الفرع الأول – البيع بوجه عام:

البيع في المجلة – وفي الفقه الإسلامي عامة – يتسع لكل مبادلة مال بمال، وينقسم إلى أربعة أقسام: بيع المال بالثمن، ويسمى بالبيع المطلق، لأنه أشهر أقسام البيع. وبيع النقد بالنقد، وهو الصرف، وبيع العين بالعين وهو المقايضة. وبيع مؤجل بمعجل وهو السلم (المادتان 105 و120 من المجلة). وقد سارت بعض التقنينات العربية على ذلك النهج في تعريف البيع، فالتقنين العراقي جعل البيع شاملاً للبيع المطلق والصرف والمقايضة. ولم يرَ حاجة للإشارة إلى السلم بعد أن أصبح بيع الشيء المستقبل جائزًا بوجه عام، لا في بيع السلم فحسب، وكذلك فعل التقنين الأردني فأغفل أن الثمن يجب أن يكون نقدًا، وجعل البيع شاملاً للبيع المطلق والمقايضة والسلم (المواد من 532 – 538 ومن 552 – 556). ولكن المشروع آثر أن يُجرى في تعريف البيع بالمادة (454) على المتعارف، وهو البيع المطلق، وأورد في التعريف الذي جاء به أهم خصائص عقد البيع، وهي تمليك المال – أي نقل ملكية الحق المالي – في مقابل عوض نقدي، فكونه ناقلاً للملكية، يميزه عن عقد الإيجار، وكونه معاوضة يميزه عن عقد الهبة، وكون العوض فيه مبلغًا من النقود يميزه عن عقد المقايضة. وهي خصائص حرصت غالبية التقنينات العربية الأخرى على إبرازها وتحدد المادة (455) من المشروع ما يدخل في البيع ولو لم يذكر في العقد، فلخصت ما أوردته المجلة في هذا الشأن، مقررة أن البيع يشمل كل ما كان من ملحقات المبيع وتوابعه. ويهتدي في ذلك بطبيعة المعاملة وبالعرف وبقصد المتعاقدين، وقد وضع هذا النص في مكانه الصحيح، لتعلقه بالبيع، لا بالتسليم وهو ما لم تفطن إليه كثير من التقنينات الأخرى، التي قنعت بأن تحدد مشتملات التزام البائع بالتسليم. والأولى أن يحدد محل العقد ككل، حتى يتحدد على أساسه مشتملات التزامات البائع جميعها، وليس التزام التسليم فحسب.

أولاً: أركان البيع:

التراضي هو الركن الأساسي في عقد البيع، على أنه يلزم أن يتعلق التراضي بمبيع وثمن لذلك ينص قانون التجارة في الفقرة الأولى من المادة (376) على أن (ينعقد البيع بتراضي المتبايعين على المبيع والثمن)، وهو نص مأخوذ عن نص المادة (557) من المشروع التمهيدي للتقنين المصري. الذي كان يرمي – كما جاء في المذكرة الإيضاحية لذلك المشروع – إلى التمهيد بذكر المبيع والثمن لإيراد النصوص الخاصة بهما، ولكنه حُذف في لجنة المراجعة لأن حكمه مُستفاد من القواعد العامة. وقد آثر المشروع عدم ترديده أيضًا. وانتقل مباشرة – في المواد التالية – إلى بيان الأحكام المتعلقة بالتراضي على المبيع والثمن. فعرض أولاً للعلم بالمبيع ولبعض أنواع من البيوع، كالبيع بالعينة، والبيع بشرط التجربة وبشرط المذاق، التي تجمعها في الفقه الإسلامي الأحكام المتعلقة بخيار الرؤية وخيار الشرط، ثم عرض بعد ذلك لتحديد الثمن وأسس تقديره.

العلم بالمبيع:

طبقًا للقواعد العامة المتعلقة بتعيين محل الالتزام، يكفي أن يكون المبيع معينًا تعيينًا كافيًا يميزه عن غيره ويكون مانعًا من الجهالة الفاحشة ولو لم يكن المشتري عالمًا به، فلا يُشترط رؤية المشتري للمبيع ولا سابقة علمه به ولا وصفه بأكثر من الأوصاف التي تكفي لتعيينه، مع مراعاة ألا يكون المشتري واقعًا في غلط في صفة جوهرية في المبيع، وهو غلط يقع عبء إثباته على عاتق المشتري الذي يدعيه، ولكن الفقه الحنفي يثبت للمشتري الذي لم يرَ المبيع الخيار إذا رآه، فإن شاء أخذه بجميع الثمن، وإن شاء رده بعد رؤيته له، سواء رآه على الصفة التي وُصفت له أو على خلافها، ويُسمى بخيار الرؤية (لقوله صلى الله عليه وسلم) ” من اشترى شيئًا لم يره فله الخيار إذا رآه ” فخيار الرؤية إنما يثبت بعد صحة البيع لرفع الجهالة اليسيرة، أما البائع فلا خيار له، إذا باع ما لم يره، ويسقط خيار الرؤية برؤية المشتري للمبيع ورضائه به صراحة أو دلالة كما يسقط بهلاك بعض المبيع أو تعيبه أو تغيره قبل أن يختار وكذلك بتصرفه في المبيع. أما في فقه المذاهب الثلاثة الأخرى، فإن وصف المبيع يغني عن رؤيته. فالبيع على الوصف جائز ولا يكون للمشتري عند ذاك خيار الرؤية، وإنما يكون له خيار فوات الوصف.

وقد قننت المجلة أحكام العلم بالمبيع (والمقصود بها تعيينه) في المواد من (200 إلى 204)، كما قننت أحكام خيار الرؤية أخذًا عن الفقه الحنفي في المواد من (320 إلى 335)، وكذلك فعل التقنين الأردني (المواد من 184 – 188 والمادتان 466 و467).
أما التقنين المصري فقد عمد إلى التوفيق بين أحكام خيار الرؤية في الفقه الحنفي وبين القواعد العامة المتعلقة بتعيين المبيع، فأوجب في المادة (419) أن يكون المشتري عالمًا بالمبيع علمًا كافيًا – وهو ما يتحقق بالرؤية أصلاً – ولكن يُغني عن الرؤية إما وصف المبيع وصفًا كافيًا وإما إقرار المشتري في العقد بأنه عالم بالمبيع، وأخذت بذلك غالبية التقنينات العربية، ومنها قانون التجارة الكويتي بالمادة (376)، وقد نقل المشروع حكم هذه المادة إلى المادة (456) بعد تعديل طفيف في صياغتها، فالأصل في العلم بالمبيع أن يكون برؤية المبيع ذاتًا، على ما يقول به المذهب الحنفي، ولكنه يجوز تحصيل هذا العلم من اشتمال عقد البيع على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بيانًا يمكن من تعرفه، فيقوم هذا الوصف مقام الرؤية، على نحو ما تأخذ به مذاهب السنة الثلاثة الأخرى. ثم إن إقرار المشتري في عقد البيع بأنه عالم بالمبيع أو سبقت له رؤيته يكون حجة عليه، فلا يكون له حق إبطال البيع بدعوى عدم علمه بالمبيع إلا إذا أثبت تدليس البائع. وذلك دون إخلال بحقه في طلب إبطال البيع تأسيسًا على الغلط وفقًا للقواعد العامة. وقد استحدث المشروع حكمًا جديدًا وإن كان مما تمليه القواعد العامة، فنص بالفقرة الأخيرة من المادة (456) على أنه إذا تسلم المشتري المبيع ولم يعترض عليه خلال فترة معقولة اعتبر ذلك قبولاً للمبيع فلا يكون له بعد ذلك أن يطلب إبطال البيع بدعوى عدم العلم بالمبيع.

البيع بالعينة:

وتعالج المادة (457) من المشروع حالة البيع على أساس عينة أو نموذج يتفق عليه المتعاقدان، وهو المسمى في الفقه الإسلامي بالبيع على رؤية بعض المبيع، وفي ذلك تنص المجلة على أن (الأشياء التي تباع على مقتضى أنموذجها تكفي رؤية الأنموذج منها فقط)، والأصل في هذا أن رؤية جميع المبيع غير مشروطة لتعذرها، فيكتفي برؤية ما يدل على العلم بالمقصود، ورؤية ذلك قبل الشراء كافية في سقوط خيار الرؤية، وبذلك يكون البيع قد انعقد على مبيع مطابق للعينة. ومن ثم وجب، عند تسلمه – أن يكون مطابقًا لها، وإلا جاز للمشتري أن يرفض المبيع أو أي جزء منه، ويكون الجزاء طبقًا للقواعد العامة، المطالبة بالتنفيذ العيني بإجبار البائع على تقديم ما يطابق العينة، أو فسخ البيع، أو طلب إنقاص الثمن إذا كانت قيمة المبيع أقل من قيمة ما يطابق العينة، وذلك دون إخلال بحق المشتري في التعويض، إذا كان له محل. أما المجلة، ويتابعها في ذلك كل من التقنين العراقي والتقنين الأردني فتجعل جزاء عدم المطابقة للنموذج، الفسخ أو الأخذ بالثمن المسمى.

وإذا تلف النموذج أو هلك، فإن كان ذلك وهو في يد المشتري كما هو غالب، وادعى هذا أن المبيع غير مطابق له، كان عليه هو أن يثبت ذلك، سواء كان التلف أو الهلاك بخطأ منه أو بقوة قاهرة، لأن البائع لا يد له في ضياع النموذج. حتى يثبت المشتري (المغايرة)، وإن كان النموذج في يد البائع وتلف أو هلك ولو بغير خطأ منه، وادعى المشتري أن المبيع غير مطابق له، فعلى البائع أن يثبت المطابقة. وهو حكم وارد في غالبية التقنينات المدنية العربية ويأخذ به أيضًا قانون لتجارة الكويتي م 378/ 2.

البيع بشرط التجربة أو بشرط المذاق:

تعرض المادة (458) لحالتي البيع بشرط التجربة والبيع بشرط المذاق، وقد رُئي أن يقتصر المشروع على إيراد نص واحد يتعلق بالبيعين دون تفرقة بينهما على عكس ما فعلت غالبية التقنينات العربية وقانون التجارة الكويتي، لأن المذاق في الحقيقة صورة من صور التجربة، فلا تقوم ثمة ضرورة للمباعدة بين البيعين، ويجيز المشروع اشتراط التجربة أو المذاق، مدة معلومة لقبول البيع أو رفضه دون تحديد لمداها، وإذا سكت المتبايعان، عند إبرام البيع، عن تحديد مدة، حملت على المدة المعتادة التي يترك تقديرها لقاضي الموضوع وفق ظروف الحال وعرف الجهة وطبيعة المعاملة، فإن انقضت المدة دون أن يعلن المشتري رفضه للبيع مع تمكنه من التجربة أو المذاق، اعتبر سكوته الملابس قبولاً، وبذلك فإن البيع لا ينعقد إلا من وقت قبول البيع صراحةً أو دلالةً.

تحديد الثمن:

وتقضي المادة (459) من المشروع بأنه يكفي في تعيين الثمن، أن يكون قابلاً للتقدير. وهو يعتبر كذلك ما دامت الأسس التي يقوم عليها تقديره متفقًا عليها بين المتبايعين، كان يكون أساس التقدير السعر المتداول في التجارة أو سعر السوق، وكما هو الحال في بياعات الأمانة. وأجاز المشروع أن يترك المتبايعان تحديد الثمن لأجنبي يتفقان عليه عند البيع. لأن الثمن هنا وإن لم يقدره المتبايعان، إلا أنهما جعلاه قابلا للتقدير. وما يقدره الأجنبي ثمنًا للبيع يكون ملزمًا لكل من البائع والمشتري، ما لم يثبت تدليسه. فإذا لم يحدد الأجنبي الثمن – في وقت مناسب – لأي سبب كان، كان الثمن هو ثمن المثل، اعتبارًا بأنه الثمن العادل، أما إذا لم يتفق المتعاقدان على تحديد الثمن أو على جعله قابلاً للتحديد، ببيان الأسس التي يحدد بمقتضاها أو بتفويض طرف ثالث في تحديده، فإن البيع يكون باطلاً لتخلف ركن من أركانه، ومع ذلك تقضي المادة (460) من المشروع بأنه لا يترتب على عدم تحديد الثمن على الوجه المتقدم بطلان البيع إذا تبين من الاتفاق أو الظروف قصد المتعاقدين التعامل بالسعر المتداول بينهما أو بسعر السوق. فقد يظهر من الظروف والملابسات – إذا كان بين المتبايعين تعامل سابق – أنهما متفقان ضمنًا على أن يكون الثمن هو السعر الذي جرى عليه التعامل السابق، كما قد يظهر أيضًا، أن سكوت المتبايعين عن تحديد الثمن ينطوي على اتفاق ضمني بترك تحديد الثمن إلى السعر المتداول في التجارة – كسعر البورصة أو سعر السوق – فيعتبر الثمن قابلاً للتقدير (ومثال ذلك بيع الاستئمان أو الاستسلام عند المالكية، وهو بيع يقوم على استئمان المشتري للبائع واستسلامه فيما يُخبر به من الثمن المتعارف للبيع)، فإذا كان أساس تقدير الثمن هو سعر السوق، فإنه يفترض طبقًا للفقرة الثانية من المادة (464) أن المقصود هو سعر السوق في الزمان والمكان الذي تم فيهما البيع، وهو افتراض أدنى إلى قصد المتعاقدين، فإذا لم يكن في مكان البيع سوق، اعتُبر المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره سارية، وكل ذلك ما لم يتفق على غيره.

وقد استمد المشروع أحكامه في ذلك الخصوص من قانون التجارة القائم (المواد 386 و387 و388) ومن مصادره التشريعية في قوانين البلاد العربية بعد تعديل أكثر إحكامًا في الصياغة. وتعرض المادة (461) لحالة تقدير الثمن على أساس الوزن، فتنص على أن العبرة في ذلك تكون بالوزن الصافي، ما لم يتفق الطرفان أو يستقر العرف على غيره. وهو ما تقضي به المادة (389) من قانون التجارة الحالي، في فقرتها الأولى، وقد آثر المشروع أن يأخذ بهذا الحكم عنها. لأنه أدنى إلى قصد المتعاقدين.

وعرض المشروع بالمادة (462) إلى بيوع التولية والإشراك والمرابحة والوضيعة. فقد يتفق المتبايعان على أن يتخذ الثمن الذي سبق أن اشترى به البائع أساسًا لتقدير ثمن البيع، فيشتري المشتري بمثل ما اشترى به البائع أو أكثر أو أقل. ولهذه الصور من البيع مكان خاص في الفقه الإسلامي وتسمى عندهم (بياعات الأمانة)، لأن المشتري يشتري من البائع على أساس الثمن الذي اشترى به، مطمئنًا إلى أمانته في البيان عن هذا الثمن، فإما أن يزيد عليه قدرًا معلومًا من الربح فيسمى البيع مرابحة وإما أن ينقصه قدرًا معلومًا يتحمله البائع فيسمى وضيعة أو مواضعة. وإما ألا يزيد ولا ينقص ويشتري من البائع يمثل ما اشترى به، فيسمى البيع تولية، إذا اشترى منه جميع ما اشترى، وإشراكًا إذا أخذ جزءًا منه بما يقابله من الثمن، ويجب لصحة العقد في هذا البيوع جميعًا، أن يكون الثمن الأول (رأس المال) معلومًا وقت إبرامه. ويلحق بالثمن ما جرت العادة على إلحاقه به من مصروفات، ولا يُكتفى من البائع ببيان مجمل عن الثمن، بل يجب عليه أيضًا أن يبين ما أحاط الثمن من ملابسات وما أقترن به من أوصاف قد تؤثر في رضاء المشتري بالصفقة. والكذب فيها أو الانتقاص منها يعتبر خيانة وتدليسًا.

ولم يعرض التقنين المصري والتقنينات الأخرى التي حذت حذوه لهذه البيوع، أما التقنين العراقي فقد عرض لها في المادة (530) منه، كما نص في الفقرة الثانية من المادة (121) على أنه (يعتبر تغريرًا عدم البيان في عقود الأمانة التي يجب التحرز فيها عن الشبهة بالبيان، كالخيانة في المرابحة والتولية والإشراك والوضيعة). وكذلك فعل التقنين الأردني في المادة (480). وقد نص المشروع على هذه البيوع في المادة (462) مشترطًا أن يكون الثمن الأول الذي اشترى به البائع معلومًا وقت العقد، وأن يكون مقدار الربح في المرابحة ومقدار الخسارة في الوضيعة محددًا، وذلك منعًا من الجهالة والغرر. كما نص على أنه إذا كتم البائع بعض الملابسات الجوهرية للثمن على وجه يعيب رضاء المشتري فإن هذا يعتبر غشًا يجيز للمشتري إبطال البيع للتدليس، وإذا لم يكتم البائع شيئًا من تلك الملابسات، ولكن أثبت المشتري أن الثمن الأول الذي ذكره البائع أعلى من الحقيقة، كان البيع صحيحًا، وإنما يكون للمشتري أن يتمسك بالثمن الحقيقي فيكون له أن يحط المقدار الزائد من رأس المال وما يناسبه من الربح إن كان البيع مرابحةً أو المقدار الزائد من رأس المال فقط إن كان البيع توليةً أو إشراكًا أو المقدار الزائد من رأس المال وما يناسبه من الخفض إن كان البيع وضيعه. ويسترد المشتري القدر الزائد إن كان قد دفعه، ولا يلتزم بدفعه له إن كان لم يدفعه كما يكون له في جميع الأحوال أن يرجع بالتعويض على البائع طبقًا للقواعد العامة إذا أثبت في جانبه غشًا أو تقصيرًا.

ثانيًا: آثار البيع:

أجملت المجلة – في المادتين (369 و374) – حكم البيع، وهو نقل الملك بحكم العقد أي بقوة القانون. ولكن مقتضى البيع في قانون التجارة الحالي أن ينشئ التزامًا في ذمة البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري، ويتم تنفيذ هذا الالتزام بمجرد إبرام العقد، ومن ثم ينقضي في لحظة نشوئه. وهو ما يتنافى مع فكرة الالتزام في أبسط مظاهرها. فالالتزام عبء على المدين ينبغي أن يقوم هو بوفائه. ولذلك تكون المجلة – في تقنينها للفقه الحنفي – أكثر تمشيًا مع المنطق في التفرقة بين نقل ملكية المبيع إلى المشتري وبين الالتزامات التي يرتبها العقد في ذمة المتعاقدين. وهو ما أخذ به المشروع، فأجمل في المادة (463) حكم البيع، وهو نقل ملكية المبيع إلى المشتري، وذلك قبل أن يعرض – لما يرتبه العقد من التزامات في ذمة كل من البائع والمشتري. وعلى ذلك فإنه إذا كان المبيع عينًا معينة بالذات ومملوكًا للبائع انتقلت الملكية فورًا إلى المشتري بمجرد العقد، فإن لم يعين إلا بنوعه لا تنتقل ملكيته إلا بالإفراز، ذلك أن المعين بالنوع يكون، قبل الإفراز، غير محدد بالذات، فتكون هناك استحالة طبيعية في أن تنتقل ملكيته إلى المشتري قبل إفرازه. كل ذلك ما لم يجعل القانون أو الاتفاق انتقال الملكية رهنًا بالقيام بعمل معين.

فقد ينُص القانون على عدم انتقال الملكية إلا بالتسجيل، كما قد يعلق الاتفاق انتقالها على الوفاء بكل ثمن، وهو ما يعرف بشرط الاحتفاظ بالملكية للبائع، وقد عرضت المادة (464) لهذا الشرط واستلهم المشروع حكمها من المادة (396) من قانون التجارة الحالي ومصادرها العربية (القانون المصري المادة 430 والقوانين التي أخذت عنه). بعد أن أجرى عليها تعديلاً في الصياغة جعلها أكثر دقة وإحكامًا، ودون أن ينقل عن التقنينات السابقة ما أوردته من تفصيلات تغني عنها القواعد العامة. وتعرض المادة (465) أيضًا لما يترتب على البيع وهو أن يكون للمشتري ثمر المبيع ونماؤه من وقت تمام العقد كما يكون عليه من هذا الوقت تكاليفه، كنفقات الحفظ أو الصيانة أو غير ذلك وهو حكم يماثل ما تنص عليه المجلة في المادة (236) من أن (الزيادة الحاصلة في المبيع بعد العقد وقبل القبض، كالثمرة وأشباهها، هي للمشتري) ولكن المشروع استحدث إلى جانب ذلك حكمًا آخر تمليه قواعد العدالة ويقضي بأنه، إذا لم يكن البائع قد استوفى الثمن بتمامه، فإنه لا يحرم من ثمار المبيع كلها وإنما يكون له منها بمقدار ما لم يستوفه من الثمن، ولا يكون للمشتري من هذه الثمار إلا بما يناسب ما أداه منه، وكل ذلك ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره.

1 – التزامات البائع:

ويعرض المشروع بعد ذلك لالتزامات البائع تباعًا فجاء في المادة (466) بحكم يقضي بأنه إذا كان ثمة أحوال لا تنتقل فيها الملكية بمجرد البيع، فإنه يكون على البائع أن يقوم بكل ما هو ضروري من جانبه لانتقالها، إلى المشتري، وأن يكف عن الأعمال التي تحول دون ذلك أو تجعله عسيرًا. فيكون عليه القيام بشهر حق الإرث، والتصدق على توقيعه، وتقديم مستندات الملكية حتى يتمكن المشتري من تسجيل العقد إذا كان المبيع عقارًا كما يكون عليه إفراز المنقول المعين بجنسه ونوعه فقط، إذا كان المبيع منقولاً وكذلك ينبغي له ألا يتصرف في المبيع إلى مشترٍ آخر تصرفًا يضر بالمشتري أو أن يخفي مستندًا لازمًا لتسجيل العقد، وقد استمد المشروع هذا الحكم من القانون المدني المصري (المادة 428) والقوانين العربية التي نقلت عنه.

وتعرض المادة (467) لالتزام البائع بالتسليم وتقضي بأن البائع ملزم بتسليم المبيع إلى المشتري بالحالة التي كان عليها وقت البيع. وهي قاعدة بديهية لأن التراضي الذي أنشأ العقد تعلق بالمبيع على الحالة التي كان عليها وقت قيامه، وقد أخذ المشروع بها نقلاً عن المادة (431) من القانون المدني المصري والنصوص المقابلة في القوانين العربية. وإذا كانت المجلة خالية من نص صريح يقرر هذه القاعدة، فإن حكمها مستفاد ضمنًا من نصوصها. ويتفرع على هذه القاعدة وجوب تسليم ذات المبيع. وهو ما عنته المجلة بقولها ” المبيع يتعين في العقد ” (م 204) ولكن إذا زاد المبيع بعد البيع فإن زوائده تكون للمشتري (م 236).

وغني عن البيان أن الالتزام بتسليم المبيع بالحالة التي كان عليها وقت البيع ليس من النظام العام، فيجوز للمتبايعين أن يتفقا على خلافه، كتسليم المبيع في حالة أحسن مما كانت عليه، أو في الحالة التي يكون عليها بعد استعماله فترة من الزمن.
كذلك يلتزم البائع أن يسلم المشتري كافة الوثائق والمستندات المتعلقة بالمبيع. وأخذ المشروع الحكم الذي أورده بالمادة (468) عن المادة (573) من المشروع التمهيدي للتقنين المدني المصري، وهو يُلزم البائع أن يزود المشتري بكافة البيانات الضرورية عن المبيع، كأن يبين له حدوده وما يكون له من توابع أو ملحقات وما عليه من حقوق وتكاليف وكيفية الانتفاع به إذا كان من الأجهزة الدقيقة، وقد آثر المشروع أن يقنن هذا الحكم اعتبارًا بأنه تأكيد لالتزام البائع بتقديم ما يكون المشتري في حاجة ماسة إليه لتيسير كيفيه انتفاعه بالمبيع.

وتعرض المواد (469 و470 و471) لحكم النقص أو الزيادة في المبيع إذا كان معينًا بالذات وقد عُين مقداره في عقد البيع. والقاعدة العامة في المجلة أنه ” إنما يعتبر القدر الذي يقع عليه البيع لا غيره ” (مادة 222). وقد تضمنت المجلة نصوصًا تفصيلية في ذلك الشأن (المواد من 223 إلى 229) إذ تضع حلولاً تختلف باختلاف أحوال المبيع وطريقة تحديد ثمنه. ففي حالة بيع المكيلات والموزونات والمزروعات والعدديات المتقاربة التي ليس في تبعيضها ضرر، سواء حدد الثمن للجملة أو لكل كيل أو وزن أو ذرع أو عدد على حدة، إذا ظهر عند التسليم نقص في قدر المبيع، يكون للمشتري الخيار بين البيع أو أخذ القدر الموجود بحصته من الثمن أما إذا ظهر عند التسليم زيادة في قدر المبيع، فالزيادة تكون للبائع.

وفي حالة بيع الموزونات أو المزروعات التي في تبعيضها ضرر (ومنها الأراضي) إذا تحدد الثمن جملة واحدة، وزاد المبيع أو نقص، يكون للمشتري الخيار بين الفسخ أو إبقاء البيع بالثمن المسمى، فإذا تعين الثمن بسعر الوحدة، وظهر في قدر المبيع نقص أو زيادة كان للمشترى الخيار بين الفسخ، وبين أخذ المبيع بالثمن على حسب سعر الوحدة. أما في حالة بيع العدديات المتفاوتة، فإنه إذا ذُكر في العقد ثمن مجموعها فقط، وظهر عند التسليم نقص أو زيادة في قدر المبيع فإن البيع في الحالين يكون فاسدًا لجهالة المبيع في صورة الزيادة، ولجهالة الثمن في صورة النقصان، وإذا ذكر في العقد أثمان آحاده، وظهر عند التسليم نقص في قدر المبيع، كان المشتري مخيرًا بين فسخ البيع أو أخذ المبيع بحصته في الثمن لتفرق الصفقة عليه. أما إذا ظهر عند التسليم زيادة في قدر المبيع فإن البيع يقع فاسدًا لجهالة المبيع.

وقد جرت بعض التقنينات العربية على مجاراة المجلة في إيراد تلك التفصيلات كلها أو بعضها – كالتقنين العراقي والتقنين الأردني – مع أن القواعد العامة تكفي في استخلاص الكثير منها، ولذلك آثر المشروع أن يقتصر – كما فعل التقنين المصري وما تابعه من التقنينات العربية الأخرى – ومنها قانون التجارة الحالي (المادة 399) – على نص عام يقضي بأن يكون البائع ضامنًا للقدر الذي عينه للمبيع بحسب ما يقضي به العرف، وهو ما يعني أنه إذا نقص المبيع عن القدر المعين في العقد يكون المشتري بالخيار بين الفسخ وبين إنقاص الثمن بقدر ما أصابه من ضرر، سواء كان المبيع مما يضره التبعيض أو مما لا يضره، وسواء كان الثمن محددًا بسعر الوحدة أو مقدرًا جملة واحدة، ولكنه لا يجوز للمشتري أن يطلب فسخ العقد في هذه الحالة، إلا إذا كان النقص من الجسامة بحيث أنه لو كان يعلمه لما أتم العقد – وهو ما تتضمنه المادة (469) من المشروع.

أما المادة (470) فإنها تعالج أحوال الزيادة في المبيع، وتفرق في ذلك بين تقدير الثمن جملة وبين تقديره بحسب الوحدة، ففي الحالة الأولى – وهي حالة لم يعرض لها التقنين المصري، تكون الزيادة للمشتري، لأن الغالب أن المتعاقدين قصدا أن يكون المبيع جميعه بهذا الثمن ولو زاد عن القدر المعين فالقدر هنا يكون وصفًا والوصف لا يقابله شيء من الثمن ولكن إذا كانت الزيادة من الجسامة بحيث لو علمها البائع لما أتم العقد فإنه يكون للمشتري الخيار بين زيادة الثمن بما يتناسب مع الزيادة في المبيع وبين فسخ البيع. وفي الحالة الثانية – وهي تقدير الثمن بسعر الوحدة – إذا كان المبيع قابلاً للتبعيض فإن الزيادة تكون للبائع، لأن القدر فيما لا يضره التبعيض يعتبر أصلاً بنفسه، ومن ثم إذا أراد المشتري أخذ الزيادة فإنه يكون عليه أن يدفع ما يقابلها الثمن، وهي حالة لم يعرض لها التقنين المصري أيضًا. وإذا كان المبيع غير قابل للتبعيض، فإنه يجب أن يكمل المشتري الثمن بقدر زيادة المبيع وذلك لأن القدر – مع إنه وصف للمبيع – متى أفرد بالثمن صار أصلاً وكان له حصته من الثمن، ولكن إذا كانت الزيادة جسيمة فإنه يجوز للمشتري أن يطلب فسخ العقد.

وحدد المشروع مدة موحدة تسقط بمضيها الدعوة في جميع تلك الأحوال فنص في المادة (471) منه على أن دعوة المشتري بطلب إنقاص الثمن أو بطلب الفسخ تسقط بانقضاء سنة من وقت تسليم المبيع، وكذلك يكون الحكم بشأن دعوى البائع بتكملة الثمن أو بطلب رد الزيادة، وتتفق المدة التي حددها المشروع لسقوط الدعوة مع مقدار المدة التي يحددها قانون التجارة الحالي بالمادة (399) لتقادم تلك الدعوى في كافة الصور. ووضع المشروع في المادة (472) القاعدة العامة في كيفية التسليم متفقًا في ذلك مع نصوص المجلة والقانون المصري (المادة 435/ 1 مدني) والتشريعات العربية التي نقلت عن ذلك القانون، فالتسليم يحصل بالتخلية بين المشتري والمبيع – يوضع تحت تصرفه – بحيث يتمكن من قبضه والانتفاع به دون حائل، حتى ولو لم يستولِ عليه استيلاءً ماديًا، ما دام البائع قد أعلمه بذلك أو أذن له به. ويكون التسليم في كل شيء حسب طبيعته أو اختلاف حاله. ولكن المشروع لم يورد ما أوردته المجلة من تطبيقات عديدة لكيفية التسليم لعدم ضرورتها.

وتقرر المادة (473) جواز التسليم الحكمي، وهو الذي يتم بمجرد تراضي المتعاقدين إذا كان المبيع في حوزة المشتري من قبل البيع (بإجارة أو إعارة أو وديعة أو رهن حيازة أو غير ذلك)، أو كان البائع قد استبقى المبيع في حوزته بعد البيع لسبب آخر غير الملك (كمستأجر أو مستعير أو مودع لديه أو مرتهن أو غير ذلك). وكلتا الصورتين ليستا إلا من تطبيقات المبدأ العام في انتقال الحيازة من شخص إلى آخر انتقالاً حكميًا ولم يرد في المجلة نصوص تتعلق بالتسليم الحكمي، ولكن الحنفية لا يرون في الصورة الثانية قبضًا من المشتري للمبيع، كما يفرقون في الصورة الأولى بين ما إذا كانت يد المشتري على المبيع قبل البيع، يد ضمان أم يد أمانة. فإذا كانت يد ضمان لم يكن في حاجة إلى قبض جديد ويقع التسليم حكمًا ويعتبر قابضًا للمبيع بمجرد إبرام العقد. أما إذا كانت يده على المبيع يد أمانة فإنه لا يعتبر متسلمًا له إلا بقبض جديد، ولا يكون التسليم الحكمي في هذه الحالة جائزًا. ولم يرَ المشروع أن يأخذ بهذه التفرقة فلم يستلزم في الصورتين حصول قبض جديد، وهو ما فعله التقنين العراقي (المادتان 539، 540) وسار عليه القانون المصري (435/ 2) والقوانين العربية التي أخذت عنه. وغني عن البيان أن القواعد المتقدمة ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على ما يخالفها أو يعدل فيها.

وتعين المادة (474) زمان التسليم بأنه الوقت الذي يحدده العقد، فإذا لم يحدد العقد وقتًا التزم البائع بالتسليم فورًا بمجرد انعقاد البيع، وإذا اتفق على أن يتم التسليم في الوقت الذي يحدده المشتري التزم البائع بإجرائه فيه، وكل ذلك مع مراعاة المواعيد التي تستلزمها طبيعة المبيع أو يقضي بها العرف. وفي الفقه الحنفي يتعين على البائع تسليم المبيع فور أداء الثمن إذا كان الثمن معجلاً، ولكن لا يجوز أن يشترط البائع على المشتري تأجيل التسليم ولا أن يشترط المشتري على البائع تسليم المبيع قبل دفع الثمن إذا كان حالاً، ويترتب على الشرط في الحالتين فساد البيع. وقد قُنن هذا الفقه في مرشد الحيران (م 353) ولكن المجلة لم تأخذ بفقه الحنفية في الشروط الفاسدة – فكان يجوز الاتفاق في ظلها، على تسليم المبيع في وقت معين، سواء قبل دفع الثمن أو بعده وهو ما أخذ به المشروع ويجري به قانون التجارة الحالي (المادة 397).

وتحدد المادة (475) بفقرتها الأولى مكان التسليم، بأنه المكان الذي يوجد فيه المبيع وقت تمام العقد، ما لم يتفق على غير ذلك وهو ما يتفق مع حكم المادتين (285 و287) من المجلة. ويُعتبر المنقول، إذا لم يعين مكان وجوده موجدًا في موطن البائع ومن ثم يجب تسليمه فيه وهو ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة (475). فإذا كان المبيع واجب الإرسال إلى مكان معين، فإن التسليم لا يتم إلا بوصوله فيه وجرى بذلك حكم المادة (476) نقلاً عن المادة (393) من قانون التجارة. وتعرض المادة (477) لنفقات التسليم فتقضي بالتزام البائع بها لأنه هو الملتزم بالوفاء بالمبيع فيقع على عاتقه مصاريف نقل المبيع وفرزه أو عده أو وزنه ونحو ذلك وهذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف مخالف، ويتفق حكم المشروع في ذلك الشأن مع ما ينص عليه قانون التجارة بالمادة (400) والمجلة بالمادتين (289، 291).

وقد عالج المشروع الأحوال التي يقع فيها هلاك المبيع والحكم في كل حالة بالمواد من (478 إلى 480). ويجدر التنويه بادئ ذي بدء إلى أنه في الفقه الحنفي يختلف حكم هلاك المبيع قبل القبض باختلاف سبب هلاكه فلو هلك بفعل – البائع، أو بفعل المبيع أو بآفة سماوية (أي بسبب أجنبي) بطل البيع (أي أنفسخ) ويرجع المشتري على البائع بالثمن إن كان قد قبضه. وإن هلك بفعل أجنبي يكون مضمونًا عليه بالقيمة أو بالمثل ويكون المشتري بالخيار إن شاء فسخ البيع فيعود المبيع إلى ملك البائع الذي يتبع الجاني بضمانه، وإن شاء أمضى البيع ودفع الثمن ويرجع هو بالضمان على الجاني. وإذا هلك بفعل المشتري فعليه ثمنه، لأنه صار قابضًا للمبيع بالإتلاف، إذ لا يمكنه إتلافه إلا بعد إثبات يده عليه.

أما إذا هلك بعض المبيع قبل قبضه، وكان الهلاك بآفة سماوية أو بفعل المبيع نفسه، فإنهم يفرقون بين نقصان القدر ونقصان الوصف. فإن كان نقصان قدر، بأن كان مكيلاً أو موزونًا أو معدودًا، يبطل البيع (ينفسخ) بقدر الهالك وتسقط عن المشتري حصة الفائت من الثمن وله الخيار في الباقي إن شاء أخذه وإن شاء تركه. وإن كان نقصان وصف، وهو كل ما يدخل في البيع بغير ذكر، لا يسقط شيء من الثمن لأن الأوصاف لا مقابل لها من الثمن، ولكن المشتري يكون بالخيار، إن شاء أخذ بجميع الثمن وإن شاء ترك لتعيب المبيع قبل قبضه. وإذا هلك بعض المبيع بفعل البائع، سقط من الثمن قدر النقص سواء كان نقصان قدر أو نقصان وصف (لأن الأوصاف لها حصة من الثمن عند ورود الجناية عليها)، وخير المشتري بين الفسخ والإمضاء أما إذا هلك بعض المبيع بفعل المشتري فلا يسقط عنه شيء من الثمن لأنه صار قابضًا للكل بإتلاف البعض، إذ لا يتمكن من إتلاف البعض إلا بإثبات اليد على الكل. وإذا وقع هلاك بعض المبيع بفعل أجنبي، فحكمه حكم هلاك المبيع كله.

ويتفق قانون التجارة الحالي مع الفقه الحنفي في تحميل البائع تبعة الهلاك الكلي قبل التسليم، إذا كان الهلاك لسبب أجنبي لا يد للبائع فيه، ولكنه ينقل تبعة الهلاك إلى المشتري إذا وقع الهلاك بعد إعذاره لتسلم المبيع (م 391). أما إذا وقع الهلاك بفعل البائع فإنه يكون مسؤولاً عنه طبقًا للقواعد العامة، ويلتزم بتعويض المشتري عن الضرر الذي لحقه منه، فلا يقتصر أثر الهلاك على سقوط الثمن أو رده كما يرى الأحناف، وفي حالة الهلاك الجزئي إذا نقصت قيمة المبيع قبل التسليم لتلف أصابه، يكون للمشتري الخيار بين الفسخ إبقاء البيع مع إنقاص الثمن، إذا كان النقص من الجسامة بحيث لو طرأ قبل العقد لامتنع المشتري عن الشراء، أما إذا لم يبلغ النقص هذا القدر من الجسامة فلا يكون للمشتري سوى إبقاء البيع وإنقاص الثمن (م 392)، وقد سبق إلى وضع أحكام مماثلة القانون المصري (437، 438 مدني) والقوانين العربية التي نسجت على منواله. وقد استبقى المشروع تلك الأحكام أيضًا بالنسبة للهلاك الكلي قبل التسليم وكذلك بالنسبة للهلاك الجزئي وكل ذلك إذا كان الهلاك أو التلف لسبب لا يد لأحد المتعاقدين فيه. وإذا أعذر البائع المشتري لتسلم المبيع قبل أن يهلك فإن تبعه الهلاك أو التلف تنتقل إلى المشتري وهو ما تنص عليه المادتان (478، 479) من المشروع.

أما إذا هلك المبيع أو تلف بفعل المشتري فإنه يبقى ملتزمًا بالثمن كاملاً. ويمتنع الفسخ سواء كان الهلاك كليًا أو جزئيًا. فإذا كان الهلاك لسبب يعزى إلى البائع، فإنه يكون للمشتري إذا فسخ أن يسترد الثمن وأن يتقاضى تعويضًا فوق ذلك فإن أبقى البيع أنقص الثمن بمقدار ما فات. وهو الحكم الذي تقرره المادة (480) من المشروع، وتعرض المادتان (481 و482) لضمان التعرض، وهو ضمان لم يعرفه الفقه الإسلامي بوجه محدد. كما لم يرد له ذكر في المجلة أو في قانون التجارة الحالي، وقد استمد المشروع أحكام هذا الضمان من القانون المدني المصري (مادة 439) ومن النصوص المقابلة بالتشريعات التي سارت على منوال ذلك القانون، وأفرد المدة (481) لضمان التعرض الصادر من البائع وخصص المادة التالية لضمان تعرض الغير، فطبقًا للمادة الأولى يلتزم البائع بعدم التعرض للمشتري في حيازته للمبيع وانتفاعه به وعدم منازعته في ملكيته، سواء كان تعرضه ماديًا أو قانونيًا، والتعرض المادي هو الذي لا يستند فيه البائع إلى حق يدعيه، كأن يفتح على مقربة من المحل التجاري الذي باعه محلاً تجاريًا آخر من نفس النوع ليجتذب عملاءه الأسبقين – أما التعرض القانوني، فهو الذي يستند إلى سبب قانوني، كأن يدعي البائع حقًا على المبيع في مواجهة المشتري، سواء كان هذا الحق سابقًا على البيع أو لاحقًا له. وطبقًا للمادة (482) يلتزم البائع بضمان تعرض الغير، الذي يدعي على المبيع حقًًا موجودًا وقت البيع يحتج به على المشتري، كما يكون ملزمًا بالضمان ولو ادعى المتعرض حقًا نشأ بعد البيع إذا كان هذا الحق قد آل إليه من البائع أو كان نتيجة لفعله. أما التعرض المادي من الغير فإنه لا يوجب الضمان وعلى المشتري أن يدفعه بما وضعه القانون في يده من وسائل، وغني عن البيان أنه في جميع الأحوال فإن الضمان لا يجب على البائع إلا إذا حصل التعرض فعلاً من الغير، أما احتمال وقوعه فلا يكفي.

وقد تعرض المشروع في المواد من (483 إلى 488) لكيفية تنفيذ الالتزام بضمان التعرض، سواء كان تنفيذًا عينيًا بدفع تعرض الغير، أو تنفيذًا بطريق التعويض أو ضمان الاستحقاق. مراعيًا في ذلك أن يكون متفقًا بقدر الإمكان مع أحكام الفقه الحنفي الذي يعرف ضمان الاستحقاق. فتقضي المادة (483) أنه إذا رفعت على المشتري دعوى باستحقاق المبيع، وجب عليه المبادرة بإدخال البائع فيها ليقوم بتنفيذ التزامه بضمان التعرض تنفيذًا عينيًا. وهو حكم له أصل في الفقه الحنفي، وله نظير في بعض التقنينات (كالتقنين البولوني في المادتين 314 و318) وفيه قصد في الوقت والإجراءات فضلاً عن أنه يكفي المشتري مؤونة دفع دعوى الغير – وقد لا يعرف عنها شيئًا – كما يجنبه عاقبة التهمة أو الخطأ في الدفاع. فإذا لم يقم المشتري بإدخال البائع في الدعوى وصدر لصالح الغير حكم نهائي فإن ضمان البائع يسقط إذا أثبت أن إدخاله في دعوى الاستحقاق كان من شأنه أن يؤدي إلى رفضها، والحكم الذي جاء به المشروع يفضل ما تأخذ به القوانين العربية من جعل دخول البائع في الدعوى متروكًا لتقديره حتى لو أخطره المشتري بها (440 مدني مصري والمواد المقابلة بالقوانين العربية الأخرى).

وإذا أدخل المشتري البائع في الدعوى فلم يحضر أو حضر وفشل في دفعها يصبح ضامنًا لاستحقاق المبيع. فإن حكم باستحقاق المبيع كله، كان البائع مسؤولاً عن تعويض المشتري عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب هذا الاستحقاق. ومع ذلك يقتصر حق المشتري على استرداد الثمن، إذا أثبت البائع أنه لم يكن يعلم عند البيع بسبب الاستحقاق وهو الحكم الذي جاء به المشروع في المادة (484). أما إذا قُضي باستحقاق بعض المبيع، أو ثبت عليه حق للغير، وكانت خسارة المشتري من ذلك تبلغ قدرًا لو علمه لما أتم العقد، كان له أن يرد المبيع وما أفاده منه، على أن يعوض وفقًا لأحكام المادة السابقة. فإذا اختار المشتري استبقاء المبيع، أو كانت الخسارة التي لحقته لم تبلغ قدرًا لو علمه لما أتم العقد، فإنه لا يكون له إلا المطالبة بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الاستحقاق وهو ما تقرره المادة (485).

وقد نقل المشروع عن القانون المدني السوداني (المادة 381) حكمًا ملائمًا وقننه بالمادة (486) وهو يقضي بعدم ضمان البائع لبعض الحقوق التي تنقص من انتفاع المشتري في الحالات التالية:

أولاً: إذا كان البائع قد أبان عن الحق للمشتري وقت التعاقد، إذ يعتبر سكوت المشتري بعد علمه به رضاء ضمنيًا بإسقاط ضمان البائع له.

ثانيًا: إذا كان الحق ارتفاقًا ظاهرًا، فيستطيع المشتري وقت البيع – وهو يعاين المبيع – أن يرى معالمه، أو كان يستطيع أن يراها ظاهرة فيكون سكوته دليلاً على رضائه بعدم ضمان البائع.

ثالثًا: إذا كان سبب نقص انتفاع المشتري بالمبيع ناشئًا عن قيد من القيود القانونية التي ترد على حق الملكية، وهذه القيود وأن كانت بحسب الأصل لا يضمنها البائع لأن القانون هو الذي يقررها والمشتري يعرفها أو ينبغي أن يعرفها، سواء كانت مظاهرة أو غير ظاهرة، إلا أن المشروع آثر النص عليها تأكيدًا لعدم دخولها في الضمان حتى ولو لم تكن ظاهرة.

ويعرض المشروع في المادتين (487 و488) للاتفاق على تعديل أحكام الضمان سواء بالزيادة أو الإنقاص أو الإسقاط فأحكام الضمان ليست من النظام العام ولذلك فأنه يجوز الاتفاق على تعديلها، ولكن هذا الاتفاق يجب أن يكون صريحًا واضحًا. على أنه يشترط في إنقاص الضمان أو إسقاطه ألا يكون البائع قد تعمد إخفاء سبب الاستحقاق وألا يكون الاستحقاق ناشئًا عن فعله، وإلا وقع الاتفاق على ذلك باطلاً أما إذا كان الاستحقاق ناشئًا عن فعل الغير ولم يتعمد البائع إخفاء حق هذا الغير فإن شرط عدم الضمان يكون صحيحًا، وكلما جاء شرط عدم الضمان صحيحًا فإن البائع يبقى مسؤولاً عن رد الثمن إلا إذا أثبت أن المشتري كان يعلم وقت البيع بسبب الاستحقاق، أو أنه اشترى ساقط الخيار، وقد استمد المشروع حكم هاتين المادتين من القانون المدني المصري (المادتان 445 و446) ومن القوانين العربية التي أخذت عنه وإنما أدخل المشروع من التعديلات ما يقتضيه المقام.
وعرض المشروع لضمان العيوب الخفية في المواد من (489 إلى 497) وهذا الضمان – وهو كضمان التعرض والاستحقاق – يجاوز نطاقه عقد البيع إلى كل عقد ناقل للملكية، بل وإلى كل عقد ينقل الانتفاع وبخاصة إذا كان من عقود المعاوضة. ولكن لما كان عقد البيع هو العقد الرئيسي الذي ينقل الملكية والحيازة، فقد وضعت فيه القواعد العامة لهذا الضمان، مع الإشارة إليها في العقود الأخرى وبيان ما تقتضيه طبيعة كل عقد من تعديلات خاصة، لا سيما في عقود التبرع. ويقتضي ضمان العيوب الخفية في البيع أن يلتزم البائع بتسليم المبيع خاليًا من العيب فإن ظهر في المبيع عيب ينقص من قيمته أو يجعله غير صالح لما أعده له المشتري، كان البائع ملزمًا بالضمان.

وقد عرضت المجلة لخيار العيب في المواد (336 – 355)، ورتبت على ظهور العيب، ثبوت الخيار للمشتري بين الفسخ أو إبقاء المبيع بالثمن المسمى، لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن، أما قانون التجارة الحالي فلم يعرض للعيب إلا في مادة واحدة أوجب فيها على المشتري إخطار البائع بالعيب فور كشفه، وإلا سقط حقه في الرجوع عليه بسبب العيب (المادة 401).
وقد انتهج المشروع نهج القوانين العربية في سن أحكام تفصيلية لذلك الضمان اعتبارًا بما يحظى به من أهمية في التعامل فأورد بالمادة (489) حكمًا يقضي بالتزام البائع بالضمان وقفًا لأحكام المادة (485) منه إذا كان بالمبيع وقت البيع عيب ينقص من قيمته أو من نفعه بحسب الغاية المقصودة منه مستفادة مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة المبيع أو الغرض الذي أعد له وإنما يشترط في العيب أن يكون مؤثرًا بحيث ينقص من قيمة المبيع أو نفعه، ويرجع في تقدير ذلك إلى معيار مادي، فينظر إلى قصد المتعاقدين كما هو مبين في العقد وإلى طبيعة المبيع وإلى الغرض الذي أعد له.

قد جرى المشروع في المادة (490) على اعتبار أن العيب لا يعتبر مؤثرًا إذا كان العرف قد جرى على التسامح فيه، كما إذا وجد المشتري في الحبوب المشتراة كمية من الأتربة جرى العرف على التسامح فيها واستلهم المشروع هذا الحكم من المادة (448) من القانون المدني المصري والقوانين العربية التي نقلته عنه وكذلك عن المفهوم العام للمادتين (353 و354) من مجلة الأحكام.
واشترط الشروع في وضوح بالمادة (491) أن يكون المشتري غير عالم بالعيب ولم يكن في استطاعته أن يعلم به. فإذا كان يعرف العيب وقت البيع أو كان العيب من الظهور بحيث يستطيع أن يتبينه بنفسه لو أنه فحص المبيع بما ينبغي من العناية، فإن العيب لا يكن خفيًا ولا يضمنه البائع وذلك ما لم يكن البائع قد أكد للمشتري خلو المبيع من هذا العيب أو أنه قد تعمد إخفاءه غشًا منه وقد أخذ المشروع بذلك الحكم نقلاً عن القانون المدني المصري (المادة 447/ 2).

وكذلك أوجب المشروع في المادة (492) على المشتري أن يقوم عند تسلم المبيع بالتحقق من حالته بمجرد أن يتمكن من ذلك، وفقًا لما هو مألوف في التعامل، فإذا كشف عيبًا يضمنه البائع وجب عليه أن يبادر بإخطاره به وإلا سقط حقه في الضمان هذا إذا كان العيب مما يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد، أما إذا كان العيب مما يحتاج في كشفه إلى خبرة فنية، فإنه يجب على المشتري بمجرد كشفه أن يخطر به البائع وإلا سقط حقه في الضمان. وقد استمد المشروع هذا الحكم من المادة (401/ 1، 2) من قانون التجارة الحالي والتي نقلته في الأصل عن القانون المصري (المادة 449). وعرض المشروع في المادة (493) لحكم ذلك الضمان إذا هلك المبيع مقررًا بأن دعوى الضمان تبقى حتى لو هلك المبيع بسبب العيب أو هلك قضاءً وقدرًا حتى تنتفي الشبهة في أن هلاك المبيع قد يُسقط دعوى الضمان، وهو حكم سبق إليه القانون المصري (المادة 451) وكثير من القوانين العربية التي تأثرت به.

وتقضي المادة (494) من المشروع بأنه إذا علم المشتري بوجود عيب في المبيع ثم تصرف فيه تصرف الملاك فلا رجوع له بالضمان اعتبارًا بما ينطوي عليه ذلك من رضاء المشتري بالمبيع متعيبًا، وغني عن البيان أن رضاء المشتري بالعيب بعد العلم به يسقط حقه في الضمان لأن ضمان العيب يتأسس على فوات السلامة المشروطة في المبيع دلالة. ورضاء المشتري بالعيب بعد علمه به، دليل على أنه ما شرط السلامة فيه، وقد أخذ المشروع بذلك الحكم من القانون المدني العراقي (المادة 566 مدني) والقانون الأردني (المادة 515) وهو يتفق مع الحكم الذي سنته المجلة بالمادة (344). ولما كانت أحكام الضمان غير متعلقة بالنظام العام، فقد أجاز المشروع بالمادة (495) للمتعاقدين أن يعدلا فيها باتفاق خاص فيزيدا في الضمان أو ينقصا منه أو يسقطا هذا الضمان، على أن يبطل الشرط إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب غشًا منه، لأنه في هذه الحالة يكون قد اشترط عدم مسؤوليته عن الغش وهذا غير جائز وقد قال رسول الله عليه وسلم (لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعًا وفيه عيب إلا بينه له) وقد سبق إلى الأخذ بهذا الأصل القانون المدني المصري بالمادة (453) وغالبية القوانين العربية.

ونص المشروع في المادة (496) منه على سقوط دعوى ضمان العيب إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع، ولو لم يكتشف المشتري العيب إلا فيما بعد، وذلك حتى يستقر التعامل ولا يكون البائع مهددًا بالضمان أمدًا يتعذر بعده التعرف على منشأ العيب، وهذا ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان لمدة أطول. وما لم يتعمد إخفاء العيب عن غش منه وقد أخذ المشروع في تقدير المدة التي تسقط بعدها الدعوى بالمدة التي ينص عليها قانون التجارة الحالي لتقادم دعوى الضمان. كما نص المشروع في المادة (497) على أنه لا ضمان للعيب في البيوع القضائية ولا في البيوع الإدارية، إذا تمت بطريق المزايدة العلنية لما توفره هذه البيوع من ضمانات في إجراءاتها، وقد سبق إلى ذلك الحكم كثير من القوانين العربية والأجنبية فأخذه المشروع عنها.

وقد استحدث المشروع أيضًا حكمًا جديدًا بشأن الوصف المشروط في المبيع فقد لوحظ خلو قانون التجارة الحالي من وجه الحكم فيه، وإن كانت مجلة الأحكام العدلية قد عالجت الأمر في المواد (310 – 312) فرتبت على فوات الوصف ثبوت الخيار للمشتري بين الفسخ أو إبقاء المبيع بالثمن المسمى، اعتبارًا بأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن وبذلك لم تعرض للأضرار التي يمكن أن تلحق بالمشتري، أما التقنين المصري فقد أدمج ضمان البائع لمثل ذلك الوصف بضمانه للعيوب في المبيع (المادة 447 مدني) مقتفيًا في ذلك أثر بعض التقنينات الأجنبية وقد آثر المشروع الفصل بينهما فأفرد لفوات الوصف نصًا خاصًا هو نص المادة (498)، فالبائع يلتزم بتسليم المبيع بالوصف المتفق عليه في العقد، فإن فات هذا الوصف كان للمشتري أن يطلب الفسخ مع التعويض. أو أن يستبقي المبيع مع طلب التعويض عما لحقه من ضرر بسبب عدم توافر ما كفل البائع وجوده في المبيع من صفات، وغني عن البيان أن للبائع – طبقًا للقواعد العامة – أن يتوقى الفسخ إذا قدم مبيعًا تتوافر فيه الصفات المكفولة.

واستحدث المشروع بالمادة (499) حكمًا آخر بشأن ضمان البائع صلاحية المبيع مدة معينة وأخذه نقلاً عن التقنين المصري (المادة 455) والتقنينات العربية التي تأثرت به، ويقصد به ضمان صلاحية المبيع وبخاصة إذا كان من الأجهزة الدقيقة التي انتشرت في الوقت الحاضر كالأجهزة الميكانيكية والكهربائية وغيرها فإذا وُجد شرط صريح بضمان المبيع للعمل مدة معلومة ثم ظهر فيه خلل أثناء هذه المدة، وجب على المشتري أن يخطر البائع بهذا الخلل في مدة شهر من ظهوره. فإذا لم يقم البائع بالإصلاح، كان للمشتري أن يطلب الفسخ مع التعويض أو أن يستبقي المبيع ويقتصر على طلب التعويض عما لحقه من ضرر بسبب الخلل. وفي الحالين يجب على المشتري أن يقيم دعواه في مدة ستة أشهر من تاريخ إخطاره البائع بوجود الخلل وإلا سقط حقه في الضمان. وكل هذا ما لم يتفق على غيره.

2 – التزامات المشتري:

ويعرض المشروع بعد ذلك لالتزامات المشتري تباعًا فيحدد زمان وفاء المشتري بالثمن بالمادة (500) وهي تنص على أن الثمن يكون مستحق الوفاء فورًا بمجرد تمام البيع، حتى تنفذ الالتزامات المتقابلة في وقت واحد، وذلك ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره، فقد يتفق المتبايعان على أجل لدفع الثمن، فلا يلتزم المشتري بدفعه إلا عند حلول هذا الأجل وقد يقضي العرف بأن يكون دفع الثمن في وقت معين، فيتعين اتباع هذا العرف، ومع ذلك فإنه يجوز للمشتري أن يحبس الثمن إذا تعرض له أحد مستندًا إلى حق سابق على البيع أو آيل إليه من البائع أو نتيجة لفعله، أو إذا خاف على المبيع أن ينزع من يده، كأن يظهر على المبيع رهن أو يتبين أن ملكية البائع معلقة على شرط فاسخ أو أنه لم يدفع ثمن المبيع. ويترتب ذات الحكم على العيب الخفي أيضًا. ويظل حق المشتري في حبس الثمن قائمًا إلى أن ينقطع التعرض أو يزول خطر الاستحقاق، أو حتى يحسم النزاع المتعلق بالعيب، وإنما يجوز للبائع أن يطلب استيفاء الثمن، إذا قدم للمشتري كفالة شخصية أو عينية تضمن له ما عسى أن يتعرض له من خطر. على أنه يجوز الاتفاق بين الطرفين على عدم حبس الثمن لكل أو لبعض الأسباب السابقة، وقد نقل المشروع حكم هذه المادة (403) من قانون التجارة الحالي والمادة (457) من القانون المصري.

وعين المشروع مكان الوفاء بالمادة (501) التي تنص على أن الثمن يكون مستحق الوفاء في المكان الذي يتم فيه تسليم المبيع، وذلك حتى يتم تنفيذ الالتزامات المتقابلة معًا، وهو حكم يتفق مع ظاهر أحكام المجلة. فإذا لم يكن الثمن مستحقًا وقت تسليم المبيع تحدد المكان الذي يدفع فيه بموطن المشتري اتفاقًا مع القواعد العامة في الوفاء، وذلك حكم لم تعرض له المجلة. وكل ذلك ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره وقد نقل المشروع الحكم الذي جاء به من قانون التجارة الحالي (المادة 402) وهو مستمد في أصله من القانون المصري المادة (456) والقوانين العربية التي تأثرت به.

وتعرض المواد (502 إلى 504) لجزاء الإخلال بالالتزام بدفع الثمن فتقضي أولاها بأنه إذا لم يدفع المشتري الثمن في ميعاد استحقاقه أو إذا أخل بأي التزام آخر يرتبه العقد كان البائع بالخيار بين طلب إلزامه بالتنفيذ أو طلب فسخ العقد وهو حكم تمليه القواعد العامة التي انتهجها المشروع ويأخذ بها قانون التجارة الحالي على أن الحنفية لا يقرون ذلك الحكم فعندهم أنه إذا أخل المشتري بالتزامه بدفع الثمن فلا يكون للبائع سوى اقتضائه بطريق التنفيذ على ماله وليس له الفسخ لاسترداد المبيع (مرشد الحيران م 393) بمقولة إن البائع بعد البيع يصبح مجرد دائن وليس للدائن إلا طلب حقه بل إنه إذا قبض المشتري المبيع ثم مات مفلسًا قبل أداء الثمن، فإن البائع – طبقًا لنصوص المجلة (م 295) – يكون مثل الغرماء. أما الشافعية والحنابلة فإنهم يجيزون الفسخ إذا لم يكن الثمن حاضرًا، أو كان المشتري معسرًا، أو كان موسرًا وماله في بلد بعيد ويجد المشروع في ذلك مسندًا له من الفقه الإسلامي.

وأما المادة (503) فجاءت بحكم يقضي بأحقية البائع في حبس المبيع حتى يستوفي الثمن المستحق جميعه ويثبت له هذا الحق ولو قدم المشتري تأمينًا ما لم يكن البائع قد منح المشتري أجلاً، وهو حكم منقول عن المادة (404) من القانون التجارة الحالي والمادة (459) من القانون المصري ويتفق كذلك مع الفقه الحنفي إذ تجيز المجلة للبائع في البيع بثمن حالٍ، أن (يحبس المبيع إلى أن يؤدي المشتري جميع الثمن) (م 278). ويؤسسون ذلك على المساواة التي يجب تحقيقها بين المتعاوضين، كما يستندون فيه إلى الحديث الشريف (الدين مقضي) فلو تأخر دفع الثمن عن تسليم المبيع لم يكن هذا الدين مقضيًا. وإنما يشترط لقيام حق البائع في حبس المبيع، أن يكون الثمن حالاً، فإذا كان الثمن مؤجلاً لا يثبت للبائع هذا الحق (م 283) ويستوي في ذلك أن يكون الأجل متفقًا عليه في العقد، أو قبله البائع بعد إبرامه (م 284). وللبائع أن يحبس جميع المبيع حتى يستوفي الثمن كله، ولو كان المبيع قابلاً للتجزئة. ويعتبر تسليم المبيع للمشتري قبل دفع الثمن نزولاً من البائع عن حقه في حبسه فلا يستطيع استرداده (م 281) ولكن حق الحبس لا يسقط إذا قدم المشتري رهنًا أو كفيلاً بالثمن (م 280) لأنهما لا يسقطان الثمن عن ذمة المشتري، ولا حق المطالبة به، فكانت الحاجة إلى تعيينه بالقبض قائمة، فيبقى حق الحبس لاستيفائه، وكذلك لا يسقط حق الحبس بموت المشتري وللبائع حبس المبيع إلى أن يستوفي الثمن من تركته.

وغني عن البيان أن البائع يكون له الحق الحبس ولو لم يحل الأجل المشترط لدفع الثمن، إذا كان المشتري قد أضعف ما قدمه من تأمينات للوفاء به، أو بوجه عام إذا سقط حقه في الأجل وفقًا للقواعد العامة، وكل ذلك ما لم يتفق على غيره. وتعرض المادة (504) للحكم فيما لو حبس البائع المبيع وهلك في يده فتقضي بأنه إذا هلك المبيع في يد البائع وهو حابس له، كان هلاكه على المشتري، ما لم يكن قد هلك بفعل البائع على أنه يجب أن يثبت أنه قد باشر حق الحبس على المبيع بأن يكون مثلاً قد طولب بالتسليم فعلاً فامتنع لعدم الوفاء بالثمن، وهو ذات الحكم الذي أخذ به قانون التجارة الحالي بالمادة (405) بعد أن نقلها عن القانون المصري (المادة 460).

وتورد المادة (505) حكمًا خاصًا ببيع المنقول. فالمنقولات بطبيعتها تقتضي سرعة التداول، وبخاصة في التجارة، حين تكون هذه المنقولات سلعًا وبضائع يتعجل البائع تسليمها إلى مشتريها وقبض ثمنها في ميعاد محدد، وإلا كان في حل من بيعها إلى غيره واعتبار البيع الأول مفسوخًا دون حاجة إلى حكم أو إعذار لذلك افترض المشروع أن اتفاق بائع المنقول مع مشتريه على ميعاد لدفع الثمن كله أو أكثره وتسلم المبيع ينطوي على شرط فاسخ يكون البيع بموجبه مفسوخًا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم أو إعذار إذا حل ميعاد تسليم المبيع ودفع الثمن ولم يتقدم المشتري لدفع الثمن، وهو ما يقترب من خيار النقد في الفقه الإسلامي الذي أخذت به المجلة في المادة (313) وما بعدها، مع مراعاة أن المشروع قد اشترط في الحكم الذي جاء به ألا يكون الباقي من الثمن قليل الأهمية بالنسبة لما دفع منه، وهو أمر متروك لتقدير قاضي الموضوع، وإذ كان ذلك الحكم ليس من النظام العام فقد أجاز النص الاتفاق صراحة أو ضمنًا على غيره، وإذا كان مقررًا لمصلحة البائع، فله ألا يعتبر البيع مفسوخًا وأن يطالب المشتري بالتنفيذ بالرغم من تأخره في دفع الثمن وذلك حسب ما يراه متفقًا مع مصلحته.

وتعرض المادة (506) لزمان التسلم ومكانه وتنص على أنه إذا لم يوجد اتفاق أو عرف فإنه على المشتري أن يتسلم المبيع في المكان الذي يوجد فيه وقت البيع، ويجب أن يقوم بالتسلم دون إبطاء إلا ما يقتضيه ذلك من زمن. وغني عن البيان أن هذا الحكم خاص بالمبيع المعين بالذات لأنه هو الذي يكون له مكان، أما المبيع المعين بنوعه فإن تسليمه يكون في موطن البائع. وأخيرًا جمع المشروع الأحكام المتعلقة بما يتحمله المشتري من نفقات ومصروفات في نص واحد هو نص المادة (507)، فالمشتري يلتزم بنفقات عقد البيع، ويدخل فيها أتعاب كتابة العقد وما يقضي العرف بأن يتحمله المشتري من السمسرة ورسوم التسجيل، ويوافق ذلك ما تنص عليه المجلة من أن أجرة كتابة السندات والحجج وصكوك المبيعات تلزم على المشتري (م 292). ويتحمل المشتري أيضًا نفقات الوفاء بالثمن، إذا كان هذا الثمن يقتضي نفقات لدفعه، كما يتحمل نفقات تسلم المبيع وهو ما تنص عليه المادتان (329 و409) من قانون التجارة الحالي. وكل ذلك ما لم يقضِ الاتفاق أو العرف بغيره.

الفرع الثاني – بعض أنواع البيوع:

1 – بيع الوفاء:

بيع الوفاء هو بيع يحتفظ فيه البائع – خلال مدة معينة – بحق استرداد المبيع من المشتري في مقابل رد الثمن ومصروفات المبيع إليه، وقد اختلف موقف التشريعات العربية إزاء هذا البيع اختلافًا بينًا، فبعضها أجازه وأخذ به، كالتقنين اللبناني، وكذلك التقنينان التونسي والمغربي، وبعضها أبطله كالتقنين المصري والتقنينات التي حذت حذوه، ولكن بعضًا آخر – كالتقنين العراقي – توسط بين الموقفين فجعل بيع الوفاء لا بيعًا صحيحًا، ولا بيعًا باطلاً، وأقام قرينة قانونية غير قابلة لإثبات العكس على أن بيع الوفاء رهن حيازي وذلك جريًا على تقاليد الفقه الحنفي. وقد اختلفت أقوال الفقهاء المسلمين في شأن بيع الوفاء فاعتبره بعضهم بيعًا فاسدًا وأقره آخرون بيعًا صحيحًا مفيدًا لبعض أحكامه، ولكن أكثرهم اعتبره رهنًا لا يفترق عنه في حكم من الأحكام لأن طرفيه وإن سمياه بيعًا، غرضهما منه الاستيثاق للدين، وقد تأثر تنظيم بيع الوفاء في المجلة بهذه النظرة الأخيرة، فتنص المادة الثالثة منها على إجراء حكم الرهن عليه لأن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني، وهو ما آثر المشروع الأخذ به في المادة (508) إقرارًا لما جرى عليه العمل واستقر في الأذهان سنوات طويلة، فإذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع من المشتري في مقابل رد الثمن والمصروفات إليه، اعتُبر العقد قرضًا مضمونًا برهن حيازي وسرت عليه جميع أحكام الرهن الحيازي بما فيها بطلان الاتفاق على تملك العقار المبيع عند عدم رد الثمن أو الاتفاق على بيعه دون مراعاة للإجراءات التي فرضها القانون، وذلك حماية للبائع.

2 – بيع ملك الغير:

واجه المشروع حكم بيع ملك الغير في المادة (509) وآثر تطبيق القواعد العامة في شأنه فهذا البيع لا يكون نافذًا بالنسبة للمالك الحقيقي إلا إذا أقره، أما فيما بين المتعاقدين فإن البيع لا يبطل لمجرد كونه واردًا على ملك الغير وإنما يكون للمشتري وفقًا للقواعد العامة أن يطلب إبطال البيع تأسيسًا على الغلط إذا كان يجهل عند إبرام العقد عدم ملكية البائع، فإذا آلت الملكية إلى البائع أو أقر المالك الحقيقي البيع، أمكن للبيع أن ينتج أثره في نقل الملكية وإلا جاز للمشتري طبقًا للقواعد العامة أيضًا أن يطلب فسخ البيع تأسيسًا على عدم وفاء البائع بالتزاماته فضلاً عن التعويض إن كان له محل، وذلك دون إخلال بحق المشتري في التمسك بالعقد، والرجوع بضمان الاستحقاق على أساسه.

3 – بيع الحقوق المتنازع فيها:

وعرض المشروع لبيع الحق المتنازع فيه في المواد من (510) إلى (513) والأصل أن هذا البيع من بيوع الغرر، لأن وجود الحق المبيع وثبوته يتوقف على مصير النزاع القائم بشأنه، مما يجعل مشتريه مخاطرًا بل ومضاربًا. وفي الفقه الإسلامي إذا صاحب عقد البيع غرر فإنه يفسده، فبيع ما في تسليمه للمشتري خصومة، كمغصوب في يد غاصبه، غرر وجهالة بإمكان قبض المبيع وعدمه، وقيل يصح بيع المغصوب لقادر على أخذه من غاصبه. وكذلك يفسد بيع ما فيه معنى المقامرة. لذلك كانت نظرة المشروع إلى بيع الحق المتنازع فيه نظرة ريبة، لأنه ينطوي في القليل على فكرة المضاربة واستغلال الخصومات، ومن أجل ذلك خول في المادة (510) لمن عليه الحق المتنازع فيه أن يسترده ويتخلص من المطالبة، إذا هو رد إلى مشتريه ما دفعه من ثمن في شرائه وما تكبده من مصروفات في سبيل اكتساب الحق المتنازع فيه والحصول عليه. وذلك حتى ينحسم النزاع في أمر لا تُعرف مغبته.
ويُعتبر الحق متنازعًا فيه، إذا رفعت بموضوعه دعوى أو قام في شأنه نزاع جدي.

ويسقط حق الاسترداد بمضي ثلاثين يومًا من تاريخ علم المسترد بالبيع (مادة 511) عملاً على استقرار المراكز القانونية. ولما كان حق الاسترداد قد شرع للقضاء على المضاربة في الحقوق المتنازع فيها ولمنع استغلال الخصومات، فقد استثنى المشروع (في المادة 512) أربع حالات لا يجوز فيها الاسترداد لانتفاء فكرة المضاربة فيها، وهذه الحالات هي:

( أ ) إذا كان الحق المتنازع فيه يدخل ضمن مجموعة أموال بيعت جزافًا بثمن واحد، كبيع التركة، وهي مجموع من المال بما له من حقوق وما عليه من ديون، فإذا كان في التركة حق متنازع فيه، فإن هذا الحق يفقد ذاتيته ويفنى مع العناصر الأخرى في مجموع التركة، فتنعدم فكرة المضاربة في هذا الحق بالذات ومن ثم فلا يجوز الاسترداد.

(ب) إذا كان حق المتنازع فيه شائعًا، وباع أحد الشركاء نصيبه فيه لشريك آخر – كوارث يبيع نصيبه من وارث آخر، أو مالك على الشيوع يبيع نصيبه في الحق من شريكه، لأن شراء الشريك لنصيب شريكه لا يقصد به المضاربة بل هو قسمه أو خطوة في سبيل القسمة، ومن ثم فإن الاسترداد لا يجوز.

(ج) إذا كان الحق قد تصرف فيه صاحبه لدائن له وفاءً لدين مستحق في ذمته، لأن الدائن عندما قبل ذلك التصرف، لم يقصد المضاربة وإنما قصد أن يستوفي حقه.

(د) إذا كان الحق المتنازع فيه مضمونًا برهن يثقل عقارًا وبيع الحق لحائز هذا العقار لتطهيره، ذلك أن الذي دفع حائز العقار إلى شراء الحق المتنازع فيه لم يكن فكرة المضاربة، بل تطهير العقار وتجنب الإجراءات التي يتخذها الدائن المرتهن قبله.

وإذا كان تخويل حق الاسترداد للمدين، قد بني على مظنة المضاربة واستغلال الخصومات، بشراء الحقوق المتنازع فيها، فإن شراء عمال القضاء لهذه الحقوق ينطوي فوق ذلك على شبهة استغلال النفوذ أو في القليل يلقي على الشراء ظلال الشبهة في حيدة القضاء، ولذلك حرص المشروع في المادة (513) على أن يحرم عليهم أن يشتروا – ولو باسم مستعار – حقًا متنازعًا فيه، وإلا كان العقد باطلاً بطلانًا مطلقًا حتى ولو كان الشراء في مزاد علني، كما عدد المشروع عمال القضاء على سبيل الحصر على النحو الذي اتبعه التقنين المصري والتقنينات التي أخذت عنه.

وتتفق المادة (514) بفقرتيها مع ما تقضي به المادتان (412 و413) من قانون التجارة الحالي، فتحظر الفقرة الأولى منها على السماسرة والخبراء أن يشتروا ولو باسم مستعار، الأموال المعهود إليهم في بيعها أو في تقدير قيمتها أو مباشرة الخبرة في شأنها، سواء كان الشراء بالممارسة أو بطريق المزايدة العلنية وهو حكم تمليه القواعد العامة في النيابة عن الغير، وتقضي الفقرة الثانية بتصحيح العقد المخالف لحكم الفقرة الأولى إذا أقره الأصيل الذي تم البيع لحسابه. وتقضي المادة (515) بسحب الحظر الذي تفرضه المادتان السابقتان على الأزواج والأقارب والأصهار حتى الدرجة الثانية دفعًا لكل شبهة.

4- بيع حصة في تركة :

تعرض المواد (516 – 518) لبيع الوارث تركة أو حصة فيها، وهو يختلف عن التخارج المعروف في الفقه الإسلامي، والذي يقتصر على بيع الوارث لنصيبه لباقي الورثة، أما البيع المقصود في المشروع فإنه قد يكون لوارث أو لغير وارث. وهو بيع لمجموع من المال بما يشتمل عليه من حقوق وديون.

وتنص المادة (516) على أن البائع لا يضمن إلا ثبوت وراثته لما باعه، أما ما تشتمل عليه التركة أو الحصة من حقوق وديون فلا يضمن شيئًا منها، ولكن إذا استوفى البائع بعض حقوق التركة أو باع شيئًا مما اشتملت عليه أو استهلكه فإنه يجب عليه أن يرد للمشتري ما استوفاه من حقوق أو ثمن، وكذلك قيمة ما استهلكه (المادة 517)، ومن ناحية أخرى يجب على المشتري أن يرد للبائع ما يكون قد وفاه من ديون التركة، وكل ذلك ما لم يتفق على غيره، ولا يخل بيع الوارث لحصته بما عساه أن يكون له من حقوق قبل التركة، إذ له أن يستوفي هذه الحقوق طبقًا للقواعد العامة (المادة 518)، ولا مقابل لتلك الأحكام في التشريع الكويتي الحالي، وإنما استمدها المشروع من القانون المصري (المواد 473 و475 و476 مدني).

5 – البيع في مرض الموت:

يقصد بمرض الموت، في الفقه الحنفي، المرض الذي يغلب فيه الهلاك عادة ويتصل به الموت فعلاً، ولو وقع لغير سببه لأمر خارجي عنه كقتل مثلاً،

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .