مفهوم العدالة الضريبية

المؤلف : حيدر نجيب احمد فائق سعيد المفتي
الكتاب أو المصدر : الخسائر الضريبية في قانون ضريبة الدخل العراقي

عرف العدالة الضريبية بأنها : (التوزيع العادل للأعباء الضريبية بين الأفراد، ومبدأ العدالة الضريبية من المبادئ التقليدية للضريبة الذي تقتصر آلية العمل فيه على إشباع الحاجات العامة بمعزل عن الأهداف الاجتماعية والاقتصادية للدولة، ومؤخراً أخذت الدول بالتدخل بواسطة الضريبة بقصد التأثير في توزيع وإعادة الدخل القومي وتحقيق العدالة الاجتماعية)(1).

وتنقسم العدالة الضريبية إلى نوعين هما:
أولاً: العدالة الضريبية الرأسية (Vertial equity)
ويقصد بها تباين واختلاف معاملة المكلفين ضريبياً حسب مقدرة كل مكلف على تحمل دفع دين الضريبة، ويكون الدخل هو المؤشر والمقياس الأساسي لبيان مقدرة المكلف على الدفع، وتكون الضريبة وفقاً للعدالة الضريبية الرأسية أما ضريبة تصاعدية أو نسبية أو متدرجة ، وبما يتوافق مع مقدرة كل مكلف على دفع دين الضريبة وحسب الدخل الذي حصل عليه (اختلاف في مستوى الدخل)(2).

ثانياً: العدالة الضريبية الأفقية (Horizental equity)
ويقصد بها أن تكون معاملة المكلفين من الناحية الضريبية متساوية مع مراعاة الحالة المادية والاجتماعية للأفراد في المجتمع عند تحديد دين الضريبة(3). فالعدالة الضريبية إذن أما أن تتضمن اختلاف في المعاملة الضريبية للأفراد تبعاً لاختلاف مقدرة الأفراد في دفع دين الضريبة أي العدالة الضريبية الرأسية، أو تتضمن مساواة المكلفين في المعاملة الضريبية في المجتمع والذين لديهم مقدرة متساوية على الدفع أي العدالة الضريبية الأفقية(4). وتجدر الملاحظة إلى أن كل نظام ضريبـي يقوم على مجموعة من القواعد والمبادئ الأساسية، وهذه القواعد والمبادئ هي الأساس الذي يؤخذ بنظر الاعتبار عند فرض الضريبة في سبيل تحقيق مصلحة كل من المكلف والدولة على حدٍ سواء، وهذه القواعد هي(5):

أولاً: العدالة في فرض الضريبة على المكلفين
ويقتضي هذا المبدأ أن تكون هناك عدالة في فرض الضريبة على المكلفين، وعادة تتحقق هذه العدالة من خلال فرض الضريبة بنسب تصاعدية وحسب الدخل الذي يحصل عليه المكلف أي وفقاً للمقدرة التكلفية للمكلفين ، وهذا ما هو سائد في العصر الحديث وليس كما هو الحال سابقاً إذ كانت الضريبة نسبية أي أن الضريبة تفرض بنسبة واحدة مهما تغير وعاؤها، يضاف إلى ذلك إن فرض الضريبة بنسب تصاعدية لا يقتصر عند هذا الحد بل تؤخذ بنظر الاعتبار شخصية المكلف ومركزه المالي والأعباء الاجتماعية المتعلقة به تحقيقاً للعدالة.

ثانياً: التوافق بين أحكام وقواعد الضريبة وظروف المكلفين بدفع الضريبة
ويعني هذا المبدأ اختيار الوعاء المناسب الذي تفرض عليه الضريبة إضافة للأسلوب الذي يتم اختياره لتحديد هذا الوعاء وكذلك تحديد الإجراءات الخاصة بفرض الضريبة وجبايتها، وعلى أساس ذلك فإن فرض الضريبة يكون في وقت حصول المكلف على الدخل الذي تفرض عليه هذه الضريبة.

ثالثاً: أن يكون المكلف على علم ودراية بالضريبة التي تفرض عليه
يقتضي هذا المبدأ أن تكون الضريبة واضحة ومعلومة بالنسبة للمكلفين من حيث مقدارها ونسبتها وكافة الإجراءات والأحكام المتعلقة بها بالنسبة إليه، وفي سبيل تحقيق هذا الوضوح بالنسبة لكافة المكلفين لا بد أن تكون التشريعات الضريبية واضحة ولا تحتمل أكثر من تفسير إضافة إلى نشر أحكام وأنظمة الضرائب في وسائل نشر معينة يمكن أن تتوفر تحت يد كل مكلف لتعزيز ثقة المكلفين بالضريبة وتلافياً للتهرب منها .

رابعاً: الاقتصاد في تحصيل دين الضريبة من المكلفين
ويعني ذلك تجنب التبذير في جباية الضريبة إضافة إلى تسهيل أمر كل مكلف عند دفعه الضريبة المفروضة عليه والابتعاد عن الروتين والتعقيد في سبيل الابتعاد عن تحمل النفقات بنسبة عالية مما يؤدي إلى الإضرار بالمالية العامة. إضافة إلى ذلك فإن لقواعد والمبادئ الأساسية تكون مستمدة من أهداف المجتمعات الإنسانية، ولعل من أبرز هذه الأهداف هي(6):

أولاً: رفع مستوى دخل الفرد وتحقيق أكبر قدر ممكن من التطور الاقتصادي وذلك في حدود ما هو متوفر من إمكانيات ومهارات في المجتمع.
ثانياً: عدالة توزيع الثروات والدخول بين أفراد المجتمع كافة.
وأخيراً وليس آخراً نشير إلى أن تحقيق العدالة الضريبية يخضع إلى عدة اعتبارات يمكن تحديدها على النحو الآتي(7):
أولاً: أن تفرض الضريبة على جميع الأفراد في المجتمع وعلى كافة الثروات فيه، أي عمومية فرض الضريبة.
ثانياً: مراعاة المقدرة المالية لكل مكلف أي الأخذ بنظر الاعتبار المقدرة التكليفية لأفراد المجتمع كافة، أي شخصية الضريبة.
ثالثاً: توافر الإحساس لدى المكلفين بدفع دين الضريبة والمساواة في تحمل هذا العبء لدى أفراد المجتمع كافة .
رابعاً: عدم الضغط على المكلف بدفع الضريبة لأكثر من مرة على نفس المصدر تلافياً للازدواج الضريبـي.
وبناءً على ما تقدم ذكره نلاحظ إن العدالة الضريبية تتضمن العديد من العناصر ومنها شخصية الضريبة وعموميتها ، إضافة إلى الشعور بالمسؤولية، وإن العدالة الضريبية لها أهمية في مجال فرض الضريبة فهي أساسية ولا بد من توافرها في سبيل استقرار الضرائب(8).
_________________________
1-حسن النجفي، معجم المصطلحات الاقتصادية والقانونية ، الطبعة الأولى ، طبع الدار العربية ، بغداد، دار واسط للنشر، 1982، ص48.
2-حسن النجفي، نفس المصدر السابق، ص155.
3- حسن النجفي، نفس المصدر السابق، ص65.
4- حسن النجفي ، نفس المصدر السابق، ص145.
5- د. طاهر الجنابي، مصدر سابق، ص141-142.
_كذلك أنظر هاشم الجعفري، محاضرات في المالية العامة، مطبعة سلمان الأعظمي ، بغداد، 161، ص19 وما بعدها.
_د. عدلي محمد توفيق، النظم الضريبية، دار الجامعات المصرية، القاهرة، 1975، ص248-249.
6- عبد الله محمد شامية ، النظام الضريبـي في الجماهيرية (أسسه وتطبيقاته) ، منشورات مركز بحوث العلوم الاقتصادية، بنغازي، ليبيا، الطبعة الأولى، 1993، ص60 وما بعدها.
7- عبد الله محمد شامية، نفس المصدر السابق، ص60-61.
8- تجدر الملاحظة إلى أن العدالة الاجتماعية تختلف عن العدالة الضريبية بأن الأولى هي : (نظام اقتصادي يعمل على إزالة الفروق الاقتصادية بين الطبقات في المجتمع)، أي استخدام العدالة في سبيل إزالة الفوارق الاقتصادية بين الأفراد في المجتمع وذلك من خلال توزيع الواجبات والحقوق بينهم وبما يضمن تحقيق المصلحة العامة. مشار إلى ذلك لدى: محي الدين ناصر، مصدر سابق، ص826.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت