نحاول في هذا الموضوع بحث تصفية الشركة القابضة واثر ذلك على الشركة التابعة ، وطرح صور تؤدي الى تصفية الشركة التابعة . بما ان الشركة القابضة تخضع في تصفيتها الى الاحكام نفسها التي تخضع لها الشركات المساهمة … الا انه ولطبيعة الشركة القابضة في ارتباطها بعلاقات عديدة تجعل من تصفية الشركة القابضة مجال لاثارة نقاط عدة تتعلق بالشركة القابضة بشكل خاص . ان تصفية الشركة القابضة لا تختلف عن تصفية أي شركة فان كانت من شركات الاموال خضعت لاحكام شركات الاموال وان كانت من شركات الأشخاص فتخضع لهذه الأحكام . اما الذي يميز الشركة القابضة في تصفيتها هو ارتباط اثر التصفية بعدة جوانب في شركات اخرى تكون تابعة لهذه الشركة . وهذا ينتج بطبيعة الامر لان الشركة القابضة من اغراض تأسيسها هو السيطرة على الشركات وادارتها وهذا ما تنص عليه اغلب القوانين التي تأخذ بهذه الشركة . فنحن نرى ان موضوع تصفية الشركة التابعة والمرتبط بتصفية الشركة القابضة هو موضوع لا يخرج عن نطاق الشركة القابضة على الرغم من ان التصفية في كل شركة تكون مستقلة عن الاخرى في اجراءات التصفية الا ما ارتبط منها بقوائم الحسابات وغيرها ، كما ان لكل شركة مصفيا خاصا . ان توقف نشاط الشركة التابعة واتخاذها قرار التصفية هو لفقدانها اكثر من نصف رأس مالها هذا في حال السيطرة القانونية ( النظامية ) أما في حالة السيطرة الفعلية ( غير النظامية ) فهي السيطرة التي تتم بوسائل اخرى غير الحق القانوني وتنشأ في الغالب عن طريق امتلاك حقوق اقلية ذات نسبة مرتفعة مع ان هذه السيطرة لا يمكن تحديدها بوضوح كالسيطرة القانونية(1)، فقد لا تتخذ الشركة التابعة قرار التصفية اذا كانت السيطرة عن طريق غير نظامي .

ونؤكد ان تصفية الشركة القابضة يعني فقدان الادارة ، فنحن نعلم ان ارتكاز الادارة في الشركة التابعة يكون بيد الشركة القابضة وتشكيل مجلس ادارتها يعود للشركة القابضة . وتجدر الاشارة الى انه في حال استمرار الشركة التابعة في ممارسة نشاطها بشكل مستقل فعليها إعادة تشكيل ادارتها من جديد ، كما ان على الشركة القابضة ان تقوم بتحمل عبء مالي كبير لا عادة نشاطها نتيجة لفقدان نسبة قد تكون كبيرة لا نقول 51% من رأس المال لان في هذه الحالة تكون التصفية امر لا مفر منه . وهنالك حالات قد تكون متشابهة من التصفية وهي حالة التنازل عن السيطرة ويقصد بالتنازل ( هو تنازل الاغلبية الممثلة للشركة القابضة في الشركة التابعة عما لها من سيطرة اقتصادية على الشركة الاخيرة للغير )(2) .ويكون التنازل عن طريق بيع نصيبهم في رأسمالها . والتساؤل عن سبب تخلي من بيده السيطرة الى غيره هو انه قد تعجز شركة عن منافسة شركة اخرى ، او نتيجة لدين كبير تشترطه البنوك لتأجيل موعد التسديد انتقال السيطرة الى شركة اخرى (فهذا يضمن للبنوك حصولها على الدين )، او لتلقي مقابل يفوق القيمة السوقية والحقيقية للاسهم(3)، في هذه الحالة على الشركة ان تستعد لقبول الادارة الجديدة للشركة المتنازل لها فتصبح هذه هي القابضة على الشركة التابعة . او قد يكون المتنازل اشخاص طبيعيين ففي هذه الحالة لا تكون الشركة تابعة فوفق قانون الشركات المصري رقم 159 لسنة 1981 الذي يوجب ان تتوفر الموافقة على التنازل بعض الشروط واهمها وحسب مضمون المادة ( 141 ) من اللائحة التنفيذية للقانون انه يوجه طلبا الى الشركة من مالك الاسهم للموافقة على بيعها . على ان يتضمن الطلب اسمه وعنوانه وعدد الاسهم ونوعها والثمن المعروض لشرائها(4).

ونحن نعتقد انه في حالة الشركة القابضة وتنازلها تنتفي الحاجة للموافقة على البيع وذلك لان الشركة القابضة هي من تمتلك الادارة والسيطرة . المهم ان سياسة الشركة المتنازل لها التي سوف تتولى القيادة سوف تتبع الاسلوب الذي يلائم ستراتيجيتها . ولكن السؤال الذي يطرح فما مصير الاقلية في هذه الشركة امام السياسة الجديدة؟ نرى ان الذي يحمي الاقلية في الشركة التابعة هو نظرية التعسف في استعمال الحق او تعسف الاغلبية اذ تخلو اغلب التشريعات من تنظيم قانوني واضح لهذه الصورة من التعسف . ونشير الى ما يؤكد ذلك هو ان القضاء الفرنسي يحتوي على مسألة مشهورة ، وهي قضية تم رفعها امام محكمة استئناف ( Rennes ) عام 1968 من مساهم ينتمي الى اقلية مساهمي شركة ( cassegrain ) ضد مديري هذه الشركة في دعوى تتلخص وقائعها فيما يلي (( تنازل المساهمون المسيطرون على شركة (cassegrain) عما نسبته 67% من رأسمال الشركة الى شركة ( saupiquet ) المنافسة لها وتم ذلك التنازل بموافقة الادارة واقرار الجمعية العمومية غير العادية في شركة ( cassegrain ) ،المهم وبعد مطالبة المدعي ممثل الاقلية بابطال قرار مجلس الادارة الخاص بالموافقة على التنازل وببطلان انعقاد الجمعية العمومية غير الاعتيادية التي صادقت على مجلس الادارة ، وذلك استناداً الى التعسف في استعمال الحق ولأنه مساس بغرض الشركة ، فوافقت المحكمة على صحة طلب المدعي الا ان الحكم قد نقض امام دائرة التجارة بحجة ان مجلس ادارة الشركة اجرى مفاوضات مع شركة (saupiquet ) بقصد معالجة الصعوبات التي تعاني منها الشركة(5).

ولكن نعتقد وان صح ان من حق مالك الاسهم التصرف فيها وفق حق الملكية الذي يخوله بتلك التصرفات ، ولكن توظيف الاسهم او المشاركة فيها في شركة يحتم ان يجعل المساهم ضمن دائرة متطلبات الحفاظ على الشركة كواجب عدم الاضرار والذي تنص عليه اغلب التشريعات ، وبالتالي من حق الشركة المطالبة وفق مفهوم التعسف في استعمال الحق . ونرى ضرورة ان توضع القوانين التي تأخذ بالشركة القابضة وحتى التي لا تأخذ بالشركة القابضة ان تضع نصوصاً تعالج هذه المسألة وان تحمي الاقلية وذلك لان انماء الشركات نعده ضرورة خصوصاً في الدول العربية على ان التنازل ان كان يشكل مصلحة اكبر من مصلحة الشركاء ( الاقلية ) فيجب ان يكون لسلطة الدولة يد في دعم هكذا خطوة وعن طريق الجهة المختصة حتى وان تطلب ذلك دعم الاقلية وتعويض الضرر الذي من المحتمل تعرضهم له . ويمكن التاكيد على ان خطورة الاحتكارات المقبلة للاسواق والشركات سوف يتسبب في متاعب للدول بحيث لا يكون هنالك دور للدولة، فنجد الخصخصة تمتد لتشمل حتى مدارس التعليم، ما نود قوله هو ان حماية الاقلية وان عارض مبدأ من مبادئ الملكية وحقوق المالكين الا انه ذو اهمية اقتصادية لحماية البنى التحتية لاساس الشركات وتكوينها . وبعد عرض بعض من المسائل التي رأينا ضرورة عرضها والتي اعتبرناها تمس تصفية الشركة القابضة و ارتبطت ايضا بالشركة التابعة ، نود هنا عرض بشيء من الأيجاز عن تصفية الشركة القابضة وفق ما نراه مختلفاً عن احكام الشركات المساهمة ونوجزه بما ياتي :

1 ) ان تصفية الشركة القابضة تستوجب في اعتقادنا وحسب ما تعرفنا عليه من تنظيم للشركة ان المصفي يجب ان يطلع على القوائم المالية المجمعة والتي تعرف عند المحاسبين (( القوائم المالية الموحدة )) لان الشخصية المعنوية وان كانت مستقلة لكل شركة لكن هذه القوائم تستوجب رجوع المصفي لها وهذه قد تكون لثلاث او اكثر من الشركات . لبيان نسبة المتعلق من ديون في ذمة كل شركة واتخاذ ما يلزم تجاهه .

2 ) تصفية الشركة القابضة يحتم على الشركة التابعة من تغيير اسمها بما يوافق الوضع الجديد الذي تؤل اليه بعد تصفية الشركة القابضة(6)، مع ان تصفية التابعة لا يتطلب من الشركة القابضة تغيير اسمها او عنوانها طالما هي تستمر ضمن تخصصها كشركة قابضة .

3 ) تصفية الشركة القابضة يتطلب صدور قرار من الجمعية العمومية(الجمعية العامة للمساهمين ) للشركة القابضة بتخلي ممثلي الشركة القابضة في الشركة التابعة عن مهامهم وذلك في حال استمرار الشركة التابعة ، وهذه الحالة نتصور حدوثها عندما تكون السيطرة ليست بذلك التأثير الكبير او غير نظامية ( قانونية) .

4 ) تصفية الشركة القابضة ربما يتيح للشركة التابعة ان تكون شركة قابضة رئيسية وليست شركة قابضة وسيطة ( أي في حال كانت الشركة القابضة تسيطر على شركات بواسطة احدى شركاتها التابعة ) .

_____________________

1- Haynes، Stephen E. and Joe A. Stone. 1989. “An integrated test for electoral cycles in the U.S. economy.” The Review of Economics and Statistics 71:p 426-434.

.

2- ينظر د. محمد حسين اسماعيل ، الشركة القابضة ، وعلاقاتها ، مصدر سابق ص99.

3- ينظر د. حسام عيسى ، الشركات المتعددة القوميات ، مصدر سابق ، ص158.

4-ينظر د. حسني المصري ، حرية الانضمام الى الشركة والانسحاب منها ،مصدر سابق ، ص90 .

5- ينظر د. محمد حسين إسماعيل ، الشركة القابضة وعلاقتها بشركاتها التابعة ، مصدر سابق ، ص100-101.

6- ينظر د. محمود سمير الشرقاوي ، المشرع متعدد القوميات والشركة القابضة كوسيلة لقيامه ، مصدر سابق ،ص332 .

المؤلف : رسول شاكر محمود البياتي
الكتاب أو المصدر : النظام القانوني للشركة القابضة
الجزء والصفحة : ص151-156.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت