الاثار القانونية على مزدوجي الجنسية بعد التعديلات الدستورية

اثر نفاذ التعديل الدستوري على مزدوجي الجنسية – د.نوفان العجارمة

وشحت التعديلات الدستورية بالإرادة الملكية السامية ومن المتوقع نشرها في عدد الجريدة الرسمية القادم، وقد جاءت هذه التعديلات بأحكام جديدة من حيث حرمان مزدوجي الجنسية من تولي منصب الوزارة (ومن في حكمها) وكذلك حرمانهم من عضوية مجلسي النواب والأعيان.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام: هو مدى تأثير التعديل الدستوري على مزدوجي الجنسية الذين يتقلدون حالياً منصب الوزارة أو عضوية مجلسي النواب والأعيان؟

اعتقد أن الأمر لا يتطلب اجتهادا كبيرا للوصل إلى نتيجة مفادها بان أمام السادة مزدوجي الجنسية خيارين لا ثالث لهما، الأول الاستقالة من هذا المنصب، والثاني يتمثل بالتخلي عن الجنسية الأجنبية. ونسوق الحجج والأسباب التالية للتدليل على صحة ما ذهبنا إليه.

1.أن التعديل الدستوري لم ينص على حكم انتقالي لكي يعمل به، وعليه فان أحكام الدستور المعدل تسري اعتبارا عن تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وذلك إعمالا لمبدأ الأثر الفوري للقاعدة القانونية، فإذا لم يرد نص في الدستور المعدل يبين مدى تأثير هذا التعديل على مزدوجي الجنسية في ظل النص الدستوري القديم، عندها ينبغي تفسير النصوص على ضوء القواعد الفقهية الباحثة عن مدى رجعية القوانين. وحيث إن القاعدة في هذا الشأن هي أن سريان القانون الجديد في الزمان له وجهان: وجه سلبي هو انعدام أثره الرجعي بحيث لا يملك المساس في المراكز القانونية التي نشأت في ظل القانون القديم. ووجه ايجابي أو أثره المباشر على المراكز القانونية السابق تكوينها والتي لم تكن بعد قد انقضت عند نفاذه إذا جاء معدلا لكيفية تكوين هذه المراكز، وحيث إن النص الدستوري المعدل تضمن تعديلا يتعلق بمزدوجي الجنسية، فيسري اثر هذا التعديل اعتبارا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

2.إعمالا لحكم المادة (93) من الدستور والتي أعطت للقانون وكذلك التعديل الدستوري أثرا فوريا ومستقبلياً لنفاذه: حيث اخذ الدستور الأردني في المادة ( 93/ 2 ) منه بقاعدة الأثر المباشر للقانون ما لم يرد نص على سريانه من تاريخ آخر.

3.مجرد سريان التعديل الدستوري المتعلق بمزدوجي الجنسية فان حكم هذا التعديل يلغى حكماً أي نص قانوني آخر، فالقاعدة الدستورية، لا تلغى أو تعدل إلا بقاعدة دستوريه مماثلة، وهذه القاعدة جاءت ضمن القواعد التي قررتها الثورة الفرنسية ، وقصد بها تأكيد سمو التشريعات الدستورية على ما عدها من القوانين، وبذلك لا ينسخ القانون الدستوري إلا بقانون دستوري آخر.

4.أوجبت المادة(126/1) من الدستور تطبيق الأصول المبينة فيه بشأن مشاريع القوانين على أي مشروع لتعديل هذا الدستور، أي إن حكم تلك المادة أعطى النص الدستور حكماً مماثلاً لنص القاعدة القانونية العادية من حيث التعديل بما في ذلك اثر سريان القاعدة الدستورية المعدلة.

5.إن القواعد القانونية الحاكمة للمناصب العامة (كالوزارة ومنصب النائب أو العين) ذات طابع التنظيمي، وليس تعاقدي، فالدستور هو من أنشاء هذا المركز، وهو من يحدد شروط شغلها ومسئولياتها وحقوقها وواجباتها، وذلك بصرف النظر عمن يشغلها، والذي يعد – والحالة هذه – في مركز تنظيمي ، فهذا المركز موجود في الواقع وسابق على تعيين الوزير أو العين أو انتخاب النائب.

ومعنى ذلك أن قرار الانتخاب أو التعيين لا ينشئ هذا المركز، وإنما يعني التحاق الشخصي بهذا المركز، ولذا فإن قبول الوزير أو العين أو النائب لهذا المركز، يعد قبولا لكافة الأحكام التي ينظمها الدستور، وإذا ما تم تعديل بعض الجوانب القانونية المنظمة لهذا المراكز، فليس لأحد في هذه الحالة التمسك بأن له حقا مكتسبا في أن يعامل بمقتضى النصوص القانونية السابقة، أي التي عين أو انتخب في ظل سريان أحكامها، ذلك أن مركزه من هذه الزاوية، إنما هو مركز قانوني عام يجوز تغييره أو تعديله وفقا لأحكام الدستور. ولكن هذا التعديل لا يسري– كقاعدة عامة- بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت من قبل لصالح الوزير أو النائب أو العين إلا بنص خاص في الدستور وليس في أداة أدنى منه.