كان المشرع العراقي قد خصص في القانون الأسبق، قانون الشركات التجارية لسنة1957، لتأسيس شركة المساهمة ، فصلا كاملا، هو الفصل الثالث من الباب الأول في شركات المساهمة، من الكتاب الثاني في شركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة ، المتكون من31 مادة(المواد37- 67) .وفي مقدمة هذه الاحكام ، ما نصت عليه المادة(37) من تقديم المؤسسين طلب الاجازة بتأسيس الشركة الى وزير الاقتصاد مرفقا به نسخة من عقد الشركة ونظامها الموقعين من مؤسسيها، الذين كان يجب ان لا يقل عددهم عن سبعة اشخاص ، على ان يصدق تواقيعهم الكاتب العدل او الموظف المخول بذلك في مديرية التجارة العامة .وما نصت عليه، بعد ذلك المادتان (41) و(42)، على التوالي ، من وجوب تحقيق الوزارة في عدم مخالفة تأسيس الشركة قواعد النظام العام والآداب العامة وعدم اضراره بالاقتصاد الوطني وعدم مخالفة عقد الشركة ونظامها احكام القانون ومن صدور الاجازة بتأسيس الشركة بقرار من الوزير خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسجيل الطلب، وعند مضي هذه المدة وعدم صدور الاجازة(اعتبار الطلب مرفوضا)، وان كان للمؤسسين الاعتراض على قرار الرفض امام مجلس الوزراء خلال ثلاثين يوما من تاريخه، مع اعتبار قرار مجلس الوزراء قطعيا ، وعدم حق المؤسسين في التقدم بطلب تأسيس الشركة مرة أخرى قبل مضي ستة اشهر. ثم ما نصت عليه المادة(43)، من قيام المسجل ، بعد صدور إجازة التأسيس، من استيفاء رسم التسجيل وتسجيل مضمون القرار مع البيان الكافية عن الشركة وإصدار شهادة التأسيس .وكنا قد علقنا ، في حينه ، على استلزام حصول مؤسسي شركة المساهمة على إجازة لتأسيسها بانه (وقد يعتبر استلزام الحصول على اذن مسبق من الحكومة في تأسيس شركة المساهمة ، وشركات الأموال عموما، اجراء وقائيا فعالا كفيلا بالحيلولة دون التحايل على القانون واستغلال الناس على وجه غير مشروع، بيد ان هذا النظام ،يشينه في الغالب، تعنت السلطة العامة في تطبيقه وتضحيتها أحيانا بالمبادئ القانونية والحريات الأساسية للأفراد في سبيل اعتبارات (الملاءمة) المتصلة بسياسة الحكومة او الوزارة)(1).

كما كنا قد علقنا على استلزام اتفاق سبعة اشخاص على الأقل على تأسيس هذه الشركة ، ان المشرع العراق (كان)(يستلزم وجود سبعة مساهمين في الشركة ابتداء (عند تأسيسها ) وبقاء (طيلة حياتها)، وان أي انخفاض في هذا العدد تترتب عليه نتائج خطيرة للغاية ، وبخاصة فيما يتعلق بمسؤولية الأعضاء عن ديون الشركة. هذا بالإضافة الى انه اذا انخفض عدد الأعضاء عن اثنين فإننا سنكون امام ظاهرة الشركة ذات الشخص الواحد societe unipersonnlle التي لا يمكن، في راينا ، اعتبارها (شركة) بالمعنى الصحيح للكلمة. اذ تنص المادة 318 من قانون الشركات التجارية على انه (إذا صار عدد أعضاء الشركة في وقت ما عضوا واحدا في الشركة ذات المسؤولية المحدودة أو انخفض الى أقل من سبعة في الشركات المساهمة وتعاطت الشركة أعمالها بهذا العدد مدة أكثر من شهرين فكل عضو فيها يكون قد علم بذلك (يصبح) ملزما بجميع ديون الشركة الناتجة عن أعمالها خلال المدة التي زاولت فيها أعمالها بذلك العدد أو يجوز رفع الدعوى عليه وحده وللمحكمة أيضا تقرير تصفية الشركة إذا كان قد مضى شهران على مزاولة أعمالها بالعدد المذكور ولم تستكمل النصاب القانوني المنصوص عليه في القانون))(2). في حين عالج المشرع في قانوني الشركات اللاحقين، رقم (36) لسنة 1983، ورقم (21) لسنة 1997، تأسيس الشركة المساهمة في الفصل الثاني بعنوان (إجراءات التأسيس) من الباب الثاني في (تأسيس الشركة) منهما، بالنسبة لجميع أنواع الشركات التي ينظمانها، باستثناء الشركة البسيطة. ويتكون هذا الفصل من تسع مواد (المواد 25 17 -) ابتداء بالمادة (17) المتضمنة أنه (يقدم طلب التأسيس الى مسجل الشركات ويرفق به: أولا- عقد الشركة. ثانيا- وثيقة اكتتاب مؤسسي الشركة المساهمة موقعة منهم. ثالثا- شهادة المصرف بإيداع النسبة القانونية من رأس المال). ثم نص المادة التالية (18) المتضمنة في الفقرة (أولا) منها تولي مسجل الشركات مفاتحة الجهات الاقتصادية المختصة ذات العلاقة بالنشاط المحدد في عقد الشركة للتأكد من انسجام هذا النشاط مع خطة التنمية والقرارات التخطيطية ،(واستحصال موافقتها على تأسيس الشركة)، وكذلك مفاتحة اية جهة أخرى او جب قانون او نظام او تعليمات استحصال موافقتها على تأسيس الشراكة ، مع الزام الفقرة(ثانيا) منها الجهات المذكورة بإبداء موافقتها او عدمها خلال ثلاثين يوما من تاريخ ورود الكتاب اليها .

بينما الزمت المادة (19) المسجل بإصدار قراره بالموافقة على طلب التأسيس او رفضه خلال ستين يوما من تاريخ تقديمه ، مع تخويل رئيس جهاز تسجيل الشركات بناء على طلب المسجل تمديد مدة النظر في الطلب ثلاثين يوما اذا اقتضت ذلك الإجراءات المنصوص عليها في المادة (18). كما الزمت المادة(20) المسجل اذا وافق على طلب التأسيس لتوافر شروطه ، دعوة المؤسسين او من يمثلهم لتوثيق عقد الشركة امامه او امام من يخوله من موظفي دائرته ولتسديد رسوم التأسيس ، وذلك خلال ثلاثين يوما من اليوم التالي لتاريخ تبليغ طالبي التأسيس ، مع تخويله، عند تخلف المؤسسين عن ذلك دون عذر مشروع ، اعتبارهم قد صرفوا النظر عن الطلب وتقرير حفظه . اما في حالة رفض المسجل طلب تأسيس الشركة ، فقد الزمت المادة (24) المسجل ببيان سبب الرفض ، مع منح طالبي التأسيس حق الاعتراض على قرار المسجل لدى رئيس جهاز تسجيل الشركات خلال ثلاثين يوما من اليوم التالي لتبليغهم به ، والزام رئيس الجهاز بالبت في الاعتراض خلال ثلاثين يوما من تقديمه بقرار قطعي . وانتهاء بالمادة (25) المتضمنة منح المؤسسين حق تقديم طلب جديد لتأسيس الشركة المرفوض تأسيسها (اذا انتفى سبب الرفض ).غير ان سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة)، بالرغم من عدم كونها السلطة المخولة بذلك ، قررت بأمرها المرقم 2004/64 تعديل معظم هذه المواد ، بصياغة معيبة عموما ، وتعليق العمل بكل من المادة (18) والمادة(20) والبند(أ) من الفقرة (أولا) وكذلك الفقرة (ثانيا) من المادة (21)، بما أدى اليه ذلك من نتائج أهمها :

أولا- عدم مفاتحة مسجل الشركات الجهة القطاعية المختصة او اية جهة أخرى لاستحصال موافقتها على تأسيس الشركة ، خلافا لما كانت تقتضيه المادة (18).

ثانيا- عدم دعوة مسجل الشركات مؤسسي الشركة او من يمثلهم قانونا لتوثيق عقد الشركة امامه او امام من يخوله من موظفي دائرته ولتسديد رسوم التأسيس …الخ خلال ثلاثين يوما من اليوم التالي لتبليغ طالبي التأسيس ، بما كان يترتب على تخلفهم عن ذلك دون عذر مشروع من اعتبارهم قد صرفوا النظر عن الطلب وتقرير حفظ الطلب، على ما كانت تقتضيه المادة (20).

ثالثا- وجوب كون الطلب التأسيس مرفقا به (شهادة المصرف او من المصارف تثبت ان راس المال المطلوب قد اودع )، بدلا من كونه مرفقا به (شهادة المصرف بإيداع النسبة القانونية من راس المال)، حسبما كانت تتطلبه الفقرة (ثالثا) من المادة (17) قبل تعديلها.

رابعا- موافقة المسجل على طلب تأسيس الشركة ما لم يجد انه مخالف لنص في القانون، واعلانه موافقته عليه او رفضه له خلال (عشرة أيام)من تاريخ تسلمه الطلب، واصداره، اذا رفضه، قرارا خطيا يوضح فيه أسباب الرفض، واصداره اخطارا خطيا بقراره الموافق او الرافض في تاريخ اتخاذه، خلافا لما كانت تنص عليه المادة(19) قبل تعديلها، خصوصا من حيث وجوب اصدار المسجل قراره بالموافقة او الرفض خلال (ستين يوما) من تاريخ تقديم طلب التأسيس ، مع عدم اصدار شهادة بتأسيس الشركة دون دفع الرسوم.

خامسا- نشر المسجل قرار الموافقة على تأسيس الشركة في النشرة الخاصة بالشركات، بدلا مما كان ينص عليه البند(أ) من الفقرة (أولا) من المادة(21)من وجوب نشر القرار، بالإضافة الى ذلك، في صحيفة يومية لمرة واحدة في الأقل وإصدار شهادة تأسيس الشركة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ اخر نشر .

سادسا- الزام المسجل، في حالة رفضه طلب تأسيس الشركة، ببيان سبب الرفض مكتوبا ومذكورا فيه النصوص القانونية التي انتهكت والوقائع المتعلقة بكل انتهاك ،مع حق طالب تأسيس الشركة في الاعتراض على قرار المسجل بالرفض امام وزير التجارة خلال(30)يوما من يوم التبليغ ، والزام الوزير بالبت في الاعتراض خلال (30)ثلاثين يوما من تاريخ تقديمه، وحق طالب التأسيس اذا كان قرار الوزير بالرفض الطعن في قراره امام محكمة مختصة خلال أيضا(30) ثلاثين يوما، بدلا مما كانت تنص عليه المادة(24) من اعتراض طالبي التأسيس على قرار المسجل بالرفض لدى رئيس جهاز تسجيل الشركات وبت رئيس الجهاز في الاعتراض بقرار قطعي . وبغض النظر عن الطريقة غير الدستورية التي جرت بها هذه التغييرات ،فان (التعديل ) الجديد ، كما قيل بحق (قد استجاب لمتطلبات السرعة والتبسيط في الإجراءات اذ اتسم بشكل عام بتبسيط إجراءات التأسيس وتقليص مدتها)(3) .

______________

1- اكرم ياملكي ،الوجيز في شرح القانون العراقي التجاري ، الجزء الثاني في الشركات التجاري، الطبعة الثانية ، بغداد1972، بند72، ص119.

2- نفس الوجيز، الجزء الثاني في الشركات التجارية ، بند74 ،ص121

3- الدكتور حسين توفبق فيض الله ، مستجدات قانون الشركات العراقي، جامعة صلاح الدين ، أربيل 2006، ص 120.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .