أحكام رد الاعتبار للمحامي في جريمة مخلة بالشرف وفقاً للنظام السعودي

محمد عبد العزيز السنيدي
كتبت في الحلقة السابقة عن الحق اليتيم للمحامي وهو الأتعاب المستحقة له، والتي نص عليها النظام وكانت ـــ للأسف ـــ تحصيل حاصل، فهي مكفولة في القضاء ولا حاجة لنصوص النظام أو لائحته في حماية هذا الحق على الإطلاق عكس ما هو موجود في نظم المحاماة في الدول الأخرى العربية قبل الغربية. واستكمالاً لاستعراض النصوص في النظام ولائحته التنفيذية نجد نصاً فيما يتعلق برد الاعتبار للمحامي الصادر بحقه جريمة مخلة في الشرف والأمانة.

وباستعراض هذه النصوص نجد أنها لا تتوافق إلى حد كبير مع لائحة رد الاعتبار الصادرة من وزارة الداخلية التي تنظم الفترات الزمنية لمثل هذه الأمور وفق لجان متخصصة وتحدد الفترات الكافي مضيها لرد الاعتبار، واختصار هذه المدة إلى الحد الذي ترى أنه يتناسب مع كل حالة قد تلغي بموجبها المدة المنصوص عليها إذا ثبت لديها حُسن سيرة وسلوك المتهم واندماجه كعضو صالح في المجتمع. أما المادة الخامسة ونصها:

يقدم طلب القيد في الجدول وفق أنموذج تحدده اللائحة التنفيذية لهذا النظام إلى لجنة قيد وقبول المحامين، وتؤلف من:

1- وكيل من وزارة العدل يعينه وزير العدل (رئيساً).

2- ممثل من ديوان المظالم لا تقل درجته عن الدرجة المعادلة لرئيس محكمة ”أ” يعينه رئيس ديوان المظالم (عضواً).

3 – أحد المحامين ممن أمضوا في ممارسة المهنة مدة لا تقل عن خمس سنوات، يعينه وزير العدل. (عضواً).

وتقوم الجهة المعنية بتسمية مَن يحل محل العضو عند غيابه، وتكون العضوية في هذه اللجنة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.

1- 5 يقدم طلب القيد في الجدول المذكور للجنة القيد والقبول بالنموذج المعتمد من طالب القيد بحضوره لدى الإدارة، وتوقيعه لديها، ويتم قيده في يوم تقديمه في دفتر وارد لجنة القيد والقبول إذا كان مكتملا.

2- 5 على طالب القيد في الجدول أن يرفق بطلبه الأوراق والمستندات التالية:

أ – صورة من بطاقة الأحوال، مع إبراز الأصل. ب – صورة مصدّقة من المؤهل، أو إبراز الأصل للمطابقة. جـ – مستندات الخبرة. د – صورة من قرار الإعفاء من الخدمة. هـ – الترخيص السابق لمن صدرت لهم تراخيص من وزارة العدل، أو وزارة التجارة، قبل نفاذ النظام.

3-5 عند الاقتضاء للجنة القيد والقبول طلب أي معلومات إضافية، أو إيضاحات ترفق بطلب القيد.

4-5 يشترط في المحامي المعين في عضوية لجنة قيد وقبول المحامين أن يكون ممارسا. حيث نجد أنها جعلت لرئاسة لجنة القيد والقبول للمحامين مدة ثلاث سنوات تجدد لمرة واحدة بينما الواقع الذي حدث هو أن رئيس اللجنة قد استمر بقاؤه في رئاستها مدة تزيد على ست سنوات ما يعني بطلان جميع التراخيص الصادرة بعد هذه السنوات الست والمجددة منذ عام 1422 وهي السنة التي صدر فيها النظام، وبذا تصبح رئاسة اللجنة غير نظامية وهذا يعني بطلان قراراتها، ولعل هيمنة وزارة العدل على هذه اللجنة تعد وسيلة ضغط على المحامين وتشعرهم بعدم الاستقلالية المهنية عن جهة قد تكون هي خصمهم، وإن كانت خصماً شريفاً، بينما نجد في قوانين المحاماة الأخرى فيما يخص لجنة قبول المحامين أنها تشكل من:

1/ نقيب المحامين رئيساً. 2/ قاضي محكمة عليا يعينه رئيس القضاء عضواً. 3/ قاضي محكمة استئناف يعينه رئيس القضاء عضواً. 4/ كبير المستشارين بوزارة العدل عضواً. كما أوردت اللائحة نصاً يخالف النظام، إذ جعلت تقدير أي مهنة تتعارض مع مهنة المحاماة جعلتها للجنة القيد والقبول، حيث إن هذا مخالف لنص النظام ولم يكن ضمن الشروط التي حددها النظام، كما لم يجعل للجنة سلطة تقديرية مطلقة لهذا الأمر، فلذلك نلحظ أن شروط الممارسة والقيد بجدول المحامين حددت على سبيل الحصر، ولذا يتحتم حصر تلك الشروط في اللائحة وفقما نص عليه النظام دون زيادة، حيث يمتنع على الوزارة عند مراجعتها لائحة وتعديل ما فيها أن تضع شروطاً أو نصوصاً تزيد على ما حدده النظام. أما فيما يتعلق بإعطاء لجنة تأديب المحامين الحق في أن تقرر ما هي الجرائم المخلة بالشرف والأمانة، فهو إسناد لجهة لا تعتبر قضائية حيث إن المختص في تحديد الجرائم المخلة بالشرف والأمانة هو ديوان المظالم في دوائره الجزائية، وهو المعمول به تجاه الموظف العام، فكان الأولى أن تكون هذه الصلاحية لقضاء الديوان باعتباره سلطة مستقلة ومحايدة.

وإذا نظرنا إلى ما ورد في اللائحة التنفيذية من النظام من شرط أن يكون المحامي مقيماً في البلاد بفترة لا تقل عن تسعة أشهر في السنة فهو شرط غير ملائم وفي غير محله كون المحامين، وخاصة كبارهم، أصبحوا يعتمدون على تقنية الإنترنت ومتابعة المذكرات واللوائح وإعدادها وإجازتها سواء كانوا داخل المملكة أو خارجها مهما طال الوقت. إنني أتمنى على جهات الاختصاص أن تضمن نظام المحاماة مستقبلاً ما يساعد على الحد من الدعاوى الكيدية وكذلك الدعم والمساعدة للمحتاجين من الفقراء والضعفاء الذين تحول ظروفهم دون المطالبة بحقوقهم، ويكون ذلك على النحو التالي:

1ـــ أن من يخسر الدعوى من المحامين أن يدفع أتعاب المحاماة وفقما تقدره الجهة القضائية ناظرة الدعوى، وبحيث يكون هناك حد أعلى لا يمكن تجاوزه، ففي هذا حد من الدعاوى الكيدية التي يقوم بها بعض المحامين ويجعلون أتعابهم وفق نسبة معينة مما يأملون أن يحكم به لموكليهم، وأنهم إذا خسروا القضية فلن يخسروا مالاً.

2ـــ أن يودع مبلغ الأتعاب المحكوم به في صندوق ينشأ في وزارة الداخلية أو وزارة العدل يستفاد من تلك المبالغ في تكليف محامين بالترافع عمن لا يستطيع دفع أتعاب المحاماة كالفقراء والأرامل والأيتام ومن على شاكلتهم. كما من الأفضل أن يكون من ضمن تلك المبالغ، الرسوم التي تدفع لوزارة العدل مقابل منح تراخيص المحاماة، ولجعل الأمور في نصابها فإن من الأفضل أن يصدر تنظيم لهذا الصندوق ليضيف إلى المبالغ التي فيه التبرعات والهبات كافة وغيرها ووضع الآلية اللازمة لحث المحامين على تقديم زكاة لأعمالهم تتمثل في قيامهم بالدفاع عن أصحاب الحقوق الذين لا يملكون المال ليقوموا بالدفاع عنهم مجاناً احتساباً منهم للأجر من الله ـــ جلّ وعلا. ولا تفوتني الإشارة أن أذكر أنه من المناسب ولمصلحة المحامين أن ينشأ صندوق خاص بهم للتأمينات الاجتماعية يستفيدون من مردوده بعد تقاعدهم عن العمل أو أن تلزم المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن تقبل اشتراك المحامين أياً كانت سن أي منهم في التأمينات الاجتماعية ووفق المرتب الذي يراه المحامي مناسباً لحالته بحيث يدفع منه نسبة المعاش ونسبة الأخطار، حيث يضمن لنفسه وعائلته ـــ بعون الله ـــ دخلاً ثابتاً يصرف منه على عائلته في حال تقاعده أو مرضه أو إصابته إصابة تعوقه عن عمله، كما أن من المناسب إلزام المحامين بالتأمين الطبي على أنفسهم وعائلاتهم بمبلغ يراوح بين عشرة آلاف وعشرين ألف ريال في السنة، وبحيث تقبل شركات التأمين هذه العروض عندما يكون هناك نحو ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف محام في المملكة يشترك في التأمين، وهو مبلغ يصل إلى حدود 100 مليون ريال سنوي وهو سيجعل شركات التأمين تحرص على تحصيله وتقدم وفقه خدمات صحية راقية تليق بمقام المحامين. والله ولي التوفيق.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت