اخلاء المبنى المؤجر لغير أغراض السكني لاعادة البناء بشكل أوسع – القانون المصري

الطعنان 4095، 4175 لسنة 61 ق جلسة 27 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ج 1 ق 145 ص 730

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعه حسين، محمد الجابري نواب رئيس المحكمة وماجد قطب.
———-
– 1 نقض ” أسباب الطعن بالنقض . الأسباب الجديدة”.
دفاع جديد يخالطه واقع . عدم جواز التحدي به لأول مرة أما محكمة النقض .
لما كان الثابت من المستندات المقدمة من المطعون ضده الأول أمام محكمة أول درجة ومن تقرير الخبير أنه حصل على الترخيص اللازمة بالهدم وإعادة البناء، وأن الأوراق قد جاءت خلوا مما يفيد تمسك الطاعنون بأوجه الدفاع الأخرى الواردة بسبب النعي أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يجوز لهم إبداؤها لأول مرة أمام محكمة النقض لما تتضمنه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع.
– 2 دعوى “شروط قبول الدعوى . المصلحة في الدعوى”. دفوع ” من شروط قبول الدفع . المصلحة فيه”.
الدعوى والدفع . عدم قبولهما بغير مصلحة .
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه لا تقبل دعوى أو دفع بغير مصلحة وأنه ليس للخصم أن يتمسك بما لغيره من دفوع.
– 3 دعوى ” نظر الدعوى أمام المحكمة : الخصوم في الدعوى . أشخاص الخصومة”.
تعدد الخصوم في الخصومة الواحدة ولو كان إجبارياً . غير مانع من استقلال كل منهم . أثره . ليس لأى منهم الاحتجاج بدفاع خصم مثل معه في ذات الخصومة طالما لم يتبن هو هذا الدفاع .
المقرر – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن تعدد الخصوم ولو كان إجباريا في الخصومة الواحدة أمام المحكمة لا ينال من استقلال كل منهم ومسلكه فيها وحريته في إبداء ما يراه من دفوع ووسائل دفاع، وبالتالي فليس لأي من الخصوم الاحتجاج بدفاع خصم مثل معه في ذات الخصومة طالما أنه لم يشارك زميله فيه، ومن ثم فليس له استعمال حقه أو خلافته فيه، ومن ثم لا يعيب الحكم المطعون فيه أنه التفت عما أثاره الطاعنون في هذا الخصوص.
– 4 اختصاص . إيجار ” تشريعات إيجار الأماكن . الطعن في قرارات لجان المنشآت الآيلة للسقوط”. قرار إداري” اختصاص القضاء العادي بنظر قرارات اللجان الإدارية المشكلة وفقا لأحكام قانون إيجار الأماكن”.
قرارات للجان الإدارية المشكلة وفقا لأحكام قانون إيجار الأماكن . اختصاص القضاء العادي بنظرها ولو توافرت لها مقومات القرار الإداري . لا خروج في ذلك على قواعد الاختصاص الولائي . علة ذلك . م 167 من الدستور .
نص المشرع في المادتين 18،59 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على اختصاص القضاء العادي بنظر الطعون على قرارات لجان تحديد الأجرة وقرارات لجان المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة ولو توافرت لها مقومات القرار الإداري ولا يعد ذلك خروجا على قواعد الاختصاص الولائي عملا بالمادة 167 من الدستور التي نصت على أن يحدد القانون الجهات القضائية واختصاصاتها.
– 5 دعوى “نظر الدعوى أمام المحكمة . طلب التأجيل”. محكمة الموضوع ” سلطتها بالنسبة لإجراءات المحاكمة . في تأجيل نظر الدعوى”.
عدم التزام المحكمة بالاستجابة إلى طلب التأجيل متى تبين لها أن الدعوى مستوفاة . أثره . رفض طلب التأجيل . لا يعد إبداء للرأي مسبقاً في الدعوى .
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المحكمة غير ملزمة بأن تجيب طلب التأجيل متى تبين لها أن الدعوى مستوفاة وأن التأجيل ليس حقا للخصوم يتعين على المحكمة إجابته وإنما يرجع الأمر فيه إلى محض تقديرها واستعمال المحكمة حقها برفض طلب التأجيل لا يعتبر إبداء للرأي مسبقا في موضوع الدعوى.
– 6 نقض ” أسباب الطعن بالنقض . الأسباب الجديدة”.
تمسك الطاعن بدفاع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع . غير مقبول .
لما كان البين من الأوراق أنها قد جاءت خلوا مما يفيد تمسك الطاعنون بطلب تأجيل نظر الاستئناف الفرعي على النحو الوارد بوجه النعي الأمر الذي يكون معه النعي _ أيا كان وجه الرأي فيه _ غير مقبول لتضمنه دفاعا جديدا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
– 7 نقض ” أسباب الطعن . السبب المجهل”.
سبب الطعن . وجوب تعريفه تعريفاً دقيقاً بما ينفي عنه الغموض والجهالة مع تحديد العيب المنسوب إلى الحكم المطعون فيه ووضعه منه وأثره في قضائه وإلا كان النعي مجهلاً غير مقبول .
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن بيان سبب الطعن لا يتحقق إلا بالتعريف به تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منه كشفا وافيا نافيا عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منه العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه، لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يبينوا في وجه النعي على وجه التحديد كنه تلك المقدمات التي تضاربت مع النتائج وهذه الشرائط ذات الصيغة الهندسية والقانونية التي قصر الخبير في تحقيقها وأثر ذلك كله في قضاء الحكم المطعون فيه فإن هذا النعي يكون مجهلا وبالتالي غير مقبول.
– 8 إيجار” حقوق والتزامات طرفي العلاقة الإيجارية “.
إخلاء المبنى المؤجرة كل وحداته لغير أغراض السكنى لإعادة بنائه بشكل أوسع . شرطه . حصول المالك على موافقة المستأجرين جميعاً خلال المدة المقررة مع التعويض المقرر تخلف ذلك للمالك الحصول على حكم بالإخلاء قابل للتنفيذ بعد انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ النطق به وأدائه التعويض أو إيداعه المحكمة المختصة إيداعاً غير مشروط إلى ما قبل تنفيذ الحكم مادتان 49 ، 50 من ق 49 سنة 1977 عدم اشتراط إيداع التعويض قبل رفع دعوى الإخلاء . علة ذلك .
نص المشرع في الفقرة “د” من المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أن يقوم المالك بتوفير وحدة مناسبة بأجر مماثل ليمارس المستأجر نشاطه فيه وإلا التزم بتعويضه بمبلغ مساو للفرق ين القيمة الإيجارية للوحدة التي يتعاقد على ممارسة نشاطه فيها لمدة خمس سنوات أو للمدة التي تنقص إلى أن يعود إلى المكان بعد بنائه بذات القيمة الإيجارية الأولى أو يدفع مبلغا مساويا للقيمة الإيجارية للوحدة التي يشغلها خالية عن مدة عشر سنوات بحد أقصى قدره ألفا جنيه أيهما أكبر، وواضح من صياغة هذا النص أن المشرع لم يحدد موعدا لأداء هذا التعويض ولا طريقة أدائه وهو الأمر الذي تناولته المادة 50 من هذا القانون على النحو التالي” لا يلتزم المستأجرون بالإخلاء إلا بموافقتهم جميعا عليه وذلك بموجب خطابات لمالك موصى عليها مصحوبة بعلم الوصول أو بإقرارات كتابية منهم. فإذا انقضت ثلاثة أشهر على التنبيه بالإخلاء دون موافقة جميع المستأجرين جاز للمالك أن يلجأ إلى المحكمة المختصة للحصول على حكم بالإخلاء، ويكون هذا الحكم قابلا للتنفيذ بعد انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ النطق به ويشترط أداء التعويض المنصوص عليه في المادة السابقة أو إيداعه المحكمة المختصة إيداعا غير مشروط لصالح المستأجرين وإذ امتنع أي من المستأجرين عن تنفيذ الإخلاء في الموعد بالتنبيه المعلن إليهم من المالك بعد موافقة جميع المستأجرين أو بناء على حكم المحكمة المختصة وقيام المالك بأداء التعويض المستحق، جاز للمالك أن يستصدر من قاضي الأمور المستعجلة حكما بطرد الممتنع عن الإخلاء فورا، ومؤدى هذا النص الأخير أن التزام المستأجرين بالإخلاء رهن بموافقتهم جميعا وإلا حق للمالك الحصول على حكم بالإخلاء، ويكون هذا الحكم قابلا للتنفيذ بعد انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ النطق به، وأن يقوم المالك بأداء التعويض المنصوص عليه في المادة السابقة أو إيداعه المحكمة المختصة إيداعا غير مشروط لصالح المستأجرين وقد جاء النص صريحا وواضحا بأن المشرع أشترط أداء التعويض أو إيداعه بتنفيذ الحكم بالإخلاء الموضوعي فإذا ما امتنع المستأجرون عن التنفيذ جاز لمالك اللجوء إلى القضاء المستعجل للحكم بطردهم وما كان المشرع في حاجة إلى النص على ذلك في المادة 50 سالفة البيان ولو كان أداء التعويض أو إيداعه شرطا لقبول الدعوى يضاف إلى ذلك أنه من غير المستساغ عقلا تكليف المالك بأداء التعويض أو إيداعه قبل رفع دعوى الإخلاء أو أثناء نظرها لأنه ليس باستطاعة المالك التكهن بما تحكم به المحكمة في دعواه ولا يسوغ حرمانه من استغلال هذا المبلغ لصالح إذ قد تطول فترة التقاضي وقد لا يصدر الحكم بالإخلاء لسبب أو لآخر في الوقت الذي قد يقوم المستأجر باستلام مبلغ التعويض أو يقوم بصرفه لأن إيداعه غير مشروط ولا محل للقول بأن عرض التعويض قبل الدعوى فيه رعاية لمصالح المستأجرين حتى يستطيعوا مباشرة نشاطهم فور الإخلاء فهذا الادعاء مردود بأن المشرع قد راعى تنفيذ حكم الإخلاء بعد مهلة ثلاثة شهور من تاريخ النطق به وقد رأى المشرع أن هذه المهلة كافية لتدبير أمورهم، لما كان ذلك فإن النعي على اعتنقه الحكم المطعون فيه بأن أداء التعويض أو إيداعه شرط لتنفيذ الحكم بالإخلاء يكون على غير أساس هذا إلى أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده المالك قام بإيداع مبلغ – بخزينة محكمة استئناف القاهرة – قلم الودائع بتاريخ قيمة التعويض المستحق لحساب مستأجري محلات النزاع – وهذا الإيداع غير مشروط وقد تم الإيداع قبل صدور الحكم المطعون فيه، وعلى فرض أن أداء التعويض أو إيداعه من شروط قبول الدعوى فلا مانع في القانون أن تتوافر لدعوى شروطها أثناء نظرها.
– 9 محكمة الموضوع “سلطتها بالنسبة لفهم الواقع وتقدير الأدلة “
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة . من سلطة محكمة الموضوع عدم التزامها بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد استقلالاً مادام في قيام الحقيقة التي أوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج .
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها، ولها في حدود سلطتها الموضوعية أن تأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسباب التي أوردها في تقريره، وأنها غير مكلفة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالا على كل وجه أو قول ما دام قيام الحقيقة التي أوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.
– 10 إثبات ” إجراءات الإثبات : في ندب الخبراء . إعادة المأمورية للخبير”. محكمة الموضوع ” سلطتها بالنسبة لمسائل الإثبات . إعادة المأمورية للخبير”.
طلب إعادة المأمورية للخبير . عدم التزام محكمة الموضوع بإجابته .
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن محكمة الموضوع غير ملزمه بإجابة طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى رأت في أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، لما كان يبين من الحكم الصادر من محكمة أول درجة أنه أقام قضاءه برفض بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على سند من أن المستأجرين شاغلي العقارين رقمي 67،69 يستأجرون محلاتهم من المطعون ضده الأول – المالك – الذي يملك هذين العقارين بموجب العقد المشهر برقم….. لسنة ….. توثيق القاهرة وكان الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة قد انتهى إلى أن وجود بعض محلات النزاع ومنها محل الطاعن في منطقه ردود لا يجوز البناء عليها ولا تدخل أماكنها في الترخيص بالبناء الجديد إلا أن تلك المحلات تعوق عمليات البناء وتؤثر عليها وتعرقلها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحا إلى هدم تلك المحلات وهي في الأصل في ملك المطعون ضده إلا أنه عند إعادة البناء يتعين الالتزام بحدود التنظيم الجديد والارتداد الذي تفرضه وذلك لا يحول من أن يقوم المالك بهدمها وقد التزام المطعون ضده في رخصة البناء الجديدة بحدود التنظيم الجديدة، ومن ثم فإن هذا النعي لا يمنع من تطبيق حكم المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وإذا عول الحكم في قضاءه على تقرير الخبير محمولا على أسبابه ومن ثم لا يعيب الحكم التفاته عن طلب الطاعن بإعادة المأمورية إلى الخبير لتحقيق دفاعه.
———–
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المطعون ضده الأول في الطعنين أقام على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم وآخرين الدعوى رقم 8352 لسنة 1984 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العقارات محل النزاع، وقال بيانا لدعواه أنه يمتلك العقارات المبينة بالصحيفة والتي يشغلها الطاعنون وباقي المدعى عليهم باعتبار أن جميعها حوانيت، وقد حصل على التراخيص أرقام 2، 3، 4، 34، 35 لسنة 1983 من الإدارة الهندسية المختصة بهدم تلك العقارات وإعادة بناءها وزيادة مسطحاتها وعدد وحداتها وفقا للشروط والأوضاع المقررة في المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فأنذر المستأجرين بالإخلاء خلال مدة ستة أشهر إلا أنهم لم يمتثلوا فأقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره قضت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 8393 لسنة 105 ق القاهرة كما أقام الطاعن والمطعون ضدهم الرابع ومن الثامن عشر إلى العشرين في الطعن الثاني رقم 4175 لسنة 61 ق استئنافا فرعيا قيد برقم 2754 لسنة 108 ق القاهرة. وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئنافين قضت بتاريخ 22/5/1991 في الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف وبإجابة المطعون ضده الأول إلى طلباته وفي الاستئناف الفرعي بقبوله بالنسبة للمستأنف عليه الأول (الطاعن….) وبعدم جوازه بالنسبة لباقي المستأنف عليهم وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به عدا شقة الأخير الخاص برفض الدعوى بحالتها. طعن الطاعنون ورثة المرحوم…. ، ….. في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 4095 لسنة 61 ق كما طعن عليه أيضا الطاعن…. بالطعن رقم 4175 لسنة 61 ق. وقدمت النيابة مذكرة في كلا منهما أبدت فيها الرأي برفضهما. وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما وفيها أمرت بضم الطعن الأخير إلى الطعن الأول والتزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولا: عن الطعن رقم 4095 لسنة 61 ق:
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا في دفاعهم بأن المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي أجازت لمالك المبنى المؤجرة كل وحداته لغير أغراض السكنى هدمه لإعادة بناءه بشكل أوسع اشترطت حصوله على التصاريح والتراخيص اللازمة للهدم والمتضمنة بناء وحدات جديدة تصلح لذات الغرض التي تستخدم فيه الوحدات المرخص بهدمهما وبشرط ألا تقل مسطحات أدوار المبنى الجديد عن أربعة أمثال مسطحات المبنى القديم وأن يشتمل المبنى الجديد على وحدات سكنية أو فندقية لا تقل عن 50% من مجموع مسطحاته، وإذا خلت أوراق الدعوى ومستنداتها من وجود رخصة الهدم وكانت المحكمة المطعون في حكمها لم تتحقق من توافر هذه الشروط المشار إليها فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الثابت من المستندات المقدمة من المطعون ضده الأول أمام محكمة أول درجة ومن تقرير الخبير أنه حصل على التراخيص اللازمة بالهدم وإعادة البناء، وأن الأوراق قد جاءت خلوا مما يفيد تمسك الطاعنون بأوجه الدفاع الأخرى الواردة بسبب النعي أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يجوز له إبداؤها لأول مرة أمام محكمة النقض لما تتضمنه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع. ومن ثم يضحى هذا النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون إنه كان يتعين على محكمة الموضوع أن توقف الفصل في الدعوى الراهنة حتى يفصل في الطعن على قرار الهدم الذي مازال منظورا أمام محكمة القضاء الإداري إلا أنها التفتت عن هذا الطلب وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا تقبل دعوى أو دفع بغير مصلحة وأنه ليس للخصم أن يتمسك بما لغيره من دفوع أو دفاع. ولما كان الثابت في الأوراق أن هيئة الآثار المصرية هي وحدها التي طعنت على قرارات الهدم وتراخيص المباني المزمع إنشاءها بالطعنين رقمي 3192،
3193 لسنة 44 ق أمام محكمة القضاء الإداري، وكان من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تعدد الخصوم ولو كان إجباريا في الخصومة الواحدة أمام المحكمة لا ينال من استقلال كل منهم ومسلكه فيها وحريته في إبداء ما يراه من دفوع ووسائل دفاع، وبالتالي فليس لأي الخصوم الاحتجاج بدفاع خصم مثل معه في ذات الخصومة طالما أنه لم يشارك زميله فيه، ومن ثم فليس له استعمال حقه أو خلافته فيه، ومن ثم لا يعيب الحكم المطعون فيه أنه التفت عما أثاره الطاعنون في هذا الخصوص سيما وأن المشرع نص في المادتين 18، 59 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على اختصاص القضاء العادي بنظر الطعون على قرارات لجان تحديد الأجرة وقرارات لجان المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة ولو توافرت لها مقومات القرار الإداري ولا يعد ذلك خروجا على قواعد الاختصاص الولائي عملا بالمادة 167 من الدستور التي نصت على “أن يحدد القانون الجهات القضائية واختصاصاتها ومن ثم يكون النعي على غير أساس”.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولون أن المحكمة المطعون في حكمها التفتت عن طلب تأجيل نظر الاستئناف الفرعي قبل أن يكتمل شكله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المحكمة غير ملزمة بأن تجيب طلب التأجيل متى تبين لها أن الدعوى مستوفاة وأن التأجيل ليس حقا للخصوم يتعين على المحكمة إجابته وإنما يرجع الأمر فيه إلى محض تقديرها واستعمال المحكمة حقها برفض طلب التأجيل لا يعتبر إبداء للرأي مسبقا في موضوع الدعوى. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أنها قد جاءت خلوا مما يفيد تمسك الطاعنون بطلب تأجيل نظر الاستئناف الفرعي على النحو الوارد بوجه النعي الأمر الذي يكون معه النعي – أيا كان وجه الرأي فيه – غير مقبول لتضمنه دفاعا جديدا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بطلب إعادة الدعوى إلى الخبير وذلك لتضارب المقدمات مع النتائج وعدم تحققه من مدى توافر الشروط ذات الصيغة الهندسية والقانونية إلا أن المحكمة المطعون في حكمها لم تجيبهم إلى هذا الطلب مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن بيان سبب الطعن لا يتحقق إلا بالتعريف به تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منه كشفا وافيا نافيا عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منه العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه، لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يبينوا في وجه النعي على وجه التحديد كنه تلك المقدمات التي تضاربت مع النتائج وهذه الشرائط ذات الصيغة الهندسية والقانونية التي قصر الخبير في تحقيقها وأثر ذلك كله في قضاء الحكم المطعون فيه فإن هذا النعي يكون مجهلا وبالتالي غير مقبول.
ثانيا: عن الطعن رقم 4175 لسنة 61 ق:
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن أداء التعويض المنصوص عليه في القانون للمستأجرين المطلوب إخلاءهم أو إيداعه خزينة المحكمة المختصة لصالحهم إيداعا غير مشروط هو شرط لقبول دعوى الإخلاء إلا أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن الإيداع أو العرض لمبلغ التعويض هو شرط لتنفيذ حكم الإخلاء ورتب على حصول إيداع التعويض أثناء نظر الدعوى قضاءه بقبول الدعوى مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المشرع نص في الفقرة (د) من المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أن “يقوم المالك بتوفير وحدة مناسبة بأجر مماثل ليمارس المستأجر نشاطه فيه وإلا التزم بتعويضه بمبلغ مساو للفرق بين القيمة الإيجارية للوحدة التي يشغلها والقيمة الإيجارية للوحدة التي يتعاقد على ممارسة نشاطه فيها لمدة خمس سنوات أو للمدة التي تنقص إلى أن يعود إلى المكان بعد بنائه بذات القيمة الإيجارية الأولى أو يدفع مبلغا مساويا للقيمة الإيجارية للوحدة التي يشغلها خالية عن مدة عشر سنوات بحد أقصى قدره ألفا جنيه أيهما أكبر، وواضح من صياغة هذا النص أن المشرع لم يحدد موعدا لأداء هذا التعويض ولا طريقة أدائه وهو الأمر الذي تناولته المادة 50 من هذا القانون على النحو التالي “لا يلتزم المستأجرون بالإخلاء إلا بموافقتهم جميعا عليه وذلك بموجب خطابات للمالك موصى عليها مصحوبة بعلم الوصول أو بإقرارات كتابية منهم. فإذا انقضت ثلاثة أشهر على التنبيه بالإخلاء دون موافقة جميع المستأجرين جاز للمالك أن يلجأ إلى المحكمة المختصة للحصول على حكم بالإخلاء، ويكون هذا الحكم قابلا للتنفيذ بعد انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ النطق به ويشترط أداء التعويض المنصوص عليه في المادة السابقة أو إيداعه المحكمة المختصة إيداعا غير مشروط لصالح المستأجرين وإذ امتنع أي من المستأجرين عن تنفيذ الإخلاء في الموعد المحدد بالتنبيه المعلن إليهم من المالك بعد موافقة جميع المستأجرين أو بناء على حكم المحكمة المختصة وقيام المالك بأداء التعويض المستحق، جاز للمالك أن يستصدر من قاضي الأمور المستعجلة حكما بطرد الممتنع عن الإخلاء فورا، ومؤدى هذا النص الأخير أن التزام المستأجرين بالإخلاء رهن بموافقتهم جميعا وإلا حق للمالك الحصول على حكم بالإخلاء، ويكون هذا الحكم قابلا للتنفيذ بعد انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ النطق به، وأن يقوم المالك بأداء التعويض المنصوص عليه في المادة السابقة أو إيداعه المحكمة المختصة إيداعا غير مشروط لصالح المستأجرين وقد جاء النص صريحا وواضحا بأن المشرع اشترط أداء التعويض أو إيداعه لتنفيذ الحكم بالإخلاء الموضوعي فإذا ما امتنع المستأجرون عن التنفيذ جاز للمالك اللجوء إلى القضاء المستعجل للحكم بطردهم وما كان المشرع في حاجة إلى النص على ذلك في المادة 50 سالفة البيان لو كان أداء التعويض أو إيداعه شرطا لقبول الدعوى يضاف إلى ذلك أنه من غير المستساغ عقلا تكليف المالك بأداء التعويض أو إيداعه قبل رفع دعوى الإخلاء أو أثناء نظرها لأنه ليس باستطاعة المالك التكهن بما تحكم به المحكمة في دعواه ولا يسوغ حرمانه من استغلال هذا المبلغ لصالحه إذ قد تطول فترة التقاضي وقد لا يصدر الحكم بالإخلاء لسبب أو لآخر في الوقت الذي قد يقوم المستأجر باستلام مبلغ التعويض أو يقوم بصرفه لأن إيداعه غير مشروط ولا محل للقول بأن عرض التعويض قبل رفع الدعوى فيه رعاية لمصالح المستأجرين حتى يستطيعوا مباشرة نشاطهم فور الإخلاء فهذا الادعاء مردود بأن المشرع قد راعى تنفيذ حكم الإخلاء بعد مهلة ثلاثة شهور من تاريخ النطق به وقد رأى المشرع أن هذه المهلة كافية لتدبير أمورهم، لما كان ذلك فإن النعي على ما اعتنقه الحكم المطعون فيه بأن أداء التعويض أو إيداعه شرط لتنفيذ الحكم بالإخلاء يكون على غير أساس هذا إلى أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده المالك قام بإيداع مبلغ 22974.880 ج بخزينة محكمة استئناف القاهرة – قلم الودائع – بتاريخ 28/11/1989 قيمة التعويض المستحق لحساب مستأجري محلات النزاع، وهذا الإيداع غير مشروط وقد تم الإيداع قبل صدور الحكم المطعون فيه، وعلى فرض أن أداء التعويض أو إيداعه من شروط قبول الدعوى فلا مانع في القانون أن تتوافر للدعوى شروطها أثناء نظرها فيكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث والوجه الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت من تقرير الخبير أمام محكمة أول درجة أن العين المؤجرة له خارج نطاق التعامل أصلا وأن وجودها لا يعوق البناء إذ هي ملاصقة للأثر وبالتالي لا يجوز هدمها أو بنائها هذا إلى أن المحكمة المطعون في حكمها قد التفتت عن طلبه إعادة الدعوى إلى الخبير لمباشرتها في وجود هيئة الآثار بعد أن آلت إليها المساحة الأكبر من الأرض ويكون الدفع المبدي بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة له سنده الصحيح من الواقع والأوراق إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيرادا وردا عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها، ولها في حدود سلطتها الموضوعية أن تأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسباب التي أوردها في تقريره، وأنها غير مكلفة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقواله وحججهم وترد استقلالا على كل وجه أو قول مادام قيام الحقيقة التي أوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج، ومن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى رأت في أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم الصادر من محكمة أول درجة أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على سند من أن المستأجرين شاغلي العقارين رقمي 67، 69 يستأجرون محلاتهم من المطعون ضده الأول – المالك – الذي يملك هذين العقارين بموجب العقد المشهر برقم 4483 لسنة 1959 توثيق القاهرة، وكان الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة قد انتهى إلى أن وجود بعض محلات النزاع ومنها محل الطاعن في منطقه ردود لا يجوز البناء عليها ولا تدخل أماكنها في الترخيص بالبناء الجديد إلا أن تلك المحلات تعوق عمليات البناء وتؤثر عليها وتعرقلها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحا إلى هدم تلك المحلات وهي في الأصل في ملك المطعون ضده إلا أنه عند إعادة البناء يتعين الالتزام بحدود التنظيم الجديد والارتداد الذي تفرضه وذلك لا يحول من أن يقوم المالك بهدمها وقد التزم المطعون ضده في رخصة البناء الجديدة بحدود التنظيم الجديدة، ومن ثم فإن هذا النعي لا يمنع من تطبيق حكم المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وإذا عول الحكم في قضاءه على تقرير الخبير محمولا على أسبابه ومن ثم لا يعيب الحكم التفاته عن طلب الطاعن بإعادة المأمورية إلى الخبير لتحقيق دفاعه، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني والوجه الثاني من السبب الرابع مماثل – للسبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني من أسباب الطعن رقم 4095 لسنة 61 ق – والتي انتهت فيها المحكمة إلى رفضها على ما سلف بيانه في الرد على أسباب هذا الطعن.
ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .