الاجراءت التى يتخذها مجلس الامن فى حالة تهديد السلم والاخلال به ووقوع العدوان .

هذا هو عنوان الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة والذى يعالج الاجراءت التى يقوم بها مجلس الامن فى حالات تهديد الامن والسلم الدوليين ، او الاخلال بهما ، او فى حالة وقوع العدوان ، وهى الفرع الثانى الذى يتعامل به مجلس الامن لانجاز مهمته الاساسية وهى الحفاظ على الامن والسلم الدوليين .
مما لاشك فيه ان هنالك بعضا من المنازعات الدولية لايمكن ان تحل بالطرق السلمية المنصوص عليها فى المادة (33\1) من الميثاق كما لا يستطيع مجلس الامن ان يلزم الاطراف المتنازعة بانهاء مظاهر النزاع باستعمال سلطاته المنصوص عليها فى المواد (34- 36- 37- 38) من الميثاق ، عليه فان تلك المنازعات تحتاج الى توصيفات ,واجراءت اخرى تبيح للمجلس التدخل المباشر لحسمها .

تنص المادة (39) من الميثاق على االاتى (يقرر مجلس الامن ما اذا كان ما وقع قد وقع تهديد للسلم او اخلال به او كان ما وقع عملا من اعمال العدوان ، ويقدم فى ذلك توصياته او يقرر ما يجب اتخاذه من تدابير طبقا لاحكام المادتين (41- 42) من الميثاق لحفظ الامن والسلم الدولى او اعادته الى نصابه . فالمادة (41) على صلاحيات المجلس فى اتخاذ التدابير التى التى لا تتطلب استخدام القوات المسلحة مثل وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والبريدية والجوية والبرقيةوالللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات ، اما المادة (42) فهى التى تعطى الحق الى مجلس الامن –فى حالة ثبوت ان المادة (41) لا تفى بالغرض – بان يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الاعمال ما يلزم لحفظ السلم والامن الدولى او لاعادته الى نصابه .

هذه هى المواد التى يستند عليها مجلس الامن فى اتخاذه اجراءت تيدأ بالعقوبات الاقتصادية وتنهى بالتدخل العسكرى المسلح المباشر فى سبيل الحفاظ على السلم والامن الدوليين او لاعادته الى نصابه . ومن المفروض ان يلجأ المجلس اولا الى التدابير غير العسكرية فان لم تنجح استخدم القوات المسلحة ، مالم يكن الموقف يستدعى الالتجاء مباشرة الى التدابير العسكرية

الرأى الغالب فى القانون الدولى ان ان مجلس الامن يتمتع بصلاحيات واسعة فى سبيل الحفاظ على الامن والسلم الدوليين ولهذا فان مجلس الامن قد قام بانشاء محاكم دولية لمحاكمة مجرمى الحرب فى البوسنة والهرسك . ورواندا بالرغم من عدم وجود اى نص فى الميثاق يعطىه هذا الحق وهى صلاحية وجدت الاساس القانونى من ان هنالك من الفظائع التى تحدث اثناء الحروب ما يؤثر فى الامن والسلم الدوليين وان على مجلس الامن فى سعيه للحفاظ علىيهما ان يقوم بمحاكمة الاشخاص الذين تسببوا فى تلك الفظائع , ويرى البعض انه اذا كان مجس الامن يتمتع بصلاحية استعمال القوة لوقف الحروب ، فانه من الطبيعى ان يكون باستطاعته اتخاذ اجراءت قانونية لمحاكمة المسؤليين من تلك الحروب ، وما يرتكب خلالها من جرائم ، وذلك بهدف معاقبة الفاعليين وردع من تسول له نفسه الاخلال بالسلم العالمى مستقبلا .

ومن امثلة المحاكم التى كونها مجلس الامن استنادا على صلاحياته فى الحفاظ على الامن والسلم الدوليين تلك التى تم تكوينها لمحاكمة مجرمى حروب البلقان بوسط آسيا ، وحروب البحيرات العظمى فى افريقيا ، وهو نموزج قانونى لتلك الصلاحيات وقد تم اتخاذ تكوين تلك المحاكم بقرار منفرد للمجلس بموجب الفصل السابع من الميثاق ، اضافة الى القرارت التى اتخذها المجلس لاقامة محاكم جنايات وصفت بانها ذات طابع دولى عن طريق اتفاقيات ثنائية بين الامم المتحدة وسلطات الدول التى قامت فيها حرب اهلية او اضطرابات ارتكبت خلالها جرائم ضد الانسانية يعاقب عليها القانون الدولى اضافة الى جرائم اخرى يعاقب عليها القانون المحلى كما حدث فى كمبوديا وسيراليون .

ليس هنالك من شك بان لمجلس الامن بموجب ميثاق الامم المتحدة صلاحيات واسعة للحفاظ على الامن والسلم الدوليين ، وفد وضح من خلال تجارب تعامل مجلس الامن مع كثير من النزاعات بان هنالك صلاحيات لا تحدها حدود واضحة لحسم اى نزاع يرى انه قد يؤثر على السلم والامن الدوليين سواء اكان ذلك بتشكيل محاكم دولية كما حدث فى حروب البلقان ورواندا ، او محاكم ذات طابع دولى كما حدث اخيرا فى جريمة اغتيال الرئيس اللبنانى المرحوم رفيق الحريرى وليس من اعتراض من حيث البدأ على تشكيل تلك المحاكم ، ولكن الهاجس الاكبر الذى يؤرق ضمير العالم هو تسيس تلك المحاكم واستعمالها كآداة لفرض هيمنة الدول الكبرى باعتبارها صاحبة القرار النهائى فى توصيف النزاع وكيفية التعامل معه., على كل فان تجارب مجلس الامن مع التعامل مع كثير من المنازعات الدولية لا يبعث على الاطمئنا ن -لوجود ظلال سياسية – كما يرى كثير من المختصين – ادت الى اخظاء فادحة كما فى اسباب الحرب على العراق .

لا شك فى ان على مجلس الامن مراعاة الضوابط القانونية ومبادىء العدالة ا المنصوص عليها فى الميثاق كما يجب عليه التقيد الصارم بصلاحياته دونما توسع فى تفسير النص مهما بلغت الدواعى لذلك ، وهذا ياتى من باب المحافظة على استقلالية المجلس وممارسة دوره فى الحفاظ على السلم والامن الدوليين بعيدا عن اهواء الدول الكبرى من ناحية ، وتحجيم دور حق الفيتو الذى يؤدى فى كثير من الاحيان الى قلب الحقائق من ناحية اخرى ، وتفادى اخطاء التصويت على قرارات قد تكون مصيرية فى الامم من ناحية ثالثة . لهذا فان خروج مجلس الامن فى قراراته عن القانون الدولى ، لا بل عن الصلاحيات الممنوحة له فى الميثاق ، امر مقلق ويحظى باهتمام بالغ من اهل القانون ، خاصة الاكاديميين منهم ، لكنه لا يلقى الاهتمام الواجب من قبل اهل الحكم وباحثى ومنظرى العلوم السياسية .

على كل فانه واعمالا لقاعدة اعمال النصوص القانونية ونأيا عن اتهام التشريعات الدولية بالتزييد بغير حاجة فاننا نرى انه يجب على مجلس الامن ان يتمهل فى التدخل فى المنازعات الدولية حتى وان كانت تشكل تهديدا للسلم والامن الدوليين حتى تتمكن الدول المتنازعة من اللجوء الى الطرق السلمية التى حددتها المادة (33) من الميثاق ، ولكنه واستنادا الى سلطات مجلس الامن الواسعة تحت المواد (34) و(37) و (39) فان له ان يتدخل مباشرة لحل النزاع فى حالات الضرورة ، وهذا ما أكد عليه مندوب الولايات المتحدة الامريكية فى مناقشات مؤتمر سان فرانسسكوا السابق الاشارة اليه .