الالتزام بضمان سلامة مستهلك خدمة النقل البحري

الباحثة تيانتي مريم، طالبة دكتوراه ، سنة رابعة ــ

تخصص قانون المنافسة و الاستهلاك ، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر .

 

الملخص:

توجد عدة التزامات ملقاة على عاتق الناقل البحري للأشخاص و التي تتمثل أساسا في نقل مستهلك الخدمة من مكان إلى مكان آخر ، و ايصاله في الميعاد المحدد ، و الالتزام بضمان سلامته ، و المحافظة على الأمتعة التي يصطحبها معه .

فما يخص الالتزام بضمان السلامة، القضاء الفرنسي أقره لما توسع في تفسير مضمون العقد و هذا لغرض حماية المستهلك. و أيضا لما المشرع الفرنسي وسع من نطاق المسؤولية لكي يجد الراكب أساسا للتعويض عن الضرر ، بناءا على المسؤولية التقصيرية للناقل . بعدما كانت توجد صعوبة في إثبات العلاقة التعاقدية، و هذا ما أخذ به المشرع الجزائري أيضا.

الكلمات المفتاحية : الناقل ــ الراكب ــ السلامة ـــ المسؤولية .

Abstract:

There are several obligations placed on the transporter of the person, which consists mainly of transferring the consumer of the service from one place to another, and delivery on time, and the obligation to ensure safety, and maintain the baggage that he takes with him.

With regard to the obligation to ensure safety, the French judiciary approved it did not expand the interpretation of the content of the contract and this for the purpose of consumer protection. And also because the French legislator extended the scope of liability so that the passenger would find a basis for compensation for damage, based on the tort liability of the carrier. After it was difficult to establish the contractual relationship, and this is also taken by the Algerian legislator.

Key words :Transporter- safety – passenger – responsibility

مـــــــــــقــــــــــــدمـــــــــــــــــــــــــــة:

إن مقتضى الالتزام بضمان السلامة هو التزام الناقل بإيصال الراكب أو مستهلك خدمة النقل إلى مكانه المقصود سالما معافى دون أن تلحقه أية إصابة أثناء النقل ، وذلك تحت طائلة إثارة مسؤوليته العقدية ، وهي مسؤولية مفترضة لا يجوز له بأي حال من الأحوال دفعها بفعل كل ما هو ضروري لتجنب الضرر اللاحق بالراكب وأنه لم يصدر منه أي تقصير بل عليه أن يثبت القوة القاهرة أو خطأ الضحية ، وهذا هو الطرح الذي تبناه المشرع الجزائري من خلال قوانينه ، طرح تبرره أبعاد اجتماعية أساسها الوقوف إلى جانب الطرف الضعيف وهو الراكب المصاب.

والمشرع الفرنسي نص بداية على مسؤولية الناقل العقدية بخصوص سلامة البضائع المنقولة في الفصل 103 من القانون التجاري الفرنسي دون أن يتحدث عن هذه المسؤولية في مجال نقل الأشخاص . أما موقف القضاء الفرنسي فكان يشترط على المسافر إثبات خطا الناقل لكي يتسنى له الحصول على التعويض ، غير أن انتقادات الفقه جعلته يتراجع عن توجهه السابق حيت فرض على الناقل إيصال المسافر سالما إلى مكانه المقصودة ، وإذا أصابه ضرر أثناء عملية النقل تثار مسؤوليته العقدية بغض النظر عن فكرة الخطأ .

ويجمع الفقه حاليا على أن مسؤولية ناقل الأشخاص هي مسؤولية عقدية أساسها عقد النقل الرابط بين الناقل والراكب وهذا يعني أن الاتجاه الذي كان يؤسس هذه المسؤولية وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية أصبح مهجورا في الآونة الراهنة .

وقد حظي موضوع الالتزام بضمان السلامة في مجال نقل الأشخاص باهتمام فقهي وقضائي واسع ومثير لنقاشات عميقة وذلك بفعل الإشكاليات القانونية التي يثيرها مثل تحديد طبيعة الالتزام بضمان السلامة هل هو التزام بتحقيق نتيجة أم التزام ببذل عناية .

وتبعا لما سبق وأمام اختلاف المواقف الفقهية والحلول القضائية المسجلة حول هذه النقاط سواء على مستوى القانون الجزائري أو القانون الفرنسي، سنحاول مناقشة خصوصيات الالتزام بضمان السلامة في مجال النقل البحري للأشخاص وفق التصميم الآتي:

المبحث الأول: ماهية الالتزام بضمان السلامة

المبحث الثاني: مصدر الالتزام بضمان السلامة

المبحث الأول:ماهية بالالتزام بالسلامة

يتناول عادة الفقه الالتزام بضمان السلامة محددا شروطه كما يلي: ضرورة وجود عقد نقل أو شبيه به، وجود مهني متخصص……الخ.

غير أن هذا التناول لم يعد يتناسب مع عمومية الالتزام بضمان السلامة. فقد خرج هذا الأخير و منذ زمن بعيد عن طوق عقد النقل و امتد إلى غيره من العقود التي لا يوجــد فيها معـــنى للنقل و تسليم الدائن نفسه لمهني محترف في عمليات النقل و السياحة و التنزه. فقد أصبح الالتزام بضمان السلامة يوجد الآن في عقود لم يكن من المتصور وجوده فيها. و عليه لتناول فكرة السلامة لا بد من التـــــــــــــطرق إلى تعــــــــــــــــريف هذا الالتزام بالنظر إلى شروطه في المطلب الأول و تعريفه بالنظر إلى ذاتيته في المطلب الثاني.

المطلب الأول: التعريف بالالتزام بضمان السلامة بالنظر إلى شروطه

تتناول معظم الدراسات الحالية الالتزام بضمان السلامة عن طريق تناول شروطه و خصائصه[1]. فيرى الفقه أن الالتزام بضمان السلامة يقتضي توافر عدد من الشروط : أن يلجأ أحد المتعاقدين للمتعاقد الآخر من أجل الحصول على منتج أو خدمة معينة أن يوجد خطر يهدد المتعاقد طالب الخدمة أو المنتج ، اخيرا أن يكون المتعاقد الملتزم بتقديم الخدمة أو المنتج مهنيا محترفا [2] .

غير أن تعريف الالتزام بالنظر إلى الشروط المتطلبة لوجوده لا يلقي الضوء على ماهية هذا الالتزام ما المقصود بالسلامة التي يلتزم بها المدين ؟ ما هو المطلوب من هذا الأخير بالضبط:هل يلتزم بعدم وقوع فعل يمس بسلامة المتعاقد معه أم يلتزم بأن يتوقع الفعل الذي يمس بسلامة هذا المتعاقد معه أم يلتزم بأن يتوقع الفعل الذي يمس بسلامة هذا المتعاقد ؟ ثم ما الذي يلقي على عاتقه في حالة توقع أو عدم توقع الفعل الضار ؟ و هكذا لذلك فإن التعريف بالالتزام بضمان السلامة يقتضي التعرض لماهية هذا الالتزام ذاتها و ليس شرطا أو أثرا له[3].

لذلك يرى بعض الفقه أن الالتزام بالسلامة ينظر له من باب ذاتيته ، و النظر إليه كالتزام تبعي في العقد لا يتعلق إلا بالأشخاص و لا يكون من حيث المبدأ إلا بتحقيق نتيجة . و عليه يقتضي في تعريف الالتزام بالسلامة النظر إلى مضمونه[4]و ليس إلى شروطه و خصائصه. و النظر إلى ذات الالتزام السلامة يقتضي أيضا التعرض للمقصود بفكرة السلامة في ذاتها ثم مضمون الالتزام بالسلامة[5].

المطلب الثاني: تعريف الالتزام بالسلامة بالنظر إلى ذاتيته

النظر إلى الالتزام بالسلامة ، كما يقـــــــــرر بعض الفقه ، كالتزام تبعي accessoire في العقد لا يتعلق إلا بالأشخاص و لا يكون من حيث المبدأ إلا بتحقيق نتيجة يقتضي أن نعــــــــــــــرفه بالنـــــــــــــظر إلى مضمونه ، و ليس بالنظر إلى شروطه و خصائصه .

و في هذا الخصوص يقدم أحد الباحثين الفرنسيين تحليلا للالتزام بالسلامة بالنظر إلى السبب الأجنبي . غير أن هذا التحليل يمكن تقديمه بصفة عامة كتحليل للالتزام بضمان السلامة في ذاته يضاف إلى ذلك خصوصية بعض العقود .

الفرع الأول: فكرة السلامة في ذاتها

تقتضي فكرة السلامة أن يمارس المدين بها سيطرة فعلية على كل العناصر التي يمكن أن تسبب ضررا للدائن بها، و يعني ذلك أن تكون تلك العناصر داخلة في إطار العقد الذي يربط الدائن بالمدين.

1 ـ ضرورة السيرة الفعلية على العناصر المسببة للضرر

يركز الفقه في تحليله للالتزام بالسلامة على طبيعة هذا الالتزام ( التزام ببذل عناية أم التزام بتحقيق نتيجة ) أكثر من التركيز على محل هذا الالتزام[6].

و ترجع الصعوبة في التحليل ربما إلى عدم دقة مصطلح السلامة و يرجع هذا بدوره أحيانا إلى أن المحل الذي تحمل عليه هذه السلامة يفتقر هو الآخر بدوره إلى الوضوح[7]. رغم هذه الملاحظة أمكن تحديد المقصود بالسلامة، حيث يقصد به في الحالة الأخيرة التي يكون فيها التكامل الجسدي و الصحي للمتعاقد محفوظا من أي اعتداء يسببه له تنفيذ الالتزامات التعاقدية في الاتفاق المبرم بين هذا الأخير و بين مهني محترف. فالناقل على سبيل المثال ، يلتزم بأن يوصل المسافر سالما معافى إلى الجهة التي يقصدها . و يشمل هذا الالتزام الوقت من اللحظة التي يركب فيها هذا المسافر السيارة أو السفينة أو غير ذلك من وسائل النقل إلى لحظة نزوله منها.

و السلامة بهذا المعنى ( monolithique) لا يحتمل التدرج أو التنوع فعندما تكون السلامة هي محل الالتزام كما يقول بعض الفقهاء فلا يمكن التعبير عنها بطريقة وسط، فالتنفيذ لا يحمل الزيادة أو النقص فالسلامة غير قابلة للتجزئة[8].

وبهذا من أجل الوفاء بها فيجب أن تغطي السلامة كل مدة تنفيذ الالتزامات المتولدة عن العقد الذي أنشأها و أن تكون مطلقة لا يشوبها نقص و لا تعترضـــها حــادثة .

بعد تحديد المقصود بالسلامة نستطـــيع أن نحدد محل هذه السلامة و هذا الأخــــير يقصد به أن يسيطر المدين على العناصر التي يمكن أن تسبب الضرر و هذا يعني السيطرة [9]على تصرفات الأشخاص أو على الأشياء المستخدمة في تنفيذ العقد .

فالقضاء توسع في مفهوم السيطرة الفعلية للأشخاص و الأشياء غير أن المهم في هذا الصدد أن السيطرة الفعلية على العناصر التي يمـــــــــــــكن أن تصيب الضرر للدائن في الالتزام تقتضي أن تنتمي هذه العناصر إلى العقد المبرم بين هذا الدائن و بين المهني المحترف و ليست خارجة عنه .

2 ـ ضرورة انتماء العناصر المسببة للضرر للعقد المبرم بين الدائن و المدين في الالتزام بالسلامة

يتضح شرط انتماء العناصر المسببة للضرر للعقد من حقيقة أن هذا الأخير عبارة عن دائرة مغلقة على عاقديه تتبادلان فيه أداءات مختلفة و أن هذا العقدي يجب أن لا يعرض الدائن إلى خطر أكثر مما يتعرض له الغير [10].

و تبين أحكام القضاء الصادرة في موضوع نقل عدوى الايدز حيث تلتزم مراكز نقل الدم بالتزام تحقيق نتيجة هي سلامة الأشخاص محل عملية نقل الدم ، تشددا واضحا في تحديد المجال العقدي و في هذا الخصوص لا يعتبر العيب الداخلي حتى ولو كان صعب الاكتشاف indicibles ، سببا أجنبيا بالنسبة لمركز الدم .

هذا المبدأ و إن كان ليس جديدا في هذه المسألة إلا أنه يثير أن الشيء المستخدم في تنفيذ الالتزام يجب ألا يسبب أي أثر ضار للتكامل الجسدي و الصحي للمستفيد من هذا التنفيذ. و تقرر الأحكام الصادرة في مسألة الإصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائي “س” نفس هذا الحكم[11].

أما بالنسبة لعقد النقل البحري لا بد أن يكون الضرر الناتج عنه مرتبط به أو ينتمي إليه، كأن يتسمم الراكب نتيجة الأكل الذي تناوله على السفينة، أو تعرض لإصابة نتيجة سقوط معدة عليه غير محكمة الوضع على السفينة.

الفرع الثاني: مضمون الالتزام بضمان السلامة

عندما يقع على المتعاقد أو المهني الالتزام بالسلامة فإنه يلتزم بتوقع الحادث الذي يمـــــــــكن أن يخل بسلامة المتعاقد الآخر و يلتزم أيضا بأن يتصرف من أجل منع حدوثه من الأصل أو على الأقل تجنب آثاره.

1 ـ التزام المدين بالسلامة بضرورة توقع الحادث الضار

من أجل توقع الحادث الضار يقوم المدين بالالتزام بالسلامة بتخيل الحادث المستقبلي الذي يمكن أن يرتب عليه ضرر بالمتعاقد معه و بتقدير مدى احتمالية وقوع الحادث.

من أجل الوفـــــــــــاء بالتزامه بالسلامة كالتزام بتحقيق نتيجة يجب أن يتوقع المدين كل الحوادث التي تعترض التنفيذ العادي و الصحيح للعقد و التي يمكن أن تولد أضرارا جسدية للمتعاقد الآخر. فرفض القضاء بصفة دائمة للسبب الأجنبي كوسيلة لاستبعاد مسؤولية المدين ، يرتبط ليس فقط بأن هذه الأخيرة كان يمكنه توقع الحادث ، و لكن لأن هذا الحادث كان محتملا ، فكون الحادث متوقعا يقدم دائما كنتيجة منطقية لا يستطيع أن يتخلص منها المدين بإثبات السبب الأجنبي .

فإذا كان عدم التوقع مميزا من مميزات السبب الأجنبي الذي يدفع مسؤولية المدين بالالتزام [12]فإنــه يــكون مخــلا بالتزامه في حالة ما إذا كان الحادث الضار متوقعا و محتمل الوقوع . و تطبيقا لهذا النظر لم تعتبر محكمة النقض الفرنسية قوة قاهرة سقوط الصخور على شريط السكك الحديدية و الذي أدى إلى خروج القطار عنه.

لأن انهيار الأتربة من الجسر، كما ثبت لقاضي الموضوع يدل على قدمه، الأمر الذي يجعل سقوط الصخور منه أمرا متوقعا و يمثل هذا الاتجاه قضاء مستقرا لمحكمة النقص الفرنسية.

2 ـ التزام المدين بالسلامة بالتصرف من أجل منع الحادث الضار أو التقليل من آثاره

يفرض توقع الحادث الضار على عاتق الشخص الملقى على عاتقه الالتزام بالسلامة واجبا بالتصرف حيــــــــــال هذا الأمر و من هنا يلتزم المدين بضمان السلامة بأن يتخذ كل الاحتياطـات و الاجراءات اللازمة لمنع وقوع الحادث الضار[13].

أ ــ اتخاذ الاجراءات الكفيلة بمنع وقوع الحادث الضار

في هذا الفرض توقع المدين بالالتزام بالسلامة وجود تهديد يمس أمن و سلامة المتعاقد الآخر فيفرض عليه ذلك ضرورة اتخاذ إجراء فعال لمنع هذا التهديد[14].

و يكرس القضاء الحل المتقدم في تطبيقات متعددة فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن وضع كراسي مكدسة empilées من أجل منع الدخول إلى حمام السباحة في أحد المطاعم و الذي وجد فيه طفل ميت لا يشكل إجراء فــعالا و كافيا للحماية و لا يسمح بالتالي للمسؤول أن يســـــــــــــتبعد المسؤولية على أساس المادة 1147 من القانون المدني [15].

ب ــ اتخاذ الاجراءات اللازمة لتقليل الآثار الضارة للحادث

إذا لم يكن في وسع المدين تجنب وقوع الحادث الضار فعلى الأقل يجب عليه أن يتخذ من الاجراءات ما يمنع حصول الضرر أو ما يخفف من الآثار الضارة للحادث بالنسبة للمتعاقد الآخر .

و في هذا الخصوص لوحظ تشدد القضاء في اعتبار الحادث الضار غير متوقع أو غير ممكن الدفع , بعبارة أخرى يرفض القضاء دائما اعتبار الحوادث الضارة بالسلامة الجسدية للمتعاقد غير ممكنة الدفع ، الأمر الذي يؤكد معه القضاء عدم وفاء الدين بالتزامه بضمان سلامة المتعاقد معه .

وفي نهاية هذا التحليل تقرر مع البعض أن الالتزام بالسلامة يمكن تعريفه على النحو التالي: ” الالتزام بالسلامة يتكون من سيطرة المدين على الأشخاص و على الأشياء التي تثير الضرر الجسدي، و تنفيذه بطريقة كاملة يستلزم خطوة مزدوجة. توقع الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها الدائن و التصرف حيال هذه الأخطار إما بمنع وقوعها أو التقليل من آثارها[16].

المبحث الثاني: مصدر الالتزام بضمان السلامة

نشأ الالتزام بضمان السلامة أول ما نشأ في الايطار العقدي غير أن الرغبة التشريعية في حماسة المستهلك اقتضت سن نصوص غيرت من طبيعة هذا الالتزام .

و عليه سنتناول في المطلب الأول العـــــــقد مصدر الالتزام، و في المطلب الثاني القانون مصدر الالتزام بضمان السلامة.

المطلب الأول: العقد مصدر الالتزام بضمان السلامة

تؤكد الأحكام الصادرة من القضاء على الطبيعة العقدية لضمان السلامة (الفرع الاول) غير أن هذا التأكيد لا يخلو من النقد (الفرع الثاني) .

الفرع الأول: الطبيعة العقدية للالتزام بضمان السلامة

إن التأكيد القضائي على وجود الالتزام بضمان السلامة يقع على المدين يثير الأساس القانوني لهذا الالتزام، كما أنه أصبغ على هذا الالتزام على هذا الالتزام الطبيعة التبعية أو الثانوية.

1 ـ أساس الالتزام بضمان السلامة

إن إدخال الالتزام بضمان السلامة في العقود يستجيب لحاجة عالمية معاصرة في القانون المقارن [17]و لتفهم جــديد لفكرة العــقد الذي يتكون من معطيات موضوعية و أخرى شخصية . فــعبــــــــــــــــارات الــعقد و كلـماته كتعــبير عــن إرادة الأطراف تلغى و تمحى أمام روح الاتفاق الذي يجمعهم في هذا الاطار يستطيع القاضي أن يضيف بما له من سلطة في التفسير إلى مضمون العقد التزامات غير موجودة فيه و لم يعبر طرفاه عنها [18].

نصت المادة 1135 من القانون المدني الفرنسي على أن الاتفاقات لا تكون ملزمة فقط بكل ما تم التعبير عنه فيها إنما تشمل أيضا ملحقات أو مستلزمات التي تفرضها العدالة و العرف و القانون طبقا لطبيعة الالتزام.

و يرى الفقه المصري أيضا و هو بصدد تحديد نطاق و مضمون العقد أنه يمكن تحميل المتعاقد بالتزامات تعد من مستلزمات العقد وفقا للقانون و العرف و العدالة بحسب طبيعة الالتزام و يضرب المثل على ذلك بالالتزام بضمان السلامة [19]

و طبقا للمادة 1156 من قانون المدني الفرنسي فإن هذه المادة تنص على أنه يجل الرجوع إلى النية المشتركة للمتعاقدين للبحث فيها عن إرادة محتملة volonté probable تمثل الأساس للالتزام بضمان السلامة، غير أن هذا الأساس مشكوك فيه لأنه يقترض المسألة افتراضا. و للتدليل على ذلك قيل أن الناقل في عقد النقل هو الذي يحرر العقد و بتالي ربما يكون قد استبعد مثل هذا الالتزام. وبهذا يبدو نص المادة 1135 أفضل من نص المادة 1156 [20]

فالحقيقة أن العقد ليس له منفعة اقــــــــــــــــتصادية فقط، تلك المنفعة التي تدفع الأفراد إلى التعاقد و بتالي تمثل سبب العقد بل له منفعة اجتماعية تتعدى ما تتجه إليه إرادة الأفراد.

إذن من الآن فصاعدا ، عندما يدخل شخص ما في علاقة تعاقدية فإنه لن يلتزم فقط بالأداء المتفق عليه بل سيصبح مسؤولا أيضا عن النتائج الضارة التي ستتولد أثناء تنفيذ هذا الأداء ، كل ذلك بما يضمن التنفيذ الحسن لهذا الأخير .

و بهذا التطور للعقد من مفهوم شخصي مرتبط بمنفعة الأفراد إلى مــــــــفهوم موضوعي مرتبـــــــــــط بما هو نافع و عادل utile et juste. ـ

2 ـ الطبيعة التبعية أو الجوهرية للالتزام بضمان السلامة

يلاحظ بروز حركة منذ بداية القرن الماضي في صالح إنشاء التزامات تبعية خاصة في عقود الإذعان[21]. من هذه الالتزامات الالتزام بضمان السلامة . فهذا الالتزام و إن كان ينشأ منذ إبرام العقد ، فإنه التزام تبعي أو ثانوي يرتبط في تنفيذه و انقضائه بتنفيذ و انقضاء الالتزام الأصلي في العقد[22]. فالالتزام بضمان السلامة يقدم إذن كالتزام تبعي أو ثانوي .

غــــــــــــــــير أن هـــــذا القول يبدو غير دقيق لهذا يقدم الفقه تحليلا يرفع من وضع الالتزام بضمان السلامة من التزام ثانوي إلى التزام جوهري[23].

و يرى الفقه أن القضاء عندما فرض الالتزام بسلامة الراكب على عاتق الناقل فإنه قد صاغ هذا الالتزام في عبارة أصبحت تجري مجرى الأمثال وفقا لها ، لا يلتزم الناقل فقط بتوصيل المسافر إلى جهة الوصول المتفق عليها بل يجب عليه أيضا توصيله إلى هذه الجهة سليما معافى و لما كان الالتزام بالنقل في عقد النقل هو التزام جوهري فإن الالتزام بالسلامة يصبح هو الآخر التزاما جوهريا لأن الإخلال بهذا الأخير يعتبر إخلالا بالالتزام بالنقل بذاته و ضياع للهدف منه . و يترتب على ذلك نتيجة مــؤداها حظـــر شروط الإعفاء من المسؤولية عن الضرر الذي يصيب الإنسان في جسده أي نتيجة الإخلال بالالتزام بضمان السلامة ، و هي نتيجة لا تستقيم إلا مع التقرير بجوهرية الالتزام بضمان السلامة .

الفرع الثاني : تقدير الطبيعة العقدية للالتزام بضمان السلامة

لقد اخترع القضاء التزام بضمان السلامة من أجل تحسين موقف المتعاقد المضرور و حمايته[24]. غير أنه من الغريب أن يرى هذا الأخير حمايته و قد تقلصت بسبب هذا الاختراع القضائي. فهذا المتعاقد وجد نفسه مضطرا لسلوك طريق المسؤولية العقدية على أساس المبدأ الذي يحظر الجمع بين المسؤوليتين العقدية و التقصيرية . يضاف إلى ذلك أن القضاء كان يرى في الالتزام بضمان السلامة التزاما ببذل عناية أو بوسيلة .

الأمر الذي يترتب عليه اصطدام المضرور بعقبة إثباتا خطأ المتعاقد الآخر. هذه الظاهرة الضارة بالمتعاقد أثارت ابتداءا من الثمانينات انحسارا و انكماشا للالتزام العقدي بضمان السلامة[25].

فابتداءا من الثمانينات بدأ المشرع ينص عــلى مســألة أمـــن و ســلامة المنتجات و الخدمات و نفس هذا الأمر نجده على مستوى قانون الاستهلاك الجزائري .

إذن في نهاية المطاف أصبح القانون هو مصدر الالتزام بضمان السلامة، الأمر الذي يستحق أن نفرد له دراسة خاصة في الفرع الثاني الموالي.

المطلب الثاني: القانون مصدر الالتزام بضمان السلامة

رغبة في حماية المستهلكين أورد المشرع نصوصا تجعل من الالتزام بضمان السلامة التزاما قانونيا يفرض في كل العقود التي يكون أحد طرفيها مهنيا محترفا. وفي تناول القانون كمصدر للالتزام بضمان السلامة نرى من المناسب أن نبين الموقف في قانون الاستهلاك من الالتزام بضمان السلامة.

الفرع الأول: الالتزام العام بضمان السلامة في قانون الاستهلاك

ووفقا للمادة 221 -1 L من تقنين الاستهلاك الفرنسي ، أن المنتجات و الخدمات يجب في اطار الشروط العادية للاستخدام أو في اطار الشروط الاخرى المتوقعة من المهني ، أن تقدم السلامة التي ينتظرها المستهلك و ألا تحمل اعتداء على سلامة الأشخاص[26].

و يرى بعض الفقه أن فرض مثل هذا الالتزام أكثر من كونه تجديدا حقيقيا ، يمثل رغبة و إرادة المشرع في القول بأن هذا الالتزام القانوني بالسلامة ليس تكرارا للالتزام بالسلامة الذي كان القضاء قد استخلصه في العديد من العقود منذ ما يقارب من قرن من الزمان .

أما في مصر فقد أعلى قانون حماية المستهلك رقم 67 لسنة 2006 من قيمة مبدأ وجود التزام بالسلامة على عاتق المهني إذ جعله حقا من حقوق المستهلك الأساسية التي يحظر الإخلال بها [27] .ـ

أما المشرع الجزائري قرر هذا التزام و القاه على عاتق المهني و كرسه في قوانين حماية المستهلك بدءا من قانون 89 ـ 02 المتعلق بالأحكام العامة لحماية المستهلك و الملغى بموجب القانون 09 ـ 03 المتعلق بحمــــــــــــــــاية المستهلك و قمع الغش و الذي أقر حقوق المستهلك التي من بينها السلامة . و لبيان هذا نتناول طبيعة الالتزام بضمان السلامة في قانون الاستهلاك، و أيضا مقارنة بين الالتزام القانوني و الالتزام العقدي للالتزام بضمان السلامة.

1 ــ طبيعة الالتزام بضمان السلامة في قانون الاستهلاك

لقيام الالتزام بضمان السلامة ، بصفة عامة يجب أن تعتبر أنه في كل العقود التي تتضمن أداء خدمات ، يوجد التزام على عاتق مقدم الخدمات بألا يسبب أضرار جسدية للأشخاص المستفيدين منها و بالخاضعين لحراسته[28].

في المقابل لا يمكن استخلاص وجود هذا الالتزام في العقود التي لا تولد على عاتق المدين إلا التزاما باستقبال (المضرور) الدائن. في هذه الحالة يكون من المشكوك فيه وجود التزام تعاقدي بضمان السلامة يقع على عاتق المدين.

و يرتب الفقه على ذلك أن الالتزام بضمان السلامة يكون التزاما بتحقيق نتيجة في الحالة الاولى و يكون مجرد التزام ببذل عناية في الحالة الثانية .

و بناء على الدور الذي يلعبه الدائن ، و هل كان ايجابيا أم لا ، تختار المحاكم بين الالتزام بتحقيق نتيجة و الالتزام ببذل عناية . و تطبيقا لهذا المعيار قضت محكمة النقض الفرنسية بأن الالتزام بضمان السلامة الملقى على عاتق مستغل d’un télé siège التزام ببذل عناية في أثناء عمليات الصعود و الهبوط.

بالإضافة إلى ما تقدم يمكن التمييز أيضا بين عدة اتجاهات في داخل القضاء الفرنسي و بعد مرور فترة من الزمن ترك فيها القضاء الفرنسي تكييف الالتزام بضمان السلامة على أنه التزام بوسيلة عاد هذا الوصف مرة أخرى إلى الظهور مرة أخرى في بعض الأحكام .

2 ـ مقارنة بين الالتزام العقدي و الالتزام القانوني للالتزام بضمان السلامة

السؤال الذي يطرح نفسه هل الالتزام بضمان السلامة المنصوص عليه في القانون يختلف عن الالتزام بضمان السلامة الذي استخلصه القضاء ام العكس يعتبر تكرار لهذا الالتزام ؟

يرى بعض الفقه الفرنسي أنه عند الإشارة إلى التطورات الحديثة التي عرفها الالتزام القضائي بضمان السلامة، فإنه يجب أن يلحق بهذا الأخير الالتزام القانوني بالسلامة المقررة في تقنين الاستهلاك بالتحديد المادة 221 / 1 L من تقنيـــن الــــفرنسي للاستهلاك. فــــإن هــــذه الـــمادة تـــــضع مـــبدأ و أنـــــها لا تــــقدم بـــذلك أســــاسا جـــديدا لدعـــاوى الــــمسؤولية ضـــد المهـــنيين إنــــما تلتزم المحاكم باللــــجوء إلى الأحكام العقدية أو التقصيرية مــن أجــــل تــحديد نظام التعويض .

كما أن النظر للالتزام بضمان السلامة يحقق ميزة ثلاثية للمضرور:

* أنه يتفادى النقد الموجه إلى الاساس التعاقدي للالتزام بضمان السلامة . فتغيرات الفقه عن الصفة التعاقدية للالتزام توحي بمدى ضعف الأساس التعاقدي لهذا الالتزام. فالفقه أحيانا يتحدث عن الإرادة المحتملة للمتعاقدين volonté probable و أحيانا الإرادة المفترضة لهما présumé.

* إنهاء التردد القضائي حول طبيعة الالتزام بضمان السلامة فوجود نص قانوني يقرر ضمان سلامة المستهلك ( القانون المدني – قانون الاستهلاك ) يحزم بالتحول الذي حدث في طبيعة الالتزام ، في الغالب من المفروض من التزام ببذل عناية إلى التزام بتحقيق نتيجة و هذا الأمر يؤكد التحليل الفقهي الذي لا يرى في الالتزام بضمان السلامة إلا التزاما بتحقيق نتيجة[29].

* نقل عبء الإثبات من على عاتق مستهلك السلعة أو الخدمة و الإلقاء به على عاتق المهني. و تبدو هذه النتيجة منطقية في ظل التحول الحاصل في طبيعة الالتزام بضمان السلامة.

الخاتمة:

فالالتزامات التعــــــــاقدية تنقسم إلى التزام ببــــــــــــذل عناية و الذي يحكم نظام المسؤولية القائمة على الخطأ الواجب الإثبات و التزام بتحقيق نتيجة الذي تقوم عليه المسؤولية المفترضة . و قد أضاف القضاء الفرنسي التزام آخر يتوسط هذين النوعين و هو : الالتزام ببذل عناية مشدد أو بتحقيق نتيجة مخففة و الذي يعطي المجال لقيام المسؤولية القائمة على أساس الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس .

هذا التقسيم يسمح باختيار نظام المسؤولية الأكثــر ملائمــة بـــالنــظر إلــى مختلف الظروف و التي قد لا تسمح قواعد المسؤولية التقصيرية بأخذها بعين الاعتبار . و هذه الظروف قد ترجع إلى طبيعة الأداء محل العقد و إلى المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الدائن و إلى أهمية المصالح المعرضة للخطر ، فسلامة الأشخاص أكثر أهمية من حماية الأموال .

وقد ترجع إلى طرفي العقد فبالنسبة للمدين ينظر فيما إذا كان قد تلقى مقابلا لأدائه أم لا. و فيما إذا كان شخصا عاديا أو محترف متخصصا و بالنسبة للدائن ينظر إلى مدى مشاركته في تنفيذ الأداء محل العقد و إلى صفته كمحترف أو غير محترف[30]. فالأساس التعاقدي للالتزام بضمان السلامة يؤدي إلى التوفيق بين المصالح المتعارضة لطرفي العقد[31].

فالفقه ذهب لعدم الخيرة بين المسؤوليتين ( المسؤولية التقصيرية و المسؤولية التعاقدية) في حالة المساس بالسلامة الجسدية للأشخاص و ذلك لتفادي الاختلاف في المعاملة بين المضرورين في الحادث ذاته بحيث ما إذا كانت هناك علاقة عقدية بين المضرور و المسؤول أو لا توجد [32].

المراجع:

صالح ناصر العتيبي ، فكرة الجوهرية في العلاقة العقدية ، دراسة مقارنة ، طبعة الأولى ، 2001 .
عابد فايد عبد الفتاح فايد ، الالتزام بضمان السلامة في عقود السياحة على ضوء قواعد حماية المستهلك ، دراسة مقارنة ، دار الكتب القانونية ، 2010 .
عبد الله أقصاصي ، الالتزام بضمان السلامة في العقود ، دار الفكر الجامعي ، إسكندرية ، 2010 .
محــــــــــــــمد عمران، الالتزام بضمان الســــــــــــــلامة و تطبيقاته في بعض العقود دار النهضة العربية، 1980.
محمود التلتي ، الالتزام بضمان السلامة و تطبيقاته في بعض العقود دار النهضة العربية ، 1980 .
محمود جمال الدين زكي ، مشكلات المسؤولية المدنية ، الجزء الأول 1978 .
ميراد إبراهيم ، الالتزام لضمان سلامة الركاب في عقد النقل البحري ، رسالة ماجستير في القانون البحري ، كلية الحقوق وهران 2011 ـ 2012 .
VINEY. traité de droit civil. introduction à la responsabilité. op. cit .n 168
RZEPECKI. droit de la consommation et la théorie général du contrat .n 163
JOURDAIN. « le fondement de l’obligation de sécurité ». GAZ .POL.21-23Septembre 1997.
LAMBRERT-FAIVRE. « fondement et régime de l’obligation de sécurité ». D1994. Chr. 81.
[1] ــ أنظر ، محمود التلتي ، الالتزام بضمان السلامة و تطبيقاته في بعض العقود دار النهضة العربية ، 1980 ، ص 203 .

[2] ـ يبرر الفقه و القضاء الالتزام بالسلامة في هذا الصدد بعدم المساواة الموجودة بين المتعاقد ( المستهلك) و بين المهني. فهذا الأخير يسيطر دائما على فنياته في مواجهة عميل أو مستهلك جاهل بأصول هذه الفنيات، الأمر الذي يمكن أن يعرض العميل لخطر معين.

[3] ـ انظر ، عبد الله أقصاصي ، الالتزام بضمان السلامة في العقود ، دار الفكر الجامعي ، إسكندرية ، 2010 ، ص 18 .

[4] ـ انظر ، محمود جمال الدين زكي ، مشكلات المسؤولية المدنية ، الجزء الأول 1978 ، ص 238 .

[5] ـ انظر ، ميراد إبراهيم ، الالتزام لضمان سلامة الركاب في عقد النقل البحري ، رسالة ماجستير في القانون البحري ، كلية الحقوق وهران 2011 ـ 2012 ، ص 83 .

[6] Y.LAMBRERT-FAIVRE. « fondement et régime de l’obligation de sécurité ». D1994. Chr. 81 حيث تركز المؤلفة على نقد التفرقة بين الالتزام ببذل عناية و الالتزام بتحقيق نتيجة و تقترح بدلا منها الالتزام بالحرص obligation de prudence و الالتزام المحدد obligation déterminé ، أنظر كذلك ، محمد علي عمران المرجع السابق ، ص 197 .

[7] ـ انظر ، عابد فايد عبد الفتاح فايد ، الالتزام بضمان السلامة في عقود السياحة على ضوء قواعد حماية المستهلك ، دراسة مقارنة ، دار الكتب القانونية ، 2010 ، ص 21 .

[8] – P.JOURDAIN. « Le fondement de l’obligation de sécurité ». GAZ .POL.21 ـ 23 Septembre 1997 .p 22.

[9] ــ السيطرة يقصد بها التأثير الكامل empire complet أي توجيه و رقابة يمارسان بواسطة المدين بالسلامة على هذه التصرفات و تلك الأشياء بطريقة أن استخدامها في تنفيذ الالتزامات لايقدم أي ضرر لصحة الدائن أو لتكامله الجسدي .

[10] ــ ـ انظر ، عابد فايد عبد الفتاح فايد ، المرجع السابق ، ص 23 .

[11] ــ إلى جانب موضوع مركز الدم يوجد أيضا موضوع التزام المطاعم بسلامة روادها و على إثر حدوث تسمم غذائي لأحد عملاء أحد المطاعم اعتبرت محكمة استئناف بواتييه Poitiers أن وجود عيب داخلي في الشيء موضوع العقد يمنع في حالة انعدام تدخل عنصر خارجي بالمعنى الدقيق للكلمة ، استبعاد مسؤولية صاحب المطعم بسبب القوة القاهرة فشرط انتماء العناصر للعقد أو شرط الداخلية intériorité يبلور إذن الالتزام يضمان السلامة المرتبط بوجود و تنفيذ العقد المبرم بين صاحب المطعم و العميل تنفيذا صحيحا .

[12] ـ انظر، محمود جمال الدين زكي، المرجع السابق، ص 261.

[13] ـ يسود القضاء الفرنسي اتجاهين متميزان: فالمدين يجب أن يتجنب وقوع الحادث نفسه (أ) و إذا لم يستطع ذلك فعليه على الأقل أن يقاوم الآثار الضارة لهذا الحادث (ب).

[14] ــ انظر ، فايد عبد الفتاح فايد ، المرجع السابق ، ص 27 .

ـ و في حكمها الصادر في 21 أكتوبر 1997 قضت محكمة النقص الفرنسية Sncf 15 ـ عن جرح أحد المسافرين مؤكدة أن الحادث كان من الممكن أن تجنبها بوضع نظام مناسب يمنع فتح الأبواب أثناء سير القطار . في هذه القضية أشارت محكمة النقض إلى عدم استفاء أحد عناصر الالتزام بالسلامة و هو المتعلق بمنع حصول الحادث الضار و حددت المحكمة للمدين مضمون الاحتياط التي كان يجب عليه اتخاذها من أجل تنفيذ التزامه بضمان السلامة تنفيذا صحيحا . أشار إليه ، فايد عبد الفتاح فايد ، المرجع السابق ، ص 27 ، و أيضا F.DEFFERRARD. Une analyse de l’obligation de sécurité à l’épreuve de la cause étrangère .m15.p 367.

[16] ــ انظر ، فايد عبد الفتاح فايد ، المرجع السابق ، ص 28 . و أشار إليها ميراد إبراهيم ، المرجع السابق ص 105 .

[17]Y.LAMBERT-FAIVR. « Fondement et régime de l’obligation de sécurité ».D1994 . Chr.81. حيث ترى المؤلفة أن الالتزام بالسلامة يستند على مبدأ طبيعي يهدف للحفاظ على التكامل الجسدي.

[18] ـ ميلاد الالتزام بضمان السلامة في عقد النقل 1911 يؤكد هذه السلطة التي تتمتع بها المحاكم في إنشاء الالتزامات التي كان الأفراد بلا أدنى شك لا يتحملونها عند لحظة إبرام العقد ، و لم يتوقف الأمر عند عقد النقل ، فقد انتقلت عدوى الالتزام لضمان السلامة إلى بقية العقود .

[19] ــ انظر، محمود جمال الدين زكي، المرجع السابق، ص 226.

[20] ــ هذه المادة تتبنى مفهوما ماديا للعقد و بتالي تمثل تبريرا لهذا التضخم hypertrophie للقوة الملزمة للعقد.

[21] – G.VINEY. Traité de droit civil. Introduction à la responsabilité. Op. Cit. N 168. P 286.

[22] ـ انظر، محمود جمال الدين زكي، المرجع السابق، ص 247.

[23] ــ انظر ، صالح ناصر العتيبي ، فكرة الجوهرية في العلاقة العقدية ، دراسة مقارنة ، طبعة الاولى 2001 ، ص 176 .

[24] ــ انظر ، صالح ناصر العتيبي ، المرجع نفسه ، ص 177 .

[25] – G.VINEY. Introduction à la responsabilité. p 287.

[26] ـ هذه المادة مأخوذة من قانون 21 يوليو 1983 .

[27] ـ انظر ، عابد فايد عبد الفتاح فايد ، المرجع السابق ، ص 50 .

[28]- N.RZEPECKI. Droit de la consommation et la théorie général du contrat .n 163.p 147. « De manière général .on doit considérer que dans tous les contrats offrant une prestation de services. il y’ a obligation pour le prestataire de ne pas occasionner de dommages corporels aux personnes placées sous sa garde ». Se référant à Lamy droit économique .2002 . N 6381.

[29] – أنظر، محــــــــــــــمد عمران، الالتزام بضمان الســــــــــــــلامة و تطبيقاته في بعض العقود دار النهضة العربية، 1980، ص 198. حيث يقول :” و نحن نرى أن الالتزام بضمان الســـــــــــــــلامة لا يـــــــــــــــكون إلا حيث يتعين على المدين به تحقيق نتيجة معينة ، و بعبارة أخرى لا يكون للالتزام بالسلامة وجود ـ وفـــــــــــــــــقا للمعنى المحدد لالتزام بضمان السلامة ـ حيث يتعين على المدين بهذا الالتزام بالسلامة مجرد بدل العناية الكافية ……” .

[30] ـ انظر ، عبد الله أقصاصي ، المرجع السابق ، ص 293 .

[31] ـ يقول HUET : » أن المصلحة في الالتزامات ببذل عناية تتمثل في إدخال توع من التوازن بين أطراف العقد في الفروض التي يكون فيها من الملائم تطلب إثبات خطأ المدين من أجل الحصول على تعويض الاضرار التي تصيب الاشخاص و الأموال « .

[32] ــ انظر ، عبد الله أقصاصي ، المرجع نفسه ، ص 327 .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت