلبوا إلحاقه بمحضر الجلسة، وطلبت المطعون ضدها الأولى قبول تدخلها في تلك الدعوى طالبة رفضها استناداً إلى أن العقارات محل النزاع كانت نصيب البائعين في تركة ابنهما المرحوم….، وقد تنازلا عنه لحفدتهما القصر المشمولين بوصايتها. ضمت المحكمة هذه الدعوى إلى الدعوى الأولى رقم 342 لسنة 1973 مدني كلي شبين الكوم ليصدر فيها حكم واحد. وبتاريخ 30/ 5/ 1973 حكمت أولاً: في الدعوى رقم 342 لسنة 1973 مدني كلي شبين الكوم بتثبيت ملكية الطاعنين الأول والثانية لمساحة 12 فدان و16 قيراط شيوعاً في 38 فدان و18 قيراط من الأراضي الزراعية والسدس لكل منهما في نصفي المنزلين المبينين بصحيفة الدعوى ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. ثانياً: في الدعوى رقم 471 لسنة 1973 مدني كلي شبين الكوم بقبول تدخل المطعون ضدها الأولى ورفض طلباتها فيها وبإلحاق عقد الصلح المؤرخ 18/ 4/ 1973 بمحضر الجلسة وإثبات محتواه به وجعله في قوة السند التنفيذي. استأنف المطعون ضدهما الأولى والثاني هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 177 “مأمورية شبين الكوم” طالبين إلغاءه فيما قضى به في الدعوى رقم 342 لسنة 1973 مدني كلي شبين الكوم للطاعنين الأول والثانية ورفض دعواها وإلغاءه فيما قضى به في الدعوى رقم 471 لسنة 1973 مدني كلي شبين الكوم من رفض طلب الطاعنة الأولى وإثبات عقد الصلح بمحضر الجلسة. كما أقام الطاعنان الأول والثانية استئنافاً فرعياً قيد برقم 92 لسنة 10 ق طلباً به إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من باقي طلباتهما في الدعوى رقم 342 لسنة 1973 كلي شبين الكوم والحكم لهما بها ندبت المحكمة خبيراً قدم تقريره وبتاريخ 14/ 5/ 1979 حكمت في الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعويين وبرفضهما وفي الاستئناف الفرعي برفضه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه نقضاً جزئياً. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الطاعن الأول جد القصر تنحى عن ولايته عليهم عقب أن تنازل لهم عن نصيبه في تركة أبيهم فلم يعد ذا صفة تبيح له قبول هذا التنازل ولم يصادف إيجابه قبول ممن يمثلهم قانوناً وإذ أقام الحكم قضاءه بانعقاد الهبة على أنه قبلها باعتباره ولياً شرعياً عليهم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب تقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان النص في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 من أن “يجب على الولي أن يقوم بالولاية على مال القاصر ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا بإذن المحكمة وفي الفقرة الثانية من المادة 487 من القانون المدني على أن “إذا كان الواهب هو ولي الموهوب له ناب عنه في قبول الهبة” يدل على أن صفة الولي لا تزول عنه إلا بإذن من المحكمة ومن تاريخ صدور هذا الإذن، فإذا كان هو الواهب فإنه يعتبر قابلاً للهبة بمجرد التعبير عن إرادته بها. ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن الأول قد تنازل بتاريخ 23/ 10/ 1970 في تركة ابنه المرحوم…. لأحفاده قصر المتوفى المشمولين بولايته وأن المحكمة لم تقبل تنحيه عن ولايته عليهم إلا بعد ذلك في 6/ 1/ 1971 فإن الحكم المطعون فيه إذا أقام قضاءه بتوافر عنصر قبول الهبة عنه على أنه قبل الهبة الصادرة منه للقصر باعتباره ولياً عليهم حال قيام ولايته يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالنسبة للاستئناف الأصلي بالوجه الثاني من السبب الأول الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم إذ استدل على تنفيذ الطاعنين الأولين للهبة الباطلة الصادرة منهما من قيام بعض مستأجري عقارات التركة بدفع الأجرة للوصية في حضور الطاعن الأول مع أن هذا لا يدل على ذلك ولا يعني انصرافه إلى أجرة العقارات محل الهبة ولا على التنفيذ الاختياري لها في معنى المادة 489 من القانون المدني، كما لا ينصرف إلى الطاعنة الثانية التي خلت الأوراق مما يدل على تنفيذها للهبة الصادرة فإنه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتنفيذ الطاعنين الأولين لهبتهما الباطلة بسبب عدم إفراغها في الشكل الرسمي على قوله “قد تنفذت الهبة فعلاً بموافقة ورضاء جدي القصر وذلك بوضع يد الوصية على جميع عقارات التركة بما فيها القدر الموهوب من أطيان زراعية ومنازل على نحو ما بينه الخبير بتقريره واستمرار ذلك نحو العامين ونصف…. ومن ثم فإنهما – الواهبين – قاما بتنفيذها اختيارياً وتسلمت والدة القصر المال الموهوب على نحو ما ورد بتقرير الخبير بقصد إجازة الهبة وإذ كان الخبير قد انتهى في تقريره إلى أن الطاعنين الأولين قد نفذا الهبة الصادرة منهما تأسيساً على أنه ناقش بعض مستأجري أعيان التركة فقط الذين قرروا أنهم قاموا بسداد الأجرة إلى المطعون ضدها الأولى في حضور الطاعن الأول الذي طلب منهم ذلك باعتبارها زوجه ابنه المتوفى وصاحبة الأرض من بعده. وكانت الهبة منصبه على حصة شائعة في التركة فإن مجرد تصريح الطاعن الأول لبعض مستأجري عقارات التركة بسداد أجرة ما يستأجرونه إلى المطعون ضدها الأولى لا يفيد تنفيذ الهبة اختياراً. وإذ استدل الحكم بذلك على تنفيذ الطاعنين الأولين للهبة اختياراً ورتب على ذلك قضاءه فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن في هذا الخصوص.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بالوجه الأخير من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم إذ رفض الاستئناف الفرعي المقام من الطاعنين الأولين على مجرد قبوله الاستئناف الأصلي وإلغاء الحكمين الابتدائيين رغم عدم تلازمهما لاختلاف موضوعهما دون أن ينشئ لقضائه هذا أسباباً خاصة أو يحيل إلى أسباب الحكم الابتدائي فإنه يكون باطلاً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وإن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاستئناف الفرعي يتبع الاستئناف الأصلي ويدور معه وجوداً وعدماً ويزول بزواله في جميع الأحوال بحيث إذا حكم في الأخير ببطلان صحيفته أو اعتباره كأن لم يكن أو ببطلانه أو بسقوط الخصومة فيه أو بقبول تركة ترتب على ذلك انقضاء الخصومة في الاستئناف الفرعي، إلا أن ذلك قاصر على هذا النطاق ولا يترتب عليه بالضرورة ارتباط الاستئناف الفرعي بالاستئناف الأصلي عند الحكم في موضوع الأخير، وإنما يكون له كيانه المستقل وطلبه المنفصل شأنه في ذلك شأن أي استئناف أخر, لما كان ذلك وكان موضوع الاستئناف الفرعي المقام من لطاعنين الأولين هو هبتهما لحصتهما الميراثية من النقود المودعة في البنوك ومكاتب البريد – وتسري عليها أحكام الهبة في المنقول – على خلاف الاستئناف الأصلي الذي يتعلق موضوعه بهبة حصتهما في العقارات الموروثة وتسري عليها أحكام الهبة في العقار – مما مؤداه رفض الاستئناف الأصلي لا يستتبع حتماً رفض الاستئناف الفرعي، فإن الحكم المطعون فيه إذا أقام قضاءه برفض الاستئناف الفرعي على مجرد قضائه برفض الأصلي دون تسبيب خاص به، يكون معيباً بالقصور الذي يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .