بحث قانوني هام عن إفراغ المستأجرين من المحلات التجارية وفق ظهير 24 ماي 1955

مأخوذ عن : مجلة المحاكم المغربية، عدد 11، ص 15

للأستاذ النقيب الطيب الساسي

مقدمــــة :

ان ظهير 24 ماي1955 يعد بحق من الناحية الاقتصادية اهم النصوص القانونية التي سنت بالمغرب وهو الذي ينظم ويحكم العلاقات بين المؤجرين. والمستأجرين للمحلات التجارية. كما انه يؤسس اخيرا حماية المستأجرين.

وعليه فان هذا الظهير اتى بتعديلات مهمة حول القواعد القانونية العادية المتعلقة بإيجار الشيء المنصوص عليه في الفصول : 626 الى 699 من مدونة العقود والالتزامات.
وان ظهير 21 مارس 1930 هو الذي اسس لاول مرة في المغرب حماية المستأجرين للاماكن التجارية. وان هاته الحماية كانت مماثلة للحماية التي وجدت اول الامر في فرنسا بمقتضى قانون فرنسي مؤرخ في 30 يونيو 1926.
وان ظهير 17 يناير1948 قد عدل هذا النظام – أي تلك الحماية – وبما ان التجربة القضائية هي الوحيدة التي تكشف اوجه النقص والتقصير في النصوص القانونية. فانه بعد سبع سنوات من هذه التجربة عدل المشرع المغربي بواسطة ظهير24 ماي1955 جميع التشريعات التي كانت تطبق في الموضوع.
وان ظهير 24 ماي1955 قد اصلح النقص الذي كان يسود التشريعات السابقة وان من اهم هذا النقص المكتشف كان في بلاد توجد فيه امية بنسبة كبيرة هو :

إلزام المستأجر بتقديم تجديد عقد الايجار قبل انتهائه بواسطة احترام شكليات خاصة ووصفية في نفس الوقت.

وان ظهير 24 ماي1955 المشابه للقانون الفرنسي المؤرخ في 30 يونيو1953 قد جعل حدا لتلك الوضعية في الوقت الذي نص فيه انه ابتداء من صدور هذا الظهير، فان عقود ايجار المحلات التجارية، لا تنتهي الا بواسطة انذار معلل يوجه من طرف مالك العين المؤجرة الى المستأجر مع احترام شكليات خاصة.
وانه أمام هذه المشكل يجب ان نتاكد جميعا وقبل كل شيء. هل يطبق ظهير 24 ماي1955 ام لا، وفي حالة تطبيقه يجب التحقق من الشروط المؤدية الى الافراغ.

ملاحظة عامة

قبل الدخول في الموضوع يجب التذكير بعدة مقتضيات قانونية عامة التي ستطبق على جميع حالات الافراغ، وان هاته المقتضيات تتعلق من جهة بمجال تطبيق الظهير ومن جهة أخرى بطريقة تطبيقه.

القسم الأول: مجال التطبيق

ان جميع عقود الايجار التجارية لا تستفيد من الحماية المنصوص عليها في ظهير 24 ماي1955، كما ان جميع المستأجرين التجاريين لا يستفيدون من تلك الحماية، وعليه فاننا سنتناول بالبحث الشروط المتعلقة بعقود الايجار وموضوعها والشروط المتعلقة بطرفي العقد.

الشروط المتعلقة بعقد الإيجار وموضوع هذا العقد نفسه

ان الفصل الاول من الظهير 24 ماي1955 ينص صراحة ان مقتضياته ستطبق على عقود الايجار المتعلقة بالعقارات التي تستغل فيها اعمال تجارية او صناعية او حرفية.
ويستنتج اذن ان عقود الايجار المتعلقــة بالمنقـولات كيفمـا كـان نوعهـا وموضوعهـا لا تتمتـع بحمايـة ظهيـــر 24 ماي1955.
وان عقود ايجار الاراضي البيضاء التي شيدت فيها اما قبل العقد او بعده بناءات تستعمل للتجارة او الصناعة او الحرفة تمتع بحماية ظهير 24 ماي1955 وكذا عقود الايجار المتعلقة بالاماكن الاضافية اللاحقة بالمتجر بشرط ان تكون ضرورية لاستغلال هذا المتجر وان مقتضيات ظهير 24 ماي1955 لا تطبق على العقود ذات الامد الطويل وكذا على العقود المتعلقة بالاملاك او الاماكن التابعة للاحباس ولو كانت تجارية.

وان مقتضيات ظهير 24 ماي1955 تطبق على عقود الايجار المتعلقة بالاماكن المستعملة للتجارة او الصناعة او الحرفة التي ابرمت مع الدولة او الجماعات العمومية، او المؤسسات العمومية في شان املاك او اماكن أعدت لمصالح وجدها الحال تستغل بمشاركة الدولة اما وقت ابرام العقد او قبله. وكذا على عقود ايجار الأملاك التي تشغلها مؤسسات التعليم او الصناعيون.

وهكذا فانه لا يستفيد من حماية ظهير 24 ماي1955 سوى الاملاك المستعملة للتجارة والصناعة والحرفة، والاماكن اللاحقة بها بشرط ان تكون ضرورية لاستغلال تلك الأماكن، الشيء الذي يبعد تطبيق مقتضيات هذا الظهير على عقود الايجار التي لا يمكن اعتبارها عقود ايجار عقارية.
وقد حكم بانه :
لا يعتبر كمكان بالحاسة القانونية.
1- عرض البضائع ( محكمة الاستئناف بباريس 24/2/1934).
2- الواجهات او الأكشاك ( المجلس الاعلى الفرنسي 2- 3 – ب 193: 23/4/58).
3- ايجار المتجر الذي سيعتبر كايجار منقول ( المجلس الاعلى الفرنسي – 27/2/1948 – 2/7/1952 .
وانه يستفاد مما سبق ان المشرع أراد بذلك حماية أملاك المحلات التجارية التي تتمتع بصفة مستقرة ودائمة.
وعليه فان المستأجر للمحل المؤقت كالذي يوجد في ممرات العمارات او على الارصفة، لا يستفيد كمستأجر في حماية ظهير 24 ماي1955.

الشروط المتعلقة بطرفي العقد

لا يكفي توفر المستأجر على عقد الإيجار للاستفادة من حماية ظهير 24 ماي1955 ولكن يجب اعتبار :
أ‌- ان يثبت انه استغل اما شخصيا او بصفته متخلى له المحل التجاري لمدة محدودة، وهذه المدة هي اربع سنوات بالنسبة للعقود الشفاهية غير المكتوبة وسنتان بالنسبة للعقود المكتوبة.
ويجب التذكير انه تسمى عقدت شفاهية جميع العقود بما فيها العقود الكتابية غير المحددة المدة.
انه لمعرفة مدة اربع سنوات او سنتين يجب اعتبار مدة الاستغلال حتى نهاية الإنذار بالإفراغ.
المحكمة المدنية بسيدي بلعباس 11/2/1950 –
ب‌- زيادة على الاستغلال المستمر طبقا لإحدى المدتين يجب وجود تجارة او صناعة او حرفة في المكان.
لا يمكن ان يكون هناك متجر وبالتالي وجود حماية في حالة عدم اكتساب المستأجر لصفة التاجر.
ج‌- يجب ان يكون الاستغلال التجاري حاليا – أي موجودا فعليا – وقد حكم :
بان المستأجر الذي وقف استغلاله.
والذي لا يزاول تجارته في المكان المناسب منذ سنوات
لاحق له في الحماية القانونية
( المجلس الاعلى الفرنسي 24/4/1931 – 19/21/32).
( محكمة الاستئناف بدون انسان6/1/48).
( المحكمة المدنية بباريز8/2/1952)
وانه لا يمكن افراغ المستاجر الذي يتوفر على الشروط القانونية السابقة الا في نطاق الشروط الخاصة التي ستذكر.

القسم الثاني: طريقة التطبيق

ان المبدأ الأساسي لظهير 24 ماي1955 هو تمتع المالك بحق انهاء العقد وطرد المستاجر بشرط ان يؤدى هذا المالك للمستأجر تعويضات عن هذا الطرد، تحدد من طرف محكمة الموضوع.
وانه تجب الاشارة الى ان مقتضيات الفصول 687 و688 و689 من مدونة العقود والالتزامات تنص على ان ايجار الشيء ينتهي بقوة القانون عند انتهاء مدة العقد، غير ان هذا العقد سيتجدد من تلقاء نفسه وبقوة القانون ولنفس المدة في حالة عدم توجيه الانذار وفي الوقت الذي تكون فيه العين المؤجرة تحت يد المستاجر.
وبصدور ظهير 24 ماي1955 وخلافا للقانون العادي، فان عقود الإيجار لا تنتهي الا بواسطة إنذار يوجه من طرف المالك الى المستأجر لاجل 6 اشهر تبدا من تاريخ استلام الانذار.
كما انه خلافا للقانون العادي فان التجديد التلقائي لعقد الايجار غير ممكن.

في حالة عدم النص على شرط التجديد التلقائي في العقد إذن :

في حالة انتهاء عقد الإيجار، وعدم وجود الإنذار للإفراغ فان عقد الايجار سيستمر من شهر الى شهر الى ان يوجه مالك العين المؤجرة الانذار الى المستاجر وهذا يجب ان يوجه بواسطة رسالة مضمونة الوصول، مع الاحتجاج بالتوصل.
او بواسطة كتابة الضبط طبقا لمقتضيات الفصول 55، 56، 57 من المسطرة المدنية والمشار اليها في الفصل 6 من ظهير 24 ماي1955 وانه يجب على المالك ان ينقل حرفيا في الانذار نص الفصل 27.
وان نقل وذكر مقتضيات الفصل 27 ضرورية، وانه في حالة عدم وجودها في الانذار فان هذا الاخير يصبح بدون نتيجة فعلية، وانه يعتبر باطلا حسب ما كان منصوصا عليه في ظهير 17 يناير1948.
وفي نطاق ظهير 24 ماي1955 فان المستاجر الذي توصل بالانذار في هذا الشكل – عدم نقل الفصل 27 – ولم يسجل دعوى الصلح في ظرف اجل 30 يوما المنصوص عليها في الفصل 27، فان له أجلا مفتوحا لتسجيل دعواه بتجديد العقد من غير ان يستطيع المكري التمسك بسقوط حق المستاجر في حقوقه المشار اليها في الفصل المذكور.
محكمة الاستئناف بالرباط 4/3/1940
محكمة الاستئناف بالرباط 4/3/1960
محكمة الاستئناف بالرباط 20/1/1961
محكمة الاستئناف بالرباط 2/11/1961.

وان نقل وسرد مقتضيات الفصل 27 في الانذار الموجه الى المستاجر غير كاف، وانه زيادة على ذلك يجب على المالك ان يوضح ويعلل سبب الافراغ او اسباب عدم تجديد العقد.
وان الانذار غير المتضمن لهذا الشرط، يصبح غير قانوني.
وان سبب الافراغ يجب ان يكون واضحا وذلك حسب الاجتهاد القضائي الثابت ( وان التسبيب غير التام لا يكفي ان تاخذ به المحكمة).
( محكمة الاستئناف بالرباط 20/1/61 – 15/4/1960)
وان المجلس الاعلى المغربي اعتبر ويعتبر ان الانذار غير المعين تعيينا واضحا، كالانذار الفاقد التعليل او كإنذار غير مرتكز على اساس صحيح.

وان هذا التوضيح يجب ان يتضمنه الانذار نفسه لكون هذا الاخير يعد نقطة الانطلاق للدعوى.
وان المشكل الذي كان مطروحا هو هل يمكن للمالك ان يبينه في انذاره او يبين ذلك اثناء جريان الدعوى، الشيء الذي ادى الى مناقشة قانونية طويلة جعلت المجلس الاعلى المغربي يصدر قرارا بتاريخ 16 ماي1961 ينص على :
( ان ذكر كلمة : الأسباب الخطيرة والقانونية في الانذار فقط لا تعتبر تعليلا كافيا.
وانه تقرر ان الانذار الموجه استنادا الى خرق شروط عقد الايجار يعد تعليلا كافيا في الوقت الذي يتبين فيه لقاضي الموضوع استنادا الى سلطته التقديرية.
انه لا يمكن للمستاجر ان يخلط في تلك المخالفات .
المجلس الاعلى 4/4/1962.

إذن :

هل يجب الارتكاز على الاسباب الواردة في الانذار او على الاسباب التي جاءت بعده.
وللجواب على ذلك يجب التفريق بين المالك الذي كان يعرف السبب الخطير وقت توجيه الانذار وبين الذي كان لا يعرفه.
وانه في حالة عدم معرفة المالك لهذا السبب الخطير الذي كان موجودا فعلا وقت الانذار لا يمكن لمحكمة الموضوع ان تستند عليه سواء كبديل للاسباب الواردة في الانذار او كمكملة لها.
محكمة النقض الفرنسية 10/12/1958
مجلة قصر العدالة 24/1/1951
محكمة الاستئناف بايكس، الغرفة الثاني دجنبر1958
وان الانذار غير المتضمن لسبب الافراغ لا يعتبر باطلا خلافا للقانون الفرنسي الذي يعتبره باطلا. وهذا هو الفرق بين ظهير 24 ماي1955 والقانون الفرنسي.
غير ان الاثر القانوني للانذار غير المتضمن لسبب معين للافراغ هو حرمان المالك من التمسك بالاجل المنصوص عليه في الفصل 27 ضد المستاجر الذي يتمتع في هذه الحالة باجل مفتوح.
ومن جهة اخرى فعلى المالك ان يؤدي تعويضا للمستاجر عن هذا الافراغ اذا أراد الحصول عليه.
هذا من جهة.

ويجب التذكير أخيرا بان الانذار يجب ان يوجه لاجل 6 اشهر كاملة حتى في الحالة التي ينص فيها العقد على عكس ذلك.

وانه اذا كان عقد الايجار حدد لمدد على شكل 3-6-9 او 2-4-8 مثلا فيجب ان يوجه الانذار قبل انقضاء المدة الاولى بستة اشهر.
وان الانذار الذي لم يوجه لاجل 6 اشهر كاملة يعتبر باطلا.
محكمة الاستئناف بالرباط 2/12/55
المجلة القانونية المغربية 15/2/1959

القسم الثالث: المسـطـــــرة

أولا – محاولة الصلح
ان على المستأجر الذي توصل بالإنذار القانوني ان يطلب في ظرف 30 يوما تجديـد عقــد الايجـار تطبيقـا لظهيــر 24 ماي1955.
قبل صدور هذا الظهير كان طلب تجديد العقد يوجه من طرف المستأجر إلى المؤجر بواسطة رسالة مضمونة الوصول وكان لزوما في هذه الحالة ان يسجل المالك نفسه، دعوى لمحاولة الصلح.
وان الفصل 27 من ظهير 24 ماي1955 ينص :
ان على المستاجر ان يرفع النازلة الى رئيس المحكمة الابتدائية للمكان الموجود فيه الملك، وذلك في ظرف اجل 30 يوما تحسب من يوم توصله بالإعلام المطالب فيه بالافراغ او من تاريخ جواب المالك المنصوص عليه في الفقرة 1 من الفصل 8.
وان رئيس المحكمة الاقليمية الذي اصبح بعد التوحيد هو الجهة المختصة سيحاول التوفيق بين الطرفين بعد استدعائهما، وان محاولة الصلح تعد مسطرة ضرورية.
محكمة الاستئناف بالرباط 11/7/1958
محكمة الاستئناف بالرباط 13/4/1962

وان عقوبة عدم احترام اجل 30 يوما من طرف المستاجر تعد عقوبة خطيرة بحيث ان الفصل 27 ينص الى الفقرة الثانية :
( سيسقط حق المكتري ويعتبر اذ ذاك اما كونه تنازل عن تجديد العقدة او عدل عن المطالبة بالتعويض المدفع عن الافراغ واما كونه قبل الشروط المقترحة عليه لإبرام العقدة الجديدة).
وفي هذه الحالة يمكن للمالك ان يطلب المستاجر امام قاضي المستعجلات وانه لا يمكن له ذلك في حالتين :
أ‌- حالة قبول المالك في الانذار مبدا تجديد العقد حسب شروط جديدة.
ب‌- حالة عدم احترام المالك في انذاره الشروط المنصوص عليها في الفصل 6.
وان رئيس المحكمة الاقليمية ليس له كقاضي الصلح سوى التوفيق بين الطرفين.
وانه في حالة عدم الصلح، فان القرار الذي يصدره بعدم الصلح لا يعتبر قرارا قضائيا وغير قابل لأوجه الطعن كيفما كان نوعها.
كما انه ليست للرئيس قبل وقوع الصلح أية سلطة قضائية، ولا يمكن له مثلا ان يقرر تأجيل النظر في محاولة التوفيق الى حين صدور الحكم من المحكمة المختصة حول النزاع الذي رفعه احد الطرفين في شان الصفة القانونية للإيجار.
محكمة الاستئناف بالرباط فاتح يوليوز59 –

وانه في حالة عدم حضور المستاجر لجلسة الصلح فان عدم حضوره يعتبر اما كونه تنازل عن طلب تجديد العقد او قبل الشروط الجديدة المطلوبة من طرف المؤجر.
كما ان عدم حضور المؤجر يعتبر في جميع الاحوال قبولا منه لتجديد الإيجار وان قرار قاضي الصلح في الحالتين السابقتين خاضع للتعرض خلال اجل 15 يوما ابتداء من تبليغ القرار وبصفة عامة فان القرار الذي يكتسي صبغة قضائية خاضع للاستئناف في اجل 15 يوما ابتداء من تاريخ التبليغ.

وانه بعد صدور قرار عدم الصلح يجب على المالك ان يبلغ هذا القرار الى المستاجر وان محضر التبليغ حسب مقتضيات الفصل 3 يجب ان يشير فيه ان للمستاجر اجل 30 يوما لتقديم دعواه في الموضوع امام المحكمة الاقليمية.

وان عقوبة عدم احترام هذا الاجل من طرف المستاجر هي :
سقوط حقه في المطالبة بالتعويض، واعتباره محتلا بدون سند قانوني كما ان عدم بيان الاجل الذي ينص عليه الفصل 32 في محضر التبليغ يؤدي الى بطلان التبليغ ذاته.
وعليه فانه يجب على طالب التبليغ ان يذكر في طلب تبليغه مقتضيات الفصل 32 ويطلب في نفس الوقت في كتابة الضبط ان تثبت ذلك في محضر التبليغ.

ثانيا : المسطرة أمام المحكمة
ان طلب التعويض المقدم من طرف المستاجر يقدم للمحكمة الاقليمية التي توجد فيه العين المؤجرة خلال الاجل المنصوص عليه في الفصل 32، وان الحكم الذي ستصدره المحكمة خاضع لجميع اوجه الطعن العادية وغير العادية
بعد بيان المبادئ العامة السابقة يجب دراسة شروط وكيفية الافراغ.

الباب الثاني : الإفراغات مقابل أداء التعويض

انه لا يمكن بصفة عامة طرد المستاجر الذي يستفيد من الحماية القانونية الا بعد اداء التعويض عن مبدا الطرد باستثناء بعض الحالات المحدودة والمنصوص عليها في القانون والتي ستبين فيما بعد.
ون المحكمة الاقليمية هي التي ستحدد في اغلبية الاحوال تلك التعويضات بواسطة خبرة.
وان تحديد هذه التعويضات تقدر حسب المبادئ العامة للمسؤولية التعاقدية وان توجيه الانذار وطلب الافراغ من طرف المؤجر يؤديان الى إلحاق ضرر بالمستأجر وعلى المالك تعويض هذا الضرر في جميع انواعه ومداه وان التعويض عن الطرد يشمل ثمن المتجر وثمن الاصلاحات والتحسينات وفقدان الزبناء، وثمن تحسين المحل الجديد وصوائر النقل، وللمستأجر كل الحق في البقاء بالمحل الى ان يتوصل بمبلغ التعويضات المحكوم بها نهائيا لفائدته
ويجب التذكير بانه يمكن للمالك المحكوم عليه بأداء التعويض عن الافراغ ان يتملص من اداء هذا التعويض تحت الشروط الاتية :
أ‌- اداء صوائر الدعوى.
ب‌- الموافقة على تجديد عقد الايجار.
ان يشعر المالك المستاجر بذلك في اجل 30 يوما تحسب اما في اليوم الذي اصبح فيه الحكم نهائيا اذا كان الامر يتعلق بحكم صادر في المحكمة الاقليمية، واما من اليوم الذي اخبر فيه بالقرار اذا كان الامر يتعلق بقرار محكمة الاستئناف.
د‌- لا يمكن ان يقوم المالك بما سبق الا في حالة وجود المستاجر في المكان ولم يعمد بعد الى كراء واقتناء مكان غيره.
وان المجلس الاعلى المغربي قد اكد في قرارين مؤرخين بـ 21/10/1958، 30/6/1959، ان الشرطين المشار اليهما في الشرط الرابع يجب ان يتوفرا ويتمشيا معا.

وان كان المستاجر الذي لا زال يوجد في المحل قد اكترى محلا جديدا قبل توصله باعلام المالك حول التملص من التعويضات، يحرم هذا المالك من ممارسة حق التملص، غير انه في حالة عدم توفر احد العنصرين من الشرط الرابع فان للمالك دائما الحق في ممارسة التملص من اداء التعويضات.

وان للتعويضات عن الافراغ صبغة مدنية، من حيث التعويض والفوائد ولا تندمج في الحق التجاري او تدخل في المرابحات بالنسبة لادارة الضرائب كما ان الرهن المسجل على الحق التجاري، ينتج آثارا بالنسبة لهذه التعويضات.
محكمة الاستئناف بتولوز13/4/1968

الباب الثالث : إفراغ المستأجر بدون تعويض او مقابل تعويض منخفض

القسم الاول : إفراغ المستاجر بدون تعويض :

لا يمكن للمالك بصفة عامة استرجاع العين المؤجرة بدون اداء التعويض الا في حالتين اثنتين :
الحالة الناتجة عن المسؤولية التعاقدية التي تفرض في حالة مخالفة المستاجر لالتزاماته الواردة في عقد الايجار، افراغه تعويض لكون هذا الافراغ يعد كعقوبة عن عدم احترامه لشروط العقد.
الحالة الناتجة عن المصلحة العامة، وهي افراغ المكترى قصد هدم بناية غير صحية او في حالة خطيرة.

أ‌- إفراغ مبنى على سبب خطير وقانوني
الحالة الأولى :
تطبيقا لمقتضيات الفقرة الاولى من الفصل الحادي عشر لظهير 24 ماي1955 فانه يمكن للمالك رفض تجديد عقد الايجار من غير اداء أي تعويض اذا اثبت ضد المستاجر المطلوب بالافراغ ان هناك اسبابا خطيرة ومشروعة.
ومن الواضح انه يجب على المالك ان يثبت خطورة الاسباب، وان قاضي الموضوع هو الذي سينظر في مشروعيتها او عدم مشروعيتها استنادا الى السلطة التقديرية، وتعتبر كاسباب خطيرة ومشروعة الاسباب الاتية :
سب المالك من طرف المستاجر ( المجلس الاعلى الفرنسي 1/2/1933)
ضرب وجرح المالك من طرف المستاجر ( استئناف باريز28/5/1930)
سرقة شيء للمالك من طرف المستاجر ( استئناف باريز27/11/1930)
عدم اداء الايجار من طرف المستاجر ( نقض فرنسي 12/6/1934)
( نقض فرنسي 3/5/1945)
(استئناف باريز17/1/1941)
عدم اداء التكاليف التابعة لثمن الايجار ( نقض فرنسي 7/63/1931)
وجود المحل في حالة سيئة ( نقض فرنسي 8/2/1954)
( نقض فرنسي 10/11/1955)
استعمال المحل لعمل غير خلقي ( استئناف بوردو21/3/1939)
عدم استغلال المتجر نهائيا ( استئناف بنبولي20/10/1948)
وأما حالة افلاس المستاجر فلا تكون سببا خطيرا ومشروعا لافراغه بدون تعويض.

ب‌- إفراغ لهدم عمارة غير صحية وخطيرة – الحالة الثانية :
ان الفقرة الثانية من الفصل الحادي عشر لظهير 24 ماي1955 تنص :
للمكري ان يرفض تجديد العقدة دون اداء تعويض
اذا اثبت وجوب هدم الملك كلا او بعضا لان السلطة الإدارية أعلنت انه وخم ومخالف للمبادئ الصحية او أثبت ان في شغل الملك خطرا بسبب انعدام الامان فيه.
فان الافراغ في هذه الحالة سيقع بدون تعويض مع حفظ حق المستاجر بالرجوع الى المحل في حالة اعادة بنائه من جديد، لكن المالك غير ملزم بإعادة البناء.
ولكن ما هي العمارة غير الصحية ؟
ان الفقرة الثانية من الفصل الحادي عشر تؤكد ان العمارة تكون في حالة غير صحية بواسطة قرار من السلطة الإدارية المختصة، وعلى المالك الإدلاء بهذا القرار الذي يتضمن وجوب هدم العمارة غير الصحية.
وانه في هذه الحالة ستوجد هناك مشكلتان إحداهما : تلاعب المالك قصد الحصول على قرار الهدم، وفي هذه الحالة للمكترى الحق في الطعن ضد هذا القرار حسب القواعد العامة او المطالبة بالتعويضات ضد السلطة التي اصدرت قرار الهدم قصد تعويض الضرر الذي لحقه وذلك طبقا لمقتضيات الفصلين 79 و80 في القانون المدني.

وثانيهما : قد يكون قرار السلطة مؤقتا يقضي بإدخال عدة إصلاحات وتحسينات على العمارة غير الصحية، وانه في الحالة افراغ المحل وعدم قيام المالك بتلك الاصلاحات يمكن للمستاجر ان يطلب التعويضات عن الطرد ضد المالك نفسه، غير ان المحكمة هي التي ستقرر طبقا لسلطتها التقديرية ولظروف الواقعة ما اذا كان المستاجر يستحق التعويض ام لا.
وان الفصل الحادي عشر من ظهير 24 ماي55 يصرح بان العمارة تكون في حالة خطيرة اذا لم يكن هناك أمن لمستأجرها وبالتالي لا يمكن درء هذا الخطر بالاصلاحات.
وان الاجتهاد القضائي بين الحالة التي لا يمكن فيها انجاز الإصلاحات على العمارة غير الصحية او الخطيرة وهي ان يكون ثمن الاصلاحات او أهميتها مهمة الى حد اعتبارها كتكاليف لبناء جديد.
محكمة الاستئناف بالرباط 17 ماي1951
او يكون ثمن الاصلاحات غير معقول او مقابل ثمن البناء او الايجار او الفوائد التي يستعملها المالك سنويا.
محكمة النقض الفرنسية 11/1/1953
محكمة النقض الفرنسية 16/10/1953
محكمة النقض الفرنسية 6/4/1951
محكمة النقض الفرنسية 13/12/1951
وانه في الوقت الذي يطلب فيه المالك طرد المستاجر لهذه الاسباب، فان هذا الطرد يكون بواسطة قرار يصدر من طرف قاضي المستعجلات.
وليس للمستأجر الحق في الرجوع الى المحل اثناء ابتداء أشغال الاصلاحات او الهدم.
محكمة الاستئناف بالرباط 18/2/1955
وان للمستاجر الحق في طلب تحديد التعويضات التي يستحقها في أي وقت يتبين له فيه ان المالك قد ارتكب تدليسا وقت الحصول على قرار السلطة الإدارية او رفض المالك رجوعه الى المحل بعد انجاز الإصلاحات.

القسم الثاني : الطرد مقابل تعويضات منخفضة

أ‌- الهدم لإعادة البناء
ان الفصل 12 من ظهير 24 ماي1955 ينص على ان لصاحب الملك الحق في رفض تجديد العقدة لكونه يريد هدم الملك واعادة بنائه الخ .
واعادة البناء يكون التزاما ضروريا