يخضع قانون العقوبات الاداري كأى قانون لرقابة الدستورية ويمارسها في فرنسا المجلس الدستوري ويمارسها في مصر المحكمة الدستورية العليا ، وكلاً من المحكمة الدستورية فى ألمانيا و ايطاليا و سنشير الي مسألة التفويض التشريعي ومدي رقابة القضاء عليه .

أجاز الدستور المصري الحالي في حالات معينة لرئيس الجمهورية أن يصدر قرارات لها قوة القانون تطبيقاً لنص المادة 156 وذلك اذا كان مجلس النواب غير قائم ، والسؤال المطروح هل يجوز لرئيس الجمهورية أن يصدر قرارات بقوانين تتضمن انشاء أو خلق جرائم جديدة ؟

_ أولاً : اختصاص السلطة التنفيذية بانشاء المخالفات : 

تستطيع السلطة الادارية في فرنسا ومصر انشاء مخالفات جديدة فيسمح الدستور الفرنسى للسلطة التنفيذية بانشاء مخالفات . ويسمح قانون العقوبات المصري للسلطة التنفيذية بانشاء مخالفات وذلك في المادة 380 والتي تنص علي أنه ” من خالف أحكام اللوائح العامة أو المحلية الصادرة من جهات الادارة العامة أو المحلية يجازى بالعقوبات المقررة في تلك اللوائح بشرط ألا تزيد عن خمسين جنيهاً فان كانت العقوبة المقرره في اللوائح زائدة عن هذه الحدود وجب حتماً انزالها اليها . فاذا كانت اللائحة لا تنص على عقوبة ما يجازى من يخالف أحكامها بدفع غرامة لا تزيد علي خمسة وعشرين جنيهاً . ” 

والأصل أن انشاء الجرائم والجنح في النظام الفرنسي والمصري من اختصاص السلطة التنفيذية ولكن تستطيع السلطة التنفيذية في فرنسا انشاء كل المخالفات وتقرير عقوباتها . أما السلطة الادارية في مصر فلا تستطيع انشاء مخالفات الا في حدود معينة والتي وردت بنص المادة 380 سالفة الذكر .

_ ثانياً : أهمية التفويض التشريعي في قانون العقوبات الاداري : 

يقتصر قانون العقوبات الاداري بصفة عامة علي قوانين العقوبات التكميلية وحدها دون المساس بما ورد في صلب قانون العقوبات العام ومن أمثلتها قوانين المرور  وتنظيم المنشآت الطبية وقواعد التجريم في قانون الضرائب والجمارك ، ومن الصعوبة تفصيل عناصر التجريم وتحديد العناصر المكونة لكل جريمة ولهذا فقد يضطر المشرع في أحيان كثيرة الي تحديد القواعد العامة في التجريم وكذلك الجزاءات ويترك تحديد عناصر الفعل المكون للجريمة للسلطة التنفيذية تحدده بواسطة قرار بقانون أو لائحة وهذا ما يسمي في الفقه بالنصوص على بياض أو التفويض التشريعي . ومن أمثلته قانون مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها حيث حدد القواعد العامة في التجريم والعقوبات وقرر أن من يخالفه أو يخالف القرارات المنفذة له يعاقب بالعقوبة الواردة فيه .

_ ثالثاً : مبررات التفويض التشريعي : 

تملي العديد من الاعتبارات العملية علي المشرع في بعض الحالات أن يحدد القواعد العامة في التجريم ويترك عناصر التجريم لجهة آخري ” السلطة التنفيذية ” يكون لديها من المرونة والسرعة ما تواجه به المتغيرات وهذا ما يؤهلها للقيام بهذا علي نحو أفضل من المشرع نفسه .

ومن أمثلة هذه الاعتبارات ملاءمة أداة التجريم لمتطلبات المرونة التي تتطلبها قوانين الانتاج الرأسمالي والمتغيرات الاقتصادية المتلاحقة . وعدم دراية المشرع ببعض الحالات التي يكون تبيانها أسهل للسلطة التنفيذية خاصةً ما يتعلق بالمجال الاقتصادي ، فيعهد المشرع لرئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص أو هيئة حكومية .

_ رابعاً : رقابة القضاء علي التفويض التشريعي : 

للمحكمة أن تراقب مدي قانونية اللوائح والقرارات الادارية التي صدرت طبقاً لتفويض تشريعي من ناحيتين :

1- الناحية الشكلية : فيجب أن تصدر اللائحة أو القرار الاداري طبقاً لقانون يأذن باصدارها ومن الجهة التي تم تفويضها باصدارها وفقاً للاجراءات والأشكال التي يتطلبها قانون التفويض وغير ذلك يعرض القرار أو اللائحة للالغاء.

2- الناحية الموضوعية : يجب أن تصدر اللائحة أو القرار الاداري دون أي تعديل أو تعطيل أو تجاوز لما جاء في القانون ويراقب القضاء ذلك ، وقد سمح قانون المخدرات للوزير المختص بأن يعدل بقرار منه في الجداول الملحقة بهذا القانون وذلك لمواجهة المتغيرات وادراج المواد المخدرة التي تستحدث بعد صدور قانون مكافحة المخدرات فلا يحتاج المشرع أن يتدخل لتعديل الجدول في كل مرة تظهر مادة مخدرة جديدة .