يطيب لي و يشرفني و أستسمحكم عذراً في قبول رسالتي هذه لسيادتكم .. و هي مشاركة قصيرة تنطوي على اقتراح – من عقلي السقيم و ذهني العليل – بتعديل يتعلق بالواقعة المجرية لميعاد إيداع أسباب الطعن الجنائي من المتهم…….. مع رجاء أن تلقى هذه المشاركة قبولاً لدى سيادتكم…

مضمون التعديل المقترح

تنص المادة (34) في فقرتيها الأولى و الثانية من قانون حالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 59 على أنه :
يحصل الطعن بتقرير في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري أو من تاريخ انقضاء ميعاد المعارضة أو من تاريخ الحكم الصادر في المعارضة. و يجب إيداع الأسباب التي بني عليها الطعن في هذا الميعاد …………”.

و مفاد النص المذكور أن الطعن بطريق النقض يتم، شأنه شأن الطعن بالعارضة و الإستئناف ، بتقرير في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم وفقاًُ لصراحة ذلك النص، و ميعاد هذا التقرير ستون يوماً تحسب من التاريخ المشار إليه بالمادة سالفة الذكر، كما أوجبت فقرتها الثانية إيداع أسباب الطعن خلال ذات الميعاد المحدد للتقرير بالطعن، و يتم إيداع الأسباب بقلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم أو بقلم كتاب محكمة النقض ، فقد قيل تعليلاً لذلك أن ” أحكام محكمة النقض تتساهل بالنسبة لإيداع الأسباب فتقبل أن يتم إيداعها بقلم كتاب محكمة النقض لأن النص في شأنها لم يحدد قلم الكتاب الذي تودع به”، ( قانون الإجراءات الجنائية و قانون حالات و إجراءات الطعن بالنقض للمستشار الدكتور/ حسن علام طبعة 1991 – الجزء الثاني ص 211 )، و تجاوز ميعاد إيداع الأسباب يترتب عليه الحكم بعدم قبول الطعن شكلا حتى و لو تم التقرير بالطعن في الميعاد ، فقد قضت محكمة النقض بأن : ” متى كانت مذكرة أسباب الطعن بالنقض لم تقدم لقلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم او لقلم كتاب محكمة النقض في الميعاد المحدد قانونا فإنها لا تنتج أثرها القانوني

نقض 7/4/1988 أحكام النقض س 39 ق 85 ص 560 ،

و لهذا نصت المادة (35) من قانون حالات و إجراءات الطعن بالنقض سالف الذكر على أنه ” لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة السابقة” ، و قد جرى قضاء النقض على أن ” التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به و أن تقديم الأسباب التي بني عليها في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله ، و أن التقرير بالطعن و تقديم أسبابه يكونان معاًُ وحدة إجرائية لا يقوم أحدهما مقام الآخر و لا يغني عنه

الطعن رقم 9894 لسنة 72 ق –جلسة 19/4/2009 –الكتاب الدوري لأحدث الأحكام المدنية و الجنائية الصادر عن النقابة العامة للمحامين- العدد الثامن أبريل 2010 ص115 .

و من الأمور الهامة في شأن إيداع الأسباب ما قضت به محكمة النقض من أن” تفصيل الأسباب ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديداًُ للطعن و تعريفاُ بوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهله موطن مخالفة الحكم للقانون أو موطن البطلان الذي وقع فيه

الطعن رقم 25601 لسنة 67 ق- جلسة 22/2/2000 وارد بمجلة المحاماة العدد الأول سنة 2001 ص 229 .

و من حيث إن تلك القيود و الشروط الشكلية و الموضوعية لإيداع الأسباب تتنافر مع تحديد المشرع لتاريخ بدء سريان ميعاد ذلك الإيداع على النحو السابق، لكون الإيداع يفترض بالضرورة الاطلاع على الحكم و حيثياته حتى يمكن استنباط و استخراج ما يكون قد اعتوره من مخالفات قانونية متعددة الأوجه، و هذا الإطلاع لا يكون – بالطبع – إلا من تاريخ ايداع اسباب الحكم، الأمر الذي يستوجب – عقلاً و قانوناً و عدلاً – أن يكون ميعاد إيداع أسباب الطعن من تاريخ إيداع أسباب الحكم ، و ليس من تاريخ صدوره، و إلا عد ذلك عدواناً و إخلالاً بحق الدفاع ( المتهم و محاميه) في إيداع أسباب الطعن خلال الستين يوما.

فقد نص قانون الاجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 في مادته الرقيمة ( 312 ) على أن :
يحرر الحكم بأسبابه كاملاً خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره بقدر الإمكان …. و لا يجوز تأخير توقيع الحكم على الثمانية أيام المقررة إلا لأسباب قوية ، و على كل حال يبطل الحكم اذا مضى ثلاثون يوماً دون حصول التوقيع ، ما لم يكن صادرا بالبراءة………..”.

و البين من النص المذكور أن المشرع قد منح القاضي حقه في تحرير أسباب حكمه و تحريرها في وقت مناسب لذلك لا يجاوز ثلاثين يوماً، و له ان يستنفذه كاملاً و يودع أسباب حكمه في اليوم الثلاثين ، و هذا حق القاضي ، و هو حق مشروع ، و لكن للمتهم و دفاعه حق كذلك في الاستفادة من كامل الميعاد الذي تحدد ليكون ميقاتاً – من أوله لآخره – لإيداع أسباب الطعن وفق صريح نص المادة ( 34 ) المشار إليها بصدر هذا الإقتراح ، أي أنه حق للمتهم لا يجوز الإنتقاص منه ، غير أن إمكانية إيداع أسباب الحكم في اليوم الثلاثين من تاريخ صدوره – و هو أمر واقع و مشاهد – يعني أن إيداع أسباب الطعن أصبح مقصوراً على ميعاد لا يجاوز ثلاثين يوماً ، و ليس ستين يوماً بعد استبعاد الثلاثين يوماً الممنوحة للقاضي لإيداع أسباب حكمه ، أي ان ما يستوجبه الطعن من الإطلاع على الحكم و حيثياته و دراسته دراسة متانية و شاملة – تحقيقاً لجوهر حق الدفاع – و استظهار الاخطاء القانونية و الواقعية و الفنية و غيرها التي وقع في حمأتها الحكم الطعين ، وتأسيسها و ردها الى مصادرها و التنسيق بينها ، فضلاً عما يقتضيه ذلك من التروي و التفكير و التدبر ، كل ذلك يجب أن يتم في تلك الفترة القصيرة التي لا تغني و لا تسمن من جوع، لا سيما في القضايا ذات الشأن ، و هو ما ينال و ينتقص و يخل بل و يهدر الحق القانوني للمتهم في إيداع أسباب طعنه خلال الستين يوما ، في حين ان ذلك كله قدر المشرع أهميته و احتياجه لوقت مناسب جعله ستين يوما .

الامر الذي يقتضي التدخل التشريعي بتعديل نص المادة (34) المشار اليها سلفاً ليصبح مبدأ سريان ميعاد إيداع أسباب الطعن بالنقض من تاريخ إيداع أسباب الحكم و ليس من تاريخ صدوره .

مع رجاء بقبول شكري و فائق احترامي للجميع

أشرف سعد الدين المحامي بالاسكندرية