ان المؤمن له ملتزم وفقاً للوثيقة العائمة بجملة من الالتزامات التي نص عليها القانون صراحة، والتي ترتب على الاخلال بها اثاراً معينة. ومما تجدر ملاحظته انَّ اهم الالتزامات التي تقع على عاتق المؤمن له هو التزامه بتقديم الاقرار الخاص بالشحنة المشمولة بالتغطية التأمينية وفقاً للوثيقة العائمة، ولذلك سنحاول التعرف على هذا الالتزام وجزاء الاخلال به، فضلاً عن باقي الالتزامات الاخرى. وسنتناول هذه الالتزامات في ثلاثة مطالب وهي :

التزام المؤمن له بدفع قسط التأمين.
التزام المؤمن له بتقديم الاقرار.
التزام المؤمن له بالمحافظة على حقوق المؤمن.

المطلب الاول : التزام المؤمن له بدفع قسط التأمين

يعدَّ عقد التأمين البحري من عقود المعاوضة والذي يأخذ كل واحد من طرفي العقد مقابلاً لما يعطي ، إِذ نجد أَنَّ المؤمن يلتزم بتعويض المؤمن له عما اصابه من ضرر جراءَ تعرّض البضاعة للخطر المؤمن منه، وان قيامه بالتعويض لم يكن بدون مقابل، اذ انه كان مقابل ما أخذه من اقساط التزم المؤمن له بدفعها المؤمن.

فقسط التأمين اذن هو المبلغ الذي يحصل عليه المؤمن نتيجة تحمله تبعة الخطر المؤمن منه، الذي يلتزم المؤمن له بدفعه في الميعاد المحدد في الوثيقة العائمة(1). ولقسط التأمين اهمية كبيرة اذ كيف يمكن تصور ان يكون بمقدور المؤمن (شركة التأمين) ان يغطي اخطار متعددة لشحنات مختلفة بدون ان تكون له القدرة المالية في تغطية تلك الاخطار.

فالقسط او الاقساط المتجمعة تعدُّ وبحق المقدرة المالية الحقيقية للمؤمن تعينه في التأمين على البضائع، هذا من الجانب الفني . اما من الجانب القانوني فنجد وكما ذكرنا أنّ دفع قسط التأمين من قبل المؤمن له يعني انه قد نفذ ما التزام به وحافز يدفع المؤمن له لان يلتزم بتعويضه عند تحقق الخطر(2). ولقد اشارت م(986/أ) من القانون المدني العراقي الى ذلك، إذ نصَّت “يلتزم المؤمن له بما يأتي : أ- ان يدفع الاقساط او الدفعة المالية الاخرى في الاجل المتفق عليه”. واشارت م(52) من قانون التأمين البحري الانكليزي الى “ان التزام المؤمن له او وكيله بدفع قسط التأمين ، كالتزام المؤمن باصدار وثيقة التأمين كما ان المؤمن غير ملزم باصدار وثيقة التأمين الا بعد دفع قسط التأمين مالم يجرِ اتفاق على غير ذلك”. واذا كان القانون الانكليزي قد اكد على ان من حق المؤمن المطالبة بدفع قسط التأمين قبل اصداره وثيقة التأمين، الإ ان الواقع العملي بالنسبة لباقي وثائق التأمين –عدا الوثيقة العائمة- يشير الى ان وثائق التأمين البحري عادة تصدر قبل دفع قسط التأمين(3). لذلك فان المؤمن له المتعاقد مع شركة التأمين، والذي وقع وثيقة التأمين هو المسؤول امام المؤمن (شركة التأمين) عن دفع قسط التأمين، حتى اذا كان التأمين قد تم لمصلحة شخص غير معين (الاشتراط لمصلحة الغير)، فان المؤمن له المتعاقد يبقى هو المسؤول عن دفع اقساط التأمين(4). وفي حالة اذا ما انتقلت البضاعة المؤمن عليها الى الخلف، فان الاخير يكون مسؤولاً عن دفع قسط التأمين سواء اكان هذا الخلف عاماً او خاصاً(5). ونجد ان القانون نص وبصراحة على وجوب التزام المؤمن له في الوثيقة العائمة بدفع قسط التأمين، إذ اشارت م347 من مشروع قانون التجارة البحري العراقي لسنة 1974 الى “1-اذا ابرم التأمين بوثيقة مفتوحة وجب ان تشمل على الشروط التي يلتزم بمقتضاها كل من المؤمن والمؤمن له والحد الاعلى للمبلغ الذي يتعهد بدفعه عن كل شحنة واقساط التأمين”. ولقد نص القانون المصري في م393 على ضرورة الاتفاق على اقساط التأمين وكانت معالجته مشابهة لمعالجة المشروع العراقي لسنة 1974. أَمَّا قانون التأمين البحري الانكليزي لعام 1906، فقد نص في م29 منه الى “1-وثيقة تصف شروط التأمين بصورة عامة………”. ومن الشروط العامة هو شرط كيفية دفع قسط التأمين، وأيتم دفع هذا القسط بصورة مبلغ تأمين اجمالي يمثل مجموع الشحنات المستقبلية(6). ، ام يتم دفع قسط التأمين الخاص بكل شحنة على حدة. لذلك يمكن القول ان قسط التأمين والكيفية التي تم الاتفاق عليه فيها، هو الذي يحدد شكل او نوع وثيقة التأمين العائمة فيما لو كانت وثيقة عائمة مقفلة او وثيقة عائمة مفتوحة.

أ-قسط التأمين في الوثيقة العائمة المقفلة

تتميز وثيقة التأمين العائمة بشروط عدة(7). ومنها شرط يلزم المؤمن له بدفع قسط ابتدائي كتأمينات، وهذا القسط يتناسب مع مبلغ التأمين الاجمالي،(8). وبعبارة اخرى دفع قسط اجمالي مؤقت يُسدد مقدماً وذلك وفقاً للسعر السائد عند اصدار وثيقة التأمين العائمة. وعند قيام المؤمن له بتقديم اقراره عن الشحنات التي تدخل ضمن نطاق التغطية فانه –اي المؤمن- يستنزل مبلغ الشحنة من مبلغ التأمين الاجمالي المثبت في الوثيقة العائمة، وهكذا بالنسبة لاي شحنة يبلغ عنها المؤمن له سواء التي تمت لحسابه او لحساب غيره، وبعد ذلك يخضع القسط الاجمالي المدفوع الى تسوية نهائية عند انتهاء جميع الشحنات. اذ ان المؤمن يقوم باعادة حساب القسط على الشحنات التي تم شحنها بصورة فعلية وحسب الاسعار التي تم الاتفاق عليها عند اصدار الوثيقة وليس حسب الاسعار السائدة في اسواق التأمين البحري(9). فاذا ما وجدت شركة التأمين بعد اعادة حساب الاقساط المدفوعة ان المبلغ المدفوع من قبل المؤمن له اكبر من المبلغ الاجمالي المثبت في الوثيقة، فان الشركة تكون ملزمة برد المبلغ الزائد، والعكس صحيح اذا كان ما دفعه فعلاً اقل من المبلغ الاجمالي المثبت في الوثيقة فان المؤمن له ملزم بدفع قسط اضافي(10). ويمكن القول أَنَّ الوثيقة العائمة المقفلة تكون بمثابة حساب جارٍ، فعميل المصرف له الحق أَنَّ يسحب من حسابه الخاص الى ان يتم استنفاذ الرصيد(11). ويمكن ان نضرب مثالاً بسيطاً على قسط التأمين في الوثيقة العائمة المقفلة، فلو ان تاجراً عراقياً اراد ان يؤمن على مجموعة من الشحنات المستقبلية وبمبلغ اجمالي قدره (مليون دينار). فلو فرضنا ان قسط التأمين كان في الشحنة الاولى بمقدار (ربع مليون دينار)، فان هذا المبلغ يتم استنزاله من مبلغ التأمين الاجمالي فيصبح المتبقي من هذا المبلغ (750.000 الف دينار) ، وهكذا بالنسبة لباقي الشحنات الى ان يتم انهاء المبلغ الاجمالي.

ب- قسط التأمين في الوثيقة العائمة المفتوحة

لايوجد شرط دفع قسط اولي او ما يعرف بمبلغ تأمين اجمالي (في الوثيقة العائمة المفتوحة) بالرغم من ان هذا النوع من الوثيقة العائمة يتم بوساطته ايضاً التأمين على شحنات مستقبلية تعود للمؤمن له او لحساب الغير. ويكون ذلك ضمن مدة محددة (تكون في الغالب 12 شهراً) او بدون مدة محددةٍ. ويدفع قسط التأمين في الوثيقة العائمة المفتوحة على انفراد عن كل شحنة يتم التبليغ عنها من قبل المؤمن له وبصورة تتناسب مع الشحنة المبلغ عنها(12). ولابد من القول ان الوثيقة العائمة المفتوحة وكما هو الحال في الوثيقة العائمة المقفلة، يتم تحديد حد اعلى لكل شحنة(13). وذلك لمنع حالة التراكم في المسؤولية، ومن اجل اعادة تأمينها في حالة ما اذا كان مبلغ التأمين الخاص بالشحنة اكبر مما تستطيع شركة التأمين تغطيتهُ، لاسيما اذا عرفنا ان المؤمن ملزم بالتغطية على جميع الشحنات التي تعود للمؤمن له او للغير. ويتم دفع قسط التأمين الى المؤمن (شركة التأمين) او الى وكيله الذي يكون مفوضاً من قبل المؤمن لقبض قسط التأمين(14). أما عن مكان وزمان استلام قسط التأمين فيكون وفقاً للمكان والزمان المتفق عليه في عقد التأمين، وفي حالة عدم ادراج مكان وزمان دفع قسط التأمين فانه يدفع في موطن المدين (المؤمن له) في وقت وجوب الوفاء، وذلك حسب م(985) من القانون المدني العراقي التي نصت “أ-ان يدفع قسط التأمين والمصاريف في المكان والزمان المتفق عليها”. وهذا ما نص عليه القانون المصري كذلك في م(361) أما قانون التجارة البحري العثماني فقد نص في المادة (396/2) على “وفي الالتزامات الاخرى يكون الوفاء في موطن المدين وقت الوجوب بالوفاء وفي المكان الذي يوجد فيه محل اعماله اذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الاعمال مالم يتفق على غير ذلك”. والواقع العملي للتأمين البحري يكشف لنا انه في بعض الاحيان وبعد اصدار وثيقة التأمين يتوقف المؤمن له عن دفع قسط التأمين ((لاتشمل هذه الحالة وثيقة التأمين العائمة المقفلة اذ ان قسط التأمين يدفع مقدماً كما ذكرنا سابقاً)). لذلك نجد ان المؤمن يقوم بادراج شرطٍ في الوثيقة نفسها، والذي ينص على أن من حق المؤمن ان يوقف سريان التأمين على الشحنة التي توقف المؤمن له عن دفع القسط الخاص بها الى اليوم التالي لدفع قسط التأمين الذي توقف المؤمن له عن دفعه. وعلى الرغم من ان هذا الشرط قد يؤدي الى ضياع حق المؤمن له في المطالبة بمبلغ التأمين عند تعرض البضاعة للخطر خلال مدةٍ التوقف. إلا اننا نجد ان القضاء اخذ بصحة هذا الشرط ، من أجل حمل المؤمن له على دفع قسط التأمين(15). والواقع أَنَّ المشرِّع العراقي لم يتناول حكم توقف المؤمن له عن دفع اقساط التأمين لا في القانون المدني ولا في قانون التجارة البحرية العثماني، اذ انه وكما يبدو قد احال هذه المسألة الى القواعد العامة. والتي طبقاً لها نجد ان المؤمن يستطيع بعد اعذار المؤمن له بدفع قسط التأمين ان يقوم بالغاء عقد التأمين وفسخه. الا انَّ المؤمن لا يستطيع ان يتحلل من التزامه بتعويض المؤمن له عن الخطر المؤمن منه الا بعد صدور حكم بفسخ عقد التأمين من قبل المحكمة المختصة. فاذا ما تعرضت البضاعة للخطر المؤمن منه خلال مدة التوقف والفسخ فان المؤمن له لا يسقط حقه في المطالبة بالتعويض بل يمكن ان يطالب المؤمن بالتعويض، بشرط ان يقوم المؤمن له بدفع اقساط التأمين التي تم التوقف عن دفعها، وهذا الحكم من الطبيعي ان يكون من مصلحة المؤمن له، الذي يحصل على التعويض بالرغم من توقفه عن دفع اقساط التأمين(16). ونرى أَنَّ عدم ايراد حكم خاص بتوقف المؤمن له عن دفع قسط التأمين في القانون المدني ولا في قانون التجارة البحري العثماني امر منتقد، اذ انه قد يثير الكثير من النزاعات بين طرفي عقد التأمين . ومن ناحية اخرى لابد ان يعالج هذا الامر بدقة كما فعلت بعض القوانين، التي حددت المدة التي يجب ان يتم فيها اعذار المؤمن له، وكذلك شكل هذا الاعذار والحكم في حالة تعرض البضاعة للخطر المؤمن له خلال مدة الاعذار، وحكم اقساط التأمين التي كان المؤمن له قد دفعها الى المؤمن قبل توقفه عن الدفع، فهل هي من حق المؤمن ام من حق المؤمن له. وفيما يخص القانون المصري فقد عالج مسألة توقف المؤمن له عن دفع اقساط التأمين في م(362) إذ نصت على “1- اذا لم يدفع المؤمن له قسط التأمين المستحق جاز للمؤمن ان يوقف التأمين او ان يفسخ العقد، ولا ينتج الايقاف او الفسخ اثره الا بعد انقضاء خمسة عشر يوماً على اعذار المؤمن له بالوفاء واخطاره بايقاف التأمين وفسخه، ويجوز ان يقع الاعذار بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول او ببرقية او تلكس في اخر موطن للمؤمن له يعلمه المؤمن، كما يجوز ان يقع الاعذار بالوفاء والاخطار بايقاف التأمين او فسخهِ باجراء واحد”. ولم يعالج قانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906 ، ولاقانون التجارة البحري السوري مسألة توقف المؤمن له عن دفع قسط التأمين. ولكن هل يجوز للمؤمن له ان يدفع جزءاً من قسط التأمين ويمتنع عن دفع الجزء الباقي، او بعبارة اخرى هل يحق للمؤمن له ان يطلب تجزئة قسط التأمين الخاص بالشحنة، ومتى يجوز له ذلك؟. نجد ان محكمة النقض الفرنسية قد ذهبت الى امكانية تجزئة قسط التأمين، ولكن بشرط ان يكون سبب التجزئة هو انقضاء التأمين وعدم امكانية الاستمرار فيه، بسبب قوة قاهرة حالت دون استمرار سريان عقد التأمين. مثال ذلك، ان يقوم المؤمن له باستيراد بضاعة وبعد ان يبدأ الخطر المؤمن منه يصدر قراراً بحضر استيراد هذه البضاعة، وقد يصدر هذا القرار بعد سريان عقد التأمين البحري. وحجة القضاء في هذا الحكم –امكانية تجزئة قسط التأمين- هو ان عقد التأمين من العقود الملزمة للجانبين، اي اننا نكون امام التزامات متقابلة فاذا ما انقضى التزام احد الطرفين وهو المؤمن قبل انقضاء العقد بسبب استحالة التنفيذ، لابد اذن ان ينقضي التزام المؤمن له بدفع القسط الخاص بالمدة، التي يتوقف سريان التأمين فيها وذلك بسبب القوة القاهرة التي حالت من دون سريانه، والقول بخلاف ذلك يعني ان المؤمن سوف يثري بغير سبب، لانه يأخذ اقساطاً خاصة بمدة لايتحمل فيها مسؤولية تعويض المؤمن له عن اي خطر تتعرض لها البضاعة. وذهب القضاء بناءً على ذلك على صحة الاتفاق المثبت في الوثيقة والذي يقضي بامكانية تجزئة قسط التأمين(17). بينما نرى أَنَّ هناك من يذهب الى عدم امكانية تجزئة قسط التأمين بل ان المؤمن يستحق القسط كاملاً حتى وان انقضى عقد التأمين(18). والى هذا ذهب قانون التجارة البحري العثماني في م(196) التي نصت “الضائعات والخسائر التي تقع بسبب تغير الطريق او السفر او السفينة دون ضرورة او بسبب من نفس المضمون له، لاتوجب ضرراً على الضمان بل اذا بدأ وقوع الخطر البحري لاجل ذات الضامن يكون قد اكتسب بدل السيكورتا ايضاً”. ويتضح ان الرأي الاول هو الارجح، فوجود قوة قاهرة تحول دون استمرار المؤمن بتغطية الخطر المؤمن منه، يعني أَنَّه لابد من ان يحول دون استمرار المؤمن له في دفع اقساط التأمين المقابلة للمدة التي توقف المؤمن عن تغطيتها، والا لأثرى المؤمن على حساب المؤمن له.

