أثر التغييرات الإقليمية الجزئية في الديون  

المحامية: منال داود العكيدي
تؤدي التغييرات التي تطرا على اقليم دولة ما سواء بالاضافة ام الاقتطاع الى اثار على الديون التي تعقدها الدولة ولكن يجب التفرقة هنا بين الديون المحلية والديون العامة.

 فالاولى يقصد بها الديون التي التزمت بها دولة الاصل لمصلحة الاقليم الذي انفصل عنها و مثالها الديون المعقودة لانشاء و فتح القنوات ومد السكك الحديد لصالح هذا الاقليم وهذه الديون تنتقل باكملها الى ذمة الدولة التي انتقل الاقليم اليها وهذا هو الحل الذي تقتضيه العدالة وذلك لان الاقليم هو المنتفع من هذه الديون وبناء عليه يبقى الاقليم متحملا لاعباء الدين بالرغم من تغير السيادة عليه وهذا هو الحل الذي اخذت به الدول في جميع احوال التعامل بينها فقد نصت معاهدة الصلح الايطالية المعقودة عام 1947 على انتقال الديون المعقودة لمصلحة الاقليم الى الدولة التي تدخل في سيادتها .

اما بالنسبة للديون العامة التي اقترضت لصالح الدولة باكملها فيذهب بعض الفقهاء الى ان التغييرات الاقليمية لاتؤثر في الشخصية القانونية للدولة ويترتب على ذلك ان الدولة التي انتقل اليها الاقليم لاتلتزم بالديون العامة التي اقترضتها دولة الاصل لان هذه الاخيرة وان فقدت جزءا من اقليمها الا انها لم تفقد شخصيتها الدولية وبالتالي تبقى وحدها ملزمة بالوفاء بهذه الديون.

وقد استند الى هذا الراي القرار التحكيمي الذي اصدره الاستاذ اوجين بورل في عام 1925 في قضية الديون العثمانية والذي جاء فيه (لايمكن القول بان الدولة الضامة ملزمة حكما بتحمل قسم من الديون الباقية في ذمة الدولة المجزاة .

في حين ان هناك رايا اخر يستند الى اعتبارات العدالة والى ان الدولة عندما استدانت انما كان ذلك في سبيل الصالح العام او لفائدة اقليمها ككل ولذلك يجب ان توزع هذه الديون بين الدولة المتنازلة والدول المتنازل لها . لكن التعامل الدولي قدم حلولا تختلف تبعا لوجود اتفاق خاص بنقل الديون تو عدم وجوده ففي حالة وجود اتفاق دولي يقضي بانتقال الديون بسبب التغييرات الاقليمية يمكن للدول المتنازل اليها ان تقبل او ترفض بارادتها المنفردة تحمل شيئا من الديون العامة التي اقترضتها الدولة المتنازلة وهذا ماحدث عندما رفضت الولايات المتحدة الامريكية عام 1783 ان تتحمل اي جزء من الديون العامة بعد ان استقلت عن بريطانيا بينما قبلت امريكا الجنوبية بعد استقلالها عن اسبانيا عام 1825 بان تسهم في دفع الديون العامة لهذه الدولة .

لكن في حالة وجود اتفاقات فينبغي الرجوع اليها لمعرفة النصيب الذي تتحمله الدول المتنازل اليها من الديون العامة او اعفائها من ذلك فقد اعفت المعاهدات التي عقدها الاتحاد السوفيتي في الفترة بين 1920 و 1921 مع الدول التي انفصلت عن روسيا القيصرية وهي كل من : فلندا وبولونيا واستوانيا ولتوانيا ولتيوفيا من الديون العامة الروسية كما قررت معاهدة الصلح الايطالية المعقودة عام 1947 استبعاد تحمل اي من الاقاليم التي انفصلت عن ايطاليا شيئا من الديون العامة التي عقدتها هذه الدولة وبالعكس فقد قبلت كندا بمقتضى الاتفاق المعقود عام 1948 تحمل النصيب الكامل الذي يعود للارض الجديدة التي انضمت اليها من الديون العامة البريطانية التي انعقدت عندما كانت هذه المقاطعة تحت السيادة البريطانية .

وفي الواقع انه لايوجد اتفاق في الراي حول الاساس الذي يستخدم لتحديد النصيب الذي يجب ان تتحمله الدولة المتنازل اليها من الديون العامة التي اقترضتها الدولة المتنازلة ولكن البعض اتخذ مساحة الاقليم مقياسا غير ان هذا المعيار خاطئ لان مساحة الاقليم ليست مقياسا حقيقيا لقيمته الاقتصادية والمالية فكم من اقليم صغير المساحة ولكنه غني وكم من اقليم شاسع فقير ومع ذلك فقد اتخذ هذا المعيار اساسا تم اعتماده في مؤتمر برلين المنعقد عام 1878 لتحديد نصيب دول البلقان التي انفصلت عن الامبراطورية العثمانية من ديون هذه الدولة ، وهناك معيار اخر اعتمد على عدد سكان الاقليم وهو ايضا معيار فاشل لان تكاثر السكان في جزا من اجزاء الدولة ليس دليلا على ازدهار ذلك الجزء من اقليم الدولة .

غير ان المعيار السليم الواجب اعتماده لتحديد نصيب الاقليم المنفصل عن دولة الاصل من الديون العامة يجب ان يستند الى نسبة الضرائب التي كان يؤديها الاقليم المنفصل الى مجموع الضرائب العامة في الدولة لان الضرائب تمثل في الواقع الدخل الحقيقي للاقليم وتعتبر خير معيار لقيمته المالية وقد اخذت بهذا المعيار معاهدات الصلح التي تلت الحرب العالمية الاولى عام 1918 كمعاهدة فرساي وسان جرمان بالنسبة للاقاليم التي انتزعت من الامبراطورية الالمانية وامبراطورية النمسا والمجر.