لائــحــة تــنــظــيــم الـــعــمــل ..
إبتداءً، وتعظيماً لهذا اليوم ، يوم عرفة، إذ قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم: ” خير يوم طلعت فيه الشمس يوم عرفة.”، اليوم الذي يباهي الله بأهل عرفة أهل السماء، اليوم الذي أنزل الله فيه قوله تعالى: ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت نعمتي عليكم ورضيت لكم الإسلام دينا”، يوم المغفرة والعتق من النار، نسأل الله أن نفوز وإياكم بمرضاته وخيراته والعتق من النار وإجابة صالح الدعوات .. أما عن مقالنا، تكمن أهمية لائحة تنظيم العمل لكل منشأة، في كونها تتضمن حقوقاً للعامل وتُرجمان لنظام العمل ولائحته التنفيذية وإرادة صاحب العمل لتسيير العمل في المنشأة ولتشكيل بيئة العمل فيها، فلائحة تنظيم العمل هي النظام الخاص الحاكم للعلاقة بين صاحب العمل والعامل، وبموجبها تتضح الجزاءات وحدودها التي يمكن تطبيقها على العاملين،

ومن خلالها يُبنى عقد العمل للمنشأة، فهي المكمل والمرجع الأول بين العامل وصاحب العمل بعد عقد العمل، ولا يمكن أن تتضمن حُكماً مخالفاً لنظام العمل في نصوصه الوجوبية. إن اللائحة يتضح بها الحقوق المادية والمعنوية وأُسسها التي يمنحها صاحب العمل لعامليه وأحكام وقواعد تنظيم إدارة شئون العاملين بدءاً من التوظيف، الإمتيازات عموماً، الإجازات، العقوبات وحتى إنتهاء العلاقة العمالية.

وتأكيداً لغايات نظام العمل في تكريس الحماية للعامل دوماً ولضمان سلامة قرارات صاحب العمل العمالية، تقرر بالمادة الـ (13) من نظام العمل المُعدلة بموجب المرسوم الملكي رقم (م/46) وتاريخ 05/06/1436هـ والتي تنص على: “ 1. يلتزم لكل صاحب عمل بإعداد لائحة لتنظيم العمل في منشأته وفق النموذج المعد من الوزارة، ويجوز للوزير الإستثناء من ذلك. 2. يجوز لصاحب العمل تضمين اللائحة شروطاً وأحكاماً إضافية بما لا يتعارض مع أحكام هذا النظام ولائحته والقرارات الصادرة تنفيذاً له. 3. يجب على صاحب العمل أن يعلن لائحة تنظيم العمل وأي تعديل يطرأ عليها في مكان ظاهر في المنشأة أو أي وسيلة أخرى تكفل علم الخاضعين لها بأحكامها.”

فتوضح المادة بأنه يجب على كل منشأة أياً كان عدد العاملين بها من تاريخ وجودها دون إمهال أو إبطاء بأن يكون لها لائحة لتنظيم عمل، فلم يعد لعدد العاملين بالمنشأة أهمية كما كان في النص السابق قبل تعديله الذي كان يوجب إعداد لائحة تنظيم العمل متى كان أو بلغ عدد العاملين عشرة وأكثر، كما كانت هناك مهلة عند بلوغ نصاب العمالة مدتها سنة، فالتعديل غايته وضع قواعد عمالية واضحة لضبط تصرفات صاحب العمل مع العاملين وإعلاناً لحقوق العمال التي تمنحها المنشأة، ونظراً لأهمية هذه اللائحة والحاجة لها دون إبطاء، فقد وضعت وزارة العمل نموذجاً موحداً (إسترشادي) في موقعها الإلكتروني يمكن لأصحاب العمل التقدم بطلب إعتماده دون إضافة أو تعديل، تيسيراً على أصحاب العمل وحفظاً لحقوق العاملين، ولصاحب العمل التقدم بطلب التعديل والإضافة لاحقاً.

أما عن إعتماد اللائحة، فتكون بقرار من الوزارة يصدر موضحاً به اسم المنشأة وتاريخ لائحة تنظيم العمل، وكذلك أي تعديل يطرأ عليها يلزم موافقة وزارة العمل عليه حتى يمكن الإعتداد به. وجاءت الفقرة الثالثة، بأن نصت بأنه يجب على صاحب العمل أن يعلن لائحة تنظيم العمل ويضعها في مكان يمكن لكل عامل أن يطلع عليها، ونقول بأنه يجوز لكل عامل بأن يحصل على نسخة منها، فهي الحاكمة للعلاقة العمالية بينه وبين صاحب العمل وجزء لا يتجزأ من عقد العمل، وينص دائماً في العقود العمالية المبنية بشكل صحيح وسليم نظاماً على ذلك، نظراً لشمول اللائحة على العقوبات التي يمكن لصاحب العمل إيقاعها على العامل وعلى المحظورات الوظيفية، إلا أن الواقع بأن لائحة تنظيم العمل في غالب المنشآت -إن وجدت -تكون حبيسة الإدراج ولأشخاص معينين فقط بالمنشأة الإطلاع عليها دون غيرهم، وفي ذلك مخالفة صريحة لنظام العمل وفق مادته الــ (13) الملزمة بإعلان اللائحة، وموجب لتوقيع عقوبة على صاحب العمل لمخالفته أحكام نظام العمل وفقاً للعقوبات المقررة في المادة (229) المُعدلة.

إن لائحة تنظيم العمل، هي النظام الأساس العمالي لكل منشأة، ومن حق كل عامل الإطلاع عليها، لشمولها على الأحكام التنظيمية للعمل والمزايا والمخالفات والجزاءات التأديبية، وحرياً بكل منشأة راغبة بإستقرار أعمالها، وأداء الحقوق العمالية بشفافية، وتوفير بيئة عمل صحية، العناية باللائحة التنظيمية صياغةً وإعتمادا وتطويراً من حين لآخر. إن وفقت وأصبت فمن الله وفضله والحَمدُلِله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله العليّ العظيم لوالديّ ولي ولزوجتي وذريتي وإخواني والمسلميّن ونتوب إليه ..

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

عبدالعزيز بن عبدالله الخريجي
محامي مستشار