المطلب الثاني : التزام المؤمن له بتقديم الاقرار الخاص بالشحنات المؤمن عليها

يلتزم المؤمن له بتقديم إِقرار (إِخطار) عن كل شحنة تكون مشمولة بالتغطية التأمينية(19)، ولقد تقرر هذا الالتزام بنص صريح في القانون، اذ اشارت الى هذا الالتزام كلاً من (ف2/347) من مشروع قانون التجارة البحري العراقي لسنة 1974 والقانون المصري رقم 8 لسنة 1990 في م(394) وقانون التجارة البحري السوري في م (308) منه، و م(29/3) من قانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906(20). لذلك لابد ان نتعرف على هذا الالتزام من خلال التعرف على مفهوم الاقرار وبياناته ، واهميتهُ ، وكذلك معرفة وقت تقديم الاقرار وموقف التشريعات من التزام المؤمن له بتقديم الاقرار، واخيراً لابد من معرفة جزاء عدم تقديم الاقرار من قبل المؤمن له.

اولاً : مفهوم الإقرار واهميته:

يقصد بالاقرار : مجموعة البيانات التي يلتزم المؤمن له بتقديمها لشركة التأمين الموضحة لكل ما يؤدي الى ايجاد فكرة عن البضاعة المشحونة والمشمولة بالتغطية التأمينية، من حيث مقدار البضاعة ونوعها وقيمتها وعلاماتها وارقامها واسم السفينة والرحلة التي تقوم بها(21).

ومن خلال هذا المفهوم ، يمكن ان نوضح البيانات التي يجب ان يتضمنها الاقرار وهي:

1- البضاعة المؤمن عليها

على المؤمن له أَنْ يبين في الاقرار المقدم لشركة التأمين نوع البضاعة ومقدارها ونوعها ، وارقامها والتي ستكون خاضعةً للتغطية التأمينية وكل بيان يصف تلك البضاعة بشكل واضح(22). ولايخفى على احد الاهمية الخاصة للبيانات الموضحة للبضاعة، إذ أنَّ المؤمن (شركة التأمين) لا يستطيع معرفة البضاعة المراد التأمين عليها عند ابرام عقد التأمين منذ البداية، وبذلك فانه لا يستطيع معرفة طبيعة ونوع البضاعة الا من خلال ما يقدمه المؤمن له من بيانات عن طريق الاقرار هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى نجد ان المؤمن بحاجة الى معرفة قسط التأمين الخاص بتلك الشحنة، إذ ان المؤمن يضع حداً اقصى لكل شحنة خاضعة للتغطية التأمينية، إذ قد يكون قسط التأمين الحقيقي للبضاعة اقل او اكبر من الحد الاعلى لكل شحنة خاضعة للتغطية التأمينية(23). ونجد في العراق أَنَّ شركات التأمين الوطنية قد وضعت جدولاً تعريفياً لأسعار التأمين البحري لكل نوع من انواع البضائع، لذلك فان بيان نوع البضاعة وطبيعتها يعين المؤمن من وضع السعر المناسب للتأمين. ولقد قررت شركة التأمين انه في حالة اذا لم تكن البضاعة قد اشير اليها في جدول الاسعار التأميني، فان شركة التأمين تقوم بوضع سعر تأميني مناسب لها على وفق أسس فنية معينة توضع من قبل شركة التأمين. ويساعد معرفة نوع البضاعة وطبيعتها المؤمن في وضع غطاء تأميني مناسب مع طبيعة البضاعة، وان تقوم بتغيير نوعية الغطاء التأميني في حالة اكتشافها ان الغطاء التأميني المطلوب او الذي تم تحديده في الوثيقة لايناسب البضاعة وطبيعتها(24).

2- طريقة تغليف وتعبئة البضاعة

من الطبيعي ان يكون لكل نوع من البضائع طريقة خاصة في تغليفها وتعبئتها ، تتفق مع طبيعة ونوع البضاعة(25). ولقد الزمت شركات التأمين المؤمن له بالقيام بتغليف البضاعة بالطريقة التي تناسبها، ولمِا للتغليف من اهمية كبيرة في المحافظة على البضائع. فالتغليف الرديء يزيد من احتمال تعرض البضاعة للخطر المؤمن منه، إمّا التغليف الجيد والذي يلائم طبيعة البضاعة فسوف يقلل والى حد كبير من احتمالية تعرض البضاعة لاي خطر قد يلحق الضرر او الخسارة بالبضاعة(26). وفي حالة كون البضاعة المؤمن عليها قد تم تغليفها بصورة لاتتناسب مع طبيعتها فبأمكان شركة التأمين، ان تطلب قسطاً اضافياً او أن ترفض التأمين على تلك البضاعة ولاسيما اذا كانت طريقة التغليف تنبئ عن احتمال وقوع الخطر المؤمن منه بصورة اكيدة او شبه اكيدة. ولقد لجأت شركات التأمين الوطنية في العراق الى وضع جدول خاص للتغليف، تبين فيه نوعية البضاعة وطريقة التغليف، كأن تشترط ان تكون بضاعة معينة في اكياس، والنوع الآخر من البضائع يكون في صناديق. ويبدو أن وضع مثل هذا الجدول لغرض الحد من النزاع الذي يمكن ان ينشأ بين المؤمن والمؤمن له او ان يُنيه المؤمن له في اتباع الوسيلة الصحيحة للتغليف، حتى لايدعي ان سبب عدم ملاءمة التغليف للبضاعة راجع الى جهله بطريقة التغليف المناسبة. ولكن ان وضع جدولاً خاص لطريقة التغليف امر لايخلو من الصعوبة اذ من الصعب ان يكون مثل هذا الجدول محيطاً بجميع انواع البضائع، لذلك نجد ان شركات التأمين في هذه الحالة قد تطلب من المؤمن له الحد الادنى من التغليف يتناسب مع طبيعة البضاعة حتى وان لم يكن التغليف متناسباً بصورة تامة مع البضاعة وطبيعتها(27).

3- واسطة النقل

ان الاقرار المقدم من قبل المؤمن له يجب ان يضم اسم واسطة النقل وكل تفصيل يخص تلك الواسطة من اجل ان يتم تحديد سعر التأمين الخاص بالشحنة(28).إذ أنّ المؤمن (شركة التأمين) تجهل اسم ونوع واسطة النقل عند اصدارها وثيقة التأمين العائمة، لأنها تعين فيما بعد عن طريق الاقرار الذي يبين فيما اذا كانت تلك الواسطة خاضعة لشروط تصنيف السفن ام لا. اذ ان السفينة او الباخرة تكون خاضعة للاسعار الاعتيادية بالنسبة للسفن المصنفة (وهي السفن ذات المواصفات الخاصة التي تفرضها الهيئات الفنية العالمية البحرية المتخصصة من خلال منحها شهادة بذلك او السفن المشمولة بشروط تصنيف السفن لمجمع مكتتبي التأمين البحري في لندن). واذا كانت السفينة غير مصنفة، فان شركة التأمين سوف تأخذ سعراً اعلى من المؤمن له ، لأن احتمالية تعرض البضاعة للخطر تكون اكبر مما لو كانت السفينة مصنفة(29).

4- طريق الرحلة البحرية (موانئ الشحن والتفريغ)

ان تحديد الميناء الذي تبدأ منه الرحلة البحرية والميناء الذي تنتهي اليه يعدّ من البيانات المهمة التي تأخذها شركة التأمين بنظر الاعتبار ، لما لتحديد ميناء الشحن والتفريغ من اهمية كبيرة في تحديد سعر التأمين الخاص بتلك الشحنة(30). ومن ناحية اخرى نجد ان شركة التأمين تسعى لمعرفة طريق الرحلة البحرية من اجل معرفة المناطق الجغرافية التي تمر خلالها السفينة الناقلة للبضائع، اذ انها –شركة التأمين- تأخذ اسعار تأمين اعلى عند مرور السفينة في منطقة معينة دون اخرى(31). واذا كانت هناك بعض المناطق الجغرافية التي الزمت شركة التأمين المؤمن له دون المرور بها، فاذا مرت السفينة خلالها فان من حق شركة التأمين ان لاتقوم بتعويض المؤمن له عند تعرض البضاعة للخطر لأخلاله بالتزامه.

5- تحديد تاريخ شحن البضاعة

الشحن : هو عملية وضع البضاعة على ظهر السفينة ويحصل ذلك بوساطة الرافعات او الالآت او الانابيب والمضخات وذلك حسب طبيعة البضاعة المراد شحنها(32). وفي وثيقة التأمين العائمة من المهم ان يُعيّين تاريخ شحن البضاعة بوساطة الاقرار المقدم من قبل المؤمن له، وتتجلى اهمية تأريخ الشحن من ناحيتين:

الناحية الاولى: ان تاريخ شحن البضاعة هو التاريخ الذي تبدأ فيه مسؤولية شركة التأمين(33). أي أن شركة التأمين تكون مسؤولةً عن تغطية البضاعة من تأريخ شحن البضاعة، وليس من تاريخ تقديم الاقرار، فالاقرار ما هو الا وسيلة يستطيع المؤمن من خلاله معرفة التاريخ الذي بدأت فيه مسؤوليته(34).

الناحية الثانية: التأكد من حسن نية المؤمن له في انه قام بتقديم الاقرار في الوقت المتفق عليه، إذ أَن شركة التأمين تلزمه أن يقدَّم الاقرار، إما من تاريخ الشحن او بعد مرور مدة معينة من تاريخ الشحن. ويجوز اثبات الشحن بوصفه عملاً مادياً بكل طرق الاثبات في حالة قيام نزاع حول واقعة الشحن او تاريخها، لكن الامر الدارج في عملية النقل والتأمين البحري ان يتم اثبات الشحن عن طريق سند الشحن الذي يُقدم من قبل الناقل الى الشاحن. ولكن الذي قد يحدث ان الناقل قد يسلم الشاحن ايصالاً مؤقتاً يثبت عملية الشحن بدلاً من سند الشحن، ويحدث مثل هذا الامر اذا تأخر الناقل في تسليم سند الشحن والى حين اصدار هذا السند، فان الناقل يسيرجع الايصال المؤقت من الشاحن ويسلمه سند الشحن الذي يثبت واقعة الشحن، والذي يوقع عليه كل من الناقل والشاحن. ولكن عدم احتواء سند الشحن على امضاء الشاحن لايعني انه قد فقد حجيتهُ في اثبات تاريخ الشحن، اذا كان يحتوي على امضاء الناق(35). وتصدر سندات الشحن إما باسم شخص معين فتسمى سندات اسمية، أَو ان تكون سندات اذنية (للامر) او سندات محررة للحامل(36). وهذا ما نصت عليه م(74) من قانون النقل العراقي رقم 80 لسنة 1983 ، اذ اشارت الى “يجوز ان تحرر وثيقة النقل باسم شخص معين او لأمره او للحامل وتتداول الوثيقة طبقاً لقواعد حوالة الحق اذا كانت اسمية وبالتظهير اذا كانت للامر وبالمناولة او التظهير اذا كانت لحاملها”. واذا كان المؤمن قد الزم المؤمن له بتقديم الاقرار فان ذلك يرجع الى اهميته والتي يمكن تلخصيها بالنقاط الاتية:

إنَّ وثيقة التأمين العائمة (وكما ذكرنا سابقاً) لاتحتوي على تحديد للاشياء او البضائع التي تغطيها الوثيقة، لذلك نجد من المهم ان يعرف المؤمن هذه البضائع ومقدارها وقيمتها، ويتم ذلك عن طريق الاقرار المقدم حتى يتمكن من معرفة مقدار قسط التأمين الخاص بكل شحنة، والذي لايمكن معرفته بشكل محدد عند اصدار وثيقة التأمين العائمة(37). ان المؤمن (شركة التأمين) يسعى لمعرفة حدود او مدى الالتزام الذي اخذه على عاتقه، وهو الخطر المراد التأمين عليه لذلك يساعد الاقرار المؤمن من معرفة الظروف المهمة التي يمكن ان تكون مؤثرة في هذا الخطر(38). فالمؤمن لايستطيع معرفة مدى الخطر وجسامته الا من خلال ما يقدم له من بيانات البضاعة وطريق الرحلة البحرية. وهذه الظروف إما ان يزداد احتمال وقوع الخطر بوجودها، او انها تؤدي الى زيادة اثاره. وفي حالة عدم استطاعة شركة التأمين معرفة هذا الخطر وحدوده، فانها سوف تكون عاجزةً عن تحديد قسط التأمين الخاص بالشحنة المشمولة بالتغطية التأمينية(39).
يعدّ الزام المؤمن له بتقديم الاقرار للمؤمن على وصف ان هذا الالتزام يعدّ وسيلةً لتحقيق غرض مزدوج، وهو درء غش المؤمن له، والتأكد من حسن نيته.

فالاقرار يعد وسيلة لدرء غش المؤمن له إذ نجد ان المؤمن قد يخشى قيام المؤمن له بتقديم الاقرارات الخاصة ببعض الشحنات، والتي تكون اكثر عرضة للخطر. اما بالنسبة للشحنات الاخرى والتي يكون المؤمن له قادراً على التأمين عليها لدى مؤمن اخر (شركة تأمين اخرى) بسعر اقل او بشروط افضل، فانه يعمد على اخفاء واقعة شحن هذه البضائع على المؤمن ، وذلك من خلال عدم تقديمه اقرارٍ عنها، وبهذا سوف تكون وثيقة التأمين العائمة وثيقة مخصصة فقط للتأمين على الشحنات الاكثر تعرضاً للخطر، وهذا يؤدي بدوره الى الحاق الخسارة بالمؤمن(40). ومن ناحية اخرى ، نجد ان الزام المؤمن له بتقديم الاقرار يعدّ وسيلة للتأكد من حسن نيته عند قيامه بتنفيذ ما التزم به بتقديم البيانات الخاصة بجميع الشحنات المشمولة بالتغطية من دون استثناء، أَما اذا ثبت أَنَّ المؤمن له لم يلتزم بتقديم البيانات، فهذا دليل على سوء نيته ، ومن ثمَّ يمكن للمؤمن ان يتخذ الاجراء المناسب للرد على سوء نية المؤمن له، وذلك من خلال المطالبة بالجزاء المناسب لعدم تنفيذ ما التزم به المؤمن له. واذا كان القانون قد الزم المؤمن له بتقديم الاقرار ، فانه لم يحدد الشكل الذي يجب ان يقدم فيه اقرار المؤمن له. لكن الذي درج عليه العمل أَنَّ الاقرار يمكن ان يكون عن طريق خطاب موصى عليه، او عن طريق التلغراف او بطاقة بريدية او رسالة مسجلة او عن طريق الفاكس. فاي طريقة او وسيلة يمكن ان توصل الى المؤمن العلم بوجود شحنة مشمولة بالتغطية كافية لوصول المعلومات اللازمة لتحقيق الهدف من وراء تقديم الاقرار يمكن استعمالها ، هذا كله اذا لم يتفق الطرفان على وسيلة معينة لتقديم الاقرار. واذا كان المؤمن له ملتزماً بعمل الاقرار وفقاً للمدة المحددة في الوثيقة العائمة ، فانه ملزم كذلك بتقديم اقرارٍ مطابقٍ للواقع ، اذ قد يحدث ان يقوم المؤمن له بتقديم اقراره الخاص بالشحنة ولكنه مخالف للواقع، او ان يقوم بكتمان بعض المعلومات التي تهم المؤمن. لذلك نجد ان هناك من يقول بامكانية بطلان عقد التأمين وهذا البطلان يكون لصالح المؤمن (شركة التأمين) الذي الزمه بتقديم بيانات صحيحة، وان يقدم جميع ما يعرفه من بيانات خاصة بالشحنة انطلاقاً من مبدأ حسن النية لاسيما وان المؤمن لايستطيع معرفة هذه المعلومات الا من قبل المؤمن له معتمداً على حسن نيته(41). بينما نجد أَنَّ البعض الآخر قد اعترض(42). على الرأي السابق الذي يقرر بطلان عقد التأمين، وذلك لان البطلان لايرد على العقد الذي انعقد صحيحاً، كما هو الحال في عقد التأمين بالوثيقة العائمة. فالعقد الباطل كما هو معروف هو العقد الذي ينشأ مع وجود عيب في ركن من اركانه.

لذلك فإِنَّ اِخلال المؤمن له بتقديم بيانات صحيحة او كتمان البيانات يدعو الى الحكم بفسخ عقد التأمين، وليس بابطاله ، ويضيفون الى ان الحكم بالبطلان لايحمل المعنى الاصطلاحي للبطلان ولكنه يكون بمعنى الفسخ على اعتبار أن الفسخ عقوبة مدنية يوقعها القانون كجزاء على تقديم بيانات غير صحيحة او كتمان اي من تلك البيانات. ونجد ان القانون المدني العراقي قد وضع حكماً واضحاً وصريحاً لحالة تقديم بيانات غير صحيحة او كتمان اية معلومة تهم المؤمن، إذ اشارت م987 الى “1- يجوز للمؤمن ان يطلب فسخ العقد اذ تعمد المؤمن له كتمان امر او قدم عن عمد بياناً كاذباً وكان من وراء ذلك ان موضوع الخطر او تقل اهميته في نظر المؤمن وتصبح الاقساط التي تم دفعها حقاً خالصاً للمؤمن اما الاقساط التي حلت ولم تدفع فيكون له حق المطالبة بها.

2- وتسري احكام الفقرة السابقة على كل الحالات التي يخل المؤمن له بتعهداته عن غش، اما اذا كان المؤمن له حسن النية فانه يترتب على الفسخ ان يرد المؤمن الاقساط المدفوعة او يرد منها القدر الذي لم يتحمل في مقابله خطراً ما”.

ويمكن القول ان المشرع العراقي قد تلاف النقص او العيب الذي اكتنف قانون التجارة البحري العثماني في م(193) التي لم تميز بين حالتي سوء النية وحسن النية للمؤمن له.

ثانياً : وقت تقديم الاقرار

يمكن ان يخضع وقت تقديم الاقرار الى قاعدتين في الوثيقة العائمة، فهو إِما ان يكون خاضعاً للقاعدة العامة لوقت تقديم الاقرار او للقاعدة الخاصة.

القاعدة العامة لوقت تقديم الاقرار

(بطلان عقد التأمين البحري المبرم بعد وقوع الخطر المؤمن منه وعلم المؤمن له). لقد قرر القانون وبنص صريح بطلان كل عقد تأمين، اذا كان الخطر المؤمن منه قد تحقق بالفعل عند ابرام عقد التأمين البحري وعلم المؤمن له، وهذا ما أشارت اليه (ف2/984) من القانون المدني العراقي التي نصت “يقع عقد التأمين باطلاً اذا تبين ان الخطر المؤمن ضده كان قد زال او قد تحقق في الوقت الذي تم في العقد او كان احد الطرفين على الاقل عالماً بذلك”. أما قانون التجارة البحري العثماني فقد اخذ ايضاً بالحكم نفسه، وقرر عقوبة دفع ضعف قسط التأمين، اذا كان المؤمن له قد علم بتضرر البضاعة عند ابرامه لعقد التأمين او ان المؤمن يدفع ضعف مبلغ التأمين الى المؤمن له في حالة علمه بوصول البضاعة الى محلها قبل توقيع عقد التأمين. إِذ اشارت م(213) الى ذلك الحكم. لقد اشترط القانون المدني العراقي وقانون التجارة البحري العثماني ان يكون علم المؤمن له او علم المؤمن قد ثبت حقيقة، بينما نجد ان القانون البحري المصري لسنة 1990 قد افترض العلم بهلاك البضاعة او وصولها سالمة، ولم يشترط العلم حقيقة، إِذ نصت م(350/1) منه الى “يقع باطلاً عقد التأمين الذي يبرم بعد هلاك الاشياء المؤمن عليها او بعد وصولها اذا اثبت ان نبأ الهلاك او الوصول بلغ قبل ابرام العقد الى مكان توقيع العقد او الى المكان الذي يوجد فيه المؤمن لها والمؤمن”. ولقد اخذ قانون التجارة البحري اليمني (م380/1) والاماراتي (390/1) بحكم القانون المدني العراقي نفسه الذي اشترط ان يكون حصول العلم قد ثبت حقيقةً. ويرجع اشتراط تلك التشريعات الى عدم علم المؤمن له والمؤمن بهلاك البضاعة أَو وصولها سالمة، لأنَّ العلم بذلك يعني انعدام مبدأ الاحتمالية في التأمين(43). ومِنْ ناحية اخرى ، نجدْ أَنَّ ثبوت علم المؤمن له بهلاك البضاعة والتأمين عليها او قبول المؤمن التأمين على البضاعة بالرغم من وصولها سالمة، يجعلنا امام حالة من التحايل وسوء النية التي تؤدي الى بطلان عقد التأمين(44).

 القاعدة الخاصة لوقت تقديم الاقرار

اذا كان هلاك البضاعة وعلم المؤمن له بذلك او وصولها سالمة وقبول المؤمن التأمين عليها، يجعل عقد التأمين البحري باطلاً، فإنه ووفقاً للوثيقة العائمة لانجد مثل هذا الحكم.

إذ أنَّه وبناءً على الاحكام الخاصة للوثيقة العائمة، فإِنَّ المؤمن ملتزم بالتأمين على البضاعة حتى وان كان الخطر المؤمن منه قد تحقق وادى بدوره الى هلاك البضاعة قبل تقديم الاقرار، وكان المؤمن له عالماً بذلك الهلاك، مادام ان المؤمن له قام بتقديم اقراره عن تلك الشحنة ضمن المدة المحددة في عقد التأمين(45). وقد يتساءل البعض، هل ان هذا الحكم يعدّ استثناءً على القاعدة العامة التي تنص على بطلان كل عقد تأمين قبل او اثناء ابرام عقد التأمين؟. يمكن القول أَنّ هذا الحكم لايعدّ استثناءً على القاعدة العامة، لأن اثار عقد التأمين في الوثيقة العائمة لا تقود من وقت تقديم الاقرار ، بل ان اثار الوثيقة العائمة تسري من وقت الشحن وليس من وقت تقديم الاقرار(46). فإلاقرارُ الذي يقدمه المؤمن له لايعد وعن كونه وسيلةً يُعلِّم المؤمن له من خلالها المؤمن بالشحنة المراد التأمين عليها.

ثالثاً : موقف التشريعات من وقت تقديم الاقرار

لقد تناولت القوانين الوقت الذي يقوم فيه الاقرار، ولكنها قد اختلفت في تحديد هذا الوقت. لذلك يمكن ان القول أَنَّ هناك اتجاهان قد اختلفا في تحديد الوقت الذي يجب ان يقدم فيه المؤمن له الاقرار للمؤمن، وعلى هذا الاساس نجد ان مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1974 ، وكذلك قانون التجارة البحري المصري رقم 8 لسنة 1990 وقانون التجارة البحري السوري رقم (86) لسنة 1950 تمثل الاتجاه الاول اما الاتجاه الثاني فيمثله قانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906. لذلك سنحاول ان نبين كلا الاتجاهين (الاول ، الثاني) من وقت تقديم الاقرار وسبب اختلافهما.

الاتجاه الاول: موقف التشريع العراقي والمصري والسوري

ان مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1974 والقانون المصري رقم 8 لسنة 1990 والقانون السوري رقم 86 لسنة 1950 مثلت الاتجاه الاول والتي ميزت في وقت تقديم الاقرار بين الشحنات التي تشحن لحساب المؤمن له وبين الشحنات التي تتم لحساب الغير، فقد قررت هذه التشريعات حداً زمنياً اقصى يلتزم المؤمن له خلاله بتقديم الاقرار للمؤمن المتمثل بشركة التأمين. وهذا ما اشار اليه مشروع قانون التجارة العراقي لسنة 1974 في م(347) التي نصت “2-يلتزم المؤمن له في الوثيقة المفتوحة بابلاغ المؤمن بالشحنات الاتي ذكرها كما يلتزم المؤمن بقبول التأمين عليها:

جميع الشحنات التي تتم لحساب المؤمن له او تنفيذاً لعقود شراء او بيع تلزمه باجراء التأمين . ويشمل التأمين هذه الشحنات من وقت تعرضها للاخطار المؤمن عليها.
جميع الشحنات التي تتم لحساب الغير والتي يُعهد الى المؤمن له بأجراء التأمين عليها بشرط ان تكون له مصلحة في الشحنة، بوصفه وكيلاً بالعمولة او اميناً على البضائع او غير ذلك. ولايشمل التأمين هذه الشحنات الا من وقت ابلاغ المؤمن بها”.

أَمَّا قانون التجارة البحري المصري فقد كان متوافقاً مع مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1974 من حيث التمييز بين التأمين الذي يتم لحساب المؤمن له والتأمين الذي يتم لحساب الغير. لكنه اختلف معه في وقت تقديم الاقرار بالنسبة للشحنات التي تم لحساب المؤمن له او تنفيذاً لعقود تلزمه باجراء التأمين عليها. اذ ان مشروع القانون العراقي قد اشار الى ان التأمين يسري على تلك الشحنات من وقت تعرضها للخطر. بينما نجد أَنَّ قانون التجارة البحري المصري قد نص في (394/ف أ) الى “………وتشمل التأمين هذه الشحنات تلقائياً متى تعرضت للخطر المؤمن منه بشرط ان يقدم المؤمن له الاخطار عنها في الميعاد المنصوص عليه في وثيقة التأمين”. ويبدو أَنَّ القانون المصري كان موفقاً عندما اشار الى ان التأمين التلقائي لايسري على البضائع عند تعرضها للخطر، الا اذ قام المؤمن له بتقديم الاقرار الخاص عن تلك البضائع في المدة المحددة في وثيقة التأمين العائمة. اي أن تقديم الاقرار بعد فوات هذه المدة وتعرض البضاعة للخطر يجعل التأمين التلقائي لايسري عليها. بينما نجد أَنَّ موقف مشروع قانون التجارة العراقي لسنة 1974 اشار الى ان التأمين يسري على البضائع من وقت تعرضها للخطر في حالة كون التأمين، قد تم لحساب المؤمن له، امر منتقد. اذ انه قد يؤدي الى دفع المؤمن له الى الغش والاحتيال، فيعمد الى ابلاغ شركة التأمين بوقوع الخطر عند تعرض البضاعة للخطر المؤمن ضده فقط عند تحقق هذا الخطر، أَما اذا وصلت البضاعة سالمة فانه سوف لن يبلغ شركة التأمين وبذلك يتخلص من اقساط التأمين الخاصة بتلك الشحنة، والتي تطالبه شركة التأمين بدفعها عند ابلاغه اليها بتلك الشحنة: لكن اذا كان الابلاغ عن تلك الشحنة تحدد بمدة معينة كما هو الحال في قانون التجارة البحري المصري(47) ، فان هذا الامر سوف يدفع المؤمن له بابلاغ شركة التأمين عن تلك الشحنة خلال تلك المدة ، حتى لايفقد حقه في مبلغ التأمين او ان يتعرض لعقوبة فسخ عقد التأمين البحري. وفيما يخص قانون التجارة البحري السوري فقد اشار الى ان المؤمن له ملتزم قِبَل شركة التأمين بان يقدم الاقرار الخاص بالشحنة التي تشحن لحسابه او لحساب غيره من الاشخاص، الذين عهدوا اليه في التأمين على بضائعهم خلال مدة سريان عقد التأمين البحري اي خلال سريان وثيقة التأمين العائمة(48)، إذ نصت م308/ف1 على “اذا كانت عقود ضمان البضائع مثبتة بوثائق غير ثابتة اي بوثائق اشتراك فيلتزم المضمون ان يصرح في مدة بقاء الوثيقة بكل الشحنات الموثوقة لحسابه او لحساب غيره من الاشخاص الذين عهدوا اليه في ضمان بضائعهم بقدر ما يتناولها الضمان”. ونجد وبالرغم من ذلك ان شركات التأمين البحري عادةً تقوم بتحديد الوقت الذي يجب ان يقدم فيه الاقرار الخاص بالشحنات التي تتم لحساب المؤمن له في وثيقة التأمين العائمة نفسها كأن تحدد هذا الوقت بـ(8) ايام من تاريخ علم المؤمن له بشحن البضاعة او (3) ايام او اي فترة تحددها هي(49). وفقاً لما تتمتع به شركة التأمين من خبرة ودراية في مجال التأمين البحري بوساطة الوثائق العائمة، حتى وان كانت القوانين البحرية لم تحدد هذه المدة. أَما فيما يخص الحالة الثانية وهي حالة التأمين على البضائع لحساب الغير، فأن القاعدة العامة لوقت تقديم الاقرار (وهي القاعدة التي تقضي ببطلان عقد التأمين البحري بالنسبة للشحنات التي تهلك قبل تقديم الاقرار وعلم المؤمن له” هي التي تطبق وهذا ما اشارت اليه م(347/2) من مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1974 وقانون التجارة البحري المصري (م394/ب). وقانون التجارة البحري السوري (م308/2)، اذ نصت هذه القوانين على ان التأمين البحري لايسري على هذه الشحنات الا من وقت إِخطار (ابلاغ) المؤمن بها، فاذا ما تحققت الكارثة او الخطر البحري على هذه البضائع قبل تقديم الإِقرار فانه لا فائدة في هذه الحالة من تقديم الاقرار. وهذا ما نصت عليه وبصراحة (م308/3) من القانون السوري “اذا كان المدد المصرح به يختص ببضائع مضمونة لحساب الغير فلا يكون له اي مفعول ان اعطي بعد تحقق النكبة الطارئة”. ونجد ان مشروع القانون البحري لسنة 1974 والقانون المصري اشترط ان تكون للمؤمن له مصلحة في التأمين على الشحنات التي تتم لحساب الغير، كأن يكون وكيلاً بالعمولة او ان يكون اميناً على البضائع او اي صفة اخرى، أو شركة ملاحية خاصة بالنقل مثلاً. ويبدو لنا ان الامين على البضائع المذكور في مشروع القانون العراقي والقانون المصري ماهو الا مثال على التأمين الذي يجريه لمصلحة من يثبت له الحق فيهً، لَأن الأَمين على البضائع يقوم بابرام وثيقة عائمة لمصلحة عملائه المستقلين والذين لايكونون معينين او معروفين لديه عند اصدار هذه الوثيقة ، لذلك يعرف هذا التأمين انه تأمين لمصلحة من يثبت له الحق فيه ، الذي يعدّ من قبيل الاشتراط لمصلحة الغير(50). فلابد علينا ان نبين في الفقرتين الاتيتين التأمين البحري الذي يتم عن طريق الوكالة بالعمولة والتأمين لمصلحة شخص غير معين (الاشتراط لمصلحة الغير).

الوكالة بالعمولة

لم ينص قانون التجارة العراقي رقم 30 لسنة 1984 على احكام الوكالة بالعمولة على الرغم من اهمية هذا الموضوع ، بل اكتفى بايراد ذكر الوكالة بالعمولة ضمن الاعمال التجارية التي ذكرتها (م5/ف16) ، على الرغم من ان قانون التجارة الملغي رقم 49 لسنة 1970 قد عالج موضوع الوكالة بالعمولة في المواد (211-221). لقد عرف الوكالة بالعمولة في م211 منه، إذ نصت تلك المادة على ان الوكالة بالعمولة “عقد يتعهد بمقتضاه الوكيل بان يجري باسمه تصرفاً قانونياً لحساب الموكل”. لذلك، يمكن ان نعرف الوكيل بالعمولة بأنه: الشخص الذي يتعاقد مع شخص أخر باسمه الخاص لحساب شخص اخر (الأصيل) مقابل اجر او عمولة معينة(51). فالوكيل بالعمولة يقوم باجراء التصرفات القانونية مع الغير لمصلحة موكلة، وذلك باسمه الشخصي وليس باسم موكله.من هنا نجد ان الوكالة بالعمولة تجعلنا امام عقدين : الاول العقد الذي يتم ما بين الموكل والوكيل بالعمولة وهو عقد الوكالة بالعمولة، اما العقد الثاني فهو التصرف القانوني الذي يبرمه الوكيل بالعمولة بناءً على اوامر وتوجيهات الموكل، وهذا العقد يجعله ملتزماً امام الغير(52). وفيما يخص عقد التأمين نجد ان العقد الثاني هو عقد التأمين البحري الذي يتم بين المؤمن (شركة التأمين) والوكيل بالعمولة، والذي يتعاقد فيه باسمه الشخصي وليس بأسم موكله، وهذا الامر يميز عقد الوكالة بالعمولة عن الوكالة العادية التي نجد فيها اسم الوكيل (المؤمن له) يظهر في عقد التأمين(53). وبما أَنَّ الوكيل بالعمولة هو نائب عن موكله ويتعاقد مع الغير باسمه الشخصي(54). لذلك فانه من غير المتصور ان ينشأ علاقة مباشرة بين الموكل والغير المتعاقد مع الوكيل بالعمولة، ولكن هذا لايمنع من امكانية رجوع احدهما على الاخر بمقتضى الدعوى غير المباشرة(55). ولقد عدَّ القانون الوكالة بالعمولة من الاعمال التجارية، على وصف ان الوكيل بالعمولة محترف في مزاولة الاعمال التجارية، وهذا ما نصت عليه (م3،اولاً) من قانون تنظيم الوكالة التجارية(56). اذ نصت “اولاً: الوكالة التجارية/كل عمل تجاري يقوم به في العراق شخص بصفة وكيل عن شخص طبيعي او معنوي من خارج العراق سواء أكانت وكالة تجارية ام وكالة بالعمولة ام اية وكالة تجارية اخرى منصوص عليها في القوانين الخاصة بالتجارة والشركات والنقل”. ويجب على الوكيل بالعمولة ان يحترم جميع تعليمات الموكل سواء أكانت هذه التعليمات آمرة والتي يجب ان يقوم باتباعها بدقة متناهية او تعليمات بيانية والتي يكون للوكيل بالعمولة المجال الاوسع في العمل المكلف به(57).

التأمين لمصلحة من يثبت له الحق (الاشتراط لمصلحة الغير):

قد تحرر وثيقة التأمين العائمة لمصلحة شخص غير معين، ويتم تداول هذه الوثيقة مع سند الشحن ، اذ قد يقوم امين البضاعة بأبرام وثيقة عائمة لحساب عملائه ، من اجل ان يقوم بتغطية الشحنات التي تتم لحسابهم والتي يعهدون اليه –أمين البضاعة- بنقلها. وقد تعمد الشركة الخاصة بالملاحة البحرية ان تعرض على الشاحنين الاستفادة من الوثيقة العائمة التي أبرمتها الشركة، او ان يقوم مصنع معين بالتأمين على البضائع لمصلحة عملائه ويكون هذا نظير مبلغ معين يضاف الى اجرة النقل(58). والتأمين لمصلحة شخصٍ غير معينٍ ما هو الا اشتراط لمصلحة الغير(59). والاشتراط لمصلحة الغير هو عقد يبرم بين شخصين، المشترط والمتعهد لمصلحة شخص ثالث اجنبي عن العقد، يسمى بالمنتفع من دون ان يكون المشترط فضولياً او وكيلاً عن المنتفع(60). ولقد أَجاز المشرِّع العراقي حالة الاشتراط لمصلحة الغير في م(152) من القانون المدني التي نصت “يجوز للشخص ان يتعاقد باسمه الخاص على التزامات يعقدها لمصلحة الغير اذا كان له في تنفيذ هذه الالتزامات مصلحة شخصية مادية كانت او ادبية”. ومن خلال هذا النص نجد انه لابد ان تتوافر الشروط الاتية حتى نكون امام حالة اشتراط لمصلحة الغير:

1- يجب ان يكون التعاقد باسم المشترط

يجب ان يقوم المؤمن له (المشترط) بالتأمين على تلك الشحنات باسمه، وليس باسم المنتفع، إذ أَنَّ الاخير يكون اجنبياً عن التعاقد الذي ابرم ما بين المشترط والمتعهد (المؤمن)،لأنَّ (المنتفع) لو كان طرفاً في العقد فاننا لن نكون امام حالة من اشتراط لمصلحة الغير(61).

2- يجب ان تنصرف ارادة الطرفين المتعاقدين الى انشاء حق مباشر للمنتفع.

لايكفي ان يقوم المشترط بالتعاقد باسمه حتى تقوم حالة الاشتراط لمصلحة الغير بل لابدّ ان تكون ارادة طرفي العقد قد اتجهت الى ايجاد حق مباشر للمنتفع. فاذا لم يقصد طرفي العقد انشاء حق لمصلحة المنتفع، إذ أنّ المشترط انما اشترط الحق لنفسه(62)، فلن تكون امام حالة اشتراط لمصلحة الغير حتى وان عاد التعاقد بشيء من النفع او الفائدة على المنتفع(63).

3- يجب ان تكون للمشترط مصلحة شخصية في تنفيذ الالتزامات المشترطة:

إذا كان المشترط قد تعاقد باسمه الخاص مع المتعهد على ايجاد حق للمنتفع، فلابد ان يكون له مصلحة شخصية من قيام هذا التعاقد، حسب ما نصت اليه م(152) من القانون المدني العراقي(64). اذ قد يحدث في بعض الاحيان ان يقوم شخص بالتأمين على بضائع تعود لشخص آخر، ولكن لاتوجد لديه مصلحة شخصية من ابرام هذا العقد، اذ قد يعقده على سبيل الفضالة او الوكالة، لان كلاً منهما ليس له مصلحة شخصية، وهنا لا نكون امام اشتراط لمصلحة الغير، اذ لايوجد اشخاص ثلاثة (مشترط، متعهد، منتفع)، فصاحب المصلحة الحقيقي هو شخص واحدُ الا وهو المستفيد الذي يكون في الوقت نفسه المشترط والمؤمن له(65).

4-يجب ان يكون المنتفع موجوداً او معيناً عند ترتيب اثر العقد

مثلما يصح الاشتراط لمصلحة الغير ان يكون المنتفع معيناً او موجوداً عند الاشتراط، فانه من الممكن ايضاً ان لايكون المنتفع موجوداً عند الاشتراط، اي ان يكون المنتفع شخصاً مستقبلياً ، مادام بإمكان أن يعين هذا الشخص عند ترتيب اثر العقد. اذ ان الشخص الذي يحمل سند الشحن هو الشخص الذي له الحق في الاستفادة من وثيقة التأمين العائمة بوصفه مالك البضاعة(66). انَّ المستفيد من الاشتراط عليه ان يبلغ المؤمن (شركة التأمين) برغبته بالانتفاع من الوثيقة العائمة التي ابرمها المشترط مع شركة التأمين. وابلاغ المنتفع عن هذه الرغبة، يعني أن شركة التأمين تستطيع معرفة الشخص المنتفع من عقد التأمين، ومن ثم فانه سوف يتعرف على الشخص الذي يستحق مبلغ التأمين فيما لو تعرضت البضاعة للتلف. ومن ناحية اخرى نجد ان المؤمن لايستطيع المطالبة بأقساط التأمين التي يلتزم بدفعها الا اذا اعلن المنتفع رغبته في التأمين على البضاعة. ولكن في حالة عدم اعلان المنتفع عن رغبته بالتأمين فانه لايسري عليه التأمين المعقود، ومن ثمَّ سيبطل الاشتراط لمصلحة الغير من دون ان يبطل عقد التأمين (وثيقة التأمين العائمة)(67). ويترتب على جعل التأمين لمصلحة شخص غير معين اشتراط لمصلحة الغير العلاقات الثلاث الاتية:

– علاقة المشترط بالمتعهد

نجد أنَّ العلاقة التي تحكم المشترط والمتعهد هي علاقة عقدية يحكمها العقد المبرم ما بين الطرفين، فعقد التأمين –الوثيقة العائمة- يعدّ عقداً ملزماً للجانبين، ومن ثم فانَّ مثل هكذا عقود ترتب حقوقاً والتزامات لكلا الطرفين. فيلتزم المشترط بأخطار المؤمن بجميع البيانات التي لها شأن في تحديد مدى الخطر، ومن ثمَّ تحديد قسط التأمين. فهذا الالتزام يقع على عاتق المشترط ولا دخل للمنتفع فيه، اذ أنّ المنتفع لا يكون معيناً في عند التعاقد وهذا هو الامر الغالب في الاشتراط لمصلحة الغير(68).والمشترط ايضاً يكون مسؤولاً امام المتعهد (المؤمن) عن اخفاء البيانات التي يريد المتعهد معرفتها او عن تقديم بيانات غير صحيحة خاصة بالشحنة(69).

ويكون المشترط ايضاً مسؤولاً امام المتعهد بدفع اقساط التأمين الخاصة بالشحنة، واي اجراء يتخذ من قبل المتعهد بوصفه شركة تأمين، فانه يتخذ ضد المشترط وليس ضد المنتفع، على وصف أن المشترط هو الذي تعاقد معها. ولكن هذا لايمنع من قيام المنتفع بدفع اقساط التأمين على الرغم من انه غير ملزم بذلك، من أجل ان يتلافى حالة وقف سريان التأمين او فسخ عقد التأمين من جراء عدم دفع قسط التأمين(70). وفيما يخص المتعهد (المؤمن) فهو يكون مسؤولاً عن دفع مبلغ التأمين للمنتفع من عقد التأمين، وعليه ان لايمتنع عن تنفيذ هذا الالتزام، ويحق للمشترط ان يطالب المتعهد بان يقوم بتنفيذ التزامه(71). ويمكن للمشترط ان يقوم بالغاء عقد الاشتراط في اي وقت، ولكن بشرط ان يكون هذا قبل إعلان المنتفع رغبته بالاستفادة من عقد التأمين(72).

– علاقة المشترط بالمنتفع

لاتوجد اية علاقة عقدية بين المشترط والمنتفع عند ابرام عقد التأمين إذ نجد ان المشترط يبرم عقد تأمين مع المتعهد، ويقوم الاخير باصدار وثيقة عائمة، ومن ثم يقوم المشترط بعرضها على العملاء من اجل الاستفادة منها كأن يقوم البائع بعرض هذه الورقة على المشترين المستقبلين. ومن غير المتصور ان لايكون هناك سبب يدفع المشترط للقيام بابرام وثيقة تأمين عائمة لمصلحة المنتفع، فلابد من وجود مثل هذا الدافع، واذا كان الدافع للتعاقد بالنسبة لحالات الاشتراط الاخرى، قد يكون تبرعاً او معاوضة(73). فنجد ان سبب اصدار وثيقة عائمة وعرضها على الغير للاستفادة منها، يأتي على سبيل المعاوضة إذ أنَّ امين النقل او شركة الملاحة عندما تصدر وثيقة عائمة يكون هدفها الاول والاخير هو تسهيل الامر على اصحاب البضائع، من خلال تمكينهم من الاستفادة من التأمين المعقود لقاء مبلغ معين يضاف الى اجرهم(74).

– علاقة المتعهد (شركة التأمين) بالمنتفع

تعدُّ العلاقة التي تنشأ ما بين المتعهد والمنتفع من اهم العلاقات التي تظهر في حالة الاشتراط لمصلحة الغير، إذ أنّ الاشتراط لمصلحة الغير في الحقيقة ماهو الا خروج صريح عن قاعدة نسبية اثر العقود وعدم انصرف اثارها الى الغير. إذ نجد أَنَّ المنتفع يستفاد من عقد لم يكن طرفاً فيه. ولابد من القول أَنَّ علاقة المنتفع والمشترط ترتب نتائج معينة من الممكن ايرادها بالنقاط الاتية:

إنَّ المنتفع من الوثيقة العائمة سوف يحصل على حقٍ مباشرٍ تجاه المؤمن (المتعهد) من عقد لم يكن طرفاً فيه، وهذا ما نصت عليه صراحةً م(152) القانون المدني العراقي التي اشارت الى “ويترتب على هذا الاشتراط ان يكسب الغير حقاً مباشراً قبل المتعهد ويستطيع ان يطالبه بوفائه مالم يتفق على خلاف ذلك”. لذلك يكون من حق المنتفع ان يطالب المتعهد (المؤمن) بمبلغ التأمين، لما لحقه من ضرر بسبب تعرض البضاعة للخطر المؤمن منه ومن ناحية اخرى، نجد أنّه يحق للمنتفع الإستفادة من التأمينات المقدمة من قبل المتعهد للمشترط، مالم يكن الاتفاق على ان تكون هذه التأمينات للمشترط دون المنتفع(75).
اشارت م(2/152) من القانون المدني العراقي الى أنّ “وللمتعهد ان يتمسك قبل الغير بالدفوع التي تنشأ عن العقد”.

من هنا نجد أنّ المتعهد يستطيع ان يتمسك بجميع الدفوع التي يكون مصدرها العقد نفسه الذي انشأ حقاً مباشراً للمنتفع، والتي كان من الممكن أنْ يتمسك بها تجاه المشترط. فيستطيع أنّ يدفع ببطلان عقد التأمين عند تقديم المؤمن له بيانات غير صحيحة حول الشحنة المشمولة بالتغطية التأمينية، او التأخر في تقديم تلك البيانات او الدفع بعدم تنفيذ التزاماته بتعويض المنتفع من الخسارة التي لحقته بسبب عدم التزام المشترط بتنفيذ التزاماته. ومثلما يحق للمتعهد أنْ يتمسك بجميع الدفوع التي كان مصدرها عقد التأمين نفسه، والتي كانت موجودة وقت تحقق الخطر، فانه يستطيع ان يتمسك بالدفوع التي مصدرها العقد نفسه ايضاً. ولكنها تستجد بعد وقوع الخطر، كأن يدفع بسقوط حق المنتفع في التعويض، بسبب عدم تقديم الإخطار عند تعرض البضاعة للخطر في الوقت المحدد في القانون(76). وإنّ امكانية تمسك المؤمن بجميع الدفوع تجاه المستفيد ، والتي كان بالامكان ان يتمسك بها تجاه المشترط حين انتقال وثيقة التأمين العائمة الى المستفيد لايعدّ بمثابة تظهير للوثيقة حتى تتحقق امكانية تطبيق قاعدة التطهير من الدفوع، والتي تحول الى عدم قدرة المؤمن التمسك بالدفوع التي كان من الممكن التمسك بها تجاه المستفيد(77).

ويبدو أنَّ القضاء الفرنسي قد علل مسألة امكانية المؤمن بالتمسك بالدفوع تجاه المستفيد في حالة التأمين لمصلحة شخص غير معين (اشتراط لمصلحة الغير)، بالقول ان المستفيد من الوثيقة لايعدّ بمثابة شخص ثالث بالنسبة للمؤمن، وانما هو صاحب المصلحة المباشرة من عقد التأمين البحري(78). يبدو ان هذا الرأي هو الراجح ولاسيما وان المستفيد يتلقى حقاً مباشراً من عقد التأمين البحري، والذي ابرم ما بين المشترط والمتعهد.

انَّ المنتفع من الوثيقة العائمة التي أُبرمت ما بين المشترط والمتعهد يتم تعينه وقت الحادث، والذي يكون حائزاً لسند الشحن الخاص بالبضاعة المشمولة بالتغطية(79).
بالرغم من أنَّ عقد التأمين البحري –الوثيقة العائمة- قد أنشا حقاً مباشراً للمنتفع الا أنه –اي المنتفع- لايستطيع ان يطالب بفسخ عقد التأمين لأي سبب كان، حتى وان كان بسبب اخلال المتعهد بالتزاماته تجاهه. وهذا امر طبيعي، لأنه لايمكن ان يكون له حق الفسخ في عقد لم يكن طرفاً فيه، وانما يكون هذا الحق للمشترط الذي تعاقد مع المتعهد. وبالرغم من ذلك نجد ان من حق المنتفع المطالبة بالتعويض دون الفسخ(80). لقد أكد القضاء(81). والقانون على ضرورة عمل الاقرار بالنسبة للتأمين لمصلحة شخص غير معين، قبل تحقق الخطر المؤمن منه. ويرجع هذا الموقف الى الاسباب الاتية:

عندما يعقد الاشتراط لمصلحة الغير (لمصلحة شخص غير معين) أي شخص مستقبلي، فان المنتفع من الوثيقة العائمة يكون غير معين. وإنَّ تقديم الاقرار يعني أنه اصبح وسيلةً او اداةً يستطيع المؤمن (المتعهد) من خلاله معرفة شخص المنتفع. وبذلك سوف يعرف الشخص الذي سيتم التأمين على بضائعه، ومن ثم تعويضه عن الخسارة التي تلحقه بسبب تعرض بضائعه للخطر.
المؤمن له (المنتفع) لابَّد أن يكون معروفاً لدى المتعهد (المؤمن) قبل تحقق الخطر المؤمن منه، فلو فرضنا أَنَّ المؤمن له تم التعرف عليه وقت تحقق الخطر،لأدى هذا الامر الى اجازة التأمين على المخاطر المحققة وفي الوقت نفسه يؤدي الى نفي صفة الاحتمالية التي يتميز بها التأمين بصورة عامة.

لاسيما وأَنَّ التأمين على البضائع في حالة الاشتراط لمصلحة الغير يكون من وقت اعلان الرغبة في التأمين، وليس من وقت الشحن، كما هو الحالة بالنسبة للتأمين لحساب المؤمن له.

أنَّ المؤمن (المتعهد) يُلزم المنتفع بتقديم الإقرار الخاص بالشحنة قبل وقوع الخطر المؤمن منه في حالة كون التأمين تم لمصلحة شخص غير معين، من اجل ان يتجنب وعلى قدر الامكان الغش او الخداع الذي ينتج عن سوء نية(82). المؤمن له (المنتفع)، والذي يعمد الى التحايل على المتعهد عندما لايقوم بتقديم الاقرار الخاص بالشحنة، الا بعد ان تتعرض البضاعة للخطر المؤمن منه. إذ أنه يمتنعُ عن تقديم الاقرار الى ان تتعرض البضاعة للخطر، لكن اذا وصلت البضاعة سالمة من دون اي ضرر، فانه لا يقدم الاقرار عنها وبذلك لايسري على تلك البضائع التأمين وفقاً للوثيقة العائمة، وهنا لايحق للمؤمن المطالبة بالاقساط الخاصة بالشحنة ، لان التأمين لايسري على البضاعة الا من تأريخ اعلان الرغبة.

أمّا في التأمين على البضائع التي تتم لحساب المؤمن له، فانه وكما ذكرنا سابقاً، أَنَّ التأمين يسري من وقت الشحن، وليس من وقت اعلان الرغبة. فإذا قدم المؤمن له اقراراً بعد وقوع الخطر وضمن المدة المحددة في العقد، فأن المؤمن لايصيبه اي ضرر جراء ذلك، ولن يتعرض الى الغش او الخداع مادام ملتزماً خلال تلك المدة بالتأمين على البضائع(83). ولابد من الاشارة الى أَنَّ مساواة الوكالة بالعمولة مع الاشتراط لمصلحة الغير من حيث اخضاعها الى القاعدة العامة للوقت الذي يجب ان يقدم فيه الاقرار مسألة منتقدة. وذلك لان اياً من الاسباب المذكورة سابقاً لاتنطبق على الوكالة بالعمولة. ففيما يخص السبب الاول والثاني فيمكن الرد بالقول ان المؤمن في الوكالة بالعمولة لايحتاج الى معرفة اسم الوكيل ما دام الوكيل بالعمولة هو الشخص الذي يكون ملتزماً امامه وهو معروف لديه منذ ابرام عقد التأمين واصدار الوثيقة العائمة ، لذلك فلا توجد حاجةً الى اعلان رغبة الوكيل بالعمولة قبل تحقق الخطر كما هو الحال في حالة الاشتراط لمصلحة الغير. اما فيما يخص السبب الثالث وهو تلافي حالة الغش والتحايل التي من الممكن ان تصدر عن المؤمن له فيمكن الرد عليها بالاشارة الى ان احتمالية صدور الغش او التحايل من المؤمن له فيمكن ان تحدث ايضاً في حالة التأمين على البضائع لحساب المؤمن له وليس فقط في حالة الاشتراط لمصلحة الغير او التأمين بمقتضى الوكالة بالعمولة.

الاتجاه الثاني : موقف التشريع الانكليزي من وقت تقديم الاقرار

لقد عالج قانون التأمين البحري الانكليزي لعام 1906 مسألة وقت تقديم الاقرار بصورة مختلفة عن باقي القوانين التي تناولت مسألة وقت تقديم الاقرار، والتي قد ميّزت بين حالة التأمين لشحنات تتم لحساب المؤمن له وشحنات تتم لحساب الغير. إذ نصت تلك القوانين على ان وقت تقديم الاخطار يكون ممكناً حتى ولو وقع الخطر المؤمن منه في حالة التأمين لحساب المؤمن له، ما دام الاخير قد قام بتقديم الاقرار ضمن المدة المحددة في الوثيقة العائمة.

أمّا التأمين على الشحنات التي تكون لحساب الغير فيجب ان يقدم الاقرار قبل تحقق الخطر، والا سقط حق المؤمن له بالمطالبة بالتعويض. اما قانون التأمين البحري الانكليزي فقد اشار الى الوقت الذي يجب ان يقدم فيه الاقرار في م(29/3) التي نصت “3- مالم تنص الوثيقة بغير ذلك فانه يلزم ان يقدم التصريحات بانتظام عند الارسال او الشحن ويشترط ان تتضمن الشحنات التي تغطيها الوثيقة العائمة وقيمة البضائع والاموال الاخرى …….”(84). يتضح من خلال النص السابق أَنَّ وقت تقديم الاقرار، إما ان يقدم عند ارسال البضائع او عند شحنها. وفي حالة اذا تم الاتفاق على وقت آخر يقدم فيه الاقرار ، يمكن ان يقدم الاقرار في ذلك الوقت، حتى وان لم يكن هذا الوقت هو وقت الشحن او الارسال التي نصت عليه (م29/3) من القانون الانكليزي.

ومن ناحية اخرى، نجد أَنَّ قانون التأمين البحري الانكليزي لم يفرق بين التأمين المعقود لحساب المؤمن له والتأمين الذي يكون لحساب الغير ، بل ان النص يبدو واضحاً، على ان الوقت المحدد وفقاً للقانون الانكليزي هو واحد الا وهو “وقت شحن او ارسال البضاعة واي وقت يتم الاتفاق عليه في الوثيقة”. وفيما يخص قانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906 فأنه لم يعالج مسألة تخلف المؤمن له بتقديم الاقرار بشيء من التفصيل، كما فعلت باقي القوانين التي ذكرناها سابقاً، بل نجده اشار في م(29/3) منه الى ان المؤمن يكون مسؤولاً عن تغطية الخطر المؤمن منه حتى وان لم يكن تقديمه في الوقت المحدد في الوثيقة والمتفق عليه، اي حتى بعد وقوع الخسارة او وصول البضاعة الى مكانها النهائي، مادام المؤمن له كان حسن النية “3- مالم تنص الوثيقة بغير ذلك فانه يلزم بتقديم الاقرار بانتظام عند الارسال او الشحن ويشترط ان تتضمن جميع الشحنات التي تغطيها الوثيقة العائمة وقيمة البضائع والاموال الاخرى التي يلزم ان يصرح عنها بصدق الا ان السهو او الغلط في التصريح يمكن تصحيحها حتى بعد تحقق الخسارة او الوصول شريطة ان يكون السهو او التصريح كان قد جرى بحسن نية”. يتضح من خلال هذا النص أنّ حالة السهو(85) او الغلط يمكن تصحيحها اذا كان المؤمن له حسن النية.

ففي القضية الانكليزية(86) (Robinson V. Touray) التي بينت ان حالة الغلط لن تؤدي الى تنصل المؤمن عن دفع مبلغ التأمين حال تعرض البضاعة للخطر المؤمن منه، اذ تتلخص وقائعها في أنّ السمسار قدَّم معلوماتً خاطئةً عن اسم السفينة الناقلة للبضاعة المنقولة من (Archangel) الى (Great Britain)،إِذ أَنَّه ذكر في الاقرار المقدم من قبله أن اسم السفينة الناقلة هي سفينة (Tweende Venner and Neptmus)، في حين ان اسم السفينة الناقلة للبضاعة هي سفينة (America)، ولقد حاولت شركة التأمين المؤمنة على تلك البضاعة التنصل عن مسؤوليتها، بحجة أَنَّ البضاعة لم تكن مشحونة على السفينة التي جاء ذكرها في الاقرار المقدم من قبل السمسار . ولكن القاضي (Lord Ellenborough) في محكمة (King’s Bench) قضى بمسؤولية شركة التأمين على وصف ان الخطأ في تقديم اسم السفينة ، كان بحسن نية طبقاً لنص م(29/3) من قانون التأمين الانكليزي لسنة 1906.

رابعاً : جزاء مخالفة المؤمن له التزامه بتقديم الاقرار

انَّ ما يؤخذ على وثيقة التأمين العائمة هو الخوف من الغش او الاحتيال الذي من الممكن ان يصدر من قبل المؤمن له، الذي يعمد الى ابلاغ شركة التأمين بالشحنات التي تعرضت للخطر من اجل الحصول على مبلغ التأمين . ويعمد في الوقت نفسه الى الاحجام عن الإخطار (الإِبلاغ) عن الشحنات التي تصل سالمة، اي من دون ان تتعرض الى الخطر المؤمن منه، ومن اجل تلافي هذا الامر فأنَّ القانون قد وضع للمؤمن له من العقوبات التي بالامكان ان تكون رادعاً له للحيلولة دون قيام حالة الغش والخداع والاحتيال. نجد ان مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1974 قد نص على عقوبة عدم تقديم الاقرار من قبل المؤمن في م(348) على انه “اذا تعمد المؤمن له مخالفة الالتزامات المنصوص عليها في المادة السابقة، جاز للمؤمن ان يطلب فسخ العقد فوراً وان يسترد ما دفعه عن الحوادث الخاصة بالشحنات اللاحقة على وقوع اول مخالفة وان يستوفي على سبيل التعويض الاقساط الخاصة بالشحنات التي لم يبلغ بها”.

أما القانون المصري فقد نص على عقوبة تخلف المؤمن له عن تقديم الاقرار في م(395) في فقرتين على انه “1- اذا خالف المؤمن له الالتزامات المنصوص عليها في المادة السابقة جاز للمؤمن ان يطالب بفسخ العقد فوراً مع اداء تعويض يعادل اقساط التأمين الخاصة بالشحنات التي لم يخطر بها.

واذا ثبت سوء نية المؤمن له جاز للمؤمن ان يسترد ما دفعه عن الحوادث الخاصة بالشحنات اللاحقة على وقوع اول مخالفة عمدية من جانب المؤمن له”.

اما فيما يخص قانون التجارة البحري السوري فانه قد قرر في م(308/2) عقوبة الالغاء، إذ نصت تلك المادة “اذا لم يقم المضمون له بهذا الالتزام فيمكن الغاء العقد بناء على طلب الضامن الذي يحتفظ بالاقساط المدفوعة في كل الاحوال ويحق له دفع الاقساط المتعلقة بالشحنات غير المصرح بها” من خلال النص السابق نجد ان هذه العقوبات تتمثل بالاتي:

فسخ عقد التأمين:

يقصد بالفسخ انحلال الرابطة التعاقدية في العقد الملزم للجانبين، بعد ان ينشأ هذا العقد بصورة صحيحة، وذلك بسبب اخلال احد الطرفين المتعاقدين بتنفيذ التزامه، ومن ثم إرجاع الطرفين المتعاقدين الى الحالة التي كانا عليها قبل ابرام العقد(87). ان عقد التأمين البحري –وثيقة التأمين العائمة- هو عقد ملزم للجانبين، لذلك فان المؤمن يكون له الحق في فسخ عقد التأمين، اذا ما اخل المؤمن له بتنفيذ التزامه بتقديم الاقرار في الوقت المحدد في الوثيقة، طبقاً للمادة 177 من القانون المدني العراقي التي نصت “في العقود الملزمة للجانبين، اذا لم يوفِ احد المتعاقدين بما وجب عليه بالعقد جاز للعاقد الاخر بعد الاعذار ان يطالب الفسخ مع التعويض ان كان له مقتضى ، على انه يجوز للمحكمة ان تنظر المدين الى اجل ، كما يجوز لها ان ترفض طلب الفسخ اذا كان مالم يوفِ به المدين قليلاً بالنسبة للالتزام في جملته”.

ولقد نصت م(348) من مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1974 و م(395/1) من قانون التجارة البحري السوري على ان الفسخ يقع فوراً ومن دون اعذار. ونرى أنَّ فسخ عقد التأمين لعدم قيام المؤمن له بتقديم الاقرار الخاص بالشحنة ومن دون اعذار أمرُ طبيعي وجائز للمؤمن، حتى وان لم ينص عليه القانون في (م348) عراقي وم(395/1) مصري ، وذلك لانه لا اعذار اذا كان تنفيذ الالتزام مقترناً بمدة محددة ثم مضت تلك المدة من دون ان يقوم المدين بالالتزام (المؤمن له) بتنفيذ التزامه خلال تلك المدة المحددة في العقد. وهذا ما نصت عليه م(258) من القانون المدني العراقي، اذ نصت على “لا ضرورة لاعذار المدين في الحالات الاتية: أ-اذا اصبح تنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً غير ممكن بفعل المدين وعلى الاخص اذا كان محل الالتزام حق عيني او القيام بعمل وكان لابد ان يتم تنفيذه في وقت معين وانقضى هذا الوقت دون ان يتم او كان امتناعاً عن عمل واخل به المدين”.

وهذا الحكم (اي لاضرورة للإِعذار ، منطبق على الوثيقة العائمة، اذ نجد أَنَّ المؤمن له ملتزم بتقديم اقراره خلال مدة تم الاتفاق عليها في عقد التأمين ، فاذا مرت تلك المدة من دون ان يقدم الاقرار الخاص بالشحنة فان من حق المؤمن ان يطلب الفسخ فوراً دون اعذار. ويحق للمؤمن بناءً على ذلك المطالبة بجميع مبالغ التأمين التي قد دفعها للمؤمن له كتعويض لما لحقه من خسارة بالنسبة للشحنات اللاحقة عن اول مخالفة قام بها المؤمن له. اذ قد يحدث ان لايعلم المؤمن أن المؤمن له لم يقم بتقديم إقراره الخاص باحدى الشحنات إِلا بعد مرور مدة قام المؤمن خلالها بتعويض المؤمن له من خسارة لحقته بشحنة او اكثر. ولكن الا يعّد مطالبة المؤمن له بمبالغ التأمين التي كان قد دفعها للمؤمن له على سبيل التعويض خروجاً عن قاعدة عدم رجعية الاثر بالنسبة للعقود المستمرة، على وصف أن عقد التأمين البحري هو من تلك العقود؟. الحقيقة لا ترى في مطالبة المؤمن بمبالغ التأمين السابقة التي كان قد دفعها خروجاً من قاعدة عدم رجعة الاثر في العقود المستمرة، وذلك لأنَّ عقد التأمين كان قد انفسخ من اول مخالفة قام بها المؤمن له، وبذلك فانه لايستحق التعويض لما لحقه بسبب فسخ عقد التأمين.

المطالبة بالتعويض

اذا كان من حق المؤمن فسخ عقد التأمين فانه وبناءً على ذلك، يكون من حقه ايضاً المطالبة بالتعويض، ولكن التعويض الذي يستطيع المؤمن المطالبة به في الوثيقة العائمة حدده القانون بصورة واضحة وهو عبارة عن”……جميع الاقساط الخاصة بالشحنات التي لم يبلغ عنها”. ان اية شحنة لم يقم المؤمن له بالتبليغ عنها في الوقت المحدد في الوثيقة وعلم بها المؤمن، يحق له ان يطالب بالاقساط الخاصة بتلك الشحنة.

ويمكن ادراج الملاحظات الاتية على الجزاء القانوني الذي قرره القانون :

ان مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1974 قد اشار الى ان للمؤمن الحق في المطالبة في فسخ عقد التأمين البحري مع المطالبة بالمبالغ التي دفعها جراء وقوع الحوادث التالية لاول مخالفة، مع حقه بالمطالبة بالاقساط الخاصة بالشحنات التي لم يبلغ عنها، في حالة ما اذا اثبت ان المؤمن له كان سيء النية في عدم تقديم الاقرار. واثبات سوء النية يتم عادة من تكرار احجامه عن الابلاغ عن الشحنات ، ولكنه لم يبين الحكم في حالة اذا لم يثبت سوء نية المؤمن له او الحالة التي يكون الاحجام عن الابلاغ حسن نية، كما فعل قانون التأمين الانكليزي لسنة 1906 الذي بين ان المؤمن يكون مسؤولاً عن تغطية الخطر حتى بعد تحقق الخسارة او وصول البضاعة ما دام كان عدم تقديم الاقرار بحسن نية.

وقد اشار القانون المصري الى انّ مجرد مخالفة المؤمن له لألتزامه بتقديم الاقرار في الوقت المتفق عليه، يؤدي الى امكانية قيام المؤمن له بفسخ عقد التأمين والمطالبة بتعويض يعادل اقساط التأمين الخاصة بالشحنات التي لم يخطر عنها (م395/1).

ولكن في حالة إِذا تمَّ اِثبات سوء نية المؤمن له، فيحق للمؤمن المطالبة باسترداد ما دفعه من مبالغ تعويض للمؤمن له، بالنسبة للشحنات اللاحقة على اول مخالفة للمؤمن له، فضلاً عن العقوبات السابقة في (م395/1).

أمّا قانون التجارة البحري السوري فانه لم يشترط التعمد او سوء النية ، بل جاء حكمه عاماً، عندما نص على ان مجرد مخالفة المؤمن له لالتزامه يؤدي الى الحكم بالغاء عقد التأمين، مع احتفاظ المؤمن بالاقساط المدفوعة ، فضلاً عن المطالبة بالاقساط الخاصة بالشحنات غير المصرح بها.

ونرى انه من الراجح التمييز بين حالات ثلاث:

في حالة اغفال المؤمن له التزامه بتقديم الاقرار عن الشحنات المستقبلية في المدة المتفق عليها، وكان اغفاله قد تم بحسن نية، واثبت المؤمن له حسن نيته، فإِن المؤمن يكون مسؤولاً عن تغطية الخطر المؤمن ضده ، حتى ولو تم تقديم الاقرار بعد تحقق الخسارة او وصول البضاعة سالمة.
في حالة ما إذا كان عدم تقديم الاقرار قد تم بتعمد وسوء نية، واثبت المؤمن سوء نية المؤمن له في تقديم الاقرار، ففي هذه الحالة يتم تطبيق ما نصت عليه م(348) من مشروع القانون العراقي لسنة 1974 من عقوبات.

ج- اذا لم يستطيع المؤمن له اثبات حسن نيته في تقديم الاقرار في الوقت المحدد، ولم يستطيع المؤمن اثبات سوء نية المؤمن له في تقديم الاقرار، في هذه الحالة فان المؤمن له يكون ملتزماً بدفع قسط التأمين الخاص بالشحنة التي لم يقدم الاقرار عنها في الوقت المحدد فضلاً عن تعويض مناسب معادل لقسط التأمين الخاص بالشحنة التي اغفل التصريح عنها.

ان العقوبات التي نصت عليها القوانين هي عقوبات جوازية وليست وجوبية، وبذلك يمكن ان يطالب المؤمن له فسخ عقد التأمين عند مخالفة المؤمن له لالتزامه بتقديم الاقرار والمطالبة بدلاً عن ذلك بتعويض مناسب.

اِنَّ العقوبات التي نص عليها القانون تتسم بالقسوة والصرامة، ففسخ عقد التأمين واسترداد ماتم دفعه من مبالغ تأمين دفعت للمؤمن له على سبيل التعويض، فضلاً عن المطالبة بأقساط التأمين، كل هذه العقوبات من الطبيعي ان تثقل كاهل المؤمن له.ويبدو أَنَّ سبب وضع مثل هكذا عقوبات صارمة لنفي سوء نية المؤمن له المحتملة الذي قد يحاول ان يجعل من وثيقة التأمين العائمة وسيلةً من اجل ان يؤمن على شحنات تكون فيها نسبة احتمال الخطر اكبر من غيرها، وباسعار تأمين ثابتة وبأقساط تأمين مناسبة وتغطية تلقائية. وفيما يخص الشحنات التي تكون نسبة تعرضها للخطر المؤمن منه اكبر ، فانه يمتنع عن تقديم الاقرار عنها للمؤمن، وذلك من اجل التأمين عليها لدى شركات تأمين اخرى، قد تقدم له عروضاً افضل من الشركة التي تعاقد معها على ابرام وثيقة التأمين العائمة.

المطلب الثالث : التزام المؤمن له بالمحافظة على حقوق المؤمن

لاتختلف وثيقة التأمين العائمة عن باقي وثائق التأمين البحري من حيث ان المؤمن له ملتزم بالمحافظة على حقوق المؤمن ، وذلك انطلاقاً من مبدأ حسن النية، ذلك المبدأ الذي قد تتجلى اهميته في الوثيقة العائمة. والتزام المؤمن له بالمحافظة على حقوق المؤمن يمكن النظر اليه من جوانب عديدة. فيجب على المؤمن له ان يقوم بتنفيذ كل ما نصت عليه وثيقة التأمين من شروط، وان لايقوم بمخالفتها(88). فاذا ما كانت الوثيقة العائمة قد دُرج فيها شرط عدم المرور في مناطق جغرافية معينة فالمؤمن له ملتزم بعدم المرور فيها، ذلك لان هذا الفعل يؤدي الى زيادة احتمالية تحقق الخطر ، وتحقق الخسارة ، وهذا الامر بدوره يؤدي الى إِامكانية مطالبة المؤمن بفسخ عقد التأمين. ومن ناحية اخرى، نجد انَّ المؤمن له ملتزم ايضاً بان يخطر وباسرع وقت ممكن المؤمن عن اي ضرر لحق بالبضاعة المؤمن عليها نتيجة الخطر المؤمن منه، وذلك من اجل تمكين المؤمن من اتخاذ جميع الوسائل الممكنة لمعرفة الظروف التي وقع خلالها الخطر قبل تغير معالمها، وكذلك معرفة المسؤول الذي تسبب في وقوع الحادث، لغرض الرجوع اليه واتخاذ الاساليب والتدابير اللازمة من اجل حصر الضرر الذي لحق البضاعة قدر الامكان(89). ويحصل الاخطار باي وسيلة ممكنة سواء اكان عن طريق خطاب مسجل ام خطاب موصى عليه او برقية او عن طريق المكالمة الهاتفية. ولكن الاثبات عن طريق المحرر الكتابي يكون اسهل في اثبات قيام المؤمن به باخطار المؤمن بتحقق الخسارة(90). لذلك نجد ان (ف5) من الشروط الملحقة بوثيقة التأمين في العراق، نصت “في حالة حصول ضرر نشأ عنه مطالبة بمقتضى هذه الوثيقة يجب على المؤمن له ان يقدم فوراً طلباً تحريرياً للكشف عن البضائع المتضررة”. ولقد حددّ قانون التجارة البحري العثماني المدة التي يجب ان يقدم المؤمن له الاخطار فيها عند علمه بتحقق الخطر المؤمن منه في م218 منه، إذ نصت تلك المادة على “كل ما يقع من الاخطار الموجبة لترك الاشياء المضمونة او يعدُّ من المهالك (الاخطار) البحرية ويعود على الضامنين ويكون المضمون له مجبوراً بان يبلغ خبره رسمياً الى الضامنين في ظرف ثلاثة ايام من وصوله “. اي ان قانون التجارة البحري العثماني قد حدد المدة بـ(3) ايام من تاريخ وصول الخبر رسمياً الى المؤمن له. بينما نجد ان شروط جمعية مكتتبي التأمين البحري في لندن اشارت في شرط الملحوظة الى “من الضروري ان يقوم المؤمن له بتقديم اخبار تحريري فوري الى الشركة عند علمه باي ظرف يمكن ان يوسع نطاق هذا التأمين ليشمله وان حق المؤمن له في التعويض بهذا الخصوص يتوقف على تنفيذ هذا الالتزام”. لذلك نجد ان هناك تناقضاً ما بين قانون التجارة البحري العثماني والمعمول به في العراق، وما بين الشروط الملحقة بوثيقة التأمين البحري –بضائع-. ومن ناحية اخرى، نجد ان قانون التجارة البحري المصري (م348/1) قد حدد هذه المدة بـ(3) ايام من تاريخ وصول علم المؤمن له بتعرض البضاعة للخطر، وهي المدة نفسها المنصوص عليها في قانون التجارة البحري العثماني وقانون التجارة البحري السوري (م305).

أما فيما يخص القانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906 فانه لم يحدد هذه المدة.

ولم يتطرق قانون التجارة البحري العثماني لجزاء مخالفة المؤمن له لهذا الالتزام، وكذلك لم يشر القانون المدني العراقي بصورة صريحة الى هذا الجزاء، اذ نصت م(985/2) على “يقع باطلاً الشرط الذي يقضي بسقوط حق المؤمن له بسبب تأخر في اعلان الحادث المؤمن منه الى السلطات او من تقديم المستندات اذا تبين من الظروف ان التاخر كان لعذر مقبول”. اي ان القانون قد اشترط في تلك المادة سقوط حق المؤمن له بالتعويض إذا لم يكن هناك عذراً مشروعاً. وفيما يخص شرط الملحوظة المذكور سابقاً ، فإنه على وفق هذا الشرط نجد ان حق المؤمن له بالتعويض مرتبط بالإخطار الفوري لشركة التأمين والمقدم من قبل المؤمن له، اي انه من الممكن ان يسقط حق المؤمن له بالتعويض ان لم يخطر شركة التأمين بوقوع الخطر او اتساعه. بينما نجد ان القانون التجارة البحري المصري في م(348/1) قد قرر عقوبة الفسخ في حالة اخلال المؤمن له بهذا الالتزام، اذ نصت تلك المادة “على المؤمن له ان يخطر المؤمن بالظروف التي تطرأ اثناء سريان التأمين ويكن من شأنها زيادة الخطر الذي يتحمله المؤمن وذلك خلال ثلاثة ايام عمل من تاريخ العلم بها ، فاذا لم يتم الاخطار في هذا الميعاد جاز للمؤمن فسخ العقد”.

وفيما يخص قانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906 فانه لم يحدد ايضاً جزاء مخالفة المؤمن له لهذا الالتزام، وكذلك الحال بالنسبة للقانون السوري على الرغم من انه قد اشار في م(305) الى هذا الالتزام. وهناك من يرى(92). وهو محق في ذلك ان فسخ عقد التأمين في حالة اخلال المؤمن له بالتزامه مرتبط بشروط لابد من توافرها ، وهذه الشروط هي:

يجب ان لايكون عدم تقديم الاخطار بسبب قوة القاهرة ، والا فان المؤمن له الحق بمبلغ التأمين.
يجب ان يكون المؤمن له حسن النية ولديه عذر مقبول في عدم قيامه بتنفيذ التزامه.
يجب ان يكون شرط سقوط الحق مطبوعاً بصورة واضحة وان لايدرج ضمن الشروط العامة(93).

ويلتزم المؤمن له فضلاً عن ذلك، بالقيام بتخفيف الضرر الذي لحق بالبضاعة على قدر الامكان، ذلك من اجل التقليل من نتائجه السلبية وانقاذ ما يمكن انقاذه من البضائع المعرضة للخطر المؤمن منه(94). وهذا مانصت عليه م(225) و م(237) من قانون التجارة البحري العثماني لسنة 1863. إذ نصت م255 على “اذا غرقت السفينة او ارتطمت بالبرفكرت، فحينئذ يجبر المضمون له بان يصرف جهداً وغيره على تخليص الاشياء التي غرقت بشرط اقتداره على اجراء امر الترك في وقته ومحله ويكون له بان يستحصل مصاريف التخليص بقدر قيمة الاشياء المخلصة عندما يؤمن عليها بعد حلفه اليمين”. أَمَّا م(237) فقد نَّصت على “متى شحنت البضائع في السفينة الاخرى على الوجه المحرر يكون الضامن مجبوراً وضامناً بأن يفي خسائر البضائع المذكورة واضرارها ومصاريف تفريغها واجرة مخازنها ومصاريف تحميلها ثانية مع جميع ما يقع من المصاريف في سبيل تخليصها بقدر المبلغ المضمون”. ويلحظ على قانون التجارة البحري العثماني، انه بالرغم من ذكره لهذا الالتزام في م(225) ، م(237) ، الا انّه لم يقرر العقوبة المناسبة في حالة اخلال المؤمن له بالتزامه، لذلك فإِنَّ وثيقة التأمين على البضائع المنقولة بحراً، والتي تستعمل في العراق قد اشارت الى هذا الجزاء بعد ان ذكرت في ف3 منها وبنص صريح على وجوب قيام المؤمن له بالتزامه بتخفيف الضرر، إذ نصت “عند حدوث تلف او كارثة يجوز للمؤمن لهم او خلفهم او مستخدميهم او وكلائهم ان يقوموا بأي اجراء قضائي او اتفاق او سفر، بخصوص الحفاظ على تلك البضائع وحمايتها، واستردادها وما اليها كلاً او جزءً من دون الاخلال بهذا التأمين. وتتحمل الشركة الكلف المعقولة لهذه المقاضاة، والاتفاق والسفر، بنسبة المبلغ المؤمن به بموجب الوثيقة الى قيمة تلك البضائع”. ومن خلال هذا النص ، نجد ان العمل في شركة التأمين الوطنية يلزم المؤمن له بتخفيف الضرر الذي يلحق بالبضاعة وبنص صريح . أَمَّا عن الجزاء المقرر لمخالفة المؤمن له هذا الالتزام فلقد قرر في (ف6) من الشروط الملحقة بوثيقة التأمين على البضائع المنقولة بحراً والمستعملة في العراق، بأنّه “على المؤمن له ووكلاءه في كافة الحالات اتخاذ الاجراءات المعقولة لغرض تجنب او تقليل الضرر،………. وان اي اهمال في هذا الصدد يفقده حقه في التعويض”. اي ان المؤمن له اذا أخل بالتزامه هذا، فان عقوبته تكون سقوط حقه بمبلغ التأمين. فيما يخص قانون التجارة البحري المصري لسنة 1990 فقد نص في م363 على هذا الالتزام، إذ نصت تلك المادة على “على المؤمن له عند وقوع الخطر المؤمن منه ان يبذل كل ما في استطاعته لانقاذ الاشياء المؤمن عليها….. ويكون المؤمن له مسؤولاً عن الضرر الذي يلحق المؤمن بسبب اهمال تنفيذ هذه الالتزامات”. ولقد نصَّ قانون التجارة البحري السوري على هذا الالتزام في م(305) منه على “………..وعليه ان يلطف بقدر الامكان من تأثير الخطر وان يتخذ كل التدابير الواقية وان يشرف على اعمال انقاذ الاشياء المضمونة او ان يجري هذه الاعمال……….”. اما قانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906 فقد اشار الى هذا الالتزام في م(78) فيه ، اذ نصت على “4- ان على المؤمن له ووكلائه في كل الحالات واجب اتخاذ التدابير الضرورية لغرض تفادي او تقليل الخسارة”. ويلحظ أَنَّ قانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906 وقانون التجارة البحري السوري وعلى الرغم من انهما قد نصا وبصورة صريحة على هذا الالتزام، الا انهما لم يحددا العقوبة المناسبة لمخالفة المؤمن له لهذا الالتزام. وهذا يخالف ما ذهب اليه العمل في شركات التأمين الوطنية في العراق وقانون التجارة البحري المصري لسنة 1990. ويلحظ ان عقوبة حرمان المؤمن له من مبلغ التأمين الذي يدفع له كتعويض عما لحقه من خسارة بسبب تعرض البضاعة للخطر المؤمن منه من العقوبات الصارمة ، والتي لاتتناسب مع جزاء اخلاله بهذا الالتزام إذ أَنَّه من غير المعقول أَنْ يؤدي اخلال المؤمن له بتلطيف او تخفيف الضرر الذي لحق بالبضاعة الى حرمان المؤمن له من مبلغ التأمين. بينما نجد أنّ قانون التجارة البحري المصري(95). كان موفقاً عندما قرر ان المؤمن له يكون مسؤولاً عن الضرر الذي يلحق المؤمن، لأهماله في تخفيف الضرر او تقليله، بحيث انه لم يسقط حق المؤمن له بالتعويض، كما في وثيقة التأمين البحري –بضائع- المستعملة في شركة التأمين الوطنية في العراق. ولايلتزم المؤمن له القيام باعمال قد تكون خارقة للمألوف بشكل يكون خارج قدرته او استطاعته، بل عليه ان يتخذ الاساليب والإمكانيات المتوافرة لديه(96). ويلتزم المؤمن له كذلك بالقيام بحفظ حق المؤمن (شركة التأمين) في الرجوع على الغير الذي تسبب في احداث الخطر والحاق الضرر بالبضاعة ، وان لايحرمه من هذا الحق وذلك من خلال قيامه باي عمل يحول دون رجوع المؤمن على الغير المسؤول(97). لك ان مبدأ الرجوع على الغير متسبب الضرر، يعدُّ وبحق من المبادئ الاساس والسائدة في الاعراف الدولية والقوانين المختلفة ، إذ ان هذا المبدأ مرتبط بمبدأ التعويض الذي يلزم شركات التأمين بتعويض المؤمن له، عما اصابه من خسارة بسبب تضرر البضاعة المؤمن عليها. لذلك يمكن ان يعرف مبدأ رجوع المؤمن على الغير –مبدأ الحلول – بأنه حق المؤمن (شركة التأمين) بالرجوع على متسبب الضرر ويحل محل المؤمن له في حقوقه تجاه متسبب الضرر. وعلى الرغم من اهمية هذا المبدأ الا اننا لانجد نصاً في قانون التجارة البحري العثماني يعالج هذه المسألة. ألا أَنَّ الشرط التاسع من شروط جمعية مكتتبي التأمين البحري في لندن الملحق بوثيقة التأمين البحري – بضائع- اشار الى هذا الالتزام نصُ على “9-على المؤمن له ووكلائه في كافة الحالات اتخاذ الاجراءات المعقولة لغرض تجنب او تقليل الضرر ، وعليه كذلك التأكد من ان كافة الحقوق تجاه الناقلين والمودعين والاغيار الاخرين قد تمت المحافظة عليها او ممارستها على نحو صحيح”. وكذلك اشارت (ف6) من الشروط العامة الملحقة بوثيقة التأمين البحري –بضائع- بهذا الالتزام ويتم حلول المؤمن محل المؤمن له بمجرد تحقق الخطر، دون ان يعلق ذلك الحلول ، على دفع التعويض (مبلغ التأمين) للحد من له وذلك وفقاً للعمل الجاري لدى شركة التأمين الوطنية(98). أما القانون المصري فقد اشار في م363 الى هذا الالتزام اذ نصت على “…….وعليه ان يتخذ جميع الاجراءات للمحافظة على حق المؤمن في الرجوع على الغير المسؤول…..”. اما عن الوقت الذي يعدّ فيه المؤمن من حَلَّ محل المؤمن له فهو بمجرد وقوع الخطر من دون أن يعلق رجوع المؤمن على الغير، بدفع مبلغ التأمين. وهذا ما نص عليه شرط الحلول في وثيقة التأمين البحري –بضائع- المصرية “يتنازل المؤمن له عن كافة حقوقه ودعاويه قبل الغير او المستفيد في العوارية العمومية والتي قد تنشأ مستقبلاً بسبب وقوع الخطر المؤمن منه”. وفيما يخص القانون السوري فقد نص في م305 على هذا الالتزام إذ نص “على المضمون ……. وان يحفظ كل حق ادعاه على المسؤولين من الغير”.

اما قانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906 فقد اشار في م79 منه الى حق المؤمن بالرجوع على الغير متسبب الضرر وحلوله محل المؤمن له في جميع الحقوق والدعاوى التي تكون له من وقت وقوع الحادث الذي تسبب في احداث الخسارة، اذ نصت م79 على”1-اذا مادفع المؤمن خسارة كلية او جزئية يكون له الحق في اكتساب ما للمؤمن له من مصلحة فيما قد تبقى من الشيء المؤمن عليه كما يحل محل المؤمن له في جميع الحقوق والدعاوى التي تكون له حق وقت وقوع الحادث المسبب للخسارة”.

واذا كان للمؤمن (شركة التأمين) الحق في الرجوع على الغير ، فإنَّ هذا الحق مرتبط في القانون الانكليزي لسنة 1906 بتوافر شرطين(99):

ان تقوم شركة التأمين بتعويض المؤمن له عما اصاب البضاعة المؤمن عليها المؤمن منه، ويمكن اثبات ذلك من خلال وصل المخالصة الذي يسلم الى المؤمن له.
لابد ان تكون هناك دعوى مسؤولية تمكن المؤمن من الرجوع على الغير متسبب الضرر، بغض النظر عن طبيعة هذه الدعوى سواءُ اكانت دعوى مسؤولية ام تقصيرية.

ولقد كان القانون السوري متوافقاً مع القانون الانكليزي من حيث وقت الحلول، اذ نص في م361 على ان حلول المؤمن محل المؤمن له قبل الغير يتم بعد دفع التعويض (مبلغ التأمين) للمؤمن له ، اذ اشارت تلك المادة الى “اذا الزم الضامن بالدفع عن هلاك او ضرر تقع مسؤوليتها على الغير فله ان يمارس حقوق المضمون الذي عرضه وان يرفع دعاويه”.

ومن ناحية اخرى فإن المؤمن عند رجوعه على الغير لايجوز ان يطالبه باكثر مما دفعه من مبلغ تأمين. ولكن في حالة اذا كان المؤمن قد حصل على اكثر مما دفعه للمؤمن من الغير بناءً على الدعوى المرفوعة امام القضاء، فان مازاد من مبالغ هي من حق المؤمن له وليس من حق المؤمن. والقول بغير ذلك يعدّ خروجاً عن النظام العام لاسيما وان مبدأ رجوع المؤمن على الغير قد وِضع للحيلولة دون حصول حالة الاثراء بلا سبب، اذ أنه مثلما لايجوز للمؤمن له ان يثري بلا سبب فانه لايجوز للمؤمن ان يثري على حساب الغير بلا سبب(100). وهذا ما نصت عليه م(79/2) من قانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906 اذ نصت على “لايتعدى حق المؤمن في الحلول محل المؤمن له عن قيمة التعويض الذي دفعه الى المؤمن له عن خسارة”. واذا كان المؤمن (شركة التأمين) لايستحق اكثر من مبلغ التعويض الذي قام بدفعه للمؤمن له، فانه وفي حالة ما إذا تخلى المؤمن له او ترك البضاعة المؤمن عليها للمؤمن، فإنّ المؤمن في هذه الحالة يحتفظ بكامل المبلغ الذي يحصل عليه عند بيع البضاعة، حتى وان كان مبلغ التأمين الذي دفعه المؤمن للمؤمن له اقل من الثمن الذي بيعت به البضاعة. ويعدّ هذا من حق المؤمن إِذ أَنَّ تخلي المؤمن له عن البضاعة للمؤمن مقابل مبلغ التأمين، يعني انتقال ملكية البضاعة للمؤمن(101). وهذه الحالة تختلف عن الحالة الاولى التي لايتخلى فيها المؤمن له عن البضاعة، إذ أنها تبقى ملكاً للمؤمن له، وان مطالبة المؤمن له تكون عن الضرر الذي لحق بالبضاعة. ولابد ان يقوم المؤمن له باثبات الضرر الذي لحق بالبضاعة ، وذلك من خلال اتصاله بالمؤمن او ممثلي السلطة المختصة(102)، من اجل ان يتم اجراء كشف عن البضاعة المؤمن عليها. والغرض من الكشف هو من اجل ان يتم تحديد الضرر الذي لحق بالبضاعة وتحديد درجة هذا الضرر(103). والكشف على البضائع يتم عن طريق خبير او مندوب تأمين من اجل معاينة الاضرار واثباتها في محضر، مالم تنص وثيقة التأمين على طريقة اخرى يتم فيها الكشف(104).

__________________

1- احمد حسين خليل: الرجوع والعواريات في التأمين البحري: الاتحاد العام العربي للتأمين والامانة العامة، القاهرة، 1996، ص15.

2- د.عبد الود ود.يحيى : الموجز في عقد التأمين ، القاهرة ، دار النهضة العربية للطباعة ، 1986، ص49، منير خسرو: منشورات شركة التأمين: ص27.

3- حسين النبهاني ، محاضرات في التأمين البحري، منشورات شركة التأمين الوطنية ، بغداد، مطبعة الازهر، 1967، ص61.

4- د. مصطفى كمال طه: الوجيز في القانون البحري، القاهرة، المكتب العصري الحديث للطباعة والنشر، سنة 1971، ص513.

5- عبد الرزاق السنهوري : الوسيط في شرح القانون المدني، المجلد الثاني، ج7، عقود الغرر وعقد التأمين، 1964، ص1029.

6- حسين النبهاني : محاضرات في التأمين البحري: منشورات شركة التأمين الوطنية، بغداد، مطبعة الازهر، 1967، ص46.

7- وهي الشروط التي ذُكرت في المبحث الثاني من الفصل الثاني من نفس الاطروحة.

8- حسين النبهاني : منشورات شركة التأمين الوطنية، مصدر سابق، ص43.

9- د. منى محمد عمار وعلي السيد الديب: التأمين البحري، القاهرة، مطبعة التعليم المفتوح، بدون ذكر سنة الطبع ، ص88، ص90.

10- بديع احمد السيفي: التأمين علماً وعملاً ،ط1، بغداد، مطبعة الزهراء، 1972، ص195.

11- هشام فرعون: القانون التجاري البحري، منشورات جامعة حلب، كلية الحقوق، ط3، دمشق، مطبعة ابن خلدون، 1995، ص304.

12- د. نبيل محمد الخناق ، خضر الياس البنا: التأمين البحري، مطبعة مؤسسة المعاهد الفنية، 1986، ص172.

د. بديع احمد السيفي: التأمين علماً وعملاً ،ط1، بغداد، مطبعة الزهراء، 1972، ص198.

13- د. ابراهيم علي ابراهيم عبد ربه: مبادئ التأمين: بيروت، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1988، ص459.

14- د. عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني ، المجلد الثاني، ج7، عقود الغرر والتأمين ، ص1029.

15- د. مصطفى كمال طه: الوجيز في القانون البحري، القاهرة، المكتب العصري الحديث للطباعة والنشر، سنة 1971، ص514.

16- خالص نافع امين : التأمين على البضائع المنقولة بحراً ، رسالة ماجستير مقدمة لكلية القانون والسياسية، جامعة بغداد، 1983، ص76.

17- اشار الى ذلك د. لطيف جبر كوماني: القانون البحري (السفينة ، اشخاص الملاحة، النقل، البيوع، التأمين) ، ط2، عمان، مطابع الارز، 1998، ص276.

مصطفى كمال طه : الوجيز في القانون البحري ، مصدر سابق، ص513.

18- خالص نافع امين : التأمين على البضائع المنقولة بحراً ، رسالة ماجستير مقدمة لكلية القانون والسياسية، جامعة بغداد، 1983، ص75.

19- د. جمال الحكيم: التأمين البحري، دراسة علمية وعملية وقانونية، القاهرة، مكتبة النهضة العربية، 1955، ص343.

د. ابراهيم علي ابراهيم عبد ربه: مبادئ التأمين: بيروت، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1988، ص459. انظر:

-RAOUL Colinvaux : The Law of Insurance ، London، Sweet and Maxwell ، 1984، P309.

وانظر:

-Lord Choriey of Kendal، M. A. (OXON) and C. T. Bailhache، MA. Britishipping Law، The Law of Marine Insurance and Averaye، London ، Sterens and Sonslimited ، 1961، P:216.

20- ومن القوانين التي اشارت الى هذا الالتزام بنص صريح، قانون التجارة البحري الاردني رقم 12 لسنة 1972 في م(311) والقانون اللبناني في م(308) والقانون المغربي م(368)، والقانون الليبي م(311).

21- د.مصطفى كمال طه : الوجيز في القانون البحري، مصدر سابق، ص480.

د. احمد حسني: البيوع البحرية، دراسة العقود التجارية البحرية الدولية (سيف وفوب) ، ط2، القاهرة ، مطبعة اطلس، 1983 ، ص349.

د.علي حسن يونس : اصول القانون البحري ، دار المحامي للطباعة، بدون ذكر تاريخ الطبع، ص267،268.

22- د. هشام فرعون: القانون التجاري البحري، منشورات جامعة حلب، كلية الحقوق ، ط3، (مطبعة ابن خلدون / دمشق/ 1995) ، ص283، د.احمد حسني: مصدر سابق، ص349.

د.بديع احمد السيفي: محاضرات في التأمين البحري، مصدر سابق، ص87.

23- د. صلاح الدين طلبة: مقدمة التأمين، ج2، بغداد، دار المعارف، 1963، ص145.

24- د. عاصم سليمان: التأمين، ج1، العراق ، مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر، 1974، ص219.

25- د.عاصم سليمان : مصدر سابق ، ص219، د.بديع احمد السيفي، التأمين علماً وعملاً ، مصدر سابق، ص188.

26- منير خسرو : منشورات شركة التأمين الوطنية، مصدر سابق، ص57.

27- د.عاصم سليمان: مصدر سابق، ص291.

28-Rene Rodiere : Droit mari Time، Paris، 1977، P:463، 464.

29- د. رفعت عزت الفارسي:بحث مقدم الى شركة التأمين الوطنية،التأمين البحري (بضائع)،1981، ص91،92.

30- د.رفعت عزت الفارسي: بحث منشور في مجلة التأمين ، لسنة 1990، ص50.

31- د.عادل عبد الحميد عز: مبادئ البتأمين، القاهرة، دار النهضة العربية للطباعة، 1971، ص84.

32- د.علي حسن يونس: العقود البحرية ، دار الفكر العربي، القاهرة، بدون سنة طبع، ص56. د.مجيد حميد العنبكي : قانون النقل العراقي، المبادئ والاحكام، بغداد، مطبعة وزارة العدل، 1984، ص166، 167.

33- عاصم سليمان: مصدر سابق، ص296.

34- علي حسن يونس، اصول القانون البحري، دار المحامي للطباعة ، بدون ذكر تأريخ الطبع ، ص269.

35- د. علي حسن يونس، العقود البحرية، القاهرة، دار الفكر العربي، بدون تأريخ الطبع ، ص62.

36- انظر بالتفصيل : اسيل باقر جاسم: المركز القانوني للمرسل اليه في عقد النقل البحري للبضائع ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون – جامعة بابل، 2002، ص39،48.

37- د.علي حسن يونس : اصول القانون البحري، مصدر سابق، ص268.

38- د.مصطفى كمال طه: الوجيز في القانون البحري، مصدر سابق، ص480.

د.برهام محمد عطا الله: دراسات ووثائق في التأمين، (الاسكندرية) ، مؤسسة الثقافة الجامعية، 1983، ص66.

39- د. عبد الودود يحيى: الموجز في عقد التأمين، القاهرة، دار النهضة العربية للطباعة، 1986، ص137. مصطفى كمال طه: مبادئ القانون البحري، الدار القومية للطباعة والنشر، بدون ذكر سنة الطبع ، ص425.

40- د.مصطفى كمال طه : مبادئ القانون البحري ، مصدر سابق ، ص426.

41- هشام فرعون: القانون التجاري البحري، منشورات جامعة حلب، كلية الحقوق، ط3، دمشق، مطبعة ابن خلدون، 1995 ، ص321.

42- Ripert، ج3، فقرة 3572، اشار الى ذلك علي حسن يونس، اصول القانون البحري، مصدر سابق، ص270.

43- د. عبد العزيز فهمي هيكل: مقدمة في التأمين، بدون ذكر مكان الطبع، 1968، ص12.

44- د.عبد العزيز فهمي هيكل : مصدر سابق، ص12.

45- د.مصطفى كمال طه: مبادئ القانون البحري ، مصدر سابق، ص426.

46- د.علي حسن يونس: اصول القانون البحري، مصدر سبق ذكره، ص269.

د.مصطفى كمال طه: الوجيز في القانون البحري، المصدر السابق، ص426.

47- ومن القوانين التي حددت وبصورة صريحة المدة التي يجب ان يقدم فيها الاقرار بالنسبة للشحنات التي تتم لحساب المؤمن له مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1958 اذ نصت (ف2/م293) على “وتكون الارساليات المشحونة لحساب المؤمن له مشمولة بالتأمين من سريان مدة الاخطار المؤمن منها حتى بالنسبة للحوادث (الكوارث) المعلومة للمؤمن له قبل ادلائه ببيان المشحونات بشرط ان يكون قد صرح بهذا البيان في خلال الثمانية ايام من تسلمه الاخطارات الخاصة بالارساليات وتخفض هذه المدة الى ثلاثة ايام العمل في السفرات التي تجري بين الموانئ العراقية”.

اما القانون البحري المغربي في اخر تعديلاته لسنة 1995 فلقد حدد تقديم الاقرار بالنسبة للشحنات التي تتم لحساب المؤمن له بـ(3) ايام، ولا تحسب ضمنها ايام العطل الرسمية، اذ نصت م368 الى “……. ويجب على المؤمن له ان يدلي بتصريحاته على الارساليات التي ينسحب عليها العقد المذكور سابقاً داخل اجل اقصاه (3 أيام) لاتحسب ضمنها ايام العطلة ابتداءاً من تاريخ تسلمه اعلام بالارسال”.

49- فياض عبيد: البيوع البحرية والاعتماد المستندي في البيوع البحرية، ج1، بدون ذكر مكان الطبع، 1970، ص141.

50- علي حسن يونس: اصول القانون البحري ، مصدر سابق، ص268.

51- د.حسن علي يونس: اصول القانون البحري، مصدر سابق، ص270.

52- د.مصطفى كمال طه: القانون التجاري، القاهرة، مطبعة اطلس ،1977، ص66.

رحيم راهي ناصر: الوكالة بالعمولة بالنقل البري ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون والسياسة في جامعة بغداد، 1983، ص21.

53- د.طالب حسن موسى، مبادئ القانون التجاري، ط1، بغداد، مطبعة الحكومة ، 1974، ص232.

54- د.علي حسن يونس : القانون التجاري ، العقود التجارية وعمليات البنوك ، القاهرة ، دار المحامي للطباعة ، ص109.

55- السنهوري : الوسيط في شرح القانون المدني، العقود الواردة على العمل (المقابلة، الوكالة، الرديفة، والحراسة) ، المجلد الثالث ،ج7، القاهرة ، دار النهضة العربية، 1964، ص373.

56- د.علي حسن يونس: القانون التجاري وعمليات البنوك، مصدر سابق، ص153،154.

57- قانون تنظيم الوكالة التجارية رقم 51 لسنة 2000.

58- اكثم امين الخولي: الوسيط في القانون التجاري، العقود التجارية، ج4، ط1، 1958، القاهرة، مطبعة نهضة مصر، ص193.

59- د.مصطفى كمال طه: مبادئ القانون البحري، مصدر سابق، ص425.

د. هشام فرعون: القانون التجاري البحري، منشورات جامعة حلب، كلية الحقوق، ط3، دمشق، مطبعة ابن خلدون، 1995، ص305.

د.علي حسن يونس : اصول القانون البحري، مصدر سابق، ص270.

60- د. عبد الرزاق السنهوري : الوسيط في شرح القانون المدني، المجلد الثاني، ج7، عقود الغرر وعقد التأمين، 1964، ص1541 . د. رزق الله انطاكي ، نهاد السباعي: موسوعة الحقوق التجارية، اعمال التأمين، ج6، دمشق، مطبعة جامعة دمشق، 1963، ص322.

61- د.جعفر الفضلي: مصادر الالتزام، النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني (دراسة مقارنة) ، ج1، 1991، ص230، د.توفيق حسن فرج: النظرية العامة للالتزام، احكام الالتزام، الاسكندرية، المكتب العصري الحديث، 1978، ص273.

62- د. توفيق حسن فرج: النظرية العامة للالتزام، احكام الالتزام، الاسكندرية، المكتب العصري الحديث، 1978، ص278 . د.محمد كامل مرسي: الالتزامات ، القاهرة، المطبعة العالمية، 1954، ص614.

63- “اذا كان الحق الذي اشترطه المشترط (المؤمن له) في وثيقة التأمين انما اشترطه لنفسه فلا يكون هناك اشتراط لمصلحة الغير حتى ولو كانت ثمة منفعة تعود منه الى الغير، اما اذا تبين من عقد التأمين ان العاقدين قصدوا تحويل الغير الحق المباشر في منفعة العقد فان القواعد الخاصة بالاشتراط لمصلحة الغير هي التي تطبق”. طعن رقم 988 سنة 1950 ق جلسة 1/1/1985، سجل 36 ، ص69.

د. سعيد احمد شعلة: قضاء النقض في التأمين، الاسكندرية ، منشأة المعارف ، 1997، ص155.

64- توفيق حسن فرج: مصدر سابق ، ص278،279.

65- د. عبد المجيد الحكيم: الموجز في شرح القانون المدني، مصادر الالتزام ، ج1، ط5، بغداد، مطبعة النديم، 1977، ص356.

66- د.السنهوري : عقد التأمين ، مصدر سابق، ص1549.

67- رزق الله انطاكي ، د.نهاد السباعي: الحقوق التجارية البحرية، مصدر سابق ، ص322.

68- د.علي حسن يونس : اصول القانون البحري، مصدر سابق، ص250. د. توفيق حسن فرج: النظرية العامة للالتزام، احكام الالتزام، الاسكندرية، المكتب العصري الحديث، 1978، ص278.

69- السنهوري : عقد التأمين ، مصدر سابق، ص1547.

70- د.مصطفى كمال طه: مبادئ القانون البحري، مصدر سابق، ص414.

71- السنهوري : عقد التأمين ، مصدر سابق، ص1548.

د.مصطفى كمال طه: مبادئ القانون البحري، مصدر سابق، ص414.

72- د. عبد المجيد الحكيم: الموجز في شرح القانون المدني، مصادر الالتزام ، ج1، ط5، بغداد، مطبعة النديم، 1977، ص358.

73- د.توفيق حسن فرج: مصدر سابق، ص281.

74- د.توفيق حسن فرج: مصدر سابق، ص282-283.

عبد المجيد الحكيم : مصادر الالتزام ، مصدر سابق، ص359.

75- د.مصطفى كمال طه: مبادئ القانون البحري، مصدر سابق ، ص425.

76- د.حسن علي ذنون: مصادر الالتزام ، بغداد، مطبعة المعارف، 1949، ص204.

توفيق حسن فرج : مصدر سابق، ص283.

77- مصطفى كمال طه: مبادئ القانون البحري ، مصدر سابق، ص414.

د.السنهوري: عقد التأمين ، مصدر سابق، ص1551.

د.عبد المجيد الحكيم: مصادر الالتزام ، مصدر سابق، ص360-361.

د.توفيق حسن فرج: مصدر سابق، ص283-284.

78- رزق الله انطاكي ود.نهاد السباعي : الحقوق التجارية البحرية، مصدر سابق، ص322.

79-رزق الله انطاكي ود.نهاد السباعي : المصدر نفسه، ص322.

80- د.مصطفى كمال طه: مبادئ القانون البحري ، مصدر سابق، ص414.

81- علي حسن ذنون : مصدر سابق ، ص204.

توفيق حسن فرج: مصدر سابق، ص283.

82- نقض فرنسي 30 نوفمبر 1903 ، اشار اليه د.علي حسن يونس : اصول القانون البحري ، مصدر سابق ، ص270.

83- د.علي حسن يونس: اصول القانون البحري ، المصدر السابق، ص270.

84- د.علي حسن يونس: اصول القانون البحري، مصدر سابق، ص271.

85- (29/3) “Unless the policy other wise provides ، the declarations must be made in the order of dispatch or Shipment……..”.

86- كما في قضية

– (Union Insurance Society of canton V.Wills) (1916) Chouley and Giles: op cit. P:367.

87-Lord Choriey of Kendal and C.T. Bailhache: op . cit ، P:243.

88- د. محمد كامل مرسي: الالتزامات، القاهرة، المطبعة العالمية، 1954، ص627.

89- د.مصطفى كمال طه: الوجيز في القانون البحري، مصدر سابق، ص515.

90- د. لطيف جبر كوماني: القانون البحري (السفينة ، اشخاص الملاحة، النقل، البيوع، التأمين) ، ط2، عمان، مطابع الارز، 1998، ص276-277. د.مصطفى كمال طه: الوجيز في القانون البحري، مصدر سابق، ص515. د.السنهوري : عقود الغرر والتأمين، مصدر سابق، ص132.

91- د.عبد الودود يحيى : الموجز في عقد التأمين، مصدر سابق، ص210.

د.لطيف جبر كوماني: مصدر سابق، ص .

92- خالص نافع امين : التأمين على البضائع المنقولة بحراً ، رسالة ماجستير، مصدر سابق، ص81.

93- د.لطيف جبركوماني : مصدر سابق ، ص277.

د. مصطفى كمال طه: الوجيز في القانون البحري ، مصدر سابق، ص515-516.

94- د.لطيف جبركوماني : مصدر سابق ، ص277.

د. مصطفى كمال طه: الوجيز في القانون البحري ، مصدر سابق، ص516.

95- ومن القوانين التي جاءت بنفس حكم القانون المصري القانون الاماراتي (م391/2) والقانون البحري اليمني م(383/2).

96- د.لطيف جبر كوماني : مصدر سابق، ص277.

د.مصطفى كمال طه: الوجيز في القانون البحري، مصدري سابق، ص516.

97- احمد حسين خليل ، الرجوع والعواريات في التأمين البحري: الاتحاد العام العربي للتأمين والامانة العامة، القاهرة، 1996، ص37.

98- عبد علي رضا جعفر: رجوع المؤمن على الغير المسؤول عن الضرر ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون والسياسة، 1983، ص126.

99- د.محمود شحاة : الرجوع والعواريات في التأمين البحري ، ص131.

100- احمد حسين خليل: الرجوع والعواريات في التأمين البحري، مصدر سابق، ص15.

101- احمد حسين خليل: الرجوع والعواريات في التأمين البحري، مصدر سابق، ص15.

102- لطيف جبر كوماني : مصدر سابق، ص279.

103- منسيب خسرو: منشورات شركة التأمين ، ص55.

104- لطيف جبر كوماني : مصدر سابق، ص279.

مصطفى كمال طه: الوجيز في القانون البحري، مصدر سابق، ص517.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .