استحقاق العامل لاعانة غلاء المعيشة – القانون المصري

الطعن 600 لسنة 38 ق جلسة 17/ 6/ 1968 س 19 ج 2 ق 143 ص 701 جلسة 17 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.
—————–
(143)
الطعن رقم 600 لسنة 38 القضائية

(أ) حكم. “الحكم القطعي”. “ماهيته”. قوة الأمر المقضي. إعانة غلاء معيشة. عمل.
العبرة في وصف الحكم هي بحقيقة ما قضى به. قضاء الحكم في أسبابه بأن العمال المعينين بعد أول مارس سنة 1950 لا يستحقون إعانة غلاء معيشة. قضاء قطعي. انسحاب حجية الأمر المقضي على أسباب الحكم باعتبارها مكملة للمنطوق.
(ب، ج) عمل. إعانة غلاء معيشة. “سريانها”. أوامر عسكرية. نقض. حالات الطعن بالنقض. “الخطأ في تطبيق القانون”. “الحكم في الطعن”.
(ب) المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942. سريان أحكامها على جميع العمال الذين عينوا بعد 30 يونيه 1942.
(ج) قوانين العمل لا تلزم صاحب العمل بوضع كادر للعلاوات لعماله.
حق صاحب العمل في اعتبار كل زيادة في الأجر إعانة غلاء معيشة.
متى يتعين القضاء بالإحالة عند نقض الحكم؟
(د) قانون. “القانون الوقتي”.
متى يكون التشريع لفترة محددة؟

——————-
1 – إن الحكم القطعي هو الذي يحسم النزاع في موضوع الدعوى أو في شق منه والعبرة في وصف الحكم بأنه تمهيدي أو قطعي هي بحقيقة ما قضي به، ولا مانع من أن بعض المقضي به يكون في الأسباب. ولما كان يبين من الاطلاع على الحكم الصادر من محكمة أول درجة بندب خبير في الدعوى أن ما نقله الحكم المطعون فيه عن أسباب هذا الحكم في شأن العمال المعينين بعد أول مارس 1950 يطابق ما جاء به، وكانت هذه الأسباب قد قطعت في أن العمال المعينين بعد هذا التاريخ ومن بينهم الطاعن لا يستحقون إعانة غلاء المعيشة باعتبار أن أجرهم يشمل إعانة الغلاء المقررة بالأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 الذي عينوا بعد صدوره وهو آخر الأوامر العسكرية في شأن إعانة الغلاء. ولما كان الحكم الذي يقرر أن أجر العامل يجب تحديده طبقاً لمادة معينة من قانون معين يعتبر من قبيل الأحكام القطعية التي يمتنع على المحكمة إصدار حكم آخر بتعيين أساس آخر لتحديد الأجر، وكان الحكم التمهيدي قد حدد الطريقة التي يتعين على الخبير إتباعها على الوجه المتقدم فإنه يكون حكماً قطعياً يمنع المحكمة من إتباع طريق آخر في تحديد الأجر ولا يجوز لها من بعد العدول عما فصلت فيه ويحوز هذا الحكم حجية الأمر المقضي وتنسحب هذه الحجية على أسبابه باعتبارها مكملة للمنطوق. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يستأنف هذا الحكم وبذلك صار نهائياً حائزاً حجية الشيء المحكوم فيه كما سلف، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالنسبة إلى الطاعن يكون متفقاً وصحيح القانون.
2 – تسري أحكام المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 الصادر من 9 ديسمبر سنة 1942 على جميع العمال الذين عينوا بعد 30 يونيه سنة 1942 سواء كان تاريخ تعيينهم سابقاً أو لاحقاً لتاريخ سريان هذا الأمر ونفاذه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى قصر تطبيق المادة الثالثة من الأمر العسكري المشار إليه على العمال الذين عينوا قبل تاريخ العمل بهذا الأمر وأحقية كل من عين بعد ذلك في إعانة غلاء المعيشة كاملة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 – ليس في قوانين العمل ما يلزم صاحب العمل بوضع كادر للعلاوات لعماله ومن حقه أن يعتبر كل زيادة في الأجر إعانة غلاء وليست علاوة دورية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض اعتبار الزيادة في الأجر إعانة غلاء يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه.
ولما كان خطأ الحكم قد حجبه عن بحث مدى توافر شروط تطبيق المادة 3 من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 في أجور المدعين بالحقوق المدنية وعن تحديد الزيادة التي طرأت على أجورهم فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
4 – جرى قضاء محكمة النقض على أن التشريع الصادر لفترة محددة ينبغي أن يتضمن تحديداً صريحاً لها، فلا يكفي أن يكون التحديد ضمنياً مستفاداً من ظروف وضع التشريع وملابساته.

الوقائع
أقام المدعون بالحقوق المدنية هذه الدعوى بالطريق المباشر أمام محكمة عابدين الجزئية ضد الطاعن بوصف أنه في خلال المدة من أول مارس سنة 1950 إلى تاريخ رفع الدعوى بدائرة قسم عابدين: خالف أحكام الأمرين العسكريين رقمي 358 لسنة 1942 و99 لسنة 1950 بشأن إعانة غلاء المعيشة وطلبوا معاقبته بالمادتين 7 و8 من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 والمادة 7 من الأمر رقم 99 لسنة 1950 وإلزامه أن يدفع إليهم مبلغ قرش صاغ ثم عدلوا طلباتهم إلى مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل للاطلاع على الأوراق… وبيان ما إذا كان المتهم قد أعطاهم كامل ما يستحقونه من إعانة غلاء معيشة فترة عملهم تطبيقاً للأوامر العسكرية الصادرة بتقريرها وزيادتها وما قد يستحقه كل منهم قبله من فروقها طول هذه المدة… إلى آخر ما جاء بهذا المنطوق وقد أورد الحكم المذكور في أسبابه بعدم أحقية العمال الذين عينوا بعد 1/ 3/ 1950 إعانة غلاء المعيشة ثم قضت حضورياً (أولاً) بتغريم المتهم خمسة جنيهات عن كل عامل من المدعين بالحق المدني عدا الخامس والحادي والعشرين وألزمته أن يدفع لكل منهم فرق إعانة غلاء المعيشة المستحقة (ثانياً) أن يؤدي إلى المدعين عدا الخامس والحادي والعشرين مبلغ 41 ج تعويضاً مؤقتاً ومصاريف الدعوى المدنية ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – وبعد أن دفع المدعون بالحق المدني والمتهم (أولاً) بعدم جواز الاستئناف (ثانياً) بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها (ثالثاً) بتقادم حق المدعين بخمس سنوات – قضت حضورياً في الدفع الأول برفضه وبقبول الاستئناف شكلاً ثم قضت في موضوع الاستئناف (أولاً) في الدعوى الجنائية ( أ ) بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسة جنيهات دون تعدد العقوبة (ب) بقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالنسبة إلى المدعين الثالث والرابع والسادس والسابع والتاسع والعاشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والسابع عشر والواحد والعشرين وبإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه بالنسبة إليهم (ثانياً) في الدعوى المدنية 1 – بقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالنسبة إلى المدعين سالفي الذكر ورفض دعواهم المدنية وألزمتهم مصاريفها عن الدرجتين. 2 – بقبول دفع المتهم بتقادم حق المدعين بخمس سنوات وبتعديل المبلغ المحكوم به بالنسبة إلى المدعين الأول والثاني والثامن والحادي عشر والسادس عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين وألزمتهم المصاريف عن الفروق المحكوم بها لكل منهم. 3 – تأييد الحكم بالنسبة لما قضي به بالنسبة إلى المدعي الخامس في الدعويين. 4 – تعديل التعويض المحكوم به إلى ثلاثين جنيهاً بالتساوي بين الثمانية عمال المحكوم لهم ورفض دعوى التعويض للآخرين مع المقاصة في أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما طعن فيه المدعي بالحق المدني… إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن المحكوم عليه على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بمخالفة الأمرين العسكريين رقمي 358 لسنة 1942 و99 لسنة 1950 بشأن إعانة غلاء المعيشة قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ذلك بأن الطاعن قد تمسك في دفاعه بوجوب احتساب إعانة الغلاء للمدعين بالحقوق المدنية على أساس نص الفئات المبينة بالأوامر العسكرية المقررة لها لأنهم عينوا بعد 30 يونيه سنة 1941 وذلك تطبيقاً للمادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 والمادة السابعة من الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 والفقرة العاشرة من البيان التفسيري للأمر الأخير باعتبار أنه قد روعي في تحديد أجورهم حالة غلاء المعيشة ولأن ما يتقاضونه من أجر لا يقل عما يمنح لأمثالهم في العمل غير أن الحكم أطرح هذا الدفاع مقرراً أنه لتطبيق المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 يجب أن يكون العامل قد عين بعد 30 يونيه سنة 1941 وقبل أول ديسمبر سنة 1942 أما من التحق من العمال بالعمل بعد صدور الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 فلا يحق لرب العمل منحهم نصف الإعانة وهذا الذي ذهب إليه الحكم يخالف نص المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 والأوامر العسكرية اللاحقة له والبيان التفسيري للأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 وهي صريحة في استمرار سريان تطبيق هذه المادة بصورة مطلقة ولم تفرق بين من عينوا قبل صدور الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 ومن عينوا بعده، كما تمسك الطاعن أيضاً في دفاعه بوجوب احتساب العلاوات غير محدودة التسمية التي سبق منحها إلى المدعين بالحقوق المدنية ضمن إعانة غلاء المعيشة وذلك تطبيقاً للمادة الخامسة من البيان التفسيري المرافق للأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 باعتبار أنه لا يوجد ثمة اتفاق يلزمه بمنح هذه العلاوات وهي ترفع إعانة الغلاء التي حصل عليها المطعون ضدهم إلى فئات إعانة الغلاء الكاملة إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع استناداً إلى أن الطاعن وقد أوفى بتلك العلاوات مع أنها ليست إعانة غلاء فليس له أن يصرفها غير هذا المصرف بعد ذلك عملاً بالمادتين 344 و345 من القانون المدني بشأن الوفاء بالديون عند تعددها وهو تطبيق خاطئ للقانون لأن العلاوة غير محدودة التسمية لم تكن أصلاً ديناً على الطاعن بل محض تبرع ولا تدخل بهذه المثابة في نطاق تطبيق هاتين المادتين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين وقائع الدعوى بقوله إنها تتحصل في أن المدعين بالحق المدني أقاموها بالطريق المباشر بصحيفة معلنة 31/ 7/ 1956 قالوا فيها أن الثلاثة عشر الأولين منهم يعملون في الدار الصحفية التي يملكها المتهم وأن الباقين كانوا يعملون في خدمته حتى حولوا إلى جريدة الجمهورية اعتباراً من 1/ 9/ 1953 وأن المتهم دأب على مخالفة الأمر العسكري 99 لسنة 1950 بحرمانهم من إعانة الغلاء التي يستحقونها طبقاً لذلك الأمر بتطبيق المادة 3 من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 والتي تقضي بحقه في أن يمنح عماله نصف إعانة الغلاء المقررة بشروط وردت فيها في حين أن شروط انطباق تلك المادة غير متوافرة بالنسبة لهم الأمر الذي يكون معه المتهم قد خالف نص المادة 7 من الأمر 99 لسنة 1950 والمادتين 7 و8 من الأمر 358 لسنة 1942 وانتهوا إلى طلب عقاب المتهم بالمواد المذكورة وإلزامه بأن يؤدي لهم قرشاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت وفروق إعانة الغلاء المستحقة لهم ابتداء من أول مارس سنة 1950 والفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد ثم تنازلوا عن طلب الفوائد بجلسة 13/ 3/ 1957 وعدلوا طلب التعويض المؤقت إلى 51 ج وبجلسة 13/ 1/ 1959 حكمت محكمة الدرجة الأولى بندب مكتب خبراء وزارة العدل للاطلاع على الأوراق وما يرى الاطلاع عليه من مستندات وسماع من يرى لزوم سماعه من الشهود بغير يمين لبيان ما إذا كان المتهم قد أعطاهم كامل ما يستحقون من إعانة غلاء المعيشة مدة عملهم لديه طبقاً للأوامر العسكرية الصادرة بتقريرها وبزيادتها وما قد يستحق كل منهم قبله من فروقها طوال مدة النزاع. وقد أودع الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أحقية كل من المدعين عدا الخامس للمبالغ الموضحة به الذي حكمت به لكل منهم محكمة الدرجة الأولى فضلاً عن الغرامة والتعويض” لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه فيما قضى به من إدانة الطاعن وإلزامه بالتعويض قد أسس قضاءه على ما انتهى إليه الحكم الصادر من محكمة أول درجة بندب خبير في الدعوى في خصوص تفسيره للمادة 3 من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942، وكان هذا الحكم الأخير قد عرض لتطبيق المادة المذكورة بقوله “وحيث إن التطبيق الصحيح لأحكام المادة 3 من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 والتي أشارت إليها المادة – من البيان التفسيري الملحق بالأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 هو أن العمال الذين عينوا في الفترة من 30/ 6/ 1941 إلى 1/ 12/ 1942 تاريخ العمل بالأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 يستحقون نصف إعانة غلاء المعيشة المقررة بمقتضاه إذا تبين أنه روعي في تحديد أجورهم حالة غلاء المعيشة وعلى ألا يقل ما يمنحونه من أجر وإعانة غلاء عما يمنح لأمثالهم في نفس العمل فإذا لم يتوفر هذان الشرطان يستحقون هذه الفئات كاملة ثم تندرج نصف إعانة الغلاء أو إعانة الغلاء كاملة طبقاً للأوامر العسكرية التالية وحالتهم الاجتماعية. أما العمال الذين عينوا بعد 1/ 12/ 1942 تاريخ العمل بالأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 وهو أول إعانة غلاء المعيشة أو بعد 1/ 12/ 1943 تاريخ العمل بالأمر العسكري رقم 451 لسنة 1943 ثاني هذه الأوامر أو بعد 1/ 12/ 1944 تاريخ العمل بالأمر العسكري رقم 548 لسنة 1944 ثالث هذه الأوامر أو بعد 1/ 3/ 1950 تاريخ العمل بالأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 رابع هذه الأوامر فإن ما استقر القضاء عليه بالنسبة لهم هو أن المفروض قانوناً أن كل عامل معين في تاريخ معين بعد 1/ 12/ 1942 هو أن أجره يشمل إعانة غلاء المعيشة المقررة بمقتضى الأمر العسكري الذي ألحق بالعمل بعد صدوره وإلى ذلك يتعين زيادة إعانة غلاء المعيشة الكاملة المقررة لكل منهم إلى النسبة المقررة بالأمر العسكري التالي كاملة طبقاً لهم ولحالتهم الاجتماعية وذلك بزيادة الإعانة ذاتها إذا كان الأجر مفصلاً إلى أجر أساسي وإعانة غلاء المعيشة أو باعتباره شاملاً لها كاملة وبزيادتها وحدها على النحو الموضح بالمادة 3 من البيان التفسيري الملحق بالأمر العسكري رقم 89 لسنة 1950” كما عرض الحكم المطعون فيه لدفاع الطاعن بشأن تطبيق المادة 3 من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 ورد عليه بقوله “ومن حيث إنه بالنسبة لمجادلة المتهم في مدى تطبيق المادة 3 من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 فقد ردت عليه المحكمة تفصيلاً في الدعوى المماثلة المشار إليها بما توجزه في أنه مهما كان مجال تطبيق هذه المادة فإن المادة 2 من الأمر العسكري 99 لسنة 1950 والمادة 2 من البيان التفسيري الصادر بشأنه قد وضعت مبدأ مضمونه أنه إذا كان الأجر الأساسي للعمال موضحاً بالكشوف فإن العلاوة تعطى بالفئة الجديدة التي أوردها هذا الأمر على أساس اعتباره أجراً أساسياً تمنح بعده العلاوة بفئتها الجديدة أما إن لم يكن الأجر في الكشوف موضحاً به الأجر الأساسي وعلاوة الغلاء فيفترض فيه أنه يجمعهما بما يتعين معه استبعاد قيمة العلاوة بفئة الأمر العسكري 548 لسنة 1944 السابق للأمر 99 لسنة 1950 ثم احتساب العلاوة على أساس من المرتب الأساسي بالفئة الواردة بالأمر 99 لسنة 1950” ولما كان الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 الصادر في 9 ديسمبر سنة 1942 نص في ديباجته على “أن أحكامه صدرت نظراً لارتفاع نفقات المعيشة تبعاً لزيادة أسعار الحاجات الضرورية وما تتطلبه من ضرورة توفير مورد للعامل لمواجهة هذه الحالة بحيث توفر له القدر اللازم للمعيشة في أدنى الحدود المستطاعة “كما نص في المادة الأولى منه على أنه “يجب على أصحاب المحال الصناعية والتجارية أن يصرفوا للعمال الذين يشتغلون في هذه المحال إعانة غلاء المعيشة فوق مرتباتهم أو أجورهم بحيث لا تقل عن الفئات التي قررتها الحكومة لموظفيها وعمالها والمبين بالجدول المرافق لهذا الأمر” ونص في المادة الثانية على أنه “يتخذ أساساً لتحديد العلاوة الأجر الذي يتناوله العامل وقت صدور هذا الأمر ويدخل في حساب الأجر ما يكون قد منح له بصفة علاوة عادية ولكنه لا يشمل ما منح للعامل بصفة علاوة غلاء “ونص في المادة الثالثة على أنه “يمنح العمال الذين عينوا بعد 30 يونيه سنة 1941 إعانة غلاء المعيشة على أساس نصف الفئات المقررة بهذا الأمر إذا تبين أنه قد روعي في تحديد أجورهم حالة غلاء المعيشة على ألا يقل ما يمنحونه من أجر إعانة غلاء عما يمنح لأمثالهم في نفس العمل” وكانت المادة الثالثة من هذا الأمر بنصها المتقدم إنما تسري على جميع العمال الذين عينوا بعد 30 يونيه سنة 1941 سواء كان تاريخ تعيينهم سابقاً أو لاحقاً لتاريخ سريان هذا الأمر ونفاذه للأسباب الآتية: (أولاً) أن مؤدى القول بأن هذه المادة لا تعالج إلا الحالات السابقة على نفاذ هذا الأمر والتي جاءت تالية لآخر يونيه سنة 1941 أن يكون هذا الأمر قد تضمن تشريعاً صادراً لفترة محدودة وهو ما يتنافى مع ما هو مقرر من أن التشريع الصادر لفترة محددة ينبغي أن يتضمن تحديداً صريحاً لها فلا يكفي أن يكون التحديد ضمنياً مستفاداً من ظروف وضع التشريع وملابساته وقد جرى قضاء محكمة النقض على هذا النظر وذلك بالنسبة إلى الأوامر العسكرية التي تصدر لمناسبة الأحكام العرفية فعدها غير محددة المدة ولا جائزاً إبطال العمل بها إلا بناء على قانون يصدر بإلغائها وكذلك الشأن في قوانين التسعيرة والقوانين والقرارات التموينية فاعتبرها غير محددة المدة ما لم تتضمن تحديداً صريحاً لها، وإذ كان الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 قد خلا مما يدل على أنه محدد المدة فإنه يندرج تحت هذا الحكم (ثانياً) أنه لم يصدر قانون بإلغاء المادة الثالثة من الأمر 358 لسنة 1942 بل على العكس من ذلك صدرت الأوامر 548 في 19 ديسمبر سنة 1944 و102 لسنة 1945 و99 لسنة 1950 وقد تضمنت ديباجتها ديباجة الأمر 358 لسنة 1942 نفسها ونص في كل من تلك الأوامر على سريان الأحكام الأخرى في الأمر 358 لسنة 1942 والتي لا تتعارض مع نصوص كل من هذه الأوامر. (ثالثاً) أن البيان المفسر للأمر رقم 99 لسنة 1950 والذي تقدمت به الحكومة أمام اللجنة المالية بمجلس الشيوخ واعتبرته بياناً تفسيرياً ملزماً قرر في ديباجته “أنه يراعي في تفسير الأمر رقم 99 لسنة 1950 الخاص بزيادة إعانة غلاء المعيشة لموظفي ومستخدمي وعمال المحال الصناعية والمحال التجارية القواعد الآتية…” ثم ذكر البيان تحت البند العاشر نص الأمر العسكري الجديد في المادة السابعة منه على سريان بعض الأحكام المقررة في الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 ومن بينها المادة الثالثة (ثم أورد نصها) وبناء على ذلك يكون لأصحاب الأعمال حق تطبيق المادة المذكورة متى توافرت أركانها وشروطها. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى قصر تطبيق المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 على العمال الذين عينوا قبل تاريخ العمل بهذا الأمر وأحقية كل من عين بعد ذلك في إعانة غلاء المعيشة كاملة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بوجوب احتساب الزيادات في الأجر التي منحها للمدعين بالحق المدني ضمن إعانة غلاء المعيشة وأطرحه بقوله “ومن حيث إن دفع المتهم باحتساب الزيادات التي صرفها للمدعين بالحق المدني على أنها إعانات غلاء وليست علاوات أخرى فإنه في غير محله فإنه وقد – أوفاها على أنها ليست إعانات غلاء فليس له بعد ذلك أن يصرفها إلى غير ما وجهها له إذ حقه في تعيين الدين الذي يوفيه إنما يكون وقت الوفاء لا بعده عملاً بالمادتين 344 و345 من القانون المدني” ولما كانت قوانين العمل ليس فيها ما يلزم صاحب العمال بوضع كادر للعلاوات لعماله ومن حقه أن يعتبر كل زيادة في الأجر إعانة غلاء وليست علاوة دورية فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض اعتبار الزيادة في الأجر إعانة غلاء يكون قد أخطأ أيضاً في تطبيق القانون ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه. ولما كان خطأ الحكم قد حجبه عن بحث مدى توافر شروط تطبيق المادة 3 من الأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 في أجور المدعين بالحقوق المدنية وعن تحديد الزيادة التي طرأت على أجورهم فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من المدعى بالحقوق المدنية هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة إليه قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق، ذلك بأنه قد استند في قضائه إلى أن الطاعن لم يستأنف الحكم التمهيدي الصادر من محكمة أول درجة بندب خبير في الدعوى وهذا يخالف نص المادة 405 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بأنه لا يجوز قبل أن يفصل في موضوع الدعوى استئناف الأحكام التحضيرية والتمهيدية الصادرة في مسائل فرعية ويترتب حتماً على استئناف الحكم الصادر في الموضوع استئناف هذه الأحكام وما تنص عليه المادة 266 من هذا القانون من أنه يتبع في الفصل في الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة به أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الحكم التمهيدي الصادر من محكمة أول درجة قد قضى بعدم أحقية الطاعن وزملائه لفروق إعانة الغلاء فلا سند له من الأوراق إذ لم يقضِ الحكم بذلك بل كلف مكتب الخبراء ببحث حالات المدعين بالحقوق المدنية واحتساب ما قد يكون مستحقاً لكل منهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض للدفع المقدم من الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة إلى العمال المعينين في ظل الأمر العسكري 99 لسنة 1950 استناداً إلى أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بندب خبير في الدعوى هو حكم قطعي في شأنهم بقوله “من حيث إنه دفع المتهم بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للعمال المعينين في ظل الأمر العسكري 99 لسنة 1950 استناداً إلى قطعية الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى بتاريخ 6/ 1/ 1959 بندب خبير في الدعوى فإنه في محله، ذلك أنه وإن وصف هذا الحكم بأنه تمهيدي باعتباره قد انتدب خبيراً في الدعوى قبل الفصل في موضوعها إلا أنه وإن جاء منطوق الحكم غير قاطع في شأن أحقية هؤلاء العمال (المعينين بعد 1/ 3/ 1950 تاريخ سريان الأمر 99 لسنة 1950) إلا أنه أسبابه قد قطعت في شأن أحقيتهم وبالأدق عدم أحقيتهم في العلاوة المطالب بها إذ جاء في أسبابه “وأما العمال الذين عينوا بعد 1/ 12/ 1942 تاريخ العمل بالأمر العسكري رقم 358 لسنة 1942 وهو أول أمر إعانة غلاء المعيشة أو بعد 1/ 12/ 1963 تاريخ العمل بالأمر 451 لسنة 1943 ثان هذه الأوامر أو بعد 1/ 12/ 1944 تاريخ العمل بالأمر العسكري رقم 548 لسنة 1944 ثالث هذه الأوامر أو بعد 1/ 3/ 1950 تاريخ العمل بالأمر العسكري 99 لسنة 1950 رابع هذه الأوامر فإن ما استقر عليه القضاء بالنسبة لهم هو أن المفروض قانوناً أن كل عامل معين بعد 1/ 12/ 1942 هو أن أجره يشمل إعانة غلاء المعيشة المقررة بمقتضى الأمر العسكري الذي ألحق بالعمل بعد صدوره” بما يفهم منه أن من عين من العمال بعد 1/ 3/ 1950 فإنه لا يستحق إعانة غلاء باعتبار أن أجره يشملها. ولما كان ما تقدم، وكان المستقر عليه فقهاً وقضاء أنه وإن كان الأصل أن قوة الشيء المحكوم فيه وإن كانت لا تثبت إلا لمنطوق الحكم إلا أنها أيضاً تشمل ما اتصل به اتصالاً وثيقاً من الأسباب. وبناء على ما تقدم يكون حكم محكمة الدرجة الأولى الصادر في 6/ 1/ 1959 قد قطع في عدم أحقية العمال المعينين بعد 1/ 3/ 1950 ولا عبرة بوصفه بأنه تمهيدي (قبل الفصل في الموضوع) إذ العبرة بحقيقة الحكم لا بما وصف به. ومن حيث أن الحكم القطعي هو الحكم الذي يحسم النزاع في موضوع الدعوى أو في شق منه أو في مسألة متفرعة عنه سواء تعلقت هذه المسألة بالقانون أو بالوقائع ومن ثم يكون الحكم المذكور قطعياً وإذ لم يستأنفه المدعون في الميعاد فإنه يكون قد أصبح نهائياً حائزاً قوة الشيء المحكوم به ويكون دفع المتهم في محله”. لما كان ذلك، وكان الحكم القطعي هو الذي يحسم النزاع في موضوع الدعوى أو في شق منه والعبرة في وصف الحكم بأنه تمهيدي أو قطعي هي بحقيقة ما قضي به، ولا مانع من أن بعض المقضي به يكون في الأسباب، وكان يبين من الاطلاع على الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 6 يناير سنة 1959 بندب خبير في الدعوى أن ما نقله الحكم المطعون فيه عن أسباب هذا الحكم في شأن العمال المعينين بعد 1/ 3/ 1950 يطابق ما جاء به، وكانت هذه الأسباب قد قطعت في أن العمال المعينين بعد هذا التاريخ ومن بينهم الطاعن لا يستحقون إعانة غلاء المعيشة باعتبار أن أجرهم يشمل إعانة الغلاء المقررة بالأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 الذي عينوا بعد صدوره وهو آخر الأوامر العسكرية في شأن إعانة الغلاء. ولما كان الحكم الذي يقرر أن أجر العامل يجب تحديده طبقاً لمادة معينة من قانون معين يعتبر من قبيل الأحكام القطعية التي يمتنع معها على المحكمة إصدار حكم آخر بتعيين أساس آخر لتحديد الأجر وكان الحكم التمهيدي قد حدد الطريقة التي يتعين على الخبير إتباعها على الوجه المتقدم فإنه يكون حكماً قطعياً يمنع المحكمة من إتباع طريق آخر في تحديد الأجر ولا يجوز لها من بعد العدول عما فصلت فيه ويحوز هذا الحكم حجية الأمر المقضي وتنسحب هذه الحجية على أسبابه باعتبارها مكملة للمنطوق، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يستأنف هذا الحكم وبذلك صار نهائياً حائزاً حجية الشيء المحكوم فيه كما سلف، فإن الحكم فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالنسبة إلى الطاعن يكون متفقاً وصحيح القانون ويتعين لذلك رفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .