حكم تمييز : نفي نسب

محكمة التمييز
دائرة الأحوال الشخصية
جلسة 25/ 12/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ راشد يعقوب الشراح – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ حامد عبد الله، ومحمد مصباح، وعبد المنعم الشهاوي، ود. فتحي المصري.
(63)
الطعن رقم377/ 2003 أحوال شخصية

1 – إثبات (بوجه عام) و(الإثبات في مسائل الأحوال الشخصية) – أحوال شخصية (نسب) – محكمة الموضوع (سلطتها في دعاوى النسب).
– تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ثبوت النسب ونفيه من سلطة محكمة الموضوع – شرط ذلك – مثال.

2 – دعوى (نطاق الدعوى: طلبات الخصوم: إغفال الفصل في بعض الطلبات).
– الطلب الذي تغفله المحكمة – كيفية تداركه – الرجوع لذات المحكمة – عدم جواز الطعن بالتمييز بسبب هذا الإغفال – علة ذلك – أن الطعن لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها – ما لا يغير في ذلك: قول المحكمة (ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات) – علة ذلك: أن هذه العبارة لا تنصرف إلاّ إلى الطلبات التي كانت محلاً لبحث الحكم ولا تمتد إلى ما لم تعرض له المحكمة صراحة أو ضمناً.

3 – دعوى (تكييف الدعوى) – محكمة الموضوع (سلطتها في تكييف طلبات الخصوم).
– تكييف طلبات الخصوم من سلطة محكمة الموضوع. لازم ذلك: عدم التزامها بوصف الخصوم لتلك الطلبات.
4 – إجراءات التقاضي. أحوال شخصية (تدخل النيابة العامة في بعض مسائل الأحوال الشخصية) – دعوى (التدخل فيها).
– تدخل النيابة العامة في دعاوى النسب وتصحيح الأسماء. وجوبي. علة ذلك. اعتباره من مسائل النظام العام. المادتان (337)، (338) من القانون 51/ 1984 – مثال.

1 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم إليها من البينات وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها مما تراه متفقاً مع واقع الدعوى ولا تثريب عليها للأخذ بأي دليل ترتاح إليه ما دام أنه من طرق الإثبات القانونية. كما أنها غير ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وسائر حججهم والرد عليها استقلالاً مادام في قيام الحقيقة التي انتهت إليها وأوردت دليلها عليها ما يحمل الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج. لما كان ذلك , وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل في هذا الشأن بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب نفي نسب المطعون ضده السابق عشر إلى والد الطاعن على سند من أنه ليس هناك نزاعاً على النسب وأن اسمه مختلف عن اسم المتوفى وأنه لا يدعي نسباً له كما خلت الأوراق من دليل على ذلك. وهي أسباب لها معينها من الأوراق وتؤدي إلى ما حصله الحكم عليها وتكفي لقضائه. كما أعرض الحكم عن حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 309/ 2002 لاختلاف موضوع الدعويين. ومن ثم يكون الحكم قد خلا من عوار الخطأ والفساد في الاستدلال ويكون النعي عليه في هذا المقام لا أصل له.
2 – النص في المادة (126) من قانون المرافعات على أنه (إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بالحضور أمامها لنظر الطلب والحكم فيه…) بما مفاده أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقياً على حالة ومعلقاً أمامها ويكون السبيل الوحيد للفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها ولا يجوز الطعن بالتمييز على الحكم بسبب هذا الإغفال لأن الطعن لا يقبل ألا عن الطلبات التي فصل فيها. ولا يغير من هذا الرأي قول المحكمة رفض ما عدا ذلك من طلبات لأن هذه العبارة لا تنصرف إلا إلى الطلبات التي كانت محلاً لبحث الحكم ولا تمتد إلى ما لم تعرض له المحكمة صراحة أو ضمناً.

3 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تكييف طلبات الخصوم في الدعوى. وهي غير ملزمة بوصف الخصوم لها. لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن التكييف الحق والصحيح لهذه الطلبات إنها تتضمن دعوى نسب لم يرفع ضمن دعوى أخرى موضوع خصومه مدعي بها على ورثة الجدين المتوفين المطلوب الانتساب إليهما. ومن ثم تكون غير مقبولة. فإن الطعن عليه في هذا الشأن يكون على غير أساس.

4 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المشرع قد أوجب في المادة (337)، (338) تدخل النيابة العامة في المسائل التي تعتبر من النظام العام. ومن بينها دعاوى النسب وتصحيح الأسماء وهو إجراء مقرر بقاعدة آمرة يترتب على مخالفتها بطلان الحكم. كما وأن المشرع في المادة (341) من ذات القانون أباح للنيابة العامة الطعن في الأحكام الصادرة في تلك الدعاوى. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون بريئاً من قالة الخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى الأوضاع المقررة في القانون.

ومن حيث إن وقائع الطعن – حسبما تبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 961/ 2001 أحوال شخصية على المطعون ضدهم بطلب الحكم أولاً: بنفي نسب المطعون ضده السابع عشر على المتوفى……….مع إلزامه برد مبلغ 500 د.ك ثانياً: تصحيح اسم الطاعن الأول من………..إلى………ثالثاً: تصحيح اسم الطاعنة الثانية من…………إلى………….وذلك في جميع أوراقهما الرسمية لهما ولأولادهم المطعون ضدهم من الأول حتى العاشر وقالاً بياناً لدعواهما أنهما تقدما بهذا الطلب إلى لجنة دعاوى النسب وتصحيح الأسماء ووافقتهما على ذلك. والمحكمة حكمت بتصحيح اسم الطاعن الأول إلى……….والثانية إلى………..ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف الطاعنان الحكم بالاستئناف رقم 317/ 2003 أحوال شخصية كما أقامت النيابة العامة استئنافاً فرعياً عن هذا الحكم بتاريخ 23/ 10/ 2003 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تصحيح اسم الطاعنين وبعدم قبول الدعوى في هذا الخصوص وتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعنين على الحكم بطريق التمييز النيابة أودعت مذكرة ارتأت فيها رفض الطعن الذي عرض على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

ومن حيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان (أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه برفض طلبهما نفي نسب المطعون ضده السابع عشر على أن الأخير لم يدعي نسباً إلى والده وأن الأوراق خلت من دليل على ذلك رغم وجوده ما يثبت ذلك فعلاً. وأن إقراره بأن المذكور عمه باعتباره والد زوجته وليس شقيقاً لأبيه. كما قدم صورة من الحكم في الاستئناف رقم 709/ 2002 بنفي نسب الأخير إلى والده وإذ خالف الحكم المطعون فيه كل ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب تمييزه.
ومن حيث إن هذا النعي مردود, ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم إليها من البينات وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها مما تراه متفقاً مع واقع الدعوى ولا تثريب عليها للأخذ بأي دليل ترتاح إليه ما دام أنه من طرق الإثبات القانونية.

كما أنها غير ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وسائر حججهم والرد عليها استقلالاً مادام في قيام الحقيقة التي انتهت إليها وأوردت دليلها عليها ما يحمل الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج. لما كان ذلك , وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل في هذا الشأن بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب نفي نسب المطعون ضده السابع عشر إلى والد الطاعن على سند من أنه ليس هناك نزاعاً على النسب وأن اسمه مختلف عن اسم المتوفى وأنه لا يدعي نسباً له كما خلت الأوراق من دليل على ذلك. وهي أسباب لها معينها من الأوراق وتؤدي إلى ما حصله الحكم عليها وتكفي لقضائه. كما أعرض الحكم عن حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 309/ 2002 لاختلاف موضوع الدعويين. ومن ثم يكون الحكم قد خلا من عوار الخطأ والفساد في الاستدلال ويكون النعي عليه في هذا المقام لا أصل له.

ومن حيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم القصور وقالا في بيان ذلك أنه لم يتعرض لطلبهما إلزام المطعون ضده السابع عشر أن تؤدي لهما مبلغ 500 د.ك الأمر الذي يعيبه ويستوجب تمييزه.

ومن حيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن النص في المادة (126) من قانون المرافعات على أنه (إذا أغلفت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بالحضور أمامها لنظر الطلب والحكم فيه…) بما مفاده أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقياً على حاله ومعلقاً أمامها ويكون السبيل الوحيد للفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها ولا يجوز الطعن بالتمييز على الحكم بسبب هذا الإغفال لأن الطعن لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها. ولا يغير من هذا الرأي قول المحكمة رفض ما عدا ذلك من طلبات لأن هذه العبارة لا ينصرف إلا إلى الطلبات التي كانت محلاً لبحث الحكم ولا تمتد إلى ما لم تعرض له المحكمة صراحة أو ضمناً. ومن ثم يكون النعي غير مقبول.

ومن حيث أن الطاعنان ينعيان بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان (إن الحكم اعتبر طلبهما دعوى نسب إلى ميت وقضى بعدم قبولها لأنها لم ترفع ضمن حق أو مال في حين أن حقيقتها دعوى بطلب تصحيح أسماء ولم تتضمن نسباً. الأمر الذي يعيبه بما يستوجب تمييزه).

ومن حيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تكييف طلبات الخصوم في الدعوى. وهي غير ملزمة بوصف الخصوم لها. لما كان ذلك.

وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن التكييف الحق والصحيح لهذه الطلبات إنها تتضمن دعوى نسب لم يرفع ضمن دعوى أخرى موضوع خصومه مدعى بها على ورثة الجدين المتوفين المطلوب الانتساب إليهما. ومن ثم تكون غير مقبولة. فإن الطعن عليه في هذا الشأن يكون على غير أساس.

ومن حيث إن الطاعنان ينعيان بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان (إنه قبل الاستئناف الفرعي المقام من النيابة العامة. رغم أنها لا صفة لها في الدعوى ولا مصلحته – وكان يتعين على الحكم أن يقضي بعدم قبوله الأمر الذي يعيبه ويستوجب تمييزه

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المشرع قد أوجب في المادة (337)، (338) تدخل النيابة العامة في المسائل التي تعتبر من النظام العام. ومن بينها دعاوى النسب وتصحيح الأسماء وهو إجراء مقرر بقاعدة آمره يترتب على مخالفتها بطلان الحكم. كما وأن المشرع في المادة (341) من ذات القانون أباح للنيابة العامة الطعن في الأحكام الصادرة في تلك الدعاوى. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون بريئًا من قالة الخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.