إثبات نسب

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

أيدت المحكمة الاتحادية العليا دعوى أقامها زوجان لإثبات نسب طفلهما، الذي ولد قبل نحو تسعة أشهر من زواجهما رسمياً، إذ تزوجا بعقد عرفي في نهاية ‬2009، وأنجباه قبل أن يقررا الزواج بعقد رسمي. وأكدت هيئة المحكمة في الحيثيات، أن «النسب يثبت بالفراش أو الإقرار أو بالبينة أو بالطرق العلمية، وقد أقر الزوج بذلك وببنوة الولد».

وفي التفاصيل، أقامت زوجة دعوى أحوال شخصية ضد زوجها، تطلب فيها إثبات نسب ابنها المولود في ‬13 يونيو ‬2011، من زوجها، موضحة أنها تزوجت منه بعقد زواج صادر بتاريخ السابع من مارس ‬2012.

وقضت محكمة أول درجة حضورياً برفض دعوى المدعية، ثم استأنف زوجها هذا الحكم، فقضت محكمة الاستئناف بالإجماع بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً.

ولم يلق الحكم قبولاً لدى الزوج، فطعن عليه بالطعن الماثل، وقدمت النيابة مذكرة برأيها بتفويض الرأي لهيئة المحكمة.

وقال الزوج في دعواه، إن الحكم أخطأ في تطبيق الشرع والقانون حين قضى بتأييد الحكم المستأنف برفض دعوى زوجته، بنسب ولدها منه، موضحاً أنه تزوج بالمدعية زواجاً عرفياً توافرت فيه شروط الزواج الشرعي الصحيح كافة، وأن حكم رفض الدعوى قد أهدر، وتجاهل أدلة الإثبات الدالة على صحة الزواج كافة، المتمثلة في العقد العرفي وشهود إثبات صحة هذا الزواج، وشهادة والد زوجته ووليها، وأن الزواج كان في عام ‬2009، وقد أنجبت على فراش الزوجية الصحيح الولد، وقد أهدرت الحكمة هذه الأدلة، أخذاً بحجية الحكم الجزائي دون التطرق لبحث صحة الزواج من عدمه، ما يعيبه ويستوجب نقضه.

وأيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن الزوج إعمالاً بنص المادة (‬89) من قانون الأحوال الشخصية، على أنه «يثبت النسب بالفراش أو الإقرار أو بالبينة أو بالطرق العلمية إذا ثبت الفراش».

ونص بالمادة (‬90) من القانون ذاته على أن الولد للفراش إذا مضى على عقد الزواج الصحيح أقل مدة الحمل، ولم يثبت عدم إمكان التلاقي، وأن أقل مدة الحمل ‬180 يوماً، عملاً بنص المادة (‬91) من القانون ذاته، وأنه كما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون الأحوال الشخصية، لا خلاف بين الفقهاء أن أقلّ مدة الحمل ستة أشهر.

وأوضحت هيئة المحكمة أن المدعية أقامت هذه الدعوى ابتغاء إثبات نسب ابنها إلى والده، سنداً من أنه تزوجها وصاحب فراشها، وأنها أنجبت الولد منه على فراش الزوجية.

وقد أقر الزوج بذلك، وببنوة الولد، معتصماً بأن الزواج كان قد تم بعقد عرفي في عام ‬2009، وأن الزواج اللاحق ما هو إلا توثيق رسمي للزواج العرفي. وقد ثبت حسبما جاء بالحكم الجزائي الصادر في الدعوى الجزائية حضور والد المدعية ووليها، وقررا أنهما تزوجا عام ‬2009 بعقد زواج عرفي غير موثق، وتم عقد الزواج بمعرفته.

كما شهد شاهد بأن الطرفين تزوجا في أواخر عام ‬2009، بموجب عقد غير موثق، وأنه حضر مجلس ذلك العقد، وهو ما شهد به أمام المحكمة، ومن ثم يكون الولد قد ولد على فراش الزوجية، وبعقد زواج صحيح مضى على ولادته أقل مدة الحمل، وأقر الوالد ببنوة الولد، وبثبوت فراش الزوجية بما كان يتعين معه إثبات نسب الولد إلى والده. ولفتت إلى أن محكمة الاستئناف أخذت بحجية الحكم الجزائي الصادر في الدعوى الجزائية، الذي قد قضى بحبس كل من طرفي الدعوى الجزائية ثلاثة أشهر تعزيراً مع وقف تنفيذ العقوبة في اتهامها بجريمة الزنا.

ولما كان الحكم الجنائي لم يفصل فصلاً لازماً في شأن واقعة الزواج العرفي، وكان قضاؤه بعدم الاطمئنان إلى هذا العقد لا يعدّ فصلاً في صحة الزواج أو بطلانه، ومن ثم فإن الحكم الجزائي لا حجية له في شأن صحة الزواج العرفي من عدمه.

وإذ خلص حكم الاستئناف إلى رفض دعوى بثبوت النسب القائمة على العقد العرفي على سند من حجية الحكم الجزائي، على الرغم من أنه لم يفصل في صحة هذا العقد من عدمه، وكان قضاؤه الجزائي لا حجة له في الدعوى المطروحة، فإنه يكون معيباً، ما يوجب نقضه.